الحج وحكمته وكيفيته - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الدور الحضاري للوقف الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          آفاق التنمية والتطوير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 3892 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 6965 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 6433 )           »          الأخ الكبير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          فوائد متنوعة منتقاة من بعض الكتب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 202 )           »          الحفاظ على النفس والصحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          شرح النووي لحديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          نظرية التأخر الحضاري في البلاد المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          الاستعلائية في الشخصية اليهودية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-11-2019, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,915
الدولة : Egypt
افتراضي الحج وحكمته وكيفيته

الحج وحكمته وكيفيته


الشيخ محمد علي عبدالرحيم




الحجُّ ركن من أركان الإسلام، ودعامة من دعامات الإيمان، من أداه فاهمًا حق الربوبية، عارفًا مقام العبودية، وأخلص لله النّية، فأقبل عليه تائًبا من ذنبه، شاكرًا لأنعمه، وجِلا من خشيته، طامعًا في رحمته، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.

ولما كانت أعمال الحجّ تؤدى مع عناء ومشقة، وفيه يفارق الحاج وطنه وولدانه، ويُعطل أعماله من زراعة أو تجارة، فقد فرض الله تعالى الحجّ مرة واحدة على كل فرد بالغ، ذكرًا أو أنثى متى استطاع أن يؤديه، قال تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]، وقال عليه الصلاة والسلام: (الحج مرة واحدة، فمن زاد فهو تطوع).

إن في الحجِّ مظهرًا من مظاهر عز الإسلام، وتوحيد الكلمة بين المسلمين، وإنه لشرف أن يُجهد الإنسان نفسه ويبذل ماله لخالقه ورازقه، بل هو الكسب الكبير، والربح المضاعف {وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [التوبة: 121].

إن الله تعالى شرع العبادات والمعاملات ليسير عليها النّاس، وينظموا بها أنفسهم دينًا ودنيا، ولم تُشرع هذه الشّرائع السماوية إلا لمصلحة العباد عاجلا وآجلا، ولم يأمر الله تعالى الإنسان بفعل شيء إلا لما فيه من خير ومصلحة، ولم ينه عن فعل شيء إلا لما اشتمل عليه من مفسدة ومضرة ، وكثير من الأحكام لا يُدرك العقل حكمة مشروعيتها، وحينئذ يذعن الإنسان لأمر تعبدي جعله الله ابتلاء، ليرتب عليه جزاءه وهو الحكيم العليم.

لكن العقل السليم أدرك أن الحجّ جمع من المزايا والفوائد، ما ليس في غيره من العبادات؛ ذلك لأن فعل ما أمر الله به: إما أن يكون حقًا للعبودية، أو شكرًا لنعم الله عليه.

وفي عبادة الحجّ إظهار العبودية، وشكر نعمة الله على عبده.

وإظهار العبودية يقتضي من العبد ترك الرفاهية، والتّجرد من الزّينة؛ ليعود العبد إلى الخضوع والذلة، كما يبدو ذلك في حالة الإحرام وغيره من العبادات البدنية.

وشكر الله على نعمه يتمثل في العبادات المالية، كأداء الزّكاة والحجّ الذي يجمع بين العبادة البدنية والمالية، ومع ذلك فإن الحج لم يفرضه الله إلا على من توافر لديه المال الكافي، وصحة البدن، ومن ثم كان في أداء الحج شكر لله على النعمتين، وفي ذلك تحقيق لرغبة إبراهيم عليه السلام، في أن يجعل الله قلوب النّاس تحن وتهوي إلى قوم من ذريته تشرفوا بجوار البيت الحرام.

يقول الله تعالى: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37 ]. ومما لا شك فيه أن في الحجّ ابتلاء في النّفس، فإن المفروض على الحاج أن يتعرض لأجواء مختلفة لا يألفها، وإلى تناول أطعمة لم يتعودها، كما أنه يهجر أحباءه وأوطانه؛ من أجل زيارة بيت الله الحرام مهما بَعُد هذا البيت عن وطنه، ولا يخفي أن في مفارقة تلك المحاب على اختلاف أنواعها، مع ما فيها من المشقة على النّفس فيه عناء؛ لأن السفر مهما تيسر فهو قطعة من العذاب.

وإذا صبر العبد على الابتلاء في المال والنفس كان داخلا في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]. (وإذا أحسن أداء حجته نال من الثواب ما وعد على لسان خير البشر:" من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).

وكما جاء في الحديث الصحيح: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنّة).

ناهيك بتعارف المسلمين وتبادل المنافع بينهم، والتّعارف سبب من أسباب المحبة، ومن هنا شرع الله صلاة الجماعة والعيدين، وأعظم من ذلك كله الوقوف بعرفة، الذي يعتبر بمثابة مؤتمر إسلامي يجتمع فيه المسلمون من المشارق والمغارب كل عام مرة؛ ليتدارسوا أحوالهم، ويقرروا مصائرهم، ويوحدوا كلمتهم.

ولو أن المسلمين فطنوا لحكمة اجتماعهم في هذه البقعة المباركة لنبذوا أسباب اختلافهم، وحققوا وحدتهم، عملا بقول نبيهم صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

ترى النّاس في مشاهد الحج أجناسًا مختلفة من البشر، تعددت لغاتهم، وتباينت ألسنتهم، لا فرق بين غني وفقير، ولا بين الملوك والسوقة، ولا بين أرباب القصور، وسكان الأكواخ ، فالحجاج أخوة متقاربون، ورفقة متماثلون متعاطفون انحسر عنهم كبرياء الألقاب، وعزة الأنساب.

يلتقون في صعيد واحد من أمم متباينة، وشعوب متباعدة، فإذا قلوبهم متعارفة تنبض بتوحيد الله تعالى، وتهتف ألسنتهم (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك. لا شريك لك لبيك).

ومعنى لبيك اللهم لبيك:إجابة منا لك يا ربنا بعد إجابة، لقد ناديتنا فأتيناك، وأمرتنا فأطعناك، وكل نعمة مصدرها منك.

فالحمد لك وحدك، لا رب سواك، ولا شريك لك في ملكك، وهذا هو منتهى الإخلاص في العبودية.

هذا نزر يسير من فضائل الحج.

وإذا كان الحجّ هو خامس أركان الإسلام، فليس معنى هذا أن نأخذه بالتراخي والفتور، بل ينبغي على كل من استطاع إليه سبيلا أن يتعجل به، فعن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة، وتعرض الحاجة) رواه أحمد وابن ماجة.

وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تعجلوا الحج فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له) رواه أحمد. ومن هنا أخذ بعض الأئمة أن الحجّ مفروض على الفور، كما رأى مالك رحمه الله، أن من استطاع التكسب في الطريق، وجب عليه الحج، فسُئل في ذلك فقال: أرأيت إن كان الإنسان له ميراث بمكة ماذا يفعل؟ كان يحبو إليه حبوًا) وروى سعيد بن منصور في سننه عن الحسن قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لقد هممت أن أبعث رجالا إلى الأمصار، فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين).

وإليك أهم ما يلزم معرفته من هدي النبي- صلى الله عليه وسلم- في الحج والعمرة، من غير شك أن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يحج بعد هجرته سوى حجة واحدة.

هي حجة الوداع، ولا خلاف في أنها كانت سنة عشر من الهجرة أما حجه- صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة فقد اُختلف فيه.


روى الترمذي عن جابر رضي الله عنه قال: (حج النبي- صلى الله عليه وسلم- ثلاث حجج: حجتين قبل أن يُهاجر، وحجة بعد ما هاجر معها عمرة) والله أعلم.


أما اعتماره عليه الصلاة والسلام: فقد اعتمر أربع عمر، كلهن في ذي القعدة:

الأولى: عمرة الحديبية سنة 6 من الهجرة فصده المشركون عن البيت فنحر البدن، حيث صد بالحديبية وحلق هو وأصحابه وحلوا من إحرامهم وجرى صلح الحديبية ورجع من عامه إلى المدينة وكان عدد الصحابة 1400.
الثانية: عمرة القضية في عام 7 دخل مكة وأقام بها ثلاث ليال، وسميت بذلك لاعتبارها قضاء للسابقة التي لم تتم، ولكن تمت عند الله واحتسبت لأن الأعمال بالنيّات.
الثالثة: عمرته من الجعرانة لما خرج إلى حنين ثم رجع إلى مكة، فاعتمر عام الفتح أي سنة 8 من الهجرة.
الرابعة: عمرته التي قرنها مع حجة الوداع عام 10 من الهجرة.


وكانت عمره كلها في أشهر الحج، مخالفة لهدي المشركين فإنهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج، ويقولون: هي من أفجر الفجور.


ولما عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحج أعلم الناس أنه حاج، فتجهزوا للخروج معه، وسمع بذلك من حول المدينة ممن يريدون الحج مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ووافاه في الطريق كثير لا يُحصى عددهم، وخرج من المدينة نهارًا يوم 24 ذي القعدة بعد أن صلى الظهر أربع ركعات وكان خروجه يوم السبت، وكان قد خطبهم يوم الجمعة، وذكر في خطبته شأن الإحرام وعلمهم ما يحتاجون إليه.


صلى الرسول بالمدينة الظهر أربعا كما أسلفنا، ثم ترّجل، وادهن، ولبس إزاره ورداءه، ولم يهل بعد (أي النيّة)؛ لأن الإهلال يكون من الميقات، ثم خرج من المدينة بين الظهر والعصر فنزل بذي الحليفة (آبار علي حاليا) على مسيرة أقل من نصف ساعة بالسيارة من المدينة، فصلى بها العصر ركعتين، ثم بات بها وصلى المغرب ثلاث، والعشاء ركعتين، والصبح والظهر ركعتين، يعني صلى خمس أوقات، وكان نساؤه جميعًا معه، وطاف عليهن تلك الليلة، ولما أراد الدخول في الإحرام؛ اغتسل لإحرامه ثانيًاـ غير غسل الجماع الأول، ثم طيبته عائشة بطيب فيه مسك، ثم لبس إزاره ورداءه وصلى الظهر ركعتين، ثم أهل بالحج والعمرة (لبيك اللهم بحج وعمرة)، ولم يقل نويت كما يفعل النّاس الآن، وقلّد قبل إحرامه بدنه نعلين، وأشعرها حتى تعرف أنها مهداه إلى الله ؛ لتنحر في مشاعر الله.

وهذا هو القران الذي فعله رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأنه ساق الهدي من بلده فلا يحل له أن يتحلل حتى يبلغ الهدي محله، ثم ركب ناقته وأهل أيضًا وشرع في التّلبية.

ثم أنه صلى الله عليه وسلم، خيّر الصحابة عند الإحرام بين الأنساك الثلاثة، عمرة، أو حج، أو قران لمن ساق معه الهدي، ثم ندبهم في الطريق إلى فسخ الحج إلى عمرة لمن لم يكن معه هدي، ثم حتم عليهم ذلك عند المروة بعد الانتهاء من السعي بين الصفا والمروة.

وفي ذي الحليفة ولدت زوجة أبي بكر أسماء بنت عميس، ولدًا فسماه الرسول محمدًا، وكان أصغر الصحابة سنًا.

وأمرها رسول الله أن تغتسل وتُحرم فتُلبى ولا تُصلي، وتفعل ما يفعله الحاج غير أنها لا تطوف بالبيت حتى تطهر.

ثم سار رافعًا صوته بالتلبية حتى إذا نزل بالعرج - وكان زاده وزاد أبي بكر على بعير واحد يحرسه غلام لأبي بكر- فجاء الغلام وليس معه البعير الذي يحمل التموين، فقال أبو بكر للغلام: أين البعير؟ فقال: أضللته البارحة - يعني : ضاع مني - فقال أبو بكر: بعير واحد تضله ؟ وطفق يضربه ورسول الله صلى الله عليه وسلم، يبتسم ويقول: (انظروا إلى هذا المحرم ماذا يصنع)؟ مشيرًا إلى أبي بكر، فخجل أبو بكر وكف عن ضرب الغلام، وبعد فترة جاء البعير بحول الله وعليه زاد الرسول وصاحبه.

ولما جاء مكان يسمى (سرف) حاضت عائشة - وقد أهلت بعمرة- فدخل عليها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي تبكي، فقال ما يبكيك ؟ لعلك نفست؟ قالت: نعم، فقال يسليها ويسري عنها: "هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، افعلي ما يفعله الحاج غير أنك لا تطوفين بالبيت".

ووصل ركب النبي صلى الله عليه وسلم، مكة يوم 5 ذي الحجة، فاغتسل النبي استعدادًا لدخول البيت، ثم دخل مكة من أعلاها، ولما وصل المسجد الحرام دخل برجله اليمنى، وقال بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام.

ثم بدأ في الطواف مبتدئًا من الحجر الأسود سبعة أشواط، يُسبح الله فيها ويحمده ويكبره ويدعو الله بما يشاء، وليس للطواف أذكار أو أدعية مخصوصة، ولكن الوارد أن يبدأ الطواف بالتكبير عند محاذاة الحجر الأسود، ويقبله إن استطاع، وإلا فلا حرج، ويقول بعد أن يستلم الركن اليماني ليختم طوافه لكل شوط : (ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار).

وحسنة الدنيا: تشمل الأولاد، والزوجة، والمال من أنعام وزراعة وتجارة إلى غير ذلك من الأمور، وحسنة الآخرة: تشمل محنة الموت، وفتنة القبر، والموقف العظيم وما فيه من حساب، نسأل الله السلامة.

وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم، النّاس يناجون ربهم، ويبعثون إليه شكاياتهم، ويطلبون منه سبحانه حاجات الدنيا والآخرة، وبعد الطواف أتى إلى مقام إبراهيم، وصلى ركعتين والناس يمرون بين يديه فلا يمنعهم، ثم أتى الحجر الأسود واستلمه، وشرب من ماء زمزم، وتضلع منها، ثم خرج إلى الصفا، فلما رقى فيها قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ} وقال ابدءوا بما بدأ به الله، وقال: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده).

ثم دعا ونزل إلى المروة ومشى (وهرول بين العمودين الأخضرين) ثم مشى إلى المروة، وفعل عندها كما فعل بالصفا ثم اندفع إلى الصفا، وهكذا حتى بلغت الأشواط سبعة، ذاكرًا الله تعالى أثناء سعيه، راجيًا منه مغفرته ورحمته، وبعد أن انتهى من سعيه أمر كل من لم يسق الهدي أن يجعله عمرة، ومن كان حاجًا أن يفسخ حجه إلى عمرة، ويتحللوا بالحلق أو التقصير.

ومن هذا الأمر الحتمي، كان الدخول إلى مكة في أيام الحج بالعمرة أفضل من الدخول بنية الحج، وذلك لأن التحلل من الحج إلى العمرة كان حتما بقضاء الله تعالى، ثم أقام صلوات الله وسلامه عليه بظاهر مكة أربعة أيام يقصر الصلاة فيها (الأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء) فلما كان يوم الخميس 8 ذي الحجة توجه بمن معه إلى منى، فأحرم بالحج من كان أحل من إحرامه بفسخ الحج إلى عمرة.

ولم يدخلوا المسجد الحرام ليحرموا منه ولم يطوفوا ولم يسعوا، ونزل بمنى وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرًا لا جمعًا، فلما أصبح يوم 9 وكان يوم جمعة صلى الصبح، ولما طلعت الشمس سار من منى إلى عرفة ملبيا للحج ومن معه، وكان أصحابه منهم الملبي، ومنهم المكبر، ويسمع أصواتهم ولا ينكر عليهم، حتى وصل إلى نمرة على حدود عرفة، وقد ضُربت له بها قبة حتى إذا زالت الشمس توجه إلى عرفة، فخطب على ناقته خطبة عظيمة، قرر فيها قواعد الإسلام، وهدم فيها الشرك والوثنية، ووضع فيها أمور الجاهلية تحت قدميه، ووضع الربا وأبطله، وأوصاهم بالنّساء خيرًا، كما أوصى الأمة بالاعتصام بالكتاب والسنة، وأنهم لن يضلوا أبدا ما داموا معتصمين بهما.

ولما أتم خطبته أذن بلال ثم أقام الصلاة فصلى الظهر ركعتين، وصلى العصر ركعتين جمع تقديم، وكانت قراءته سرية، ولما فرغ من الصلاة ركب إلى الموقف، وقال: "وقفت ها هنا، وعرفة كلها موقف" وظل يدعو الله تعالى، حيث قال: "أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة".


ومرة يهلل وتارة يلبي.

وفي موقفه هذا نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.18 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]