حقيقة الإيمان - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4417 - عددالزوار : 853508 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3948 - عددالزوار : 388627 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 214064 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-11-2019, 04:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي حقيقة الإيمان

حقيقة الإيمان (1)











د. محمد بن سعد الدبل






الحمد لله معز من أطاعه، ومذل من عصاه، الحمد لله المنعم بالإيمان على المسلمين الذي وعدهم عليه بالجنة ما آمنوا بألوهيته وعبادته، والدين الذي أرسل به رسوله محمدا صلوات الله وسلامه عليه.





نحمده حمد الشاكرين المؤمنين، ونصلي ونسلم على خير خلق الله رسوله المؤمن الأمين، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.





أما بعد:


عباد الله، حري بالمسلم المؤمن الحقيقي أن يتفهم معنى الإيمان، وحقيقته حتى يعمل لديه ودنياه وأخراه على هدى ونور وبصيرة، لا أن يعمل شاكا أو مقلدا، ولا أن يعبد الله مترددا ناقص الإيمان بما يفعل في يومه لغده.





إخوة الإسلام:


إن الإيمان الصادق بالله وبوجوده، وبرسله وملائكته، وبأمر الحياتين الدنيا والآخرة، وحقيقة التدبر والتصرف المطلق، وأنه بيد الله وحده العلي القدير، إن الإيمان بهذه الأصول والأسس في عقيدة المسلم، وإن الإيمان بما هو كالفروع لهذه الأصول؛ إنه الإيمان الذي ينبعث من القلب، وينطق به اللسان، وتعمل بموجبه الجوارح، إنه التصديق الجازم بالله جملة وتفصيلا: تصديق بالله واحدا فردا صمدا حيا قيوما قادرا ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، تصديقا بملائكته الكرام، يسبحون لله الليل والنهار، لا يفترون أقوياء بأمره وبنهيه ينتهون.





تصديق بكتبه المنزلة على رسله من خلقه قديمها وآخرها، وآخرها وخاتمها القرآن الكريم المنزل على صفوة الخلق أجمعين محمد عليه أفضل الصلاة وأتم والتسليم؛ إيمان برسله الكرام الأولين والآخرين، إيمان بالقدر خيره وشره، حلوه ومره.





إن مفهوم الإيمان وحقيقته - يا عباد الله - هو ذلك الخلق القويم ينبعث من ذات النفس البشرية بفطرتها وتصديقها وانقيادها، فترى صاحب هذه النفس الإنسانية المؤمنة، سباقا إلى فعل الخيرات، مقيما لأحكام دينه وشرائعه من غير تنطع وغلو يتجاوز الحد المشروع له، ترى صاحب هذه النفس البشرية المؤمنة إيمانًا حقيقيًّا خالصًا تراه بارًّا بوالديه، وصلة رحمه، تراه ممتثلاً فعل الواجبات، وممتثلاً ترك المحرمات، محسنًا إلى الفقراء والأيتام، بارًّا بكل مسلم، ليِّنًا في غير ضعف، قويًّا في غير تجبر وظلم، يتقي الله حيثما كان، يتقي الله في السر والعلن، تراه متحليًا بصفات المؤمنين التي حض عليها القرآن الكريم.





فهو صادق لحديث، يؤدي الأمانة، محبًّا للعدل في قوله وفعله، يدعوه إيمانه إلى التحلي بكل خلق كريم؛ كالحياء والكرم، والصبر والشجاعة، والقوة في الجهر بالحق، والحرص على إفشاء السلام على من عرف وعلى من لا يعرف، والحرص على طيب الكلام، والتفاني في خدمة المجتمع المسلم بكل ما يستطيع، والنصيحة لله ولرسوله ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم.





إخوة الإسلام:


لقد وسعت آيات القرآن الكريم كل صفات الإيمان والمؤمنين، فمن هم يا ترى؟ يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4].





تبصروا - يا عباد الله - صدر هذه الآية الكريمة، فقد بدأت بأسلوب القمر "إنما" وختمت به من قوله الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ﴾ [الأنفال: 2].





إلى آخر ما عقب به - سبحانه - من صفات عباده المؤمنين، فقال سبحانه: أولئك هم المؤمنون.





ومن هنا حق للمسلم أن يقف متأملاً أسلوب هذا القصر الذي عقب بأول صفة، وجل القلب وخوفه وارتعاشه حين يذكر الله سبحانه في أي وقت وفي أية مناسبة.





أخي المسلم:


لا تحسبن ذكر الله الذي نوهت إليه الآية الكريمة هنا هو مفهوم لا إله إلا الله فحسب، إن فكر الله يخالج النفس المؤمنة نطقًا بالشهادتين، ويخالج النفس المؤمنة في كل حركة وسكون، فإذا ذكر الإنسان بالله، حينما يعرض له أمر من أمور الدنيا، أو أمر من أمور الدين قد يكون فيه إنسانًا سلبيًّا لا يرعوي إلى ما طلب منه في جانب الطاعة، ولا ينثني عما هو فيه في جانب التولي والعصيان، فإن تذكيره بالله خير دواء له في هذه الحالة، فمتى ذكر ربه تحركت في باطنه نوازع الخير وعلامة الإيمان، فخاف الله ورجاه، وعمل بما يرضي الله، فصاحب تلك الصفة مؤمن حقيقي الإيمان صادقه.





ومتى أمر الإنسان بالمحافظة على شعائر الدين والتمسك بها، فعمل فهو مؤمن، ومتى عمل الإنسان بالتناصح والتواصي على الحق والصبر على الأذى، فهو مؤمن، ومتى عمل على قطع دابر الفساد، وتعاون مع أقرانه على تطهير النفوس من الزيغ والإلحاد، والأمراض الخلقية التي تفسد الأمة، وتذيب المجتمع، فقد عمل واجبًا إسلاميًّا، حريٌّ أن يكون بذلك العمل مؤمنًا صادق الإيمان.





أيها الإخوة المؤمنون:


إننا إذا امتثلنا أمر الله، وأطعنا رسوله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- في ذلك كله لم يظهر بيننا منكر ولا فساد، وإذا جعلنا إيماننا الانقياد إلى أوامر الله والانتهاء عن نواهيه، فسيعم الخير وتكثر البركات، وتصح الأجسام، وتفرج الهموم والكرب، وتنحسر أسباب الفرقة بين مجتمعات العالم الإسلامي، وعلى العكس من ذلك سيظل الفرد والمجتمع المسلم في كل أرض رهين الرزايا والإحن والمصائب، والخلاف والفرقة، وكل أسباب الهلاك والضياع.





وما ذلك يا عباد الله إلا بسبب بعدنا عن الله، وضَعف إيماننا به، فما أكثر أولئك الأفراد والجماعات الذين يتزيون بالإسلام، ويدينون به مظهرًا لا مخبرًا، ولو آمنوا بالله ويما شرع لهم، لثبتت قلوبهم، وتوحدت أهدافهم وغاياتهم في سبيل إعزاز دين الله.





لقد صدق في هؤلاء قول الشاعر:




قرآن ربك رددوا آياته

لفظًا ومنه قلوبهم جوفاء




لو ثبت الإيمان رجف قلوبهم

لغدوا كصحبك ما لهم أكفاء




لكنهم لم يصدقوا في باطن

صدق السريرة ما ترى الأعضاء










اللهم يا مقلب القلوب والأبصار، ثبتنا على دينك، واجعلنا من المؤمنين الصادقين في إيمانهم الراشدين في أقوالهم وأفعالهم، واجعلنا هداة مهتدين.





أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].





بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.





الخطبة الثانية


الحمد لله المتمم نعمته على عباده المسلمين المؤمنين، الحمد لله الذي بيده هداية الخلق أجمعين، نحمده ونشكره ونستزيده الفضل والإنعام، ونصلي ونسلم على النبي المؤمن الأمين خير من أرسل بالإسلام وعرفه حق المعرفة، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اقتفى أثره وارتضى ما جاء به.





أما بعد:


فيا أيها المسلمون، قد عرفنا مفهوم الإيمان وأثره في حياة المسلم عملاً والتزامًا وجزاءً، وعرفنا شيئًا من الجوانب الإيجابية في حياة المسلم من أثر إيمانه عليه، فماذا عن الجانب السلبية إذا لم يؤمن المسلم بما أُمِر به ونُهي عنه، أو أدى شيئًا من ذلك مقصرًا في الأداء.





عباد الله، ليس بمؤمن ذلك الإنسان الذي يقترف الكبائر، ويأتي الصغائر مع علمه بتحريم هذا وذاك.





ليس بمؤمن من يعق والديه وإن قام بإيوائهما؛ كمثل من يبخل بالسلام عليهما ترفعًا وكبرياء؛ لكونه ذا درجة علمية وهما دونه علمًا وثقافة ومعرفة، ويمن عليهما بالإنفاق لكونهما لا يستطيعان العمل كما كانا من ذي قبل، فيراهما عالة عليه، وما أكثر من هم على تلك الشاكلة من الأبناء إلا من هدى الله.





ناقص الإيمان - يا عباد الله - ذلك الإنسان الذي لا يصل إلى مآربه وقضاء حاجاته عند الآخرين إلا بأسلوب المداهنة والمجاملة والنفاق.





إن مثل ذلك الصنيع قدح في إيمان المسلم ومعتقده، فالله وحده هو النافع الضار، ناقص الإيمان ذلك الإنسان الذي يدخل في صلاته ويخرج منها وهو لا يعي ما قال ولا ما فعل، يبيع ويشتري في ركعاته وسجداته، وينشد ضالته فيجدها أثناء صلاته، يسافر ويعمر البيت ويعد دراهمه، كل ذلك أثناء وقوفه بين يدي الله.





ولو استشعر عظمة من يناجي، لما جعل للشيطان إليه سبيلا في صلاته.





ناقص الإيمان فقد البائع المشتري الذي يغش في سلعته ولا يروجها إلا بالحلف والكذب، يسارع في قبضها ويبطئ في دفع الثمن، ولا يتعامل مع الناس في بيعه وشرائه بالصدق والأمانة، ولكن بالحيلة والكذب والتدليس.





ناقص الإيمان - يا عباد الله - ذلك الموظف المؤتمن على مصلحة من مصالح المسلمين وحوائجهم، فتراه يتباطأ في المجيء إلى العمل، ويسارع في الخروج منه، وإن جاء إليه ذو شأن من المسلمين فيما يخصه، لم يلق له بالاً، وأشاح بوجهه عنه وسوَّف في الإنجاز، وربما يغضب من تَرداد مراجعيه، ويقابلهم بالصدود والإعراض والتعلل بالأعذار.





ناقص الإيمان ومقصر في أداء رسالة الإسلام من يستطيع نصح المسلمين وتبصيرهم بأمور دينهم ودنياهم، ولا يعمل إلا إذا عرف أن وراء ذلك العمل مطمعًا دنيويًّا، لقد آثر حطام الدنيا على جزاء الآخرة الذي ما بعده جزاء حسن.





عباد الله:


ارضوا بما رضي الله لكم، واشكروه على نعمه، فقد هداكم إلى الإسلام فآمنوا، وأتم عليكم به النعمة، فافهموا إسلامكم، واعملوا به، والتزموا أحكامه، وأدوا فرائض الله عليكم.





اعرفوا الإسلام وآمنوا به كما أنزل على محمد صلوات الله وسلامه عليه من غير زيادة ولا نقصان، فإنه دين كامل، شامل لجميع مصالح العباد، عبادة وسياسة وحكمًا ونظامًا.





سبحانك لا إله إلا أنت، أنت وحدك المدبر المتصرف العليم بأحوال من خلقت، فاللهم أجعلنا هداة مهتدين، ولك مسلمين مخبتين، وبك وبرسلك وبدينك الإسلام مؤمنين.





اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وقو شوكتهم وانصرهم على عدوك وعدوهم.





اللهم دمر الشرك والمشركين من يهود ونصارى وشيوعيين وأعوانهم، اللهم احفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين من الرزايا والفتن والمصائب والإحن، وأجمع يا رب وحدة المسلمين وألف بين قلوبهم، واحفظ اللهم قادتنا وولاة أمورنا، وخذ بأيديهم إلى ما فيه مصلحة الأمة وخير الإسلام والمسلمين إنك ولي ذلك والقادر عليه.





عباد الله:


اذكروا الله العلي العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وصلوا وسلموا على أشرف نبي وأعظم هاد، سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-11-2019, 04:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حقيقة الإيمان

حقيقة الإيمان (2)
د. محمد بن سعد الدبل





الحمد لله الذي خلق الإنسان وعليه ما لم يكن يعلم؛ الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.



ونشهد أن لا إله إلا الذي فطر الكون ابتداء، وأحسن كل شيء خلقه، وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وفضله على كثير ممن خلق.



ونشهد أن إمامنا ونبينا محمد عبد الله ورسوله. بشارة السماء وسيد أهل الأرض. صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.



أما بعد، فيا عباد الله:

اتقوا الله الذي من عليكم بنعمة الإسلام، وميزكم به وهداكم. وجعل لكم بهذا الدين السيادة والقيادة والريادة، فاتقوا الله وآمنوا بدينه الذي شرع لكم.



عباد الله:

إنه لمن الواجب على المسلم المؤمن الحقيقي أن يتفهم سر وجوده ما هذا الكون. لم خلقه الله؟ ولم جاء به إلي هذا الكون؟ وإلى أين سينتهي؟ وماذا بعد النهاية؟ وسيظل هذا السؤال حائرا في النفس متلجلجا في الصدر ما لم يصحبه قوة إيمانية تمكن الإنسان من البقاء والثبات على دين الله وترجمه.



سيظل السؤال حائرا حتى يؤدي بصاحبه إلى الهلكة والضياع ما لم تؤمن تلك النفس الإنسانية بالله إن طوعًا وإن كرهًا.





يسأل النفس سر من أين جئت

وإلى أين ينتهي كل غابر




سائلا ما النجم في غسق الليل

أجرم أم سر إبداع قادر




هكذا والأيام تنشط سيرا

هو في سؤله ملح مثابر








عباد الله:

لكي يعرف المسلم نفسه حق معرفتها، ويدرك شيئا من الحكمة الربانية في وجوده على هذه الشاكلة وتلك الخلقة، وهذه الصورة عليه أن يعرف شيئًا من الفروق الدقيقة بين معنى الإسلام والإيمان حتى يميز بين شخصيته المسلمة، وبين شخصية غيره ممن لا دين له ولا إسلام. إن تعريف الإسلام في أبسط صورة وأيسرها هو الإسلام لله والانقياد بالطاعة والخلوص من الشرك والبراءة من أهله.



وإن تعريف الإيمان ومعناه في مفهوم ميسر: قول باللسان وعمل بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان.



وعلى هذا فكل مؤمن مسلم ولا عكس. ï´؟ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ï´¾ [الحجرات: 14].



عباد الله:

إن من أوجه الفروق الرقيقة بين الإسلام والإيمان ما ينوه عنه القرآن الكريم في ترسيخ العقيدة من خلال أركان الإسلام الخمسة، ليعلم المؤمنون من البشر على مدى التاريخ أن كثير من الناس دينهم الإسلام، فإن قرن هذا الدين بجوهر الأمر الذي هو الإيمان فأصحاب ذلك المبدأ السامي هم المسلمون حقا، ومن اكتفى من هؤلاء بمجرد الانتماء إلى الإسلام، أو اكتفى بممارسته قولا وشكلا ومظهرا دون أن يتمثله ويمتثله عقيدة وسلوكا، فإن هذا الفريق يدخل ضمن قول الله تعالى: ï´؟ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ï´¾ [الحجرات: 14].



وليعلم المؤمنون حقًّا أن هناك فريقًا آخر أخذ الإسلام طقوسًا آلية، فدخل في جملة من يراؤون الناس في المجتمعات المتدينة، تقية ومداراة ومسايرة أو نفاقا وسمعة عياذًا بالله من ذلك كله.



والفارق بين إسلام هؤلاء وغيرهم أن إيمانهم لم يكن منوطا بقلوبهم، لأن الإيمان جوهر قولي فعلي منوط بالقلب طمأنينة وعقيدة. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ï´؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ï´¾ [الرعد: 28]



ï´؟ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ï´¾ [المجادلة: 22].



ï´؟ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ï´¾ [الحجرات: 7].



ولتعلم أخي المسلم أن مفهوم ذكر الله في قوله تعالى: ï´؟ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ï´¾، ليصر مجرد ترداد فحسب. ليس بمجود التكرار لهذه الجملة طوال يومك أو بعضه فحسب، وإنما مفهوم ذكر الله أشمل وأوسع. فمتى كنت ممن يتقي الله في السر والعلن، وفيما يأتي ويذر فأنت ممن يذكرون الله ومتى أديت شعار دينك على نحو مما كلفت به أمرًا ونهيًا، فأنت ممن يذكرون الله، ومتى حفظت حدود الله واتقيته فأنت ممن يذكرون الله، ومتى أنصفت نفسك منها وأنصفت غيرك منك في جميع الحقوق والواجبات فأنت ممن يذكرون الله.



ومتى تصورت عظمة الله في صحتك وسقمك في قيامك وقعودك، واستشعرت عظمة الله وقدرته في ملكوت الكون فأنت ممن يذكرون الله. ويقود الحق تبارك وتعالى: ï´؟ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا ï´¾ [آل عمران: 190 - 193] إلى قوله جل ثناؤه: ï´؟ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ï´¾ [آل عمران: 195].



عباد الله:

إن المؤمن لحري بثوب الله، فليكن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله علامة إسلامكم. ولتكن تلك العلامة شعار شخصيتكم الإسلامية.



فإنكم وأدته لمسؤولين عن هذا العالم المتأرجح بين الشك واليقين، لأنكم أهل رسالة أنيطت بكم، ولا بد من تطبيقها ونشرها والذب عنها ï´؟ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ï´¾ [يوسف: 108].



بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول هذا القول وأستغفر الله العلي العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبة الثانية


الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الذي بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه. نشهد أن لا إله إلا هو ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله سيد الأولين والآخرين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.



أما بعد:

فيا أيها الإخوة المؤمنون، اعلموا أنكم معشر المسلمين في كل أرض مسؤولون عن هذه العقيدة عقيدة الإسلام، مسؤولون عن دين الله الإسلام، مسؤولون أمام الله عن نشر هذا الدين وتعليمه والمحافظة عليه والذب عنه، لأنه جهاد مستمر تعبدكم الله به وأموكم بالجهاد دونه وله فقال جل من قائل عظيما: ï´؟ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ï´¾ [الفرقان: 52]، ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ï´¾ [التوبة: 73].



واعلموا أن الجهاد ليس بمجرد حمل السلاح في وجوه الأعداء، وإنما الجهاد مفتوح واسع يلج منه المسلم ليحاذر على دينه وقيمه وليجاهد في الله بالكلمة الطيبة، والموعظة الحسنة، والصبر على إيذاء الناس، وهجر من لا يقيم حدود الله ولا يؤدي فرائضه ولو كان جارا، أو صديقا أو ذا قرابة، فعلى المسلم المؤمن أن لا تأخذه في الله لومة لائم. لا يحابي ولا يخاشي ولا يجامل. تلزمه النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.



تلزمة النظرة ذات الاعتبار، النظرة في تطبيق هذا الدين على نفسه، وعلى من تحت يده من الأهل والولد.



ومن الجهاد في سبيل الله إعلاء لكلمة الله وقول الحق أن يجاهد المسلم بقلمه من خلال قدراته، فإن كان عالما فبالتعليم المستمر يجاهد. وإن كان أديبا فبالكلمة الإسلامية المعبرة يجاهد. وإن كان تاجرا فباتباع الأسلوب الحسن النقي في التعامل يجاهد، وإن كان طبيبا فبالإخلاص يجاهد، وكل ميسر لما خلق له فاتقوا الله ما استطعتم. واتقوا الله حيثما كنتم، واعلموا أن من أعظم الجهاد وأجله العيش تحت راية القرآن، والانضمام إليه، فلنتأمل نحن سكان هذا البلد الطيب الذي شعت منه رسالة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، ودوى عن فجاجه صوت القرآن حالا إلى الوجود كله معنى لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ومعنى أن محمدا عبد الله ورسوله، لنتأمل هل أعطينا كتاب الله حقه؟ إن واقعنا يقول لنا:

لم هذا الإعراض عن كتاب الله؟ لسوف تسمع التلاوة تدوي في كل مسجد مرافقة موسم العبادة في شهر رمضان المبارك، الذي قرب أوانه، ولكننا اليوم لا نكاد نسمع آيات الله تتلى إلا في مسجده دون آخر وفي وقت دون وقت أو عبر الإذاعة، أو في مناسبة احتفال بمشروع خيري، ثم إنها تلاوة عادة لا عبادة.



ألا فلينظر كل منا، أين جعل القرآن منه ومن حياته، هل تجد كتاب الله دائما بأيماننا، هل تجده في حقيبة أحدنا في السفر، وفي مكتبته المنزلية في الحضر، وهل خالجت آياته الكريمة قلوبنا فآمنا به، وتلوناه حق تلاوته وتدبرنا ما فيه من المواعظ والحكم، والزواجر والأوامر والنواهي، أم على قلوبنا أقفالها؟



عباد الله:

لقد انعكس المفهوم، وتبدلت الحال، فالكثير منا يفضل الاستماع إلى شريط من الأغاني، ويجعله نديمه في خلوته، ورفيقه في سيارته، ويهتز طربا لما يسمع، ويرفع صوت الآلة ليسمع غيره وحين يسمع آيات الله تتلى عبر أثير تلك الآلة يسارع إلى إخفات صوتها أو إغلاقها. فضلا عن أنه لا يحسن التلاوة، بل القراءة. فالله الله أن يؤتى القرآن من قبلكم يا أهل القرآن. حذار من تضييعه، فإنه لنعمة كبرى ولسوف تسألن يومئذ عن النعيم.



اللهم اجعلنا من حملة القرآن، واجعلنا ممن يحلل حلاله ويحرم حرامه، اللهم اهدنا به واهدنا إليه، اللهم بصرنا بما جهلنا منه واجعله حجة لنا لا علينا، وشاهدا لنا لا علينا. اللهم أعل كلمتك وانصر شريعتك، وأذل خصومها من المشركين والمنافقين والملاحدة، واحفظ قادة المسلمين وولاة أمورهم في كل مكان، وكن ظهير لهم في كل أمر، وارزقهم بوسع كرمك ما يعينهم على إتباع الحق ويجنبهم الباطلة يا ذا الفضل والإحسان، اللهم انصر المجاهدين عن دينك وأذل خصومهم، ودمرهم يا ذا القوة المتين.



سبحانك اللهم وبحمدك نستغفرك ونتوب إليك. وأقم الصلاة، ï´؟ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ï´¾ [النساء: 103].



من كتاب: من المنبر خطب وتوجيهات

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 80.58 كيلو بايت... تم توفير 2.36 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]