الحيوانات والإبل عند العرب - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         العلم والعدل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أعظم مذمة في التاريخ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 47 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 13 )           »          أهمية اللعب في تنشئة الطفل وتكوين شخصيته في الوطن العربي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 12 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 616 )           »          توجيهات نبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 22 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 15820 )           »          اتهام السلفيين بالبعد عن الواقع المعاصر وعدم الاحتكاك بالناس إجحاف وظلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          القدوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-02-2019, 04:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,354
الدولة : Egypt
افتراضي الحيوانات والإبل عند العرب

الحيوانات والإبل عند العرب









زوزان صالح اليوسفي





كان العرب من أسبق الأمم اهتمامًا بتربية الحيوان، والتعرُّف على خصاله وطبائعه، وطرائق سيره في دروب الحياة؛ وذلك للحصول على بعض الفوائد والمزايا التي تساعدهم في حياتهم البدوية الجافة، أو إشباعًا لما يتمتعون به من دقة الملاحظة وحبِّ الاستطلاع؛ فكانوا يجدون في الصحاري الشاسعة، والجبال الشاهقة، والوديان الخصيبة التي يخضر أديمها بعد هطول الأمطار في تلك البيئات الطبيعية - أعدادًا لا تُحصى من دواب الأرض، الصغيرة منها أو الكبيرة على حد سواء.


فكانوا يقومون بتدوين الملاحظات والمعلومات في العديد من الكتب والمخطوطات، نذكر منها على سبيل المثال (حياة الحيوان) للجاحظ[1]، و(عجائب المخلوقات) للقزويني[2] و(حياة الحيوان الكبرى) للدَّمِيري[3]، وكلها حافلة بمختلف البيانات والمعلومات المتعلقة بدراسة الحيوان، وذلك في وقت لم تظهر فيه مثل تلك الدراسات في العالم الغربي، وأغلبية النسخ القديمة من تلك الكتب موجودةٌ في مكتبات البلدان الأجنبية؛ مثل: ألمانيا وفرنسا وغيرها.


بالإضافة إلى الأهميات العديدة للإبل، فهي أيضًا تُعتبر من المصادر الهامة في العديد من بلدان الوطن العربي؛ لسدِّ الاحتياجات من البروتين الحيواني، وتُقدَّر أعدادُها في الوطن العربي حسب تقدير المنظمة العربية للتنمية الزراعية / جامعة الدول العربية لعام 1998 حوالي مليون رأس، مُوزَّعة بشكل أساسي على الصومال والسودان وموريتانيا والسعودية والمغرب وتونس، والعدد الباقي مُوزَّع في بقية الأقطار العربية.


أنواع الإبل:
الجِمال:
تُعتبَر الجمال من أشهر الحيوانات التي عُني بها العرب الأقدمون، فقد كانوا يحرصون عليها ويقومون بتربيتها، ويولونها الكثير من العناية والرعاية، كما كانوا بالإضافة إلى ذلك يُدرِّبونها على سرعة الجري؛ تمهيدًا للدخول بها في سباقات الإبل، وهو من أقدم السباقات التي عرفَتْها البشرية، وغالبًا ما كان الأثرياء من العرب يتفاخرون بعدد ما يمتلكون منها.


ولم يكن اهتمام العرب بالإبل مقصورًا على النواحي التدريبية، بل امتدَّت تلك الاهتمامات؛ لتغزو ميادين الأدب والشعر، وقد ذكروها في العديد من قصائدهم، بالمديح بها سواء لرشاقة خطواتها أو خِفَّة حركتها أو قوة جرْيها كالخيول والجمال، أو لجَمال عيونها أو حسن صوتها وهكذا.


ويجد الباحثون في تلك الميادين الشيء الكثيرَ عن تلك الحيوانات؛ فهي التي تجوب معهم مجاهل الصحراء، فيستخدمونها من مكان إلى مكان، ومن بلد إلى آخر؛ حيث تحملهم وأمتعتهم وأولادهم في الحل والتَّرحال، كما أنهم يستطيبون لحومَها، ويشربون ألبانَها، ويتَّخذون من أوبارها وجلودها متاعًا لهم.


وقد أدرك القائمون على تربية الإبل من العرب أنَّ من أهمِّ مميزاتها الفسيولوجية: قدرتها على تحمُّل الجوع والعطش لفترة طويلة من الزمن دون الحصول على طعام أو شراب؛ ولذلك فإنهم كانوا يُقدِّمون لها ماءَ الشرب مرَّة واحدة كل ثلاثة أيام أو أربعة، وذلك عندما تكون قوافلهم بعيدةً عن مصادر الماء، وقد تستطيع الإبل البقاء أكثر من ذلك عندما يندر وجود الماء، كما أنهم أدركوا أن مِنْ أهم مميزاتها التركيبية تلك (الأخفاف) الليِّنة التي تزيد من قُدرتها على السَّيْر فوق الرمال الناعمة، ولا تغوص بداخلها كالحوافر أو الأظلاف الموجودة عند بقية الحيوانات الحافرية.


والواقع أن الإبل أو الجمال التي نشاهدها في مصر والسودان وشمال إفريقيا بالإضافة إلى بلاد العرب - تنتمي كلُّها إلى نوع واحد، هو نوع (الإبل العربية)، (ولكل منها سَنام واحد فوق الظهر)، وهناك نوع ثانٍ ينتشر في أواسط آسيا؛ ولذلك يطلقون عليه اسم (الإبل الآسيوية)، (ولكل منها سنامان)، وينتمي هذان النوعان إلى جنس واحد يطلق عليه علميًّا اسم (Camelus) ، وهو لفظ لاتيني مشتقٌّ من اللفظ العربي (جمل).


وهناك مجموعة أخرى من دواب الحمل لها أيضًا عند العرب نصيبٌ وافر من العناية والرعاية، وتلك هي المجموعة التي ذكرها في الآية الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾ [النحل: 8].


وهي تستخدم جميعًا منذ أن استطاع الإنسان استئناسها وتسخيرَها لخدمته، وتُستخدم منذ ذلك التاريخ حتى وقتنا هذا في الركوب وجرِّ العربات وحمل الأثقال في كلٍّ من الريف والحضَر على حدٍّ سواء.


الخيل:
استطاع العرب القدماء بما كان لديهم من خبرة واسعة في تربية الحيوانات وتدريبها، أن يوجهوا خبرتهم إلى تلك الدواب بصفة عامة، وإلى الخيل بصفة خاصة، فكانت تلك (الخيول العربية) (الأصلية) التي يتهافت عليها ويسعى لاقتنائها هُواةُ سباق الخيل في مختلف أنحاء العالم؛ حيث كانوا وما زالوا يدفعون فيها أثمانًا باهظة؛ كي يستطيعوا عن طريقها الحصول على جوائز تلك السباقات العالمية، وهي تمتاز بضمور الجسم، ورشاقة الحركة، والسرعة التي لا تدانيها فيها خيول أخرى.


وقد استطاع العرب المحافظة على السلالات النقيَّة من تلك الخيول على مدى فترات طويلة من الزمن.


والواقع أن الخيول بصفة عامة تمتاز عن غيرها من دواب الحمل بالفِطْنة والذكاء؛ ولذلك فقد سهُل عليهم تدريبها بالطرُق المألوفة، التي ترتكز على عمليات (الخطأ والصواب)، متبوعة بالمكافأة أو العقاب؛ ولذلك استطاع العرب تدريب خيولهم على أعمال الفروسية التي اشتهروا بها منذ قديم الزمان، كما استطاعوا أيضًا تدريبهم على الجرْي والقفْز واجتياز الحواجز الطبيعية أو الصناعية بما تمتاز به الخيول بصفة عامة عن غيرها من الحيوانات، ولا شكَّ أن تلك المهارات التي تتمتَّع بها الخيول المدرَّبة كانت السبب الرئيس في استخدامها في (السيرك) الذي يمكن مشاهدته في الوقت الحاضر، في كثير من البلاد المتقدِّمة؛ حيث يحتل مكانًا مرموقًا بين وسائل التسلية الأخرى.


المشاكل العصرية التي تواجه الإبل:
نلاحظ أن الاهتمام بتربية الإبل في الوطن العربي بدأ في التراجع؛ وذلك نتيجة للتغيرات في العادات الاجتماعية للمواطن العربي، وتغيُّر الأنماط الاستهلاكية، التي جعلَتْ من الإبل حيواناتٍ ثانوية بل أقل بكثير في توفير احتياجات المجتمع العربي من اللحوم والألبان وغيرها من المنتجات؛ حيث نلاحظ أن أعدادها تتراجع شيئًا فشيئًا؛ وذلك للأسباب التالية:
1- اكتشاف النفْط؛ فهو من الأسباب الرئيسة التي أغوت مُربِّي الإبل إلى ترك إبلهم وصحاريهم، والركون للتمتُّع بهذه الثروة داخل المدن.


2- العادات والتقاليد التي تأثَّرت بها نُظُم التربية والرعاية للإبل، والتي يتبعها معظم المربِّين، ومنها: تنقُّل الإبل لمسافات شاسعة تصل إلى مئات الكيلومترات، وهو النمط الذي ما زال سائدًا في معظم الأقطار.


3- انتشار الأمراض، وارتفاع نسبة الهلاك، وقلَّة الأدوية المستعملة، وضعف الخدمات البيطريَّة المُقدَّمة لمربِّي الإبل كمًّا ونوْعًا؛ حيثُ إنَّ أغلَبَ الأطباء البيطريين العاملين في المستوصفات الطبية البيطرية لا يمتلكون القدْرَ الكافي من المعرفة بأمراض الإبل، وكذلك قلة الاهتمام بالتدريس لهذه المادة في كليات الطب البيطري في معظم الجامعات.


4- ضعف التراكيب الوراثية لقسم من قطعان الإبل، وعدم وجود اختيار وراثي على أساس الإنتاج، وانخفاض معدَّلات الولادة ومعدَّل الاستبدال ومعدَّل النمو والنضج الجنسي.


5- اتجاه سياسة وزارات الزراعة في الوطن العربي إلى استيراد الأبقار الأجنبية ذات الإنتاج العالي من الحليب، وإنشاء محطات لتربية الأبقار مما شجَّع مربي الإبل على زيادة الذَّبح الجائر وخصوصًا النوق، وبالتالي انخفضت أعداد الإبل.


6- التطوُّر الصناعي الهائل في تصنيع السيارات والناقلات والطائرات؛ مما تسبَّب في تقليل أهميَّة الإبِل لأمور النقل والتجارة.


الطيور:
إن من أوضح البصمات التي تركها العرب الأقدمون تلك التي تتعلق بتدريب أنواع خاصة من الطيور على عمليات الصيد والقنْص، فبينما كانوا على إدراك واعٍ بكثير من الطيور المنزلية أو البرية، إلا إنهم كانوا يوجهون عناية خاصة (بطيور الصيد)، فكانوا يحصلون على الأفراخ الصغيرة لتلك الطيور؛ حتى يسهل عليهم تربيتها لصغر سنِّها، ثم يقومون بعد ذلك بتربيتها وإطعامها وتدريبها على عمليات الصيد؛ كي تُصبح أداة طيِّعة في أيديهم يحصلون من صيْدِها على غذاء وفيرٍ من لحوم الطيور الوديعة والحيوانات البرية الأخرى.


ومن أشهر طيور الصيد عند العرب: عدة أنواع من الصقور، منها الشاهين[4]والبازي[5] والباشق[6] والحر[7] وصقر النزال[8] والبيدق[9]، وهي جميعًا من الطيور المفترِسة التي تُسمَّى (جوارح الطيور)، ومن أهم خصائصها أنها تمتاز بالقوَّة والرشاقة وسرعة الطيران، ولها مهارة خاصة في عمليات الصيد؛ حيث تنقضُّ على ضحاياها من الطيور الأخرى، وهي طائرة في الجوِّ؛ فلا تجد لنفسها فكاكًا من مخالبها الحادَّة القوية، وأكثر فرائسها العصافير والحمام واليمام والقطا والقماري والدراج، هذا بالإضافة إلى بعض الحيوانات البرية؛ كالأرانب والغزلان وغيرها، ولا تقتات الطيور المدرَّبة لعمليات الصيد على تلك الفرائس، بل تحملها إلى أصحابها، ثم تنطلق بعد ذلك للبحث عن صيد جديد وهكذا.


أما عمليات التدريب التي يقوم بها مربُّو تلك الصقور، فتتم على عدة مراحل، الأولى منها تعويدها على أن تقف على يد صاحبها؛ حيث تقوم بالتهام ما يُقدِّمه لها من طعام، وبعد أن تألف تلك الطريقة تمامًا يأخذها صاحبها إلى الخلاء؛ حيث يُطلق أمامها طائرًا صغيرًا، ثم يُطلقها وراءه، ويكون قد ثبَّت في أقدامِها حلقةً معدنية صغيرة متَّصلة بحبل رفيع يمنعها من الفرار، وبذلك تعود إلى صاحبها بما وقعت عليه من صيْد، فيُجزل لها عطاء، وبعد مرات عديدة يجعلها تنطلق بدون حلقات معدنية؛ إذ إنها تكون قد اعتادت على العودة بفريستها إلى صاحبها دون المساس بها.


وقد انتقلت الرياضة من الشرق إلى الغرب؛ حيث كان يمارسها الملوك الأمراء في البلاد الأوربية حتى نهاية القرن الثامن عشر، ولكنها لا تزال تُمارَس حتى يومنا هذا في بعض البلاد العربية، ومنها الإمارات والسعودية وقطر والبحرين واليمن وغيرها.


الكلاب:
لما كان العرب يعيشون على مدى تاريخهم الطويل في بطْن الصحراء، والكثيرون منهم من البدو الرُّحَّل الذين ينتقلون من وادٍ إلى آخر؛ بحثًا عن الغذاء لأنفسهم، وعن الكلأ والعشب لماشيتهم وأغنامهم، ولما كانوا في الكثير من الحالات يعيشون في الأماكن النائية البعيدة عن العُمْران ولا يعتمدون على حرَّاس مأجورين؛ فكان لابد لهم من حراسة أنفسهم بأنفسهم؛ ولذلك كانوا يعتمدون في مثل هذه الحالات على (كلاب الحراسة)، كما كانوا يستخدمونها أيضًا في عمليات الصيد؛ وذلك لأنها تمتاز بحاسَّة الشمِّ القويَّة التي تساعدها في التعرُّف على فرائسها ولو كانت مختبئة في باطن الأرض.


ومن أطرف الكتابات التي عثَرْتُ عليها ذلك الوصف الدقيق الذي سجله (القزويني) في كتابه (عجائب المخلوقات) عن عمليَّتي الحراسة والصيد عند الكلاب؛ فقد كتبَ يقول: "الكلب حيوان شديد الرياضة، كثير الوفاء، ودائم الجوع والسهر، يخدم كثيرًا ويحرس، ويدفع اللصوص، ومن عجائبه أنه يخرج يوم الثلج، ووجه الأرض مغشى من الثلج، ومعه الصيَّاد المجرب لا يعلم موضع الصيد، مع ذهنه وعقله، والكلب يذهب يمينًا وشمالاً، ولايزال يتشمَّم، حتى يعرف مواضع الصيد، بأنفاس أبدانها وبخار أجوافها، وإذا نبح على إنسان بالليل فلا ينجِّيه منه إلا أن يقعد، فإذا قعد انصرف كأنه قد ظفر به" انتهى.


والمعروف أن الكلاب يصيبها أحيانًا بعض الأمراض، ومنها (السُّعار)[10]، وهو معروف علميًّا باسم (Hydrophobia)، وهو لفظ مشتق من كلمتين إغريقيتين، وهما (Hydor) بمعنى ماء و(Phobia) بمعنى الخوف أو الرهبة، ولذلك يطلق على هذا المرض اسم (مرض الخوف من الماء)، وهو يصيب الكلاب، وأيضًا بعض الحيوانات البريَّة كالذئاب والثعالب وبنات آوى وغيرها، كما أنه يصيب الإنسان أيضًا فيما لو عقرَه حيوان مسعور.


وقد استمرَّ هذا المرض القاتل يفتك بالإنسان أزمنة طويلة، قبل أن يُوجَد له علاج، فمن كان يعضُّه كلب مسعور كان مصيره الموت لا محالة، ولعلَّ من أروع الاكتشافات التي سجَّلها التاريخ العلمي لأي عالم من العلماء على مرِّ العصور: ذلك اللقاح الذي ابتكره العالم الفرنسي المشهور (لويس باستير)[11] حوالي 1885، لعلاج المصابين بهذا المرض، وهو يُستخدَم منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا في جميع مستشفيات العالم لإنقاذ حياة هؤلاء المرضى.


ومن الطريف أن مرض السعار كان معروفًا عند العرب منذ أزمنة بعيدة، فقد ورد ذكره في كتاب (حياة الحيوان الكبرى) للدميري، وهو الكتاب الذي ألَّفه قبل اكتشاف باستير للِّقاح سابق الذكر، بما يزيد عن أربعة قرون من الزمن، ووصْفُ هذا المرض كما أورده الدميريُّ في كتابه دليلُ صدْقٍ على دقَّة الوصف وقوة الملاحظة وسلاسة العرض في عبارات بسيطة واضحة لا لبس فيها ولا غموض، ويقول الدميري عن السُّعار ما يلي:
"يعرض له الكَلَبُ بفتح اللام، وهو داء يُشبه الجنون، وعلامة ذلك أن تحمرَّ عيناه، وتعلوهما غشاوة، وتسترخي أذناه، ويندلع لسانُه، ويكثر لعابُه وسيلان أنفِه، ويُطأطئ رأسه، ويتحدَّب ظهرُه، ويتعوَّج صُلْبُه (الصلب هو فقار الظهر) إلى جانب، ولا يزال يدخل ذنبه بين رجليه، ويمشي خائفًا مغمومًا كأنه سكران، ويجوع فلا يأكل، ويعطش فلا يشرب، وربما رأى الماء فيفزَع منه، وربما يموت منه خوفًا، وإذا لاح له شبحٌ حملَ عليه من غير نبْحٍ، والكلاب تهرب منه، فإذا عقر هذا الكلب إنسانًا نُقل له المرض، والكلَبُ حالة كالجذام، تعرِض للكلْب والذئب وابن آوى وابن عِرْس والثعلب، كما أنها تعرِض للحمار وتقع أيضًا للإبل متى عضَّتها كلاب مسعورة، فيُقال لها عندئذٍ: (كلَبَتِ الإبل)" انتهى.
المصادر:
(تربية الحيوان عند العرب)؛ د. محمد الطوبي
موقع الكتاب الإسلامي
(موسوعة الإبل)؛ د. العاني، فلاح خليل 1997 – دار الشروق للنشر والتوزيع عمان - الأردن
موسوعة ويكيبيديا الحرة
موقع المكتبة الرقمية العالمية (عجائب المخلوقات).


[1] كتاب الحيوان للجاحظ، تحدَّث فيه عن العرب والأعراب، وأحوالهم وعاداتهم، ومزاعمهم وعلومهم، وبعض مسائل الفقه والدين، وصفوة مختارة من الشعر العربي والأمثال والبيان والنقد، ويُعدُّ أول كتاب جامع وُضع في العربية في علم الحيوان، ويعد الكتاب من أضخم كتب الجاحظ إطلاقًا، ويعد دائرة معارف واسعة الأفق، وصورة بارزة لثقافة العصر العباسي المتشعِّبة الأطراف، وقد تحدَّث عن الكثير من المسائل الجغرافية، وفي خصائص كثير من البلدان، وفي تأثير البيئة في الحيوان والإنسان والشجر، وتكلَّم على الأمراض في الحيوان وفي الإنسان، وذكر العديدَ من المفردات الطبية النباتية والحيوانية والمعدنية، وسمَّاه الحيوان؛ لأنَّه يتبع ما في حياة الحيوان من حجج على حكمة الله العجيبة وقدرته النادرة.
[2] كتاب عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات؛ لزكريا بن محمد القزويني (1203- 1283)، كتاب يتمتَّع بالدراسات الكونية بشعبية عالية في العالم العربي، وقد تمَّ نسخه إلى العديد من الطبعات على مدى قرون، إحداها موجودة في مكتبة ولاية بافاريا في ميونيخ بألمانيا (وهي غير مؤرخة)، وتوجد مخطوطة أخرى شديدة الشبه بهذه النسخة في المكتبة الوطنية بفرنسا (وهي مؤرَّخة بعام 1762).
[3] كتاب حياة الحيوان الكبرى، هو من أشهر مؤلفات كمال الدين الدميري، وهو نسختان: صغرى وكبرى، والمطبوعة الكبرى تمتاز عن الصغرى بإضافة المواد التاريخية وتفسير المنامات التي تقع فيها تلك الحيوانات، وتضم (1069) مادة مرتَّبة على حروف المعجم، وهو يُترجم لكثير من الحيوانات في مواطن شتى، حسب تعدُّد أسمائها، أو اختصاص أولادها وإناثها بأسماء أخرى، طُبع الكتاب في بولاق 1275 هجريًّا. (4) سباق الهُجُن أو الهِجَانَة أو الجمال، هي رياضة شعبية تُمارَس في مناطق الشرق الأوسط وكذلك في إفريقيا وأستراليا، في هذه الرياضة تتسابق الهُجُن أو الجمال بسرعة تصل إلى 64 كم/ س، في مضامير مخصصة لهذا السباق، وهي تشبه إلى حد كبير سباق الخيل.
[4] الشاهين: هو من فصيلة الصقرويات، ويُعرف أيضًا باسم: الصقر الجوَّال أو الشيهانة عند أهل الجزيرة العربية، وهو طائر جارح عالمي الموطن تقريبًا.
[5] البازي أو الباز: ومعروف بالبرني في شمال إفريقيا، وهو طائر جارح طويل الذيل وحاد البصر، يصطاد بالانقضاض على الفريسة بسرعة كبيرة من مكان مرتفع ومخفي، وهو يتبع فصيلة البازية.
[6] الباشق: وهو أحد أنواع الجوارح الصغيرة الحجم المنتمية لفصيلة البازية، وهو واسع الانتشار في القسم الأعظم من أوراسيا وفي شمال إفريقيا.
[7] الحرُّ: العرب هم أول من عرف الصقر الحرَّ واصطادوه واستخدموه لأغراض الصيد، أنواع الصقر الحر كثيرة وصعب تعدادها، وهي من أكبر الصقور، فيبلغ طوله من 47 سم - 57 سم، ويصل طول جناحه حوالي متر ونصف، وهو تقريبًا بحجم صقر الجير، والأنواع المنتشرة في الجزيرة العربية هي: الصافي، والشامي، والفارسي، والجرودي، والأبيض.
[8] الصقر النازل: وهو من الجوارح، ومن أنواع الصقوريات، يمتاز بحدة البصر وبسرعة الانقضاض على الفريسة؛ حيث يُستخدم لأغراض الصيد، وذو شهرة واسعة في الجزيرة العربية.
[9] البيدَق: ويُدعى أيضًا الباشِق الشامي أو الباشق المشرقي، وهو نوعٌ صغير من الجوارح ينتمي إلى فصيلة البازيَّات التي تضمُّ أيضًا أنواعًا أخرى من الجوارح النهارية.
[10] السعار أو داء الكلب: هو مرض فيروسي، حيواني المنشأ ينتقل من فصيلة إلى أخرى، وغالبًا ينتقل عن طريق عضة من الحيوان المصاب من الكلاب إلى الإنسان مثلاً، ويُسبب التهابًا حادًّا في الدماغ، وإذا لم يتلق العلاج الكامل خلال بضعة أيام، وبمجرد وصول الفيروس للجهاز العصبي المركزي - يؤدي للوفاة.
[11] لويس باستير (Louis Pasteur)، هو عالم كيميائي فرنسي، وأحد أهم مؤسسي علم الأحياء الدقيقة في الطب، ويُعرف بدوره المميز في بحث أسباب الأمراض وسبل الوقاية منه، ساهمت اكتشافاته الطبية بتخفيض معدَّل وفَيَات حمَّى النفاس، وإعداد لقاحات مضادة لداء الكلب والجمرة الخبيثة.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.11 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.54%)]