|
|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
البداية... !
البداية... ! مصطفى شيخ مصطفى كنت في الابتدائية والإعدادية، ومن بعدها في الثانوية، عندما نكلّف بحفظ شيء من الشعر أشعرُ أنّ عقوبةً قد ألحقها الأستاذ بي، فما أحببتُ الشعر ولا أهله، وترسَّخ ذلك البغضُ والكرهُ لهذا اللون الأدبي في الجامعة، وترسخ أكثرَ وأكثرَ حتى بات من المسلّمات، وخاصةً عندما أصلُ في التلاوة إلى قوله تعالى في نهاية سورة الشعراء : {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224]، ثمّ بدأت أتعلم شيئًا من الفقه، فإذا الشعرُ كلامٌ كأيّ كلام نحاسب عليه، فنثاب أو نعاقب عليه، فبدت الصورةُ مغايرةً للصورة القديمة، ثمّ قرأت في "صحيح مسلم" قولَه - صلى الله عليه وسلّم -: ((أصدقُ كلمةٍ قالها شاعرٌ كلمةُ لَبِيدٍ: أَلاَ كُلُّ شَيءٍ مَا خَلاَ اللهَ بَاطَلٌ)). فَعَجِبتُ من هذا السحرِ ومن هذا البيان، وعلمتُ أن كثيرًا من الشعر حقٌّ وصدقٌ، وشيئًا فشيئًا بدأتُ أتوجه إلى قراءة الشعر، حتى تملّكني حبُّ قراءتِه رويدًا رويدًا، وحتى أصبحت حين أجد قصيدةً جيدةً كمن فاز في مباراةٍ فاصلةٍ في الدوري، أو في مباريات الكأس، أو كتاجرٍ نال ربحًا كثيرًا، أو كصيّادٍ أصاب صيدًا وفيرًا، فأُردِّد القصيدة وأحفظ شيئًا منها، وأختار منها مقاطع، ثمّ أختار من المختار أجودَه، فأنقله إلى دفترٍ أعدّ خصيصًا لذلك، حتى أصبح عندي من هذه الدفاتر الكثير. في خضمّ هذا الهمّ والاهتمام بالشعر وأهله، وقعت يدي على أبياتٍ لشاعرٍ مخضرم عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام، عاش في الجاهلية فأدرك أدبها وشعرها، وحضر منتدياتها وأسواقها، وامتدّت حياته إلى الإسلام، فهذَّبه بتعاليمه، وارتقى بهذا الإسلام في شعره، فترك لنا قصائد من أجمل القصائد، وشعرًا لا يماثله شعر، من أعذب الكلمات وأجملها، إنّه الشاعر "معن بن أوس المزني" وهذه هي الأبيات[1]: لَعَمْرُكَ مَا أَهْوَيْتُ كَفِّي لِرِيبَةٍ وَلاَ حَمَلَتْنِي نَحْوَ فَاحِشَةٍ رِجْلِي وَلا قَادَنِي سَمْعِي وَلاَ بَصَرِي لَهَا وَلاَ دَلَّنِي رَأْيِي عَلَيْهَا وَلاَ عَقْلِي وَأَعْلَمُ أَنِّي لَمْ تُصِبْنِي مُصِيبَةٌ مِنَ الدَّهْرِ إِلاَّ قَدْ أَصَابَتْ فَتىً قَبْلِي وَلَسْتُ ِبمَاشٍ مَا حَيِيتُ لِمُنْكَرٍ مِنَ الأَمْرِ لاَ يَمْشِي إِلَى مِثْلِهِ مِثْلِي وَلاَ مُوثِرًا نَفْسِي عَلَى ذِي قَرَابَةٍ وَأُوثِرُ ضَيْفِي مَا أَقَامَ عَلَى أَهْلِي عندما قرأتُ هذه الأبيات لأول مرةٍ، تمنيتُ لو أنّ صوتي يصلُ بها إلى زوايا الأرض وعنان السماء، فأقرأتها أهلي وأسرتي وجعلت لمن يحفظها من الأبناء جائزةً ماليةً قيمة، فحفظها كلّ من في البيت، وأتمنى أن يحفظها وينتفع بها هذا الجيل. ــــــــــــــ [1] ينظر صبح الأعشى، (1/265).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |