الأندلس من الفتح إلى السقوط - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4416 - عددالزوار : 852350 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3947 - عددالزوار : 387688 )           »          هل لليهود تراث عريق في القدس وفلسطين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 33 - عددالزوار : 1051 )           »          أوليــاء اللــه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          المشكلات النفسية عند الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          هل المديرون بحاجة للحب؟هل تحب وظيفتك ومكان عملك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          وأنت راكع وساجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          لماذا تصاب المرأة بالقولون العصبي بــعد الــزواج؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          لطائف تأخير إجابة الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 25-11-2019, 06:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط

(21) حال المسلمين في الأندلس في آخر الفترة الأولى من عهد الولاة


راغب السرجاني




بعد موقعة بلاط الشهداء وانسحاب الجيش الإسلامي وعودته إلى الأندلس، قامت للمسلمين قائمة جديدة، فقد قام فيهم عقبة بن الحجاج السلولي رحمه الله، وتولى الولاية من سنة (116هـ) إلى سنة (123هـ)، وكان عقبة بن الحجاج السلولي رحمه الله آخر المجاهدين بحق في فترة عهد الولاة الأول.
ولقد خير بين إمارة الشمال الإفريقي كله وبين إمارة الأندلس، فاختار إمارة الأندلس؛ لأنها الملاصقة لبلاد النصارى، فهي أرض جهاد، فاختار أرض الأندلس، وقاد المعارك في بلاد فرنسا في خلال سبع سنوات أكثر من سبع حملات، ثم كان ينزل إلى الأسرى بنفسه ويعلمهم الإسلام، حتى إنه أسلم على يديه ألفان من الأسرى بصورة مباشرة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم»، فكيف بألفين من الرجال الذين أسلموا على يد هذا المجاهد عقبة بن الحجاج السلولي رحمه الله؟!
ثم استشهد في سنة (123هـ)، وباستشهاده انتهت الفترة الأولى من عهد الولاة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 30-11-2019, 04:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط


(22) حال المسلمين في الأندلس في الفترة الثانية من عهد الولاة


راغب السرجاني




في الفترة الثانية من عهد الولاة من سنة (123هـ - 138هـ) يبدأ عهد جديد، وبذور هذه الفترة بدأت في موقعة بلاط الشهداء من حب للغنائم، ومن تفضيل للعنصرية والقبلية.

وفي أول هذا العهد كانت الأموال كثيرة جداً، والغنائم ضخمة جداً، فقد فتحت الدنيا وكثرت الأموال، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: «إن مما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها»، فحين فتحت زهرة الدنيا على المسلمين وانخرطوا فيها تأثر الإيمان، وتبعاً لتأثر الإيمان ظهرت العنصرية بصورة كبيرة جداً، وحدثت انقسامات كثيرة في الأندلس، فحدثت انقسامات بين العرب والبربر، وهذه البذور كانت موجودة منذ بلاط الشهداء، ثم حدثت انقسامات بين العرب أنفسهم، فحدثت انقسامات بين المضريين والحجازيين، وحدثت انقسامات بين العدنانيين والقحطانيين، فالعدنانيون هم أهل الحجاز، والقحطانيون هم أهل اليمن، فكانت هناك حروب وخلافات وشقاقات كثيرة بين أهل اليمن وبين أهل الحجاز، ثم حدثت انقسامات أخرى بين أهل الحجاز أنفسهم، أي: بين الفهريين والأمويين، وبين بني قيس وبني ساعدة، وهكذا انقسم أهل الحجاز أنفسهم بعضهم على بعض، وكخطوة لاحقة لأمر حب الدنيا وظهور العصبية ظهر أمر جديد وهو تولي ولاة ظلموا الناس، وألهبوا ظهورهم بالسياط.


فهذه تداعيات يوصل بعضها إلى بعض، فظهر على سبيل المثال رجل اسمه عبد الملك بن قطن، ملأ الأرض ظلماً وجوراً، فقسم الناس بحسب العنصرية والقبلية، وأذاق الآخرين ألواناً من العذاب، ولم يعط من الغنائم للبربر، ولم يعط لغير المضريين، فانقسم الناس عليه وانقلبوا، وظهر يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وتولى الحكم من سنة (130 هـ - 138هـ) يعني: آخر ثمان سنوات في عهد الولاة، فانفصل بالكلية عن الخلافة الأموية، وادعى أن الإمارة في الأندلس إمارة مستقلة، وأذاق الناس العذاب ألواناً، فحدثت انكسارات كثيرة جداً، وثورات عديدة في أرض الأندلس، وتفككت إلى أكثر من عشرين أو ثلاثين ثورة في داخل بلاد الأندلس.


وسبحان الله! فقد كنت منذ قليل أتحدث عن الانتصارات الإسلامية والتاريخ المجيد، وفتح الأندلس وفرنسا، ثم ها هي العنصرية وها هو ظلم الولاة يسلم الناس إلى هذه الثورات، وكرد فعل طبيعي جداً ترك الناس الجهاد، وتوقفت الفتوحات في فرنسا، وتوقفت الحروب ضد النصارى في الشمال الغربي في منطقة الصخرة، والتي كان فيها مجموعة من النصارى متمركزين منذ الفتح الأول لبلاد الأندلس، وهذه قاعدة وسنة من سنن الله سبحانه وتعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا».


وجاء في حديث أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم».
وهكذا لما ترك المسلمون الجهاد سلط الله عليهم ذلاً، فانقسموا على أنفسهم وانشغلوا بأنفسهم، وتركوا الجهاد في فرنسا، والأندلس.


وباختصار شديد فإن خلاصة النصف الثاني من عهد الولاة، ونظراً لتفاعل أمور الدنيا والقبلية وظلم الولاة وترك الجهاد كان الوضع في سنة (138هـ) كما يلي: أولاً: فقدان كل الأراضي الإسلامية في فرنسا باستثناء مقاطعة سبتمانيا، والتي فتحت بسرية من سرايا موسى بن نصير أول الفتح.


ثانياً: ظهور مملكة نصرانية اسمها مملكة ليون في المنطقة الشمالية الغربية عند منطقة الصخرة.


ثالثاً: ظهور يوسف بن عبد الله الفهري الذي أعلن انفصال الأندلس عن الخلافة العباسية القائمة في ذلك الوقت.


رابعاً: انقسام الأندلس إلى فرق عديدة متناحرة وثورات لا نهائية، كل يريد التملك والتقسيم بحسب العنصر والقبيلة.



خامساً: ظهور فكر الخوارج عن طريق الذين جاءوا من الشام، وانضم إليهم البربر، فالبربر كانوا يعانون من الظلم الشديد من يوسف بن عبد الرحمن الفهري؛ بسبب العنصرية بين العرب والبربر، فاضطروا إلى اتباع هذا الفكر الخارج عن المنهج الإسلامي الصحيح، فأجمع المؤرخون نتيجة هذه العوامل جميعاً أن الإسلام بالفعل كاد أن ينتهي من الأندلس، وذلك في عام (138هـ).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 30-11-2019, 04:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط

(23) قصة دخول عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس


راغب السرجاني




مما زاد من خطورة الموقف الحدث الجسيم الذي حدث في الأمة الإسلامية في سنة (132هـ) وهو سقوط الخلافة الأموية وقيام الخلافة العباسية، وكان قيام الخلافة العباسية قياماً دموياً رهيباً، وانشغل العباسيون بحرب الأمويين، وضاعت قضية الأندلس تماماً من الأذهان، وهكذا أصبح أمر الأندلس يحتاج إلى معجزة حتى ينصلح الحال، ومن فضل الله ومنّه وجوده وكرمه على المسلمين أن حدثت المعجزة بالفعل في ذي الحجة من سنة (138هـ)، والتي منّ الله بها على المسلمين، وهي دخول عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك رحمه الله إلى أرض الأندلس.

لقد دخل إلى أرض الأندلس حين سقوط خلافة بني أمية سنة (132هـ) كما ذكرنا، فقد حدث في ذلك العام قتل لكل مرشحي الخلافة من الأمراء وأبنائهم وأحفادهم من قبل العباسيين إلا قليلاً، ومن هؤلاء القليل عبد الرحمن بن معاوية حفيد هشام بن عبد الملك الخليفة الأموي المشهور، الذي حكم من سنة (105هـ - 125هـ)، كان عمر عبد الرحمن بن معاوية في ذلك الوقت 19 سنة فقط، وكان يعيش في منطقة العراق، وكان لديه أخ صغير يبلغ من العمر (13) سنة، وكان عبد الرحمن بن معاوية وأخوه الوليد بن معاوية مطلوبين للقتل.



وفي يوم من الأيام يجلس عبد الرحمن بن معاوية في بيته في العراق، فدخل عليه ابنه وكان عمره أربع سنوات، وهو يبكي فزعاً وكان عبد الرحمن بن معاوية في عينه رمد، وكان معتزلاً في غرفة داخل البيت، فأبعد الطفل عنه وأخذ يسكنه فلم يسكن الطفل بما يسكن به الأطفال، ولكنه ظل فزعاً مرعوباً، فقام معه عبد الرحمن بن معاوية فوجد في خارج البيت رايات الدولة العباسية السود تعم القرية جميعاً، فعلم أنه مطلوب، فأخذ معه النقود وأخذ الوليد بن معاوية، وترك النساء والأطفال وكل شيء وراء ظهره؛ لأن العباسيين لم يقتلوا نساء ولا أطفالاً، إنما كانوا يقتلون كل من بلغ وكان مؤهلاً للخلافة، ثم هرب عبد الرحمن بن معاوية وأخوه حتى وصلا إلى نهر الفرات، فوجدوا القوات العباسية تحاصر النهر، فألقيا بأنفسهما في النهر وأخذا يسبحان، فناداهما العباسيون أن ارجعا ولكما الأمان، فـ الوليد بن معاوية أخو عبد الرحمن بن معاوية كان قد تعب من السباحة في نهر الفرات، فقال له عبد الرحمن بن معاوية: لا تعد يا أخي! أخشى أن يقتلوك، فقال: قد أعطونا الأمان، فعاد إليهم، فأمسك به العباسيون وقتلوه أمام أخيه عبد الرحمن بن معاوية، فعبر عبد الرحمن بن معاوية النهر وهو لا يستطيع أن يتكلم أو يفكر من شدة الحزن، ثم اتجه نحو المغرب إلى بلاد القيروان؛ لأن أخواله كانوا من البربر، فهرب إلى أخواله، وقصة هروبه طويلة جداً، فقد عبر بلاد الحجاز ومصر ثم ليبيا ثم القيروان، ولما وصل إلى القيروان وهو يبلغ من العمر (19) عاماً، وجد هناك ثورة كبيرة جداً للخوارج على رأسها عبد الرحمن بن حبيب في الشمال الإفريقي كله، وقد استقل بالشمال الإفريقي عن الدولة العباسية التي قامت في سنة (132هـ)، وكان عبد الرحمن بن حبيب أيضاً يسعى للقضاء على عبد الرحمن بن معاوية؛ لأن هناك كراهية شديدة بين الخوارج وبين الأمويين، لأن أصل ظهور الخوارج هو خلاف بين سيدنا علي بن أبي طالب وبين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما؛ لأن علي بن أبي طالب ارتضى أن يحكم كتاب الله سبحانه وتعالى بينه وبين معاوية بن أبي سفيان في موقعة صفين المشهورة، فظهر فكر الخوارج من ساعتها، فهم يكرهون بني أمية بشدة، فبمجرد أن وصل عبد الرحمن بن معاوية إلى القيروان اجتمع عليه الخوارج وكادوا أن يقتلوه، فهرب من جديد إلى برقة في ليبيا، ومكث هناك أربع سنوات كاملة مختبئاً عند بعض أخواله، حتى سنة (136هـ)، وكان عمره آنذاك (23) سنة، فجلس يفكر: ماذا أعمل؟ هل أظل مختفياً طيلة العمر، أم ظهر من جديد؟ وإن ظهر في أي قطر من أقطار المسلمين فهو مطلوب الرأس، إن ظهر في الشام قتله العباسيون، وإن ظهر في الشمال الإفريقي قتله عبد الرحمن بن حبيب.
أيظل مختبئاً في مكانه وهو سليل الخلفاء والأمراء؟!


أيظل مختبئاً في مكانه والأمويون في كل مكان يقتلون ويذبحون إن عرف بمكانهم، أم يحاول أن يقيم للأمويين مجداً من جديد؟!








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 30-11-2019, 04:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط

(24) أسباب اختيار عبد الرحمن بن معاوية لبلاد الأندلس


راغب السرجاني



لقد خطر في ذهن عبد الرحمن بن معاوية أن يذهب إلى الأندلس، لأنها أصلح الأماكن لاستقباله وذلك لعدة أسباب:
أولاً: أن الأندلس أبعد رقعة في بلاد المسلمين عن الدولة العباسية.

ثانياً: أنه يفصل بين الأندلس وبين العباسيين مضيق جبل طارق والبحر الأبيض المتوسط، وهي في قارة مختلفة تماماً، فمن الصعب أن يصل إليها العباسيون إلا بعد فترة من الزمان.


ثالثاً: أن الوضع في الأندلس ملتهب جداً، وقد تحدثنا عنه في الفترة الثانية من عهد الولاة، وهي الفترة التي هرب فيها عبد الرحمن بن معاوية إلى برقة في ليبيا، ففي هذه الفترة كانت ثورات كبيرة جداً في أرض الأندلس، وخلافات كبيرة جداً بين كل القبائل، والناس تكره بشدة يوسف بن عبد الرحمن الفهري الذي يحكم هذه البلاد مستقلاً بها عن الدولة الأموية ثم عن الدولة العباسية بعد قيام الدولة العباسية، ثم ظهرت مملكة ليون في الشمال، وهي أيضاً تحارب المسلمين، ثم ظهر الخوارج في الشمال الإفريقي وهم يحاربون الأندلس، وهكذا أصبحت أرض الأندلس أرضاً ملتهبة تماماً.


وفي هذا الجو استطاع عبد الرحمن بن معاوية أن يدخل هذه البلاد، فلو كانت البلاد تبايع الخلافة العباسية أو الخوارج ما استطاع أن يدخلها.
إذاً: الأندلس أنسب الأماكن لاستقبال عبد الرحمن بن معاوية على وعورتها.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 07-12-2019, 08:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط

(25) خطة عبد الرحمن بن معاوية لدخول الأندلس


راغب السرجاني




بدأ عبد الرحمن بن معاوية يخطط لدخول الأندلس في سنة (136هـ) بما يلي: أولاً: أرسل مولاه بدر إلى الأندلس لدراسة الموقف، ومعرفة القوى المؤثرة في الحكم في بلاد الأندلس.
ثانياً: راسل كل محبي الدولة الأموية في أرض الأندلس عن طريق مولاه بدر.
والحق أن كثيراً من الناس كانوا يحبون الدولة الأموية منذ عهد ولاية معاوية بن أبي سفيان على الشام في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب، وخلافة عثمان بن عفان وخلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، فقد كان أهل الشام جميعاً، وكان المسلمون في أقطار العالم الإسلامي المختلفة يحبون بني أمية حباً شديداً على مر العصور، فقد اشتهر بنو أمية بالسخاء الشديد، والسياسة والحكمة واكتساب الناس، وحسن معاملتهم والجهاد في سبيل الله، ونشر الدين، وفتح البلاد وما إلى ذلك من الأمور، فكان لبني أمية في داخل بلاد الأندلس كثير من المريدين والمحبين من القبائل الأخرى المختلفة.
ثالثاً: في ذكاء شديد راسل البربر يطلب معونتهم ومساعدتهم.
وقد كان البربر على خلاف كبير جداً مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري؛ لأنه فرق بين العرب والبربر، فالبربر يريدون أن يتخلصوا من حكم يوسف بن عبد الرحمن الفهري الذي عاملهم بهذه العنصرية.
رابعاً: بدأ يراسل كل الأمويين في الحجاز وفي مصر وفي السودان وفي أماكن كثيرة جداً من الأرض التي هربوا إليها، ويعرض عليهم فكرته، وأنه يعزم على دخول بلاد الأندلس، ويطلب معونتهم ومددهم وهكذا بدأ يجمع الناس ويجمع الأفكار معه لتنفيذ فكرة عجيبة جداً، وهي أن يدخل وهو وحيد بمفرده مستصحباً لعزمه فقط إلى أرض الأندلس، وهذا أمر في منتهى الغرابة جداً، وهذا كان في سنة (136هـ) وكان قد بلغ من العمر (23) عاماً.
وبالفعل بدأ في تجميع الأعوان حتى سنة (138هـ) أي: أن مدة التجميع استغرقت سنتين.
وفي سنة (138هـ) يأتي له رسول من عند مولاه بدر من الأندلس يقول له: إن الوضع قد تجهز لاستقبالك هناك في بلاد الأندلس، فيقول له: ما اسمك؟ فيقول: اسمي غالب التميمي، فاستبشر باسمه فقال: الحمد لله! غلبنا وتم أمرنا.
وبدأ يعد العدة ويجهز السفينة التي تأخذه منفرداً إلى بلاد الأندلس، فركب السفينة ونزل على ساحل الأندلس بمفرده، فاستقبله مولاه بدر، وانطلق معه إلى قرطبة، وكان يحكم هذه البلاد في هذه الآونة يوسف بن عبد الرحمن الفهري.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 07-12-2019, 08:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط

(26) موقعة المسارة


راغب السرجاني





موقعة المسارة بين عبد الرحمن بن معاوية ويوسف بن عبد الرحمن الفهري
لما دخل عبد الرحمن بن معاوية أخذ في تجميع الناس من حوله من محبي الدولة الأموية من البربر وكثير من القبائل المعارضة لـ يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وقد جاءه بعض الأمويين من بقاع الأرض المختلفة، ومع ذلك لم يكن العدد كافياً يستطيع به أن يغير من الأوضاع، ففكر في اليمنيين؛ لأنهم كانوا على خلاف مع يوسف بن عبد الرحمن الفهري، فـ يوسف بن عبد الرحمن الفهري من مضر من الحجاز، وعبد الرحمن بن معاوية أيضاً من مضر من بني أمية، أي: أن كلاهما من الحجاز.


فبدأ يراسل اليمنيين، فقبلوا أن يتحدوا مع عبد الرحمن بن معاوية، وكان على رئاسة اليمنيين في ذلك الوقت أبو الصباح اليحصبي، وكان المقر الرئيسي لهم إشبيلية، وكانت إشبيلية مدينة كبيرة جداً من حواضر الإسلام في ذلك الوقت، فذهب عبد الرحمن بن معاوية بنفسه إلى إشبيلية، واجتمع طويلاً مع أبي الصباح اليحصبي، واتفقا على أن يقاتلا سوياً ضد يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وقبل القتال أرسل عبد الرحمن بن معاوية رسائل إلى يوسف بن عبد الرحمن الفهري يطلب وده، ويطلب منه أن يسلِّم له الإمارة؛ لأنه حفيد هشام بن عبد الملك أصل الخلافة الأموية، ويكون رجلاً من رجاله في بلاد الأندلس، ولكن يوسف بن عبد الرحمن الفهري رفض ذلك كلياً، وجمع جيشاً له، وجاء ليحارب عبد الرحمن بن معاوية، فاجتمع عبد الرحمن بن معاوية مع اليمنيين ومن معه من القبائل المختلفة في حرب يوسف بن عبد الرحمن الفهري وذلك في موقعة كبيرة عرفت في التاريخ باسم موقعة المسارة، وفي لفظ: موقعة المصارة، (بالسين أو بالصاد)، وقد كان هذا في ذي الحجة سنة (138هـ).


وكان من المؤسف جداً أن يلتقي المسلمون بسيوفهم، لكن كثرة الثورات والفتن والانقلابات جعل الحل العسكري والحل بالسيف هو الحل الحتمي في ذلك الوقت.


دارت موقعة كبيرة بين يوسف بن عبد الرحمن الفهري ومعه جيش كبير، وجيش عبد الرحمن بن معاوية ويعتمد في الأساس على اليمنيين، فسمع أبو الصباح اليحصبي بعض المقالات من اليمنيين أن عبد الرحمن بن معاوية غريب على البلاد، وهو على فرس أشهب وعظيم، وإن حدثت هزيمة هرب من ساحة القتال وتركنا للفهريين، فبلغ عبد الرحمن بن معاوية هذا الكلام، وكان عمره آنذاك (25) عاماً، فذهب بنفسه إلى أبي الصباح اليحصبي وقال له: إن هذا الجواد سريع الحركة ولا يمكنني من الرمي، فإن أردت أن تأخذه وتعطيني بغلتك فعلت، فأعطى الجواد السريع إليه وأخذ البغلة يقاتل عليها، فقال اليمنيون: هذا ليس بمسلك رجل يريد الهرب، هذا رجل يريد أن يموت في ساحة المعركة، فبقي معه اليمنيون وقاتلوا قتالاً شديداً، ودارت موقعة عظيمة جداً، وانتصر فيها عبد الرحمن بن معاوية ومن معه، وهزم يوسف بن عبد الرحمن الفهري من أرض المعركة بجيشه الكبير، وفر يوسف بن عبد الرحمن الفهري، وكعادة الناس في ذلك الزمن أن يتابع المنتصرون المنهزمين حتى يقتلوهم ويقضوا على الثورة، فبدأ اليمنيون يجهزون أنفسهم حتى يتتبعوا الجيش الفار، لكن عبد الرحمن بن معاوية يقف لهم ويمنعهم من تتبع الفارين ويقول قولة خالدة: لا تتبعوهم، اتركوهم، لا تستأصلوا شأفة أعداء ترجون صداقتهم، واستبقوهم لأشد عداوة منهم.
يقصد أن يستبقوهم للنصارى، فإن الموقعة الرئيسية ستكون مع النصارى، فإن هؤلاء الذين قاتلوننا في يوم من الأيام سيصبحون من جنودنا، وسيصبحون أعواننا على غيرنا من النصارى في ليون وفي فرنسا وما إلى ذلك.


كان عنده فكر واسع وجديد جداً، ونظرة متسعة تشمل كل بلاد الأندلس، وتشمل كل أوروبا، بل وفي نظري أنه ينوي إعادة بلاد الشام بعد ذلك إلى أملاك الأمويين، وقد امتاز في حربه ضد يوسف بن عبد الرحمن الفهري بما يلي: أولاً: ليس في قلبه غل ولا حقد على من كان حريصاً على قتله منذ دقائق معدودات.

ثانياً: الفهم العميق للعدو الحقيقي وهم النصارى في الشمال.
ثالثاً: إذا جاز له شرعاً أن يقاتلهم لتجميع الناس حول راية واحدة، فلا يجوز له شرعاً أن يتتبعهم وأن يقتل الفار منهم، أو يجهز على جريحهم، أو يقتل أسيرهم؛ لأن حكمهم حكم الباغين في الإسلام، وليس لهم حكم المشركين، والباغي في الإسلام لا يتتبع الفار منه، ولا يقتل أسيره، ولا يجهز على جريحه، بل ولا تؤخذ منه الغنائم وهكذا، فقد كان عنده فقه وعلم وسعة اطلاع وفهم عميق جداً، وهو لم يبلغ من العمر إلا خمسة وعشرين سنة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 07-12-2019, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط

(27) موقف العباسيين من الإمارة الأموية بالأندلس


راغب السرجاني




لن نستفيض في شرح الثورات ضد عبد الرحمن الداخل وماذا حصل في كل ثورة؟
فالكتب فيها تفصيلات كثيرة، لكن أقف عند ثورة واحدة لأهميتها في فهم هذا الانفصال الذي حصل للأندلس عن الخلافة العباسية، هذه الثورة حدثت في سنة (146هـ)، أي: بعد حوالي ثمان سنوات من استلام عبد الرحمن بن معاوية للحكم في بلاد الأندلس، قام بها رجل اسمه العلاء بن مغيث الحضرمي، أرسله أبو جعفر المنصور الخليفة العباسي كي يقتل عبد الرحمن بن معاوية ويضم الأندلس إلى أملاك الخلافة العباسية، وهذا بالنسبة لـ أبي جعفر المنصور أمر طبيعي، يريد أن يضم بلاد الأندلس؛ لأنها البلاد الوحيدة من بلاد المسلمين التي هي منشقة عن الخلافة العباسية الكبيرة.
جاء العلاء بن المغيث الحضرمي من بلاد المغرب العربي، وعبر إلى الأندلس، وقام فيها بثورة ينادي بدعوة العباسيين، ويرفع الراية السوداء التي أرسلها الخليفة أبو جعفر المنصور الذي يعتبر الخليفة العباسي الثاني، أو المؤسس الحقيقي للخلافة العباسية بعد أبي العباس السفاح.

دارت حرب كبيرة بين العلاء بن مغيث الحضرمي وبين عبد الرحمن بن معاوية، انتصر فيها عبد الرحمن بن معاوية، ووصلت الأنباء إلى أبي جعفر المنصور الخليفة العباسي أن العلاء بن المغيث الحضرمي قد قتل، وأن جيشه قد هزم هزيمة منكرة، فقال أبو جعفر المنصور: قتلنا هذا البائس، بتكليفه بحرب عبد الرحمن بن معاوية، ثم قال: ما لنا في هذا الفتى من مطمح، ويقصد به عبد الرحمن بن معاوية، وليس لنا أمل في حربه، والحمد لله الذي جعل بيننا وبينه البحر.

ومنذ هذه اللحظة والدولة العباسية لم تفكر ولا مرة واحدة في استعادة بلاد الأندلس، بل إن أبا جعفر المنصور الخليفة العباسي هو الذي سمى عبد الرحمن بن معاوية بـ صقر قريش، وقد اشتهر في التاريخ بـ صقر قريش، كان أبو جعفر المنصور جالساً مع أصحابه فسألهم: أتدرون من هو صقر قريش؟ فقالوا له: أنت، فقال: لا.
فعددوا له أسماء حتى ذكروا له معاوية وعبد الملك بن مروان وأسماء من بني أمية.
فقال: لا، بل عبد الرحمن بن معاوية، دخل الأندلس منفرداً بنفسه مؤيداً برأيه مستصحباً لعزمه، يعبر القفر ويركب البحر حتى دخل بلداً أعجمياً، فجمع الأنصار وجند الأجناد، وأقام ملكاً بحسن تدبيره وشدة عزمه.

هكذا كان أبو جعفر المنصور معجباً بـ عبد الرحمن بن معاوية، لكنه إعجاب اضطرار، لا بد أن في نفوسنا وفي نفوس جميع المسلمين أشياء وأشياء على هذا الانفصال الطويل بين دولة الأندلس وبين الخلافة العباسية على مر العصور، لماذا يحارب عبد الرحمن بن معاوية الرجل الورع التقي الزاهد الذي أقام دولة قوية جداً في بلاد الأندلس؟

ولماذا ينفصل عن الخلافة العباسية؟ والتحليل الصادق هو أن الدولة العباسية هي التي أخطأت خطأ فاحشاً في حق الأمويين بقتلهم، وتتبعهم في البلاد بهذه الصورة الوحشية، إذا كان الأمويون في آخر عهدهم قد فسدوا واستحقوا الاستبدال، فليكن هذا الاستبدال، ولكن على نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان من المفترض أن تحتوي الدولة العباسية هذه الطاقات الأموية وتوظفها لخدمة الإسلام والمسلمين، بدلاً من إجبارهم على خلق جيب من الجيوب في صقع بعيد من أصقاع البلاد الإسلامية في الأندلس أو غيرها من بلاد المسلمين، وكان من المفترض ألا تفرط في قتل المسلمين من بني أمية، وهي تعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» كما روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
ما المانع أن تقيم الحد على من يستحق أن يقتل من بني أمية، ثم تترك وتستوعب الآخرين؟!

ما المانع أن تعطي بني أمية بعضاً من الملك، كإمارة مدينة أو إمارة ولاية، فقد كانوا خلفاء وأبناء الخلفاء، حتى يستوعبوهم في داخل الصف؟ انظر إلى عبد الرحمن الداخل في موقعة المسارة وهو يقول للناس: اتركوهم لا تتبعوهم؛ لأنه كان يريد أن يضمهم إلى جيشه بعد ذلك، هكذا كان يجب على العباسيين أن يتركوا الأمويين تحت عباءتهم، حتى يستطيعوا أن يكونوا جنداً لهم، تخيل أن شخصاً مثل عبد الرحمن بن معاوية بهذا الفكر وهذا النضوج وهذا الجهاد يكون عوناً للخلافة العباسية، لكنه أصبح ضد الخلافة العباسية؛ بسبب هذا القتل المفرط من الدولة العباسية في بدء نشأتها.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 12-12-2019, 06:50 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط


(28) موقف عبد الرحمن الداخل من الثوار في الأندلس


راغب السرجاني


ذكرنا فيما سبق كيف دخل عبد الرحمن الداخل رحمه الله أرض الأندلس، وكيف سيطر على الموقف هناك، وضم إليه جميع القبائل، كذلك سيطر على جميع الثورات، وأقام ملكاً لبني أمية في أرض الأندلس، بعد قصة فرار طويلة من العباسيين، ومن الخوارج في المغرب.

ما زالت هناك بعض التعليقات على موقف عبد الرحمن الداخل رحمه الله من الثائرين، هل يجوز له أن يحارب الثائرين وإن كانوا من المسلمين؟


الجواب
أن موقفه سليم جداً في حرب الثائرين داخل أرض الأندلس؛ لأن جميع أهل الأندلس قد أجمعوا على أن يكون أميراً للبلاد، ودليل ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عرفجة رضي الله عنه في صحيح مسلم يقول:«من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، فأراد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم، فاضربوا رأسه بالسيف كائناً من كان»، فلذلك كان موقف عبد الرحمن الداخل رحمه الله صارماً مع من أراد الثورة؛ ليقمع هذه الانقلابات المتكررة في أرض الأندلس في ذلك الزمن، لكن من الإنصاف أن نذكر أنه كان رحمه الله يبدأ دائماً بالصلح، وبالاستمالة إلى السلم، ويكره الحرب إلا إذا كان مضطراً رحمه الله، والثورات التي حدثت في بدء ولاية عبد الرحمن الداخل رحمه الله كان ثمنها غالياً في بداية دخوله، وفي أول أربع سنوات من دخوله من سنة (138) إلى سنة (142) من الهجرة سقطت كل مدن المسلمين في فرنسا، بعد أن حكمت بالإسلام مدة (47) سنة متصلة، منذ أيام موسى بن نصير وحتى هذه اللحظات، فإن من سنن الله الثوابت أنه إذا انشغل المسلمون بأنفسهم كانت الهزيمة أمراً حتمياً.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 12-12-2019, 06:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط

(29) أعمال عبد الرحمن الداخل في الأندلس بعد قمعه للثورات


راغب السرجاني



لما دخل عبد الرحمن الداخل رحمه الله أرض الأندلس وقمع هذه الثورات بدأ يفكر فيما هو بعد ذلك.

أولاً: اهتم بالأمور الداخلية في أرض الأندلس اهتماماً كبيراً جداً، فبدأ بإنشاء جيش قوي، واعتمد فيه على ما يلي: أولاً: اعتمد على أهل البلاد الملقبين بالمولدين؛ فإن عموم أهل الأندلس كانوا من أهل الأندلس الأصليين الذين اعتنقوا الإسلام وأحبوا عقيدته، فـ عبد الرحمن الداخل لما رأى أن غالب الشعب من أهل الأندلس أنفسهم اعتمد في جيشه عليهم.


ثانياً: اعتمد في جيشه على كل الفصائل والقبائل الموجودة في أرض الأندلس، وضم إليه كل الفصائل المضرية سواء من بني أمية أو من غير بني أمية، كما ضم إليه كل فصائل البربر، وهم قبائل كثيرة جداً، وكان يضم رءوس القوم حتى يؤثروا في أقوامهم، بل إنه ضم إليه اليمانية، مع علمه أن أبا الصباح اليحصبي يدبر له مكيدة، وصبر عليهم صبراً طويلاً حتى تمكن من الأمور تماماً، ثم تخلص منه بعد (11) سنة كاملة من توليه الحكم في البلاد.
وكان في جيش عبد الرحمن الداخل رحمه الله الصقالبة، وهم أطفال نصارى اشتراهم عبد الرحمن الداخل من أوروبا ورباهم تربية إسلامية عسكرية صحيحة منذ أن اشتراهم، وليس في أفكارهم أي فكر أو اتجاه معين أو دين معين، فرباهم على الإسلام التربية الكاملة الشاملة، من حيث صحة العقيدة وصحة العبادات وصحة الفهم، والجهاد في سبيل الله، لذلك كان هؤلاء عماد الجيش عند عبد الرحمن الداخل ومن جاء بعده من خلفاء وأمراء بني أمية.
وصل تعداد الجيش الإسلامي في أواخر عهد عبد الرحمن الداخل رحمه الله إلى مائة ألف فارس غير الرجالة، فهذا جيش ضخم جداً، على الرغم من أنه دخل البلاد وحيداً.


ثالثاً: اهتم عبد الرحمن الداخل رحمه الله اهتماماً كبيراً بالجانب الديني ونشر العلم وتوقير العلماء، واهتم بالقضاء وبالحسبة، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن أعظم أعماله أنه بنى مسجد قرطبة الكبير، وأنفق على بنائه ثمانين ألفاً من الدنانير الذهبية، وتنافس الخلفاء من بعده في زيادة حجمه حتى اكتمل بناؤه على مدى عهد ثمانية من خلفاء بني أمية.

رابعاً: اهتم كثيراً بالإنشاء والتعمير وبناء الحصون والقلاع والقناطر، وربط أول الأندلس بآخرها؛ وأنشأ أول دار لسك النقود الإسلامية في الأندلس، وأنشأ الرصافة، وهي من أكبر الحدائق في الإسلام، وأنشأها على غرار الرصافة التي كانت موجودة في الشام، والتي أنشأها جده هشام بن عبد الملك رحمه الله، وأتى لها بالثمار العجيبة من كل بلاد العالم، فإن نجحت زراعتها فإنها ما تلبث أن تنتشر في بلاد الأندلس جميعاً.

خامساً: كان عبد الرحمن الداخل رحمه الله يعلم أن الخطر الحقيقي من قبل دولة ليون في الشمال الغربي من بلاد الأندلس، وفرنسا في الشمال الشرقي من بلاد الأندلس، فبدأ هذا الرجل العجيب في تنظيم الثغور في الشمال، ووضع جيوشاً ثابتة في هذه الثغور الملاقية لهذه البلاد النصرانية، وأنشأ ما يسمى بالثغر الأعلى، وهو ثغر سرقسطة في الشمال الشرقي مواجهاً لفرنسا، وأنشأ ما يسمى بالثغر الأوسط، ويشمل مدينة سالم ويمتد حتى طليطلة، وأنشأ ما يسمى بالثغر الأدنى، وهو في الشمال الغربي في مواجهة مملكة ليون النصرانية.
وكانت له عادة عظيمة جداً تعلمها من أجداده وآبائه في بلاد الشام، وهي عادة الجهاد المستمر بصورة منتظمة ودائمة في كل عام، حيث كانوا يجاهدون في الصيف حين يذوب الجليد، وكانت الجيوش تسمى الصوائف، كانت تخرج إلى الشمال كل عام لهدف الإرباك الدائم للعدو، وهذا ما يسمونه الآن في العلوم العسكرية بالهجوم الإجهاضي المسبق.
وقد جعل الصوائف أمراً ثابتاً يتناوب عليه كبار قواد الجيش كل عام.


سادساً: كان رحمه الله كبير الاهتمام بالجيش، فقد كان يقسم ميزانية الدولة السنوية إلى ثلاثة أقسام: قسم يعطيه بكامله للجيش، والقسم الثاني: لأمور الدولة العامة، من مؤن ومعمار ومرتبات ومشاريع وغير ذلك، والقسم الثالث: يدخره لنوائب الزمان غير المتوقعة.
اهتم عبد الرحمن الداخل رحمه الله أيضاً بإنشاء دور الأسلحة؛ فأنشأ مصانع للسيوف، وللمنجنيق، وأشهرها مصانع طليطلة وبرديل.

سابعاً: اهتم أيضاً رحمه الله بإنشاء أسطول بحري قوي، وإنشاء أكثر من ميناء، وفي عهده تم إنشاء ميناء طرطوشة وألمارية وإشبيلية وبرشلونة وغيرها من الموانئ.
يقول المؤرخون: لولا عبد الرحمن الداخل لانتهى الإسلام من الأندلس بالكلية.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 12-12-2019, 06:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأندلس من الفتح إلى السقوط



(30) صفات عبد الرحمن الداخل ورجاحة عقله


راغب السرجاني




ذكر ابن حيان الأندلسي في وصف عبد الرحمن الداخل قال: كان عبد الرحمن الداخل راجح العقل، راسخ الحلم، واسع العلم، ثاقب الفهم، كثير الحزم، نافذ العزم، بريئاً من العجز، سريع النهضة، متصل الحركة، لا يخلد إلى راحة، ولا يسكن إلى دعة، بعيد الغور، شديد الحدة، قليل الطمأنينة، بليغاً مفوهاً، شاعراً محسناً، سمحاً سخياً، طلق اللسان، وكان قد أعطي هيبة من وليه وعدوه، وكان يحضر الجنائز ويصلي عليها، ويصلي بالناس إذا كان حاضراً الجمعة والأعياد، ويخطب على المنبر، ويعود المرضى، فهو مثال رائع للقائد المسلم، فإنه مع رجاحة عقله وسعة علمه كان لا ينفرد برأيه، فإذا اجتمعت الشورى على رأي كان نافذ العزم في تطبيقه رحمه الله.
وهذه حياة المؤمنين الصادقين؛ فأعمال الخير دائماً أكثر من الأوقات، وقد يتعجب المرء أحياناً لما يجد شباباً في سن عبد الرحمن الداخل أو رجالاً أكبر من عبد الرحمن الداخل يقضون الساعات الطويلة أمام شاشات التلفاز وفي المقاهي والنوادي في غير مصلحة لا له ولا للمسلمين، وأتعجب أين وقت التعلم والتفكر في الدين والدنيا؟ أين وقت الصلاة والقيام والذكر والقرآن؟ أين وقت عيادة المرضى وشهود الجنائز وصلة الأرحام وبر الوالدين؟ أين وقت خدمة الناس والقيام على مصالحهم؟ أين وقت تتبع أخبار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؟

فـ عبد الرحمن الداخل كانت همومه عظيمة، ومع ذلك كان يقوم بكل هذا، ولو وكل أحداً ما لامه أحد، وكان مع شدته وحزمه وجهاده وقوته شاعراً محسناً رقيقاً مرهف المشاعر، ومع كونه ذا هيبة عظيمة عند أوليائه وأعدائه، فإنه يتبسط مع الرعية، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم، ويصلي بهم ومعهم، ومع كونه قليل الطمأنينة، وشديد الحذر لا يمنعه ذلك من الاختلاط بالناس، ومن السير في وسطهم دون حراس يعزلونه عن الشعوب، وكيف يمتنع من شعبه وهو المحبوب بينهم المقرب إلى قلوبهم؟ حتى خاطبه مقربوه في ذلك، وأشاروا عليه ألا يخرج وسط الناس كثيراً حتى لا يتبسطوا معه، لكنه تذكر عمر بن الخطاب حينما قال فيه القائل: حكمت فعدلت، فأمنت فنمت يا عمر انظر إلى همته وقد أتى مطارداً مشرداً مطلوب الرأس تجري وراءه قوى الأرض جميعاً من عباسيين في المشرق وخوارج في المغرب، ونصارى في الشمال وثورات في الداخل، فإذا به يؤسس هذا البنيات القوي المتين، وهذه الدولة العظيمة ذات المجد التليد.
وكان رحمه الله يحافظ على شعور الناس جميعاً، يحكى أنه طلب منه أحد الناس أمراً أمام الناس، فقضاه له، ثم قال له: وإذا ألم بك خطب أو حزبك أمر فارفعه إلينا في رقعة لا تعدوك؛ كيما نستر عليك؛ وذلك بعد رفعك لها إلى مالكك ومالكنا عز وجهه بإخلاص الدعاء وصدق النية.
فكان يربي الناس على أن يرفعوا حاجتهم في البداية لرب العالمين سبحانه وتعالى، ويربيهم أن الله سبحانه وتعالى يملكهم جميعاً.
وكان يأمرهم بأن ترفع الحاجة إليه في رقعة، حتى يستر عليه حاجته، ولا يشمت فيه أعداؤه.

دخل عليه أحد الجنود في يوم انتصارهم على النصارى، فتحدث معه الجندي بأسلوب فيه إساءة أدب وفيه رفع صوت، فأخذ عبد الرحمن الداخل يعلمه، فقال له: يا هذا! إني أعلمك من جهل، إنه يشفع لك في هذا الموقف هذا النصر الذي نحن فيه، عليك بالسكينة والوقار، فإني أخاف أن تسيء الأدب في يوم ليس فيه نصر، فأغضب عليك، فإذا بالجندي يرد عليه رداً في منتهى الذكاء؛ فيقول له: أيها الأمير! عسى الله أن يجعل عند كل زلة مني نصراً لك فتغفر لي زلاتي، فقال الأمير عبد الرحمن الداخل رحمه الله: هذا ليس اعتذار جاهل، وقربه إليه ورفع من شأنه.
فقد ألغى الضغينة تماماً من قلبه، واستفاد منه لما رأى من ذكائه وقدرته على التصرف في مثل هذه الأمور.

وظل فترة طويلة يختبر أبناءه، أيهم يصلح للإمارة الابن الأكبر سليمان أم الأصغر هشام بن عبد الرحمن الداخل، وبعد اختبارات كثيرة واستشارات واستخارات استقر رأيه على الابن الأصغر هشام بن عبد الرحمن الداخل فولاه العهد مع كونه أصغر من أخيه، حيث كان هشام يشبه بـ عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وأرضاه في علمه وعمله وتقواه.

وظل عبد الرحمن الداخل يحكم البلاد من سنة (138) هجرية إلى سنة (172) هجرية، أي: أنه حكم قرابة (34) عاماً.
كانت بداية تأسيس ما يسمى بعهد الإمارة الأموية في بلاد الأندلس، والتي استمرت من سنة (138) هجرية إلى سنة (316) هجرية، وهذه الفترة تقسم إلى ثلاث فترات رئيسية: الفترة الأولى: فترة قوة ومجد وحضارة وعز وهيمنة على ما حولها من المناطق، واستمرت مائة عام أي: من سنة 138 إلى (238) هجرية.

الفترة الثانية: فترة ضعف، واستمرت (62) سنة، أي: من سنة (238) إلى سنة (300).
الفترة الأخيرة: وهي من سنة (300) إلى ما بعدها، وسنتحدث عنها بعد ذلك

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 134.12 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 128.04 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (4.53%)]