07-08-2022, 09:09 PM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,936
الدولة :
|
|
البساطة في الحوار
البساطة في الحوار
د. محمد بن فهد بن إبراهيم الودعان
(تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف)
يلاحظ مما تقدم في النماذج الحوارية السابقة وغيرها، لا يسعنا إلاّ أن نقر ببساطة أسلوب الحوار في القرآن الكريم - ووضوحه - كما تقدم -، لا سيما ما نحن بصدده في سورة أو قصة يوسف - عليه السلام -، سواء على مستوى العبارة والكلمات، أو على مستوى الاستدلال وطريقة الحجج وإقامة البراهين.
ومما لا شك فيه أن قصد الشارع الأصلي، من مخاطبة الناس بالرسالة عمومًا هو الإفهام وليس الإفحام، ومن الشواهد أيضًا في الآيات الحوارية في سورة يوسف - عليه السلام -:
1- قول الله تعالى - على لسان نبيه يعقوب–: ﴿ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف: 5].
فيلاحظ البساطة جلية في محاورة الأب مع ابنه، وتجنب التعمق في الجواب عندما سأل يوسف - عليه السلام - عن رؤياه، بعيدًا عن التعقيدات التي تشوش على تفكيره، وهذه البساطة يدركها كل عاقل متدبر لكتاب الله - سبحانه وتعالى -.
وفي هذا إرشاد إلى الآباء في محاورة أبنائهم، وأهل التربية والمعلمين في محاورة طلابهم، والبعد عن التعقيد في الخطاب، وزرع الثقة في نفوسهم، واختيار الألفاظ الحسنة، وهذا هو الأدب - أيضًا - الذي ينبغي أن يأخذ النشء به في حواراتهم.
2- قول يوسف - عليه السلام -، للسجينين: ﴿ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 37].
فنرى هذا الأسلوب الحواري فيه من البساطة الواضحة، بعيدًا عن الألفاظ التعصبية، أو العبارات الفظة، أو الاصطلاحات المعقدة، وإنما استخدم مستوى الأسلوب المعتمد في الاستدلال والإقناع، بل عرضها بكل بساطة في عملية تجاوب بديع مع العقل والفطرة؛ ليترك للإنسان - من خلال ذلك - المجال مفتوحًا للاستنتاج والحكم. ينظر: أوهنا، أسلوب الحوار في القرآن الكريم (ص 152-153).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|