القـــــدر - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12595 - عددالزوار : 218438 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 195 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 183 - عددالزوار : 62216 )           »          حديث قل آمنت بالله ثم استقم وقفات وتأملات كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          التغافل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          الطريق يبدأ من هنا.... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          دور القائد المسلم في إدارة الأزمات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          يا بنيّ إنني أمك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          كيف تحاورين والديكِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أخطاء بسيطة لكن مُميتة ! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 08-03-2024, 11:48 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القـــــــدر (21)

كتابة عمر الإنسان ورزقه



- لا يستحدث شيء في علم الله عز وجل.
رغم أني لا أحب الإطالة في حديث الهاتف، إلا أن صاحبي يناقشني أحيانا في قضايا فيمتد حديثنا إلى قرابة الساعة.
- في باب القدر.. نعلم أن الله كتب عمر الإنسان ورزقه، وشقي أم سعيد.
قاطعته:
- الحديث في البخاري عن ابن مسعود أن رسول الله[ قال: «... ثم يبعث إليه الملك فيُؤْذَن بأربع كلمات، فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح...».
تابع حديثه:
- نعم.. هذا الحديث جاء بروايات أخرى، ونعلم أن ذلك كتب قبل خلق السموات والأرض، وأنه كان غيباً لا يعلمه أحد، ثم أنزله الله وأعلم به بعض ملائكته، وسؤالي: لقد كتب الله أن يموت شخص ما في لحظة ما من يوم ما، ولكن هل كتب أيضاً كيف يموت؟ أم إن هذا الشخص في اللحظة التي كتب الله عليه الموت قاد مركبته بسرعة كبيرة وتسبب الحادث في موته؟ أم ركب البحر فمات في اللحظة المحددة غرقاً؟
قاطعته:
- اقرأ قول الله تعالى: {وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} (الأنعام: 59).
علم الله أحاط بورق الشجر، وقطرات المطر، وحبات الرمل، وما في أعماق الأرضين والمحيطات، وما فوق السموات، أحاط علمه بكل مخلوقاته وملكه: {وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} (يونس: 61)، وكذلك: {عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين} (سبأ: 3)، الله تبارك وتعالى علم كيف يتصرف كل منا، وكيف سيموت وأين ومتى، وهذا العلم كتبه في: {كتاب مبين}, فلا يحصل شيء لم يعلمه الله، أو لم يكتبه، وبذلك يكون الفهم الصحيح للآيات التي تبدو في ظاهرها أن الله «سيعلم» كقوله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم} (المائدة: 94)، وقوله سبحانه وتعالى: {ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين} (العنكبوت: 3)، وقوله: {وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين} (العنكبوت: 11)، {قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون} (الأعراف: 129).
هذه الآيات ومثيلاتها يفهم منها أن يتحقق علم الله السابق، فترونه أنتم، ويكون ماثلاً أمام أعينكم فتقام الحجة، وتعلمون ما كنتم تجهلون أنتم، فلا جديد ولا محدث يكون في علم الله عز وجل، وهذا معنى كمال العلم في حق الله سبحانه وتعالى.


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 08-03-2024, 06:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القـــــــدر (22) الكتاب الذي يحاسب عليه العبد



- أليس الإيمان بالقدر أن نؤمن بأن ما كتبه الله واقع لا محالة؟!
- بلى.. ولكن يجب أن نفصل في الأمر، وذلك أن كثيراً من الناس يستغل هذه العقيدة ليعتذر بها في «لوم القدر» على ما يرتكبه من معاص وما يقصر فيه من طاعات، وهذا إثم عظيم، يزينه الشيطان لكثير من الناس حتى يبقوا على ما هم عليه من الابتعاد عن الله عز وجل.
- وكيف لنا أن نفصل هذا الأمر؟
التقيت وصاحبي لتناول عشاء خفيف بعد الصلاة الأخيرة، وقررنا السير على الأقدام إلى المطعم الذي يبعد عن مسجدنا كيلو متراً واحداً تقريباً.
- دعني أذكر لك آية ربما ليست في الموضوع، ولكن استغلها من لا يريد إخراج الصدقات، وذلك انطلاقا من قول الله عز وجل: {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين}(هود:6) فكان كموقف الكفار: {وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه}(يس:47)، وهذا منهج أهل الضلال أنهم يستغلون آيات الله في البعد عن أوامر الله، ولنرجع إلى موضوعنا:
جاء في الحديث عن ابن عباس: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني.
هذه العقيدة يجب أن نؤمن بها إيمانا إيجابيا، بمعنى أن نتذكرها إذا وقع لنا ما لا نحب، وأصابنا ما لا يسر، وخسرنا ما نعز، ونريد بعد أن نكون قد بذلنا الأسباب فنطمئن ولا نجزع، وتعيننا هذه العقيدة على الصبر والرضا، ولا ينبغي لعاقل أن يلوم القدر على معصيته، ويحتج بالقدر على ضلاله، وينسب كفره إلى الله تعالى.. سبحانه عما يقولون علواً كبيراً.. وهذا الأسلوب ليس بجديد كما أخبرنا الله تعالى: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون}(الأنعام:148)، وفي سورة النحل: {وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين}(النحل:35)؛ فهذه حجة مردودة وعذر قبيح لا ينجي صاحبه من العذاب.
- وكيف أحاور أحدهم بطريقة أخرى؟!
- اسأله.. ما الذي كتبه الله عليك بعد ساعة؟ حاول أن تخالف ما تظن أن الله كتبه عليك، مثلا إذا كان الله قد كتب عليك أن تكون في المكان (أ) اذهب إلى المكان (ب)، وإذا كان الله قد كتب أن تأكل الوجبة (جـ) كل الوجبة (د)، لا أحد يعلم ما كتبه الله، ولا يستطيعون، ما كتبه الله يعلمه العبد بعد أن يفعله بمحض إرادته، والذي يحاسب عليه العبد يوم القيام ليس ما كتبه الله عز وجل، بل ما يسطره الملك في كتاب جديد لم يكتب فيه شيء، بل الملك لا يكتب حتى يفعل العبد؛ ففي الحديث قال رسول الله [: «قال الله عز وجل: إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن عملها فاكتبوها سيئة، وإذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة، فإن عملها فاكتبوها عشراً» مسلم. وهذا هو الكتاب الذي يحاسب عليه العبد يوم القيامة: {وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشوراً اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} (الإسراء:13).



اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 08-03-2024, 08:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القـــــــدر (23)

التعوذ من شر القضاء



- هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من شر القضاء؟
- الحديث الذي في البخاري: «إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من سوء القضاء ومن درك الشقاء ومن شماتة الأعداء ومن جهد البلاء»، وهو في صحيح مسلم أيضا.
لم يخف صاحبي استغرابه:
- وكيف ذلك؟!
- لعلك تعني تعوذه صلى الله عليه وسلم من سوء القضاء؟
- نعم.
وقف صاحبي في طريقنا للخروج بعد صلاة العصر.. وعادة نمشي معا حتى نبلغ منازلنا.
- ألم يتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم من «الهم والحزن» ؟ متفق عليه.. ألم يتعوذ من «الكسل والجبن والهرم»؟ البخاري.. ألم يتعوذ من «وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والأهل والولد»؟ مسلم.. ألم يتعوذ من «أرذل العمر»؟.. وكل ذلك من القضاء؟! وفي شرح البخاري.. «أن كل أمر يكره يلاحظ فيه جهة المبدأ وهو سوء القضاء، وجهة المعاد وهو درك الشقاء، وجهة المعاش وهو جهد البلاء».. فالأمراض من القضاء، والدعاء لإزالتها من القضاء أيضا.. فنلجأ إلى قضاء الله لإزالة قضاء الله.. وفي الحديث: «لا يرد القضاء إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر»، الترمذي- حسنه الألباني.
فالمقصود أن القدر لا يرد إلا بالقدر، فما كتبه الله قدر... ودعاؤنا لرفعه أو رده قدر.
قاطعني:
- أما رفع ما وقع فمفهوم... ولكن كيف منع وقوع ما قدره الله؟!
- ما قدره الله غيب.. لا يعلمه أحد.. ولا حتى الملائكة... فإذا نزل جزء مما قدره الله علمته الملائكة.. قبل أن ينزل إلى الأرض.. فإذا دعا العبد وهذا أيضا مما قدره الله.. ارتفع الدعاء فمنع نزول البلاء.
فكان الدعاء سببا في رد البلاء قبل وقوعه وكله علمه الله عز وجل قبل وقوعه.. فكتبه.
- وكيف في زيادة العمر.. وقد كتب الله آجال الناس فلا تزيد ولا تنقص؟!
- كلامك صحيح.. ذلك أنه إذا كان في علم الله أن فلانا سيموت عن عمر سبعين سنة وأربعة أشهر وخمسة أيام وساعتين وسبع دقائق وعشرين ثانية.. فإنه لا يتقدم ولا يتأخر عن هذه اللحظة.. فتكون الزيادة المذكورة في الحديث بالنسبة لملك الموت ومن وكل معه من الملائكة بقبض الأرواح.. وهذا معنى قول الله عز وجل: {هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون} (الأنعام:2)..
وكذلك قوله عز وجل: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب} (الرعد:39).. فأشار سبحانه عز وجل في آية الأنعام إلى أجلين: الأول ما علمه ملك الموت الذي ربما يتغير بأعمال البر.. فيمحو الله هذا الأجل ويزيده عند ملك الموت ليوافق الأجل المكتوب في اللوح المحفوظ.. ففي شرح الترمذي: «الحاصل أن القضاء المعلق يتغير، وأما القضاء المبرم فلا يبدل ولا يتغير».. وهذا ما يسميه العلماء تدافع الأسباب أو معالجة الأقدار بالأقدار.. أي إنك تدفع قدرا بقدر ليثبت في النهاية ما أرداه الله عز وجل.


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #24  
قديم 08-03-2024, 08:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القـــــــدر (24)

الصبر على المصائب



- عندما أقرأ الآيات التي تذكر المصائب، أشعر أنني لا أفهمها فهماً صحيحاً.
- هل لك أن تذكر لي أمثلة؟!
- مثلاً قول الله عز وجل: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (التوبة: 51)، وقوله عز وجل: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى: 30)، وقوله سبحانه: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} (الحديد: 22)، وقوله سبحانه: {ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم} (التغابن: 11).
كان يقرأ هذه الآيات من قصاصة أخرجها من جيبه العلوي.. انتهى.
- هذه الآيات كلها متناسقة متحدة المعنى، وأود أن أضيف آية أخرى، بل آياتين من سورة النساء: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأرسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا} (النساء: 78 - 79).
هذه الآيات تبين أسباب وقوع المكروه للمؤمنين، والسبب الأعظم لأي مصيبة هو الذنوب، كما في آية الشورى، وذلك أن المؤمن ربما تعجل له العقوبة على الذنب الذي لم يتب منه في الدنيا ولا يعاقب عليه في الآخرة، ولا شك أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، وجاء في المستدرك على الصحيحين: عن علي - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من أصاب ذنبا في الدنيا فعوقب به، فالله أعدل من أن يثنّي عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنبا فستر الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء عفا عنه» قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وهذا الفهم كان عند الصحابة - رضوان الله عليهم - بأن أحدهم يرجع ما يصيبه إلى تقصيره في حق الله عز وجل، والله سبحانه لا يؤاخذ على جميع الذنوب، بل يعفو عن أكثرها، كما في آية الشورى التي ذكرتها، وذلك من رحمته وعفوه وكرمه سبحانه، والله عز وجل قد سبق في علمه كل ما سيكون وكتبه، فلا شيء جديد في علم الله كما في آية الحديد، ولا يقع شيء في ملك الله عز وجل إلا بإذنه، فلا ينبغي للعبد أن يتذمر من مكروه أصابه أو مصيبة وقعت له، بل يصبر ويرضى بقضاء الله عز وجل.
قاطعني:
- وماذا عن الآيتين في سورة النساء؟!
- هاتان الآيتان تذكران حالة فئة من المنافقين، هلعوا عندما أمروا بالجهاد، فأخبرهم الله أن الموت يأتيهم وإن تحصنوا في بروج مشيدة، وكانوا ينسبون وقوع المكروه إلى النبي[، فكذبهم الله عز وجل بأن كل شيء خلقه الله وأن المكروه يقع على الإنسان بسبب ذنوبه، فمع أن المخاطب هو الرسول[، إلا أن المراد أمته من بعده.
ولقد حذر الله المؤمنين من أن يقعوا فيما وقع فيه الكفار: {ياأيها الذي آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير} (آل عمران: 156)، فالمؤمن وإن وقعت عليه أعظم مصيبة وهي الموت رضي بقضاء الله ويعلم أنه لم يكن للأمر أن يتأخر أو يتقدم وأن السبب لا قيمة له؛ فيرضى بقضاء الله لأجل أن ينال الرضا من الله.


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 09-03-2024, 06:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القـــــــدر (25)

لماذا الدعاء إذاً؟



بلغت باب المسجد قبل الأذان بخمس دقائق.. التقيته خارجا من المسجد مشمرا عن ساعديه يريد تجديد وضوئه.. استوقفني:
- لدي استيضاح في قضية القدر..
تابع حديثه دون أن ينتظر ردة فعلي:
- إننا هذه الأيام نقنت في كل صلاة ندعو لإخواننا في بلاد الشام أن يفرج الله همهم وينصرهم على من ظلمهم وسفك دماءهم، والله عز وجل يعلم ما ستؤول إليه الأمور.. فلماذا ندعو نحن؟!... ودعاؤنا لن يغير ما كتبه الله عز وجل؟!
- هذا السؤال يخطر على بال كل منا... لا في قضية إخواننا المسلمين المستضعفين في بلاد الشام، بل في قضايا كثيرة، ولاسيما إذا كان الأمر لا يتعلق بنا.. وحتى أوضح لك الأمر.. هل تستطيع أن تقول: لماذا أدعو لابني بالشفاء العاجل وزوال مرضه العضال... وقد سبق في علم الله ما سيؤول إليه الأمر؟! لا تقل ذلك وإنما تستمر بالدعاء رجاء أن يستجيب الله لك ويشفي ابنك.. هل تستطيع أن تقول لنفسك: لماذا أخرج وأجتهد في طلب الرزق... وأحرص على اتخاذ القرار الصحيح في البيع والشراء للأسهم في البورصة وقد سبق في علم الله إن كنت سأربح أو أخسر في تجارتي؟!
(بوفهد) من رواد المسجد المواظبين على جميع الصلوات وكثيرا ما يمكث بين المغرب والعشاء في المسجد يقرأ القرآن.. متقاعد يتعامل بالبورصة ويعرف الكثير من أسرار الأسهم فهو مرجعنا في البيع والشراء.
- هذه الأمور لا بد أن أجتهد فيها وأبذل الأسباب من المتابعة والسؤال والبحث حتى أحقق أرباحا في بيعي وشرائي.
- سؤالي: لماذا تفعل ذلك وقد سبق في علم الله وكتب الله ما سيؤول إليه أمرك؟!
أجابني مستغربا:
- لا بد من بذل الأسباب لنيل المطلوب.
- هذه التي أردت.. لا بد من بذل الأسباب.. ومن أعظم الأسباب التي يجب أن يبذلها العبد لينال مطلوبه أن يدعو الله عز وجل... في كل شيء بل الله أمر عباده بدعائه: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} (غافر:60).. فالدعاء عبادة يحبها الله وهي أعظم سبب لنيل المراد... والنبي [ كان يدعو بالنصر لجنوده ويدعو للاستسقاء ويدعو لنفسه، وكان أكثر دعائه: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» البخاري.. وكان يدعو عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم، الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم»، متفق عليه.. فالدعاء أقوى سبب.. ومن لم يدع الله عز وجل فقد ترك سببا أساسيا لنيل المطلوب.. في جميع الأمور.. إذا أردت لابنك أن ينجح.. مُرْه فليدرس.. وليدع الله عز وجل أن يرزقه التفوق والنجاح.. وإذا أردت أن ترزق الذرية.. فابذل الأسباب وادع الله أن يرزقك الذرية الصالحة.. وإذا أردت سعة الرزق.. فاسع في طلبه وادع الله أن يرزقك رزقا طيبا واسعا.. وإذا أردت النصر للمسلمين المستضعفين على الظالمين -كما في بلاد الشام- فأعن إخوانك بما تستطيع وادع لهم.. وأعلم يقينا أن الدعاء ينفع.. ويستجيب الله لمن يدعوه صادقا.. والدعاء أيضا من القدر.. ومما كتبه الله عز وجل.


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #26  
قديم 09-03-2024, 07:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القـــــــدر (26)

أحداث الكون بأمر الله



- وماذا عن القدر في أحداث الكون... وما يصيب البشرية عامة؟!
- لا شيء يقع في الكون إلا بأمر الله... وقوع الزلازل... هبوب العواصف... انفجار البراكين... فيضانات الأنهار... انهيار الثلوج... جفاف السماء... لا شيء على الإطلاق... وهذه الأمور يحلو لبعضهم أن يسميها «غضب الطبيعة» ولا شك أن هذه التسمية خاطئة؛ فليس للطبيعة أن تغضب أو ترضى... إنها مخلوق يأتمر بأمر الله... هذه الأمور كلها تقع بحكمة الله عز وجل... أحيانا عقابا... وأحيانا إنذارا... وأحيانا تخويفا... وأحيانا دعوة للناس وتذكيرا.
- وماذا عن الموقف حيال هذه الأمور؟!
- لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ما يجب على الأمة عمله في بعض هذه الحالات.. ففي الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر المهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهن -وأعوذ بالله أن تدركوهن- لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله [ إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم»، حسنه الألباني.
ففي هذا الحديث ربط بين بعض الذنوب التي إذا تفشت في الأمة نزل العقاب العام: «أخذوا بالسنين»... أي أصابتهم المجاعة.
قاطعني:
- ولكن هذه الأمور كلها أو معظهما واقع من الكفار؟!
- إن الله إذا عجل العقوبة للمؤمن في الدنيا فإن ذلك أهون عليه من عذاب الآخرة... وربما كان هذا العقاب عبرة له فيرجع عن معصيته، أما الكافر فإن عقابه مؤجل إلى يوم القيامة... فلا يعاقب في الدنيا.. والعقاب هناك أشد وأبقى... وعلى أية حال.. إذا نزل العقاب أو تأجل فإن ذلك لحكمة يريدها الله عز وجل.. وفي كتاب الله أمثلة على ما يصيب الأمم بسبب الذنوب.. أو ينالها من خير بسبب الطاعات، اقرأ قوله تعالى: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} (النحل:112)، وكذلك قوله سبحانه: {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين} (الأنعام:6)، وقوله سبحانه: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا} (نوح:11).
وذكر لنا ربنا ذنوب بعض الأمم السابقة.. مثل عاد وثمود وقوم لوط وما حل بهم بسبب ذنوبهم.. وذلك حتى نتعظ ونعتبر.
- وماذا عن الدراسات الحديثة التي تتنبأ بالأعاصير والبراكين والأمطار وغيرها؟!
- إن الله إذا أراد أمرا حصل.. ويجعل له من الأسباب الدنيوية ما يحدثه... مثلا تفاوت درجات الحرارة بين الأسطح المائية والهواء ثم اليابسة يكون سبباً في حدوث الأعاصير ومع انخفاض الضغط الجوي يجلب السحاب والأمطار... والإنسان يراقب ويعيش ويتجنب... ولكن لا يستطيع أن يفعل شيئا حيال هذه الأمور وكلها بأمر الله.
- وما الموقف الشرعي حيالها؟!
- الرجوع إلى الله... وبالطبع الماديون لا يعترفون بالأسباب الشرعية لهذه الأمور.. ولكننا بفضل الله نعلم أن هناك أسبابا غيبية وعلى يقين بأن الأمر ليس مادة فحسب وإنما الله سبحانه هو الذي خلق هذه المادة ويسيّرها وفق حكمته.. وبأمره عز وجل.. فشرع لنا صلاة الاستسقاء... والاستغفار والتوبة حال الجفاف.. واللجوء إلى الله حال الكوارث... لأنها لا تقع صدفة.. تعالى الله سبحانه أن يقع شيء في ملكه عبثا.. بل بتدبير الله وأمره... وهنا يفترق المؤمن عن غيره.


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 09-03-2024, 08:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القـــــــدر (27)

ألفاظ مخالفة للعقيدة



- كثير من الأعمال الأدبية تستخدم ألفاظا مثل: (سخرية القدر)، و(ظلم القدر)، و(جبروت الأقدار)، و(لعبة الأقدار)، ولا شك أن هذه المصطلحات وأشباهها تخدش الإيمان، ومن اعتقدها ربما ينقض إيمانه.
- لا شك أن هؤلاء لا يقصدون المعنى اللفظي لهذه العبارات.
- وإن كان، ففي العقيدة حتى التجاوز اللفظي ممنوع، ألا تذكر حادثة ذاك الأعرابي الذي قال: «ما شاء الله وما شئت يا محمد»، فأرشده الرسول[ إلى شدة خطأ هذه العبارة، فقال: «أجعلتني لله عدلا، قل ما شاء الله وحده» (أحمد والنسائي)، ففي قضايا العقيدة يجب مراعاة الألفاظ؛ لأن التجاوز فيها يخدش التوحيد، الذي هو حق الله الذي يجب أن يؤدى كاملاً.
- وماذا عن بعض الألفاظ الأخرى التي تخدش التوحيد؟
- الألفاظ كثيرة، ولذلك يجب على المؤمن أن يحذر فيما ينطق، مثل: (سب الدهر) ففي البخاري: قال الله عز وجل: «يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار»، فلا ينبغي لأحد أن يلعن ساعة أو يوماً أو شهراً؛ لأن ما حدث في هذه الأزمنة إنما حدث بأمر الله.
صاحبي متابع جيد للأنشطة الأدبية، وهو عضو في رابطة الأدباء ولا تفوته فريضة في المسجد.
- إن الإيمان بالقدر يجعل المرء مرتاح البال، قرير العين، طيب النفس، لا يجزع ولا يخاف ولا يهلع مهما نزل به من مصاعب ومهما أصابته من مشكلات.. اسمع حديث النبي[: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا، كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن لو تفتح عمل الشيطان»، مسلم وفي رواية ابن ماجة: «فإن غلبت أمر...»، وهذه «لو» الحسرة على أمر قد وقع، كما في قوله عز وجل مخبراً عن الكافرين: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحيي ويميت والله بما تعملون بصير} (آل عمران: 156)، هذه هي الـ«لو» المنهي عنها، أما «لو» التخطيط للمستقبل والبيان في الكلام فلا شيء فيها، كما قال النبي[ في الحج، وقد ساق الهدي من المدينة: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سُقت الهدي ولحللت مع الناس حين حلوا» البخاري.
وكما قالت عائشة في غسل النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه» أبو داود، وأحمد.
- حقاً إذا فهم المرء أمور العقيدة بطريقة صحيحة يرتاح باله وتزول شكوكه.
- من هنا قال العلماء: إن العلم الواجب خير من العبادة الواجبة، والعلم النافلة خير من العبادة النافلة «العلم الصحيح يحفظ للمرء دينه وعباداته».


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 10-03-2024, 09:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القـــــــدر (28) الخـلاصــة



- الآن وقد قضينا قرابة ستة أشهر نتحدث عن العقيدة في القدر، نريد أن نخرج بخلاصة قصيرة جامعة مانعة.
- الأمر ليس بهذه السهولة، ولكن ربما نستطيع أن نضع لأنفسنا بعض القواعد التي إن التزمناها بقينا على قصد السبيل، وهي:
- الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان، من أنكره هدم دينه.
- علم الله أحاط بكل شيء قبل خلق السموات والأرض، وأمر الله القلم أن يكتب هذا العلم.
- خلق الله كل شيء في الكون، والمرء يختار الخير فيوفقه الله، أو يختار الشر فيتركه الله لاختياره.
- أذن الله أن يقع في ملكه ما لا يحبه من شر ومعصية؛ فإنه لا يقع في الكون شيء إلا بإذن الله.
- لا نستشهد بآية واحدة أو حديث واحد لإثبات قضايا القدر، بل نجمع جميع الآيات والأحاديث، فإنها يبين بعضها بعضا ولا تعارض بينها مطلقاً.
- العبد مسؤول مسؤولية كاملة عن تصرفاته التي سيحاسب عليها بين يدي الله.
الإيمان بالقدر يستوجب الرضا بما يجري على العبد مما لا يحب.
استوقفني صاحبي قبل أن أذكر النقطة التالية:
- أظن أن أحدنا يحتاج أن يذكر نفسه دائماً بالقدر، فما الأذكار المتعلقة بهذا الأمر التي تعين المرء على الرضا بقضاء الله؟!
- لاشك أن معظم السخط إنما يكون حال المصيبة؛ ولذلك يذكرنا الله في كتابه بما يجب أن نقول بألسنتنا: {الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} (البقرة: 156)، وكذلك قوله عز وجل: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (التوبة: 51)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم حين فقدان عزيز: «إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى» متفق عليه.
ومما يعين العبد على الرضا بما قضاه الله عز وجل أن يذكر نفسه بأسماء الله الحسنى وصفاته العلا، فهو اللطيف، الرحيم، الحكيم، الغفور، العليم، الودود، فاقرأ مثلا قوله عز وجل: {الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز} (الشورى: 19)، {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} (الملك: 14)، {وهو الغفور الودود} (البروج: 14)، {سبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم} (الحديد: 1)، فالله سبحانه وتعالى خلق الخلق، وهو أرحم بهم منهم بأنفسهم، وهو لطيف بعباده، رحيم بهم، يدبر الأمور بحكمته سبحانه؛ فربما وقع على العبد ما يكره وهو خير له، كما في آية القتال: {وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} (البقرة: 216)، فمن آمن يقينا بأسماء الله وصفاته، أيقن أن ما قضاه الله عليه خير له، ويذكّر نفسه دائماً أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويدعو الله دائما؛ فإن الدعاء جزء من الإيمان بالقدر وهو من القدر وينفع مما وقع ومما لم يقع.


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 13-04-2024, 08:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,235
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القـــــدر

القدر(29)

لا إله إلا الله



- هذه هي كلمة التوحيد العظمى.. أرسل الله من أجلها الرسل وأنزل الكتب، ولأجلها قاتل الرسول [ الناس.. ومن مات عليها دخل الجنة.. ومن نقضها دخل النار.
- لا يشك أحد في عظم هذه الكلمة ولكن لنذكر بعض الآيات والأحاديث الصحيحة في شأنها.
صاحبي لايكاد يقنع بأية فكرة.. كثير السؤال.. والجدال أحيانا.. ولكن أحب فيه رغبته في التعلم والدقة في طلب الإجابات.
- يقول الله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم} (آل عمران:18)، ويقول سبحانه: {ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل} (الأنعام:102).. ويقول سبحانه: {اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين} (الأنعام:106).. ويقول تعالى: {قل يأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} (الأعراف:158).. وأختم بهذه الآية من سورة التوبة: {فإن تولوا فقل حسبي الله لا إلا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} (التوبة:129).. وهناك آيات أخرى كثيرة.
- لم تذكر آية الكرسي: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم...} (البقرة:255).
- أحسنت.. ولكن أخبرتك أن هناك آيات أخرى في إثبات مكانة هذه الكلمة.. والأحاديث في فضلها كثيرة لا مجال لذكرها كلها.. ولكن نذكر شيئاً يسيرا منها.. ففي مسند الإمام أحمد أن رسول الله [ قال في حديث طويل: «وإن نبي الله نوحا [ لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية، آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، آمرك بلا إله إلا الله فإن السموات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده؛ فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق.. وأنهاك عن الشرك والكبر...» صححه الألباني.
وتعرف حديث التسعة والتسعين سجلا؟!
- نعم.. ذاك الرجل الذي لم يكن له من الخير إلا بطاقة كتب فيها «أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله» رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني.
- وهناك حديث طويل عن أهوال النار.. ومنه «فيقول الله عز وجل: «شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط إلا أنهم لم ينقضوا لا إله إلا الله..» (مسلم).
فلا يبقى في النار أحد قال لا إله إلا الله صادقا.. {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} (النساء:48).
- وهل تنفع «لا إله إلا الله».. من لم يصلِّ أو يصم أو يأت بالطاعات.. ومن وقع في شرب الخمر وربما السرقة والزنى.. وغيرها من الكبائر وربما قتل النفس التي حرم الله؟
- نعم.. تنفعه «لا إله إلا الله».. إن لم يقلها منافقا كاذبا.. هذه عقيدة أهل السنة والجماعة.. فكل ذنب دون الشرك يكون إلى الله أن يغفره أو يعذب عليه.. وإن عذب الله عليه العبد فإنه ينال جزاءه.. ثم يؤخذ به إلى الجنة.. وهذا مصداق الحديث الذي ذكرناه قبل.. «عتقاء الرحمن».. لم يفعلوا خيرا قط على الإطلاق.. ولكنهم لم يقعوا في الشرك ولم ينقضوا «لا إله إلا الله».
والأحاديث الأخرى في عظم كلمة لا إله إلا الله كثيرة، منها حديث «الإيمان بضع وسبعون شعبة، فأدناها إماطة الأذى عن الطريق، وأعلاها لا إله إلا الله» مسلم، وحديث: «من ختم له بإطعام مسكين محتسبا على الله عز وجل دخل الجنة، ومن ختم له بصوم محتسبا على الله عز وجل دخل الجنة، ومن ختم له بقول لا إله إلا الله محتسبا على الله دخل الجنة» صححه الألباني، وحديث: «أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الشكر الحمد لله» صححه الألباني.


اعداد: د. أمير الحداد




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 122.44 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.00 كيلو بايت... تم توفير 5.44 كيلو بايت...بمعدل (4.44%)]