أسباب هلاك الأمم - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74441 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-03-2019, 07:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي أسباب هلاك الأمم

أسباب هلاك الأمم
كتبه/ الشيخ أحمد فريد


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقد جرت سنة الله -عز وجل- في عباده أن يعاملهم بحسب أعمالهم، فإذا اتقى الناسُ ربَّهم -عز وجل- الذي خلقهم ورزقهم؛ أنزل الله -عز وجل- عليهم البركات من السماء، وأخرج لهم الخيرات من الأرض؛ قال الله -تعالى-: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ) (الأعراف:96)، وقال الله -تعالى-: (وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم ْ مَاءً غَدَقًا) (الجن:16).
وإذا تمرَّد العباد على شرع الله، وفسقوا عن أمره؛ أتاهم العذاب والنكال من الكبير المتعال، فمهما كان العباد مطيعين لله -عز وجل- معظمين لشرعه؛ أغدق الله -عز وجل- عليهم النعم، وأزاح عنهم النقم، فإذا تبدَّل حال العباد من الطاعة إلى المعصية، ومن الشكر إلى الكفر؛ حلت بهم النقم، وزالت عنهم النعم؛ قال الله -تعالى-: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (النحل:112).
فكُلُّ ما يحصل للعباد من إحن ومحن فبما كسبت أيديهم، ويعفو عن كثير، كما قال الله -تعالى-: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)، وقال الله -تعالى-: (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ) (الروم:36).
فالله -عز وجل- لا يبدِّل حال العباد من النعمة إلى النقمة، ومن الرخاء إلى الضنك والشقاء حتى يغيروا ما بأنفسهم من الإيمان إلى الكفر، ومن الطاعة إلى الفسق، قال الله -تعالى-: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) (الأنفال:53).
فما هي الأسباب التي يتنزَّل بها عذاب الله؟ وما هي سنة الله -عز وجل- في القوم المجرمين؟ وبتعبير آخر: ما هي أسباب هلاك الأمم؟

1- أول هذه الأسباب:

الكفر بالملِك الوهاب، وتكذيب الرسل الكرام -عليهم الصلاة والسلام-، فقد أهلك الله -عز وجل- الأمم السابقة: قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط، وأصحاب مدين، وقرونـًا بين ذلك كثيرًا؛ بسبب كفرهم بالله -عز وجل-، وتكذيبهم لرسله؛ قال الله -تعالى-: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَا مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ وَزِيرًا . فَقُلْنَا اذْهَبَا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَدَمَّرْنَاهُم ْ تَدْمِيرًا . وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ وَجَعَلْنَاهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ عَذَابًا أَلِيمًا . وَعَادًا وَثَمُودَ وَأَصْحَابَ الرَّسِّ وَقُرُونًا بَيْنَ ذَلِكَ كَثِيرًا . وَكُلا ضَرَبْنَا لَهُ الأَمْثَالَ وَكُلا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا . وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا بَلْ كَانُوا لا يَرْجُونَ نُشُورًا) (الفرقان:35-40)، وقال -تعالى-: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ . وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ . وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) (ق:12-14).

2- ومن أسباب هلاك الأمم:

كثرة الفساد وكثرة الخبث: قال الله -تعالى-: (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) (الإسراء:16).
قال الشنقيطي -رحمه الله-: "الصواب الذي يشهد له القرآن وعليه جمهور العلماء أن الأمر في قوله: (أَمَرْنَا) هو الأمر الذي هو ضد النهي، وأن متعلق الأمر محذوف لظهوره، والمعنى: (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا) بطاعة الله وتوحيده، وتصديق رسله واتباعهم فيما جاءوا به، (فَفَسَقُوا) أي: خرجوا عن طاعة أمر ربهم وعصوه، وكذبوا رسله: (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) أي: وجب عليها الوعيد (فَدَمَّرْنَاهَ� � تَدْمِيرًا) أي: أهلكناها إهلاكًا مستأصلاً، وأكد فعل التدمير بمصدره؛ للمبالغة في شدة الهلاك الواقع بهم".
ثم قال -رحمه الله-: "فإن قال قائل: إن الله أسند الفسق فيها لخصوص المترفين دون غيرهم في قوله: (أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا)، مع أنه ذكر عموم الهلاك للجميع المترفين وغيرهم في قوله: (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا) يعني: القرية، ولم يستثنِ منها غير المترفين.
والجواب من وجهين:
الأول: أن غير المترفين تبع لهم، وإنما خص بالذكر المترفين الذين هم سادتهم وكبراؤهم؛ لأن غيرهم تبع لهم كما قال الله -تعالى-: (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا) (الأحزاب:67)، وقال الله -تعالى-: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) (إبراهيم:21)، إلى غير ذلك من الآيات.
الثاني: أن بعضهم إن عصى الله وبغى وطغى، ولم ينههم الآخرون؛ فإن الهلاك يعم الجميع، كما قال الله -تعالى-: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الأنفال:25).
وكما في الصحيح من حديث أم المؤمنين زينب بنت جحش -رضي الله عنها- أنها لما سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ) وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُون؟َ"� � قَالَ: (نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخُبْثُ) (متفق عليه)" اهـ.

3- ومن أسباب هلاك الأمم:

الكفر بنعم الله -عز وجل- وعدم القيام بواجب شكرها؛قال الله -تعالى-: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ . فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم ْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ . ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلا الْكَفُورَ . وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ . فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُم ْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (سبأ:15-19).
وقال الله -تعالى-: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ) (النحل:112).

4- ومن أسباب هلاك الأمم:

ظهور النقص والتطفيف في الكيل والميزان، ومنع حق عباده، ونقض العهود، والإعراض عن أحكام الله -تعالى-، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

5- ومن أسباب هلاك الأمم:

التنافس في الدنيا، والرغبة فيها، والمغالبة عليها؛ عن عمرو بن عوف الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَوَافَوْا صَلاَةَ الْفَجْرِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- انْصَرَفَ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حِينَ رَآهُمْ، ثُمَّ قَالَ: (أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ)، فَقَالُوا: "أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ"، قَالَ: (فَأَبْشِرُوا، وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ؛ وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) (متفق عليه).

6- ومن أسباب هلاك الأمم:

الشح؛ وهو شدة حب المال، وجمعه من الوجوه المباحة وغير المباحة، ومنع الحقوق الواجبة؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقُوا الظُّلْمَ؛ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ؛ حَمَلَهُمْ عَلَى أَنْ سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ؛ أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخَلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا) (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

7- ومن أسباب هلاك الأمم:

كثرة التعامل بالربا، وانتشار الزنا -والعياذ بالله-؛ فإن هذا مما يخرب البلاد، ويهلك العباد، ويوجب سخط الرب -عز وجل-؛ عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إِلاَّ أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-) (رواه أحمد، وحسنه الألباني).
والربا نوعان:
ربا الفضل: وهو الزيادة في الجنس الربوي الواحد.
والأجناس الربوية: الذهب، والفضة، والبر، والشعير، والتمر، والملح، فمن زاد أو استزاد فقد أربى، الآخذ والمعطي سواء.
والنوع الثاني: هو ربا النسيئة، وهو الزيادة التي يأخذها صاحب الدين في مقابلة دنيه، قال الله -تعالى-: (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ . يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (البقرة:275-276).
وانتشار الزنا سبب لظهور الأوجاع والطواعين التي لم تكن في السالفين كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا) (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
وانتشار الزنا يرفع العفة، ويخلط الأنساب، ويجلب الفوضى، نسأل الله -عز وجل- أن يرفع عن بلاد المسلمين الربا والزنا.

8- ومن أسباب هلاك الأمم:

تقصير الدعاة في واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ عن أبي بكر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي هُمْ أَعَزُّ مِنْهُمْ وَأَمْنَعُ لاَ يُغَيِّرُونَ إِلا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ) (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وصححه الألباني).
وعنه -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَثَلُ الْمُدْهِنِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا مَثَلُ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا سَفِينَةً، فَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَسْفَلِهَا وَصَارَ بَعْضُهُمْ فِي أَعْلاَهَا، فَكَانَ الَّذِي فِي أَسْفَلِهَا يَمُرُّونَ بِالْمَاءِ عَلَى الَّذِينَ فِي أَعْلاَهَا، فَتَأَذَّوْا بِهِ، فَأَخَذَ فَأْسًا، فَجَعَلَ يَنْقُرُ أَسْفَلَ السَّفِينَةِ، فَأَتَوْهُ فَقَالُوا: "مَا لَكَ؟"، قَالَ: "تَأَذَّيْتُم� � بِي، وَلاَبُدَّ لِي مِنَ الْمَاءِ"، فَإِنْ أَخَذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَنْجَوْهُ وَنَجَّوْا أَنْفُسَهُمْ، وَإِنْ تَرَكُوهُ أَهْلَكُوهُ وَأَهْلَكُوا أَنْفُسَهُمْ) (رواه البخاري).
قال الإمام الغزالي -رحمه الله-: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو القطب الأعظم في الدين، وهو المهم الذي ابتعث الله له النبيين أجمعين، ولو طوي بساطه، وأهمل علمه وعمله؛ لتعطلت النبوة، واضمحَّلت الديانة، وعمَّت الفترة، وفشت الضلالة، وشاعت الجهالة، واستشرى الفساد، وخربت البلاد، وهلك العباد، ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التَّناد، وقد كان الذي خفنا أن يكون، فإنا لله وإنا إليه راجعون".

9- ومن أسباب هلاك الأمم:

ترك الجهاد والإخلاد إلى الأرض؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلاً لا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) (رواه أبو داود، وصححه الألباني)، واتباع أذناب البقر والرضا بالزرع علامة على الإخلاد إلى الأرض، والإخلاد إلى الأرض وترك الجهاد سبب الذل والهوان.

10- ومن أسباب هلاك الأمم:

مخالفة أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ قال الله -تعالى-: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور:63)، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بُعِثْتُ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ بِالسَّيْفِ حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) (رواه أحمد، وصححه الألباني).
11- ومن أسباب هلاك الأمم:
الغلو في الدين، والغلو هو: التنطع ومجاوزة الحد، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُو نَ) (رواه مسلم)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ) (رواه النسائي، وصححه الألباني).
فاللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الكفر والكافرين، وأعلِ راية الحق والدين

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.19 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.31 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.93%)]