تعلمتُ من رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : أبـو آيـــه - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858898 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393263 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215631 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-10-2023, 03:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي تعلمتُ من رسول الله – صلى الله عليه وسلم

تعلمتُ من رسول الله – صلى الله عليه وسلم


  • من الخلق العظيم رعاية النبي - صلى الله عليه وسلم - مشاعر النائم والمستيقظ فلا هو أهمل السلام على المستيقظ بدعوى المحافظة على نوم النائم ولا هو أيقظ النائم بالسلام على المستيقظ وفي هذا تركيز شديد وانتباه بعيد للجمع بين المتناقضَيْن حفاظًا على مشاعر الناس
فمن المعلوم من الدين ضرورة، أن النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو آخر الأنبياء ولا نبي بعده، أرسله الله -تعالى- إلينا، فهو -عليه الصلاة والسلام- في أمته أول المؤمنين، ولن يأتي أحد بعده يستدرك عليه في تعليمه - صلى الله عليه وسلم -؛ ولهذا وصف الصحابي الجليل معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه - النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعليمه بقوله: « فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ». (صحيح مسلم ح 537). وما أروع قوله - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه! وهو يبين مكانته ومسؤوليته التعليمية في الأمة: « إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ مِثْلُ الْوَالِدِ، أُعَلِّمُكُمْ». (مسند أحمد ح 7409) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - وإسناده قوي.
  • وما أحسن تكليف الله -تعالى- له - صلى الله عليه وسلم - للقيام بتلك المهمة التعليمية السامية! حين ابتعث الله الرسولَ - صلى الله عليه وسلم -، وأَوحَى إليه أنْ يعَلِّمَ الناسَ الكِتَابَ، ويُبين لهم ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهم: فقال -جل جلاله-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. (الجمعة:2).
  • وتعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - للأمة كان بالقول والفعل والتقرير. وأمامنا ثلة من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - تُعد قبسا من أخلاقه الكريمة التي تخرج من مشكاة القرآن الكريم، حين يصف الله -تعالى- سيد الثقلين بقوله -تعالى-:{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}. (القلم:4).
أولًا: مراعاة شعور الناس:
- إن مراعاة شعور الآخرين والإحساس بهم خلق عظيم، ينمُّ عن أدب ووعي وحرص وفقه، وهو يؤدي إلى دوام المودة، وإفشاء المحبة، واندحار الشيطان عند حصول قوة الأخوة، ومتانة روابطها، فها هو ذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدخل مسجده بعد العِشاء وقد نام ناس من أصحابه، وقام آخرون ما بين ساجد وراكع وجالس يذكر الله -تعالى-، فكان يدخل - صلى الله عليه وسلم - المسجد كما يقول المقداد بن الأسود - رضي الله عنه -: « فَيَجِيءُ - صلى الله عليه وسلم - مِنَ اللَّيْلِ فَيُسَلِّمُ تَسْلِيمًا لَا يُوقِظُ نَائِمًا، وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ». (صحيح مسلم ح 2886).
  • قال الإمام النووي -رحمه الله تعالى:
قَوْلُهُ: «إنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَجِيءُ مِنَ اللَّيْلِ فيسلم تسليما لا يوقظ نَائِمًا وَيَسْمَعُ الْيَقْظَانَ» هَذَا فِيهِ آدَابُ السَّلَامِ عَلَى الْأَيْقَاظِ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ نِيَامٌ، أَوْ مَنْ فِي مَعْنَاهُمْ، وَأَنَّهُ يَكُونُ سَلَامًا مُتَوَسِّطًا بين الرفع والمخافتة؛ بحيث يُسمِع الأيْقاظ ولا يهوش عَلَى غَيْرِهِمْ. شرح النووي على مسلم (14/ 14). وهذا من الخلق العظيم في رعاية مشاعر الجميع، فلا هو - صلى الله عليه وسلم - أهمل السلام على المستيقظ بدعوى المحافظة على نوم النائم، ولا هو أيقظ النائم بالسلام على المستيقظ، وفي هذا تركيز شديد، وانتباه بعيد للجمع بين المتناقضَيْن، حفاظًا على مشاعر الناس.
  • ومن الأمثلة الرائعة من رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في المحافظة على مشاعر الناس ما جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «...فَرَأَيْتُ سَوَادًا كَثِيرًا سَدَّ الأُفُقَ، فَقِيلَ: هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ، وَمَعَ هَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ». فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهُمْ، فَتَذَاكَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: أَمَّا نَحْنُ فَوُلِدْنَا فِي الشِّرْكِ، وَلَكِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَكِنْ هَؤُلاَءِ هُمْ أَبْنَاؤُنَا، فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لاَ يَتَطَيَّرُونَ، وَلاَ يَسْتَرْقُونَ، وَلاَ يَكْتَوُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ - رضي الله عنه- فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَمِنْهُمْ أَنَا؟ فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ». (صحيح البخاري ح 5752).
ثانيًا: ربْطُ المواقف والمشاهد دائمًا بالله واليوم الآخر:
  • وهذا من حماية النبي - صلى الله عليه وسلم - جناب التوحيد، وتعريف الناس بخالقهم من خلال حياتهم العامة، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه- قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَبْىٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْىِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِى، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْي أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ فَقَالَ لَنَا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ»؟ قُلْنَا لاَ وَهْىَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا». صحيح البخاري /5999. ومسلم. والسبي: هي النساء المأسورة من الحروب لدى المسلمين.
  • قال المُلَّا القاري -رحمه الله-: وَفَائِدَةُ هَذَا الْحَالِ أَنَّهَا إِنِ اضْطُرَّتْ يُمْكِنُ طَرْحُهَا، وَاللَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الِاضْطِرَارِ فَلَا يَطْرَحُ عَبْدَهُ فِي النَّارِ أَلْبَتَّةَ». مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (4/ 1643). ومن شرح هذا الحديث يظهر سعة رحمة الله بعباده، فهذه المرأة في تلك الحال التي يستحيل فيها أن تلقي ولدها في النار، لكنها لو اضطرت - مع صعوبة ذلك - ستلقيه، لكن الله القوي القاهر، الغني القادر، منزه عن الاضطرار لأنه -تعالى- لا يُعجزه شيء، فإذَن تثبت سعة رحمته بعباده، وهذا هو المفهوم الذي أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يوصله لأصحابه بطريقة تجعلهم أكثر استيعابًا وفهمًا لتلك الحقيقة.
  • وفي ربط العباد بخالقهم -جل وعلا- من خلال المواقف الحياتية أيضًا نرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد أن يوصل لأصحابه مدى حقارة الدنيا وهوانها على الله -عز وجل-، لكي تهون أيضًا في أعينهم فلا يتنافسوا فيها التنافس المهلك. فعَنْ جَابِرِ بْنِ عبداللهِ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِالسُّوقِ، دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟» فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟» قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَاللهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ». صحيح مسلم ح 2957.
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى:
  • والجدي من صغار الماعز، وهو أسك: أي مقطوع الأذنين،...فهذا جدي ميت لا يساوي شيئاً، ومع ذلك فالدنيا أهون وأحقر عند الله -تعالى- من هذا الجدي الأسك الميت، فهي ليست بشيء عند الله، ولكن من عمل فيها عملاً صالحاً، صارت مزرعة له في الآخرة، ونال فيها السعادتين: سعادة الدنيا وسعادة الآخرة. أما من غفل وتغافل وتهاون ومضت الأيام عليه وهو لم يعمل، فإنه يخسر الدنيا والآخرة. قال الله -تعالى-: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}. (الزمر:15. وانظر شرح رياض الصالحين 3/ 364) لابن عثيمين -رحمه الله.
ثالثًا: قلة الكلام وعدم إملال الناس:
كثيرًا ما تدور حوارات بين الناس، فيتكلم كل أحد، ويطيل ويزيد ويعيد، ويتكلم من لا يعنيه الأمر، وربما الموضوع لا يحتاج أكثر من ثوانٍ معدودة، لكن الفراغ يصنع ذلك وأكثر، فراغ المخ وفراغ الوقت، وفراغ العلم. ولم يكن نبينا - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة هكذا، وإنما هم أهل علم وعبادة وجهاد في سبيل الله -عز وجل- وتكافل وتعاون.
  • والنبي - صلى الله عليه وسلم - أرسى لعلاج ذلك قواعد مُثلَى، وطرائق حُسنَى، فمن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: « مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ «. مسند أحمد ح 1737، حديث حسن بشواهده.
قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-:
وَمَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِهِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ مِنْ قَوْلٍ وَفِعْلٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا يَعْنِيهِ مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ؛ وَمَعْنَى يَعْنِيهِ: أَنَّهُ تَتَعَلَّقُ عِنَايَتُهُ بِهِ، وَيَكُونُ مِنْ مَقْصِدِهِ وَمَطْلُوبِهِ، وَالْعِنَايَةُ: شِدَّةُ الِاهْتِمَامِ بِالشَّيْءِ، يُقَالُ عَنَاهُ يَعْنِيهِ: إِذَا اهْتَمَّ بِهِ وَطَلَبَهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتْرُكُ مَا لَا عِنَايَةَ لَهُ بِهِ وَلَا إِرَادَةَ بِحُكْمِ الْهَوَى وَطَلَبِ النَّفْسِ، بَلْ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَالْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا جَعَلَهُ مِنْ حُسْنِ الْإِسْلَامِ، فَإِذَا حَسُنَ إِسْلَامُ الْمَرْءِ، تَرَكَ مَا لَا يَعْنِيهِ فِي الْإِسْلَامِ مِنَ الْأَقْوَالِ. (جامع العلوم والحكم 1/ 288).
  • وعَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -]-: «يَا أَحْنَفُ، مَنْ كَثُرَ ضَحِكُهُ قَلَّتْ هَيْبَتُهُ، مَنْ مَزَحَ اسْتُخِفَّ بِهِ، وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ عُرِفَ بِهِ، وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ، وَمَنْ كَثُرَ سَقَطُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ، وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ، وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ». المعجم الأوسط للطبراني (2/ 370).
وقال الإمام مالك -رحمه الله:
«من لم يَعُدّ كلامه من عمله كثر كلامه». وقال: «ولم يكونوا يهذرون الكلام هكذا. ومن الناس من يتكلم بكلام شهر في ساعة». وقال: «وكان الربيع بن خيثم أقل الناس كلاماً». وقال أيضًا:« ويقال: إن البلاء موكل بالقول». موطأ مالك ت الأعظمي (1/ 265). كل هؤلاء تعلموا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي كان يسمع كلامًا كثيرًا فيرد بميسور القول.
  • وفي موقف آخر نرى قلة كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الحديث في قضية قتل أحد المسلمين في ديار اليهود، ولم يكن معروفًا قاتله بالتحديد، وعلينا أن ننظر إلى كلماته المحدودة المعدودة.
عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ عبداللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ، إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عبداللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَمَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عبدالرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ، وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَهَبَ عبدالرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «كَبِّرْ كَبِّرْ» وَهُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا، فَقَالَ: «تَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ قَاتِلَكُمْ، أَوْ صَاحِبَكُمْ»، قَالُوا: وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ قَالَ: «فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ»، فَقَالُوا: كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ، فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ عِنْدِهِ». صحيح البخاري ح 3173. يعني: دفع ديته إلى أهله من عنده - صلى الله عليه وسلم -، كل هذا مع قلة الكلام كما رأينا.
  • وقد وصفت أم المؤمنين عائئشة -رضي الله عنها- حديثه - صلى الله عليه وسلم - فكان وصفها هكذا:
عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان كلام رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فصلًا يفهمه كل من سمعه، وفي رواية: كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لا يسرد سردكم هذا، كان يتكلم بكلام ينشئه فصلًا يحفظه من يسمعه. وفي رواية كان رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يحدث حديثا لو عدّه العاد لأحصاه. إمتاع الأسماع للمقريزي رحمه الله -تعالى- (2/ 260). قال -تعالى-: (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً»). الأحزاب/21

اعداد: جمال عبدالرحمن




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-10-2023, 05:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تعلمتُ من رسول الله – صلى الله عليه وسلم

تعلمتُ من رسول الله – صلى الله عليه وسلم (2)

– الإصرار على التزام أمر الله


  • كان رسول الله صلى الله عليه وسلم غاية وقِمة في الامتثال لشرع الله تعالى وكان منهجه الصارم سمعنا وأطعنا
  • كان النبي صلى الله عليه وسلم يصر على الالتزام بما أوحي إليه لا يتجاوزه قدر أنملة
أرسل الله -تعالى- رسولنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم- بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأوحى إليه كما أوحى إلى نوح والنبيين من بعده، وأمره الله -عز وجل- بإقامة دينه والاستقامة على أمره، فقال -جل وعلا-:{فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}. (هود/112).
ولقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- غاية وقِمة وأُمَّةً في الامتثال لشرع الله -تعالى- فكان منهجه الصارم، سمعنا وأطعنا. وهذا ما سنراه في مواقفه كافة.
(1) قصة المرأة المجادلة
المرأة المجادلة خولة بنت ثعلبة -رضي الله عنها-، حدثت لها مشكلة طلاق مع زوجها أوس بن الصامت - رضي الله عنه -، وكانت هي وزوجها فقيرين أشد الفقر، ولم يكن لها عائل يعولها بعد هذا الزوج، فلما جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- تشكو له ظِهار زوجها لها، أخبرها النبي بأنها طالق وحَرُمَت على زوجها، فظلت تلح وتجادل وتحاور، والنبي - صلى الله عليه وسلم- ليس لديه وحي جديد يعالج حالتها غير أنها طالق، فالتزم بما يعلمه من شرع ربه في هذه القضية، ومع أنه بالمؤمنين رؤوف رحيم، وعزيز عليه ما يعنتهم ويؤلمهم، فلم تأخذه عاطفته أن يغير مجرى النص والشرع.
إصرار النبي - صلى الله عليه وسلم- على الالتزام بالوحي
وفي تفسير عبد الرزاق يظهر إصرار النبي - صلى الله عليه وسلم- على الالتزام بما أوحي إليه لا يتجاوزه قدر أنملة، فقد ذكر عبد الرزَّاق عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ الرَّجُلَ قَالَ: وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ رَقَبَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم-: «مَا أَنَا بِزَائِدِكَ»، يعني ما عندي البديل الزائد عما قلت لك فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (المجادلة: 4) فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؛ مَا أُطِيقُ الصَّوْمَ، إِنِّي إِذًا لَمْ آكُلْ فِي الْيَوْمِ كَذَا وَكَذَا أَكْلَةٍ لَقِيتُ وَلَقِيتُ، فَجَعَلَ يَشْكُو إِلَيْهِ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم-: «مَا أَنَا بِزَائِدِكَ فَنَزَلَتْ»، {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} (المجادلة: 4).
الوقوف على الوحي
والناظر فيما تقدم يرى إصرار النبي - صلى الله عليه وسلم- على الوقوف على ما أوحي إليه دونما أي تزحزح عنه رغم صعوبة ما يرى من أحوال أصحابه، فقوله - صلى الله عليه وسلم- لها مكررًا:» حَرُمْتِ عَلَيْهِ، حَرُمْتِ عَلَيْهِ، ما أوحي إلي في هذا شيء، هُوَ مَا قُلْتُ لَكِ»، وقوله لزوجها أيضًا:» مَا أَنَا بِزَائِدِكَ، مَا أَنَا بِزَائِدِكَ»، يدل على تمسكه الشديد بنصوص الوحي مهما اشتد الأمر وعَظُمَ الخَطْب. إن النبي - صلى الله عليه وسلم- يحقق في ذلك أمر الله -تعالى- له، وهو أمر يشمل الأمة جميعًا، وهو قوله -جل وعلا-: {فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ}. (هود/112)، وكذلك قول الله -تعالى- عن عيسى -عليه الصلاة والسلام- كما حكى القرآن الكريم: «مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ». (المائدة/117).
(2) دقة استخدام الألفاظ النبوية
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ»، قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- فَلَمَّا بَلَغْتُ: اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، قُلْتُ: وَرَسُولِكَ، قَالَ: «لاَ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ». (صحيح البخاري ح 247 ومسلم)، وهنا يظهر أيضًا تمسُّك النبي - صلى الله عليه وسلم- بالوحي لا يغيره ولو في كلمة واحدة، لأن ما ينطق به ما هو إلا وحي يوحى إليه من ربه -تبارك وتعالى.
أَلْفَاظُ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ
قال ابن بطال -رحمه الله تعالى-: قوله - صلى الله عليه وسلم-: «ونبيك الذي أرسلت» حجة لمن قال: إنه لا يجوز نقل حديث النبي - صلى الله عليه وسلم- على المعنى دون اللفظ، وهو قول ابن سيرين، ومالك وجماعة من أصحاب الحديث، وقال المهلب: إنما لم تبدل ألفاظه - صلى الله عليه وسلم- لأنها ينابيع الحكمة، وجوامع الكلام، فلو جُوِّز أن يعبر عن كلامه بكلام غيره سقطت فائدة النهاية في البلاغة التي أعطيها - صلى الله عليه وسلم. (شرح صحيح البخارى لابن بطال:1/ 365). وقال ابن حجر -رحمه الله-: وَأَوْلَى مَا قِيلَ فِي الْحِكْمَةِ فِي رَدِّهِ - صلى الله عليه وسلم- عَلَى مَنْ قَالَ الرَّسُولَ بَدَلَ النَّبِيِّ: أَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَهَا خَصَائِصُ وَأَسْرَارٌ لَا يَدْخُلُهَا الْقِيَاسُ، فَتَجِبُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ. وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمَازِرِيِّ، قَالَ: فَيُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى اللَّفْظِ الْوَارِدِ بِحُرُوفِهِ، وَقَدْ يَتَعَلَّقُ الْجَزَاءُ بِتِلْكَ الْحُرُوفِ، وَلَعَلَّهُ أَوْحَى إِلَيْهِ بِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ فَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهَا بِحُرُوفِهَا. (فتح الباري لابن حجر 11/ 112)، وهذا ما التزمه النبي - صلى الله عليه وسلم- في عدم تغيير لفظ واحد في النص ولو جيء بمرادِفِه. قال الشوكاني -رحمه الله تعالى-: وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي التَّعَبُّدِ بِالْأَلْفَاظِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ إلَى لَفْظٍ آخَرَ لَا يَتَحَقَّقُ مَعَهُ الِامْتِثَالُ. (نيل الأوطار :2/ 357). ومما سبق يتبين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ما أصر على تعديل لفظ الرسول إلى النبي من تلقاء نفسه؛ لأنه كما قال عنه ربه -عز وجل-: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}. (النجم:3، 4).
(3) قصة آية الملاعنة
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ - رضي الله عنه - قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم- بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- لهلال: «البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ»، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ فَجَعَلَ النَّبِيُّ -[- يَقُولُ: «البَيِّنَةَ وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ» فَقَالَ هِلاَلٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} (النور: 6) فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (النور: 9) فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلاَلٌ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟» ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لاَ أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم-: «أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ»، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم-: «لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ». (صحيح البخاري ح 4747).
البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ
وفي تكرار قول النبي - صلى الله عليه وسلم- لهلال - رضي الله عنه -: «البَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ»؛ التزام بما عليه الشرع حتى تلك اللحظة، رغم أن هلالًا قال كلامًا منطقيا عقليا جدا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ؟ والنبي - صلى الله عليه وسلم- نفسه يفهم كلام هلال ومنطقه، لكن الذي يلتزم به النبي - صلى الله عليه وسلم- أكثر أنه لا اجتهاد مع النص، ولا يغلب العقل النقل، ولا يقدَّم عليه، ولا يُضرَب لله الأمثال، إنما روح النصوص في الامتثال؛ فأنزل الله ما يوافق منطق هلال؛ حيث قال للنبي - صلى الله عليه وسلم-: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ. فلما نزلت آية اللعان دار النبي - صلى الله عليه وسلم- مع الحق حيث دار، وسار مع النص حيث سار. قال المباركفوري -رحمه الله تعالى-: وَلَوْلَا مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللَّهِ من بيان: أَيْ لَوْلَا مَا سَبَقَ مِنْ حُكْمِهِ بِدَرْءِ الْحَدِّ عَنِ الْمَرْأَةِ بِلِعَانِهَا - صلى الله عليه وسلم-لَكَانَ لَنَا وَلَهَا شَأْنٌ، أَيْ فِي إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا، والْمَعْنَى لَوْلَا أَنَّ الْقُرْآنَ حَكَمَ بِعَدَمِ الْحَدِّ عَلَى الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَعَدَمِ التَّعْزِيرِ لَفَعَلْتُ بِهَا مَا يَكُونُ عِبْرَةً لِلنَّاظِرِينَ وَتَذْكِرَةً لِلسَّامِعِينَ. (تحفة الأحوذي:9/21)، إنه النبي - صلى الله عليه وسلم- القدوة الحسنة في أبهى صورها وأعلاها، وللمسلمين فيه الأسوة والقدوة الحسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا.

اعداد: جمال عبدالرحمن




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 70.78 كيلو بايت... تم توفير 2.11 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]