أمن يجيب المضطر إذا دعاه ؟

[ابوالوليد المسلم]

أمن يجيب المضطر إذا دعاه ؟
عاطف شمس


الخطبة الأولى:
ليلة معركة بدر نام المسلمون ووقف النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى شجرة يصلى ويدعو حتى الصباح: ((اللهم أنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد)) ((اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك إن شئت لم تعبد)) فقال له أبو بكر الصديق: حسبك فخرج قائلا سيهزم الجمع ويولون الدبر.
قال ابن القيم: "اشتدت رحى الحرب، وأخذ رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يدعو ويبتهل إلى الله حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فرد عليه أبو بكر الصديق رداءه، وقال: يا رسول الله بعض مناشدتك ربك فإنه منجز لك ما وعدك؟
هذا هو الدعاء سهام الليل التي لا تخيب كان الصحابة يسألون رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن أشياء ليعلموها وينزل بها الوحي ودائما ما كان الوحي ينزل (قل) كذا قال - تعالى -: (يسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم...) (يسألونك عن المحيض قل هو أذى…) (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما...) (يسألونك ماذا ينفقون قل…) (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه...) وعندما سأله الصحابة عن الله - عز وجل - أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزل قوله - تعالى -: (وإذا سألك عبادي عنى فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان...)[البقرة 186]. وقال - تعالى -: (قل ما يعبأ بكم ربى لولا دعاؤكم)[الفرقان77].
الله لا يهتم بكم ولا يبالى إلا أنكم تدعونه تذكرونه تشكرونه، وقال - تعالى -: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض ءإله مع الله قليلا ما تذكرون) [النمل 62].
وقال - تعالى -: (وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون) [يونس 12].
المريض مرضا خفيفا يدعو وهو واقف والمريض المتوسط يدعو قاعدا وإذا زاد المرض يدعو وهو على جانبه يقول الله - تعالى -: (وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض) [فصلت]، أي دعاء شديد وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من سره أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب فليكثر من الدعاء في الرخاء) [الترمذي -الحاكم صحيح الإسناد] بعض الناس لا يذكرون الله إلا عند الشدة والكرب بل يذكره، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الدعاء هو العبادة)) وقال - تعالى -: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) [غافر60].
المفترض أن يقال: إن الذين يستكبرون عن دعائي لكن جاءت عبادتي؛ لأن الدعاء هو العبادة..
* فما هو الدعاء ؟
الافتقار إلى الله والتبرؤ من كل حول قوة لا حول ولا قوة إلا بك إن كنت غنيا فادعوه إن كنت محتاجا فادعوه إن كنت فقيرا فادعوه..
* أيوب - عليه السلام -: (وأيوب إذ نادى ربه أنى مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) [الأنبياء 82-83].
فاستجاب الله له وقال - سبحانه - في سورة أخرى (ص): (إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب)[ص 44].
ودعا الله لما قال الناس لو كان نبيا حقا ما فعل الله - عز وجل - به كل هذا لقد ضاع ماله أحرقت أرضه ضاعت إنعامه في الحريق ابتلى بالمرض في جسده، ولما دعا الله لم يدعه لنفسه، بل ليثبت للناس إن الله يحب دعاء المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.
* ذا النون يونس - عليه السلام -:
(إذ ذهب مغاضبا فظن أن لم نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) (فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين) [الأنبياء 87-88]. فقالوا: يا رسول الله ليونس خاصة أم لنا عامة، قال: بل ليونس خاصة ولكم عامة فكل مؤمن دعا الله أجابه - سبحانه - إلى ما دعا. الله - عز وجل - يقول في سورة أخرى: (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون) الملائكة تقول يا رب تسبيح من صوت معروف لكنه ضعيف لا نعلم ممن هذا الدعاء فهو في ثلاث ظلمات ظلمة الحوت ظلمة الليل - ظلمة البحر.
* زكريا - عليه السلام -:
(وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجة أنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا فكانوا لنا خاشعين)[الأنبياء 89-90].
* رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
ذهب إلى الطائف وتعلم ماذا فعلوا به فجلس بجوار حائط (بستان) يدعو قال البعض هو حديث ضعيف وقال آخرون لا يخرج هذا الكلام إلى من مشكاة النبوة: ((اللهم أنى أشكو إليك ضعف قوتي وقله حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربى إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أم إلى قريب ملكته أمري أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي سخطك أو يحل على غضبك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بالله)).
استأذنت الملائكة أن تغرقهم - أن تقتلهم فأذن الله لملك الجبال فنزل وقال: يا محمد إن الله قد سمع ما قال قومك لك وقال لي أن أطبق عليهم الأخشبين إذا أذنت، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يوحدك ويدعوه ولا يشرك به شيئا)).
* شروط قبول الدعاء آداب الدعاء:
لمن تدعو لمن لا تدعو. أول شيء الإخلاص لله.
ثانيا: أن يكون طعامك حلالا لا تدخل بيتك إلا حلال ارفع يديك لا تتعجل - ابدأ بالثناء على الله اختم بالصلاة على النبي - كرر الطلب ثلاثا - كن على وضوء أفضل حاول أن تتجه إلى القبلة.
الأوقات الفاضلة:
عند نزول المطر يوم عرفه - أيام الجمع رمضان في العشر الأواخر وأنت ساجد بين الآذان والإقامة عند شرب ماء زمزم عند صياح الديكة بعد الصلوات الخمس ساعة السحر سهام الليل التي لا تخيب.
* الدعاء بالغيب:
أدع لأخيك فاسأل الله دوما كل الخير لأخيك فإن الله يقيد ملكا يقول لك آمين ولك بمثل إذن يعود عليك الدعاء بالخير أنت تدعو وأنت مذنب الملك يدعو لك وليس مذنبا إذن الذي يدعو لك ملكا من الملائكة.
* الأم والأب: يدعون لأبنائهم إذن أنت المستفيد وإياك أن تتعرض أن يدعوا عليك فأنت الخاسر الله يستجيب دعاء الأب على ولده ودعاء الأم على ابنها.
* جريج العابد: كان يصلى في صومعته ويوما نادته أمه فقال يارب أمي وصلاتي فأكمل صلاته ثم ثانيا نادته وهو يصلى فقال رب صلاتي وأمي فترك أمه وأكمل صلاته وفى الثالثة دعت عليه قائله يارب لا تمته حتى تريه وجوه المومسات.
- بجواره كانت امرأة واقعها راعى الغنم ولدت طفلا عندما سئلت قالت أبوه جريج - ائتوني بالطفل فمسح عليه وقال من أبوك قال أبى الراعي فقال العوام لنبنى لك الصومعة من فضه وذهب، فقال: لا لكنها دعوة أمي استجاب الله - عز وجل - لها.
لا تدعو على ابنك أو ابنتك أو تدعو بقطيعة رحم ولا تدع بإثم بل أدع بالخير للناس جميعا.
أدع لنفسك أولا ثم لأهلك ثم لمن حولك ثم للمسلمين جميعا.
إن علمت أنك مستجاب الدعوة فادع للمسلمين ولا تعلن ذلك
* سعد بن أبى وقاص:
كانت دعوته مستجابة ظلمه رجل فدعا عليه سعد اللهم إن كان مخطئا فأطل عمره وعرضه بالفتن فطال عمره إلى ثمانين سنة وسقط شعر حاجبه وأخذ يعاكس البنات في الشارع كان الناس يتعجبون فيقول لهم دعوة سعد أصابتني.
* العلاء الحضرمي:
كان قائد جيش المسلمين وصل في فتوحاته إلى نهر فأراد أن يعبر فدعا الله قائلا يارب تعلم أننا ما جئنا بطرا ولا رياء لكن لنصره دين نبيك ثم قال لا إله إلا الله وكبر فعبر النهر. ويوما كان يسير مع جيشه فى يوم صيف لم يكن معهم ماء رفع يديه إلى السماء وسأل الله المطر فجاءت سحابه فسقط المطر مدرارا عليهم فاغتسلوا وسقوا الإبل والخيل - وملئوا ما معهم ولم تمطر السماء على أعدائهم لأنه دعا قائلا اللهم أسقنا ولا تسقى غيرنا.
الخطبة الثانية:
شاب يبع إلى سيد جديد فاشترط الشاب على الرجل (سيده الجديد) ثلاثة شروط:
1- أن يتركه ساعة الصلاة المكتوبة.
2- أن يتركه ليلا.
3- أن يتركه يعيش في غرفة مظلمة منعزلة عن البيت.
ففعل الرجل وبعد أيام أراد أن يكتشف ماذا يفعل الشاب فذهب إلى حجرته فوجده ساجدا وقنديل مضيء يملأ الغرفة نورا وبهاءا ويقول وهو ساجد اللهم وسيدي ومولاي لو لا أنك أمرتني أن أطيع سيدي ما فعلت يا ربى له النهار ولك الليل كله فرجع الرجل إلى بيته وهو متعجب بعد يومين ذهب ثانية فوجده ساجدا يدعو نفس الدعاء ويكرره والقنديل يضئ غرفته فنادى زوجته - تعالى - انظري فنظرت فدهشت وقالت والله نحن يجب أن نخدمه لا يخدمنا هو فذهبوا إليه بعد ليلتين فوجدوه على حاله يعبد الله القنديل يضيء غرفته.
فنادوه قائلين أنت مر لوجه الله وسوف نخدمك نحن لا تخدمنا أنت فقال هل رأيتم القنديل قالوا نعم فنظر إلى السماء قائلا يا صاحب السر إن السر قد ظهر ولا أريد حياة بعدما أشتهر فوقع على الأرض وفاضت روحه فقاموا عليه فغسلوه وكفنوه