|
|||||||
| ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
خاطرة إيمانية الحسنات؛ تلك العملة الصعبة محمد شفيق الناس في دنياهم يتنافسون على المناصب والجاه، والشهرة والشهادات، وعندما نجتمع في أرض المحشر ستتنافس البشرية على عمل خالصٍ، ليس فيه من حظِّ النفس شيء، إن كان فيه من الإيثار أو الإنسانية أو كبد رطبة رقت لحال مأزومة، وجماع ذلك كله وفق ما يُرضي الخالق؛ أي مآل حينها يبحث المرء عمن ينجيه ويثقل ميزانه، والعِبرة بثقل الموازين وليس بكثرتها فحسب، فرُبَّ أعمال غير خالصة لو تضافرت كلها، لن تحرِّك من ميزان الحسنات شيئًا، فيُهرع الهالكون إلى من اعتدى عليهم ليسحبوا منهم بعضًا من العملة الصعبة لديهم، أو يقايضوهم بها عملات بخسة لديهم. ومنهم من تتقطع به الأسباب فتفنى آمالهم، فيلتمسون آباءهم وأمهاتهم، وأزواجهم وأبناءهم، ومن صلح من الناس في ظنهم، أنهم يخلصونهم من هذا المأزق، لكن الأعمال الصالحة حينها كجرعة ماء بارد في صحراء مقفرة، كلٌّ يستمسك بجرار أعماله، فالزاد لا يُتخلَّى عنه حتى يصل إلى بر الأمان. يتحسَّرون على كلمة طيبة قد تكون في ملأ أو ذِكرٍ أو تلاوة في كتاب الله، أو صدقة منجية، أو عمل صالح، لا يهم صَدَاه بين الناس إن كان قد ترك أثرًا طيبًا في حياته، أو صلة رحِم تزرع الحب بين الأقرباء أو الأباعد، المهم أن في ذلك إصلاحًا للعلاقات الإنسانية، كل ذلك كان حسرة عليهم، وهم في تهافت وغيظ، وسمات الندم بادية عليهم، يعضُّون على أيديهم إن لم يجدوا من يخلصهم. والبعض منهم يستغرب من حظه في حسناته الكثيرة، لا يدري من أين أُتي بها إليه، كُتب عليها أنها من حسنات الصبر لديه في ساعات فقره ومرضه، وظلم الناس له، وحديثهم في ظهره بما يسوؤه، طار من الفرح لحُسن حظه وتمنَّى لو زِيد في ذلك. ويكون العجب كل العجب لما يُشرف الحساب على الانتهاء، ويبقى من الناس من كاد أن ينجوَ بنفسه لكن نقصه يسير حسناتٍ، وقد تكون حسنةً واحدة كافية كي تدحرج كفة حسناته، ظلَّ يترنح في أرض المحشر علَّ العناية الإلهية تلحق به، أو شفاعةً تطوله من الصالحين والأنبياء، لكنه يئِس وانهار كليًّا وأيقن هلاكه، إلى أن صادفه رفيقٌ من رفقاء دنياه في مشهدٍ يعجز الإنسان أن يتخيله، أيًّا كان وضعه. كلاهما أيقن الهلاك وانقطع الأمل لديهما، غير أن أحدهما أفلس كليًّا، ولم يتبقَّ لديه إلا عملة حسنة واحدة، يتأملها كما يتأمل الواحد منا فلسًا قد طواه الزمن، ولم يعُد يتداول في الأسواق، ورأى صديقه الذي طار عقله من شدة حسرته. كان لقاء ليس فيه من وسائل المنطق ما يصلح من حالهما، إلا أن يتدخل من أفلس إلا من تلك الحسنة الواحدة، ويضحي بها لأجل صاحبه، ويضعها في كفة حسناته لينجو بها، ويظل هو صفر حسنات، يلقى ربه خالي الوفاض، فطار ذاك فرحًا وتأهب الآخر لمصيره المحتوم. كل ذلك يحدث تحت عين الله التي ترقب الناس أجمعين، إلا أن الله سبحانه وتعالى يعجب قائلًا: "أتتجود وأنا الجواد الرحيم؟" ويأذن له بأن يأخذ بيد صاحبه، ويدخلا الجنة معًا. إن الحسنات التي تفعل للعباد في ساعة الحشر هذا المفعول لَهي أشدُّ علينا أن نحرص أن نُكثر منها في كل لحظة نتنفسها، على اختلاف أوقاتنا وأوضاعنا وأحوالنا، حتى آخر نفس يدخره الإنسان لحياته.
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |