الدعسوقة او ام علي،

[نهر الكوثر]

الدعسوقة أو أم علي

حشرة الدعسوقة تنقذ المحاصيل الزراعية

الدعسوقة او ام علي، حشرة من الخنافس الصغيرة لها ألوان جذابة ورائعة وفوائد كثيرة في التهامها حشرات المنة المؤذية والمدمرة للنباتات والمخربة لاقتصاد وغذاء الإنسان. وعرفت هذه الخنافس الجميلة في العصور الوسطى على اقل تقدير فلقد وجدت آثارها في مخطوطات يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي. واسم هذه الحشرة مرتبط بكثير من اللغات الأوروبية ففي اللغة الفرنسية تسمى مخلوقات الله وفي اللغة الألمانية خنفسانة مريم وجميع الشعوب على جانبي المحيط الأطلسي الذين يتكلمون الانكليزية يسمونها سيدة الطيور أو سيـــــــدة البق Lady bug.

فمعظم الدعاسيق يمتلكن سبع نقط سود وبعضهن نقطتان بينما قسم أخر يمتلكن أكثر من سبع نقط، وقليل منهن تكون النقطة على شكل خطوط ضبابية أو نماذج أخرى بينما لاتوجد نقاط على الإطلاق في بعض الأنواع.
والدعسوقة أنواع عديدة فمنها متناهية في الصغر بحيث لا يمكن رؤيتها، والبعض طولها اقل من مليمتر، اما النوع الكبير فلا يزيد طوله على السنتيمترين، وهذا النوع هو الذي يطلق عليه اسم سيدة الطيور. بيد ان جميع الأنواع لها عدد من الصفات المشتركة، وهذه الصفات لا يمكن رؤيتها إلا بواسطة المجهر والبعض الأخر يتطلب تشريح الحشرة بينما بعض الصفات يمكن رؤيتها بالعين المجردة.




وللدعسوقة أرجل كثيفة الشعر من الأسفل وهذا ما يساعدها على السير على الأسطح الملساء والعمودية وحتى السقوف. وتعتبر الألوان الجذابة للدعسوقة عاملا محذرا ضد جميع الطيور من آكلة الحشرات، حيث تتجنب جميع الحيوانات من آكلة الحشرات كالخفافيش والزواحف والبرمائيات مهاجمة الدعسوقة، ولكن هناك بعض الاستثناءات فمثلا السنونو يضيفها إلى قائمة غذائه المفضل.

وهناك أنواع عديدة من الدعاسيق تفرز سائلا اصفر اللون من بين أرجلها عندما يحاول احد ما إزعاجها أو مهاجمتها وهذا السائل يحتوي على مادة مرة وبكمية كافية للقضاء على أي نملة مفترسة، وبالرغم من ألوانها التي تعتبر كأداة تحذير وإفرازاتها المرة وطبيعة هياكلها التي تكون كافية لحمايتها من آكلات الحشرات فان للدعسوقة أعداء آخرين، فعدة أنواع من الحشرات الطفيلية تهاجمها حيث تضع بيوضها في اليرقات أو داخل شرنقة الدعسوقة أو حتى عندما تكون هذه الحشرة بالغة.

ان معظم الدعاسيق متخصصة في آكل الحشرات الصغيرة كالمنه (المن) وقملة النبات والبقة المغبرة وبعض من العنكبوت الدقيق الذي يتلف مادة الرحيق،ومع ان للدعسوقة لسعات تحدث خلال موجات الحر وبسبب معاناتها مع العطش فانها تضطر للهبوط على جلد الإنسان الحار والذي يكون رطبا بالعرق فتحاول ان تروي ظمأها وذلك بغرز فكها السفلي الحاد وبهذا تبدو وكأنها لسعة لكن هذه اللسعة لايمكن أن تؤذي حتى الجلد الرقيق للإنسان.

وتمر الدعسوقة وكباقي الخنافس بدورة حياة من بيضة إلى حشرة بالغة يختلف زمنها باختلاف درجات الحرارة وكذلك بكمية الغذاء المتوفر. وفي كثير من الأحيان تكون فترة حياتها قصيرة بحيث لا تزيد عن عشرة أو احد عشر يوما اما في المناخ البارد فان العملية تستغرق شهرين أو أكثر.

وخلال فترة حياتها فإنها تستهلك ما بين (200-600) حشرة منه. وبهذا فانه حتى اليرقات الصغيرة يكون لها تأثير في القضاء على المنة. وعندما تكتمل فترة حياة اليرقة تدخل الحشرة في دور الخادرة حيث ترتبط من نهايتها الخلفية بالجانب السفلي للورقة. وبعض الخادرات تكون شائكة وقليل منها ينتج غطاء جزئي من الشمع الأبيض يمكن استخدامه كوقاية أو للتنكر تجنبا للحيوانات آكلة الحشرات. وهكذا وبعد ثلاثة عشر أو أربعة عشر يوما وإذا ما توفر لها الجو الملائم تتمزق الشرنقة وتظهر حشرة كاملة تكون في البداية شاحبة اللون وبعد عدة ساعات يتبلور شكلها ولونها النهائي.
وتختلف الدعسوقة عن باقي الحشرات في ان الحشرة البالغة تستمر بالتغذي على نفس الفريسة التي كانت تتغذى عليها وهي يرقة وربما تستهلك مئات من المنة خلال دورة حياتها. وهذه الحشرات التي أصبحت بالغة خلال الجزء الأول من السنة سوف تتزاوج وتتناسل ثم تموت قبل نهاية الصيف. وان صغارها التي تولد في بداية فصل الشتاء سوف تصبح بالغة وتستمر في العيش طيلة فترة الشتاء إذا ما توفرت الظروف الملائمة لحمايتها. وتختبئ أنواع عديدة منها على شكل مجموعات كبيرة لاجتياز مرحلة السبات وتكون الأماكن التي تختارها لقضاء فترة السبات داخل الشقوق الموجودة في الجدران وتحت لحاء الأشجار وسقوف البنايات وإطارات الشبابيك في البيوت القديمة.
وبازدياد معرفة الإنسان بأهمية هذه الحشرات استخدمها عمدا كواسطة بيولوجية للسيطرة على الحشرات المؤذية للنباتات.
ومن أشهر هذه العمليات التي كافح بها الإنسان الآفات الزراعية بواسطة الدعسوقة ما تم في سنة 1889م عندما أسست شركة صناعة الحمضيات في كاليفورنيا الأمريكية حيث كانت هناك مشكلة رهيبة في كثرة حشرات المن فتم استيراد أعداد كبيرة من هذه الدعاسيق من استراليا حيث ابادت الحشرات الضارة في سنة واحدة وازداد عطاء المحاصيل ثلاثة أضعاف.