|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() النعم المنسية لو سألت امرأ عما أنعم الله به عليه لقال لك: أنعم الله عليّ بالمال والأولاد والصحة، وإذا كان مسلماً لزاد: وبالإسلام . لكن الله سبحانه وتعالى ذكر في كتابه الكريم أنّه أسبغ على عباده نعمه ظاهرة وباطنة فقال: {ألم تروا أنّ الله سخّر لكم ما في السموات والأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير} [ لقمان: 20]. ولو أطلقت لأناملي العنان لتواصل ذكر المزيد من النعم فسوف تسطر صفحات وصفحات، ولكنّها سوف تكلّ وتتعب قبل أن تأتي على كلّ النعم ؛ لأنّ الله جلّ جلاله يقول: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إنّ الإنسان لظلوم كفار}.فالمرء ذكراً كان أم أنثى محاط بنعم الله الظاهرة والباطنة، والتي يتذكرها والتي ينساها؛ (فكل نَفَسٍ يتنفّسه نعمة من الله، وكلّ خفقة يخفقها قلبه نعمة من الله، وكلّ منظر تلتقطه عيناه نعمة من الله، وكلّ صوت تلتقطه أذناه نعمة من الله، وكلّ هاجس يخطر في ضميره نعمة من الله، وكلّ فكرة يتدبّرها عقله إن هي إلا نعمة ما كان لينالها لولا فضل الله (عز وجلّ). * أرأيت لو كان الجوّ ملوّثاً بالسموم هل كنت تستطيع تنفساً؟ أرأيت لو كانت رئتاك غير صالحتين هل كنت تقدر على التنفّس؟ انظر إلى المرضى الذين يتنفسون عبر أجهزة التنفس، وتذكّرهل كانوا ينتبهون إلى عظم نعمة الله عليهم حينما كانت لهم رئتان سليمتان تعملان دون أن يشعر بهما؟ إنّ الرئتين نعمة منسية لا نحن نتنبّه إليها الآن، ولا المرضى قبل أن يضطروا إلى أجهزة التنفس الطبيّة!!!. * أرأيت قلبك الذي يخفق بانتظام عجيب لا تلقي له بالاً، أليس نعمة من الله عليك، لكن هل كنت مدرك لها إلا إذا اضطربت، فاحتجت إلى طلب العلاج ولم تدخر من أجل إعادتها إلى الوضع السليم مالاً ولا وقتاً ، أو زرت مركز علاج القلب وكنت ذا قلب حيّ يتعظ بغيره فيدرك نعم الله عليّه حينما يرى مصائب غيره؟ إن عمل القلب نعمة منسية لا نلقي لها بالاً قبل أن تضطرب ويختلّ!!! أرأيت عينيك اللتين تجليان لك المبصرات بلا مشقة، أتراك لا يغيب عن بالك أبداً أنّها نعمة من الله عليك فتشكره عليها في كلّ وقت؟ أم هي نعمة منسيّة لا تلتفت إليها إلا حينما تعميان أو تضعفان؟ أو حينما تريان الأعمى فيتذكر المرء نعمة الله عليه فيقول: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً من خلقه) . * أرأيت أذنيك اللتين تلتقطان لك كل مسموع بلا عراقيل ولا ألم، أتتذكر أنهما نعمة من الله عليك يستحق المنعم عليهما أعظم الحمد والشكر؟ أم هما نعمة منسيّة لا تتذكرها إلا حينما تتألم أذناك، أو تصابان بالطنين، أو يضعف سمعهما، أو تفقد السمع بتاتاً ؟ أو تكون صاحب قلب فيه شيء من الحياة يستيقظ لتذكر النعم حينما يرى من ابتلي بالصمم ؟ إنّ السمع والبصر نعمتان منسيّتان من كثير من الناس. * أرأيت الذاكرة التي تذكرك بالماضي وبأسماء الناس وبمواعيدك وبكل شيء، هل انتبهت إلى أن هذا نعمة من الله عظيمة يستحقّ عليها المنعم الحمد والشكر كل حين؟ ولن أقول: أم أنك لن تتذكر ذلك إلا حينما تصاب بمرض فقد الذاكرة؟؛ لأنّك ستكون قد فقدت النعمة التي تنبهك للنعم. ولذا لا أقول إلا: أم أنك لن تتذكر إلا حينما ترى فاقداً للذاكرة يتساءل الناس حوله: (هاه... بشّروا عساه يعرف الناس)؟ إنّ التذكر نعمة عظيمة ، ولكنّها مع الأسف الشديد نعمة منسيّة. · أرأيت عقلك هذا الذي تفكّر به وتزن به الأمور ومن ثم تتخذ بناءً على أوامره القرارات الصعبة، أتراك تدرك أنّه نعمة لا تعادلها نعمة من نعم الحياة، فترفع يديك إلى مولاك المنعم حامداً وشاكراً له عليها؟ إنّ القدرة على التفكير نعمة جليلة ولكنها منسيّة. ولكن اسمحوا أن أنقل لكم ما كتبته في كتابي ( يظلّ الرجل طفلاً حتى تموت أمّه)، وهو الكتاب الذي أهديته إلى كلّ أمّ إكراماً لأمي رحمها الله؛ لأنّه دمعتي على قبر أمّي. لقد أصيبت أمّي ـ رفع الله منزلتها في عليين ـ بجلطة في الرأس نتج عنها أن بقيت سبعة عشر يوماً بلا حراك قبل أن يتوفاها الله وقد ذكرت قصتها كاملة في كتابي الذي أبكى كل من قرأه ، وقلت في الكتاب: (وفي أحد الأيّام حرّكت أمي رحمها الله رجليها فلا تسألوا عن الأفراح والتباشير؛ لقد طارت بالخبر الهواتف الجوّالة قبل الركبان. واليوم أقول لمن يعتبر: كم منا من يحرّك كلّ حواسه كيف شاء....!! وتعمل كل حواسه كما يريد....!! ويتقلّب في نعم الله آناء الليل والنهار...!! ومع ذلك لا يشعر بقيمة شيء من ذلك!!! إنّه بُنَيُّ آدم يتنعّم بما لا يدرك قَدْرَهُ . · مَنْ منا إذا رفع يده تذكّر أنها نعمة، فحمد الله عليها؟ · مَنْ منا إذا فتح عينيه تذكر أنهما فضل من الله، فشكر الله عليهما ؟ · مَنْ منا إذا حرّك لسانه تذكّر أنّه هبة من الله، فلم يقل به إلا حقاً ؟ · مَنْ منا إذا حملتاه رجلاه تذكر أنهما من آلاء الله عليه، فلم تحملاه إلا إلى ما يحبه الله ويرضاه؟ إيه إننا ـ عباد الله ـ نتقلّب في كون الله ، ونرفل في أفياء نعمه وآلائه. كم يوالي لنا المكرمات والنعم ، ومع ذلك لا نحمده حق حمده ، ولا نشكره حق شكره، وهو الذي أسبغ علينا من فضله ما لا نحصيه، ومع ذلك لا نستحيي من كثرة ما نعصيه: تعصيه وهو يسوق نحوك دائماً ما لا تكون لبعضه تستأهلُ فما أحلم الحليم ربنا العفو الكريم بنا! وما أجدره بالشكر على جميلٍ نشره، وعلى قبيحٍ ستره ، وعلى عظيم ما أبلى، وعلى كثير ما عفا!!!). د. صالح العايد |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الحقيقة المنسية | almsri_2 | من بوح قلمي | 5 | 26-08-2006 10:19 PM |
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |