الوضعية المشكلة ومنهج الرسول صلى الله عليه وسلم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-01-2022, 09:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي الوضعية المشكلة ومنهج الرسول صلى الله عليه وسلم

الوضعية المشكلة ومنهج الرسول صلى الله عليه وسلم
عبدالحق التويول






إن التدريس في ظل البيداغوجيات الحديثة، يفرِضُ على المدرِّس أن يكون محيِّنًا لمعارفه على وجه الدوام، ومُوظِّفًا بانتظام طرقًا يطبعها التنوُّع والجاذبية التي تشدُّ أنفاس المتعلِّمين، وتُضفي على مُجرَيات الدرس جوًّا من المتعة والتشويق، التي لا محالة تدفع إلى استجابة أكثر، وإلى رغبة في التعلم بشَرَهٍ ودون انقطاع.

هذا التوظيف لا يمكن أن يُؤتي أُكُلَه إلا إذا كان المدرِّس مُلِمًّا بطُرُق التدريس المتنوِّعة، التي نجد مِن بينها طريقة الوضعية المشكلة المنصوح بها تربويًّا من طرف العلماء والمهتمين بالشأن التربويِّ؛ نظرًا لِما لها من دور وقدرة على إضفاء التشويق في أي درس، وقتل الرتابة التي يمكن أن تتحكم فيه وتجعله مُمِلًّا وعبئًا ثقيلًا على كاهل المتعلِّمين والمدرسين.

هذه الطريقة إذا أردنا تعريفها، قلنا: هي عبارة عن وضعية يواجِهُها التلميذ، وحالة يشعر فيها أنه أمام موقفٍ مُشكِل، أو سؤال محيِّر، لا يملك تصورًا مسبقًا عنه، ويجهَل الإجابة عنه؛ مما يحفزه على البحث والتقصِّي من خلال عمليات معينة تتوصل لحل المشكلة[1].

مِن خلال هذا التعريف يتبيَّن أن وظيفة الوضعية المشكلة تتمثَّل في نقل المتعلم من وضعية السكون والخمول والاتكال إلى وضيعة الفاعل والمشارك في بناء الدرس وتحصيل المعارف، وذلك بجعله ينخرِطُ فيه بطريقةٍ مُشوِّقة تدفعه إلى استدعاء كلِّ ما يملك من معارفَ ومهاراتٍ لمحاولة إيجاد الحلول للموقف المشكل أو السؤال المحير.

إن طريقة الوضعية المشكلة بوظيفتها التربوية الدقيقة ونجاعتِها الملحوظة بين المشتغلين بها - خصوصًا في البلاد الإسلامية - تجعلُنا نتساءل عن حضور هذه الطريقة في منهج الرسول صلى الله عليه وسلم، باعتباره معلمًا ومربِّيًا للبشرية، الذي لا ريب أنه فاق كل معلِّم ومربٍّ، فنقول:
هل سبق للرسول صلى الله عليه وسلم أن وظَّف الوضعية المشكلة في تبليغ ما يُوحى إليه به لصحابته؟
إنه بالرجوع إلى سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتقليب صفحاتها المشرقة التي رسمت للبشرية طريقًا واضحًا في جميع مجالات الحياة، بما في ذلك مجال التعلُّم الذي حاز قصب السبق في الاهتمام الرباني؛ نجد أنه كانت أول شعلة نزلت من الوحي (اقرأ)، التي أعطت لهذه الأمة إشعارًا قويًّا مُفاده أن ظلام الجهل الحالك لا يُبدَّد إلا بشعلة ونور القراءة الساطع، ولقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم إسوةٌ حسنة في منهج تلقِّيه عن ربه على يد أخيه جبريل، وفي منهج تلقينه لمتعلِّميه من الصحابة، الذي لا شك تميز بالتنوع حذرًا من الملل والسآمة.

هذا وقد كان للوضعيةِ المشكلة حيِّزٌ مِن اهتمامات الرسول صلى الله عليه وسلم، وحضورٌ بارز بين الفَينة والأخرى، ولذلك شواهد وأمثلة كثيرة؛ نذكر منها - على سبيل الذكر لا الحصر - ما رواه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم؛ إذ طلع علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثياب، شديدُ سوادِ الشَّعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرِفُه منا أحد، حتى جلس إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتَيه إلى ركبتَيْه، ووضح كفَّيه على فخِذَيْه، وقال: يا محمد، أخبِرني عن الإسلام، فقال له: ((الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا))، قال: صدقتَ، فعجِبْنا له يسأله ويُصدِّقه، قال: أخبِرْني عن الإيمان، قال: ((أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره))، قال: صدقتَ، قال: فأخبِرْني عن الإحسان، قال: ((أن تعبُدَ الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك))، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: ((ما المسؤولُ بأعلم من السائل))، قال: فأخبِرْني عن أَمارَاتِها، قال: ((أن تَلِدَ الأَمَةُ ربَّتها، وأن ترى الحفاةَ العُراةَ العالة رِعاءَ الشاءِ يتطاولون في البنيان))، ثم انطلق، فلبثتُ مليًّا، ثم قال: ((يا عمر، أتدري مَن السائل؟))، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإنه جبريل أتاكم يُعلِّمكم دينَكم))[2].

فهذا الحديثُ عبارة عن وضعية مشكلة على شكلِ حوارٍ دار بين رجل غريب نَكِره الصحابة "لا يعرفه منا أحد"، تقمَّص دَور المتعلم، وبين رجل غنيٍّ عن التعريف عند الصحابة، وهو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي تقمَّص دور المعلم، الذي استقبل أسئلة تلميذه، وأجاب عنها بكل مصداقية.

وهو الحوار الذي دارت أحداثُه في جلسة تربوية مركَّزة، على مرأى ومسمع من الصحابة (الفئة المستهدَفة)، الذين شُدَّت أنفاسهم وركِّزت أبصارهم وأسماعهم على أسئلة الرجل الغريب (عن الإسلام والايمان والإحسان والساعة)، وأجوبته التي كانت في كل مرة تثير الاستغراب، (فعجبنا له يسأله ويصدقه)؛ مما جعلهم ينصهرون في أجواء الدرس، ويتلقَّفون كل جواب يسمعونه مِن فِي الرسول صلى الله عليه وسلم بدقةٍ عالية؛ ليتأتى لهم في الأخير تحصيل قدرٍ من التعلُّم والمعارف التي أصبحت فيما بعدُ اعتقاداتٍ آمنوا بها، وعبادات تقربوا بها لله سبحانه وتعالى، وهكذا بمجرد ما تحقق المراد، واكتمَلَت أطوار الحوار، وانصرف الرجل الغريب الذي لعِب بهيئته وأسئلته وردوده المثيرة دورًا كبيرًا في شد انتباه الصحابة - أفصح النبيُّ المختار صلى الله عليه وسلم عن هُوِيَّتِه، قائلًا: ((إنه جبريل أتاكم يُعلِّمكم دينكم))، فما أعظمَها مِن طريقة، وما أجمله مِن أسلوب يحتاج إليه كلُّ مدرسٍ لبيب حاذق، يَتُوقُ للإبداع، ويروم الإتقان وإضفاء المتعة على دروسه، بعيدًا عن العشوائية والارتجال!


[1] الوضعية المشكلة منطلقات في البناء، محمد الفتى، العدد 24 من مجلة علوم التربية، مارس 2003، ص: 124، نقلًا عن المرجع في كيفيات التدريس، سعيد حليم، ص217.

[2] صحيح مسلم، كتاب الإيمان باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 49.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 47.87 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (3.45%)]