وفي أنفسكم أفلا تبصرون - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 69 - عددالزوار : 16806 )           »          وأنت تقرأ القرآن أو تسمعه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الشيخوخة وتأثيرها على عملية التعلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الدعـــاة وأزمـــة التفاهــم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          إلى الدعاة المخلصين…لا تنازعوا فتفشلوا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          استشراف المستقبل من المنظور الشرعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3952 - عددالزوار : 391126 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4419 - عددالزوار : 856652 )           »          حق الجار والضيف وفضل الصمت.محاضرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          حبل الله قبل كلّ سبب وفوقه .! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم الطبي و آخر الإكتشافات العلمية و الطبية > الملتقى الطبي

الملتقى الطبي كل ما يتعلق بالطب المسند والتداوي بالأعشاب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-08-2008, 12:29 PM
الصورة الرمزية خويلد الجزائري
خويلد الجزائري خويلد الجزائري غير متصل
مشرف الملتقى العام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 2,264
الدولة : Algeria
Cool وفي أنفسكم أفلا تبصرون


عند التفكر في أنفسنا سنرى آيات الله في كل شئ ابتداءً من الخلية وانتهاءً بكل أجهزة الجسم المختلفة ، هذه الخلايا يجمعها الله مع بعضها البعض لتؤدي وظيفة النسيج، ويضم النسيج إلى نسيج آخر بجواره وإلى ثالث و رابع بإذن الله لإنشاء عضو من الأعضاء في جزء من أجسامنا . وجعل الله لتلك الأنسجة أشكالاً خاصة ومواد خاصة وأماكن خاصة لتؤدي الوظيفة التي قدرها الله لها، وتجتمع تلك الوظائف لتلك الأعضاء لتؤدي وظيفة أكبر ، هي وجود كامل كيان الإنسان على هذه الأرض.

الجهاز العظمي في جسم الإنسان :


قال تعالى: ﴿وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا… (البقرة:259). إذا


نظرنا إلى الجهاز الهيكلي العظمي سنجد أنه يتكون من 206من العظام، وهو قسمان:




1) الهيكل العظمي المحوري، وبه ثمانون عظماً، ويشمل (عظم الجمجمة - العظم اللامي - عظم العمود - عظام القص - عظام الأضلاع) .




2) الهيكل العظمي الزائدي، وبه 126عظماً، ويشمل (عظام الطرف العلوي- عظام الطرف السفلي - الأحزمة التي تربط هذه العظام بالهيكل المحوري).




وهذه العظام تختلف في الجسم من حيث طولها وشكلها وحجمها وتركيبها وأنواعها وهي:




1) عظام طويلة : كالعضد والساعد والفخذ والساق .




2) عظام قصيرة : كعظام الكاحل وعظام المعصم .




3) عظام مسطحة : كعظام الجمجمة وعظام الأضلاع والكتف .




4) عظام غير منتظمة : كالفقرات وبعض عظام الوجه .




5) عظام صغيرة: كالعظام داخل أوتار العضلات، وعظام الركبة، (صابونة الركبة). كل هذه العظام لا نجد فيها عظماً يمكن أن يصلح بدلاً من عظم، وكل عظم له وظيفة خاصة لا يمكن أن يقوم بوظيفته عظم آخر، ولا أن يوضع في مكانه، فلكل واحدٍ منها شكل خاص وحجم خاص وتركيب خاص، قد أحكم مع وظيفته، فالعظم الذي يكون الجمجمة يتناسب مع وظيفته في حفظ المخ، ولا يمكن أن يكون عظم الحوض بدلاً منه. والعمود الفقري يتناسب مع وظيفته في حفظ النخاع الشوكي وتحريك الجذع بزوايا معينة ولا يمكن أن يحل محله عظم الساق ذو القطعة الواحدة غير القابلة للانثناء . وإذا نظرنا إلى الجمجمة فسنجد أنها من أقوى العظام لكي تحمى المخ الذي هو جسم هلامي لا يتحمل الضغط والصدمات ، فلو تعرض لها فقد يؤدي ذلك إلى تلف في مركز من مراكزه. أو شلل في أي عضوٍ من الأعضاء. فالذي خلق العظام وركبها عليم بكل عظمٍ وبمكانه وبوظيفته وبحجمه وشكله المناسب وتركيبه من مادته المناسبة ، وهو حكيم خبير أحكم كل شئ ، ووضع كل شئ في مكانه، وجعله متناسباً متوافقاً مع ما يحيط به من الأنسجة والأعضاء . ونلاحظ أن زاوية أعلى الفخذ في كل إنسان تساوي 125درجة، ولو زادت أو نقصت درجة واحدة لأدت إلى عرجة في السير، فسبحان المريد الذي قدر واختار الزاوية الصحيحة للسير من بين سائر الزوايا لتؤدي الوظيفة المطلوبة للسير السوي، تلك الإرادة الواحدة التي تتجلى في تقدير زاوية أعلى الفخذ في كل إنسان .ونجد
أن الخالق جل وعلا قد جعل الجمجمة حفظاً لأجزاءٍ أخرى غير المخ، فقد حفظ بها الأذن، حيث نشاهد قناة الأذن غير مستقيمة، وهذا يمنع دخول أي جسم حادٍ لصد عظام الجمجمة له. فتلك آية تدل كما تدل الآيات الكثيرة على أن الخالق عليمُ بالأجزاء الضعيفة في الجسم، فحفظها بالهيكل العظمي القوى، فسبحان الحفيظ العليم الرحيم . ولما كانت الجمجمة في أعلى الجسم فقد ركبها الله بطريقة تحقق فيها الخفة في الوزن بالرغم من قوتها وصلابتها فجعل لها تجاويف كثيرة ونسيجاً عظمياً مناسباً يحقق تلك القوة والخفة في الوزن معاً، فسبحان الخبير العليم . ولما كان المخ هو مركز القيادة لسائر أجزاء البدن، ولابد أن يتصل بتلك الأجزاء للإرسال والتلقي فقد جعل الخالق العليم فتحات مناسبة عديدة في قاع الجمجمة تسمح بمرور الأعصاب والأوعية الدموية، وأكبر هذه الفتحات هي تلك التي يمر بها النخاع الشوكي من الجمجمة إلى العمود الفقري .

جمجمة الطفل : وفي تركيب الجمجمة في مرحلة الطفولة آيات أخرى، فهي مركبة من اثنين وعشرين عظماً ذات حركة موضعية، وتصبح بعدها عديمة الحركة. وتكون المفاصل واضحة جداً في جمجمة الطفل، ولا تلتحم عظام الجمجمة إلا بعد شهرين من مولد الطفل، كما توجد مناطق رطبة تسمى اليافوخ الأمامي واليافوخ الخلفي(1)، فاليافوخ الخلفي يلتئم فيما بين الشهر السادس والتاسع بعد الولادة ، ويلتئم اليافوخ الأمامي فيما بين الشهر الثامن عشر والرابع والعشرين بعد الولادة. ولهذه الأسرار وغيرها حكم عظيمة لم تعرف إلا بعد تقدم الطب، ومنها :إن حجم جمجمة الطفل يكون أكبر من فتحة عظم حوض الأم التي يخرج منها الطفل بعد الولادة . فمن آثار رحمة الله ولطفه أن تكون جمجمة الطفل لينة، وعظامها غير ملتحمة لكي يحصل تغيير في حجم الرأس وشكله، فيساعد ذلك على خروج الطفل ، كما أن جزءاً من مفاصل حوض الأم تتحرك إلى الخلف بفعل أنزيم خاص يفرز، فتتم عملية الولادة بسهولة ويسر، وإلا لامتنع خروج الطفل أثناء الولادة، فانظر إلى ألطاف الحكيم الخبير القائل: ﴿ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ﴾(عبس:20). ولولا ذلك اللطف الإلهي والإحكام البديع لما تمكنت امرأة أن تضع مولودها إلا بعملية جراحية . وقد حمى الله الحبل الشوكي الذي يمثل الحزمة العصبية المارة من الدماغ القائد المسيطر على حركات الجسم إلى سائر أجزاء الجسم بعمودٍ(2)
مكون من فقرات عظمية، بين كل فقرة وأخرى طبقة من الغضاريف اللينة تمكن الإنسان من الحركة والانثناء دون أن يحدث أي قطع في النخاع الشوكي أو تمزيقٍ لأي عصب. فانظر إلى الحكمة البالغة في خلق عمودٍ عظميٍ قابل للانثناء، حامٍ في الوقت نفسه لما بداخله من أعصاب تحرك الجسم كله. وقد جعل الله هذه الفقرات بأحجامٍ تتناسب مع ما تحمله من أثقال الجسم، فكلما كان موضع الفقرة إلى أعلى كان الثقل الذي تحمله من الجسم أقل فيصغر حجمها ، وكلما اتجهنا في العمود الفقري إلى أسفل أزداد حجم تلك الفقرات وازدادت قوتها وصلابتها ، حتى نصل إلى عظام العجز الملتحمة مع بعضها والمتصلة بالحوض الذي يعد قاعدة عظمية عريضة لحمل ما فوقه. ثم تأتي بعد ذلك عظام العصعص التي تعين على اتزان الجسم عند الجلوس وهي عظام صغيرة ملتحمة. وقد جعل الله فتحات في هذه الفقرات تخرج منها الأعصاب المتصلة بالعضلات في كل منطقة من مناطق الجسم، وأي ضغطٍ على هذه الأعصاب يؤدى إلى آلامٍ كالآم الانزلاق الغضروفي أو مرض عرق النَسَا. فسبحان العليم الكافي المحيط بحاجة كل عضلةٍ وما تحتاج إليه من الأعصاب . وإذا أخذنا مقطعاً عرضياً لهذه العظام فسنجدها تختلف في خلاياها بعضها عن بعض ليمكنها ذلك من أداء وظيفتها بكفاءة، فالخلايا في فقرات نهاية العمود الفقري مكدسة وكأنها قواعد إسمنتية مصبوبة، بينما التي في الأعلى خفيفة، وفي الجمجمة نجد المسافة بين الخلايا كبيرة لأنها لا تحمل أية ثقل، ولكنها صلبة وخفيفة لتتحمل الصدمات. بينما نجد الفقرات مصممة لتحمل الأثقال، ولكنها هشة لا تتحمل الضربات، وإذا تعرضت لضربة فإنها تتفتت. إن اختلاف التركيب الميكروسكوبى لهذه العظام له حكمة عظيمة من الخالق سبحانه لكي يؤدى كل عظمٍ وظيفته وعمله وحركته. إن هذه الحركة كانت تعد لك وأنت لا تزال جنيناً في بطن أمك ، فقد ركب الله سبحانه لك ذلك واعده ووضع كل عظمٍ في مكانه وسواه وربطه في الذي يليه حتى يؤدي كل جزء وظيفته و ضم كل وظيفة إلى وظيفة أخرى لتؤدي وظيفة أكبر. فعدد من العظام تؤدي وظيفة، اليد لتعمل وتتحرك وعدد من العظام تؤدي وظيفة الرأس في المراقبة والمشاهدة، وعدد من العظام تؤدي وظيفة الحركة والسعي والسير ونقلك من مكان إلى مكان وهي وظيفة القدم، وعدد من العظام تؤدي وظيفة الحماية كحماية العين أو حماية المخ أو حماية القلب والرئتين . هذا كله يشهد أن الذي أنشز العظام وكونها وركبها يعلم وظيفة كل عظم منها والتكوين الذي يناسب تلك الوظيفة والدور الذي سيقوم به. كل ذلك ونحن لا نزال أجنة في بطون الأمهات .

تصميم القفص الصدري :

ولما كان الصدر يحوي أجهزة مهمة رئيسة تتوقف عليها الحياة مثل القلب والرئتين فقد حمى الله هذه الأجهزة بقفص عظمي تكسوه العضلات القوية، وجعله مرناً قابلاً للتوسع مع حركات الهواء دخولاً وخروجاً ، فانظر إلى آيات ربك الحفيظ العليم كيف حفظ كل جهاز بما يناسبه من وسائل الحفظ .

من آيات الله في المفاصل :
أنواع المفاصل من حيث الحركة :
1- مفاصل ثابتة (لا تسمح بالحركة كمفاصل الجمجمة) .
2- مفاصل ارتفاقية (قليلة الحركة كمفاصل العمود الفقري) .
3- مفاصل متحركة (فيها مجال واسع للحركة) .

ومن حيث التركيب فهي: 1) مفاصل ليفية 2) مفاصل غضروفية 3) مفاصل زلالية.

ولو أن الله جعل الهيكل العظمي قطعة واحدة من العظام لا مفصل فيها لما استطاع الإنسان أن يقوم بحركة واحدة، فتتعطل صلاحيته للحياة على الأرض، لكن الله ركبه من عظامٍ كثيرة، وجعل بين كل عظمين مفصلاً يكون محوراً لتلك الحركة، وهيأ كل مفصل بتركيب خاص يتلائم مع شكل العظام المتصلة ووظيفتها وقوة الحركة التي تحدث فيها واتجاهات تلك الحركة، وبطن تلك المفاصل بغضاريف ملساء، وزودها بمادة زلالية لزجة تسهل الحركة، وتمنع الاحتكاك والتآكل في تلك العظام. وتزول هذه السهولة في الحركة عند التهاب المفاصل .

الجهاز العضلي :

وعلى الرغم من الإحكام الدقيق في خلق العظام ومفاصلها، فإنها ستبقى ساكنة في مواضعها لا تتحرك إلا بقوة تحركها مناسبة لاتجاهات الحركات الممكنة لكل عظم، مثل القبض والبسط أو الضم إلى الجسم، أو الابتعاد عنه، أو التدوير والدوران(3). فلا يمكن أن تكون العضلات المناسبة في أماكن القبض والبسط هي عضلات الدوران، أو الإبعاد، كما لا يمكن أن تكون وظيفة عضلات القبض في اليد هي المناسبة لوظيفة القبض في الرجل، ولا يمكن أن تكون عضلات التدوير للرأس هي المناسبة لتدوير الجذع بأكمله. فكل عضلة قد خلقها الذي أنشأها في المكان الصحيح بالحجم الصحيح لأداء الوظيفة الصحيحة. فانظر إلى الإحكام بين موقع العضلة وتركيبها وحجمها وبين الوظيفة التي تؤديها، وانظر إلى تناسبها مع العظام ومفاصلها لترى آثار صفات الحكيم الذي أحكم الخلق والوظيفة، والعليم الذي علم ما يناسب الحركة من العظام والمفاصل والعضلات، وإرادة المريد الذي قدر وحدد الحركة المطلوبة للإنسان، وقدر ما يناسبها من العظام والمفاصل والعضلات والأعصاب، وهداية الذي هدى العظم وأنشزه في موقعه المحدد المناسب من سائر أجزاء الجسم، وهدى العضلات لتكسو كل عظم بما يناسبه منها ولكل عضلة ما يناسبها من الأوتار التي تربطها وتثبتها بالعظام ، فنرى ذلك الجسم الممشوق المتماسك الذي لا يتناثر مع الحركات. فسبحان الحافظ الحكيم . إن عدد عضلات الجسم يصل إلى سبعمائة عضلة وهي أنواع منها ما هو إرادي يتحكم فيه الشخص بإرادته، فيقبضها ويبسطها متى ما يريد، ويحركها كيف ومتى شاء. ومنها ما هو غير إرادي يحرك أجهزة الجسم التي لابد من استمرار عملها في حال النوم واليقظة والشغل والفراغ ، ولم يكلف الإنسان مسئولية عملها وتحريكها ومشقة تشغليها باستمرار. فانظر إلى آثار الرحمة الإلهية واللطف الإلهي بعباده الذي يكلؤهم بالليل والنهار بلطيف تدبيره وبديع خلقه وعظيم رعايته. وتأمل ما يحصل لمن انقطع تنفسه أو توقفت نبضات قلبه في غرف العمليات والإنعاش، وكم من الأجهزة يحتاج إليها لتحافظ على استمرار نبضات قلبه وتنفس رئتيه في ذلك الوقت المحدود لبقائه في غرفة العمليات، أو غرفة الإنعاش. وقد خلق الله العضلات قابلة للانقباض والانبساط وليس ذلك من خصائص العظام، فإذا انقبضت العضلات قصرت المسافة بين طرفيها فتحركت العظام المرتبطة بتلك الأطراف، وإذا انبسطت ارتخت العضلة وأصبح من الممكن أن يعود العظم إلى مكانه الذي تحرك منه بانقباض عضلة أخرى في الاتجاه المعاكس، فكل حركة تحكمها عضلتان أو عدة عضلات، فواحدة تنقبض فتحرك العظام في اتجاه معين بينما الأخرى تنبسط لتسمح لذلك الانقباض. فإذا أراد الإنسان عودة العظام إلى أماكنها حدث العكس، فتنقبض العضلة التي انبسطت وتنبسط العضلة التي انقبضت. ولو شدت العضلات جميعاً لتعطلت حركة الجسم. ولقد جعل الله جهازاً عصبياً مغذياً لألياف تلك العضلات، فتصدر الأوامر من مركز في المخ يدير تلك الحركات، وينسقها وفق برنامج دقيق محكم يمنع التعارض بينها ، ومن ذلك ما نشاهده في حركات العين، فإذا اتجهت إحدى العينين إلى جهة ما فلابد أن تتحرك عضلات العين الثانية لتوجه تلك العين إلى نفس الجهة، ولو اتجهت العينان إلى جهتين مختلفتين لتكونت صورتان تشوش كل منهما على الأخرى . فمن علّم مركز الحركة المغروس في وسط خلايا المخ الأوامر الصحيحة التي يجب أن تصدر منه إلى كل عضله لتحرك أعضاء الجسم الحركة المتزنة الصحيحة؟! ومن أنشز العظام وكساها باللحم وغذاها بالأعصاب وربطها بمركز الحركة في المخ، والإنسان لا يزال جنيناً في بطن أمه لا يعرف شيئا عن الحركات التي سيحتاج إليها في مستقبل أيامه على سطح الأرض؟ إنه الله الحكيم الودود العليم الهادي اللطيف الخبير سبحانه. وتقوم العضلات بإذن الله بتحريك جسم الإنسان والمحافظة على وضعه في كل حال من أحواله عند القيام والجلوس والقعود والحركة أو القفز في الهواء أو الغوص في الماء. هذا والعضلات مخازن الطاقة التي تنطلق منها عند حاجة الجسم إليها، فتنتج 85% من حرارة الجسم بميزان محكم يبقى درجة حرارة الجسم ثابتة عند (37ْم) رغم تقلبات حرارة الجو الخارجية . فمن خزن تلك الحرارة لتسد حاجة الجسم؟ ومن يطلقها إلى الجسم بمقادير محددة تتناسب مع تقلبات حرارة الجو المختلفة في الفصول الأربعة لتكون ثابتةعند الدرجة الصحيحة اللازمة لتفاعلات كيمياء الحياة؟ ومن رتب ذلك؟ ومن علم حاجة الأجسام إلى ذلك التكييف الدقيق لحرارتها، فأعد كل ما تحتاج إليه عملية التكييف قبل أن يخرج الإنسان من بطن أمه ؟ إنها آيات تدل على علم الخالق جل وعلا بمستقبل الأجنة، وقدرته على إيجاد التدابير اللازمة قبل وجود الحاجة إليها . ولنا آية أخرى في الكساء العضلي المرن الذي يحفظ الله به العظام الصلبة التي تقيم الهيكل الآدمي فلا تتكسر العظام عند الاصطدام بالأجسام؛ لأن الكساء العضلي يقوم بامتصاص الصدمات وتخفيفها . فسبحان الحافظ الذي أحسن خلق الجسم وأتقن حفظه. وقد يتعرض الجسم لخطر مفاجئ وقد يكون ذلك سبباً في تدميره أو فساد عمله، فجعل الله في العضلات وأعصابها قدرة على الاستجابة السريعة للتخلص من تلك الأخطار الحادثة ، كما يحدث عند ملامسة النار لأي عضو من الجسم ، أو عند انقباض الجفنين للإغماض إذا لامس قرنية العين جسم غريب ، أو كما يحدث لحدقة العين من تضييق إذا تعرضت لضوء شديد ، واتساعٍ إذا كان النور خافتاً ،أو كما يحدث عندما يتعرض الجسم لآلة حادة تجرحه،أو جسمٍ مدببٍ يخترقه، فإن العضلات عندئذٍ تنقبض برد فعل عاكس سريع لا يتيح فرصة لنفوذ ذلك الجسم أو قطع تلك الآلة.فسبحان الخالق الحكيم الذي أتقن الخلق وأبدعه،وأرانا آياته الدالة عليه في الآفاق والأنفس.قال ابن القيم(4)رحمه الله:


"ثم يفتح له (أي للعبد المؤمن) باب الشعور بمشهد القيومية. فيرى سائر التقلبات الكونية وتصاريف الوجود بيده سبحانه وحده. فيشهده مالك الضر والنفع ، والخلق والزرق ، والإحياء والإماتة. فيتخذه وحده وكيلا. ويرضى به رباً ومدبراً وكافياً. وعند ذلك إذا وقع نظره على شئ من المخلوقات دله على خالقه وبارئه، وصفات كماله ونعوت جلاله. فلا يحجبه خلقه عنه سبحانه. بل يناديه كل من المخلوقات بلسان حاله: اسمع شهادتي لمن أحسن كل شئ خلقه. فأنا صنع الله الذي أتقن كل شئ "(5)
شهادة الحـق لا إلـــه إلا اللَّــه


مقدمـة :

عرفنا مما مضى من آيات الله المشاهدة لنا في الآفاق والأنفس أن الكون ملئ بالأدلة التي تعرفنا بصفات الأفعال الخاصة بالله سبحانه التي نشاهد آثارها في كل شئ حولنا ، والتي تدل على أنه سبحانه العليم الحكيم اللطيف الخبير الحافظ الهادي القدير القوي المحيط الرزاق البديع مجيب الدعاء الفعال لم يريد .وأن هذه الصفات لا يمكن أن تكون صفات لغيره جل وعلا، فيشهد المسلم كما يشهد الكون بصفات الربوبية العظيمة التي تقتضي الشهادة بصفات الألوهية الحقة وصفات الوحدانية الحقة. والمسلم لا يقف كالفلاسفة عند الشهادة بالربوبية فقط بل يكملها بالإقرار بما يستحقه الخالق من حق على عباده يتمثل في إخلاص العبودية له ، وتوحيده في ربوبيته ، وألوهيته ، وأسمائه وصفاته ، ولذلك فهو يرى أن تلك الأدلة التي يمتلئ بها الوجود من حوله هي أدلة لشهادة الحق التي ينطق بها المسلم ، متضمنة حق ربه عليه ، فيقول شهادة الحق "أشهد أن لا إله إلا الله" ،ويعلم أن الله جلا وعلا لم يتركه بدون هدى بل أرسل له رسلاً ختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيقبل العاقل على رسالة ربه إليه والتي ختمت وكملت وأكملت بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم فيقف على أدلة صدقه صلى الله عليه وسلم، ويتلقى منه الدين ،ويشهد له بالرسالة وتكتمل شهادة الحق التي جعلها الله بوابة الدخول إلى الإسلام وعصمة لدم قائلها وماله في الدنيا، ونجاة له من الخلود في النار في الآخرة:أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدرسول الله.و شهادة أن لا إله إلا الله:إقرار أنه لا معبود بحق إلا الله.فما معنى هذه الشهادة ، وما فضلها، وما مقتضياتها،وما نواقضها ؟
هذا ما سنعرض له فيما يأتي :

معنى لا إله إلا الله
لا إله إلا الله كلمة التوحيد ، مكونة من جزئين ، يتضمن أحدهما نفياً والآخر إثباتاً .
فقولك : (لا إله) : تنفي به ألوهية ما سوى الله تعالى .
وقولك : (إلا الله) : تثبت به الألوهية لله وحده لا شريك له سبحانه وتعالى .
أما الإله في اللغة : فهو كل ما أتخذ معبوداً(6).
وأما لفظ الجلالة (الله) : فهو علم على الرب المعبود بحق سبحانه وتعالى. وقيل إنه مشتق وأصله الإله (7).
معنى الإله في القرآن :
جاء استعمال كلمة (الإله) في القرآن بمعنيين اثنين :
أحدهما : المعبود الذي يستحق في حقيقة الأمر أن يعبد ، وهو الله وحده لا شريك له .
ثانيهما : المعبود الذي يعبده الناس في الواقع، حقا كان ذلك المعبود أم باطلا لا عبرة بذلك(8)



فالإله الحق هو المتصف

أولاً :
بصفات الربوبية

h من خلقٍ ورزقٍ قال تعالى﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ﴾(فاطر:3).

h وإنزال للماء من السماء، وإنبات للحدائق الجميلة الرائعة، وإقرار للأرض ، وشق لأنهارها، وإلقاءٍ لرواسيها ، وحجز بين البحرين منها، وإجابةٍ لدعاء المضطر، وهداية للسائرين في ظلمات البر والبحر ، وإرسال للرياح المبشرة ، وبدء للخلق وإعادته. قال الله تعالى﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ(59)أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60)أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ(62)أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(63)أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(64)﴾(النمل:59-64) .

h وإحياء وإماتة : قال تعالى : ﴿ قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ… ﴾(الأعراف:158)

h وتقليب لليل والنهار : قال سبحانه: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ(71)قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(72)﴾(القصص:71-72)


h وملك : قال تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (الزمر:6)


hوتفرد بخلق السمع والأبصار والقلوب :قال تعالى : ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴾(الأنعام:46)




يتبع


__________________



رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-08-2008, 12:36 PM
الصورة الرمزية خويلد الجزائري
خويلد الجزائري خويلد الجزائري غير متصل
مشرف الملتقى العام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 2,264
الدولة : Algeria
افتراضي

ثانياً : وهو المتصف بصفات الألوهية
h المستحق للعبادة :قال تعالى﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾(الأنبياء:25).وقال سبحانه﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾(الأنعام:102).
hالذي يُتوكل عليه ويتاب إليه:قال تعالى﴿قُلْ هُوَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ ﴾(الرعد:30).
hالمحمود المستحق للحمد في الأولى والآخرة :قال سبحانه: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾(القصص:7)
hالمتوحد في الألوهية :قال تعالى : ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾(المائدة:73).وقال تعالى : ﴿ وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾(النحل:51).
ثالثا:وهو الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى:قال تعالى :﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾(طه:8).
hالذي وسع كل شئ علماً قال تعالى﴿إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا(طه:98).

h وهو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر الخالق البارئ المصور العزيز الحكيم. قال تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ(22)هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ(23)هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(24)﴾(الحشر:22-24).


h وهو الحي القيوم ، مالك السموات والأرض وحافظهما ، العالم بما بين أيدي الناس وما خلفهم ، الذي وسع كرسيه السموات والأرض : قال تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾(البقرة:255)


hوهو المنزه عن الولد والصاحبة(9) : قال تعالى : ﴿ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾(النساء:171). وقال سبحانه : ﴿ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾(الأنعام:101).


hوهو رب العرش العظيم :قال تعالى﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾(التوبة:129).


hوهو القهار العزيز الغفار :قال تعالى﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ(65)رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ(66)﴾(ص:65-66) .


h وهو غافر الذنب وقابل التوب ، شديد العقاب ، ذو الطول(10)وإليه مرجع الخلائق :قال تعالى : ﴿حم(1)تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(2)غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ(3)﴾(غافر:1-3) . يظهر لنا مما سبق أن الله سبحانه هو الإله الحق ، وهو رب كل شئ وخالقه وهو المتصف بصفات الكمال، المستحق للعبادة وحده دون سواه. وهذا هو حقيقة لا إله إلا الله، وهي حقيقة دين الإسلام وأساس دعوة جميع الأنبياء، وما خلق الله الخلق إلا لتحقيق العبودية الخالصة له سبحانه. قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾(الذاريات:56).وقال سبحانه : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾(الأنبياء:25). وقال تعالى : ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾(النحل:36).وأمر الله سبحانه نبيه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم فقال له ﴿ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ (الرعد:36) ونقل ابن جرير(11)عن ابن عباس قوله: الله هو الذي يألهه كل شئ ويعبده كل خلق. ونقل عن الضحاك(12)عن ابن عباس : الله ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين(13). وقال أبو العباس ابن تيمية(14):الإله هو المعبود المطاع ، فإن الإله هو المألوه ، والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد ، وكونه يستحق أن يعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له غاية الخضوع ، فإن الإله هو المحبوب المعبود الذي تألهه القلوب بحبها وتخضع له وتذل له، وتخافه وترجوه ، وتنيب إليه في شدائدها وتدعوه في مهماتها، وتتوكل عليه في مصالحها، وتلجأ إليه وتطمئن بذكره وتسكن إلى حبه ، وليس ذلك إلا لله وحده ، ولذلك كانت "لا إله إلا الله" أصدق الكلام ، وكان أهلها أهل الله وحزبه والمنكرون لها أهل غضبه ونقمته ، فإذا صحت صح بها كل مسألة وحال وذوق ، وإذا لم يصححها العبد فالفساد لازم له في علومه وأعماله(15).


فضل لا إلــه إلا الله


دلت نصوص الكتاب والسنة على فضل هذه الشهادة العظيمة، ومكانتها في الدنيا والآخرة.


1- شهادة الله بها :وكفاها فضلاً أن شهد الله سبحانه بها وملائكته وأولوا العلم. قال تعالى: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾(آل عمران:18).


2- باب الدخول إلى الإسلام :فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي نَفْسَهُ وَمَالَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ)(16).


3- عاصمة لدم قائلها وماله في الدنيا :قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ )(17).


4- الكلمة الطيبة :عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : إن لا إله إلا الله هي الكلمة الطيبة المذكورة في قوله تعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ(24)تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(25)﴾ (إبراهيم:24-25)(18)وهذه الكلمة إذا استقرت في القلب فإن صاحبها تتحقق فيه خشية الله وتقواه ، فيحفزه ذلك على فعل الصالحات واجتناب المحرمات ، ولذلك فهي:


5- كلمة التقوى : فقد روى علي بن أبي طلحة(19)عن ابن عباس أنه قال : إن لا إله إلا الله هي كلمة التقوى المذكورة في قوله تعالى : ﴿… فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴾ (الفتح:26).قال : كلمة التقوى شهادة أن لا إله إلا الله وهي رأس كل تقوى(20).


6- مجددة الإيمان :فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه : جَدِّدُوا إِيمَانَكُمْ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ نُجَدِّدُ إِيمَانَنَا ؟ قَالَ أَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ(21)


7- الخاتمة الحسنة : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ … الحديث)(22). وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً: (مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ)(23).


8- الموجبة دخول الجنة :روى بعض الصحابة(24)أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك فأصابتهم مجاعة فَدَعَا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بِنِطَعٍ(25)فَبَسَطَهُ، ثُمَّ دَعَا بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِيءُ بِكَفِّ ذُرَةٍ، قَالَ : وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَفِّ تَمْرٍ ، وَيَجِيءُ الْآخَرُ بِكَسْرَةٍ، حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَى النِّطَعِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ يَسِيرٌ .


قَالَ : فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ بِالْبَرَكَةِ، ثُمَّ قَالَ خُذُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ.


قَالَ : فَأَخَذُوا فِي أَوْعِيَتِهِمْ حَتَّى مَا تَرَكُوا فِي الْعَسْكَرِ وِعَاءً إِلَّا ملأوه .


قَالَ : فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ لَا يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فَيُحْجَبَ عَنِ الْجَنَّةِ) (26)وروى أبو ذر(27)عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال :مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ .


قُلْتُ : وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ! قَالَ : وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَق .َ


قُلْتُ : وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ! قَالَ : وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ ثَلَاثًا .


ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ : عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ(28).


وروى عبادة بن الصامت(29)عند موته قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : (من قال : أشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَأن الْجَنَّةُ حَقٌّ ، وَالنَّارُ حَقٌّ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ عَمَلِ ) (30).


وهذه الأحاديث تفيد أن قائلها لابد أن يدخل الجنة بفضلها ، وإن كان قد دخل النار بسبب ذنوبه ومعاصيه فبفضلها يخرج من النار كما في الحديث الصحيح (إن الله تبارك وتعالى يَقُولُ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) أي من النار(31).



يتبع
__________________



رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21-08-2008, 12:37 PM
الصورة الرمزية خويلد الجزائري
خويلد الجزائري خويلد الجزائري غير متصل
مشرف الملتقى العام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2007
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 2,264
الدولة : Algeria
افتراضي

أهل هذا الفضل :
أهل هذا الفضل على صنفين :
أحدهما : الذين يقولونها ويأتون بمقتضياتها وهؤلاء يدخلهم الله الجنة وينجيهم من النار قال تعالى :﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ (آل عمران:142). وقال تعالى﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (فصلت:30).بينت الآيات أنه لا بد من القول والاستقامة بالعمل الصالح لدخول الجنة .وكذلك الأحاديث النبوية رتبت دخول الجنة على الأعمال الصالحة إضافة إلى الشهادة كما في الصحيحين (أَنَّ رَجُلًا قَالَ : لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجنَّةَ قَالَ: مَا لَهُ مَا لَهُ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَبٌ مَا لَهُ تَعْبُدُ اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ)(32).وفي المسند عن بشير بن الخصاصية(33)قال أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأُبايعَهُ فاشترطَ علي شهادةَ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسولُ الله وأن أقيمَ الصلاة وأن أوتي الزكاةَ وأحُجَ حجةَ الإسلامِ ، وأن أصومَ رمضانَ ، وأنْ أجاهدَ في سبيلِ اللهِ . فقلتُ : يا رسول الله أما اثنتين فو الله ما أُطيقهما : الجهادُ والصدقةُ. فقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده ثم حرّكها ، وقال فلا جهادَ ولا صدقةَ ، فَبِمَ تدخلُ الجنةَ إذاً؟ قلت : أُبايُعُكَ ، فبايعتُه عليهِن كلهِن(34).ففي الحديث أن الجهاد والصدقةشرط في دخول الجنةمع حصول التوحيد والصلاة والصيام والحج .
الصنف الثاني : هم الذين يقرون بها ، ويرتكبون المعاصي ، فهؤلاء يغفر الله لمن يشاء منهم كما قال تعالى﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾(النساء:48)،ويخرج الله بفضل الشهادة والإقرار بها من دخل النار منهم كما جاء في الحديث (وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأُخرِجَنّ منها من قال:لاإله إلا الله)(35).9- المُحّرِمَة على النار :
فقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لمعاذ :
ما من عبدٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صدقاً من قلبه إلا حرّمه الله على النار، فقال معاذ : يا رسولَ اللهِ ألا أخبرُ بها الناسَ فيستبشروا؟ قال : إذاً يتكلوا!(36)فأخبر بها معاذ عند موته تأثماً.(37)وقال عِتبان بن مالك الأنصاري(38):غدا عليّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : لن يوافيَ عبد يوم القيامةِ يقول : لا إله إلا الله يبتغي به وجه الله إلا حرم الله عليه النار(39).وعن سهيل بن البيضاء(40)أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ ، وَأَوْجَبَ لَهُ الْجَنَّةَ )(41).
رفع التباس :
فهم بعض الناس من ظاهر النصوص السابقة في فضل لا إله إلا الله أن مجرد التلفظ بها كاف لدخول الجنة والتحريم على النار دون عمل صالح ، وهذا لبس كشفه أهل العلم رحمهم الله ، ومما قالوا في ذلك :
1) إنه ينبغي أن لا تفهم الأحاديث التي جاءت مطلقة في دخول الجنة أو تحريم النار على من قال لا إله إلا الله إلا في ضوء الأحاديث التي جاءت مقيدة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم :من قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه ، أو صدقاً من قلبه ، أو يبتغي بها وجه الله،كما قرر ذلك أهل العلم.ومعنى ذلك أن من قال:" لا إله إلا الله" مخلصاً من قلبه غيرشاك فيها فإنه يكون مؤدياً لحقها من الأعمال الصالحة التي هي سبب دخول الجنةوالنجاة من النار، وأما من قالها بدون إخلاص أو صدق فلن تأتي بثمارها من الأقوال والأعمال الصالحة التي تكون سبباً لنجاته من النار .2) أن ما جاء في النصوص من كون من قال : "لا إله إلا الله" يحرم على النار: أنه يحمل على الخلود فيها ، أي يحرم عليه أن يخلد فيها أو يحرم عليه الدرك الذي يكون فيه أهل النار الخالدين فيها، وقد يكون في درك أعلى في النار ، لأنه قد جاء في النصوص الصحيحة أن بعض عصاة الموحدين يدخلون النار بسبب معاصٍ لهم ثم يخرجون منها كما في الصحيحين:إن الله تعالى يقول( وَعِزَّتِي وَجَلَالِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْهَا مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )(42).
3) أن هذا الفضل إنما يكون لمن قام بحقها ومقتضياتها من الأعمال الصالحة كما ذكرنا ذلك في كون لا إله إلا الله موجبة لدخول الجنة. وقد سأل رجل سفيان بن عيينه فقال له : كيف نصنع بقوم عندنا يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل ؟! قال سفيان : كان القول قولهم قبل أن تقرر أحكام الإيمان وحدوده. إن الله بعث نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة أن يقولوا : لا إله إلا الله ، وأنه رسول الله ، فلما قالوها عصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عزوجل ، فلما علم الله عزوجل صدق ذلك من قلوبهم ، أمره أن يأمرهم بالصلاة ، فأمرهم ففعلوا ، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ، فلما علم الله جل وعلا صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأمرهم بالهجرة إلى المدينة فأمرهم ففعلوا ، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم. فلما علم الله تبارك وتعالى صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأمرهم بالرجوع إلى مكة ليقاتلوا آباءهم وأبناءهم حتى يقولوا كقولهم، ويصلوا صلاتهم ويهاجروا هجرتهم ، فأمرهم ففعلوا، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم ولا هجرتهم. فلما علم الله عز وجل صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأمرهم بالطواف بالبيت تعبداً، وأن يحلقوا رؤوسهم تذللاً ففعلوا، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول، ولا صلاتهم، ولا هجرتهم، ولا قتلهم آباءهم. فلما علم الله عز وجل صدق ذلك من قلوبهم أمره أن يأخذ من أموالهم صدقة يطهرهم بها، فأمرهم ففعلوا حتى أتوا بها قليلها وكثيرها، والله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم، ولا هجرتهم، ولا قتلهم آباءهم ولا طوافهم. فلما علم الله تبارك وتعالى الصدق من قلوبهم فيما تتابع عليهم من شرائع الإيمان وحدوده قال عز وجل: قل لهم: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾(المائدة:3)(43).


(1)اليافوخ فجوة مغطاة بغشاء تكون عند تلاقي عظام الجمجمة وهما يافوخان يافوخ امامي ويافوخ خلفي (المعجم الوسيط)
(2) يتكون العامود الفقري من سبع فقرات في العنق واثنتي عشر ة فقرة في الصدر وخمس فقرات قطنية وخمس فقرات عجزية ملتحمة مع بعضها ثم العصعص
(3)القبض : مثل قبض الساعد للعضد أو تقريبه منه , البسط : مثل إبعاد جزئي العظم الواحد , الرفع : عمل حركة الى اعلى, الخفض : عمل حركة الى اسفل, الضم : تقريب عضو من الجسم للخط المتوسط , التبعيد : ابعاد العضو عن الجسم , التقريب : تقريب العضو من الجسم , التدوير : تدوير العظام حول محورها العلوي , الثني : نقص زاوية المفصل, الكب :مثل وضع راحة اليد الى الخلف , المصرة : نقص حجم الفوهة مثل صمامات التحكم في البول والبراز , الشد أو التوتر :جعل العضو صملا (صلبا).
(4)محمد بن ابي بكر الزرعي الشهير بابن قيم الجوزية.
(5)مدارج السالكين 3/414 تحقيق الرفاعي والحرستاني.
(6)القاموس المحيط ص 1603 , المعجم الوسيط1/25.

(7)قيل : اشتقاقه من الهات الى فلان اي سكنت الى ذكره ,فالارواح لاتسكن إلا إلى >كره سبحانه.وقيل : من أله الفصيل إذا أولع بأمه ,اي أن العباد مولعون بالتضرع اليه. وقيل من أله الجل ا>ا فزع, فألهة أي أجاره, فالله تعالى هو المجير لجميع الخلائق انظر تفسير ابن كثير أول سورة الفاتحة.
(8)ذكره المودودي رحه الله في كتابه المصطلحات الاربعة في القرآن :ص 16 نشر الدار الكويتية, وقال: وقد إجتمع المعنيان في قوله تعالى (ولاتدع مع الله إلها آخر ,لاإله إلاهو ..) القصص :88 .

(9) الصاحبة : الزوجة، فهو سبحانه لا ولد له ولا صاحبة قال تعالى:"لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ" .
__________________



رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 127.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 124.89 كيلو بايت... تم توفير 2.84 كيلو بايت...بمعدل (2.23%)]