موسوعة الشفاء للإعجاز العلمي فى القران والسنه .. بالإضافه الى اخر المقالات المنشوره - الصفحة 28 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 33 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 23 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 730 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #271  
قديم 08-04-2008, 03:56 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع .... فر من المجذوم فرارك من الأسد

هذه حقائق علمية لم تكتشف إلا في القرن العشرين الميلادي، ما كان يعلمها الناس قديماً، وإذا رددنا الأمر إلى علم الإنسان فهناك عدوى بين بعض الأمراض يجب الاحتراس والحذر منها، فإننا لا ندري هل تسبب بعض هذه الحالات من العدوى مرضاً، أو إنها تصير لا (عدوى).. أما إذا رددنا الأمر إلى الله تعالى فالعدوى إن شاء الله تعالى لها أن تصير مرضاً، وإن شاء الله تعالى لها ألا تسبب مرضاً فتصير (لا عدوى ).. الأمر في ذلك – وفي كل شيء في الوجود – معلق بإرادة الله عز وجل، فهو الذي يسير كل شيء في الكون، وهو الذي إذا أراد شيئاً أن يكون كان.. وإذا أراد شيئاً لا يكون.. وهو القائل عز وجل: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [يس: 82]، وهذا هو الفهم العلمي لحقيقة العدوى من الأمراض، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى )، وفي آخر الحديث قال: (وفر من المجذوم فرارك من الأسد )، وقال أيضاً: (لا يوردن ممرض في مصح ).
أدلة أخرى على نفي وجود العدوى وإثبات وجودها:
بالإضافة إلى الأدلة العلمية السابقة، هناك دليل آخر.. وهو في قضية حامل الميكروب.. فكثيراً ما نجد إنساناً قد أصيب العدوى بميكروب مرض ما، مثل ميكروب التيفويد، أو ميكروب الالتهاب السحائي الوبائي، ولكن لا تظهر عليه أي أعراض مرضية، وغالباً ما يصير ذلك الإنسان حاملاً للميكروب المرضي وليس مريضاً.. ولكنه يكون مصدر العدوى لغيره من الأصحاء الآخرين.. في مثل هذه الحال تكون هناك عدوى لا شك ولكنها لا تحدث مرضاً.. إلا أن حامل المرض يكون خطراً على الأصحاء.
إذن فهناك عدوى لا شك في ذلك.. وعلى هذا المستوى من العلم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس: (لا يوردن ممرض على مصح ).. ويقول أيضاً: (وفرّ من المجذوم فرارك من الأسد )، إلا أن هناك عوامل أخرى كثيرة تجعل العدوى بجراثيم الأمراض كأن لم تكن.. أو لا تحدث لمن انتقلت إليه مرضاً – مثل حامل الميكروب – إذن، فمن العدوى ما يكون دواء – كما في حالات التطعيم – ومن العدوى ما يكون داء.
إن القول بأن العدوى بميكروب المرض هو السبب الوحيد في إحداث المرض، قول يدل على جهل قائله بأسرار الحقائق العلمية.. وفيه ضلال، لأن فيه إنكار لفطرة الخلق، ونسياناً، أو تناسياً، لمشيئة الله تعالى وأمره في خلقه.. من الذرة إلى المجرة، ومن الميكروب إلى الإنسان.. فليس الأمر بيد الميكروب.. فالميكروب ليس له من أمره شيء.. وليس له إدراك أو مشيئة.. بل هو مخلوق مصير تماماً بأمر ربه ومسخر تماماً لمشيئة الله عز وجل – وهذه حقيقة لا شك فيها ولا ينكرها عاقل، إذن فالأمر كله في العدوى تكون أو لا تكون معلق بأمر الله ومشيئته.. وإليه يرجع الأمر كله.. وهو القائل عز وجل: { أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ } [الأعراف: 54]، هو القائل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } [التكوير: 29]، {وهو القائل أيضاً: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } [الأنفال: 17].
من هذا المستوى من الفهم يمكن أن ندرك المغزى العلمي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم فرارك من الأسد )، فإننا إذا ناقشنا إنساناً فاهماً نقول له: إنك لو رددت الأمر إلى الحق المطلق لن تجد عدوى.. فيقول: هذا صحيح تماماً، ولكن أعطني دليلاً ملموساً.. كيف لا تكون عدوى لمرض السل أو الجرب مثلاً ؟ فنقول له: إنك تنظر إلى الحالات الفردية والتي تراها.. وإلى الأسباب والنتائج التي تشاهدها.. ولكنك لو غصت وراء الحقيقة، وفي أعماقها، لظهر أمامك سؤال هام: من أعدى هذا المريض بالسل، فيقال لك: مريض آخر سبق بالمرض.. فنقول: ومن أعدى ذلك السابق ؟ فيقال لك: مريض أسبق منه.. فنقول له: إذن، تسلسل معي إلى الماضي البعيد جداً.. حتى نصل إلى أول إنسان أصيب بالسل، أو الجرب، مثلاً لم يكن إنسان قبله مصاباً لا بالسل ولا بالجرب، واسأل: من أعدى هذا الإنسان ؟ فيقال لك: لا أحد.. فتبرز أمامك حقيقة لا شك فيها: إنه لا عدوى بصفة قطعية.. ونجد كل هذا في الحديث النبوي الشريف.. فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر )، فقال أعرابي: فما بال الإبل تكون كالظباء في الرمال، فيخالطها البعير الأجرب فيجربها ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (فمن أعدى الأول )، أي فمن أعدى أول بعير أصيب بالجرب في الماضي البعيد جداً حيث لم تصله أي عدوى أصلاً.. دائماً كانت إرادة الله وأمره دون وجود أية أسباب.
العدوى من الجذام:
الجذام مرض مزمن، أصيب به الإنسان منذ العصور القديمة، ويغلب على الظن أن الهند هي موطنه الأصلي، وانتشر إلى جنوب شرق آسيا، وشمال استراليا، وإفريقيا الاستوائية كلها.. ومن الهند انتشر في أوروبا منذ أكثر من ألفي عام عن طريق جيش الاسكندر الأكبر (سنة 326 ق.م)، ولم يكتشف ميكروب الجذام إلا سنة 1873م.. ولا يعرف الأطباء حتى اليوم طريق العدوى بميكروب الجذام.. والرأي السائد الآن أن العدوى به تحدث عن طريقة ملامسة جلد المريض مرات عديدة ومتكررة ولزمن طويل.. لذلك يظهر في المخالطين للمريض.. إلا أنه لا يظهر إلا في 1% فقط من المخالطين.. مما يدل على أن ملامسة جلد المريض لا تنقل العدوى إلا بعد زمن طويل، ولا ينقل ميكروب المرض عن طريق الطعام أو الشراب، لأنه ميكروب ضعيف جداً، ولو وصل إلى المعدة لقتل فوراً في الوسط الحامضي للمعدة..
من هنا نفهم المغزى العلمي في السنة النبوية ولماذا تجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصافحة مريض الجذام، فقد أخرج مسلم عن عمرو بن الشريد عن أبيه قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم (إنا قد بايعناك فارجع)، وفي يوم آخر أكل مع مريض آخر بالجذام في قصعة واحدة وقال له: (كل ثقة بالله وتوكلاً عليه )، ولقد علمنا في عصر العلم الحالي أن الجذام لا ينتقل عن طريق تناول الطعام.. فليس هناك تعارض بين أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعامله مع المجذوم، كما تخيل العلماء قبل العصر الحالي.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وفر من المجذوم فرارك من الأسد )، فما هو الفهم العلمي لذلك ؟ بعض أنواع الجذام الشائعة، تحدث تشوهاً بالوجه... فيغلط الجلد، وترتفع الجبهة، ويسقط الشعر عن الوجه والحواجب.. وفي القرن التاسع عشر (سنة 1847) كان أول وصف لمريض الجذام هو ما كتبه الطبيبان دانيال وبويك، وقالا في وصفهما بالكلمة الواحدة: (إن وجه مريض الجذام يشبه وجه الأسد )، ولم يوصف وجه مريض الجذام بهذا الوصف أبداً قبل سنة 1847.. إلا أننا نلاحظ أن رسول الله ص ذكر هذا الوصف العلمي في قوله (وفر من المجذوم فرارك من الأسد )، ونتعجب من كلمات الحديث النبوي في اختيار لفظ (الأسد )، ولماذا لم يقل مثلاً: وفر من المجذوم فرارك من الوحش، أو فرارك من الأفعى، ولكنه اختار لفظ (الأسد)، لقد حدث ذلك لتصف كلمات الحديث النبوي الشريف الموصوف وصفاً يجمع المعنى والصورة، ويصور المظهر أيضاً، كل ذلك في كلمة واحدة مما يعجز عن قوله البشر مما يدل على أنه وحي من الله تعالى لرسوله.. ولم يتطرق أحد من المفسرين للحديث النبوي لهذا الوجه من الإعجاز العلمي فيه، فلم يلاحظ أحد من الأطباء أن وجه مريض الجذام يشبه وجه الأسد قبل سنة 1847م في كتب الطب.. ويصف الأطباء وجه مريض الجذام (Leonine face) يعني (وجه الأسد ) ولكن الحديث النبوي سبق بالعلم في ذلك.. ولا يقبل عقلاً أن يكون هذا الحديث الشريف اجتهاداً من الرسول صلى الله عليه وسلم كبشر، كما ادعى ابن خلدون ومن وافقه من المفكرين، جهلاً منهم بالعلم في ذلك.
صورة لوجه أسدصور لشخص مصاب بالجذام
وميكروب الجذام لا يعقل ولا يدرك ولا يعي.. وكذلك خطوط الدفاع والمناعة في الجسم، إذن فالعدوى تكون أو لا تكون، أمر بيد الله وحده.. وإذا رددنا الأمر إلى الحق المطلق، ما وجدنا إلا أمر الله وقدرته ومشيئته.. إن شاء جعل ميكروب الجذام عدوانياً، وبذلك تتحقق العدوى – وإن شاء جعل الميكروب في منتهى الضعف فيقدر على إحداث المرض في إنسان آخر، وبذلك تصير العدوى لا عدوى.
لا عدوى وطيرة ولا هامة ولا صفر:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا عدوى ).. وقد تحدثنا من قبل عن بعض المعاني في هذه العبارة من الناحية العلمية.. إن العدوى من مريض بمرض معد أمر نعرفه في حياتنا اليومية.. والعدوى قد تسبب مرضاً.. إذن فالعدوى (سبب )، والمرض (نتيجة)، والنتائج مترتبة على الأسباب في نظرنا نحن كبشر.. (نأخذ العلاج فتشفى )، العلاج (سبب والشفاء (نتيجة)، (اعمل في السوق في التجارة اكسب مالاً )، فالتجارة (سبب ) وكسب المال (نتيجة).. إلا أن النتائج في حقيقتها غير مترتبة على الأسباب، والله عز وجل بيده الأسباب والنتائج جميعاً، يصرفها كيف يشاء.. فقد يحقق نتيجة بدون سبب.. نجد ذلك في قوله تعالى عن السيدة مريم عليها السلام: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا } [مريم: 25]، فتساقط الرطب نتيجة هز النخلة بيد مريم (سبب )، والحقيقة أن السيدة مريم لم يكن في استطاعتها هز جذع النخلة.. الأمر الذي لا يقدر عليه إلا عصبة من الرجال.. إذن، (فالنتيجة) ههنا غير مترتبة على (سبب)، وقياساً على ذلك فإننا إذا قلنا إن المرض المعدي لا بد من عدوى تسببه، نقول إن ذلك في اعتقاد البشر.. أما إذا رددنا الأمر إلى قدر الله تعالى، فلا عدوى... وأخرج الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يعدي شيء شيئاً ).
وإذا تساءلنا عن ذلك يجيبنا حديث نبوي آخر أخرجه الترمذي عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر، خيره وشره، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه)، مما تقدم نفهم الحقيقة الكبرى المعلقة بإرادة اله تعالى وأمره (لا عدوى )، أي (لا عدوى ) بالمعنى الذي يفهمه الناس.
لا طيرة: الطيرة هي التشاؤم، وكانت العرب في الجاهلية إذا خرج أحدهم لأمر، أطلق الطير في الجو، فإذا طار الطير يميناً، أقدم إلى ما عزم عليه، وإذا طار الطير يساراً، تشاءم ورجع عما عزم عليه، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطيرة هذه وقال (لا طيرة ) أي لا أساس لها من الصحة.
ولا هامة: كان العرب في الجاهلية تقول إذا قتل رجل ولم يؤخذ بثأره، خرجت من رأسه دودة، أي هامة، فتدور حول قبره، وتقول: (اسقوني اسقوني )، ولا تزال تفعل ذلك حتى يؤخذ بثأره(4)، فعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس قال (لا هامة ) أي لا أساس لها من الصحة.
ولا صفر: كان العرب في الجاهلية يعتقدون أن في البطن دوداً يهيج عند الجوع، وربما قتل صاحبه، فنهى رسول الله ص عن الاعتقاد في هذا التصور الخاطئ.
التفسير الإيماني لأحاديث العدوى:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم فرارك من الأسد )، اعتقد ابن خلدون ومن نقل عنه من العلماء القدامى والمحدثين، أن في هذا الحديث تعارضاً، لأن أوله نفي لحدوث العدوى وآخره إثبات لوجودها.. وبالتالي اعتقدوا أنه حديث لا يؤخذ به لأنه كان ظناً من الرسول، بصفته بشراً يجوز عليه الخطأ.. ولم يكن وحياً من الله تعالى له، وهكذا وضعوا علمهم الناقص حكماً على العلم المطلق في الوحي الإلهي، فأخطئوا خطأ عظيماً.
وقال ابن خلدون ما قاله.. وقال من نقل عنه ما قالوه بسبب جهلهم بحقيقة العدوى.. وبحقائق علم البكتريا.. تلك الحقائق التي لم يكتشفها العلماء إلا حديثاً. وبسبب تأثرهم بالفلسفة اليونانية القديمة.. ونسوا أن هذا الحديث لو قاله أي إنسان غير رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان متناقضاً حقاً.. لماذا ؟ لأن أي إنسان غير رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تحدث بحديث، فهو يتحدث لإنسان معين أو لقوم معينين، وفي موضوع معين، له ظروف معينة، وله زمن معين، وينقل معلومة محددة لا تحمل معنى آخر.. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو إذ يتحدث، إنما يتحدث بوحي من ربه، أو بإلهام النبوة الذي خصه الله تعالى به دون سائر البشر.. وهو صلى الله عليه وسلم إذ يتحدث، لا يتحدث لفرد معين، ولا لمجتمع معين، ولكن الناس كافة، كما قال الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } [سبأ: 28].. ويتحدث صلى الله عليه وسلم لا لمستوى واحد من الفهم والعلم.. ولكن يتحدث للبشر جميعاً، على اختلاف مستوياتهم الفكرية والثقافية والإيمانية، ويتحدث لا لزمن معين ولا لعصر معين.. ولكنه صلى الله عليه وسلم يتحدث للبشر جميعاً في كل عصر من العصور وإلى يوم القيامة.. فالوحي الإلهي في القرآن، والحديث النبوي، يعطي للناس كافة في كل عصر وزمان ومكان، وعلى اختلاف مستوياتهم، علماً وفهماً وبياناً – كل إنسان يفهم منه قدراً معيناً من العلم حسب مستواه الفكري والثقافي والإيماني.
ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفر من المجذوم فرارك من الأسد ) نجد أنه يوجه أول حديثه للمؤمن العارف بربه، الذي يعلم يقيناً أن أمراً في هذا الوجود لا يحدث إلا بإرادة الله تعالى وأمره وقدره، فيوق له (لا عدوى ).. ويوجه الجزء الأخير من الحديث الشريف للإنسان الذي لم يصل إلى هذا المستوى من العلم والإيمان فيقول له: (وفر من المجذوم فرارك من الأسد )، كما يقول له (لا يوردن ممرض على مصح).
إن أسلوب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلوب بلاغي معجز يعطي الناس جميعاً هداية وعلماً على اختلاف فهمهم وإيمانهم وعلمهم، وأحاديثه ليست مثل أحاديث غيره من البشر.. والأحاديث التي تثبت نسبتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، هي وحي من الله تعالى له – سواء كانت تتحدث عن أمور الدين أو أمور الدنيا – وإن لم تكن وحياً صريحاً لهي من إلهام النبوة الذي خص الله تعالى رسوله به دون سائر البشر.. وهو نوع من الوحي أيضاً.. والرسول صلى الله عليه وسلم لا يتحدث إلا صدقاً، ولا ينطق إلا حقاً ولا يتكلم إلا وحياً.. وما ينبغي لابن خلدون أو غيره من الناس، قديماً أو حديثاً، وهم مهما بلغ علمهم لم يصلوا إلى العلم كله.. ولا ينبغي لهم – وهم ناقصوا علم – أن ينصبوا أنفسهم حكاماً على العلم الكامل في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.. إنهم بذلك أخطئوا.. والخطأ هنا خطيئة.. وجهل كبير..
أ.د. أحمد شوقي إبراهيم.
============
[1]وقال: إنه لا تعارض في الأحاديث الشريفة، وإنما لكل منها وجه من وجوه العلم.
(2) يقول الشاعر الجاهلي:
يا عمرو لا تدع شتمي ومنقصتي أضربك حتى تقول الهامة اسقني
  #272  
قديم 08-04-2008, 03:59 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

أصول الأمن الغذائي في القرآن والسنة

الأستاذ : السيد علي أحمد الصوري(1) (2)
مقدمة :
الحمد لله وكفى وصلاة وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد، ففي القرن الماضي صرخ قس إنجليزي يدعى ( مالتوس) بصيحة تحذير من الزيادة السكانية المستمرة والمواد الغذائية المتناقصة، فقال: ( السكان يتزايدون بمعدلات حسابية ... إنه إذاً الاختلال فالمجاعة .. )، ويشاء الله سبحانه وتعالى أن يكذب ظن مالتوس .. وأن يحل التقدم العلمي والتقني ( الذي حدث في ميدان الزراعة) المشكلة ويتضاعف الإنتاج .. !!
وفي عام 1968 كتب العالم البيولوجي المعروف ( بول أيرلخ) في كتابه الشهير ( القنبلة السكانية) ما نصه : ( لقد انتهت معركة توفير الغذاء للجميع بالفشل التام، وسيعاني العالم في السبعينات من هذا القرن ( العشرين) من المجاعات وموت ملايين من البشر جوعاً، وذلك على الرغم من أن أي برنامج قد نبدؤه اليوم لتفادي ذلك) .. وقد استمر هذا العالم يطلق صيحاته التحذيرية هذه .. حتى أنه في عام 1970 حر من أن هناك احتمال موت /65/ مليون من البشر [أمريكيين بالتحديد] من الجوع، وأربعة بلايين من بقية سكان العالم، بين سنتي 1980/1989، إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث !! ومع أن سكان العالم قد تضاعفوا منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، إلا إنتاج الغذاء قد تضاعف [ ثلاث مرات ] في الفترة نفسها.
ثم بدأت صيحات التحذير تنطلق مرة ثانية هذه الأيام، لكنها في هذه المرة مدعومة بالإحصاءات والدراسات، لكنها في الحقيقة أقل تشاؤماً من الدراسات السابقة عليها.
فتقارير منظمة الفاو ( منظمة الأغذية والزراعية) تؤكد أن نحو /25/ ألف مليون طن من التربة الخصبة تتعرض للزوال سنوياً، بفعل عوامل التعرية .. وأن تصيب الفرد من الأرض الصالحة للزراعة سينكمش بحلول عام 2010، من 0.85 إلى نحو 0.4 هكتار، ويقول ( كيث كولينز) – وهو كبير اقتصادي وزارة الزراعية الأمريكية – : ( ينبغي معالجة الوضع عن كثب)، وفي السياق نفسه يذكر تقرير المعهد الدولي لأبحاث السياسية الغذائية ( أنه ستصبح العلاقة بين إنتاج المواد الغذائية على مستوى العالم والأسعار علاقة مضطربة، الأمر الذي سيترجم على مخاطر أكبر بالنسبة للأمن الغذائي في دول العالم النامي) ..
أرقام .. ونتائج تدعو [بالفعل ] إلى القلق، وتبدوا وكأنها صيحات لطيفة، بالقياس إلى صرخات مالتوس وبول إيرلخ .. ولكن الذي يربط بينها جميعاً هو الخوف من المستقبل .. والسؤال الآن هو : أين تكمن المشكلة الحقيقية .. أهي في الإنتاج أم في التوزيع .. ؟ وهل بدأت الأرض – فعلاً – تعجز عن إطعام ساكنيها .. ؟؟ هل يمكن وصف هذه الحالة باختلال في الموارد أم أنه فقر في التقنية .. ؟؟
الإسلام .. الإسلام ..
إن الأمر الذي يؤسف له أننا كمسلمين كثيراً ما ننغمس في مناظرات وتدلى بآراء دون أن نطلع على حقائق إسلامنا ونصوص شريعتنا ..
فها هو كتاب الله تبارك وتعالى يخبرنا في سورة فصلت : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } [فصلت : 10].فأقوات العباد مقدرة، وهي مبثوثة في كل الأرض، وقد اختص الخالق عز وجل كل جزء منها ثروة تكفي ساكنيها وتسد احتياجاتهم، ولكن الذي يحدث هو أن بعض البشر يجور على البعض، ويبادئه بالعدوان، وإن الطغيان ومجاوزة الحد تشيع بين الناس فيظهر بذلك .. ( المتخمون) .. و(الجائعون).. !!
لقد شكل نقص الغذاء على مر العصور تحدياً للإنسان يدفعه إلى العمل والكدح وابتكار وسائل جديدة من أجل الإفادة من هذه الأقوات المقدرة التي بثها الخالق جل وعلا، وكانت النتيجة من نصيب الإنسان وهذا هو الحال اليوم أيضاً .. فسكان الأرض قد بدؤوا بمواجهة تحد جديد، والمقدر أن ينجح الإنسان المعاصر في هذا الامتحان كما نجح فيه سابقه، ولنستمع إلى شهادة عالم كبير هو ( نورمان بورلو) الذي نال جائزة نوبل لجهوده في دراسة مسألة نقص الغذاء العالمي ... لقد أعلن هذا العالم : ( إن العالم ينتج ما يكفي لإطعام شعوبه بشكل جيد، لكن المشكلة تكمن في التوزيع العادل للإنتاج الغذائي .. ).
فالأمر ( إذن) يتعلق التوزيع .. ولعل مشهد المزارعين الأمريكيين والأوربيين وهم يقذفون بأطنان الزبد إلى البحر – للمحافظة على أسعارها – كما يفعلون في أكثر من موسم وفي أكثر منتج غذائي وزراعي، مقارنة بمشهد الطفل المنتفخ البطن من أمراض الجوع في إفريقيا، ما يلخص القضية كلها..
ونتأمل – من أجل المزيد من التأكيد بأن هناك اختلالاً مريعاً في التوزيع وفي التقنية – إلى رقم (الخمسين مليار دولار) الذي تنفقه الولايات المتحدة الأمريكية وحدها على أدوية إنقاص الوزن وتقنيات إذابة الشحوم وغيرها .. فهذه الخمسون ملياراً كافية لتوفير الجرارات والمخصبات لكل قارة إفريقيا الجائعة التي لا تنقصها الأرض .. ولذلك فمقولة الأرض التي تعجز عن إطعام سكانها خرافة ووهم كبير، فالأرض لم تبخل، ولن تبخل، على سكانها بالغذاء الوفير.
عرض البحث مفصلاً:
وهذا البحث إطلالة على ( أصول الأمن الغذائي في القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة)، لنتعرف على الهدى الإسلامي في أصول الأمن الغذائي، فالإسلام هو الدين الوحيد الذي تعرض لاقتصاديات الأمن الغذائي من خلال لفت الأنظار إلى أهمية إعمار الأرض وفلاحتها والاستفادة منها، مع ملاحظة أن هذه الثروات الطبيعية يشترك فيها جميع البشر، وفقاً لتعاليم السنة النبوية المشرفة، وعملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ) .. قال أبو سعيد الخدري – راوي الحديث – أن النبي عدد أصنافاً وأشياءً حتى رأينا أنه ليس لأحد الحق في أي فضل .... (رواه البخاري).
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( الناس شركاء في ثلاثة الماء والعشب والنار).
ولقد أولى الإسلام عناية خاصة بالزراعة وأهميتها، فهي أساس الأمن الغذائي، وهذا الاهتمام المستمر هو أول الأمور في تحقيق الأمن الغذائي للعالم الإسلامي، لو استاد العالم الإسلامي من المنهج الإسلامي الصحيح.
ولقد قسمت البحث على قسمين أساسيين مع مقدمة وخاتمة ..
أما الفصل الأول : فقد تحدثت فيه عن بعض المفاهيم والمصطلحات والأفكار – حول الأمن الغذائي، وخاصة فيما يتعلق بالعالم الإسلامي والعالم العربي، مع بعض الإحصاءات لتقريب الصورة.
وأما الفصل الثاني فقد خصصته للحديث حول أصول الأمن الغذائي في القرآن والسنة، وكيف أن القرآن الكريم هو الذي يوجه الأنظار إلى أهمية تحقيق الأمن الغذائي، مع المحافظة على هذا الأمن، مع ملاحظة أن دول العالم الإسلامي الآن في ذيل القامة بالنسبة لإنتاج وتصدير واستيراد الغذاء، وكيف يتحقق للعالم الإسلامي الوصول بالفعل إلى تحقيق هذا الأمن الغذائي.
فقد أدى سوء توزيع الموارد الطبيعية والطاقات البشرية في العالم الإسلامي إلى تفاوت الدخول وإلى حدوث اختلالات كبيرة في مستويات المعيشة بين أبناء الوطن الواحد، إضافة إلى عدم القدرة على تحقيق الحد الأدنى من التناسب والتوازن، وفي توزيع السكان، والموارد والاعتماد على سلعة واحدة، وندرة رأس المال، وانخفاض مستوى المعرفة والتقنية، وعدم الاستفادة من الأساليب المتقدمة في الإنتاج، وارتفاع نسبة الأمية، وعدم التوازن بين الإنتاج والاستهلاك ... إضافة إلى عدم التنسيق بين الدول الإسلامية في غيبة استراتيجية واضحة المعالم ترسم الطريق وتحدد الأولويات ... كل هذه الأمور والمعوقات تنذر بوقوع خطر محدق يجب أن ننتبه إليه قبل أن تتفاقم الكارثة، ويصعب الأمر، ويصعب السيطرة عليه، ويصاحبه انهيار في البنية الأساسية لهذه المجتمعات ... وذلك في إطار برنامج عمل يحقق التكامل والتوازن، ويتجاوز الخلافات والتناقضات السياسية والأيديولوجية في عالم يقوم نظامه على التكتلات الاقتصادية الكبيرة ..
فهل يأتي اليوم الذي تنتصر فيه العاطفة الدينية الإسلامية على السياسة وما فيها، ونرى العالم الإسلامي وقد أصبح تكتلاً اقتصادياً وكياناً واحداً، أن ذلك ليس على الله ببعيد ..
وبعد .. فأرجو أن أكون قد وفقت في عرض ما أردت .. وأسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع به .. والله ولي التوفيق ..
الفصل الأول
مفاهيم ... وأفكار
تمهيد
إذا كانت الاحتياجات الأساسية للإنسان على وجه الأرض تمثل في الغذاء والكساء والمأوى والدواء .. فإن الغذاء يمثل أولويات تلك الاحتياجات، وبه يحيا الإنسان وينمو، وبدونه يفنى .. لهذا كان إنتاج وحفظ الغذاء من أول ما عرفه الإنسان من صناعات، وكان توفير الغذاء بحدوده الدنيا أو العليا، وعلى مدار العام لتلبية احتياجات معينة ومحددة لمجموعة بشرية محددة ومعينة، من أولى واجبات القائمين على تلك المجموعة، اقتصادياً وحياتياً ..
فلقد عرف الإنسان ما للطبيعة وعطائها الزراعي ( شقيه النباتي والحيواني) من مواسم وفيرة وأخرى شحيحة.كما تعامل مع نتائج الكوارث الزراعة التي لحقت بالمجتمعات.
ومنذ فجر التاريخ الإنساني كله، ما كان منها فعل الطبيعة أو فعل الإنسان، وسعى للتحسب لها وإعداد العدة لمواجهتها، ومع التطور الحضاري الإنساني أصبحت قضية توفير الغذاء للمواطنين، وعلى مدار العام، وبأسعار معقولة، وكميات مناسبة، من الأمور التي تحظى بعناية ورعاية وإشرافالحكومات، بغض النظر عن نهجها الاقتصادي والسياسي .. إذ أصبحت مؤشر العلاقة بين الحكومات ومواطنيها .. [ وهكذا ستكون مستقبلاً].
وعالمنا اليوم.الذي شهد بداية عصر اللامتناهيات الثلاثة .. عصر العلم والتقنية .. عالم الستة مليارات نسمة .. ويزيد ..
إن سبب الفقر في العالم هو سوء توزيع الثروة في المجتمع
- عالم دول الشمال، الذي يضم ربع البشرية حيث معدل دخل الفرد فيه يعادل خمسة وثلاثين ضعفاً منه لدخل الفرد في دول الجنوب .. وعالم دول الجنوب، حيث المعاناة بكل أبعادها، وبخاصة في توفير الغذاء للمواطنين الكم والنوع المطلوب(3).
إن عالمنا له خصائص مميزة، من النواحي الاقتصادية والتكنولوجية والثقافية والحضارية، لها من الإيجابيات قدر ما لها من السلبيات، ففي حين وفر العلم والتكنولوجيا للإنسانية وسائل وأدوات ومعارف أدت إلى زيادة الإنتاج وتحسين الإنتاجية للمنتجات الزراعية الغذائية (بشقيها الحيواني والنباتي)، فإن دخول العالم إلى عصر العلم والتكنولوجيا ونتائج الحربين العالميتين الأولى والثانية، قلبتمعايير كثيرة .. فلم تعد مناطق العالم النامية مناطق تعتمد عليها الدول الكبيرة في توفير ما تحتاجه لتعيش وتزدهر، وبخاصة من النواحي الغذائية، فالحرب – مثلاً – معناها قطع خطوط الاتصالات البحرية والبرية وحتى الجوية أحياناً، معناها – أيضاً – أن على الدول الكبيرة أن توفر لنفسها الإنتاج من مواردها الطبيعية كأساس لا غنى عنه .. ثم إيجاد حلفاء اقتصاديين تتكامل معهم في سد النقص الذي تعانيه .. ثم إيجاد خزين غذائي لها يقيها شر الويلات الطبيعية أو الويلات الإنسانية.
وهكذا .. أصبح إنتاج الغذاء عالمياً يتسم بسمات عصرنا الراهن، التوسع في استخدام مرافق ومنجزات العلم والتكنولوجيا، والتوسع في الإنتاج الكبير، وتحسين الإنتاجية والمشاريع العملاقة والشركات عابرة القارات .. ثم الاحتكار واستخدام الغذاء كأحد الأسلحة التي تملكها قوى الاحتكار العالمية.
وحين قسمت دول العام إلى دول الشمال – ذات الوفرة الإنتاجية .. ودول الجنوب – ذات الشح والحاجة .. أصبحت سلع غذائية – كالحبوب الخشنة واللحوم والبيض والألبان والزيوت النباتية – سلع دول الشمال غزيرة الإنتاج الفائض عن الاحتياجات في مجتمعاتها ذات القدرات الخارقة على دعم الأسعار وتحديدها وتصدير ما يزيد منها .. وأصبحت دول الجنوب دول الحاجة على الواردات المتزايدة.
وكان سعي دول الجنوب إلى تغيير المعادلة [ وهو ما يعرف بالنظام الاقتصادي الراهن ] أو إيجاد معادلة تضمن حقها وحقوق الآخرين، فعبأت قدراتها الممكنة، وعملت على زيادة إنتاجها الغذائي، كما عملت على إيجاد خزين من ذلك الغذاء ليقيها شر التقلبات دائمة التوقع ..
والأقطار العربية – بكاملها – والكثير من دول العالم الإسلامي – إنما تمثل جزءاً من دول الجنوب، وهي تعتبر من أكثر مناطق الدنيا احتياجاً لاستيراد العديدمن احتياجاتها الغذائية لمواطنيها من الخارج.
هذه الأقطار تعيش حالة غذائية خطيرة، فلقد تخطت ( مرحلة العجز الغذائي) لتصل إلى ( مرحلة الانكشاف) وهذا الانكشاف الغذائي له أسباب عديدة، وهو لا يشمل سلعة معينة، بل يشمل سلعاً عديدة أولها الحبوب – وخاصة القمح – مروراً باللحوم والألبان والزيوت النباتية والسكر وغيرها، ولكل من هذه السلع سماتها الاقتصادية والفنية العالمية، وكلها تعتبر من السلع الاستراتيجية، لكن أهمها بالنسبة للوطن العربي هي : الحبوب، وخاصة القمح (4).
ونحن نتناول موضوع الأمن الغذائي ومستقبله في الوطن العربي والعالم الإسلامي الكبير بالدراسة والتحليل، فإننا نؤكد أن عدم العناية بهذا الموضوع سيؤدي إلى كوارث اقتصادية كثيرة !!
مفهوم الأمن الغذائي
على الرغم من أن مشكلة الغذاء مشكلة اقتصادية في المقام الأول، لأنها تعبر عن شكل من أشكال العلاقة بين العرض والطلب، أو بن الإنتاج والاستهلاك، إلا أن لها أبعاداً متعددة، يهمنا منها هنا ( البعد الأمني) .. ونظراً لما لهذا البعد الأمني من أهمية كبيرة فقد شاع مصطلح ( الأمن الغذائي) بسبب الارتباط الوثيق بين كل من الغذاء والأمن، فالغذاء – كما سبقت الإشارة – هو أحد حاجات الإنسان الضرورية التي تتمثل في المأكل والملبس والمسكن، إلا أن الغذاء يعتبر أهمها .. فالإنسان لا يستطيع الاستغناء عنه أو الصبر على الجوع، لقد عاش الإنسان الأول عارياً دون ملبس ودون مأوى، ولا تزال أقوام كثيرة تعيش اليوم في مجاهل إفريقيا تسير عارية أو شبه عارية، لكنها رغم ذلك لا تستطيع الحياة بلا طعام.
الطعام إذن هو أول مقومات الحياة، فإذا لم توفر بشكل يستطيع الناس الحصول عليه هاج الشعب وثار .. مما يؤدي إلى قيام الاضطرابات والفوضى واختلال أمور الأمن في البلاد، ولذلك فإن توفير الطعام للسواد الأعظم من الشعب، بأسعار تناسب دخولهم – يساعد على استتباب الأمن في المجتمع.
ومن ناحية أخرى، فإن الدولة التي لا تستطيع تأمين الطعام لشعبها من مصادر محلية تصبح عاجزة أمام الضغوط والتحديات التي تواجهها، مما يعرض أمنها للخطر وحريتها للاستباحة واستغلالها للانتقاص.
ولقد عرف الإنسان منذ فجر التاريخ مفهوم الأمن الغذائي بصورته الأولية، كما تعلم الإنسان من الممارسة أن للزراعة ( بشقيها النباتيوالحيواني) مواسم وفرة عطائية ومواسم شح.وكان لزاماً عليه – بالتالي – أن يحفظ بعض الأغذية من مواسم الوفرة ليستعين بها في غذائه في مواسم الندرة .. وهكذا تعامل الإنسان مع خزن الحبوب، وتجفيف اللحوم، وغيره، ومع نشوء الدول سعت كل منها إلى تأمين حاجة مواطنيها من السلع الغذائية، وعلى مدار العام، بنفس الخصائص والمواصفات .. فالأمن الغذائي لبلد ما أو منطقة جغرافية معينة هو الحال الذي يكون فيه وضع المواطنين الغذائي – في ذلك البلد أو تلك المنطقة – غير معرض لحدوث أزمات غذائية تحت أي ظرف كان أو في أي زمن.
وإذا كان توفير الغذاء يمثل الجانب الأمني، بل الجانب الرئيسي للأمن الغذائي، فإن الجانبالآخر هو توفير إمكانية الاتصال وإيصال ذلك الغذائي، إلى حيث تكون الحاجة إليه، وعلى ذلك، فإن المقاييس التي تحدد الأمن الغذائي لبلد ما أو لمنطقة جغرافية معينة .. هي :
-نسبة الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الاستراتيجية ( ذات النمط الغذائي الاستهلاكي السائد).
-نسب قيمة الإنتاج الزراعي المصدر إلى الإنتاج الزراعي المستورد.
-نسب قيمة المستوردات الزراعية الإجمالية لإجمالي الاستيراد.
-نسب قيمة الإنفاق على الغذاء من إجمالي الدخل القومي.
-التقلبات السنوية في الإنتاج الزراعي إلى إجمالي الناتج المحلي.
-متوسط حصة الفرد من قيمة الإنتاج الزراعي.
-نسبة صافي الواردات الزراعية إلى إجمالي الناتج المحلي.
-نسبة المخزونات الغذائية – وبخاصة القمح – إلى مقدر الاستهلاك السنوي(5) .
فالأمن الغذائي إذن، هو تحفيز قدرات وفعل منسق وعمل هادف لحل معضلات محددة، فرضها واقع زراعي ( صناعي – اجتماعي – اقتصادي) في بلد ما، أو في منطقة جغرافية معينة، وبالإمكان تحديد مفهوم الأمن الغذائي ليشمل ضمان توفير بعض السلع الغذائية في الأسواق المحلية على مدار العام، وبأسعار مناسبة، وذات قيمة غذائية تكفل للإنسان بقاءه حياً وتمكنه من أداء مهامه الاقتصادية بصورة صحيحة مناسبة.
مما سبق يمكن تعريف (الأمن الغذائي) .. بأنه قدرة مجتمع ما على توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء للمواطنين .. وضمان حد أدنى من تلك الاحتياجات بانتظام، عبر إنتاج السلع الغذائية محلياً، وتوفير حصيلة كافية من عائدات الصادرات لاستخدامها في استيراد ما يلزم لسد النقص في الإنتاج الغذائي الذاتي، بدون أي تعقيدات أو ضغوطات من أي مصدر كان.
والأمن الغذائي اصطلاح طرحته المنظمات والهيئات الدولية وتبنتهالحكومات ليأتي مترافقاً مع مصطلحات أخرى، كالأمن الوطني، والأمن الاستراتيجي، والأمن الاجتماعي، وغيرها من المصطلحات التي أريد طرحها التنبيه إلى ضرورة مواجهة أخطار تهدد المجتمع من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من آثارها وإزالة جميع الأضرار الناجمة عنها، كما أن المقصود بالأمن الغذائي قد يكون توفير الغذاء اللازم للمجتمع من مصادره المحلية والخارجية، وضمان توزيع الغذاء وجعله في متناول أعضاء المجتمع(6).
وقد تفاوتت النظرة إلى المجال الحيوي الذي يجب فيه توفير الأمن الغذائي، ففي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن الأمن الغذائي يجب توفيره على المستوى العالمي .. أي أن يكون الغذاء المنتج في العالم يكفي لسد احتياجات سكان العالم، نجد أن البعض الآخر يعتقد أن الأمن الغذائي يجب توفيره على المستوى العالمي ..نجد أن البعض الآخر يعتقد أن تحقيق الأمن الغذائي يجب أن يكون على المستوى الإقليمي .. أي أن يستطيع الإقليم إنتاج ما يكفي لحاجة سكانه من الغذاء، كما نجد أن البعض يغالي حتى الاعتقاد بأن تحقيق الأمن الغذائي يجب أن كون على مستوى كل دولة على حدة، وبحيث تستطيع كل دولة أن تضع خططها وبرامجها لإنتاج حاجتها من السلع الغذائية الاستراتيجية، منعاً من التأثير عليها أو التحكم في أي مصدر من مصادر الغذاء (7).
المخزون الاستراتيجي
يرتبط مفهوم المخزون الاستراتيجي بمفهوم الأمن الغذائي وهو أمر متعارف عليه دولياً .. وهو عبارة عن سلع غذائية وهو عبارة عن سلع غذائية غير محددة تعتبر ذات ضرورة ماسة في حياة المواطنين – وذات نمط غذائي سائد – يتم الاحتفاظ بكميات منها تحت إشراف مباشر من قبل الحكومات، وتكون الزيادة عن احتياجات الأسواق الآنية الطبيعية.وتستخدم في حالات معينة مثل : ( الكوارث الطبيعية – الحروب – الارتفاع المفاجئ غير الطبيعي في الأسعار – تغير الطلب والعرض العالمي على تلك السلع في حالة عدم إنتاجها محلياً).
ويتم تداول هذا المخزون دورياً بحيث تؤخذ منه كميات تعوض عنها بكميات مماثلة، هدف أن لا تفقد المادة الغذائية صفاتها الغذائية .. ويتحدد كم ونوعية هذا المخزون بظروف كل دولة وقدراتها الاقتصادية والفنية(8).
الفجوة الغذائية :
الفجوة الغذائية هي مقدار الفرق بين ما تنتجه الدولة ذاتياً وما تحتاجه إلى الاستهلاك من الغذاء – كما يعبر عنها أيضاً بالعجز في الإنتاج المحلي عن تغطية حاجات الاستهلاك عن السلع الغذائية، والذي يتم تأمينه بالاستيراد من الخارج(9).
والفجوة الغذائية – بهذا التعريف – تشمل الوضع الغذائي الراهن، وفق عادات الاستهلاك في الدولة، وبالمعدلات التي يتناولها الفرد من مختلف أنواع الأغذية، وهي بذلك لا تتطرق إلى تحديد الكميات الواجب تناولها من الغذاء، ولا إلى تحسين نوعية الغذاء المستخدم، سواء من حيث السعرات التي يحصل عليها الفرد أو مكوناته من البروتين النباتي والحيواني، وإنما يؤخذ بعين الاعتبار تطور الطلب الطبيعي على الغذاء ( نتيجة لعوامل الداخلية في الدولة) والتغير الذي يمكن يحصل على عادات الاستهلاك ( نتيجة للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تسود الدولة).
وتتمثل خطورة الفجوة الغذائية التي تواجه البلدان العربية والإسلامية في ثلاثة عوامل رئيسية :
-العامل الأول : هو استحالة تأمين البلدان العربية لما تحتاجه من مواد غذائية من مواردها المحلية، في ظل الظروف والمعطيات الحالية.
-العامل الثاني : يكمن في توافر ما تحتاجه الأقطار العربية من غذاء تحت سيطرة بلدان قليلة في العالم، والتي قد تلجأ إلى استخدام الغذاء كسلاح اقتصادي أو سياسي.

الشكل يبين الهرم الغذائي
-العامل الثالث : هو ما تشهده أسعار المواد الغذائية من تقلبات كبيرة في الأسواق العالمية، وخاصة ما حدث بعد بداية القرن الحادي والعشرين بقليل، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية ارتفاعاً جنونياً مما أثر على المخزون الاستراتيجي لكثير من بلدان العالم الإسلامي والعربي، وما زالت الأسعار حتى الآن لم تصل إلى حد الاستقرار فهي في تغير مستمر، بل في ارتفاع مستمر، وهو ما يمثل التحدي الأكبر لبلدان العالم الثالث، فهي مطالبة بإيجاد التمويل اللازم لشراء المواد الغذائية وتأمينها مع تأمين المخزون الاستراتيجي داخل الدولة في نفس الوقت.
وإذا أخذنا العامل الأول – نجد أن البلاد العربية – مثلاً – لو أرادت أن تنتج المواد الغذائية الأساسية من مواردها المتاحة، ووفق المعطيات الحالية من انخفاض مستويات الإنتاجية وضعف استعمال تقنيات التكنولوجيا الحديث في الإنتاج الزراعي وضعف الحوافز والسياسات الزراعية التي تشجع الإنتاج، فإن إنتاج ما تستهلكه الأقطار العربية من الحبوب فقط يحتاج إلى 44.8 مليون هكتار.وهذه مساحة تزيد بنسبة 15 % عن مجمل المساحة المزروعة سنوياً في جميع البلدان العربية، حيث بلغ مجمل مساحات الأراضي المزروعة بجميع المحاصيل رياً ومطرياً في جميع الأقطار العربية ما مساحته 38 مليون هكتار سنوياً(10).
وإذا انتقلنا إلى العامل الثاني ... نجد أنه نظراً للعجز الكبير الذي يعانيه الوطن العرب من الحبوب الغذائية، فإن المعونات الخارجية لكثير من الأقطار العربية من البلدان المتقدمة ( بخاصة أمريكا، ذات الفائض الغذائي الزراعي) تأتي على كل مساعدات غذائية تعتبر الحبوب في مقدمتها، وقد أخذت هذه الزيادة في الاستمرار، ففي عام 1974 بلغ وزن هذه المعونات نحو 1.1 مليون طن متري، وصلت في عام 1987 إلى 3.4 مليون طن متري وفي ذلك العام 1987 حصلت مصر وحدها على نحو 13 % من مجموعات تلك المعونات، وقد كان من نتيجة ذلك زيادة واردات الوطن العربي الغذائية من الأقطار الخارجية، مما أدى إلى انخفاض نسبة الاكتفاء الذاتي للبلدان العربية من الغذاء حتى وصلت في مجملها عام 1987 إلى نحو 60 % فقط، وهذا الوضع يحمل الكثير من المخاطر للأقطار العربية، فزيادة اعتماد البلاد العربية على المعونات الأجنبية، أو على تحقيق الاكتفاء من العالم الخارجي يؤدي إلى وقوع الوطن العربي تحت النفوذ والضغوط الأجنبية .. فعن طريق رغيف الخبز تستطيع هذه الدول ممارسة الضغط أكثر من استعمالها لـ أي وسيلة أخرى.
أما بالنسبة للعامل الثالث : فإننا نجد أن التاريخ الحديث لأسعار الغذاء العالمية قد شهد تذبذباً كبيراً، ففي منتصف السبعينيات من القرن العشرين وصل ثمن الطن من القمح إلى حوالي 250 دولاراً، بعد أن كان 70 دولاراً في نهاية الستينات من نفس القرن، ثم واصل الارتفاع في عقد الثمانيات، ثم استقر نوعاً ما في التسعينيات، ثم ارتفع كثيراً في الألفية الثالثة ( القرن الحادي والعشرين الحالي) حتى وصل سعر الطن من القمح في الأسواق العالمية إلى 300 دولار في عام 2003.مع الارتفاع المستمر في سعر الدولار نفسه – مما يدل على أن أسعار المنتجات الغذائية في الأسواق العالمية لا توحي بالأمن والاطمئنان.
ومن ثم، فقد اضطرت معظم الدول إلى استيراد المواد الغذائية التي تنقصها من الخارج بالأسعار الجارية، وفي نفس الوقت طرح هذه المواد في السوق الداخلي المحلي بأسعار تتناسب وذوي الدخل المحدود من السكان، وفي معظم الأحيان كانت تلك الأسعار منافسة للمنتج المحلي، مما اضطر معظم المنتجين إلى الابتعاد عن إنتاج السلع التي تستوردها الدولة وتطرحها بأسعار لا يستطيع معها المنتج المحلي منافسة تلك الواردات، وكان على رأس هذه السلع المستوردة : معظم المنتجات الغذائية الأساسية وإعادة تقديمها للمستهلك بأسعار تتناسب ودخله(11).


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ع
  #273  
قديم 08-04-2008, 04:29 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع ...... أصول الأمن الغذائي في القرآن والسنة

جوانب الأزمة الغذائية :
للتعرف على العوامل التي أدت بالأقطار العربية إلى حدوث الأزمة الغذائية التي تعاني منها الآن نستطيع التمييز بين جانبين رئيسيين لهذه الأزمة، ومن ثم التمييز بين مجموعتين رئيسيتين من العوامل : الجانب الأول هو جانب الاستهلاك والجاني الثاني هو جانب الإنتاج.
1.الجانب الأول : الاستهلاك العربي من الغذاء :
لدراسة مدى العجز، أو الإسراف، في الاستهلاك العربي من الغذاء فإن حجم هذا الاستهلاك يعتبر محصلة لكل من عدد السكان ومتوسط استهلاك الفرد.. وهنا نجد أن العالم العربي يتصف بارتفاع معدل نمو سكانه .. حيث يصل هذا المعدل في المتوسط للأقطار العربية إلى حوالي 2.9% سنوياً، ومن المؤكد أن هذه الزيادات السكانية الكبيرة تؤدي بالتالي إلى زيادة حجم الاستهلاك الكلي للأقطار العربية من الغذاء، مما يساهم بالتالي في الأزمة الغذائية، ولكننا لا يمكننا المطالبة بالحد من الزيادة السكانية بصفة عامة بين أقطار الوطن العربي، فهناك أقطار عربية تعاني من [ قلةالسكان ].
وإذا كان المستوى الغذائي يقاس بمقدار ما يخص الفرد من سعرات حرارية في اليوم، فمن المعلوم أن كمية السعرات الحرارية التي يحتاجها جسم الإنسان تتفاوت بحسب المناطق التي يعيش فيها وبحسب الفصول المختلفة وسن الإنسان ونوعه ونوع العمل الذي يزاوله .. إلى غير ذلك من الأمور.وبناء عليه، لا يمكن تحديد عدد السعرات التي يوصى بها لكل فرد بشكل مطلق، إلا أنه يمكن وضع مستويات التغذية عالمياً.
وباستعراض نصيب الفرد من السعرات في الأقطار العربية، نجد أنه يمكننا تقسيم الأقطار العربية – بحسب السعرات الحرارية التي يحصل عليها من كل السكان في المتوسط – إلى ثلاثة مستويات.
·الأول : وهو الذي يفوق المعدل العالمي، ويشمل الأقطار : الإمارات – الكويت – السعودية – سوريا – مصر – ليبيا
· الثاني : وهو يسير حسب المستوى العالمي ويشمل أقطار : المغرب – الجزائر – تونس – العراق – الأردن.
·الثالث : المستوى المنخفض عن المستوى العالمي، ويشمل الأقطار : السودان – الصومال – موريتانيا – اليمن (12).
وقد تم تقسيم الأقطار العربية على النحو السابق باعتبار أن المعدل العالمي للمستوى الغذائي هو 2665 سعراً حرارياً .. مع ملاحظة أن هذا هو المتوسط العالمي، في حين أن نصيب الفرد من السعرات الحرارية في أمريكا الشمالية يبلغ نحو 3652، وفي أوربا الغربية 3424 ( وفي الاتحاد السوفييتي سابقاً كان 3426).
2.الجانب الثاني : الإنتاج العربي من الغذاء :
يعود انخفاض مستوى الإنتاج من الغذاء في الأقطار العربية إلى عاملين رئيسيين :
الأول : ضيق الرقعة الزراعة المنزرعة.
الثاني : انخفاض مستوى الإنتاجية للموارد الزراعية.
وعلى حين تقدر المساحة الزراعية في الوطن العربي بحوالي 60.3 مليون هكتار، فإن المساحة المستغلة بالفعل لا تتعدى 38 مليون هكتار سنوياً .. كما تبلغ المساحة التي تحتلها المحاصيل الدائمة نحو 8.2% فقط من جملة الأراضي الزراعية.
مما يعني أن حوالي 91.8% من الأراضي الزراعة العربية لا تستغل بشكل منتظم، وإنما تترك في كثير من فصول السنة بوراً، بدون زراعة ..
كما أن الدارس لمستويات الإنتاجية للموارد الزراعية في البلدان العربية يخرج باستنتاجين رئيسيين.
أولهما : وجود تفاوت كبير بين مستويات الإنتاجية لمحصول ما، إما داخل البلد الواحد بين المناطق المختلفة، وإما بين الأقطار العربية وبعضها البعض.
وثانيهما : أن مستوى إنتاجية الموارد الزراعية العربية – بصورة عامة – يبدو دون مستوى الحدود الممكنة.
وتعتبر المستويات الإنتاجية حصيلة الموجودات المحلية والقومية من سياسات زراعية وجهود علمية وإدارات الموارد ومدى توافر الحوافز – إلى آخر قائمة كل الأعمال التي تتعلق بالإنتاج .. إن جانب الإنتاج يعد المسؤول الأول عن الأزمة الغذائية التي تعاني منها الأقطار العربية، فالإنتاج العربي من الغذاء منخفض للغاية، ولا يتناسب مع حجم الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة للأقطار العربية، كما لا يتناسب مع الزيادات الكبيرة والمستمرة للسكان.
عود على بدء :
إن أية قراءة عاجلة للصورة السياسية العالمية في الظروف الراهنة، وخاصة بعد التدخل الأمريكي الفعلي في أفغانستان والعراق والتهديد المستمر لدول عربية وإسلامية عديدة .. تظهر أهمية وجود ما يسمى بالأمن الغذائي .. إن الدول المتقدمة التي تتحكم في إنتاج الغذاء وتصديره، وتتحكم بالتالي في أسعاره، تتعمد في أغلب الأحيان تحطيم اقتصاديات الدول النامية وأنماط إنتاجها الزراعي وأنواعه وفئاته، وتتلاعب بالعلوم وبرامج المساعدة والتنمية والإصلاح وغير ذلك، لكي تفرض سلعتها هي ومواردها الغذائية والزراعية هي .. وتدمير ما عداها .. لكي يسهل عليها تنفيذ أغراضها السياسية.
وتبرز القراءة السريعة للصراعات السياسية في عالمنا المعاصر دور السلاح الغذائي والحروب التجارية في هذه الصراعات، بدءاً من التحكم في تقديم المساعدات وأحجامها وأنواعها، وانتهاء بالحصار الاقتصادي أو حرب التجويع، مروراً بالأسعار والأنظمة الدولية لتجارة وإيفاد الخبراء والبعثات والنصائح وتقديم الخطط وبيع التكنولوجيا والمنح الدراسية، وغير ذلك كثير.
إن كل شيء في هذه المأساة يشير إلى مسؤولية النظام العالمي الجديد في استمرارها وتفاقمها، سواء كانت هذه المسؤولية أخلاقية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية .. من هنا ولدت فكرة الأمن الغذائي .. وشاع استخدامها في العالم خلال العقود الأخيرة وتحولت إلى عنصر رئيسي في برامج واستراتيجيات الدول والأحزاب والثورات والمفكرين ... وللأسف، فإن صورة الأمن الغذائي في الوطن العربي مخيفة وقائمة، فالوطن العربي بل – والعالم الإسلامي – هو أكبر مستورد للحبوب في العالم مما يجعله – بلا أدنى شك – تحت رحمة الدول المصدرة لهذه الحبوب.
وفي حين تمتع الوطن العربي بمساحة غير محدودة من الأراضي الزراعية والمياه والتنوع البيئي والمناخي والتكامل البشري والثروات الطبيعية الكبيرة، فإن النظم العربية تستمر في إغفالها لبعد القومي في التنمية والأمن الغذائي .. في الوقت الذي يزداد فيه خضوع العرب – عموماً – لضغوط الدول المصدرة للغذاء، لفرض إرادتها على قضايا العالم العربي ... وحتى سلاح النفط نفسه لم يستفد منه العرب، بل إن عائدات النفط المستمرة لم تقدم لعالم العربي شيئاً يذكر في مجال الأمن الغذائي (13).
ومن الطبيعي أن كل دولة تسعى لتحقيق اكتفاء ذاتي غذائي، أي : الوصول إلى وضعية معينة تقوم على إنتاج كل ما يحتاجه مواطنيها من طعام وغذاء، وإذا لم يكن ذلك ممكناً نظراً لصعوبة إنتاج كل دولة لجميع العناصر والموارد والسلع الغذائية .. ونظراً إلى أن العالم قائم على التبادل فيكفي أن تصل الدولة إلى وضعية تقوم على التعادل بن قيمة ما تصدره وقيمة ما تستورده من سلع غذائية بحيث لا تشكل قيمة ما تستورده عبئاً على قطاعات الاقتصاد الأخرى.
وعندما تعجز الدولة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي فهي لا بد أن تقع في أزمة توفير الغذاء من الخارج وتوفير الأموال اللازمة له .. فالأزمة الغذائية تعني عدم قدرة دولة ما على توفير الاحتياجات الأساسية من الغذاء للمواطنين، وضمان الحد المطلوب منها بانتظام وتوزيعها على المواطنين .. ومن المفترض لكي يتحقق الاكتفاء الغذائي ( أو الأمن الغذائي) أن يتناسب الإنتاج مع عدد السكان وتزايدهم من ناحية، ومع الطلب على الغذاء من ناحية أخرى ..
هل توقفتالأرض عن العطاء .. ؟
إن إمكانات كوكب الأرض غير محدودة – ولا تضن الأرض على ساكنيها .. ولكن لقد أجرى علماء مخلصون للجنس البشر والحياة أبحاثاً كثيرة وهامة حول قدرة الأرضعلى تلبية حاجات الناس الغذائية، في ضوء المعدلات المستمرة للتزايد السكاني، وكانت النتائج مبهرة .. شيء لا يتصوره عقل .. وفيما يلي بعض نتائجها ..
-تبلغ مساحة الأراضي اليابسة في العالم 13.2 بليون هكتار، نصفها غير قابل لزراعية وأكثر من ربعها (25.7%) مراع .. وأقل من ربعها الباقي (24.3 %) أراضي قابلة للزراعة، غير أن مساحة الأراضي المزروعة فعلاً أقل من نصف الأراضي القابلة لزراعة (43.5%)، وما زال القسم الأكبر ينتظر المبادرة الإنسانية لاستزراعه واستغلاله .. وعلى سبيل المثال، فإفريقيا التي تعاني من المجاعات المستمرة لم تستغل من أراضيها سوى 16%، وما تزال 84% من الأراضي تمثل احتياطياً هائلاً لإفريقيا والعالم (14).
-يحتاج سكان العالم إلى نحو 200 مليون طن من البروتين سنوياً – حسب تقديرات العلماء – وفي حين يبلغ العجز العالمي 22 مليون طن سنوياً، فإن العلماء يؤكدون أن في العالم ما يفوق احتياجاته السنوية بكثير، وهو متوفر في الطبيعة على هيئة مراع أو مصادر إنتاج أخرى، ويشيرون إلى وجود كميات ضخمة من البروتين الصالح لغذاء الإنسان، ولكن الدول التي تملكه تستخدمه في تغذية الماشية والحيوانات الأليفة وترفض طرحه في الأسواق من أجل البشر(15).
-يرى العلماء أن كوكب الأرض يستطيع إطعام 47 بليون نسمة، بالمستويات الممتازة الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، و157 بليون نسمة، بمستويات التغذية في اليابان، ويرى علماء آخرون أن الأراضي الزراعية لو أحسن استغلالها لأطعمت عشرة أضعاف عدد السكان العالم حالياً (6 بليون نسمة)، وبمستوى استهلاكي مرتفع.
-ذهب علماء آخرون إلى مدى أبعد من كل ما سبق، حين قدروا أن كوكب الأرض يستوعب ويطعم ما يكفي لعدد 132.000 بليون نسمة، وهو رقم كبير جداً أشبه بالخيال، ذلك أن الإنسان لم يكتشف ولم يستثمر من طاقة الكون والطبيعة اللذين يعيش في كنفهما سوى 1% حتى الآن، رغم ثورات العلوم وقفزاتها الكبرى في القرن العشرين(16).
إنها إذن مسألة عجز الإنسان ومسؤوليته، لا فقر الطبيعة وشحها، فالعلم يبرهن يومياً أن الكون لا محدود، وموارده لا نهائية، وأن الفكر والعقل والعلوم والجهد والخيال التي يحوزها الإنسان تمكنه من فتح آفاق وراء آفاق أمامه، لا لسد حاجياته وحسب، بل للارتقاء بها وتوسيعها وتطويرها.
وإنها أيضاً مسألة تتعلق بعدالة التوزيع على كوكب الأرض كله، ما بين دول الشمال ودول الجنوب، فليس هناك سبب لأن تظل دول الجنوب تعاني المرض والفقر والجهل والإهمال المتعمد، بل والإهدار المتعمد للموارد المتاحة ... بينما تظل دول الشمال تعاني من التخمة والامتلاء، وتسرف في الإنفاق على الأجهزة والأدوية الخاصة بإنقاص الوزن والتخسيس وخلافه .. إنه في النهاية اختلال المعادلات على كوكب الأرض ...
ومما سبق يتضح ما يلي :
إن العالم الإسلامي – (والوطن العربي أهم أجزائه) يمتد في مناطق واسعة، وفي مساحة 13.5 مليون كيلو متر مربع، وبذلك يتفوق الوطن العربي من حيث المساحة على قارة أوربا بكاملها، بل ومساحة الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
وبفضل هذا الامتداد الواسع للوطن العربي تتنوع المظاهر التضاريسية وتتباين الأنماط المناخية وتتعدد الموارد الطبيعية، مما يشجع على قيام أنشطة بشرية متنوعة ومتكاملة .. ولكن على الرغم من هذه الإمكانات – التي يتمتع بها الوطن العربي – إلا أن التخلف لا يزال السمة البارزة المميزة له، فالإنسان العربي لم يستثمر الموارد الطبيعية بشكل يحقق الرفاهة لمجتمعه حتى الآن .. بل إن الخلافات العربية المستمرة تسهم في تعطيل كل محاولات التعاون والتكامل الاقتصادي بين الأقطار العربية .. ؟!
ونتيجة للأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية لأقطار الوطن العربي، فقد برزت في العقدين الأخيرين من القرن العشرين مشاكل كثيرة أصبحت تهدد الأمة العربية في حياتها وبقائها .. وبعيداً عن السياسة ومشاكلها، فإن الأمن الغذائي يعتبر أخطر مشكلة يعاني منها الوطن العربي ..
ومن الناحية الاقتصادية يمكن القول بأن المشكلة تكمن في زيادة الفجوة بين العرض والطلب .. فزيادة استهلاك الأقطار العربية للطعام يفوق نسبة زيادة الإنتاج داخل حدود الوطن العربي، وتقدر نسبة الزيادة في إنتاج الغذاء نحو 2%، بينما يزداد الطلب عليه بنحو 5% سنوياً مما يجعل الفجوة في حدود 3%، ونتيجة لنمو الفجوة الغذائية، فإن نصف حاجة الوطن العربي من الطعام أصبح يستورد من الخارج، مما جعل المنطقة العربية أكبر منطقة في العالم مستوردة للغذاء .. ؟
وكما سبقت الإشارة، فإن الحبوب الغذائية تتصدر قائمة المستوردات الغذائية للبلاد العربية، ويعتبر القمح أهم الحبوب الغذائية المستوردة، حيث تبلغ نسبة الاكتفاء الذاتي منه في الوطن العربي، وفي عام 1984 نحو 34% فقط ل إن هذه النسبة في زيادة مستمرة بسبب الزيادة السكانية .. وعلى أية حال فقد أصبحت البلاد العربية اليوم مستوردة لكل أنواع السلع الغذائية ... !!
وعلى الرغم من أن مشكلة الغذاء اقتصادية في المقام الأول، إلا أن لها أبعاداً أخرى كثيرة، وبخاصة البعد الأمني والسياسي.ولذلك، فالمسألة ليست بهذه البساطة ولا يعبر عنها – كما يظن البعض – بالعجز الناجم عن تفوق الواردات على الصادرات، صحيح أن بعض الدول العربية تشكلعبء هذا العجز في إنتاج الغذاء مشكلة اقتصادية له، إلا أن البعض يستطيع دفع ثمن مستورداته من الغذاء دون مشقة .. لكن .. ليست هذه هي المشكلة، إنما المشكلة في المقام الأول هي مشكلة إنتاج غذاء من مصادر محلية، أكثر من كونها أزمة غذاء .. وجوهر هذه المشكلة يتلخص في أن الغذاء سلعة غير مرنة، لا يمكن استبدالها أو الاستغناء عنها ولو إلى حين، ولهذا السبب، فإن نقص الغذاء وارتفاع أسعاره كفيل بتوليد الكثير من المشاكل الأمنية، كالفوضى والاضطرابات واختلال الأمن داخل البلاد ... !!
كما أن الاعتماد المتزايد على الخارج لتلبية حاجات الدولة من الغذاء يعد مسألة خطرة .. فكما رأينا في الصفحات السابقة – أن الغذاء كثيراً ما يستخدم كسلاح تضغط به دول الفائض الغذائي على الدول المستوردة، لتذعن لرغباتها وتنفذ مخططاتها ... ومما يؤكد هذا القول أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كلفت خبرائها بوضع تقرير بناءً على طلب من وزير الخارجية الأسبق ( هنري كيسنجر) عشية انعقاد المؤتمر العالمي حول التغذية في مدينة روما عام 1974م.
وقد جاء في التقرير ما يلي :
( إن نقص الحبوب في العالم من شأنه أن يمنح الولايات المتحدة سلطة لم تكن تملكها من قبل، إنها سلطة تمكنها من ممارسة السيطرة الاقتصادية والسياسية تفوق تلك التي مارستها في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية .. ).
وهل تغيرت النظرة الأمريكية ؟ .. بالتأكيد لا، بل قامت بتدعيم هذه النظرية عن طريق المعونات التي تقدمها للدول، لضمان تأييدها.
ومن أجل مواجهة هذا التحدي الخطير الذي يفرض الأمن الغذائي العربي.ينبغي وجود تعاون وتضافر الشعوب العربية والإسلامية فيما بينها، لوضع استراتيجية غذائية موحدة تضع في اعتبارها النقاط التالية :
1-إنتاج الغذاء مسؤولية قومية.
2-تنمية الموارد المائية وصيانتها واستغلالها مسؤولية عربية إسلامية.
3-التعاون العربي في صناعة المستلزمات الزراعية.
4-التعاون العربي في بناء البنية التحتية.
5-الإصلاح الزراعي على المستوى العربي.
6-استثمار جزء من الإيرادات النفطية في تنمية القطاع الزراعي ونجاحه فيما يتعلق بإنتاج الغذاء (17).
إذا كانت المشكلة بهذا الحجم من الأهمية .. فإن السؤال هو : لماذا لا يقوم تكتل عربي إسلامي للاستفادة من الموارد الطبيعية والبشرية والخبرات الموجودة في العالم العربي والإسلامي، حتى يمكن لهذا العالم أن يتخطى هذه العقبة الكنود (18).
والسؤال الأهم هو :
لماذا فرط المسلمون – والعرب – في تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المشرقة حتى وصل بهم الحال إلى هذه الدرجة من التأخر والتخلف في كافة المجالات حتى يظل العالم الإسلامي بالذات يصنف في الدول النامية والمتخلفة .. ؟!!!
الفصل الثاني
أصول الأمن الغذائي في القرآن والسنة النبوية
/1/ الزراعة وأهميتها :
في واد غير ذي زرع في الجزيرة العربية بدأ الإسلام على يد النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله عليه القرآن الكريم هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وألهمه التشريع والحديث، وعلمه ما لم يكن يعلم .. وشرح الله صدور قوم مؤمنين، وانطلق المجتمع الإسلامي يعمر ويوفر الخير لكل الناس في كل المجالات، مسترشداً بنور كتاب الله تبارك وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ومستظلاً بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، علمه شديد القوى، فالقرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة هما الأساس الفكري لكثير من العلوم الأساسية ثم لكثير من العلوم التطبيقية التي ترتبت عليها وتطورت منها نتيجة للدراسات المستفيضة، واكتشاف الكثير عن الحقائق العملية التي تذاع وتنشر.
والأمر الذي يجب تأكيده هنا هو أن القضايا التي كثر الحديث فيها كفضل العلم والعلماء في الإسلام، وعدم تعارض الدين مع العلم، أصبحت معلومات وقضايا محسومة، والعلم بها أصبح ضرورة من الضرورات لكل من يعنيه هذا الشأن، ويكفي أن القرآن الكريم قد قرر أن أكثر الناس خشية لله هم العلماء، قال الله تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } [فاطر : 28].
ولا أدل على بطلان دعوى تعارض العلم مع الدين من أن الله سبحانه وتعالى هو المشرع والخالق، فهو الخالق لكل الكائنات، ومرسي الجبال، ومجري الأنهار والبحار والمحيطات، ورافع السماوات، وباسط الأرض.
وعلى العموم، فإن العقلانية في الإسلام أمر معترف به، اعترف به كل منصف، ومن المعلوم أيضاً أن الكنيسة ورجالها وآباءها السابقين الذين اخترعوا الدين من عند أنفسهم، هم الذين وقفوا في وجه العلم والعلماء، حتى كان الفصام المستمر بين العلم والكنيسة.
ومن المتفق عليه أن القرآن الكريم – كتاب الله المعجز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه – ملئ بالآيات التي تدعو إلى التفكير في ملكوت السماوات والأرض، وفيهكثير من العبر التي تتصل بالنبات والحيوان، يقول الحق تبارك وتعالى : { وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ } [النحل : 13]، ويقول عز من قائل : { وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آَيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [الجاثية : 4]، ويقول الحق سبحانه وتعالى : { وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ } [الذاريات : 20-23] ... ليس هذا فقط، بل إن كتاب الله المعجز مليء بالآيات الكونية التي تلفت أنظار المؤمنين إلى ما في هذا الكون من آيات تنطق بالوحدانية وتدعو المتأمل إلى الإيمان بالله تبارك وتعالى.
الزراعة ونشأة الحضارة .. !
وفي حديثنا عن أصول الأمن الغذائي نجد أن الزراعة تعتبر أول اصل من هذه الأصول، فهي بحق تعتبر البداية الحقيقية لقيام الحضاراتواستمراريتها ... والإنتاج الزراعي موسمي، فهذه الزراعة صيفية، تلك شتوية وهذه نيلية، وهكذا فمع أن الإنتاج موسمي، فإن الاستهلاك مستمر على مدار العام كله، لا فرق بين صيف وشتاء، وربيع وخريف، وهو ما يؤكد حتمية وجود ما يسمى بـ ( المخزون الاستراتيجي)، أو على الأقل المخزون الذي يكفي حتى يحين موعد موسم الحصاد التالي، ومن هنا كانت حتمية الاحتفاظ بالمنتجات سليمة لكي تفي بمتطلبات الاستهلاك ... ونتيجة حتمية أيضاً تنشأ وسائل التخزين وأنماطه وطرقه ودراساته، وغير ذلك كثير.
كذلك، فإن التخصص، والتمنطق، صفة من صفات الإنتاج الزراعي، فهذه الأرض الصفراء أو الطينية أو الخفيفة يجود فيها إنتاج الحبوب، وتلك يجود فيها إنتاج الفاكهة، وتلك يجود فيها إنتاج الألياف والسكريات ومحاصيل الزيوت .. وهذا الاختلاف يؤدي حتماً إلى ضرورة تكامل بين هذه المناطق، فهذه تصدر إلى تلك، وتلك تصدر إلى هذه، حتى تستمر الحياة، ومن هنا كان ( التبادل التجاري) حتمية اقتضتها خصائص الإنتاج الزراعي.
ولقد كانت التجارة بالمنتجات الزراعية عاملاً مهماً من عوامل انتشار الإسلام في منطقة آسيا، وبخاصة جنوب شرق آسيا، مثل : ماليزيا وإندونيسيا وغيرها.
وإذا كانت الزراعة أساس المنتجات، فإنها بل شك أساس التصنيع، وخاصة في الصناعات القائمة على المواد الخام الزراعية، غذائية كانت أم كسائية، بل لقد نشأت علوم التسويق والتعبئة والتغليف وغير ذلك، نتيجة لهذا التخصص والتمنطق (19).
أولا : الزراعة وفضلها وحث الإسلام عليها :
/1/ القرآن الكريم كثيراً ما يتحدث عن ضرورة الزراعة وأهميتها :
يقول الإمام القرطبي عند قول الله تبارك وتعالى : { مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [البقرة : 261]، إن الآية دليل على أن اتخاذ الحرث من أعلى الحِرَف للمكاسب التي يشتغل بها العمال، ولهذا ضرب الله بها المثل (20).
كما أن كثيراً من الآيات القرآنية تتحدث عن المحاصيل الزراعة وتنويعها، بما يعط إشارة قوية إلى ضرورة الاقتداء والمحاكاة، حتى لا يكون الإنتاج الزراعي أو التصديري معتمداً على محصول واحد بما يكتنفها من المخاطر الاقتصادية المعلومة، يقول الحق تبارك وتعالى : { وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [الأنعام : 99]، ويقول الحق تبارك وتعالى : { وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [الرعد : 4].
كما أن آيات القرآن الكريم فيها ما يربط الزراعة بغيرها، فهناك ما يربط الإنتاج الزراعي بالإنتاج الحيواني ويبين التلازم بينهما ..... يقول الحق تبارك وتعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ } [السجدة : 27].
كما أن بعض آيات القرآن الكريم يربط مراحل الإنتاج الزراعي، من حرث الأرض واستصلاحها وسقيها بالماء ثم بعد ذلك الحصاد والتخزين ... وهذا كله واضح في قوله الحق تبارك وتعالى : { فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً (27) وَعِنَباً وَقَضْباً } [عبس : 24- 28].وقول الحق تبارك وتعالى : { ...... فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ } [يوسف : 47].
/2/ أما السنة النبوية فيها من الحض على الزراعة والإعلاء من شأنها:
يقول عليه الصلاة والسلام : ( ما من مسلم يزرع زرعاً أو يغرس غرساً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة )(21).
فقد تميزت الزراعة دون سائر أوجه النشاط الإنساني، بل دون سائر أوجه النشاطات الاقتصادية الأخرى ( كالتجارة والصناعة)، بأنها أساس الاستقرار والحضارة والتنمية، وقد تمارس ابتغاء المثوبة من الله سبحانه وتعالى، وهذا ظاهر في حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يوضح أهمية هذا العمل ويتضح هذا بصورة رائعة حين نعلم أن مثوبة الزارع والفارس ممتدة إلى ما بعد الموت وصدقة جارية إلى يوم القيامة .. ففي رواية : ( فلا يغرس المسلم غرساً، فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة )(22).
ولقد اهتم الإسلام في تشريعاته كثيراً بأمر الزراعة، وخاصة في المناطق الخالية – كما سنوضحه فيما بعد ..
/3/ إن أفعال الصحابة كلها تدل على الاهتمام بالزراعة وتنميتها والمحافظة عليها
وليس أدل على ذلك مما جاء في وصية الإمام علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – في كتابه لواليه على مصر، قال له : ( وتفقد أمر الخراج ما يصلح أهله، فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحاً لمن سواهم، ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله، وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في جباية الخراج، لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب الأرض) (23).
تقلص البقعة الزراعية وهدى الإسلام في زيادتها والمحافظة عليها ...
من المتفق عليه بأن مصر – مثلاً – تبلغ مساحتها مليون كيلو متر مربع، وأن المساحة التي يستفاد بها هي المنطقة في وادي النيل ودلتاه، وهي تبلغ 4.5% فقط من إجمالي المساحة، ولذلك – ومع الزيادة السكانية المستمرة، فإن مساحة الرقعة الزراعية تتقلص وتنكمش يوماً بعد يوم، ولهذا قامت خطط التنمية الشاملة على أساس زيادة مساحة الأراضي الزراعية من ناحية، ووقف الانفجار السكاني من ناحية أخرى ... وعلى الرغم من خطط التنمية المستمرة، فإن البلاد لم تصل إلى هذه النتيجة بعد، بل ما زالت التحذيرات المستمرة يومياً من الانفجار السكان وإهدار الموارد، وخاصة مياه النيل .. الخ، كانت الخطة الخمسية الأخيرة تهدف إلى زيادة الرقعة المستخدمة لتصل إلى 25 % من مساحة مصر الإجمالية، لكننا لم نصل إلى هذا الرقم بعد...
يأتي الإسلام – بما سن من تشريعات – ليعطي العالم كله البداية الحقيقية لحسن الاستفادة من الأرض، والعمل على الانتفاع الحقيقي من الموارد البشرية والطبيعية المتاحة، وذلك بإفساح الطريق أمام القادرين على العمل ليأخذوا مكانهم الصحيح وسط دولاب العمل، ليس عن طريق التوظيف ولكن عن طريق التمليك وشتان بين الاثنين.


يتبـــــــــــــــــــــــع
  #274  
قديم 08-04-2008, 04:34 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع ......أصول الأمن الغذائي في القرآن والسنة

يأتي الإسلام – بما سن من تشريعات – ليعطي العالم كله البداية الحقيقية لحسن الاستفادة من الأرض، والعمل على الانتفاع الحقيقي من الموارد البشرية والطبيعية المتاحة، وذلك بإفساح الطريق أمام القادرين على العمل ليأخذوا مكانهم الصحيح وسط دولاب العمل، ليس عن طريق التوظيف ولكن عن طريق التمليك وشتان بين الاثنين.
(أ) إحياء الموات :
ويقصد به إحياء الأرض الموات ... وهو أن يعمد شخص إلى أرض لم يتقدم عليها ملك لأحد فيحييها بالسقي أو الغرس أو البناء فتصير بذلك ملكه ..
وسنة النبي صلى الله عليه وسلم في أمر إحياء الأرض الموات إنما هو عودة للمبدأ القديم الذي بدأت به ملكية الأرض في الدنيا .. ففي بداية تعمير الأرض عند بدء الخليفة كان المبدأ الذي يجري به العمل أن كل أرض عمرها أحد الناس وأصلح شأنها وجعلها قابلة للانتفاع فهو أحق بها، وهذا المبدأ من عطايا الفطرة البشرية .. وقد عبر الفقهاء عن استغلال قشة الأرض عن طريق تعميرها بالزرع والغرس بالإحياء اقتباساً من قول الحق تبارك وتعالى : { وَآَيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } [يس : 33].
ثم جاءت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم لتحفز الأفراد إلى التعمير والتنمية ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : ( من أعمر أرضاً ميتة ليست لأحد فهو أحق بها) (24).. وقال صلى الله عليه وسلم : ( من أحيا أرضاً ميتة فهي له )(25).. وقال صلى الله عليه وسلم : ( من أحاط حاطاً على أرض فهي له )(26) .. وقال عليه الصلاة والسلام : ( من سبق إلى ما لم سبقه إليه مسلم فهو له )(27).
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن الإحياء وتحقيق التنمية وعمارة الأرض إنما هو هدف في حد ذاته قبل أن كون وسيلة للملكية، وأن الإسلام يستغل فطرة الإنسان التي فطره الله عليها – من حب التملك – في تحقيق الهدف المقصود، وهو إعمار الأرض والاستفادة بها ومنها ..
ولعل أهم ما يمكن تحقيقه من وراء تشريع إحياء الموات ما يلي :
(1)حفز الأفراد على العمل والقضاء على البطالة، باستغلال الطاقات المعطلة في عملية إحياء الأرض، فلو تم توجيه طاقات الشباب المتعطلين والذين يشكون من البطالة إلى هذه الوجهة لرأينا العجب العجاب، بشرط توفير البيئة المناسبة لهم وعدم قتلهم وقتل آمالهم البيروقراطية والروتين الحكومي الذي قتل كثيراً ممن قبلهم.
(2)زيادة رقعة الأرض المنتجة، وزيادة القدرة المادية والمالية للدولة(28)، وهي الهدف الذي تنشده الدول قاطبة – صغيرها وكبيرها غنيها وفقيرها – وهو ما نسعى إليه لتحسين الأوضاع الاقتصادية للعالم الإسلامي .... ففي عملية الإحياء استفادة كبيرة من الموارد الطبيعية المعطلة، واستفادة أكبر من الطاقات البشرية المعطلة وتوجيهها الوجهة السليمة.
(3)ويمكن القول : إنه بالنظر إلى المساحات الشاسعة القابلة للزراعة – والتي يتمتع بها العالم الإسلامي – فإنه يمكن للأقطار الإسلامية، أو المؤسسات المالية الإسلامية التي تملك القدرة على الإحياء والاستصلاح الزراعي، أن تقوم بهذا العمل في ظل تنسيق وتكامل اقتصادي إسلامي، متخذة من أحكام الإسلام في إحياء الموات – والتي يرجع إليها في كتب الفقه – دليلاً لها، خاصة مع وجود المساحات الشاسعة القابلة للزراعة بالرغم من ضآلة المزروع فيها.
وإذا كانت بلدان العالم الإسلامي تعاني من النقص الحاد في الحبوب الغذائية – وأهمها القمح – فإنه يمكن لها مع التخطيط الاقتصادي السليم – بعد عملية إحياء الأرض الميتة – أن يستفاد بهذه المساحات الشاسعة في تأمين الغذاء لكل مناطق وأفراد العالم الإسلامي .. ويكفي أن نعلم – على سبيل المثال – أن بالسودان وحده ما يزيد على (200) مليون فدان صالحة للزراعة، لكن تنقصها الأيدي العاملة وحسن الاستفادة والتمويل اللازم .. وهذا مثال واحد فقط، فما بالنا ببقية بلدان العالم الإسلامي ؟!!!
(ب) التحجير :
التحجير هو أن يسبق شخص إلى أرض من أراضي الموات المعطلة التي ليست لأحد فيقيم حولها سوراً، أو أحجاراً، أو حفراً، أو أية علامة، تدل على قصد إحيائها (29).فهذا الشخص المحتجر تثبت له الأحقية في الأرض التي قام بتحجيرها، ولكن يسقط حقه فيها إذا لم يقم بإحياءها خلال ثلاث سنين .. وهذا ما أكدته الروايات الواردة عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعن طاووس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عادى الأرض لله وللرسول ثم لكم من بعد، فمن أحيا أرضاً ميتة فهي له وليس لمحتج حق بعد ثلاث سنين ) (30).وروى عن سلم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال – وهو على المنبر - : ( من أحيا أرضاً ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين، وذلك أن رجالاً كانوا ينجرون من الأرض ما يعلمون) (31).
والناظر في أحكام التحجير في الفقه الإسلامي يجد أن الإسلام يعمل على التنمية الزراعية، ويحث الأفراد على سرعة المبادرة إليها، وإلا ستكون حيازتهم لتلك الأرض مهددة بالسقوط إذا مرت عليها المدة الشرعية، وهي ثلاث سنوات، فتوفيت التحجير بمدة أمر له فوائد عديدة جمعتها عبارة صاحب التكملة الثانية للمجموع بأنها ( تدفع المسلمين إلى التسابق في استخراج خيرات الأرض واستنباط معادنها وإصلاح تربتها وتأهيل مهجورها وتعمير خرابها .. وذلك قوة للمسلمين وقوة لهم على عددهم، ومصادر أعمال لعاطليهم، وتوسيع رقعة مساكنهم، وما نشطت شركات الكفار وتسابقت تستعمر بلاد المسلمين إلا لتعطيلهم هذه الأحكام الشريفة، وتخلفوا عن غيرهم في مجالات التعمير والبناء لهجرهم تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم .. وصدق الله العظيم : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } [طه : 124].
(ج) الإقطاع الشرعي :
هو جعل بعض الأراضي الموات مختصة ببعض الأشخاص، فيصير البعض أولى بها من غيره، على ألا كون لأحد اختصاص بها، وبمعنى آخر : هو أن يمكّن الإمام فرداً أو جماعة من الانتفاع بأرض – ليست عامرة ولا يد لأحد عليها – ليحييها ويعمرها.
ومما يدل على مشروعية الإقطاع الشرعي ما يلي :
1-ما رواه أبو داود عن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً في حضر موت ( باليمن).
2-أقطع النبي عليه الصلاة والسلام الزبير، حضر فرسه، فأجرى فرسه حتى قام ثم رمى بصوته، فقال : ( أعطوه من حيث بلغ صوته ).
3-عن بلال بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه العقيق أجمع.
4-عن ابن سيرين قال : أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأنصار ( يقال له سلط) وكان يذكر من فضله أرضاً، قال : فكان يخرج إلى أرضه تلك فيقيم بها الأيام ثم يرجع، فيقال له : لقد نزل بعدك القرآن كذا وكذا، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، قال فانطلق الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : إن هذه الأرض التي أقطعتنيها قد شغلتني عنك فاقبلها مني فلا حاجة لي في شيء يشغلني عنك، فقبلها النبي صلى الله عليه وسلم فقال الزبير : يا رسول الله أقطعنيها إياه.
هذا ويلاحظ أن الإقطاع الشرعي السابق ليس من قبيل عطايا الملوك وجوائزهم، وإنما يخضع لقيود وقواعد شرعة منها :
1-إن من أقطع أرضاً وتركها ثلاث سنين ولم يعمرها بطلت قطيعته، والدليل على ذلك ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ عبد الله بن عمر بن العاص] أن رسول الله أقطع لأناس من مزينة، أو جهينة، أرضاً فلم يعمروها، فجاء قوم فعمروها، فخاصمهم الجهنيون، أو المزينون، إلى عمر بن الخطاب فقال : ( لو كانت مني أو من أبي بكر لرددتها، ولكنها قطيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال : من كانت له أرضاً ثم تركها ثلاث سنين فلم يعمرها فعمرها قوم آخرون فهم أحق بها).
2-إن الإقطاع يكون على حسب قدرة الشخص المقطوع له . وهذا ما قال به الفقهاء، ويؤيد ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلاد بن الحارث المزني العقيق أجمع، فلما كان عهد عمر قال له : إن رسول الله لم يقطعك لتحجره على الناس، إنما أقطعك لتعمل، فخذ منها ما قدرت على عمارته ورد الباقي.
ونعتقد أن أحكام الإقطاع الشرعي السابقة لو تمت بين البلاد الإسلامية وبعضها، وبينها وبين المؤسسات المالية الإسلامية، لأسفر ذلك عن تقدم كبير خاصة في مجال الزراعة وتحقيق الأمن الغذائي لبلدان العالم الإسلامي الكبير(32).
وفي ضوء ما تقدم يمكن القول، بأنه لو تم تطبيق هدي الإسلام لرأينا زيادة كبيرة للرقعة الزراعية في بلدان العالم الإسلامي، خاصة تلك التي حباها الله تبارك وتعالى بموارد بشرية وطبيعية متميزة، ولتحولت الزيادة السكانية من شر يهدد الاقتصاد إلى خير يزيد الأمن الغذائي داخل تلك البلدان، وعندي أنه لو تم توجيه جزء من المصروفات التي تنفق على الحملات الإعلامية لتنظيم الأسرة وتحديد النسل، أقول : لو تحولت هذه المصروفات إلى إعانات للعاطلين ورفع مستواهم المهني وشراء مستلزمات الزراعة وإعطائهم الفرصة لإثبات أنفسهم عن طريق تيسير عمليات الاستصلاح الزراعي ومنحهم المكافآت وعقود التمليك، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن .. فلقد أصبح العالم الإسلامي عبئاً على العالم كله، عالم متخلف متسول غذاؤه من أهل الشمال أو أهل اليمين .. والحكمة تقول : ( من لا يملك قوته لا يملك حريته).
فهل نظل ننظر إلى المستقبل بعين واحدة، فقط إننا بحاجة إلى تصورات أفضل وأكثر تفهماً لقدراتنا الذاتية حتى يمكننا الخروج من عنق الزجاجة .. فالأرض ليست شحيحة وليست عقيماً، وإنما العقم في الأفكار والتوجهات، ثم الإصرار على الخطأ الذي نسير فيه دون محاولة لإصلاح ذلك الخطأ ..
ثانياً : الزكاة .. :
الزكاة ركن من أركان الإسلام الخمسة التي لا تقوم إلا بها وعليها، وإذا كان لكل ركن خاصية يتميز ها، فإن خاصية ( الزكاة) تتجلى في بُعدها الاقتصادي والاجتماعي، فهي تندرج في إطار العلاقة الأفقية التي تجمع بين العباد في مختلف شؤونهم الحياتية والمادية، ولا تنحصر فقط – كباقي العبادات الأخرى – ضمن العلاقة القوية التي تعنى بشؤون العباد تجاه خالقهم.
وللزكاة دورها المهم في النواحي الاقتصادية داخل الدولة ... ونتوقف هنا مع دورها في حفظ الأمن الغذائي داخل الدولة، وهو دور لو أحسن استغلاله لما رأينا في الدولة الإسلامية جائعاً ولا محروماً.
وواجب الدولة – كما يقول علماء الدين وعلماء الإسلام – هو : ( حراسة الدين وسياسة الدنيا) وإن إقامة الزكاة داخل المجتمع يدخل ضمن حراسة الدين من ناحية، وسياسة الدنيا من ناحية أخرى.
ولما كان الله سبحانه وتعالى غني عن الخلق، فإنه أمرهم أن يعطوا حقه في المال إلى عباده المحتاجين .. يقول الحق تبارك وتعالى : { وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ } [النور : 33].وعليه فقد جاء قول علماء الإسلام : ( عن حق الله في التصور الإسلامي هو حق المجتمع).
يقول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة : 103].وهذا خطاب عام لكل حاكم، وليس خاصاًلنبي صلى الله عليه وسلم – كما يدعي البعض –.
يقول الإمام القرطبي في تفسيره : ( أما قولهم : إن هذا خطاب للنبي، فلا يلحق به غيره، فهو كلام جاهل بالقرآن غافل عن مآخذ الشريعة متلاعب بالدين)(33).
إن الزكاة تمثل أهم الأدوات المالية لمعالجة ( مشكلة الفقر) والاحتياج، وهذا يظهر في أن 25% من الزكاة مخصص مباشرة للفقراء والمساكين، وإذا أضفنا إليهم مصارف ( المؤلفة قلوبهم) و(في الرقاب والغارمين وابن السبيل) نجد أن النسبة تصل إلى 75 % من مصارف الزكاة، وكلها موجهة لمعالجة الفقر.
ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل الزكاة مورداً إلزامياً ثابتاً ومستمراً لا يتأثر بما يمكن لدولة توفيره من الدعم، وإذا كان مستوى الفقر يتزايد عالمياً ليصل إلى 50% من عدد السكان، فإنه هنا في مصر – كمثال للدول الإسلامية – وصل إلى 25%، وعلى الرغم من أن الدولة تخصص /12/ مليار جنيه سنوياً لمواجهة الفقر، إلا أنه يظل مبلغاً لا يكفي .. والحل هو : الزكاة .. الزكاة.
وعلى الرغم من إخراج بعض المسلمين لزكواتهم طواعية، فإنه يوجد عدد آخر لا يزكون أموالهم، مما يخل بالتوازن في مشاركة المواطنين في الأعباء المالية العامة، وهو الأمر الذي يسلتزم وجود هيئة شرعية تقوم على أمر الزكاة – من حيث جمعها وإنفاقها في المصارف الشرعة.
وقد قدرت إجمالي المبالغ التي يمكن جمعها من الزكاة، كحصيلة فعلية، بحوالي (17)مليار جنيه مصري، وهو مبلغ لا بأس به (34).فلو أمكن توجيه هذا المبلغ لخدمة الفقراء والمساكين عن طريق تدبير عمل لهم يحقق مورداً ثابتاً على الأقل لأمكن خفض نسبة الفقر بصورة كبيرة في سنوات قلائل ..
أو كما ورد في مثل صيني : ( إذا أعطيت فقيراً سمكة فأنت أطعمته ليوم واحد .. وإذا علمته الصيد فأنت تطعمه طوال الحياة).
إن ما يمكن قوله بهذا الصدد، هو ضرورة قيام مؤسسة غير حكومية بالإشراف على شؤون الزكاة، مع وضع جدول زمني للاستفادة المثلى من أموال الزكاة .. والتي سوف تزداد سنوياً ولن تقل – حتى يمكن التخلص من الفجوة الغذائية المستمرة، توصل دول العالم الإسلامي إلى مرحلة تأمين متطلباتها الغذائية المتزايدة، وهنا فقط يمكن الحديث عن زيادة سكانية فاعلة ومؤثرة، وزيادة سكانية تحقق الخير وترفع مستوى دول العالم الإسلامي ... أما أن نظل نراوح في أماكننا بحثاً عن حلول تقليدية عفا عليه الزمن، فهذا لا يجوز، بل المطلوب هو تأمين الاحتياجات الغذائية لجميع السكان، ثم يبدأ الحديث بعدها عن المشروعات العملاقة أو غيرها مما تسمعه صباح مساء دون تحقيق أي عائد ملموس !!
إن موارد الزكاة عند توزيعها تشكل للمستحقين لها طاقة شرائية تعبر عن نفسها في شكل طلب على المواد الاستهلاكية، وأهم هذه المواد هي المواد الغذائية اللازمة والأساسية لاستمرار الحياة، ولو أننا حققنا فائضاً من خلال هذا التوزيع لاستثماره في مشروعات إنتاجية صغيرة تعمل على رفع مستوى المستحقين لها اقتصادياً .. ولو خطونا خطوة أكبر ووجهنا عائدات الاستثمار في مجال أموال الزكاة إلى النواحي الزراعية واستصلاح واستزراع بعض الأراضي الزراعية، لأمكن بالفعل – وليس بالكلام – تحقيق قدر مهم من الأمن الغذائي، على الأقل لهؤلاء المستحقين لأموال الزكاة.
وعلى هذا الأساس، فإن الزكاة لا ينبغي أن تعطي أو تصرف لمستحقيها في شكل سيولة نقدية لأجل الاستهلاك المباشر فقط – وهو ما يحدث غالباً ويكرس الفقر أكثر فأكثر – بل يجب أيضاً تخصيص جزء من موارد الزكاة للاستثمار.
الزكاة بهذا لا تقدم إعانات استهلاكية فقط، بل تخلق أيضاً وحدات إنتاجية مستمرة .. وهذا ما يتوافق مع مذهب الداعين إلى إغناء الفقير العمر كله، وهي أيضاً – وفي نفس الوقت – تخفف الأعباء عن الدولة، وترفع عنها التضخم الذي تعانيه بما يمكنها من الاستثمار الأمثل لمواردها ويحقق لها في نهاية الأمر أمنها الغذائي، وهو أغنى الآمال في الوقت الحاضر(35).
ثالثاً : التنظيم الإسلامي للأسواق ومنع الاحتكار :
(أ) مبدأ الإخوة الإسلامية وآثاره :
هل يسهم منع الاحتكار في تحقيق الأمن الغذائي ... ؟ الجواب هو : نعم.
وبادئ ذي بدء، فإنه لا يمكن الحديث عن أصول الأمن الغذائي دون الاسترشاد بما قامت به الدول الكبرى في ذلك الشأن، وليس القصد من الدول الكبرى هنا – الدول الأوروبية أو أمريكا أو غيرها، ولكن القصد هنا بما قامت به الدول الإسلامية كأكبر دولة مساحة وحضارة – على مستوى التاريخ القريب.
لقد بدأت نواة الدولة الإسلامية من المدينة المنورة، تلك المدينة الصغيرة التي لم يتخيل أحد وقتها أن تكبر وتتحول إلى عاصمة لدولة الخلافة الراشدة، ثم كبرت الدولة واتسعت فتوحاتها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، حتى قال أحد الخلفاء – وهو هارون الرشيد – وهو ينظر إلى غيمة تسير في السماء .. (أمطري حيث شئتي فسوف يأتيني خراجك).
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : كيف وصلت الدولة الإسلامية إلى هذا المستوى من الغنى والاستقلال .. ؟
والإجابة بسيطة جداً – وتكمن في تنفيذ الأخلاقيات التي دعا إليها الإسلام في كافة شؤون الحياة من أولها إلى آخرها.ومن أهمها أخلاقيات التعامل اليومي بين الأفراد من ناحية وبين الدولة وجيرانها من ناحية أخرى، ثم إتباع ما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة من أوامر ونواهٍ ..
لقد جاءت تعاليم الإسلام في النواحي الاقتصادية واضحة قاطعة لا تحتمل أي لبس، ولكن بسبب ما حدث للأمة من تراجع عن أوامر القرآن والسنة النبوية جاءت النتائج واضحة، وهي تراجع الأمة كلها وتخلفها وتأخرها !!
وإذا كنا في الصفحات السابقة قد رأينا تنظيم الإسلام لعملية الحرث والغرس والزراعة عموماً، فإن ناتج هذه المهنة يعرض في الأسواق وتتحكم فيه ظروف العرض والطلب وظروف جلب المنتجات الغذائية إلى الأسواق الداخلية ... وقد ظهرت نظريات اقتصادية تنادي بالحرية الاقتصادية، وأن التاجر حر في أن يمنع السلعة، بل هو المتحكم في ثمن السلعة – وهذه المذاهب مذاهب مادية محضة .. أما تعاليم الإسلام فإنها تخاطب في المسلم ضميره وإيمانه ..
ولهذا .. حرم الإسلام الاحتكار .. كما سنعرض له فيما يلي :
بداية .. لا يجوز لمسلم أن يستأثر نفسه على غيره عند الحاجة، بل يقتضي إيمانه بالله تعالى أن لا يترك غيره جائعاً وهو شبعان، كما جاء ذلك في التوجيهات النبوية الشريفة ..
يقول الني صلى الله عليه وسلم : ( ليس بالمؤمن الذي يبيت وجاره إلى جنبه جائع )(36)ويقول صلى الله عليه وسلم : ( المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه) (37).

يتبـــــــــــــــــــــــع
  #275  
قديم 08-04-2008, 04:42 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

يتبــع موضوع ......أصول الأمن الغذائي في القرآن والسنة

وقد أتى الإسلام النتائج العظيمة، بتوجيهاته الاقتصادية، حتى ترى في تاريخ الإسلام المشرق أن الناس تخلوا عن الأخلاق الرذيلة والمذمومة ( مثل : الشح والبخل) وأصبحوا إخواناً متحابين مترابطين آمنين يبذلون أموالهم بكل سخاء ورخاء، وقد روى الإمام البخاري عن نموذج حي للتسوية الاقتصادية في حياة الصحابة الكرام رضي الله عنهم، كما جاء عن الأشعريين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، أو قل طعام عيالهم في المدينة، جعلوا ما كان عندهم في ثوب واحد، ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية، فهم مني وأنا منهم ) (38).
وهذا أعلى مقامات الأخوة الإسلامية، وهو ما يقلل كثيراً من حدة الأزمة الغذائية، بل لو استطعنا أن نصل إلى هذا المستوى الأخلاقي الإيماني لما وصلنا إلى الحال التي نحن فيها الآن .. !!
(ب) منع الاحتكار :
إذا كنا قد علمنا بأهمية الإخوة الإسلامية، فإن الوجه الآخر والسيء هو الاحتكار، ولهذا، فقد حرمه الإسلام نهائياً، بل جاءت التوجيهات النبوية التي تدل صراحة على حرمته، والتي تدل بصراحة على أن المسلم لا يجوز له أن يكون من المحتكرين المستغلين، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن : ( المحتكر ملعون )(39)وفي حديث آخر : ( من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجزام والإفلاس )(40)، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من احتكر فهو خاطئ ).
إن هذه الأحاديث لتدل على تحريم الاحتكار للسلع والخدمات، وذلك للمصلحة الفردية والأنانية المفرطة، ولأن الاحتكار من شأنه التضييق على الناس في حاجاتهم الضرورية ( مثل : الطعام والكساء وغير ذلك من الأشياء المستهلكة) .. وذلك غير جائز.
تعريف الاحتكار :
قال الإمام الشوكاني : الحكرة، هي حبس السلع عن البيع .. ويقول ابن عابدين : اشتراء الطعام ونحوه وحبسه إلى الغلاء .. وعرفه الإمام الغزالي في الإحياء بقوله : فبائع الطعام يدخر الطعام ونحوه ينتظر به غلاء الأسعار.
وجمهور العلماء اتفقوا على أن الاحتكار حرام وممنوع، لما ورد من الأحاديث الصحيحة في ذلك، ففي صحيح الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من احتكر حكرة، يريد أن يغني بها على المسلمين، فهو خاطئ).والخاطئ : العاصي الآثم.وعند ابن ماجد ( كتاب التجارة، باب الحكرة والجلب)، قوله صلى الله عليه وسلم : ( الجالب مرزوق والمحتكر ملعون ).
وقد ذكر الإمام الغزالي عن بعض السلف أنه كان بواسط فجهز سفينة حنطة ( قمح) إلى البصر وكتب إلى وكيله : بع هذا الطعام يوم يدخل البصرة ولا تؤخره إلى غد، فوافق سعة في السعر، فقال له البحار : لو أخرت جمعة ربحت فيه أضعافه، فأخره جمعة، فربح فيه أمثاله، وكتب إلى صاحبه بذلك، فكتب إليه صاحب الطعام : يا هذا، إنا كنا قنعنا بربح يسير مع سلامة ديننا، وإنك قد خالفت، وما نجد أن الربح أضعافه بذهاب شيء من الدين، فقد جنيت علينا جناية، فإذا أتاك كتابي هذا فخذ المال كله فتصدق به على فقراء البصرة، وليتني أنجو من إثم الاحتكار، كفافاً لا عليّ ولا لي(41).
ولهذا، فإن تحريم الاحتكار يؤدي إلى سيولة داخلة الأسواق في الدولة سيولة في الموارد، مما يؤدي بالتالي إلى كثرة العرض وقلة الطلب، فتنخفض أسعار المواد الغذائية، وانخفاض الأسعار يؤدي – بالتالي – إلى قدرة جميع فئات الشعب على الشراء، وهو يعني قلة الأزمات الاقتصادية داخل الدولة ... وهو ما يؤدي في النهاية إلى توافر السلع الغذائية، ويسهم في تحقيق الأمن الغذائي، وهو الهدف النهائي المنشود.
إن هذا التنظيم الإسلامي إنما يربط المسلمين بعضهم ببعض ويحقق الإخوة الإسلاميةالكاملة، وهو ما يرفع الحواجز المصطنعة بين دول العالم الإسلامي جمعيها، ويؤدي إلى التكامل وإنهاء حالة التقاطع الموجودة حالياً، ولو أننا استطعنا أن نعمم هذه الأفكار الإسلامية الصحيحة، وتخلينا عن الأفكار الاقتصادية البراجماتية، لما وصلت بنا الحال إلى ما وصلت إليه الآن.
رابعاً : إعلاء قيمة العمل :
يأمرنا الله سبحانه وتعالى بالمشي في مناكب الأرض والانتشار فهيا وابتغاء فضل الله .. يقول الحق تبارك وتعالى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } [الملك : 15]، وقال سبحانه : { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } [الجمعة : 10].
وإذا تأملنا القرآن الكريم وجدناه ينبه عقولنا ويلفت أنظارنا إلى استغلال الثروات والموارد الطبيعية – من الماء والهواء والبحار والأنهار والنبات والجماد والشمس والقمر – لأن كل ذلك مسخر لمنفعة الإنسان، يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم : { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ (32) وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ (33) وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [إبراهيم : 32-34].
ويقول الحق سبحانه وتعالى : { وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } [النحل : 5].يقول عز من قائل : { وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } [الحديد : 25].
وفرض الله سبحانه وتعالى على العباد الاكتساب لطلب المعاش ليستعينوا به على طاعته تبارك وتعالى .. فالعمل واجب على كل قادر، فلا يحل لمسلم أن يقعد عن العمل والكسب، مع القوة والقدرة عليه وفي ذلك – يقول صلى الله عليه وسلم : ( لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى )(42)، أي ذي قوة وقدرة ..
ولقد تكفل الحق تبارك وتعالى بالرزق لكل كائن حي يدب على الأرض وجه الأرض، فقال تعالى : { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [هود : 6] ... ولكن اقتضت حكمة الله وإرادته أن يكون رزق الإنسان منوطاً بالسعي والعمل، فأمره الله بذلك : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } [الملك : 15].
وقال سبحانه وتعالى : { وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [الأحقاف : 19].فمن تقاعد وتقاعس عن العمل كان جديراً بأن يحرم، لأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة !!
* النشاط الاقتصادي – عبادة :
هكذا حث الإسلام المسلمين على ممارسة النشاط الاقتصادي بكل صورة ومختلف طرقه – من زراعة وصناعة وتجارة – واحتراف بشتى أنواع الحرف، وكل عمل أو وظيفة، في إطار الحدود الشرعية، يؤدي إلى إنتاج سلعة أو خدمة للناس، يعتبر عبادة، ويبارك الإسلام هذا العمل الدنيوي من حيث إنه ينفع الناس ويجمل حياتهم ويعمر بلادهم، وذلك إذا صحت نية العامل من حيث أنه لم يشغله عن ذكر الله تبارك وتعالى ولقاءه وحسابه، لأن هذا النشاط يمكن المجتمع من حماية نفسه وأداء رسالته وإعلاء كلمة الله في الأرض، وهذه الفضائل لا سبيل إليها إلا بالمال، والمال يأتي من السعي والعمل، فلا بد أن يكون العمل حلالاً حتى يرفع المجتمع إلى الرقي المادي والسمو الروحي في آن واحد .. فالعمل والنشاط الاقتصادي هذا المعنى عبادة، ولا عجب أن قدمه الله تعالى على الجهاد في سبيل في كتابه العزيز فقال الله تبارك وتعالى : { وَآَخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآَخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [المزمل : 20].
وفي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم : ( عن الله تعالى يحب المؤمن المحترف ) (43).قال المنادى في شرح الحديث : ( إن الإنسان إذا تعطل عن عمل بشغل باطنه بمباح يستعين به على دينه كان ظاهره فارغاً ولم يبق قلبه فارغاً، بل يعيش الشيطان فيه ويبيض ويفرخ، فيتوالد فيه نسله توالداً أسرع من توالد كل حيوان(44).
فالعمل واجب لإغناء النفس حفظ ماء الوجه من أن يراق بالسؤال .. ومن توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيمة ما يأكله الإنسان من عمل يده، ما رواه المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده )(45).
وليس في توجيهات الإسلام وهدى النبي صلى الله عليه وسلم تصنيف للأعمال، يجعل بعضها محترماً والآخر وضيعاً ... على ما اعتاد الناس أن يصنفوا الأعمال، وليس هنا من هدى الإسلام في شيء .. فالأعمال كلها سواء، ما دامت تجمع الشروط السابق ذكرها ( من النفع والاحتساب وعدم المخالفة الشرعية) .. فمثلاً ذلك الذي يميط الأذى عن الطريق – بتنظيفه وجمع القمامة منه – يؤدي عملاً عظيماً، وهو على شعبة من شعب الإيمان .. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الإيمان بضع وستون – أو سبعون – شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول : لا إله إلا الله ).
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( عرضت عليّ أعمال أمتي، حسنها وسيئها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق، ووجدت في مساوئ أعمالها النخامة تكون في المسجد لا تدفن )(46).ويطلب أبو برزة من النبي صلى الله عليه وسلم نصحاً فيقول : يا نبي الله : إني لا أدري نفسي تمضي أو أبقى بعدك فزودني شيئاً ينفعني الله به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( افعل كذا .. افعل كذا .. إماطة الأذى عن الطريق) (47).
هكذا رفع الإسلام من شأن العمل، حتى لا يبقى أحد في داخل هذا الباب، والإسلام رافعاً لشأن السعي على المعاش وإعطاف النفس، يجعل من سعي الإنسان على نفسه أو أهله طلباً للتعفف، فهو في سبيل الله.فعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فرأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنده ونشاطه، فقالوا : يا رسول الله لو كان هذا في سبيل الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها، فهو في سبيل الله .. وإن كان خرج يسعى رياء ومتاجرة، فهو في سبيل الشيطان)(48) ... فالعمل أياً كان هذا لعمل – ليس عيباً، ولا يعاب الشخص به .. هكذا يقرر الإسلام، وذلك حتى لا يبقى في المجتمع أي متعطل أو فقير.
وهكذا يرسم الإسلام أصول تحقيق الأمن الغذائي، أو على الأقل الوصول إلى هذا الأمن .. فأمننا الغذائي بالفعل في خطر والأمة الإسلامية بالتالي كلها داخلة في هذا الخطر، وتشير البيانات والإحصاءات أن ما بين 30 و100 مليون شخص يعانون الآن من عملية الموت البطيء بسبب الجوع والعوز، ويكفي أن نعرف أن معدلات وفيات الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ست سنوات يزيد على الخمسين في المائة.كما تشير هذه المعدلات إلى أنه من بين كل خمسة أطفال قبل سن الخامسة والنصف يموت يومياً طفل مسلم، بسبب نقص التغذية، وفي بعض المناطق يموت أربع من كل سبعة أطفال قبل بلوغ سن الرابعة ...
وتشير الإحصاءات أيضاً إلى أن 50% من مجموع السكان في الدول الإسلامية لا يحصلون على القدر الكافي من الطعام، ويتعرضون دائماً للمجاعات، وقد زاد الأمر سوءاً قيام الدول الصناعة الغنة بتصدير علف الحيوان كغذاء لإنسان – كما أشار بذلك أحد التقارير الصادرة عن البنك الدولي، وقد ترتب على هذا الوضع المتردي في تلك البلدان ارتفاع الإصابة بأمراض فتاكة ( مثل : الكساح والبرص وغيرها) مما اضطر هذه الدول على الاستدانة للحصول على الواردات الغذائية حتى بلغت الديون المتراكمة عليها مبلغاً ضخماً يصعب سداده في ظل الإمكانات المتاحة، مما يهدد حاضرها ومستقبلها، وذلك بسبب سيطرة الدول الدائنة على صانع القرار في الدول المدينة، حتى أصبحت معظم الدول الإسلامية – بلا مبالغة – أسيرة لمن يقدم لها الطعام .. ( فمن لا يملك طعامه لا يملك قراره) (49).
وسوء التغذية في بلدان العالم الإسلامي أمر معترف به ولا جدال فيه، وقد أدى سوء التغذية هذا إلى الحد من وجود قوى عاملة منتجة ومبدعة، إضافة إلى نقص في متوسطات الأعمار حتى بلغت بين 32-42 سنة مقابل 74 سنة، في دول غرب أوربا.
في ضوء هذا الوضع الخطير الذي تعيشه هذه الدول الإسلامية (والعالم العربي)، فإنه لا بد من وقفة عاجلة وحاسمة، لأن هذه الدول ليست فقيرة في مواردها الطبيعية أو طاقاتها البشرية أو المساحة الزراعية القابلة للاستصلاح بها.ولكنها – للأسف – فقيرة في أسلوب الإدارة، وفي السياسة العامة التي تحكم الأوضاع بها .. وإذا كانت الدول العربية والإسلامية تحتفظ في باطن الأرض بالكنوز الهائلة والموارد الطبيعية ووفرة المياه والمساحات الشاسعة من الأراضي، فإن الأمر هنا يحتاج إلى وقفة أمينة وصادقة مع النفس ومع الآخرين لمعرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الاختلال المريع ..
الخاتمة ..
أمننا الغذائي .. في خطر ..
إذا كان العالم الإسلامي يعاني اليوم من مشكلات عديدة في جميع مجالات الحياة، فإن قضية الأمن الغذائي تأتي في مقدمة هذه القضايا، وذلك نظراً لانعكاساتها السلبية وأخطارها التي تهدد هوية الأمة ووجودها ودورها الإيجابي الفاعل .. وإن قضية الأمن الغذائي لأي أمة من الأمم قضية في غاية الخطورة، بل هي سلاح فتاك تستخدمه الدول ضد بعضها للحصول على تنازلات في مجالات السياسة الداخلية والخارجية أو لأهداف معينة أخرى ..
ومن هنا كان الواجب على الأمة الإسلامية، بل فرض عين عليها أن تتنبه لهذا الموضوع وأن تبادر لبناء جسور التعاون والتواصل والتنسيق فيما بينها لاستثمار طاقات العالم الإسلامي وثرواته وتحقيق الأمن الغذائي في إطار تنموي مستقل ومتكامل مبني على أساس إسلامي بالأخذ بالأساليب العلمية والتقنية الحديثة في العمل والإنتاج، كالتزام إسلامي لضمان نجاح التنمية الاقتصادية، ومن ثم رفع المعاناة عن شعوب العالم الإسلامي ودفع الأخطار عنه.
ويمكن القول .. بأن أي تنمية لا تتماشى مع قيم ومبادئ المجتمعات الإسلامية لن يكتب لها النجاح، وكما بيّنا، فإن القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة قد أوضحت أصول الأمن الغذائي، ولو التزم العالم الإسلامي بها – بل المسلمون كأفراد – لما وصلت بنا الحال إلى ما وصلت إليه الآن من تخلف وتشرذم وتراجع حضاري ..
والله ولي التوفيق ..
المراجع
1-القرآن الكريم.
2-كتب السنة الصحيحة مثل :
1.صحيح البخاري.
2.صحيح مسلم.
3.سنن أبو داود.
4.سنن الترمذي.
5.سنن ابن ماجه.
6.مسند الإمام أحمد.
3-د/ حسن الشاذلي : الاقتصاد الإسلامي، مصادره وأسسه، دار الاتحاد العربي لطباعة – القاهرة، ط 1979م.
4-د/شوقي عبد الساهي : المال وطرق استثمارات في الإسلام، دار المطبوعات الدولية ( القاهرة) – ط 1، 1981م.
5-د/ محمد رأفت سعيد : المال ملكيته واستثماره وإنفاقه، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع ( المنصورة – مصر)، الطبعة الأولى، 1423هـ.
6-د/منظور أحمد الأزهري : ترشيد الاستهلاك الفردي في الاقتصاد الإسلامي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع – القاهرة – ط الولي 1422هـ.
7-محمد محمد سيد أحمد : الأحكام الفقهية لقيام السوق الإسلامية المشتركة، رسالة ماجستير غير منشورة بكلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر (القاهرة).
8-د/ يعقوب سليمان : مفهوم الفجوة الغذائية واقعها الراهن في البلدان العربية، عمان – الأردن – ط 1986م.
9-محمد علي الفرا : مشكلة الغذاء في الوطن العربي والأزمة الاقتصادية العالمية، المعهد العربي للتخطيط – كاظمة للنشر والتوزيع والترجمة – الكويت 1985م.
10-د/ عباس فاضل السعدي : التقييم الجغرافي لمشكلة الغذاء، نشر وزارة الثقافة – العراق، بدون تاريخ.
11-منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) : كتاب الإنتاج السنوي 1987 – روما.1988م.
12-مجلة عالم الفكر : المجلد الثامن عشر – العدد الثاني – يوليو- أغسطس – سبتمبر 1987م.
13-مجلة الوحدة : السنة السابعة – العدد 84 سبتمبر 1991م.
14-مجلة شؤون عربية : عدد يناير 1982م.
15-مجلة منبر الإسلام : العدد الأول للسنة 61 محرم 1423هـ.
16-مجلة الوعي الإسلامي : الأعداد :
1.العدد 347 رجب 1415هـ.
2.العدد 440 ربيع الآخر 1423هـ.
3.العدد 442 جمادى الآخرة 1423 هـ.
4.العدد 456 شعبان 1424هـ.
السيد علي أحمد الصوري
===========
(1) البحث الفائز بالجائزة الأولى في المسابقة العلمية التي أجرتها الجمعية في عام 1426هـ / 2005م.
(2) صحفي وإعلامي وباحث إسلامي غزير الإنتاج، إضافة إلى عمله المهني مدير للشؤون التجارية بإدارة كهرباء الحسينية محافظة الشرقية.
(3) فلاح سعيد جبر : الأمن الغذائي والصناعات في الوطن العربي، مجلة عالم الفكر – المجلد الثامن عشر – العدد الثاني – يوليو- أغسطس – سبتمبر 1987 ص 115.
(4) فلاح سعيد جبر : الأمن الغذائي، سابق ص 116.
(5) فلاح سعيد جبر : (الأمن الغذائي)، سابق، ص 118 وما بعدها ( مع بعض التصرف اليسير).
(6) حسان الشوبكي : حول الأمن الغذائي العربي، مجلة الوحدة، السنة السابعة – العدد 84، سبتمبر 1991، ص 56 وما بعدها.
(7) المرجع السابق، ص 59 – وأيضاً د/ محمد علي الفرا، واقع الأمن الغذائي العربي، مجلة عالم الفكر – العدد الثاني – من المجلد الثامن عشر – ساق، ص 15 وما بعدها.
(8) فلاح سعيد جبر ( الأمن الغذائي) سابق، ص 119.
(9) حسان الشويكي : حول الأمن الغذائي العربي، سابق، ص 59.
(10) د/سامي فتحي السيد : الوطن العربي والمشكلة الغذائية، بحث بمجلة الوحدة – العدد 84 – سابق، ص 7 – وأيضاً : منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو) : كتاب الإنتاج السنوي 1987 – روما 1988.
(11) د/ يعقوب سليمان : مفهوم الفجوة الغذائية واقعها الراهن في البلدان العربية، عمان – الأردن – ط 1986، ص 22.
(12) د/ محمد علي الفرا : مشكلة الغذاء في الوطن العربي والأزمة الاقتصادية العالمية، المعهد العربي للتخطيط – كاظمة للنشر والتوزيع والترجمة – الكويت 1985، ص 17 وما بعدها.
(13) محمد خليفة : الأزمة الغذائية : عجز الطبيعة أم مسؤولية الإنسان، بحث بمجلة الوحدة – مرجع سابق، ص 20، 21 ( مع بعض التصرف).
(14) د/ عباس فاضل السعدي : التقييم الجغرافي لمشكلة الغذاء .. وزارة الثقافة العراقية – ص 16.
(15) محمد خليفة : الأزمة الغذائية، مرجع سابق ص 23.
(16) مجموعة من العلماء السوفييت : مستقبل الإنسان، دار التقدم – موسكو – في محمد خليفة – المرجع السابق، ص 24.
(17) د/ محمد علي الفرا : نحو استراتيجية موحدة لمواجهة مشكلة الإنتاج العربي من الغذاء، مجلة شئون عربية – الأمانة العامة لجامعة الدول العربية – يناير 1982، ص 71-77.
(18) جاسم محمد مطر شهاب : أمننا الغذائي في خطر، مجلة الوعي الإسلامي – العدد 456، شعبان 1424 هـ، ص 3.
(19) د/ إبراهيم سليمان عيسى : المنتجات الحيوية وعلوم الزراعة في القرآن والسنة النبوية، مقال بمجلة منبر الإسلام – العدد الأول للسنة 61 المحرم 1423- أبريل 2002، ص 63.
(20) تفسير القرطبي – ج 2، ص 1113.
(21) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، ج 1، ص 215.
(22) د/ إبراهيم سليمان عيسى : المنتجات الحيوية، مرجع سابق، ص 63.
(23) الشريف الرضي، نهج البلاغة، المكتبة التجارية مصر – ج 3، ص 106-107.
(24) أخرجه البيهقي في سننه، ج 2، ص 325.
(25) أخرجه أبو داود، ج 3ص 175.
(26) أخرجه أبو داود، ج 3، ص 175.
(27) أخرجه أبو داود في سننه، ج 3، ص 174.
(28) د/ حسن الشاذل : الاقتصاد الإسلامي : مصادره وأسسه، دار الاتحاد العربي للطباعة، القاهرة : 1979، ط 1981، ص 140-142.
(29) د/شوقي عبد الساهي : المال وطرق استثمارات في الإسلام، دار المطبوعات الدولية ( القاهرة) – ط 1، 1981، ص 125.
(30) أبو يوسف القاضي : الخراج، ص 70.
(31) نفسه، ص 71.
(32) محمد محمد سيد أحمد : الأحكام الفقهية لقيام السوق الإسلامية المشتركة، رسالة ماجستير بكلية الشريعة والقانون – جامعة الأزهر – غير منشورة، ص 245.
(33) سماح أحمد – مقابلة د/محمد عمر حول قانون الزكاة منشور بمجلة الوعي الإسلامي – العدد 44- ربيع الآخر 1423هـ ص 27.
(34) سماح أحمد : قانون التركات، مرجع سابق، ص 28.
(35) الحسين عصمة : الزكاة ودورها في التنمية الاقتصادية، مجلة الوعي الإسلامي – العدد 347 رجب 1415هـ ديسمبر 1994، ص 55 – 56.
(36) أخرجه الحاكم في مستدركه، ج 2، ص 12.
(37) أخرجه البخاري في صحيحه، ج 2، ص863.
(38) أخرجه البخاري في صحيحه ج3، ص 181 ط، دار الفكر.
(39) د/منظور أحمد الأزهري : ترشيد الاستهلاك الفردي في الاقتصاد الإسلامي، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع – القاهرة – ط الولي 1422هـ، ص 129.
(40) نفسه.
(41) د/ منظور أحمد الزهري : ترشيد الاستهلاك – مرجع سابق، ص 131.
(42) رواه الإمام أحمد في مسنده.
(43) رواه الترمذي والبيهقي والطبراني ( وفيه ضعف).
(44) د/ منظور الأزهري : ترشيد الاستهلاك، سابق، ص 34.
(45) أخرجه البخاري في صحيحه.
(46) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
(47)أخرجه مسلم وابن ماجه.
(48) أخرجه مسلم وابن ماجه.
(49) د/ محي الدين عبد الحليم : العرب والمسلمون بين أزمة الغذاء والتحدي الحضاري، مقال بمجلة الوعي الإسلامي العدد 42، جمادى الآخرة 1423هـ، ص 28-29.
  #276  
قديم 08-04-2008, 04:46 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الصحة العالمية تعتمد الختان وسيلة للوقاية من الإيدز

طالبت منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز بإدراج ختان الرجال ضمن إستراتيجيات الوقاية من مرض نقل فيروس الإيدز.
وتفيد توصيات خبراء دوليين نشرت الأربعاء أن بالإمكان إنقاذ ملايين الأشخاص، ولا سيما في أفريقيا، في حال تعميم الختان.
لكنهم اشترطوا تعزيز الأجهزة الصحية وعدم تصرف الرجال الذين يخضعون للختان بطريقة تعرضهم للخطر لاعتقادهم، خطأ، أنهم محميون بنسبة مائة في المائة.
يأتي ذلك بعد أن أظهرت دراسات طبية أن ختان الرجال يخفض احتمال نقل فيروس الإيدز من المرأة إلى الرجل.
وقالت منظمة الصحة وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز إن إثبات فعالية الختان بعيدا عن أي شك معقول "يشكل محطة بارزة في تاريخ الوقاية من فيروس الإيدز".
وأشارت الجهتان إلى أن تأثير ذلك سيكون أكبر حيث إن تواتر الإصابة بفيروس الإيدز عبر علاقات جنسية بين رجل وامرأة كبير، بينما عدد الرجال الذين خضعوا للختان قليل.
واعتبر مدير قسم فيروس الإيدز بالصحة العالمية كيفين دي كوك أن "هذه التوصيات تشكل خطوة إلى الأمام في الوقاية من فيروس الإيدز لكن يجب انتظار بضع سنوات لملاحظة التأثير الإيجابي على المرض".
يشار إلى أن هذه الاستنتاجات والتوصيات جاءت نتيجة عملية تشاورية دولية نظمت من 6 إلى 8 مارس/آذار في سويسرا.
وأظهرت ثلاث دراسات أجريت في أفريقيا (كينيا وأوغندا وجنوب أفريقيا) أن الختان يؤدي إلى خفض احتمال الإصابة بفيروس الإيدز بالنصف على الأقل (60%).
لقد دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة وجعله على رأس خصال الفطرة البشرية، فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: " الفطرة خمس : الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب " البخاري رقم/5439/.
المصدر: الفرنسية
موقع قناة الجزيرة الفضائية
  #277  
قديم 08-04-2008, 04:48 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

ألبان الإبل وعلاج مرض السرطان والإيدز

في أحدث دراسة نشرتها مجلة العلوم الأمريكية في عددها الصادر في أغسطس عام 2005م وجد أن عائلة الجمال وخصوصا الجمال العربية ذات السنام الواحد تتميز عن غيرها من بقية الثدييات في أنها تملك في دمائها وأنسجتها أجســـاما مضادة صغيرة تتركب من سلاسل قصيرة من الأحماض الأمينية وشكلها على صورة حرف Vوسماها العلماء الأجسام المضادة الناقصة أو النانوية Nano Antibodiesأو اختصارا Nanobodiesولا توجد هذه الأجسام المضادة إلا في الإبل العربية ،
صورة بالمجهر الإلكتروني تبين الأجسام المضادة النانوية الموجودة في الإبل وهي القطع اللامعة الصغيرة ملتصقة بالخلايا السرطانية كبيرة الحجم لتدميرها.
زيادة على وجود الأجسام المضادة الأخرى الموجودة في الإنسان وبقية الحيوانات الثديية فيها أيضا، والتي على شكل حرف Y، وأن حجم هذه الأجسام المضادة هو عشر حجم المضادات العادية وأكثر رشاقة من الناحية الكيميائية وقادرة على أن تلتحم بأهدافها وتدمرها بنفس قدرة الأضداد العادية، وتمر بسهولة عبر الأغشية الخلوية وتصل لكل خلايا الجسم. وتمتاز هذه الأجسام النانوية بأنها أكثر ثباتا في مقاومة درجة الحرارة ولتغير الأس الأيدروجيني تغيرا متطرفاً، وتحتفظ بفاعليتها اثناء مرورها بالمعدة والأمعاء بعكس الأجسام المضادة العادية التي تتلف بالتغيرات الحرارية وبإنزيمات الجهاز الهضمي. مما يعزز من آفاق ظهور حبات دواء تحتوي أجساما نانوية لعلاج مرض الأمعاء الالتهابي وسرطان القولون والروماتويد وربما مرضى الزهايمر أيضاً(1). وقد تركزت الأبحاث العلمية على هذه الأجسام المضادة منذ حوالي 2001م في علاج الأورام على حيوانات التجارب وعن الإنسان وأثبتت فاعليتها في القضاء على الأورام السرطانية حيث تلتصق بكفاءة عالية بجدار الخلية السرطانية وتدمرها وقد نجحت بعض الشركات المهتمة بأبحاث التكنولوجيا الحيوية الخاصة في بريطانيا وأمريكا في إنتاج دواء على هيئة أقراص مكون من مضادات شبيهة بالموجودة قي الإبل لعلاج السرطان والأمراض المزمنة العديدة والالتهابات البكتيرية والفيروسية.
وطورت شركة Ablynx وهناك أخبار شبه مؤكدة من خلال التجربة العلمية عن قدرة حليب الإبل على القضاء على فيروس الإيدز واحتوائه على بروتينات جهاز المناعة وهناك نتائج ممتازة في هذا المجال ويتم حاليا إنتاج عقار لمرض الإيدز والسرطان والكبد الوبائي من حليب الإبل (2)
هناك أنباء شبه مؤكدة عن نتائج ممتازة لحليب الإبل في علاج مرض الإيدز
هذه الأجسام النانوية لتحقق ستة عشر هدفاً علاجياً تغطي معظم الأمراض المهمة التي يعاني منها الإنسان، وأولها السرطان، يليها بعض الأمراض الالتهابية،


وأمراض القلب والأوعية الدموية، ويعكف الآن حوالي 800 عالم من علماء التكنولوجيا الحيوية المتخصصين في أبحاث صحة الإنسان والنظم النباتية الحيوية ، وبتكاتف عدة جامعات على أبحاث الأجسام المضادة النانونية لتنفيذ مشروع المستقبل في علاج الأمراض العنيدة.
فى روسيا وكزخستان والهند يصف الاطباء هذا الشفاء المرضى(حليب الإبل) بينما في افريقيا قد يحبذ هذا الدواء للمرضى المصابون بمرض الايدز(3)
وجه الإعجاز:
روى البخاري عن أنس ــ رضي الله عنه ــ أن رهطاً من عُرينة قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا:
(إنا اجتوينا المدينة فعظمت بطوننا وارتهشت أعضاؤنا فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا براعي الإبل فيشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت بطونهم وألوانهم ....)الحديث.
يتضح من هذا الحديث أن في ألبان الإبل وأبوالها شفاء من بعض الأمراض.
وعظم البطون أي كبر حجمها إما أن يكون من مرض التهاب القولون حيث ينتفخ من تجمع الغازات به، أو من حدوث تجمع مائي تحت الغشاء البريتوني في تجويف البطن وهو ما يعرف بالاستسقاء وفي كلا المرضين يستفيد المرضى بتناول لبن الإبل وأبوالها حيث تفرز هذه الأجسام المضادة الصغيرة في اللبن والبول وهذا يمكن أن يكون هو السر في شفاء أو تحسن كثير من مرضى التهاب الكبد الوبائي Bو Cوبعض حالات التهاب القولون المزمن وبعض حالات الإصابة بمرض السرطان المبكر خصوصا إصابات الجهاز الهضمي.
ننصح جميع المصابين بمرض الإيدز ومرض السرطان والكبد الوبائي بتناول حليب الإبل الطازج وإن شاء الله يكون الشفاء بإذن الله تعالى
هذا هو لبن الإبل الذي أخرجه المولى جل شأنه بقدرته العظيمة من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين غني بهذه المركبات البروتينية الشافية بإذن الله.
مما يجعلنا نتلو قول ربنا بإجلال لافتا انتباهنا إلى كيفية خلق هذا الحيوان من دون سائر المخلوقات المسخرة لنا في قوله تعالى: {أَفَلا يَنظُرُونَ إلَى الإبِلِ كَيْفَ خُلِقَت}

المصدر:
المقال جزء من مقالة للدكتور عبد الجواد الصاوي مدير مجلة الإعجاز العلمي التابعة للهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة مع بعض التصرف.
أضاف إليه بعض الأفكار والمعلومات مدير موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن
  #278  
قديم 08-04-2008, 04:50 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

الموضة القبيحة الأظـافـــر الطـويــــلة


بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
طبيب وباحث إسلامي
مفهوم الجمال، مفهوم قد يكون نسبياً، ولسنا في معرض مناقشة عشاق الغرب الذين يرون الأظافر الطويلة الشبيهة «بالمخالب» جميلة لمجرد كونها «موضة» أتت من الغرب أما المسلم فهو يرى أن ما قبحه الشرع فهو القبيح وأما ما يراه الشرع جميلاً فهو الجميل. والنبي صلى الله عليه وسلم، هادي الأمة إلى الخير، نهانا عن إطالة الأظافر، وجعل من الفطرة السليمة، والذوق الرفيع تعهدها بالتقليم.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب» رواه البخاري. والتقليم لغة هو القطع، وهو تفعيل من القَلْم، وكلما قطعت منه شيئاً فقد قلمته، وشرعاً هو إزالة ما يزيد على ما يلامس رأس الإصبع من الظفر وهو سنة مؤكدة.
وورد في الحديث قولهصلى الله عليه وسلم :« قلِّم أظافرك فإن الشيطان يقعد على ما طال منها».
أما توقيت قصّ الأظافر فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قص الشارب و تقليم الأظافر ألا نترك أكثر من أربعين ليلة » رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قلم أظافره يوم الجمعة وقي من السوء إلى مثلها»راوه الطبراني في الأوسط.
فالسنة النبوية تضع حدين(5)لتوقيت قص الأظافر، حداً أعلى لا يزيد عنه المسلم في ترك أظافره و هو أربعون يوماً حيث نهى أن تطول أكثر، و حداً أدنى أسبوع رغب فيه المسلمين بقص أظافرهم لتكون زينة يوم الجمعة و نظافته.
و المعتمد عند الإمام ابن حنبل استحبابه كيفما احتاج إليه.و قال النووي(6): «يختلف ذلك باختلاف الأحوال و الأشخاص والضابط، الحاجة إليها، كما في جميع خصال الفطرة ».
الموانع الشرعية لإطالة الأظافر:

إن عدم قص الأظافر وتركها تطول لتصبح (مخالب) بشرية، سواءً كان ذلك إهمالاً، أو جهلاً، أو كان متعمداً على أنه تقليد (أو موضة) هو خصلة ذميمة مخالفة لسنن الفطرة التي جاءت بها الشريعة الإسلامية.
فالأظافر الطويلة قد تكون سبباً في منع وصول ماء الوضوء إلى مقدم الأصابع، و فيها تشبه و تقليد لأهل الكفر و الضلال، و تطبيع للمسلمين بطابع الحضارة الغربية، و فيها أيضاً نزوع إلى الطبيعة الحيوانية و تشبه بالوحوش ذوات المخالب، كما أنه عمل لا يقبله الذوق الإسلامي الذي تحكمه شريعة الله و نظرتها التكريمية للإنسان ـ الذي هو خليفة الله في الأرض هذا علاوة على أن ما ينجم من أضرار صحية جراء إطالة الأظافر، يجعلها تتعارض مع القاعدة الشرعية [لا ضرر ولا ضرار] والتي جاءت لتحافظ على سلامة البشر.
عن قيس بن أبي حازم قال: «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فأوهم فيها، فسئل فقال: ما لي لا أوهم و رفغ أحدكم بين ظفره و أنملته»(*).ومعناه أنكم لا تقصون أظافركم ثم تحكون بها أرفاغكم فيتعلق بها ما في الأرفاغ من الأوساخ، و قال أبو عبيد: أنكر عليهم طول الأظافر و ترك قصها. والرفغ مفرد (أرفاغ) وهي مغابن الجسد كالإبط وما بين الفخذين وكل موضع يجتمع فيه الوسخ.
و في بحث طريف قدمه د.يحي الخواجي و د. أحمد عبد الأخر(5)في المؤتمر العالمي للطب الإسلامي أكدا فيه أن تقليم الأظافر يتماشى مع نظرة الإسلام الشمولية للزينة و الجمال.
فالله سبحانه خلق الإنسان في أحسن تقويم، و جعل له في شكل جمالي أصابع يستعملها في أغراض شتى، و جعل لها غلافاً قرنياً هو الظفر يحافظ على نهايتها. وبهذا التكوين الخلقي يتحدد الغرض من الظفر ويتحدد حجمه بألا يزيد على رأس الإصبع ليكون على قدر الغرض الذي وجد من أجله. ومن جهة أخرى فإن التخلص من الأوساخ وعوامل تجمعها يعتبران من أهم أركان الزينة والجمال، وإن كل فعل جمالي لا يحقق ذلك فهو مردود على فاعله.
وإن تقليم الأظافر بإزالة الأجزاء الزائدة منها يمنع تشكل الجيوب بين الأنامل والأظافر و التي تتجمع فيها الأوساخ، و يحقق بذلك نظرة الإسلام الرائعة للجمال والزينة.

تتكون الجيوب الظفرية بين الزوائد ونهاية الأنامل و التي تتجمع فيها الأوساخ و الجراثيم
الأضرار الصحية الناجمة عن إطالة الأظافر :

تحمي الأظافر نهايات الأصابع و تزيد صلابتها و كفاءتها وحسن أدائها عند الاحتكاك أو الملامسة، و إن الجزء الزائد من الظفر و الخارج عن طرف الأنملة لا قيمة له ووجوده ضار من نواح عدة لخصها الزميلان خواجي وعبد الآخر في عاملين أساسيين :
الأول:تتكون الجيوب الظفرية بين تلك الزوائد و نهاية الأنامل و التي تتجمع فيها الأوساخ و الجراثيم و غيرها من مسببات العدوى كبيوض الطفيليات، و خاصة من فضلات البراز التي يصعب تنظيفها، فتتعفن و تصدر روائح كريهة و يمكن أن تكون مصدراً للعدوى في الأمراض التي تنتقل عن طريق الفم كالديدان المعدية والزحار و التهاب الأمعاء، خاصة و أن النساء هن اللواتي يحضرن الطعام و يمكن أن يلوثنه بما يحملن من عوامل ممرضة تحت مخالبهن الظفرية.
الثاني:إن الزوائد (المخالب) الظفرية نفسها كثيراً ما تحدث أذيات Injuriesبسبب أطرافها الحادة قد تلحق الشخص نفسه أو الآخرين و أهمها إحداث قرحات في العين و الجروح في الجلد أثناء الحركة العنيفة للأطراف خاصة أثناء الشجار و غيره. كما أن هذه الزوائد قد تكون سبباً في إعاقة الحركة الطبيعية الحرة للأصابع، و كلما زاد طولها كان تأثيرها على كفاءة عمل أصابع اليد أشد، حيث نلاحظ إعاقة الملامسة بأطراف الأنامل و إعاقة حركة انقباض الأصابع بسبب الأظافر الطويلة جداً و التي تلامس الكف قبل انتهاء عملية الانقباض، و كذا تقييد الحركات الطبيعية للإمساك و القبض و سواها.
وهناك آفات تلحق الأظافر نفسها بسبب كثرة اصطدامها بالأجسام الصلبة أو احتراقها، ذلك أن طولها الزائد يصعب معه التقدير و التحكم في البعد بينها و بين مصادر النار، كما أن تواتر الصدمات التي تتعرض لها الأظافر الطويلة تنجم عنها إصابات ظفرية غير مباشرة كخلخلة الأظافر أو تضخمها لتصبح مشابهة للمخالب Onchogrophosisأو زيادة تسمكها Onychausis. أو حدوث أخاديد مستعرضة فيها أو ما يسمى بداء الأظافر البيضاء.
وتؤكد الأبحاث الطبية(7)أن الأظافر الطويلة لا يمكن أن نعقم ما تحتها ولا بد أن تعلق بها الجراثيم مهما تكرر غسلها لذا توصي كتب الجراحة أن يعتني الجراحون و الممرضات بقص أظافرهم دوماً لكي لا تنتقل الجراثيم إلى جروح العمليات التي يجرونها و تلوثها.
وهكذا تتضح لنا روعة التعاليم النبوية في الدعوة إلى قص الأظافر كلما طالت، واتفاق هذه التعاليم مع مقررات الطب الوقائي و قواعد الصحة العامة و التي تؤكد أن إطالة الأظافر تضر بصحة البدن.

مراجع البحث :

1- جامع الأصول في أحاديث الرسولصلى الله عليه وسلم.

2- عن د.مصطفى عمارة في شرحه لكتاب «الترغيب والترهيب» للحافظ المنذري -دار إحياء التراث العربي ــ لبنان.

3- الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم.

4 - الإمام القسطلاني في كتابه [ جواهر البخاري ].

5- د. يحيى الخواجي و. د. أحمد عبد الأمير [ تقليم الأظافر في ضوء التراث النبوي والعلوم الطبية ] مواد المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي ــ الكويت 1986.

6- فتح الباري شرح صحيح البخاري.

7- الحقائق الطبية في الإسلام: د. عبد الرزاق الكيلاني.

8- المرجع في الأمراض الجلدية [ براون فاولكو] ترجمة صالح داود ومحمد نزار الدقر وآخرين.

9- د. محمد عثمان شبير: من موقع على الانترنيت بعنوان:حكم الإسلام في جراحة التجميل.

10- الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزجيلي.

*- الحديث أخرجه البيقهي في شعب الإيمان رجاله ثقات مع إرساله، لكن الطبراني وصله من وجه آخر.


  #279  
قديم 08-04-2008, 04:53 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

أمور تتعلق بالتجميل منهي عنها

بقلم الدكتور محمد نزار الدقر
طبيب وباحث إسلامي - سوريا
يقول الدكتور محمد عثمان شبير عميد كلية الشريعة في جامعة الكويت (9):
إذا كان الإسلام قد شرع التزين للرجال والنساء فإنه قد رخص فيها أكثر مما رخص للرجال، فقد أباح لهن لبس الحرير والتزين بالذهب والنساء فإنه قد رخص فيها أكثر مما رخص للرجال، فقد أباح لهن لبس الحرير والتزين بالذهب دون الرجال، فالزينة إذا كانت للرجال من التكميلات، فهي للنساء من الحاجيات إذ بفواتها تقع المرأة في الحرج والمشقة فلا بد من التوسعة عليها فيما تتزين به لزوجها لتتمكن من إحصانه المشروع.
لكن الإسلام لم يطلق العنان لتلك الغرائز والرغبات بل دعا المسلم إلى ضبطها، فحددّ له حدوداً ينبغي عليه عدم تعديها وحَرَّم عليه أشياء يجب عليه عدم انتهاكها حرصاً على كرامته كإنسان، وقد حرَّم الإسلام بعض أشكال الزينة كالوصل والوشم والوشر والنمص وغيرها لما فيها من الخروج على الفطرة وتغيير خلق الله والتدليس والإيهام. ولم تكن تلك الأمور هي كل ما حرّم في مجال التجميل وإنما نص الشارع عليها لينبه على نظائرها وما يحدث من أشكال مشابهة لها في الشكل والمضمون.
عن أسماء (رضي الله عنها) أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي أصابتها الحصبة فتمزق شعرها، وإني زوجتها، أفأصل فيه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الواصلة والموصولة»، وفي رواية عن أسماء رضى الله عنها: «لعن النبي صلى الله عليه وسلم الواصلة والمستوصلة» رواه البخاري ومسلم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة» رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله» رواه البخاري ومسلم. والمتفلجة هي التي تفلج أسنانها (تفرق بينها) بالمبرد ونحوه للتحسن.
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء» رواه أبو داود.
والواصلة هي التي تصل الشعر بشعر النساء، والنامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، قاله أبو داود: وقال الخطابي هو من النمص وهو نتف الشعر عن الوجه والواشمة التي تغرز الجلد بالأبر ثم تحشو ذلك المكان بكحل أو مداد(1).
ويقال للتفليج أيضاً [الوشر] وتفعله المرأة المسنة إظهاراً للصغر وحسن الأسنان. وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على تحريم الوشر [التفليج] بقصد التحسن وإظهار صغر السن لا بقصد المعالجة والتداوي، والأحاديث توضح أن علة التحريم هو التدليس بتغيير خلقه الله الأصلية تغييراً مبالغاً فيه.
وفي الفتح(2): باب المتفلجات للحسن أي لأجل الحسن، أي التي تطلب الفلج وتصنعه ويختص بالثنايا والرباعيات (مقدم الأسنان) والفلج أن يفرَّج أو يفرق بين الأسنان بالمبرد ونحوه وهو يزيل طبقة المينا الصلبة من حواف الأسنان فيكثر فيها النخر وقد يؤدي إلى تلفها وسقوطها، والوشم في أي مكان من الجسم وتعاطيه حرام بدلالة اللعن، ويصير الموضع الموشوم نجساً لأن الدم انحبس فيه فتجب إزالته إن أمكن ولو بالجراحة إلا أن يخاف منه تلف، فيجوز إبقاؤه وتكفي التوبة في سقوط الإثم.
وقال الإمام الطبري(2)رحمه الله:لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماس الحسن لا للزوج ولا لغيره، كمن يكون شعرها قصيراً فتطوله أو تغرزها بشعر غيرها فكل ذلك داخل في النهي.
وفي تعليقه على النماص يقول الدكتور محمد عثمان شبير (9): تتجمع في الوجه محاسن المرأة ويبدو فيها جمال الخلقة لذا خلقه الله خالياً من الشعر إلا شعر الحاجبين والأهداب لما فيهما من الزينة والجمال والوقاية مما ينحدر من الرأس من عرق ووسخ وحفظ للعين من الأمراض، وفي مقدار الشعر غاية كمال الخلقة ولقد اتفق العلماء على تحريم النماص للأحاديث الواردة في اللعن للنامصة والمتنمصة واللعن لا يكون إلا في شيء محرم.
وقال النووي(2) رحمه الله: يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم عليها إزالتها بل يستحب. قالوا: ويجوز الحف والتحمير والنقش والتطريف إذا كان بإذن الزوج لأنه من الزينة لكن النووي استثنى الحف وقال: إنه من النماص.
وقد اختلف الفقهاء في نوعية الشعر الذي تنتفه المرأة في النماص وبالرجوع إلى اللفة، فإن الحديث ورد بلفظ [المتنمصات] وهو جمع متنمصة وهي التي تطلب أن يفعل بها النمص وهي من باب [تفعل] ومعناه التكلف والمبالغة في إزالة الشعر من الوجه والحاجبين فإذا بالغت المرأة في نتف شعر الحاجبين كأن تزيلهما كلياً أو ترققهما حتى يصيرا كالهلال فهو النماص المنهي عنه. ولا يدخل في النماص المنهي عنه تهذيب الحاجبين بأخذ الشعر الزائد والخارج عن استقامة الحاجبين من غير مبالغة لأنه لا تدليس فيه ولا تغير لخلقه الله.
ونمص شعر الوجه أي نتفه عدا أنه يغير خلق الله، فإنه يهيج الجلد ويسهل حدوث الالتهابات والتجعدات فيه.
وعن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع معاوية عام حَجَّ على المنبر، وتناول قصة شعر كانت في يد حَرَسي فقال: «يا أهل المدينة أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا، ويقول: إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم» رواه الشيخان والإمام مالك.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: «زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن تصل المرأة بشعرها شيئاً» أخرجه مسلم.
والجمهور(3)على تحريم وصل الشعر سواء بشعر النساء أو بغيره، وذهب الليث ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، أما إذا وصلت شعرها بغير الشعر فلا يدخل في النهي [والشعر الصناعي لا يعتبر شعراً] فقد أخرج أبو داود بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير قال: «لا بأس بالقرامل، وبه قال الإمام أحمد، والقرامل جمع قرمل وهو نبات لين طويل الفروع، والمراد به هنا خيوط من حرير أو صوف [أو شعر صناعي] يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها.
قال النووي: وصل الشعر من المعاصي الكبائر للعن فاعله، وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة والظاهرية على تحريم وصل شعر المرأة بشعر آدمي بقصد التجمل لحرمة الانتفاع بشعر الإنسان لكرامته واختلف الفقهاء بحكم الوصل بغير شعر الآدمي فذهب الحنفية إلى أن الوصل بالصوف وشعر الماعز والوبر وغيرها مباح لعدم التزوير ولعدم استعمال جزء من الآدمي وهما علة التحريم عندهم.
وذهب المالكية والظاهرية إلى أن الوصل بغير شعر الآدمي حرام ودليلهم حديث جابر السابق ولأن فيه تدليساً وإيهاماً بكثرة الشعر واستثنى الإمام مالك وصل الشعر بالخرق وخيوط مما لا يشبه الشعر لأنه ليس في معنى الوصل فلا يدخل في النهي.
وقال الإمام القسطلاني(4)[الواصلة] التي تصل شعرها بآخر تكثره به، فإذا كان الذي تصل به شعر آدمي فحرام اتفاقاً لحرمة الانتفاع به لكرامته، وإن كان من غير الآدمي، فإن كان نجساً من ميتة أو غيرها فحرام لنجاسته، وإن كان طاهراً وأذن الزوج به جاز وإلا فلا».
وذهب الحنابلة إلى أن الوصل بغير شعر الآدمي إما أن يكون بشعر [كشعر الماعز] فيحرم أيضاً لما فيه من التدليس، وإذا كان الوصل بغير شعر، فإن كان لحاجة كربط الشعر وشده جاز لنص ابن حنبل على أنه لا بأس بالقرامل. ويكره لغير حاجة.
ويرجح الدكتور محمد عثمان شبير(9)أن علة النهي عن الوصل هي التدليس والتزوير فيكون الرأي المختار في وصل شعر المرأة بغير شعر الآدمي على النحو التالي:
إن كان الموصول بشعر المرأة يشبه الشعر الطبيعي حتى يظن الناظر إليه أنه شعر طبيعي، يحرم الوصل به سواء أكان شعراً أو صوفاً أو وبراً أم خيوطاً صناعية لأن علة التحريم قد تحققت وهي التدليس. أما إذا كان الموصول به لا يشبه الشعر الطبيعي بحيث يدرك الناظر إليه لأول وهلة أنه غير طبيعي فلا يحرم الوصل.
ويرى الدكتور الزحيلي(10): الاتفاق على حرمة وصل الشعر بشعر الآدمي على الرجال والنساء، الأيامى والمتزوجات مهما كان مصدر الشعر، أما وصل الشعر بغير شعر الآدمي: فإن كان نجساً كان حراماً لنجاسته، أما الوصل بشعر طاهر من غير الآدمي أو بالشعر الصناعي، فإن لم يكن بإذن الزوج فهو حرام أيضاً وكذا إن كانت غير متزوجة، أما إذا أن الزوج فلا حرج عليها. وأما قص المرأة شعرها فيجوز ما دون الأذن كيلا تتشبه بالرجال أما قص المرأة شعرها كالرجل فهو حرام.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: « أُتَيَ عمر بامرأة تشِم، فقام عمر في الناس فقال: «أنشدكم الله من سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في الوشم؟ قال أبو هريرة : فقلت: أنا سمعت، قال ما سمعت؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تشمن ولا تستوشمن» وفي رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العين حق ونهى عن الوشم» أخرجه البخاري ومسلم وأخرج الأولى النسائي.

للوشم دلالة عن نفسية إجرامية في بعض الأحيان، فقد دلت دراسة حديثة أن كثيراً من أصحاب السوابق يكونون مولعين بالوشم.
الوشم من الناحية الطبية:الوشم بقع ملونة يتم صنعها بإدخال جزيئات ملونة في الأدمة عن طريق الوخز بواسطة الإبر. ويستعمل عادة الحبر الهندي أو الكربون الأسود حيث تعطي لوناً أزرق بعد إدخالها في الأدمة ضمن الجلد. ويحدث حقن السيندار (سلفيد الزئبق) لوناً أحمر، أما أوكسيد الكروم فيحدث لوناً أخضر ويعطى سلفيد الكادميوم لوناً أصفر، وألومينات الكوبالت لوناً أزرق فاتحاً. وأكسيد الحديد لوناً بنياً. وتستخدم الأصبغة التركيبية عادة في هذه الأيام(8).
والوشم في بعض المناطق وخاصة الريفية نوع من الزينة، وفي بعضها الآخر ذكرى دينية أوغرامية، وللوشم دلالة عن نفسية إجرامية في بعض الأحيان، فقد دلت دراسة حديثة أن كثيراً من أصحاب السوابق يكونون مولعين بالوشم.
وقد بتسبب الوشم بانتقال عدد من الأخماج الجرثومية كالتهاب الكبد الانتاني، والإيدز والثآليل والسل والإفرنجي وغيرها، كما قد يؤدي إلى تفاعل أرجي بالتماس أو إلى تفاعل حزازاني، إذْ أن الوشم يلعب دوراً مخرشاً فيحدث حزازاً سطحياً أو صدافاً أو ذأباً حمامياً في مكان الوشم.

صورة لرجل وشم وجهه
وقد أجمع العلماء على تحريم الوشم على الفاعل والمفعول به باختياره ورضاه، فلا يأثم من حصل فيه الوشم نتيجة حادث كاحتكاك الجلد بالإسفلت فدخل السواد تحت الجلد أو إذا حصل نتيجة حقن علاجية، دليله ما روي عن ابن عباس «والمستوشمة من غير داء» وذهب الجمهور إلى أن الوشم إنما حرم لما فيه من تغيير خلق الله ولتعذيب الجسم من غير حاجة ولا ضرورة فلا يدخل في النهي تغيير اللون بما لا يكون باقياً كخضاب الحناء، وتحمير الوجنتين بالمراهم أو البودرات سواها فهو مباح(9).
الوسم: هو أثر الكية، وقد أجاز الإسلام وسم الحيوان في غير الوجه لما رواه جابر قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسم في الوجه». رواه مسلم. أما وسم الآدمي فقد اتفق فقهاء الأمة على تحريمه لكرامة الإنسان ولعدم جواز تعذيبه لغير ضرورة ولا حاجة. أما الوسم الناجم عن الكي لحاجة علاجية فهو جائز إذا لم يتوفر لدائه غيره من العلاجات لقول النبي صلى الله عليه وسلم «وأنهى أمتي عن الكي».
أما إزالة الوشم فيتطلب عملاً جراحياً تجميلياً لاستئصاله، ويمكن إزالته بالتخثير الكهربائي، لكن هذا الإجراء يؤدي إلى حصول ندبات على شكل رسم الوشم، وقد كان الإجراء المفضل في السنوات الأخيرة إجراء سنفرة الجلد بحيث يجري كشط الوشم بواسطة أوتاد فائقة السرعة، وفيما بعد يتم تغيير الضماد بشكل مستمر من أجل زيادة المفرزات المتدفقة إلى الجلد والتي تساعد بدورها في حَلِّ مادة الوشم. ويمكن تطبيق ضماد ملحي بعد السنفرة مُشْرَك مع الفينول كمادة مطهرة تمنع حدوث الالتهاب الثانوي، أما الملح فيساعد على حل ما تبقى من أصبغة وجذبه إلى الخارج.
وحديثاً، وبعد اكتشاف الليزر، تمت تجربة العديد من أنواعه في إزالة الوشوم وطبق ليزر أوكسيد الكربون وليزر ن- دي- باغ دون الحصول على نتائج مرضية وأخيراً تم الوصول إلى نوع جديد من الليزر يعتمد على خاصية قوية في تفتيت الأصبغة حيث يستطيع البدن امتصاصها كاملاً دون ترك أي أثر وهو ليزر روبي Ruby-Q-Switch Laser.
وإذا كان الشارع الكريم قد سمح لنا بخضاب الشعر بغير السواد لحكمة أرادها الله، بل ودعانا إلى ذلك عندما أمرنا فقال: «غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد» فإنه، عليه الصلاة والسلام قد نهى مطلقاً عن نتف الشيب.فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «لا تنتفوا الشيب، فإنه ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نوراً يوم القيامة» وفي رواية: «إلا كتب له بها حسنة وحُطّ عنه بها سيئة» أخرجه أبو داود.
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: «نهى عن نتف الشيب وقال : إنه نور للمسلم» رواه الترمذي. وقال حديث حسن، ومن رواية قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من لحيته ورأسه» رواه مسلم.

صروة لواشم وهو يقوم بعملية الوشم
وقد اتفق الفقهاء على كراهة نتف الشيب من المحل الذي لا يطلب فيه إزالة الشعر كالرأس واللحية، وقال المالكية: إذا قصد بالنتف التلبيس فهو أشد في المنع، ونص الشافعي في الأم على تحريمه وإن كانت الفتوى عند الشافعية على الكراهة.
حلق المرأة لشعرها: كره جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة حلق المرأة لشعرها لغير ضرورة من مرض ونحوه، لأنه بدعة في حقها وفيه تغيير جمال الخلقة. وحرموا ذلك إذا تشبهت المرأة بالرجل. ودليلهم ما رواه الإمام مسلم عن أبي موسى أنه قال: أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بريء من الصالقة والحالقة والشاقة». وما رواه الترمذي عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها»وقد ذهب المالكية والظاهرية إلى تحريم الحلق مطلقاً على النساء سواء أكان لتغيير جمال الخلقة أو للتشبه بالرجال.
وأجمع العلماء على كراهة حلق الرأس على هيئة القزع للرجل والمرأة إلا أن يكون لمداواة ونحوها. لما رواه الإمام مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القزع». والقزع أن يحلق بعض الرأس ويترك بعضه وأخرجأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبياً قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال: «احلقوه كله أو اتركوه كله»وذلك كأن يحلق من رأسه مواضع من هنا وهناك أو أن يحلق وسط رأسه ويترك جوانبه أو أن يحلق جوانبه ويترك وسطه أو يحلق مقدمه ويترك مؤخره.
قال ابن تيمية: وهذا من كمال محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم للعدل فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه لأنه ظلم للرأس حيث ترك بعضه عارياً وبعضه كاسياً /اهـ.

مراجع البحث :
1- جامع الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
2- عن د.مصطفى عمارة في شرحه لكتاب «الترغيب والترهيب» للحافظ المنذري -دار إحياء التراث العربي ــ لبنان. 3
- الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم. 4 - الإمام القسطلاني في كتابه [ جواهر البخاري ].
5- د. يحيى الخواجي و. د. أحمد عبد الأمير [ تقليم الأظافر في ضوء التراث النبوي والعلوم الطبية ] مواد المؤتمر العالمي الرابع للطب الإسلامي ــ الكويت 1986.
6- فتح الباري شرح صحيح البخاري. 7
- الحقائق الطبية في الإسلام: د. عبد الرزاق الكيلاني.
8- المرجع في الأمراض الجلدية [ براون فاولكو] ترجمة صالح داود ومحمد نزار الدقر وآخرين.
9- د. محمد عثمان شبير: من موقع على الانترنيت بعنوان:حكم الإسلام في جراحة التجميل. 10
- الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزجيلي
  #280  
قديم 08-04-2008, 04:55 PM
الصورة الرمزية القلب الحزين
القلب الحزين القلب الحزين غير متصل
& كــ الخواطــــر ــلـــم &
 
تاريخ التسجيل: Jul 2007
مكان الإقامة: هناك .. الحزن مدينة لا يسكنها غيري .. أنـــا ...!! كان هنـــا !!^_^ 10
الجنس :
المشاركات: 6,024
الدولة : Yemen
افتراضي

من أسرار العبادات الطبية


بقلم الدكتور محمد جميل الحبال
طبيب وباحث عراقي مقيم في السعودية
إن فيما فرض الله عز وجل على خلقه وشرع لهم من أحكام وعبادات حكماً وأسرارا ومصالح تعود على العباد بالخير في الدنيا والآخرة، وقد علمَّنا الله عز وجل في كثير من آيات الكتاب المبين أسرار تشريعه وفوائدها شحناً لأذهاننا أن تفكر وتعمل وإيحاءً إلى أن هذا التشريع الإلهي الخالد لم يقم إلاّ على ما يحقق للناس من مصلحة أو يدفع عنهم ضرراً. والإسلام لا يتنكر للعقل ولا يخاطب الناس إلاّ بما يتفق مع التفكير السليم والمنطق السديد. ومابرح الناس في كل عصر يرون من فوائد التشريع ما يتفق مع تفكيرهم ومصالحهم وهذا دليل على أن الإسلام من عند الله جلَّ وعلى.
وما سنذكره من أسرار وفوائد طبية للعبادات ليس لتبرير العبادات نفسها، فالأصل في العبادات التعبد، نقوم بها طاعة لله عز وجل وتقرباً إليه وإن لم تدرك أسرارها أو تعرف حكمتها، ولعل في تتبع الفوائد والأسرار الطبية في العبادات ما يُثبِّت إيماننا ويقوي يقيننا بحقائق هذا الدين وهذا ما سنجدهُ في هذه الأبحاث جلياً وواضحاً: قال تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)[النحل: 102].
الوضوء والاغتسال (الطهارة والنظافة):
إذا كانت الطهارة و النظافة عند بعض الناس مسألة ذوق ومزاج شخص أو ذات ارتباط بالحالة الاقتصادية للإنسان فهي في الإسلام تخضع لنظام محدد يشعر الملتزم به بضرورة تنفيذه بدافع ذاتي مستمر، أوليس فاتحة كتب الفقه جميعاً باب الطهارة ؟!
والأسباب الداعية للغسل (الاستحمام) في الإسلام ثلاثة وعشرون سبباً بين الإيجاب والاستحباب، بل أن ثاني سورة في القرآن أنزلت تنادي بالنظافة قال عز وجل (وثيابك فطهر) [المدثر: 4].
وقال عز وجل (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[البقرة: 222] وقال أيضاً (وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ)[الأنفال: 11]، وقال صلى الله عليه وسلم (الطهور شطر الإيمان) رواه الإمام مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحّدث فيها نفسهُ غُفر لهُ ما تقدم من ذنبه) رواه الأمام البخاري.
و يمكننا أن نلخص تأثير الوضوء والغسل وفوائدهما بما يلي:
الوقاية من انتقال الكثير من الأمراض المعدية (السارية):
إن معظم هذه الأمراض تنتقل بتلوث الأيدي وأهمها ما يسمى بأمراض القذارة (Feco- Oral Route) ومنها التهاب الكبد الفيروسي و الهيضه (الكوليرا) والحمى التيفؤدية والزحار العصوي والأميبي والالتهاب المعوي بالعصيات القولونية وتسمم الطعام الجرثومي، والتي تشكل أهم المشاكل الصحية في البلاد النامية، وهي مسئولة لحد كبير عن ارتفاع معدل الوفيات فيها وتعتمد الوقاية منها على النظافة الشخصية (غسل الأيدي قبل الطعام وبعد كل تغوط) قال صلى الله عليه وسلم: (بركة الطعام الوضوء قبلهُ والوضوء بعدهُ) [رواه الأمام مسلم]. والوضوء هنا بمعنى الغسل (غسل الأيدي).
تنشيط الدورة الدموية:
يقوم الوضوء والاغتسال بتنشيط الدورة الدموية العامة و الجسد بتنبيه الأعصاب وتدليك الأعضاء والعضلات من خلال دلك الجلد الذي هو أحد الأعضاء الهامة في الإنسان. كما قد ثبت أيضا أن الدورة الدموية في الأطراف العلوية من اليدين والساعدينوالأطراف السفلية من القدمين والساقين أضعف منها في الأعضاء الأخرى لبعدها عنالمركز الذي هو القلب فإن غسلها مع دلكها يقوي الدورة الدموية لهذه الأعضاء منالجسم مما يزيد في نشاط الشخص وفعاليته.
الوقاية من الكثير من الأمراض السارية التي تنتقل عن طريق الجهاز التنفسي (Droplet infection ):
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من توضأ فليستنثر) [رواه الأمام البخاري]، وقال أيضاً (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر... وإذا أستيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) [رواه الأمام البخاري]، ومعنى قوله (فلبستنثر أو لينثر): أي ليجعل في أنفه ماء ثم يخرجه نفخاً مما يساعد على نظافة المنخرين وطرد المواد الغريبة منهما.
حيث بعد إجراء دراسات ميدانية تبين أن الأنف مستودع لتكاثر كثير من الجراثيم وباستعراض جميع الوسائل الصحية الوقائية المفيدة لتجنب تلوث الأنف بالجراثيم، تبين للأطباء أن غسل الأنف المتكرر خمسة مرات في اليوم أثناء الوضوء (الاستنثار) هو ابسطها وأنفعها مما جعل مجموعة من أطباء كلية جامعة الإسكندرية أن يقوموا بدراسة بحثية طبية عميقة استغرقت عامين على مئات من المواطنين الأصحاء الذين لا يتوضأون وبالتالي لا يصلون واخذ عدد مساوٍ لهم من المنتظمين على الوضوء والصلاة.
وفحصت أنوفهم وأخذت مساحات منها لعمل زرع مختبري وفحص مجهري وكانت نتائج مدهشة نشرت في الأوساط العلمية داخل وخارج مصر وكان لها رد فعل إيجابي كبير، فقد ظهر فرق شاسع في الحالة الصحية لتجويف الأنف الداخلي بين المجموعتين من حيث اللون والملمس والسطح ووجود الأتربة والعوالق والقشور والإفرازات والأهم من ذلك: هو ظهور الأنف عند غالبية الذين يتوضأون باستمرار نظيفاً طاهراً خالياً من الجراثيم لخلو المزارع الجرثومية تماماً من أي نوع منها بينما أظهرت أنوف الذين لا يتوضأون مزارع جرثومية ذات أنواع متعددة وبكميات كبيرة.
ونستنتج من الدراسة القيمة أعلاه أن الذين يتوضاؤن هم في وقاية لأنفسهم من الأمراض المعدية التي تنتقل عن طريق المسالك التنفسية العليا ومن أهمها الأنف وكذلك فإنهم لا يشكلون مصدر عدوى في محيطهم ومجتمعهم بخلاف الذين لا يتوضاؤن ولا يستنثرون !!
المضمضة:
المضمضة هي إدخال الماء في الفم وإدارته في جميع أنحاه ثم إخراجه منه وهو من متطلبات الوضوء وقد ثبت أن المضمضة تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات، ومن تقيح اللثة، وتقي الأسنان من التنخر بإزالة الفضلات الطعامية العالقة بها، فقد ثبت علمياً أن 90% من الذين يفقدون أسنانهم قبل الأوان لا يهتمون بنظافة الفم حيث أن الصديد والعفونة في الفم عامل مهم جداً في تسبب كثير من الأمراض، وباستخدام السواك تزداد الصورة وضوحاً في عظمة دين الإسلام والحكمة من شرائعه، كما تبين أن المضمضة تنمي بعض العضلات في الوجه وقد تجعلهُ مستديراً... وهذا التمرين يذكره ويؤكد عليه القليل من أساتذة الرياضة لانصراف معظمهم إلى العضلات الكبيرة في الجسم فقط.
الوقاية من سرطان الجلد:
كما ثبت أن تأثير أشعة الشمس في إحداث سرطان الجلد لا يصيب إلا الأماكن الظاهرة المعرضة لها، وفائدة الوضوء وتكراره يكفل ترطب سطح الجلد بالماء وخاصة الجزء المعرض للأشعة الشمس مما يحمي الخلايا الداخلية من التعرض للآثار الضارة لأشعة الشمس (Ultraviolet light)، وهذا مما يؤكد فضل الوضوء كسلاح للمسلم يحتمي به من هذا المرض،علماً أن سرطان الجلد بأنواعه خاصة الملون منها (Melanoma) هو أكثر أنواع السرطان شيوعاً وأخطرها في المجتمع الغربي وأمريكا واستراليا هو مرض غير شائع في بلاد المسلمين رغم قوة أشعة الشمس فيها مما تشير إلى أهمية الوضوء وغسل الأعضاء بالماء للوقاية من هذه الإصابات وهذا يؤكد عظمة وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بترك تجفيف الأعضاء بعد الوضوء من الماء.
تخليص البدن من الأوساخ:
ومن فوائد الوضوء والاغتسال تخليص البدن من الأوساخ والأدران العالقة به وخاصة الأجزاء المكشوفة منه وباستمرار، ومن ثم تحفظ وظائف الجلد من أن تتعطل، وندرك هذه الفائدة بمعرفتنا لوظائف الجلد المتعددة ومنها كخط الدفاع الأول للجسم: فقد أثبتت دراسة أجرتها منظمة الصحة العالمية أن استعمال الماء النظيف فقط في الغسل من الماء يزيل حوالي 90% من الجراثيم وبدون الحاجة إلى إضافة المطهرات والمعقمات!!
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان ذلك فعن أبي هريرة رضي الله عنه (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء. قال صلى الله عليه وسلم: فذلك مثل الصلوات لخمس يمحو الله بهن الخطايا) [متفق عليه].
فالصلوات الخمس وما تتطلبه من وضوء وطهارة قبلها كشرط لصحتها تخلص البدن من الأدران الخارجية العالقة بالجسد وكذلك تخلص وتنقي النفس من الأدران الداخلية (الذنوب والمعاصي) أيضاً.
والحمد لله رب العالمين
موضوع مغلق


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 262.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 256.48 كيلو بايت... تم توفير 5.82 كيلو بايت...بمعدل (2.22%)]