دعوتنا ووسائل التواصل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-09-2023, 02:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي دعوتنا ووسائل التواصل

دورة نظمها مركز عبدالله بن مسعود لتعليم القرآن الكريم

– دعوتنا ووسائل التواصل


نظم مركز عبدالله بن مسعود لتعليم القرآن الكريم -التابع للجنة العالم العربي بجمعية إحياء التراث الإسلامي الأسبوع الماضي يومي الأحد والاثنين الموافق 14 - 15 مايو- دورة بعنوان: (كيف أدعو إلى الإسلام في مواقع التواصل الاجتماعي؟) قدمها الشيخ الداعية: حيّان اليافعي، وكان من أهداف الدورة بيان مفهوم الدعوة إلى الله -تعالى- وأهميتها ومجالاتها ووسائلها، وأن العمل للإسلام واجب على كل مسلم، كذلك بيان كيفية دعوة غير المسلمين، وإنشاء الصفحات في وسائل التواصل الاجتماعي، وتعليم طريقة متابعة المسلمين الجدد ومصادر المواد الدعوية.
في بداية محاضرته في اليوم الأول للدورة، بين اليافعي أنَّ الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- تعود معانيها في اللغة العربية إلى معان عدة، من أشهرها النداء؛ فالداعي إلى الله -سبحانه جل في علاه- يدعو وينادي {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} أي يناديكم ويحثكم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله في تعريف الدعوة إلى الله-: هي الدعوة إلى الإيمان به -سبحانه جل في علاه-، وبما جاء به رسله، بتصديقهم فيما أخبروا، وطاعتهم فيما أمروا، إذًا الدعوة إلى الله هي الدعوة إلى الإيمان به -جل في علاه-، والإيمان بربوبيته -سبحانه- وبوحدانيته وبدلالة الخلق عليه.

من دلَّ على خيرٍ
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من دلَّ على خيرٍ فله مثلُ أجرِ فاعلِه»، تخيل معي إذا دعوت إلى الله فاستجاب لك شخص، فكل حسنة يفعلها هذا الشخص بسببك فهي في ميزان حسناتك بإذن الله -تعالى-، تخيل كم من الأجور ينالها الدعاة إلى الله -سبحانه و-تعالى-! إذا أسلم على يديك عشرة أشخاص، تأتي يوم القيامة وهؤلاء العشرة في ميزان حسناتك، أي حسنة يفعلونها تكتب لك عند الله -سبحانه جل في علاه.
التعريف بالإسلام
وأما ما يتعلق بهذه الدورة وهي: (التعريف بالإسلام في وسائل التواصل)، نجد أن هذا التعريف يشمل معاني عدة، أولاً- المعرف: وهو الشخص الذي يقوم بتعريف غير المسلمين بدين رب العالمين -سبحانه جل في علاه-، وهذا الشخص لا يلزم أن يكون طالب علم، بل قد يكون رجلا من سائر أبناء المسلمين، يعطي صورة جيدة عن دين الإسلام، وينشر محاسنه، ويبين عقائد المسلمين، ويزيل بعض الشبهات التي علقت في أذهانهم، ويزيل التصورات الخطأ عن هذا الدين، وينافح ويدافع عن دينه، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا من أعظم مجالات الدعوة إلى الله، قال -تعالى-: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران 104)، فالمسلم الذي يأمر بالخير ويدل الناس على الخير داع إلى الله -سبحانه جل في علاه. وكذلك التعليم والبيان من الدعوة إلى الله -تعالى-، قال -تعالى-: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} (إبراهيم: 4)؛ فالذي يعلم الناس أحكام دينهم، ينشر أحكام الصيام وأحكام الصلاة، ويعرفهم بأحكام الزكاة، هذا داعٍ إلى الله -سبحانه جل في علاه.
البلاغ والبيان
وأيضا من معاني الدعوة البلاغ والبيان، قال -تعالى-: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (النور:54)، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «بلغوا عني ولو آية»، فالذي ينشر الآيات القرآنية وينشر التلاوات الخاشعة، ويبلغ كلام الله -سبحانه وتعالى-، هذا داعٍ إلى الله، وأيضًا الوعظ والإرشاد، قال -تعالى-: {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125)، فالذي يعظ وينصح ويذكر الناس بأمور الآخرة، وبالأجر والثواب المترتب على فعل الطاعات، والمسابقة في الخيرات، هذا داعٍ إلى الله -تعالى-، ولفظ الإرشاد ورد في قوله -سبحانه وتعالى-: {وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا} (الكهف 17).
إذا هذه مصطلحات جاءت في كتاب الله، تبين لنا أن الدعوة إلى الله لها وسائل متعددة، وفي عصرنا الحالي كثرت هذه الوسائل بشكل لا يكاد يخفى عليكم، فهناك (الفيسبوك والتويتر واليوتيوب والانستجرام) وغيرها، لكن من أشهر الوسائل المفيدة في دعوة غير المسلمين (الفيسبوك).

اغتنام هذه الوسائل
هذه الوسائل يستخدمها أعداء الإسلام وأعداء الفضيلة في نشر الباطل والترويج له، ونشر الشبهات وانتزاع الحياء من الأسرة المسلمة، وفي تشكيك المسلم في دينه؛ فهناك الآلاف من القنوات والصفحات ودعاة السوء يبذلون من أموالهم وأوقاتهم الشيء الكثير، لصد الناس عن دين الله -سبحانه جل في علاه-، قال -تعالى-: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} (النساء 27)، فإذا لم توجد المدافعة وإذا لم توجد المراغمة، وإذا لم يوجد أهل الخير ممن يدافعون ويقللون الشر ويزاحمون هؤلاء فسيكون كما قال الله -تعالى-: {ميلاً عظيمًا}، سيحدث الميل في الأسرة المسلمة، وسيدخل الميل العظيم عليك في دارك وفي أولادك.
يجب أن ندعوهم قبل أن يدعونا
كنت أرى أحد الدعاة إلى الله في أمريكا في نيويورك يدعو إلى الله في كل مجال، كلما رأى شخصا يذهب إليه ويتكلم معه، ويذهب إلى الكنائس، ويتكلم مع الناس في الطرقات، حتى العساكر يتكلم معهم، فقلت له: من أين لك هذه الهمة؟ فقال يا شيخ حيان احفظها مني: «يجب أن ندعوهم قبل أن يدعونا، إن توقفنا عن دعوتهم سيأتون إلينا ويدعوننا إلى دينهم»، وعندما يسكت أهل الحق يتكلم أهل الباطل، أما عندما يتكلم أهل الحق بعلم وحكمة ووعي، فلا شك سيسكت أهل الباطل وسيندحر باطلهم، قال -تعالى-: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (الأنبياء:18).
فرصة عظيمة ونعمة جليلة
إذًا أنا أحث نفسي وإخواني على اغتنام هذه الوسائل؛ لأنها فرصة عظيمة ونعمة جليلة، سخرها الله -سبحانه وتعالى-، فمئات الأشخاص إن لم يكن الآلاف يدخلون في دين الله كل شهر من خلال هذه الوسائل وهذه الصفحات، ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم- يعرض نفسه على الناس بالحج، إذا جاء الحجاج اغتنم ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم- هذا الموسم ويذهب ليقول لهم: «ألا رجلٌ يحمِلُني إلى قومِهِ لأبلِّغ كلام ربي فإنَّ قريشًا قد منعوني أن أبلِّغَ كلامَ ربِّي»، هذا نبينا - صلى الله عليه وسلم- يا معاشر المسلمين، انظروا إلى همته، يريد من يحميه ومن يعينه على تبليغ كلام رب العالمين، وأنت اليوم لديك صفحة، ولديك ألاف المتابعين، ومع ذلك قد تتكاسل أن تبلغ كلام رب العالمين، والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: «بلغوا عني ولو آية». تزعم حب النبي - صلى الله عليه وسلم- وتريد أن تكون مرافقا له في الجنة، ثم تتكاسل أن تخدم دينك، وتفرط في هذا الخير العظيم، ولو اغتنمته لتسبب ذلك في خير عظيم وأجور وفيرة، تأتي لك يوم القيامة، قال -تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ} (يس12).

مما يرضي رب العزة
-سبحانه وتعالى
فهذه الآثار وهذه الدعوات وهذه المنشورات وهذه الرسائل، وهذه الأمور الخيّرة التي تنشرها هي مما يرضي رب العزة -سبحانه جل في علاه-، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ -تعالى- مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ -تعالى- لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم» رواه البخاري، مقطع واحد تذكر به بعظمة الله، أو تلاوة خاشعة لشيخ موثوق، أو تنشر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم- قد يكتب الله -سبحانه وتعالى- رضاه عليك إلى يوم أن تلقاه، قال -تعالى-: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} (النساء: 114)، ينام الإنسان وله من الأجور العظيمة التي لا تخطر له على بال، إذا هناك مجالات متعددة، وكل إنسان يبحث عن المجال الذي يحسنه، ويرى أنه قد يوفق فيه؛ فيبذل ما يستطيع في خدمة دينه.
القرب من الشباب
إن الحكمة تقتضي أن نذهب إلى الشباب، وأن نقترب منهم، وأن نسهل وصولهم لأهل العلم، وأن نسهل وصول المواد الدعوية النافعة إلى غير المسلمين بلغاتهم، أما كان نبينا - صلى الله عليه وسلم- يخالط الناس في أسواقهم؟ ويغشى أنديتهم؟ وذهب - صلى الله عليه وسلم- ليعرض نفسه على القبائل، ولم يجلس -عليه الصلاة والسلام- ينتظر من يأتي إليه، هذه سنة الأنبياء، قال الله -تعالى عن الأنبياء-: {ويمشون في الأسواق}، وكان من سنة الله -تعالى- أن يبعث أناسًا من البشر يتاجرون ويتزوجون ويأكلون ويشربون ويخالطون الناس، يعني دعاة بأقوالهم وأعمالهم، فليس من الحكمة أن ندع هذه الوسائل ونجلس في مساجدنا وجامعاتنا، ونترك الشباب لدعاة أهل الباطل الذين يغيرون مفاهيم الإسلام، وينشرون البدع والضلالات والانحرافات، فالعاقل هو الذي يستخدم الحكمة في الدعوة إلى الله.


أهمية الدعوة في وسائل التواصل
تنطلق أهمية الدعوة إلى الله في وسائل التواصل الاجتماعي؟ من امتثالنا أمر الله -تعالى- يقول: {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (النحل: 125)، حكمة وضع الشيء في موضعه، فهل من الحكمة أننا نرى اليوم شبابنا وأولادنا وجيراننا وأصدقاءنا وأقاربنا، ونرى غير المسلمين من سائر البلدان في هذه الوسائل ثم نقف مكتوفي الأيدي نتفرج ونتركهم لمن يغير عقائدهم، وينشر الشهوات والشبهات بين أظهرهم، ونحن نجلس ننتظر من يأتي إلينا لنقوم بدعوته؟


وسائل الدعوة اجتهادية
وسائل الدعوة إلى الله -تعالى- اجتهادية، فالوسيلة التي تتخذ في إيصال هذه الدعوة تختلف من زمن إلى آخر، فالدعوة في مكة لم تكن كالدعوة في المدينة، ودعوة نبي الله نوح -عليه السلام- لم تكن كدعوة غيره، كان يدعو سرًا وجهارًا ليلاً ونهارًا، كان يسر لبعضهم ويعلن للآخرين، استخدم مختلف الوسائل، قال -تعالى-: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا}، وقال: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا، ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا}، اذا الشخص الحكيم الداعية الرباني هو الذي يستخدم الحكمة في دعوته، ويغشى هذه الوسائل بقصد نفع الناس ودلالتهم على الله -سبحانه وتعالى.


اعداد: الفرقان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-09-2023, 05:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دعوتنا ووسائل التواصل

دورة نظمها مركز عبدالله بن مسعود لتعليم القرآن الكريم

– دعوتنا ووسائل التواصل

– الحلقة 2


ما زلنا في استعراض أهم ما جاء في الدورة التي نظمها مركز عبدالله بن مسعود؛ لتعليم القرآن الكريم، التابع للجنة العالم العربي بجمعية إحياء التراث الإسلامي، وكانت بعنوان: (كيف أدعو إلى الإسلام في مواقع التواصل الاجتماعي؟) وقدمها الشيخ الداعية: حيّان اليافعي؛ حيث ذكرنا في الحلقة الماضية مفهوم الدعوة إلى الله -تعالى-، وأهمية اغتنام وسائل التواصل في ذلك، وأن وسائل الدعوة اجتهادية، ومفهوم التعريف بالإسلام، وضرورة أن يقوم أهل الحق بواجبهم تجاه تبليغ هذا الدين.
تحقيق لمهمة عظيمة
بين اليافعي أن استغلالنا لوسائل التواصل في الدعوة إلى الله -تعالى- تحقيق لمهمة عظيمة، وهي المهمة التي بعث الله بها الرسل لتعبيد الناس لله -سبحانه جل في علاه-، فالرسل أتوا برسالة واحدة وهي الدعوة إلى توحيد الله، والدعوة إلى تعظيم الله، والدعوة إلى الفطرة السليمة، وكل رسول أتى ليعالج قضية كانت منتشرة في عصره.
فهذا نبي الله لوط -عليه السلام- عالج مشكلة اجتماعية خلقية في قومه، وهي إتيان الذكران من العالمين، ونبي الله شعيب عالج تطفيف الميزان، وغيرهم عالجوا مشكلات عدة في قومهم، فكذلك الداعية العاقل والموفق هو الذي لا يكون منعزلا عن الناس، يرى مشكلات الشباب، ويرى الأسر تهدم، ويرى المؤسسات المشبوهة تنشر الرذيلة وتسعى لتغيير الفطرة ثم يجلس ولا يفعل شيئا!

فالداعية الموفق هو الذي يغتنم هذه الوسائل، ويقترب من خلالها للشباب، ويشغلهم بما ينفعهم، وينبغي للعاقل أن يكون بصيرًا بزمانه مقبلاً على شأنه، ينبغي أن يدرك الداعية المشكلات التي يعانيها هؤلاء الشباب، فالصالح هو الذي يمتثل أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول: «مثلُ المؤمنين في تَوادِّهم، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ مثلُ الجسَدِ إذا اشتكَى منْهُ عضوٌ تدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى»، فلابد أن تكون جزءًا من هذا الجسد، فتتفاعل بآلامه، وتحس بإخوانك.
واجب الدعاة
إذا اغتنمنا هذه الوسائل سنحيي بلدانا بإذن الله -سبحانه وتعالى-، وسيرفع الأذان في أماكن لم يرفع فيها من قبل، إننا حين ندخل بعض الصفحات، ونجد فيها مئات الآلاف من عباد الطاقة، ومئات الآلاف من الملاحدة، ومئات الآلاف من النصارى، ومئات الآلاف من الذين يؤمنون بالسحر، فإذا لم تقوموا يا من تحملتم كلام الله يا من ذقتم حلاوة الإيمان، يا من وجدتم سعادة الإسلام، يا من اصطفاكم الله -سبحانه وتعالى- بمواجهة هذا الطوفان الهائل من الشبهات فمن يقوم بذلك غيركم؟!
كل يوم يموت مئة وعشرة آلاف شخص على غير الإسلام، تخيل هذا الرقم المهول،
كان يسعنا أن نصل إليهم من خلال هذه الوسائل، لو أننا تخلصنا من حظوظ أنفسنا، لحققنا خيرًا عظيما، لكننا مع الأسف انشغل بعضنا بما لا ينفع، وضاعت أوقاتنا في الجدل العقيم. والله المستعان.
وجوب الدعوة إلى الله -تعالى
دلت النصوص الشرعية على وجوب الدعوة إلى الله -تعالى-، وذلك بحسب القدرة والاستطاعة، يقول الله -تعالى-: ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (125النحل)، وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم، أنت ترى العديد من المنكرات في وسائل التواصل، نرى نشر الشبهات والبدع والضلالات والانحرافات، ونرى كثيرًا من المخالفات، فكيف للمؤمن الذي يغار على دينه أن يترك هذه المنكرات دون محاولة لتغييرها؟! وقد قال الله -تعالى-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران 110) فكيف تترك سبب الاصطفاء؟
لست أقل منهم
أيكون أهل الباطل أشجع منك أيها المسلم؟! لا يكن صاحب الباطل الذي يبذل من وقته فينتج تلك المقاطع التي يشكك بها المسلمين في دينهم وأنت صاحب الحق صاحب التوحيد في غفلة عن نفع إخوانك، في غفلة حتى عن أن تكتب تعليقا أو ترد عن شبهة أو تعزز يقينا، أو أن تكون همزة وصل بين الدعاة وبين من لديه شبهة قد يموت عليها، هكذا يكون شكر نعمة الإسلام التي اصطفاك رب العالمين عليها، واختارك لأن تكون مسلما بين ملايين البشر.
إنَّ مئات من المنظمات والمؤسسات التنصيرية يأتون إلى أدغال أفريقيا، وإلى قرى ما وصلها الدعاة، يتركون نعيم الدنيا لينشروا باطلهم في بلدان المسلمين، ونحن أهل الحق نتكاسل عن هذا الحق؟
كثرة المنكرات وغلبة الجهل
إنَّ كثرة المنكرات وغلبة الجهل في عصرنا الحالي، تجعل الدعوة فرض عين على كل إنسان بحسب طاقته، فالشيخ ابن باز -رحمه الله- وغيره من أهل العلم يرون أن الدعوة إلى الله فرض عين، فإذا لم تقم بالدعوة إلى الله قد تأثم على رأي هؤلاء الأفاضل من العلماء، ويرى غيرهم أن الدعوة إلى الله -سبحانه وتعالى- فرض كفاية، في قوله -تعالى-: {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران: 104) وقد اختلفوا في كلمة (منكم)، فقيل: إن من هنا تبعيضية، فإذا قيل: إنها تبعيضية فيكون الدعوة إلى الله فرض كفاية؛ لأن الله -تعالى- قال: (منكم) ولم يقل -سبحانه-: لتقوموا كلكم بالدعوة إليه.
وقيل على القول الآخر: إنها لبيان الجنس، أي لتكونوا كلكم دعاة إلى الله، فتكون الدعوة على هذا القول فرض عين، وحتى الذين قالوا: إنها فرض كفاية ففروض الكفايات أجرها عظيم، بل بعض العلماء يرى أن فرض الكفاية الذي يقوم به أجره أعظم من ممن يقوم بفرض العين؛ لأنك عندما تقوم بشيء فرض عين تسقط الإثم عن نفسك، أما عندما تقوم بفرض كفاية فأنت تسقط الإثم عن الأمة.
إن تفريطنا في فروض الكفايات يجعلنا -مع الأسف الشديد- نتحمل آثاما وأوزارا عند الله -جل في علاه-، فكذلك نجد اليوم هذه الصفحات -كما أسلفت- فيها مئات الآلاف من الملاحدة، ومن اللادينيين، وفيه أيضا آلاف من الناس ينتظرون من يأتي يبلغهم دين الله، وليزيل عنهم الشبهات، ويظهر لهم العقيدة الصحيحة لدين الله -سبحانه وجل في علاه- قبل أن يموتوا على غير الاسلام.
هل يلزمني العلم الشرعي
في الدعوة إلى الله؟
يقول عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- من دعا إلى الله بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح، وكما أسلفت، فالدعوة لها مجالات متعددة، فهناك مجال المناظرة ورد الشبهات، وهذه لا تكن لكل أحد، بل لو دخلت في هذا المجال وأنت غير مؤهل لرجعت بالإثم لا الأجر، لماذا؟ لأنك عندما تدخل في مناظرة فأنت الآن شخص يمثل دين الله تمثل الإسلام.
فإذا كانت ردودك ضعيفة، وتستطيع تفنيد شبهة الخصم، وتبين ضعف حجته، وتقطع دابره، فأنت تكون فتنة لهذا الرجل الذي تحاوره وتناظره، وفتنة أيضا للمستمعين والمشاهدين؛ لأنهم سيرون ضعف الإسلام فيك، وربما ينصرفون عن مجرد البحث عنه بسببك فتكون وقعت في إثم عظيم.
إنَّ الكلام في دين الله هو بمثابة توقيع عن رب العالمين، قال -تعالى-: {قلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (الأعراف: 33) فإياك أن تتكلم في دين الله بغير علم! نحن لم نقل: كل أحد يذهب ليناظر، وكل أحد يذهب ليرد عن الشبهات، هذا لا يقول به أحد، وهذا لا يكون الا للمتأهلين الذين تمكنوا في العلم، وحتى العلماء ليس كلهم مؤهلين للمناظرة، فليس كل شخص يستطيع أن يقيم الحق والدليل على كلامه، وإن استطاع أن يقيم الدليل على كلامه فليس كل أحد يستطيع أن يرد على كلام المخالف، ويبين بطلانه، وليس كل أحد لديه الأسلوب المناسب في إظهار الحق الذي معه، هذه فتوحات من رب العالمين، وهناك علم الجدل والمناظرة، علم يعرفه طلبة العلم.
ماذا علي أن أفعل؟
أنت بإمكانك أن تنشر التلاوات المؤثرة، وبإمكانك أن تعرف بالإسلام من خلال الشيء الذي تحسنه، تُذكّر بقل هو الله أحد، تتكلم مع النصراني تقرأ عليه، سورة الإخلاص، تتكلم مع الملحد، تذكره بعظمة الله -تعالى-، تقول له كيف يمكن لهذا الجوال أن يأتي بالصدفة؟ كيف يمكن لهذا العالم أن يأتي مصادفة؟ تأتي ببعض الأمور القطعية المنطقية والتساؤلات التي يتفق عليها البشر فتبلغها لغيرك.
أنت تحسن مسألة معينة قرأتها ودرستها وأخذتها عن أهل العلم تبلغها، وتوثقت من حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وتثبت من صحته تبلغه، أما الأمور التي لا تحسنها وأنت في شك منها فهذه نقول لك لا تدخل نفسك فيها، لا تدخل في المناظرات، ولا تدخل نفسك في مجموعات ينشر فيها الشبهات، فالإنسان قد يدخل يدعو بحجة أنه واثق من نفسه، وإذا به بعد مرور فترة من الزمن قد تشرب قلبه هذه الشبهات، وهو الآن يبحث عن من يرجع له إيمانه، عمن يرجعه إلى حظيرة الإسلام، لقد دخل ليدعو إلى الله لكنه لم يستشر أهل العلم، ولم يتخذ الخطوات المناسبة، ولم يعزز يقينه، ولم يكن على قدر العلم الكافي؛ فتسبب ذلك في فتنته؛ لذلك العاقل هو الذي لا يتخذ خطوة إلا بعد أن يستشير، إلا بعد أن يفكر، هل أنا أهل لأن أفعل هذا أم لا؟.

شعيرة عظيمة
إذا لم يتحرك قلب المؤمن والداعية لمواجهة هذا الباطل ويبلغ دين الله -سبحانه وتعالى- فهذا دليل على ضعف الإيمان والعياذ بالله، فالمؤمن الموفق هو الذي يبذل لدينه، والله -سبحانه وتعالى- بين لك أنه اصطفاك وأنه اختارك -سبحانه وتعالى- بهذه الشعيرة العظيمة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) فكيف تفرط في هذا الخير العظيم؟ كيف ترى المنكرات ولا تستشعر أنك من خير أمة، وأنك أنت مطالب بأن تنصح وتغير هذا المنكر، وبأن تدعو إلى الله، وتقول قال الله -تعالى-، وقال رسوله - صلى الله عليه وسلم .


الصلاح والفطنة
فينبغي للداعية أن يجمع -مع صلاحه- الفطنة واليقظة والانتباه، وأن يعرف كيف يُعبِّد الناس لربهم -جل في علاه-، وأن يزاحم أهل الباطل ليرد باطلهم؛ فدخول الدعاة في هذه الوسائل تحصين للمسلمين من الدعوات المنحرفة، وتحصين لهم من دعاة أهل الباطل، ودعاة أهل الشرك، وأهل البدعة، وأهل الغلو الذين أساؤوا للإسلام وأظهروه على أنه دين عنف وإرهاب وقتل، وأظهروا لغير المسلمين أن هذا الدين لا يصلح للبشرية؛ فينبغي للعقلاء وللدعاة الواعين أن يظهروا الحق، وينفوا عن دين الله تحريف الغالين، وانتحال المبطلين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-10-2023, 05:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دعوتنا ووسائل التواصل

دورة نظمها مركز عبدالله بن مسعود لتعليم القرآن الكري

-دعوتنا ووسائل التواصل-

كيف أدعو غير المسلمين؟


الحلقة 3
ما زلنا في استعراض أهم ما جاء في الدورة التي نظمها مركز عبدالله بن مسعود لتعليم القرآن الكريم، التابع للجنة العالم العربي بجمعية إحياء التراث الإسلامي، التي كانت بعنوان: (كيف أدعو إلى الإسلام في مواقع التواصل الاجتماعي؟) وقدمها الشيخ الداعية: حيّان اليافعي؛ حيث ذكرنا في الحلقة الماضية أهمية الدعوة ووجوبها، وواجب الدعاة، وأهمية العلم الشرعي في الدعوة، واليوم نتحدث عن الأسس التي يجب علينا اتباعها عند دعوة غير المسلمين.
من الأمور المهمة في دعوة غير المسلمين عدم الدخول في التفاصيل وإضاعة الوقت في بعض الجزئيات، فيخرج غير المسلم وهو مشتت، لم يفقه شيئا، فأنت إذا أتيت لتحدث شخصا غير مسلم تبدأ تحدثه عن ربه -سبحانه جل في علاه-، تذكر له دلائل الربوبية، تحدثه عن هذا الكون تقول له تفكر تأمل، أعطاك الله العقل لتعمله، هل يعقل لهذا الكون أن يأتي من العدم؟ كيف تفسر هذا الانضباط العجيب؟ تذكر له انضباط الشمس والقمر وانضباط النجوم، تحاول أن تثير فطرته، تقول له لا يعقل أن هذه الأمور تأتي من العدم، تبدأ تذكر له من الأمثلة ما تعينه على نفسه ليتأمل ويتذكر ويتدبر.
الآيات الكونية
ثم تقول له هذا الكون لابد له من خالق وتقرأ عليه بعض الآيات التي تدل على عظمة الله في الكون ووحدانيته -سبحانه- وتفرده بالخلق، قول الله -تعالى-: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}، وقوله -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَأَنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}، قال -تعالى-: {وَهُوَ الَّذي مَدَّ الأَرضَ وَجَعَلَ فيها رَواسِيَ وَأَنهارًا وَمِن كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فيها زَوجَينِ اثنَينِ يُغشِي اللَّيلَ النَّهارَ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرونَ}.
قل له هذا الجهاز الذي أمامك المكيف، أو الهاتف، أو غيره، ألا تدل هذه الأجهزة على أن لها صانعا؟ لا يمكن لهذه الأجهزة أن تعمل هكذا من تلقاء نفسها، بل لابد لها من صانع، فكيف بالسماوات والأرض، قال -تعالى-: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} (غافر:57).
التدرج في الأمثلة
عليك أن تتدرج معه بالأمثلة التي تقرب له المعاني، تقول هذا الإله العظيم لا يمكن أن يكون صنمًا، -حاشاه سبحانه-، لابد أن يكون أعظم، لابد أن هذا الإله أعظم ما في الوجود، لابد أن يكون غنيا لا يحتاج إلى ولد، ولا يحتاج الى زوجة.
أين فطرتك؟
قل له: أين فطرتك؟ أين عقلك؟ وهبك الله العقل لتتأمل به، لتفكر به، ما جوابك لربك يوم القيامة إذا قال لك أعطيتك عقلا لتُعمله؟ تقول له اتبعت آبائي وأصدقائي وأجدادي!.
الدين ليس باتباع الآباء والأصدقاء والأجداد، الدين لابد أن يجيب عن أسئلتك، لابد أن يكون موافقا لفطرتك، تبدأ تثير فيه الفطرة السليمة الكامنة في نفسه.
الملحد سيقول أنا ولدت في عائلة ملحدة، فهل هذا يعفيه؟
الشخص الذي ولد في أسرة علمته السرقة والنهب، وأخذ حقوق الآخرين، هل هو معذور أن يقول ولدت في هذه الاسرة؟ أم أنه لابد أن يبحث عن الحق؟
قل له: فكذلك أنت عندما تكون ولدت نصرانيا هذا لا يدل على أنك على الحق لابد أن تبحث عن الحق، وأن تقدم الخالق على أصدقائك وأقاربك، وما نشأت عليه.
الحكمة من الخلق
ثم تقول له: هل يعقل لهذا الخالق أن يخلق الخلق ثم يتركنا من غير أن يبين لنا لماذا خلقنا؟ هذا خالق حكيم، هل يعقل أنه خلقنا عبثا؟ كيف لهذا الإنسان أن يكون موجودًا لغير حكمة؟ هل يعقل وهل يُظن هذا بخالق السماوات والأرض؟
من رحمته -سبحانه- إرسال الرسل
ثم تذكر له أن من رحمته -سبحانه وتعالى- إرسال الرسل، قال -تعالى-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُوا أَنتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} (الأنعام 91)، فمن رحمته أنه أرسل إلينا الرسل، وهؤلاء الرسل اختارهم ليكونوا بشرًا؛ لأنهم لو كانوا ملائكة لما استطعنا أن نتحدث معهم، لقد أنزل الله عليهم الكتب، وجاؤوا يدعون إلى أمور توافق العقل وتوافق الفطرة، يدعون الى مكارم الأخلاق، لا يريدون منا أجرا.
صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - وإخلاصه وأمانته
لقد أرسل إلينا هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - بصدقه وإخلاصه وأمانته، فجاء بمعجزات تدل على صدقه، وأيده بتلك المعجزات وأمور لا يستطيع أن يأتي بها البشر، فيستبعد أن يكون هذا الشخص كذاب، وهو يقول لك لا تعظمني، أنا بشر مثلك، لو كان هذا كاذبا لجاء ليطالب بالملك، ليقول لك أريد منك المال، أريد منك النساء، أريد منك الجاه، لكن هذا الذي يأتي، يقول لك أنا بشر مثلكم يوحى إلي، {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء:109) فقط أريدك منك أن تعبد الله، وأن تلجأ إلى الله، يدل قطعا على أن هؤلاء الرسل صادقون أتوا من عند الخالق -جل في علاه.
كتاب فيه عتاب له - صلى الله عليه وسلم -
عندما يأتيك بكتاب في هذا الكتاب مواضع فيها عتاب له: {يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (المائدة 67)، {عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} (التوبة 43) رب العالمين يعاتب نبيه - صلى الله عليه وسلم -، لا يعقل لهذا الإنسان أن يكون كاذبا، ويأتي بكتاب فيه عتاب له، لو كان كاذبًا لعظم نفسه في هذا الكتاب، لذكر أزواجه وأولاده وذريته وأمواله، لكننا نجد في هذا الكتاب تعظيما لرب العالمين، وذكرا لصفات رب العالمين، يذكرنا فيه بالجنة والنار.
كتاب معجز
هذا القرآن الكريم يخبر بأمور معجزة، إلى اليوم لا زالت الاكتشافات العلمية تثبت صحتها، كيف يعقل لمحمد - صلى الله عليه وسلم - الذي أتى قبل ألف وأربعمائة سنة أن يذكر في كتابه -وهو كان أميا- مراحل تخلق الجنين، هذا شيء مدهش لا يمكن لإنسان 1400 سنة ليس هناك رنين مغناطيسي ولا كاميرات، ويذكر المراحل بدقة أثبتها العلم الحديث، هذا يدل على أن هذا الكتاب ليس من عند البشر، وكان -صلى الله عليه وسلم - أميا لا يقرأ ولا يكتب.
عرفه الإسلام
ثم تعرفه ما الإسلام؟ تقول له رب العالمين أرسل رسلا، كل هؤلاء الرسل أتوا برسالة واحدة {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (الأعراف:59) لقد أتوا يدعون أقوامهم لتوحيد الله، وإفراده -سبحانه- بالعبادة، فكل من آمن بهؤلاء الرسل ووحدوا الله -سبحانه وتعالى- ولم يشركوا به، هؤلاء هم المسلمون حقًا، الذين آمنوا بنوح واتبعوه هؤلاء على الإسلام، والذين آمنوا بموسى واتبعوه وصدقوه ووحدوا الله، هؤلاء على الإسلام، هؤلاء مؤمنون صالحون، لكن الذين عبدوا العجل وكفروا بعد موسى. هؤلاء غيروا وبدلوا، ثم لما بعث الله عيسى -عليه السلام-، وجب على الناس أن يتبعوا بني اسرائيل وجب عليهم أن يتبعوا موسى -عليه السلام-، فالذين آمنوا بعيسى وصدقوه هؤلاء على الإسلام، هؤلاء على التوحيد، لهم أجرهم مرتين آمنوا بموسى وعيسى.
أما الذين تمسكوا بدين موسى وقالوا لن نؤمن بعيسى هؤلاء كفار، لماذا؟ لأنهم كفروا برسول أرسله الله رب العالمين وهو عيسى ابن مريم، إذًا الإسلام هو الاستسلام لله، أن تؤمن بالله وأن توحد الله، وأن تؤمن بالنبي الذي بعث في زمانك.
وجوب الدخول في دين محمد - صلى الله عليه وسلم
لذلك لما بعث الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم - وجب على جميع الناس أن يدخلوا في دين محمد -صلى الله عليه وسلم -، فالذين امنوا ودخلوا في دين محمد -صلى الله عليه وسلم -، هؤلاء هم المسلمون، والذين كفروا بمحمد -صلى الله عليه وسلم - وقالوا سنتمسك بدين موسى وعيسى هؤلاء لا يقبل منهم، {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} (البينة: 1)، الله يقول لنا لا يستطيع هؤلاء أن ينفكوا عن كفرهم، من أهل الكتاب اليهود والنصارى والمشركين، حتى تأتيهم البينة ما هذه البينة؟ {رسول من الله، يتلو صحفا مطهرة}.
قال -تعالى-: {فلما جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} (البقرة89)، كان أهل الكتاب يدركون أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيخرج آخر الزمان من المدينة المنورة، وكانوا يتوعدون أهل الشرك بأنهم سيقتلونهم مع هذا النبي، فلما جاءهم ما عرفوا قال الله: {كفروا به، فلعنة الله على الكافرين}، هذه أمور يقينية، لابد أن يتشبع بها الداعية.
لابد أن نكون صرحاء مع الناس
لابد أن نكون صرحاء مع الناس، فلن ينجو في الآخرة إلا من آمن بدين محمد - صلى الله عليه وسلم - ودخل في دينه -صلى الله عليه وسلم - {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف:15)، نذكر له أنه لابد من دخوله في الاسلام أن يصلي مع المسلمين، وأن يتبرأ من الكفر {فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة:256)، أما أن تقول أنا أحترم المسلمين وأعترف أن محمدا رسول من رب العالمين فقط، فهذا لا يكفيك، لتنجو في الآخرة.

لابد أن أكون صريحًا
لابد أن أكون صريحًا مع هذا الذي أدعوه؛ فأنا أحب له الخير، وأريد له الهداية، أريد له أن يكون معي في الجنة، بينما لو جاملته أقول له فقط أريدك أن تحترمني، وأن تحترم نبيي، ولا يلزمك أن تدخل في هذا الدين، يكفي أن نتعايش سويا، أنت على دينك وأنا على ديني {لكم دينكم ولي دين}، هذه أعظم خيانة، لأنه سيموت، ثم يقول الله له لماذا لم تؤمن بمحمد - صلى الله عليه وسلم -؟ سيقول: قابلت فلانا فغشني ولم يخبرني أنه يلزمني أن أتبع دين محمد - صلى الله عليه وسلم .

العقائد
لا مجاملة فيها
الذي يدعو غير المسلمين لابد أن يكون على يقين تام بأن دين الإسلام هو الدين الحق وأن ما سواه هو الباطل أما الذي يتردد في ذلك ولا يكون عنده الجرأة في أن يقول أن اليهود والنصارى غير مسلمين فلن تثمر دعوته ولن يحقق أي نتائج منها.


اعداد: الفرقان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 92.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 89.90 كيلو بايت... تم توفير 2.64 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]