المنهج السليماني وأهمية توظيفه في العصر الحالي - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4418 - عددالزوار : 854725 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3949 - عددالزوار : 389610 )           »          معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 23-09-2020, 01:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي المنهج السليماني وأهمية توظيفه في العصر الحالي

المنهج السليماني وأهمية توظيفه في العصر الحالي


جواهر بنت صويلح المطرفي






مقدمة:

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، مَن يهده الله فلا مُضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين.



أما بعد:

ففي وقت تموج فيه الفتن موجًا، واختلطت فيه المفاهيم خلطًا، حتى إنه ليُصدَّق الكاذب ويُكذَّب الصادق، ويؤتمن الخائن ويُخوَّن الأمين، في وقت أصبح الأب لا يستطيع أن يَضبِط أهل بيته، والمسؤول يشعر بالعجز عن إدارة شؤون من هم تحت إمرته، أحببتُ أن أضع منهجًا لكل قائد، لكل مسؤول، لكل أب وأم، ولكل راع مُستخلَف على رعيته، آخذين بوصية الحبيب - صلى الله عليه وسلم -: ((كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)).



ومن هنا وجدت أن القرآن الكريم قد وضع لنا صورةً مُشرِقة ومضيئة لقائد فذٍّ عظيم، قلَّ أن نجد في التاريخ له مثيلاً، استطاع بفِطنته وحُسْن سياسته أن يُمسِك بزمام رعيته (الجن والإنس والطير) ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ [النمل: 17].




وسوف أضع - بإذن الله - مجموعة من الأسس القرآنية السليمانية، التي ينبغي أن يتَّبِعها كل قائد يهتمُّ بشأن رعيته، سائلة المولى - عز وجل - أن ينفع بها الإسلام والمسلمين.



المنهج السليماني وأهمية توظيفه في العصر الحالي:

يحتاج القائد الناجح أن تكون لديه مجموعة من الأسس التي يجب توافُرها فيه كما صورَّها القرآن الكريم في نبي من أنبياء الله، ألا وهو سليمان - عليه السلام - وهي كالآتي:

أولاً - القائد العالِم:

إن من أهم ما يُميِّز القائد الناجح أن يكون لديه عِلم يقوده إلى الحق واتباعه، ونور من الله يمشي به بين الناس، ويجتهد في تحصيله والعمل به، وهذا ما كان يتحلَّى به نبي الله سليمان - عليه السلام - قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا ﴾ [النمل: 15]، وإذا أُضيفت نعمة الفَهْم للقائد، فأنعِم بها وأكرم! قال تعالى: ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ﴾ [الأنبياء: 79].




ثانيًا- القائد المسلم:

إن من أهم ما يُميِّز القائد الناجح أن يكون مصبوغًا بصبغة الإسلام: ﴿ صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ﴾ [البقرة: 138]، ومن أراد أن يكون له الإمامة في الدنيا والآخرة فلا بد أن يُسلِم نفسه لله؛ كما أسلم إبراهيم الخليل - عليه السلام - لربه طوعًا: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131]، جاعلاً إسلامه منهج حياة لصغير الأمور قبل كبيرها، وممتثلاً الأمر الرباني: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208].



وهذا فعلاً ما كان يتحلَّى به نبي الله سليمان - عليه السلام - في نفسه وفي دعوته، فكان أول ما قال حين دعا غيره: ﴿ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 31]، فهو مسلم لربه داعٍ غيره لدينه بدعوة الحق، التي يجب أن يَستشعرها كل قائد مسلم، ويضعها نصب عينيه.



ثالثًا- القائد الشاكر:

لقد صدَق القائل حين قال: "بالشكر تدوم النِّعم"، وأصدق من هذا القول قول ربنا - عز وجل -: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ [إبراهيم: 7].



والقائد الناجح هو مَن يعترف لمولاه بعظيم ما وهبه وحباه، ونجد أن نبي الله سليمان رُغم ما وهبه الله من نِِعم عظيمة فإنه لم يغترَّ بالنعم، ولم يستكبر ويَجحد نعمة الله، بل إنه كان شاكرًا لربه، يتَّبِع في نهجه نهج أبيه: ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران: 34]، فقام يُردِّد مع أبيه أجمل ما يُردِّد ابن مع والده: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النمل: 15].



وعندما أسمعه الله قولَ النملة، ما كان منه إلا أن: ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ ﴾ [النمل: 19].



وعندما رأى عرش بلقيس: ﴿ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ ﴾ [النمل: 40]، زاد شكره واعترافه بنِعم مولاه، الذي تفضَّل عليه واجتباه، وأوعز النعمة لصاحبها، وقال: ﴿ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40].



فما أحوج القائد إلى أن يكون شاكرًا لربه، معترفًا بأن هذا: ﴿ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحديد: 21]، ولا يعرف الفضل إلا أهل الفضل.



رابعًا- القائد المتواضع:

((مَن تواضَع لله رفعه))؛ كما قال - عليه الصلاة والسلام - ومن أكثر الصفات التي تجعل القائد يُواصِل رحلة نجاحه، أن تجده متواضعًا لله ثم لخَلْقه، وهذا فعلاً ما جعل سليمان - عليه السلام - مَلِكًا ناجحًا، سمع النملة حين قالت لقومها: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 18]، لم يتكبَّر سليمان ولم تأخذه الأَنَفة والعزة بما آتاه الله من فضله، بل إنه: ﴿ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا ﴾ [النمل: 19]، وهذا هو قمة التواضع أن سمِع للنملة، وتبسَّم ضاحكًا لقولها.



خامسًا- القائد المنظَّم:

أهم ما يميِّز القائد الناجح هو انتظامه، فالتنظيم في المملكة مطلَب مهم للقائد، فمتى ما تحلَّى به، نجح في قيادته.



قال الله تعالى عن سليمان - عليه السلام -: ﴿ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾ [النمل: 17]، وانظر - رعاك الله - أن اختلاف الأجناس، لم يَشغَل سليمان عن التنظيم، بل جعلهم يسيرون في كوكبة واحدة، كل يَعرِف مساره.



سادسًا- القائد الحازم:

ومع كل التواضع والرحمة التي امتلكها نبيُّ الله سليمان - عليه السلام - إلا أنه كان يعي أهمية الحزم لدى القائد الناجح؛ إذ لا بد لمملكة مترامية الأطراف من حَزْمٍ يَضبِطها وشيء من الشدة تتوازن معه الأمور.



وتجد هذه الصفة تتَّضِح جليًّا في حادثة الهدهد، ويمكن تحديد صفات الحزم لسليمان في نقاط:

1- تفقُّده لأحوال رعيَّته؛ قال تعالى عن سليمان: ﴿ وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ ﴾ [النمل: 20]، وهنا إشارة لطيفة؛ حيث قال الله: ﴿ الطَّيْرَ ﴾ إشارة إلى الجمع الكثير من الطيور، ولم يتفقَّد جنس الهدهد فقط، وهنا تبرُز أهمية الإحاطة للقائد الحازم.



2- السؤال عن أفراد مملكته؛ قال تعالى: ﴿ فَقَالَ مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ ﴾ [النمل: 20]، لغة القوة هنا مطلوبة، خاصة عندما يكون لديك أفراد تَكِل إليهم شيئًا من أمورك.



سابعًا- القائد المتأني:

ومتى ما كان القائد يجيد صفة التبصُّر والتأني كان موفَّقًا وأقرب للصواب؟ كيف لا والتأني لا يأتي إلا بخير، خصوصًا في أحوال الرعية والنظر فيها! وهي صفة يحبها الله؛ كما قال - عليه الصلاة والسلام -: ((إن فيك خَصلتين يحِبُّهما اللهُ الحِلمُ والأناة)).



وسليمان - عليه السلام - راعى هذا المبدأ، حين قال للهدهد: ﴿ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [النمل: 27].



ثامنًا- القائد المتحاور:

إرسال الكتاب من نبي الله سليمان - عليه السلام - إلى ملكة سبأ فيه دليل على أن القائد الناجح لا بد أن يجعل الحوار أول الطرق للتعامل مع المخالفين.




فقال سليمان - عليه السلام - للهدهد: ﴿ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ﴾ [النمل: 28]، هل اكتفى بهذا فقط؟ لا، وإنما: ﴿ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ﴾ [النمل: 28]، إن إعطاء الفرصة أمام مَن يُخالفك دليل على تحمُّلك، وهذه صفة القائد المميَّز الذي يتطلَّع أن يَجذِب القلوب إلى الحق.




تاسعًا- القائد الواضح:

كلما كان القائد واضحًا في منهجه وفي أسلوب دعوتِه، كان أقدر على تولي زِمام الأمور، وكان أقدر على ضبْط أحوال رعيَّته، وأهم ما يُميِّز منهج سليمان - عليه السلام - هو وضوحه في منهجه وفي دعوته، ولعل هذا يظهر جليًّا في كتابه الذي أرسله إلى ملكة سبأ حين: ﴿ قَالَت يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ * إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 29 - 31]، اختصارًا في الدعوة وتحديد الهدف بدقة.



عاشرًا- القائد الثابت:

لعل صفة الثبات في القائد الناجح هي التي تُحدِّد مدى استمراره من عدمه، ومتى ما تحلَّى بها القائد، اتضح له معالم الطريق الذي يسير فيه، قال سليمان عندما عَرضت عليه ملكة سبأ هدية قائلة: ﴿ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [النمل: 35]، فكان رد سليمان في الحال: ﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ﴾ [النمل: 36]..



حادي عشر- القائد الصادق:

ليس للعبد شيء أنفع من صِدقه ربه في جميع أموره - كما قال ابن القيم رحمه الله -: "ومن تحرَّى الصدق هداه صِدْقه إلى البرِّ ثم إلى الجنة".




وعندما أتى رسولُ بلقيس إلى نبي الله سليمان - عليه السلام - محمَّلاً بالهدايا والأموال، غضِب سليمان من هذا الفَهْم العقيم، فقال لهم موبِّخًا: ﴿ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ﴾ [النمل: 36]، المداهَنات لا تعرف طريقها إلى قلب سليمان - عليه السلام.




ثاني عشر- القائد القوي:

يحتاج القائد الناجح إلى القوة التي تُعينه على قيادته وسياسة دولته، وتأمَّل حال نبي الله سليمان، وذلك بعد أن فتح سليمان - عليه السلام - باب الحوار، ورأى أن العدو أصبح يُماطِل، أراد أن يغيِّر المنهج فاتخذ أسلوب القوة، فقال بسرعة خاطفة: ﴿ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [النمل: 37]، وبعد هذا القول المُفعَم بالقوة أراد سليمان أن يتوِّج قوله بفعل، وهذا ديدن القائد المتمكِّن من القول والفعل معًا.




ثالث عشر- القائد المشاور:

مهما امتلك القائد من صفات قيادية، فهي لا تخوِّله أن يكون بمَعزِل عن الناس، وألا يأخذ بمشورتهم؛ ولذلك قال الله تعالى لنبيه محمد - عليه الصلاة والسلام -: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159].




ولم يُغفِل نبي الله سليمان - عليه السلام - هذه النقطة، بل استخدمها كأحسن ما يستخدمها القائد الفذ؛ فقال لأفراد مملكته: ﴿ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: 38]، ولاحِظْ أن قضية القائد محدَّدة: ﴿ قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾، وتراه يُكثِر من قول الإسلام؛ لأن هذا هو الهدف الذي يسعى لأجله.




رابع عشر- القائد الفطن:

بعد أن رأى سليمان - عليه السلام - عرش بلقيس ماثلاً أمام عينيه، قال لجنوده: ﴿ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ ﴾ [النمل: 41]، أراد سليمان أن يختبر سلامة عقل بلقيس بهذا الفعل الذكي، وفعلاً نجح القائد في الوصول إلى مرماه.




خامس عشر- القائد القدوة:

تتطلَّب القيادة القدوة الصالحة التي من شأنها أن تَدفَع بالناس إلى الأخلاق القويمة، ومتى ما وجدها القائد الناجح كان أحقَّ بها.




لذلك استطاع سليمان - عليه السلام - بما حباه الله من إيمان عميق وفَهْم دقيق، أن يكون سببًا في هداية أكبر قائد في مملكة سبأ، فكان جواب مَلِكتهم: ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [النمل: 44].




سادس عشر- القائد الوَرِع:

يحتاج القائد لكي يَضبِط حال مملكته أن يتورَّع عن بعض الأمور التي من الممكن أن تشغَله عن رعيَّته، فكيف إن كانت هذه الأمور تشغَله عن ربه؟؟ فمن باب أولى أن يتركها لوجه الله، قال الله وهو يحكي قصة سليمان مع الخيل، وحين أدرك أنها شغلتْه عن ذِكْر الله: ﴿ فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ ﴾ [ص: 32]، فكانت النتيجة من سليمان - عليه السلام -: ﴿ رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ ﴾ [ص: 33]، أدرك سليمان بفَهْمه العميق الذي امتنَّ الله به عليه، أن بعض الأمور تحتاج إلى استئصال شأفتها من الجذور، وليس الفروع فحسب، وهذه نُكتة لطيفة قلما يتفطَّن لها القائد في ظلِّ تزاحُم الأمور لديه.





وبعد عرْض هذه السلسلة من الأسس التي وضعها الله أمام قادة الدول، أتمنَّى أن تلقى كلماتي القَبُول، وأن ينفع الله بها كلَّ مَن ولاه الله أمرًا من أمور المسلمين، والله ولي التوفيق.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 107.25 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 105.31 كيلو بايت... تم توفير 1.94 كيلو بايت...بمعدل (1.81%)]