|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم سَبُّ الدَّهْرِ كُفْرٌ أَكْبَرُ مُطْلَقًا الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد: يقول الله تعالى في الحديث القدسي: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (صحيح البخاري) وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)(الأحزاب) قال ابن القيم في زاد المعاد (324/2): أَنَّ السَّبَّ مِنْهُمْ إِنَّمَا يَقَعُ عَلَى مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْأَفْعَالَ الَّتِي لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ فِيهَا أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَإِذَا وَقَعَتْ أَهْوَاؤُهُمْ حَمِدُوا الدَّهْرَ وَأَثْنَوْا عَلَيْهِ. وَفِي حَقِيقَةِ الْأَمْرِ، فَرَبُّ الدَّهْرِ تَعَالَى هُوَ الْمُعْطِي الْمَانِعُ، الْخَافِضُ الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ الْمُذِلُّ، وَالدَّهْرُ لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَمَسَبَّتُهُمْ لِلدَّهْرِ مَسَبَّةٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلِهَذَا كَانَتْ مُؤْذِيَةً لِلرَّبِّ تَعَالَى، كَمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ »فَسَابُّ الدَّهْرِ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا. إِمَّا سَبَّهُ لِلَّهِ، أَوِ الشِّرْكُ بِهِ، فَإِنَّهُ إِذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الدَّهْرَ فَاعِلٌ مَعَ اللَّهِ فَهُوَ مُشْرِكٌ، وَإِنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَسُبُّ مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ سَبَّ اللَّهَ. وقال ابن قتية في تأويل مختلف الحديث (ص 325):فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ إِذَا أَصَابَتْكُمُ الْمَصَايِبُ، وَلَا تَنْسُبُوهَا إِلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الَّذِي أَصَابَكُمْ بِذَلِكَ لَا الدَّهْرُ فَإِذَا سَبَبْتُمُ الْفَاعِلَ وَقَعَ السَّبُّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ". أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ، إِذَا أَصَابَتْهُ نَائِبَةٌ، أَوْ جَائِحَةٌ فِي مَالٍ أَوْ وَلَدٍ، أَوْ بَدَنٍ، فَسَبَّ فَاعِلَ ذَلِكَ بِهِ -وَهُوَ يَنْوِي الدَّهْرَ- أَنَّ الْمَسْبُوبَ هُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. وَسَأُمَثِّلُ لِهَذَا الْكَلَامِ مِثَالًا أُقَرِّبُ بِهِ عَلَيْكَ مَا تَأَوَّلْتُ، وَإِنْ كَانَ-بِحَمْد اللَّهِ تَعَالَى قَرِيبًا- كَأَنَّ رَجُلًا يُسَمَّى "زَيْدًا" أَمَرَ عَبْدًا لَهُ يُسَمَّى "فَتْحًا" أَنْ يَقْتُلَ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، فَسَبَّ النَّاسُ فَتْحًا، وَلَعَنُوهُ. فَقَالَ لَهُمْ قَائِلٌ: "لَا تَسُبُّوا فَتْحًا، فَإِنَّ زَيْدًا هُوَ فَتْحٌ". يُرِيدُ أَنَّ زَيْدًا هُوَ الْقَاتِلُ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ كَأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْقَاتِلَ زَيْدٌ، لَا فَتْحٌ. وَكَذَلِكَ الدَّهْرُ تَكُونُ فِيهِ الْمَصَايِبُ وَالنَّوَازِلُ، وَهِيَ بِأَقْدَارِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَسُبُّ النَّاسُ الدَّهْرَ، لِكَوْنِ تِلْكَ الْمَصَايِبِ وَالنَّوَازِلَ فِيهِ، وَلَيْسَ لَهُ صُنْعٌ، فَيَقُولُ قَائِلٌ: "لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْر". وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري (499/10):وقوله:(وأنا الدهر) أى: أفعل ما يجرى به الدهر من السَّرّاء والضَّرّاء، ألا ترى قوله تعالى:(بيدى الأمر أقلب الليل والنهار) فالأيام والليالى ظروف للحوادث، فإذا سببتم الدهر وهو لا يفعل شيئًا فقد وقع السب على الله. اهـ قال الله تعالى: وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (46) (النور) والحمد لله رب العالمين
__________________
![]() مهما يطول ظلام الليل ويشتد لابد من أن يعقبه فجرا .
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |