أبناؤنا والإحساس القيمي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         فتح العليم العلام الجامع لتفسير ابن تيمية الإمام علم الأعلام وشيخ الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 269 - عددالزوار : 13524 )           »          معيار التغيير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 75 )           »          الفراغ أول طريق الضياع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 72 )           »          الهـــوى وأثره في الخلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 93 )           »          القاضي الفاضل وفضله على أهل مصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          حوار مع كتاب :«الرؤى عند أهل السنـة والجـماعـة والمخالفـين» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 78 )           »          تدخـل الأهــل في نزاعات الزوجين.. تهديد لاستقرار الأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          ثعبان يتحرَّك بخُبْث من تحت أقدامنا ونحن غافلون..التنصـــير ودعوات الكفر والإلحاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 82 )           »          مفهوم البطولة في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 66 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 79 - عددالزوار : 18289 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-11-2020, 03:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,571
الدولة : Egypt
افتراضي أبناؤنا والإحساس القيمي

أبناؤنا والإحساس القيمي
عمر السبع



لا زلنا مع حلمنا الجميل، وآمالنا الرائعة مستمرين..

نتمنى أن نرى أبناءنا يفكرون بطريقة موافقة للقيم العليا، ونشعر بأحاسيسهم ومشاعرهم تنبض دائماً بأهمية وضرورة تلك القيم وأثرها على أنفسهم على الآخرين، ونرى ذلك كله يترجم في أرض الواقع على هيئة سلوك راق، وأفعال رائعة متوافقة مع القيم، والأجمل والأروع أن نغرس باستمرار الحافز الداخلي لديهم والذي يدفعهم دائماً إلى تمثل القيم في حياتهم وسلوكهم.

ولكي يتم لنا ذلك إن شاء الله؛ لابد من بناء منظومة القيم داخل نفوس أبنائنا، وأن نبذل الجهد والوقت في ذلك، وهذا البناء يتكون من عدة ركائز، تحدثنا في مقال سابق عن الركيزة الأولى والثانية وهي: التفكير القيمي، والإحساس القيمي، وفي هذا المقال نتناول الركيزة الثالثة وهي السلوك القيمي:

الركيزة الثالثة: السلوك القيمي:

ونقصد بذلك تعلم السلوكيات القيمية، والتعرف على التصرفات التي تخدم القيم، وتؤدي إلى تحقيق نتائجها، وقد تساءل علماء النفس قديماً: هل من يملك تفكيراً قيميّاً راقياً يتصرف سلوكيّاً وفق القيم؟

ووجدوا أن في الأعمار السنية المنخفضة تكون العلاقة بين التفكير القيمي والسلوك القيمي ضعيفة للغاية، فربما يقع الطفل في مستوى من التفكير القيمي مرتفع؛ لكنه لا يستطيع التصرف قيميّاً في مواقف حياته لأن طبيعة السلوك القيمي هو سلوك رد فعلي مندفع، وغير متأثر بنسق التفكير العقلاني.

ولنعطِ على ذلك مثالاً: ربما يكون أحد الأطفال في مرحلة ولد متميز، أو بنت متميزة، وهو مهتم بتقدير والده له، لكنه ما إن يقوم أحد أخواته الصغار بكسر لعبته؛ فإنه لا يتمالك نفسه، ويقوم بركله، بالرغم من أن الوالد لا يرضيه هذا الموقف، لكن علماء النفس وجدوا أن هناك علاقة أكثر ارتباطاً بين التفكير القيمي والسلوك القيمي في الأعمار السنية المرتفعة في المراحل المرتفعة.

والسلوك القيمي السليم ينبع من أربعة عناصر رئيسية نذكرها إجمالاً ثم نشرع في تفصيلها بعد ذلك:

1- التحكم في النفس.

2- القدوات.

3- التربية الاجتماعية.

4- الصداقات والزمالات.

العنصر الأول: التحكم في النفس:

الحياة مليئة بالإغراءات والتي قد تسحب الإنسان تجاه التصرف بعكس القيم العليا، خاصة إذا تصادم الأمر مع رغبات النفس وأهوائها، فالطفل الذي تربى على التحكم في نفسه وتأجيل إرضاء رغباته؛ يمتلك القدرة على فعل السلوكيات القيمية، والالتزام بها في كل الأحوال والمواقف.

أما الطفل الذي ربَّاه والداه على ضعف التحكم في نفسه، واندفاعية إرضاء رغباته؛ فتقل عنده القدرة على الالتزام بالتصرفات والأفعال والسلوكيات القيمية لأنه غير قادر على مواجهة نفسه، أو الصبر على أهوائها ورغباتها.

وقد قام مجموعة من العلماء وهم: VAUGHN & KOPP & KRAKOW (1983)، بعمل دراسة تتعلق بمسألة التحكم في النفس عند الأطفال عن طريق تقديم هدية مغلفة لمجموعة من الأطفال، وطلبوا منهم ألَّا يلمسوها، فاختلف رد فعل الأطفال حسب سنهم.

فالأطفال ذوو الثمانية عشر شهراً لم يتمالكوا أنفسهم سوى 20 ثانية، أما الأطفال ذوو الأربعة والعشرين شهراً فتمالكوا أنفسهم حتى 70 ثانية، بينما قام الأطفال ذوو الثلاثين شهراً بالصبر حتى 100 ثانية قبل أن يلمسوا الهدية، وهذا يوضح أن التحكم في النفس يزيد عبر العمر.

ولذلك؛ لابد أن تتضمن البرامج التربوية في البيت أو المدرسة ما يُعرف بتمارين التحكم في النفس، والتي تساهم في تربية الأطفال منذ صغرهم على التحكم في شهواتهم ورغباتهم، وتأجيلها عندما يريدون ذلك [Child Psychology:A Contemporary Viewpoint by E.Mavis Hetherington Ross D.Parke، Mary Gauvain، Ross D.Parke، PAGE (584)].

كيف يتطور التحكم في النفس لدى الأطفال؟

قام عالم النفس KOPP بوضع نظرية حول تطور التحكم في النفس لدى الأطفال، وقال بأنه يمر بثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: وهي في الفترة ما بين (12-18) شهراً، وفيها يبدأ الطفل في الوعي بالاحتياجات الاجتماعية، وضرورة ضبط تصرفاته وفقاً لهذه الاحتياجات، وفي هذه المرحلة يظل الطفل متعلقاً بأُمه أو أبيه في حالة غياب الأم لكي تعرِّف له السلوكيات المقبولة مجتمعيّاً من غير المقبولة، ويستجيب لإرشاداتها في أغلب الأحيان.

وفي المرحلة التي تليها: يستطيع الطفل الالتزام بإرشادات الأم حتى في غياب الملاحظة والمراقبة، وقد ثبت أن الذي يساعده على ذلك هو قدرته على التفكير التمثيلي بعقله، بحيث يتذكر دائماً القواعد الأسرية التي لا ينبغي له مخالفتها.

وفي المرحلة الأخيرة: ينشأ ما يُسمى بالتنظيم الذاتي، وهي مرحلة يتكون لدى الطفل فيها استراتيجيات وخطط لتوجيه سلوكه، وهي التي تساعده على مقاومة الإغراءات، وتأجيل إرضاء النفس.

وهذا التقسيم لا يعني أن كل طفل يصل إلى المرحلة الثالثة، بل هذا يعتمد على البيئة التربوية التي يتربى فيها الطفل؛ فإن كانت هذه البيئة تدعم التحكم في النفس، والقدرة على تأجيل إرضاء النفس؛ فسيصل الولد إلى قمة هرم التحكم في النفس، أما إن كانت البيئة لا تدعم ذلك؛ فإن قدرة الطفل على التحكم في النفس ستظل ضعيفة.

العوامل المؤثرة على تكون صفة التحكم في النفس لدى الأطفال:

طريقة التنشئة التربوية المستخدمة في البيت:

فإن كانت هذه الطريقة تتسم بالاتساق والثبات، واستخدام العقوبة بصورة منظمة محكمة؛ مع تقديم نموذج محدد سلفاً للتخلص من العقوبة والالتزام بالقواعد؛ فإن هذه الطريقة تسهم إلى حدٍّ كبير في زيادة قدرة الأبناء على التحكم في أنفسهم.

أيضاً ثبت أن البيئات التربوية المتطورة من استخدام الوسائل المادية إلى استخدام الوسائل الكلامية والمعنوية عبر عمر الطفل، ليتماشى مع تطوره المعرفي والعقلي واللغوي؛ ثبت أن ذلك يُكسِب الطفل القدرة على استخدام اللغة كوسيلة من وسائل السيطرة على النفس محاكاة لأفعال الوالدين معه.

1. تقديم السلوكيات البديلة:

فإذا شاهد الأطفال القدوات - الذين يعتبرونهم موجهين لهم - وهم يقاومون إغراءات التصرفات السلبية المرفوضة؛ ثم يقومون بأفعال أخرى مقبولة بديلة مبنية على القيم العليا؛ فإن هذا يساعدهم وبشدة على السلوك القيمي، والتحكم في النفس، ومحاكاة هؤلاء القدوات؛ في مثل هذه المواقف والتصرفات مستقبلاً.

بحث عجيب!!

قام العلماء (MISCHEL، SHODA، PEAKE) بإجراء بحث على أطفال في الرابعة من عمرهم قاموا فيه بتخيير الأطفال بين أخذ هدية صغيرة الآن أو الحصول على هدية أكبر في حال انتظارهم لبعض الوقت، فانقسم الأطفال بين مجموعة لم تستطع أن تصبر، وقررت أخذ الهدية الصغيرة، ومجموعة أخرى قررت الصبر لتأخذ الهدية الكبيرة، وبعد عشر سنوات قام العلماء بسؤال أولياء أمور هؤلاء الأطفال حول مجموعة من الصفات في أبنائهم، وثبت من خلال هذه الأسئلة أن المجموعة التي كانت قادرة على تأجيل إرضاء رغبات النفس كانت مهاراتهم الاجتماعية أكبر من الآخرين، وكانوا أقل شعوراً بالإحباط والضغوطات والتي مكَّنتهم من تحصيل مكانة أكاديمية ومجتمعية أعلى من المجموعة الأخرى.

الخلاصة: أن القدرة الأولية التي تغرس في الأطفال لتأجيل إرضاء الرغبات والدوافع؛ كانت من أهم العوامل المحددة لمدى قدرتهم على مواجهة صعوبات الحياة والتنافس فيها.

أمثلة على بعض البرامج التربوية التي تساعد الأطفال على التحكم في النفس:

يقوم المربِّي بوعد الأطفال بجوائز قيمة إذا قاموا بعمل من الأعمال المملة وهو إكمال كتابة خطابات في كراسة الواجب، ويقوم المربِّي بجعل هذا العمل أكثر صعوبة بمحاولة تشتيت الأطفال بشاشة تعرض مجموعة من أفلام الكرتون.

يقوم المربِّي بتزويد بعض الأطفال بخطط لمقاومة التشتيت عن طريق أن يحاور نفسه فيقول: "لا أستطيع مشاهدة هذا الكرتون الآن وأنا أعمل"، بينما لا يزود الآخرين بهذه الاستراتيجيات الكلامية، وقد ثبت عمليّاً أن المجموعة التي زُوِّدت بخطط للتحكم في النفس؛ كانوا أقل تشتتاً بأفلام الكرتون المعروضة عن المجموعة الثانية التي لم تُزود بمثل هذه الاستراتيجيات.

كيف نساعد أولادنا على زيادة تحكمهم في أنفسهم وفي سلوكياتهم؟ [EducationalPsychology Developing Learners (6th Edition)، by Jeanne Ellis Ormrod. ].

1. غرس حرية تقرير الأهداف والمعايير في أنفسهم self-determined standards and goals:

فقد أثبت العلماء أن الأطفال يكونون في غاية التحفيز تجاه سلوكيات معينة إذا اختاروها بأنفسهم بدلاً من أن تكون موضوعة لهم، ولذلك؛ كلما حرص المربون أن يختاروا مواقف بعينها يستطيع فيها الأولاد أن يحددوا أهدافهم؛ كلما أدى ذلك إلى زيادة قدرتهم على ضبط أنفسهم مثل: أن يقوم الأطفال باختيار نوعية المواد التي يريدون مذاكرتها يوم الجمعة، أو يختاروا المهارات الحركية التي يريدون ممارستها.

ولذلك؛ لابد أن يقوم المربُّون بتشجيع الأطفال على وضع أهداف طموحة لأنفسهم لكن في نفس الوقت واقعية حتى لا يحبطوا عند فشلهم في تحقيقها، فإذا - لا قدَّر الله - حدث فشل في تحقيق هذه الأهداف التي وضعوها بأنفسهم؛ فإن على المربِّين أن يساعدوهم على إدراك حقيقة هامة، وهي أنه ليس هناك شخص متميز جدّاً في كل المجالات دون أن يفشل ويحاول ويخطأ، وأن الفشل والنجاح هي سُنة الحياة، وما على الإنسان إلا أن يحاول ويجتهد، كما أنه ليس هناك ما يخجل منه؛ فكل العظماء مرُّوا في حياتهم بمواقف فشل كانت صعبة جدّاً، ولو كانوا وقفوا أمامها؛ ما سمعنا عنهم، وما صاروا عظماء.

2. تدريبهم على ملاحظة النفس self observation:

وذلك بمراقبة سلوك الأطفال ومقارنته بالأهداف التي وُضعت لهم؛ حتى يستطيع المربِّي تقييمهم لمعرفة الإيجابيات في أدائهم التي تحتاج للتثبيت، والسلبيات التي تحتاج إلى الإصلاح.

ولأن الأطفال ضعفاء في مجال ملاحظة سلوكياتهم؛ فإن على المربِّين أن يساعدوهم ببعض الاستراتيجيات التي تعينهم على ملاحظة سلوكياتهم، عن طريق تسجيل السلبي منها على ورقة مثلاً، أو تحديد ساعة محددة يوميّاً لتقييم السلوكيات التي قاموا بها، وحبذا لو تم الأمر في البداية بمساعدة أحد المربِّين.

وللحديث بقية..


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.62 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.92 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]