صور من واقع العالم الإسلامي

[ابوالوليد المسلم]

صور من واقع العالم الإسلامي




د. زيد بن محمد الرماني

صور من واقع العالم الإسلامي:

1) التخلف الصناعي: وسببه افتقاد الأمة المبدعين والمبتكرين والمخترعين والفنيين في المجالات الصناعية المتنوعة، والسبب في هذا الافتقاد هو القصور أو التقصير في إعدادهم على النحو الذي يستطيعون به تحقيق حاجات الأمة في كل الصناعات. ويمكن القول بأنه إذا قامت الدول الإسلامية بتصنيع الخامات الطبيعية بدلاً من تصديرها إلى الدول الغربية، فإن ذلك يؤدي إلى أن يقفز الدخل الوطني فيها أضعافاً مضاعفة، ويرتفع تبعاً لذلك مستوى المعيشة ودخل الفرد في سائر الأقطار الإسلامية.
2) التخلف الزراعي: وسببه التخلف العلمي في مجال الزراعة، لأن التقدم العلمي في هذا المجال يضيف إلى الإنتاج الزراعي أضعافاً مضاعفة من حيث استصلاح الأراضي الزراعية وتوسيع نطاقها. وإذا نظرنا إلى رقعة الأراضي في العالم الإسلامي وجدناها 40 مليون كم2، ويمثل هذا حوالي ربع مساحة اليابسة التي تقدّر بـ148.354.000كم2.. ومع ذلك فإن الأراضي المزروعة في العالم الإسلامي تمثل فقط 11% من الأراضي الزراعية في العالم.. ولذلك فإن كثيراً من الشعوب الإسلامية لا تستطيع إنتاج ما يكفيها من الغذاء وبعضها مهدّد بالجوع.
3) التخلف التجاري: وسببه يعود إلى عوامل عدة منها، الجهل بالحاجات العالمية إلى البضائع التي تصدرها وخصائصها بالنسبة للبضائع الأخرى، والتخلف في القوة الإعلامية لترويج البضائع، وعدم إيفاء التعهدات في موعدها والالتزام بالعهود والمواثيق الشخصية والجماعية والدولية، والجهل بأساليب التسويق للمنتجات، فقد تبيِّن نتيجة للإحصائيات أن الخسارة المالية في المنتجات الزراعية فقط كان 912 مليار ليرة تساوي 456 مليون دولار، وذلك على مستوى دولة واحدة في سنة واحدة. وذلك للجهل بأساليب التسويق والتجارة وعدم القدرة في المحافظة على المنتجات وحمايتها من التلف وهذه الخسارة خاصة بالمنتوجات من الخضروات والفواكه فقط.

4) الإسراف والتبذير: يرجع أحياناً إلى العادات والتقاليد الاجتماعية مثل: الإسراف في الولائم والأفراح والمهور، وسبب ذلك التباهي والافتخار والاعتزاز بالمكانة الاجتماعية، وقد يرجع إلى عدم الوعي الكامل بأضرار الإسراف والتبذير على مستوى المجتمع أو على مستوى الأفراد والمؤسسات والدول في المناسبات وغيرها، وقد عملت دراسة ميدانية عن الإسراف والتبذير في المأكولات المرمية في مدينة واحدة في إحدى الدول الإسلامية، فكانت النتيجة أن الإسراف اليومي حوالي مليون ليرة، والإسراف السنوي 365 مليون ليرة.. فما بالنا على مستوى العالم كله!.

وقد يرجع الإسراف أحياناً إلى ضعف الإدارة، كما قد يرجع أحياناً إلى إتباع الأهواء والشهوات، فإسراف الناس في الملاهي والمحرمات وسفرهم من بلد إلى آخر من أجل قضاء الشهوات تتجاوز مئات الملايين، وبخاصة لو حسبنا هذا الإسراف على مستوى بلد واحد، وإذ ضربنا لذلك مثلاً آخر، فقد عملت إحصائية عن عدد التذاكر في مدينة واحدة، فكانت النتيجة أن عدد التذاكر التي صرفت

للشباب خلال شهرين حوالي 700.000 تذكرة معظمها إلى جنوب شرق آسيا.

5) وضع الأموال في غير موضعها: ولذلك أمثلة كثيرة، مثل صرف الأموال في الأمور الاستهلاكية والترفيهية، وبناء الملاعب والهياكل أو وضع الأموال في البنوك الأجنبية، وقد بلغت الأموال العربية الموضوعة في بنوك أوروبا مثلاً حوالي 620 مليار دولار في عام 1988م... بينما نجد الإنفاق في البحث العلمي وتطويره قليل جداً بالنسبة لإنفاق الدول المتقدمة. فإن نسبة إنفاق الدول النامية بما فيها الدول الإسلامية مجتمعة يمثل 2.09% من مجموع الإنفاق العالمي، ونجد نصيب دول الشمال الغنية يصل إلى 97.1%، مع أن سكان الدول النامية 3 مليار مقابل 300 مليون نسمة لتلك الدول المتقدمة.

6) الجهل بالموارد الطبيعية: فإننا نجد أنفسنا في هذا المجال جاهلين كثيراً بأرضنا وبترابها وخيراتها، وما يكتنز فيها من الذهب والفضة والمعادن الأخرى الثمينة، والأراضي الصالحة لأنواع من الزراعات والنبات التي يمكن أن تنتجها تلك الأراضي من المحاصيل، والسبب في ذلك جلنا بطرق استخرج تلك الخيرات واستثمارها وصناعتها.. وبالرغم من كل هذا، وعلى وجه العموم، فإن العالم الإسلامي غني بثرواته الزراعية وبإنتاجه الوفير من مختلف المحاصيل. ويمكن القول بعد دراسة متأنية لما تنتجه الدول الإسلامية من محاصيل زراعية بأن العالم الإسلامي يحتل المرتبة الأولى في إنتاج القطن في العالم حيث ينتج 30% من الإنتاج العالمي، وفي المطاط يستأثر العالم الإسلامي بنحو 75% من الإنتاج العالمي، كما يحتل العالم الإسلامي المرتبة الثانية في إنتاج البن بنسبة 10% من الإنتاج العالمي، والمرتبة الثالثة في إنتاج الأرز بنسبة 15% من الإنتاج العالمي.

7) انتشار الجرائم المختلفة: وهذا ناشئ أساساً عن الانحلال الخلقي المتمثل في انتشار الغش والخداع، والرشوة، وعدم الالتزام بالعهود والمواثيق في المعاملات التجارية والصناعية، ثم انتشار الأعمال العدوانية كالاعتداء على الأموال والأنفس، ثم ظلم العمال واستغلالهم.. إضافة إلى انتشار الجرائم الأخرى التي تتطلب مزيداً من الجهود البشرية والمادية، والتي تتطلب محاولات القضاء عليها أو الحد منها أموالاً وميزانيات هائلة فيما لو صرفت في أمور التنمية لتقدمت البلاد تقدماً هائلاً.

8) انتشار الأمراض القاتلة: فهناك أمراض تعوق العمل أو تقلل عدد ساعات العمل، مثل مرض البلهارسيا المنتشر في البلاد الإسلامية، وقد ذكر بعض المتخصصين أن هناك خسائر مالية كبيرة تترتب على انتشار هذا المرض وآخر التقديرات في العالم عن عدد الحالات هو 200 مليون إصابة تقريباً، كانت نسبة الإصابة في مصر عام 1974م في بعض المناطق 22% من السكان، ولقد سُجّل في المغرب خمسون ألف حالة، وفي جنوبي تونس 6.6% وهناك بؤر محدودة من هذا المرض شمالي سورية وجنوبي لبنان وشبه الجزيرة العربية. وتنفق مصر في مكافحة المرض مئات الملايين من الجنيهات، وذلك حوالي 300 مليون دولار في العام خسارة مصر على هذا المرض.


9) هجرة العلماء: فقد تبيّن من بعض الإحصائيات أنه تبلغ نسبة الكفاءات المهاجرة من العالم الثالث إلى مجموع العقول المهاجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية ما بين 70ـ80% حسب تقدير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية وهذه الهجرة تكلف الدول النامية 42 ملياراً من الدولارات...