الطعم والسمكة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60058 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 833 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 28-10-2020, 08:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي الطعم والسمكة

الطعم والسمكة


يونس بنحادة





كثيرًا ما تتبادر إلى ذهني أسئلة غريبة تثير الجدل، عن الحياة من بدأتها إلى منتهاها، عن الطبيعة التي تحيط بنا، عن ماهيتها وجدواها، وعن جوهر علاقتها الأزلية بالإنسان، فأقف عاجزًا أمام كل تلك الأسئلة المحيرة، التي لا أجد لها جوابًا في ذهني، والتي تغوص بي في بحر عميق من التأمل والتفكير.

أحيانًا أسمع صوتًا يهتف من داخلي مرددًا:
إن الطبيعة بمختلف عناصرها مرآة لحياة الإنسان؛ فهي ما خُلِقت في هذا الكون الممتد المليء بالأسرار، إلا لتنير له الطريق في دربه، وتفهمه طبائع نفسه وأسرارها، وتعلمه بعِبَرها وحِكَمها كيف يتعامل مع التحديات والعقبات التي تواجهه في مختلف فصول حياته... أحيانًا أتصور حياة الإنسان أشبهَ ما تكون بحياة سمكة تعيش في أعماق المحيط، وتسبح متنقلة من شط إلى شط، مكتشفة عوالم وكائنات جديدة مختلفة عنها، منها الصديقة ومنها العدوة، فربما تهاجَم من إحداها وتلاقي مصيرها الحتمي، أو ربما يغريها طُعم سنّارة غادرة فتبتلعه وتقع فريسة سهلة، وقد تُفلِت منه وتنجو بحياتها... كذلك حياة الإنسان مليئة بالمخاطر والعقبات، وفي ضوء كل التجارِب التي يمر بها، والاختيارات الصعبة التي يختارها في مختلف مواقف حياته، والتي قد تكون حاسمة - فإن هامش الخطأ ضئيل جدًّا... والأخطاء ربما تكون متدارَكة قابلة للعلاج إن كانت غير جسيمة، لكنها في بعض الأحيان قد تكونُ قاتلةً؛ مما يجعل علاجها مستعصيًا، وحين ذاك لا ينفع الندمُ!
♦ ♦ ♦ ♦


وقد كنتُ في بعض فترات حياتي السابقة تلك السمكةَ التي أبحرت في محيطها، وغاصت مكتشفة العالَم مِن حولها، كنت أعيش حياتي مستمتعًا بكل لحظة فيها، غيرَ آسف ولا نادم على شيء، وأخذت أتنقَّلُ من نزوة إلى نزوة، وأجرِّبُ كل شيء جديد، مفيد وغير مفيد، وعلقت بالطُّعم وأنا مفتون بسِحره، مستمتع بلذَّته، علقت به لبضعِ سنين، وكنت أقول لنفسي: إنها نزوة عابرة، أتذكر أني كنت أيامها في الثالثة والعشرين من عمري، عمري الذي مرت منه ثماني سنوات كلمح البصر، لا زلت أتذكر اليوم الأول الذي بدأت أدخن فيه أول لفافة حشيش، وأنا منبهرٌ بذلك الأثر السِّحري الذي تتركه في العقل والجسد من سعادةٍ واسترخاء لا أعرفُ كيف أصفهما، كأنك وبمجرد أن تنفث الدخان تسافر إلى عالَم سِحري كلُّ ما فيه جديد ولذيذ، عالَم ليس فيه مسؤوليات وتبِعات، ولا ضغوط وتوترات، ولا آلام وهموم، عالَم حرٌّ ومنطلِق إلى اللانهاية...

في بادئ الأمر كنت أحسُّ وسط كل تلك الأجواء أني مميز كثيرًا عن الآخرين، شأني شأن باقي عناصر "الشلة"، فلكي تكون أحدَ أفراد "الشلة" وتحظى بالاحترام والتقدير، عليك أن تنسى الأعرافَ والتقاليد، العُرف الوحيد الذي يجب عليك احترامُه هو عُرف "الشلة"، ولقد كان العُرفُ أن نخوض كل مغامرة جديدة مهما بلغت خطورتها؛ لمجرد المتعة والخروج عن نطاق المألوف، وانغمست في وحل الانحطاط و"الوساخة" عن غير وعي مني أو إدراك لخطورة الأمر، كنت أُمضي يومي في جو من الكسل والخمول غير مكترث بالمسؤوليات الملقاة على عاتقي، وأما الليل فكان يمرُّ وأنا غارق في سحابة كثيفة من الدُّخَان المنبعث من لفافات الحشيش، دخان لطالما عشقت رائحتَه منذ ذلك اليوم الذي ارتشفت فيه أول رشفة تفاعلَتْ معها كلُّ ذرات عقلي وقلبي؛ ليصير التفاعل بعد ذلك عشقًا أبديًّا يجري في شرايينِ دمِي، أو إدمانًا إذا صح التعبير، سواء كان عشقًا أم إدمانًا فالصفة أو الاسم هما وجهان لعملة واحدة، كل ذلك ليس مهمًّا؛ فالأسماء موجودة في كل مكان، المهم أني خرجت من هذه المعادلة كلها صِفْرَ اليدين.
♦ ♦ ♦ ♦


كانت الأيام تمر وأنا أزداد انغماسًا في بحر الإدمان، وأخذتِ الأمور تسوءُ بعد تراجع مستواي الدراسي، وبعد سيل من الإنذارات المتوالية نتيجة تغيُّباتي المتكررة عن الدراسة، وبدأت أخوض صراعاتٍ عقيمة مع كل مَن في البيت، البيت الذي صرتُ أراه جحيمًا حقيقيًّا، فبمجرد أن أدخل إليه تتوالى عليَّ الانتقاداتُ اللاذعة، وألوان من ألفاظ السب والشتم تجعلني أثُورُ كالبركان، فأصفِقُ الباب ورائي، وأخرج وأنا غيرُ مكترث بموجة الحنَقِ والتوتُّر التي تركتُها خلفي، وهكذا صِرْتُ أعيش حالة من الضياع تتقاذفُني فيها المشاكل من كل جانب... هل يستحقُّ الأمر كل ذلك العناء؟ هل أنا مجرم في حق نفسي ومَن حولي؟ أم أن ذلك هو الثمن الذي كان عليَّ دفعُه مقابل أن أصير عنصرًا مهمًّا في تلك "الشلة"؟ هل عليَّ أن أصير حُثالةً في نظر العالم كله حتى أحظى باحترام جماعةٍ من الحمقى لا همَّ لهم في الحياة ولا هدف يعيشون من أجله؟ وإن كان للمرء عمرٌ واحد يعيشه، فهل يجدر به أن يعيشَه على هذا النحو من الاستهتار واللامبالاة وانعدام المسؤولية؟

وعلى هذا النحو صِرتُ أعيش صراعًا داخليًّا بين ما أنا عليه، وما يتوجَّب عليَّ أن أكونَ عليه، وتضاربًا نفسيًّا بين سلوكي الذي صار جزءًا لا يتجزأ من طبائعي، وبين ما يفرضه الواقع وأراه عينَ الصواب في ظل الأزمة النفسية الراهنة تعلمت شيئًا مهمًّا، شيئًا غيَّر مجرى تفكيري وجعَلني أرى الأمورَ على حقيقتها، وهو أن أجلس مع نفسي ساعات طوالاً لأسائلَها وأحاسبها على أخطائي، لأروِّضَها وأكبَح جماحها، لأتعلَّم كيف أحكِّم عقلي قبل قلبي، وأنظر إلى الأمور من زاوية أبعدَ، وأقدر نتائج سلوكاتي قبل القيام بها تفاديًا للوقوعِ في المزيد من الأخطاء.
♦ ♦ ♦ ♦


وكان عليَّ أن أطبِّق ما تعلمته، كان عليَّ أن أخوض رهانًا كبيرًا حتى أغير من نظرة المجتمع لي، ومرت الأسابيع فالشهور وأنا أحاول البدء من جديد، وأجاهد نفسي لأنتشلَها من مستنقع الوحلِ الذي انغمستُ فيه لسنوات... وأخيرًا انفصلتُ عن "الشلة" تاركًا أكثر من علامة استفهام على الأذهان، وانخرطتُ في أحد النوادي الرياضية الذي يقع مقرُّه في الحيِّ المجاور لحيّنا؛ مما أتاح لي فرصةَ تغيير الجو، وتكوين علاقات صداقة مع أشخاص جُدُد يختلفون عن سابقيهم ممن كنتُ أراهم مَثلي الأعلى.

وأصبحت أستشعر نفَسًا جديدًا يدب في أوصالي، ولم يعُدِ البيت جحيمًا لا يطاق كما كان يصوِّرُه لي عقلي الباطن، ولا المسؤوليات الملقاةُ على عاتقي أعباءً كبيرة تُثقِله، وتغيَّر سلوكي الطائش ونزعتي إلى العدوانية والعصبية إلى سلوكٍ أكثرَ هدوءاً وتعقلاً، وأحسست بنَشوة عظيمة وأنا أرى نظرةَ المجتمع لي تتغير شيئًا فشيئًا، وكان ذلك أولَ انتصارٍ أحقِّقُه في أهمِّ وأصعبِ معاركي في الحياة.


حقيقة أقول لكم وأنا الذي لم أترك أية حماقة إلا وجرّبتُها: إن قيمة حياة الإنسان لا تقاس بمعدل السنوات التي عاشها، بل بحجمِ ما حقَّقه من انتصارات ونجاحات؛ فتلك هي القيمةُ المضافة التي تثمِّنُ هذه الحياة وتجعَلُها حياةً ذاتَ معنى، وأما الأخطاءُ التي نقع فيها فهي لا تُعَدُّ عيوبًا ولا نواقص؛ لأن كلَّ إنسان معرَّض للخطأ، بل إن العيبَ هو أن نتمادى في تلك الأخطاء بجهلِنا وتغافُلِنا عن تداركها ومعالجتِها، فيصير حالنا كحالِ سمكةٍ مسكينة سعَتْ خلف هواها وأعماها جهلُها عن فهم حقائقِ الأمور، فصارت عِبرةً لغيرها.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.81 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.84 كيلو بايت... تم توفير 1.98 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]