|
|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
وأنت ترى الشعرة في طعامي ؟!
وأنت ترى الشعرة في طعامي ؟! د. محمود عبدالجليل روزن يُروى أنَّ أعرابيًّا حضرَ سُفرة هشام بن عبد الملك، فبينما هو يأكل إذ تعلّقت شَعْرة في لقمة الأعرابيّ، فقال له هشام: عندك شَعْرة في لُقمتك يا أعرابيّ! فقال: وإنك لتلاحظني ملاحظة مَن يرى الشَعرة في لُقمتي؟! والله لا أكلتُ عندك أبداً! وخرج وهو يقول: وَلَلْموتُ خيرٌ من زيارةِ باخلٍ يُلاحظُ أطرافَ الأكيلِ على عمدِ[1] وكذا؛ فإنَّ مُراقبة الناصح للمنصوح له في كلِّ حركاته وسكناته قد تتركه ناقمًا على كلِّ ناصحٍ، ونافرًا من كلِّ نُصحٍ. ومنه؛ أن يُلحَّ النَّاصح إلحاحًا مبالغًا فيه، فيدمِّر، ولا كَالتدمير بالنصيحةِ! ويُروى أن أرشميدس قد استخدم سلسلة من المرايا الكبيرة لإحراق سفن الرومان عند مهاجمتهم لسيراكوس، مُستفيدًا من أنَّ المرآة تعمل على عكس الضوء الساقط عليها، فإذا رُكِّز على جسمٍ ما مدةً طويلةً؛ فقد يؤدي ذلكَ إلى إحراقه. فإن كان الشيءُ حقيقًا بالإحراقِ حقَّ لنا أن نَصِفَ عمل المرآة بالإيجابيّ، أمَّا إن كان المطلوبُ إشراقًا فجاء إحراقًا؛ فلا شكَّ أن ذلك تدميرٌ، وإن قيل على سبيل التبرير: كنتُ أبغي النصيحة والتغيير. فلينتبه كلُّ لبيبٍ لهذا المعنى. •••• ويلتحقُ بما سبق - ضربًا من المناسبة - مُستوى الإضاءةِ واتجاهها من المرآة، فالإضاءة المـُنخفضةُ قد تُخلُّ بجودة الصورة، وقد تُرهق عين الناظر فلا يُترجمُ الصورةَ على حقيقتها، وكذلك تصنع الإضاءةُ الباهرةُ، فإمَّا أن تُغشِيَ عين الناظر، وإمَّا أن تزيد الانعكاساتِ على وجه المرآة فتصنع نِقاطًا لامعةً تحول بين الناظر وبين صورته. وقد يكون مصدر الإضاءة خلف المرآة فتتركُ على جانبها المصقول ظلًا، وقد تكون خلف الرائي فتترك ظِلَّه هو على سطحها، لذا فأفضل مكان لها يكون بين الناظر والمرآة، على ألا تسمح زوايتها بانعكاساتٍ غير مُريحةٍ للعين. استصحبْ ذلك وأنت تنصحُ؛ فاجتنبْ مواطنَ الرِّيبةِ، واجتنبْ رءوس الأشهاد، واحترس أن تكون درجة اليقينِ عندكَ خافتةً فتلقي بالظنِّ تحسبه يقينًا مستقرًّا. [1] العقد الفريد (1/241).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |