قال الشــــــــــــــيخ.......

[زارع المحبة]

بسم الله الرحمن الرحيم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حضرت اليوم لخطبة الجمعة فأعجبني موضوعها لذلك أحببت أن أنقل لكم بعض ما تذكرته منها, حيث قال:

حتى نفهم الإسلام فهما صحيحا علينا أن نعرف أن الإسلام يحتوي على قسمين رئيسيين هما:

العبادات ــ والمعاملات

وعلينا أن نعرف أيضا انه لا تنفع إحداهما دون الأخرى , فلا تنفع العبادات دون معاملة حسنة , وكذلك لا تنفع المعاملات دون عبادة صادقة .

والجهل بهذه الحقيقة هو الذي جعل الكثير منا يهتم اهتماما كبيرا بالعبادات , فيكثر من التطوع والنوافل بينما هو يسيء المعاملة مع أهله أو مع جيرانه أو مع أقاربه .

فتجده يتنفل بقيام الليل وصيام الأيام الفاضلة بينما هو قاطع لرحمه أو عاق لوالديه أولا يكلم أخاه أو معادٍ لجاره ..

فهذا الشخص بتصرفاته السيئة قد افسد عبادته فأبطل أجرها وأحبط ثوابها.

وقد ذكروا للنبيr امرأة كانت تصلي كثيرا و تصوم كثير حتى أن الصحابة الكرام تعجبوا من كثرة عبادتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال النبي r {لا خير فيها هي في النار} صحيح الترغيب رقم 2560
فهذا أصدق دليل على أن العبادات لا بد أن يكون معها سلوك حسن وخلق كريم ومعاملة طيبة حتى تؤتي ثمارها النافعة , أما أن نكثر من النوافل والقربات ونترك قلوبنا مليئة بالضغائن والأحقاد والبغضاء فهذا كما يقولون في المثل العامي :

فلانٌ (يَطْـلِي[1] على الوَبر)

ومعناه : أن الجرح إذا كان متسخا متعفنا عليه طبقات من الأتربة والغبار والقيح , فلا ينفع وضع الدواء على تلك الطبقات , بل لا بد أولاً من تنظيف الجرح وإزالة ما تراكم فوقه من أوساخ .
كذلك هذه النوافل والمستحبات لابد لها من حسن المعاملة مع الناس, لابد لها من سلامة القلب نحو جميع من نخالطهم من أهل وأقارب وجيران وأصدقاء .

أوليس الله U يقول:

(يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)؟ الشعراء/ 89

وقد علمنا ربنا في القرآن الكريم أن ندعوه قائلين :

(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) الحشر/10
خ2
وحتى نفهم الإسلام فهما جيدا وصحيحا علينا أن نعرف كذلك أن في الإسلام هناك واجبات وهناك مستحبات أو قل إن شئت هناك فرائض وهناك مندوبات .

وعلينا أن نعرف أيضا أن المستحبات لا تُـقبل إلا إذا فعلت الواجبات وان السنن لا تُـفيد إذا أهملت الفرائض.

فمثلا قيام الليل نافلة وكذلك صوم الاثنين كلها من النوافل والمستحبات .

ولكن صلة الرحم فرض , الإحسان الى الجار وعدم إيذائه فرض, النصح للمسلمين وعدم غشهم والاحتيال عليهم فرض, تطهير القلب من البغض والحقد نحو جميع المسلمين فرض .

فلماذا نهتم بتلك النوافل ونتجاهل هذه الفرائض ؟

أو ليس النبي rيقول :

(لا تَبَاغَضُوا وَلا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ)؟.البخاري رقم:5605

ثم لاحظوا كيف عرف النبي r المسلم حيث قال :

( المسلم مَنْ سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده).صحيح أبي داوود رقم:2243

ما قال إن المسلم هو من يصلي 1000 ركعة ويصوم حتى لا يفطر, وإنما قال : المسلم هو من سلم منه المسلمون فلا يؤذي أحدا لا بقول ولا بفعل .

أما أن تــتنفل بـ20 ركعة في النهار ومثلها أو أكثر منها في الليل , ثم تشتم هذا وتلعن ذاك وتحقد على هذا وتبغض ذاك وتقذف هذا وتتهم ذاك وتغتاب هذا وتحتال على ذاك فأنت بهذه التصرفات قد أضعت ما كسبت وهدمت ما بنيت.

وسوف أعطيكم الدليل القاطع على ذلك , فعن أبي هريرة tأن رسول الله r قال:

(إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى مَـن يَأْتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِى قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِى النَّار).

والخلاصة انه :

أولا : توجد في الإسلام عبادات ومعاملات , وانه لا تنفع إحداهما بدون الأخرى .

ثانيا: انه توجد في الإسلام واجبات ومستحبات , وانه لا تقبل المستحبات حتى تفعل الواجبات.

فلنهتم أولا بالفرائض والواجبات ثم إن تيسر نأتي بالمندوبات والمستحبات.
أما أن نهدم الفرائض و نغلــوا في الفضائل ونحسب أنفسنا أننا صرنا متقين فهذا من خدع الشيطان اللعين.

فلا نهتم بجانب ونهمل الجانب الآخر فديننا دين توازن .

السلام عليكم.

[1]) تعني : يضع الدواء