مسابقة في الكلام الأقل

[ابوالوليد المسلم]

مسابقة في الكلام الأقل


أ. محمد خير رمضان يوسف






يتقدَّمُ مدير المسابقة في خطوات متسارعة، وبيده لا قط الصوت، ثم يقف فجأة ويقول:
الإخوة المتسابقون، الإخوة الحضور.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كثر الكلام، ويمكن أن يُختصَر، وأن يُفهمَ منه كما يُفهمُ من الكلامِ الكثير.

فلماذا الزيادةُ في الكلام؟ ولماذا تضييعُ الوقت؟
لماذا لا نقتصرُ على المفيد، ولا نتركُ الغثَّ والزبَد؟
ونحن محاسَبون على كلِّ ما نقول، وكلما كثرَ الكلامُ زادت فيه نسبة الخطأ؟
لماذا لا نكونُ أصحابَ أعمالٍ أكثرَ مما نكونُ أصحابَ أقوال؟
وهذه أسئلة، يمكن يجيبَ عنها المتسابقون بأجوبةٍ تطولُ أو تقصر.

والإجابةُ الخطأ لا تحسبُ للمتسابقِ أصلاً، فإذا كانت صحيحةً جُعلت في ثلاثة أقسام:
الطويلة لها نصف الدرجة،
والقصيرة الكافية لها الدرجة الكاملة،
والقصيرة المخلَّة مثل الطويلة، وإذا نقصت فأقلّ.
وبما أن الهدف من هذه المسابقة هو حجم الكلام، فيكون التركيز والدرجة عليه، والأسئلة تكون سهلة.

وهناك ثلاثة متسابقين، ويُسألون أربعةَ أسئلة. فلنبدأ:
السؤال الأول: اذكر أسماء ثلاثة من الصحابة الفقهاء.
أحمد: عبدالله بن مسعود، معاذ بن جبل، أبو موسى الأشعري، رضي الله عنهم.
أسامة: منهم علي بن أبي طالب، وعبدالله بن مسعود.
عبدالرحمن: أولاً أحيي الحضور، وأرحب بزملائي معي، ونرجو أن نوفَّق في هذه المسابقة النمطية الجديدة، وأن نكون عند حسن ظن الجميع.

أما الجواب عن السؤال، فيجب أن نعلم أولاً أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا حريصين على العلم، وكانوا يتناوبون في حضور مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يفوتهم شيء منه، وصار منهم فقهاء، ورواة حديث، وقادة عسكريون، ومجاهدون أبطال، وولاة، ومستشارون، وقضاة، وعبّاد، وأغنياء كرماء..

فمن القادة خالد بن الوليد، وأبو عبيدة بن الجراح، ومن رواة الحديث أبو هريرة، ومن المفسرين عبدالله بن عباس، ومن الأغنياء عبدالرحمن بن عوف، ومن الفقهاء عمر بن الخطاب، وابنه عمر، وعبدالله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب، وأبو موسى الأشعري.. وغيرهم وغيرهم...
ولولا خشيةُ الإطالة لسردتُ أسماء أخرى..

السؤال الثاني: ما أنواع الحديث؟
أحمد: الحديث الصحيح، والحسن، والضعيف.
أسامة: الصحيح، والضعيف.
عبدالرحمن: إن علوم الحديث بحر زاخر، لا يقدر على الغوص فيه إلا أهله، ممن طلب وكابد وتمرَّس وحفظ وبحث ودرَّس وخرَّج...

ويجب أن نعرف أقسام الحديث أولاً، وهي: المتواتر، والآحاد، والمشهور.

وأنواعه: الصحيح، وهذا الصحيح ينقسم إلى قسمين، وهو الصحيح لذاته، والصحيح لغيره، والحديث الحسن، ويكون أيضًا حسنًا لذاته، وحسنًا لغيره، والنوع الثالث منه هو الضعيف، ويكون ضعيفًا، وضعيفًا جدًّا.

وأحيانًا يُجمع بين صفتين للحديث، مثل الحسن الصحيح، والحسن الصحيح الغريب، وغير ذلك، وليس هنا موضع تفصيله.

ويقسم الحديث حسب المنتهى إليه إلى مرفوع، وموقوف، ومقطوع.

وهناك أنواع للحديث الضعيف نفسه، لا حاجة لذكرها، لعدم اتساع الوقت..

أما الموضوع فليس حديثًا أصلاً، وإنما قيل له "حديث" تجاوزًا، فهو نوع خاص، يصنَّف وحده.

ويكفي هذا التوضيح في هذه العجالة، وشكرًا لكم.

السؤال الثالث: اذكر ثلاثة تفاسير مأثورة مشهورة.
أحمد: جامع البيان في تفسير القرآن المعروف بتفسير الطبري، تفسير القرآن العظيم المعروف بتفسير ابن كثير، الدر المأثور في التفسير بالمأثور للسيوطي.
أسامة: مثل: تفسير القرآن، وتفسير الطبري، وتفسير الثعلبي.
عبدالرحمن: ينبغي أن نعرف أولاً أن التفسير مهم، لأن به يكون التدبُّر، وهناك ألفاظ وآيات لا يُعرف معناها وما ترمي إليه من مقاصد إلا عند بيانها، أي: تفسيرها.

وهناك أنواع من التفسير، فمنها التفاسير المأثورة، وهذه المأثورة منها المسندة، ومنها غير المسندة، أما غير المأثورة فتسمى بتفاسير الرأي.

ومن أنواعه: التفاسير الفقهية، والكلامية، والإشارية، والنحوية، والبلاغية.. وغيرها مما استُحدث في هذا العصر.

فمن تفاسير الرأي: التفسير الكبير للفخر الرازي، والنحوية: تفسير أبي حيان الأندلسي، والفقهية: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، والبلاغية: الكشاف للزمخشري..

ومن التفاسير المأثورة: تفسير الطبري، وتفسير ابن كثير، والدر المأثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، والكشف والبيان عن تفسير القرآن للثعلبي (وفيه إسرائيليات)، ومعالم التنزيل للبغوي.. وغيرها.

وأشير إلى أن كل تفسير ينصبغ بثقافة مفسِّره ومجال تخصصه..

ولا يفوتني أن أستغلَّ هذه الفرصة من السؤال والجواب بأن أذكِّر إخواني لكي يجدِّدوا أسلوبهم في قراءة القرآن الكريم، ويركزوا على معانيه، ويعرفوا مقاصد سوره، ويعتبروا من قصصه، ويستوعبوا فوائده وإرشاداته.. ففي ذلك زيادة في إيمانهم وعلمهم، وزادٌ لآخرتهم، والله يحفظنا ويحفظهم.

السؤال الرابع: اذكر ثلاثة من أشهر المعاجم اللغوية العربية في تراثنا.
أحمد: القاموس المحيط للفيروز آبادي، ومختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر الرازي، ولسان العرب لابن منظور.

أسامة: منها المعجم، والقاموس، والعين.

عبدالرحمن: أولاً علينا أن نعرف أن أول معجم لغوي وضع بالعربية هو معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، ثم تتالت المعاجم، واجتهد مؤلفوها في ترتيبها على أشكال مختلفة، فمنها: مختار الصحاح للرازي، الذي اختصر به كتاب الصحاح للجوهري، ومنها المصباح المنير للفيومي، وهو في غريب الشرح الكبير للرافعي رحمه الله، ومنها القاموس المحيط للفيروز آبادي، الذي جمع فيه بين المـُحكَم لابن سيده والعُباب للصغّاني، ومنها المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده، وجمهرة اللغة لابن دريد، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس، ولسان العرب لابن منظور... وغيرها.

ولكل معجم ميزته، ولولا خوف الإطالة وضيق وقت المسابقة لبينت منهج كل مؤلف فيه، وكيفية استخراج ألفاظه منه، ولكن يكفي إلى هنا، وقد استحييت وأنا في كل مرة أتلقَّى إشارة من مدير المسابقة، فمن أراد الزيادة فعليه بمظانها في المراجع.. وشكرًا لاستماعكم.

مدير المسابقة: نعلن أسماء الفائزين:
أحمد، الأول.

عبدالرحمن، الثاني، ولو أنه أفاد أكثر، لكن المقال يجب أن يناسب المقام، وهو مقامُ الاختصار، ويمكن أن يكون كلامه شرحًا لكلام أحمد، وأن يفيد به في محاضرة أو درس، وأخذ وردّ، لا في مسابقة ووقت لا يمدّ.
أما أسامة، فإجاباته صحيحة، لكنها ناقصة، وأحيانًا مختصرة مخلة.
ونرجو له الفوز في مسابقات قادمة.

والسلام عليكم.

[ابوالوليد المسلم]

لا اله الا الله