القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من احداث - الصفحة 14 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836806 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379363 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191145 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 660 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 945 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1094 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 837 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > فلسطين والأقصى الجريح

فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #131  
قديم 25-12-2019, 03:47 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح


صور وفيديو| انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للمقدسات لا تنتهي.. وتحذيرات من حرب دينية

Developed By Heba Musa

http://media.masr.me/gdWRHDidzXM



الكثير من الانتهاكات والمجازر قام بها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين منذ بداية الصراع عام 1897، وعلى الرغم من المؤتمرات والدعوات والمجهودات الدولية، إلا إن هذه الانتهاكات لم تتوقف يوما واحدًا، وتتكرر على مسمع ومرئي من العالم، وأحيانًا بتشجيع ومباركة من بعض قادته.

وفقًا للناطق باسم وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية حسام الحياري، فإن الاقتحامات المتكررة لقوات الاحتلال واليهود المتطرفين للمسجد الأقصى هي «محاولات لفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك».


وأضاف في بيان نقلته موقع قناة المملكة الأردنية، الثلاثاء 24 ديسمبر، أن الوزارة تستنكر اقتحامات اليهود المتطرفين للمسجد الأقصى بشكل ممنهج، محذرة من أن هذا يمثل استفزازا للمسلمين، وانتهاكا لحرمة الأقصى.


وأضاف: «ما يقوم به المتطرفون والمستوطنون بحماية شرطة الاحتلال من اقتحامات للمسجد الأقصى المبارك وساحاته، ومحاولتهم القيام بطقوس تلمودية، واستخدام مكبرات الصوت، واستفزاز المصلين وجميع المسلمين من خلال بث هذه الطقوس مباشرة عبر الهواتف، تكريس لهذا الأمر الممنهج المرفوض».


جاء ذلك البيان بعد اقتحام عشرات المستوطنين الثلاثاء 24 ديسمبر، باحات المسجد الأقصى - الحرم القدسي الشريف.


اقتحامات للمتطرفين


ووفقًأ لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» الثلاثاء 24 ديسمبر، قاد المستوطن المتطرف «يهودا جليك»، اقتحاما جديدا للمسجد الأقصى المبارك، برفقة عشرات المستوطنين.


وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، إن المتطرف جليك اقتحم الأقصى مع 211 مستوطنا، وقائد شرطة الاحتلال في القدس «دورون يديد»، وعدد من ضباطه، من جهة باب المغاربة، ونفذوا جولات استفزازية داخل باحاته، وغادروه من باب السلسلة.


وقالت مصادر محلية، إن قوات الاحتلال سلمت عددا من الشبان والشابات بلاغات، لمراجعة مخابراتها؛ بحجة تواجدهم في باحات الأقصى.
وتأتي هذه الاقتحامات في سياق حملة دعا إليها مستوطنون لتصعيد عمليات الاقتحام للأقصى، تزامنا مع عيد «الحانوكاه»العبري، الذي يستمر لنحو أسبوع.

انتهاكات لحقوق الإنسان..ومنع من السفر
قال مركز الدفاع عن الحريات والحقوق «حريات»، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، منعت 7984 شخصا من السفر خلال السنوات الخمس الماضية، 9% من بينهم نساء.

وأكد "حريات"، أن 310 حالات منع سفر وثقت منذ بداية العام الجاري من بينها 7 نساء، مشيرا إلى أن هذا التوثيق لحالات منع فردية، ويستثنى حالات المنع الجماعي التي كانت تطال أحياناً محافظة بأكملها كما حصل في محافظة الخليل عام 2014.

وأضاف انه يواصل جهوده في مناهضة سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بتقييد حرية الحركة والتنقل، بما في ذلك منع السفر المستمر منذ عقود وعلى نحو يطال عشرات الآلاف من المواطنين، ويلحق ضررا فادحا في مسارات رئيسية من حياتهم.

وبين مركز "حريات" أن ما تقوم به سلطات الاحتلال يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي أكدتها أحكام القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.


ولفت إلى أنه قدم المساعدة القانونية لـ130 مواطنا ومواطنة ممنوعين من السفر، ونجح في رفع حالة المنع عن 57 شخصا منهم 9 نساء، فيما تم رفض 42 شخصا وما زالت بقية الحالات الأخرى قيد المتابعة.

التحذير من حرب دينية



وحذر مدير المسجد الأقصى المبارك الشيخ عمر الكسواني من إشعال فتيل الحرب الدينية، لربط اقتحامات المستوطنين الأقصى المبارك بالأعياد اليهودية، مطالبا الدول العربية والإسلامية القيام بواجبها في حماية المسجد، وفقًأ لوكالة معًا الفلسطينية، الثلاثاء 24 ديسمبر.


وأضاف الشيخ عمر الكسواني في تصريحات :«ما يتم في الأقصى من اقتحامات وحجز هويات وملاحقات للمصلين بقوة السلاح، لا يعطي للجماعات المتطرفة وللشرطة أي حق في الأقصى، فهذا المسجد وبقرار رباني هو مسجد إسلامي».


وحمل الشيخ الكسواني حكومة الاحتلال مسؤولية ردود الأفعال، بسبب الاقتحامات والاستفزازات اليومية في الأقصى.


وقال الشيخ الكسواني :«اليوم هو يوم حزين على الأقصى، لاستباحته من قبل المستوطنين المتطرفين، فالجماعات المتطرفة وقوات الاحتلال تريد فرض واقع جديد بالمسجد، إلا أن موظفي الأوقاف الإسلامية والمصلين ورغم ما يواجهونه يرابطون ويواجهون ما يحدث في المسجد ويقومون بواجبهم فيه».



ودعا الشيخ الكسواني الى شد الرحال إلى الأقصى والصلاة والتواجد فيه، فالتواجد يبدد المخططات الهادفة لفرض واقع جديد في الأقصى من قبل الجماعات المتطرفة، وقال :«نحن باقون وهم راحلون وسيبقى رباطنا لحماية إسلامية وعروبة الأقصى المبارك».


وكثفت جماعات الهيكل المزعوم خلال هذه الأيام، من دعواتها لتنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى المبارك، خلال فترتي الاقتحامات الصباحية وبعد الظهر، بمناسبة أسبوع «عيد الأنوار/ الحانوكاة».













__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #132  
قديم 10-01-2020, 12:12 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح

رغم المحن والآلام - المستقبل للإسلام


د. محمود بن أحمد الدوسري










شرَّف الله -تعالى- نبيَّه الكريم صلى الله عليه وسلم ، وأظهر دينه على الأديان كلِّها إلى يوم القيامة؛ لكونه سيِّد ولد آدم، وإمامَ النبيين وخاتَمهم، ولكون رسالته عالميَّةً، ومحفوظةً إلى يوم الدِّين، بينما الرسالات السابقة كان ظهورها جزئيًّا مؤقَّتاً؛ لأنها ليست عالميةً، بل هي رسالات قومية محدودة بزمن مُعين؛ لذا اندثرت وانمحت تعاليمها الأصلية، لدخول الزيادة والنقص والتحريف إليها، وقال الله -تعالى- عن هؤلاء المُحرِّفين: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}(المائدة: ١٣).
ومن الأدلة على إظهاره لدين نبيه الكريم على الأديان كافة: قوله -تعالى-: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(التوبة: 32، 33)؛ فالآية مُستأنفة بصيغة القَصْر، بمعنى أنَّ الله -تعالى- هو وحده، لا غيره الذي أرسَلَ رسولَه محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا النور، وبهذا الدِّين؛ فكيف يَترُك لمعانديه أن يطفئوا هذا النورَ العظيم، نورَ الإسلام؟
أشرف الأديان وأفضلها
وعبَّر عن الإسلام: {بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ }(التوبة: 33)، تنويهاً بفضله، وتعريضاً بأنَّ ما هم عليه ليس بهدًى ولا حقٌّ، وفِعْلُ الإظهار في قوله: {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّه}(التوبة: 33)، عُدِّي بِـ{عَلَى}(التوبة: 33)؛ فيكون مُضَمَّناً معنى النَّصر، أو التَّفضيل، أي: «لِينصُرَه على الأديان كلِّها، أي: ليكون أشرفَ الأديان وأفضلها وأغلَبَها، والمعنى: لِيُعْلِيه على سائر الأديان، بالحُجَّة والبرهان، والسَّيف والسِّنان، وإنْ كَرِه المشركون ذلك، وبغُوا له الغوائل، ومكروا مكرهم؛ فإنَّ المكر السَّيئ لا يضرُّ إلاَّ صاحبَه؛ فوَعْدُ اللهِ لابدَّ أنْ يُنجزه، وما ضَمِنَه لا بدَّ أنْ يقوم به»، ولقد أنجز اللهُ -عز وجل- وعدَه، وصَدَقَ عبدَه؛ فلم يبق دينٌ من الأديان، إلاَّ وهو مغلوبٌ مقهور بدِين الإسلام.
أهلُ المِلَل
لقد دخل أهلُ المِلَلِ في كثير من الأقطار دينَ الإسلام، بالرغم من كراهية أقوامِهم وعظماءِ مِلَلِهم ذلك، ومقاومَتِهم إيَّاه بكلِّ حِيلة، ومع ذلك فقد ظَهَرَ وعلا، وبانَ فضلُه على الأديان التي جاوَرَها، وسَلِمَ من الخرافات والأوهام التي تعلَّقوا بها، وما صلحت بعضُ أمورهم إلاَّ فيما قلَّدوه من أحوال المسلمين وأسباب نهوضهم.
إظهار الله -تعالى- لدينه
ومن الأدلة على إظهار الله -تعالى- لدين نبيِّه الكريم على سائر الأديان: قوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِي الأَرْضَ؛ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زَوَى لِي مِنْهَا».
قال النووي -رحمه الل: «فيه إشارةٌ إلى أنَّ مُلْكَ هذه الأمة يكون مُعْظَمُ امتدادِه في جهتي المشرق والمغرب، وهكذا وقع، وأمَّا في جهتي الجنوب والشمال؛ فقليلٌ بالنسبة إلى المشرق والمغرب»، وقيل: «إنَّ الأرض زُوِيَت لي جملتُها مرةً واحدة؛ فرأيتُ مشارقَها ومغاربها، ثم هي تُفتح لأمتي جزءاً فجزءاً، حتى يصل مُلْكُ أُمَّتي إلى كلِّ أجزائها»، وقوله صلى الله عليه وسلم : «لَنْ يَزَالَ أَمْرُ هذه الأُمَّةِ مُسْتَقِيمًا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، أو حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ على الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ»، وقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم ، ولله الحمد؛ فلم تزل هذه الطائفة من زمنه وهلمَّ جَرّا، ولا تزول حتى يأتي أمرُ الله -تعالى-، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قال: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ - عليه السلام-؛ فيقول أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا؛ فيقول: لاَ، إِنَّ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ أُمَرَاءُ؛ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هذه الأُمَّةَ».
الخلاصة: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن - وهو الصادق المصدوق - أنَّ هذا الدِّين سيظهر على كثير من البقاع في مشارق الأرض ومغاربها، وهو ما حدث إلى يومنا هذا حتى قيام الساعة.
سؤال مهم
والسؤال هنا: ماذا يقتضيه إظهارُ الإسلام على سائر الأديان؟ وماذا يعني ذلك؟ إنَّ من مقتضيات إظهار دين النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الأديان أمور عدة من أهمها:
- عظيم قُدرةِ الله -تعالى- الذي تكفَّل بإظهار دين نبيِّه صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان واستمراره، رغم المكر الكُبَّار من الكُفَّار، كما قال -سبحانه-: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ}(إبراهيم: ٤٦).
- عظيم مكانة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربِّه الذي شرَّفه بهذا الدِّين، وأظهره على سائر الأديان، وشرَّف أُمَّته من بعده.
- كمال دين الإسلام وصلاحيته لإسعاد البشرية إلى يوم القيامة؛ بسبب حِفْظِه، وإظهاره على الأديان.
- فيه إثباتٌ أن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، وأنه مبعوثٌ إلى العالَمين؛ حيث أظهر اللهُ -تعالى- دينه على سائر الأديان.
- أنَّ دين الإسلام ناسخ للأديان السابقة، ومهيمن عليها.
- إظهار دين محمدٍ صلى الله عليه وسلم على سائر الأديان، مُنْسَجِمٌ ومُتَّفِقٌ مع حفظِ الله -تعالى- لِوَحيه، المتمثل في الكتاب والسنة، وفيه ثقةٌ مطلقة عظيمة بهذا الدِّين القويم، وبراءة من الشك الذي تورَّط فيه غيرنا.
-رحمةُ اللهِ تعالى- بالناس أجمعين؛ حيث حَفِظَ لهم الدِّين القويم، وأبقاه ظاهراً بالحجة والبيان إلى يوم الدِّين.
- أن يندفع المسلمون إلى نشر نور الإسلام في كل مكان؛ لأنَّه الأظهر والأبقى والأحق بالاتباع، كما فَعَل ذلك صدر هذه الأمة من الصحابة وتابعيهم بإحسان.
- بما أن الأمة الإسلامية امتلكت مقومات الظهور المعنوية والعلمية؛ فهي قادرة على امتلاك مقومات الظهور المادية، متى ما أخلص المسلمون عملهم لله، وتهيَّئوا له على المستويات كلها، وسخَّروا إمكاناتهم الهائلة كلها لخدمة الدِّين ونشره.
الإسلام ظاهِرٌ بالحجَّة والبيان
وبالرغم من ظهور الكفار وغَلَبَتِهم ماديًّا، وسيطرتهم على المنافذ الماديَّة كلها، إلاَّ أنَّ دين الإسلام - مع ذلك كله - ظاهِرٌ بالحجَّة والبيان، وظاهِرٌ بما فيه من صفاتٍ تُناسب فِطَرَ الناس وحاجاتهم المادية والمعنوية؛ مما كان له أكبر الأثر في اعتناق الناس المتزايد لدِين الإسلام من الأوربيين، وهذه بعض الإحصاءات الحديثة تشير إلى انتشار الإسلام في نطاق واسع من أوروبا، مصداقاً لقوله -تعالى-: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(الصف: ٨، ٩).
إحصاءات ومبشرات
وهناك العديد من الإحصاءات الصادرة عن جهاتٍ رسميةٍ تُمثِّل حكوماتِ دُوَلِها تدلُّ على إظهار دين الله -تعالى- على الدِّين كلِّه كما وعد -سبحانه-، وهو -سبحانه وتعالى- ناجِزٌ وعدَه لا محالة.
المسلمون الفرنسيون
في دراسةٍ أعدَّتها وزارة الداخلية الفرنسية تقول: إن أكثر من 3600 فرنسي يعتنقون الإسلام سنويًا، وأكدت الدراسة أن المسلمين الفرنسيين أكثر التزامًا، وتندر الجريمة في أوساطهم، وقد أصبح الإسلام الدِّين الثاني بعد المسيحية بفرنسا، وهناك توقعات بأن يُمثِّل المسلمون ربع سكان فرنسا.
5000 آلاف دنماركي
أكدت صحيفة (البوليتيكن) الدنماركية: أنَّ عدد الدنماركيين الذين يعتنقون الدين الإسلامي يتزايد يومًا بعد يوم، وأنَّ مواطنًا دنماركيًا واحدًا على الأقل يختار اعتناق الدين الإسلامي يوميًا، كما أنَّ عدد الدنماركيين الذي تحوَّلوا للإسلام منذ نشر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم تجاوز 5000 آلاف دنماركي.
الشريعة الإسلامية في بريطانيا
كما ألْغَتْ بريطانيا مصطلح الإرهاب الإسلامي، والإشارة إليه بوصفه إرهابا عنيفا، وعدَّلَتْ قوانين الإرث بناءً على اعترافها بتعدد الزوجات، ويبدو أن الشريعة الإسلامية قد جذبت إليها الكثيرين في بريطانيا، الأمر الذي تؤكِّده دعوة (روان ويليامز) كبير أساقفة كنيسة كانتربري: إلى تطبيق بعض جوانب الشريعة الإسلامية في بريطانيا، معتبرًا أنه أمر لا يمكن تجنبه، قائلاً - في حديثٍ له مع إذاعة الـ BBC في فبراير 2008: «إن تطبيق الشريعة الإسلامية أمرٌ لا مفر منه، لتماسك المجتمع البريطاني».
المسلمون في روسيا

يبلغ عدد المسلمين في روسيا 23 مليون مسلم، أي: ما يمثل 20% من عدد السكان، وتتوقع مجلة (إكونوميست) البريطانية أن يُمثِّل المسلمون غالبية أفراد القوات المسلحة الروسية بعد ستة أعوام، وفي شهر يوليو من عام 2008م نشرت جريدة (برافدا) الروسية مقالاً بعنوان: (الإسلام سيكون دِينَ روسيا الأوَّل مع حلول عام 2050).

الفطرة السليمة
وهكذا نجد أنَّ هذا الدِّين الذي ما زال أعداؤه يكيدون له المكائد، ويُدبِّرون المؤامرات من أجل القضاء عليه؛ فيُجيِّشون الجيوش، ويُنفِقون الملايين، بل والمليارات، هذا الدِّين نفسُه يغزوهم في عقر دارهم دون دعوةٍ أو جُهدٍ يُبذل، لوضوحه وقُوَّتِه، وموافقتِه الحقَّ الذي أودعه اللهُ -تعالى- في الفطرة السليمة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #133  
قديم 16-01-2020, 02:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح

أوروبا تستغل الفقر للتنصير في إندونيسيا




أجرت البيان حواراً مع محمد نور صالح نائب رئيس مدينة تيغال الواقعة وسط جافا الوسطى في أندونيسيا. صالح المولود في1957 والذي شغل منصب رئيس حزب غولكاز في المدينة من عام 2009-2015 والمستشار السياسي البارز إضافة لعمله نائباً لأمين وزارة الدفاع الأندونيسية من 1998-2004، وهو عضو جمعية نهضة العلماء الأندونيسية التي تتمتع بنفوذ سياسي هائل، وله مواقف كثيرة معارضة لمواقف الجمعية خصوصاً فيما يتعلق بالتطبيع مع الكيان الصهيوني، ويعتبر صالح من المناهضين لعمليات التنصير الممنهجة التي تتعرض لها أندونيسيا، ويسعى باستمرار لتعزيز نفوذه داخل غولكاز للوصول إلى مستوى سياسي كبير.
مراسل البيان زار غولكاز في بيته وأجرى معه حواراً مطولاً حول رأيه في العديد من المواقف السياسية في ظل التغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والدول الإسلامية خصوصاً حيث تعتبر أندونيسيا أكبر الدول الإسلامية في العالم، ورابع دولة من حيث عدد السكان، وطرح مراسل البيان عديد الأسئلة على صالح.
البيان: أنتم كأكبر دولة إسلامية في العالم ألا تتخوفون من محاولات متعمدة لأطراف خارجية لتقليص دوركم؟
حقيقة نحن اتفقنا في بيننا بالرغم من تعداد سكاننا الكبير والذي قارب على 400 مليون نسمة على التعايش، الشعب الأندونيسي شعب مسالم في طبيعته، واتفقت كافة الأطياف والأحزاب على التعايش تحت شعار التنمية الاقتصادية للبحث عن مركز مهم وصاعد في الاقتصاد العالمي فتوفير العمل للناس والحد من الفقر والبدء بتنمية البنى التحتية ودعم الاقتصاد المحلي هو الشعار الأول التي ترفعه كافة الأحزاب السياسية الأندونيسية.
البيان: لكن ليس لكم دور اقتصادي مع الدول الإسلامية، حيث من الممكن تشكيل تحالف اقتصادي قوي يدعم الشعوب المضطهدة ويخفف وطئة التبعية للدول الكبرى؟
هذا سؤال مهم، ونحن لنا تأثير قوى ولعلك تتذكر تحالف قوى الجنوب والتي قررت وقف صادراتها النفطية للدول الغربية في مؤتمر "التعاون الاقتصادي" عام 1975 بقيادة أندونيسيا، اليوم هناك آفاق جديدة للتشارك والتقارب الاقتصادي بين الدول الاسلامية والعربية، خصوصاً آفاق الاستثمار، وقد تواصلنا بهذا الشأن مع رئيس الدولة لعقد تحالفات اقتصادية مع دول المشرق.
البيان: أندونيسيا الدولة الإسلامية الأكبر هل تعاني اليوم من حملات تنصير ممنهجة؟
نعم التنصير موجود خصوصاً في المدن الكبرى، وهناك حملات تنصيرية مدعومة من الغرب خصوصاً أوروبا تستغل حاجة الناس القرويين الفقراء، وتوزع عليهم المساعدات الغذائية والملابس وكتب الإنجيل، ولا تنسى الاستعمار الهولندي السابق لأندونيسيا، فما زالت بعض المراكز الهولندية تساعد في حملات التنصير، ولكن الناس بطبيعيتها وفطرتها مسلمة وتحب الإسلام، وهي تأخذ المساعدات لحاجتها وترفض اعتناق المسيحية، الحكومة قامت بدور كبير في محاربة هذه الظاهرة حيث ابتدأت بتوزيع المساعدات على فقراء القرى، وانشاء المساجد والمعاهد الإسلامية في تلك المناطق، ضمن خطة واضحة لمحاربة التنصير.
البيان: ماذا عن المد الشيوعي في أندونيسيا أقصد الصين؟
ج: يوجد صينيون هنا بشكل كبير، وهم متنفذين في الاقتصاد والمشاريع، وكل يوم تأتي أفواج من الصينيين ويتزايد عددهم، هم لا يدعون إلى الشيوعية بشكل واضح ولكن هناك تخوف من الزحف الصيني، وهناك في المقابل صينيون يدخلون في الإسلام أعرف في مدينتي كل فترة يدخل صينيون في الإسلام نتيجة المعاملة الحسنة من الأندونيسيين، ولا أستطيع انكار خطورة التنصير والشيوعية، وهذا دور كبير يقع على عاتق الحكومة للتصدى بمشاريع تنموية إسلامية ودعم المراكز الإسلامية في أندونيسيا، والمساجد هنا في كل مكان والآذان يرفع على مدار مواقيت الصلاة.
البيان: كيف تتعاطى أندونيسيا مع قضايا المسلمين في العالم؟
في قضية ميانمار كنا نتواصل على مدار الساعة مع الجهات الرسمية والأطراف الدولية لوقف المجازر بحق مسلمي الروهنغا، وزار وزير الخارجية الأندونيسي مخيمات لاجئي الروهنغا في بنغلادش، وكان ومازال هناك ضغوط كبيرة على حكومة ميانمار لوقف الجرائم، وتهديدهم بالقوة تارة، وقررنا دعم الديمقراطية هناك لاحلال السلام، فنحن كلمة السر والمفتاح الرئيسي لتطويق الأزمة وانتهائها، وقد رفعنا القضية في الأمم المتحدة وتواصلنا مع كافة المسلمين في العالم لإنهاء هذا الصراع، ولا تزال الجهود مستمرة، وكذلك نحن نقدم المساعدات بشكل دائم لمسلمي سوريا المهجرين واليمن وفلسطين، ونحاول قدر المستطاع الوقوف إلى جانبهم من خلال المؤسسات والجمعيات الخيرية والإغاثية الأندونيسية التي تتواصل مع المؤسسات العالمية، نحن جزء مهم من العالم الإسلامي، وتهمنا قضايا المسلمين في كل مكان.
البيان: داعش وصلت إلى الفلبين هل هناك تخوف من قدومها لأندونيسيا؟
الجميع يعلم أن داعش صناعة استخباراتية، والخطر الكبير في داعش أنها فكرة قد تتولد في أي مكان دون ضرورة الإرتباط تنظيماً بأطرافها في دول أخرى، وداعش تمثل خطر على أي مكان مستقر في العالم، ونحن دولة إسلامية تدعم الإسلام والمسلمين ومجتمع وسطي،وليس لنا عداوة مع أحد تستدعي تواجد هذه الفكرة الخطرة لدينا، ولكن الحذر مطلوب دائماً.
البيان: أنت أحد أعضاء جمعية نهضة العلماء التي دعت للتطبيع مع الكيان الصهيوني ما رأيك في مثل هذه الدعوات؟
أنا كنت ضد موقف عبد الرحمن وحيد رئيس جمعية نهضة العلماء، وأنا أرفض الإعتراف بالاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين المسلمة، ففلسطين أرض إسلامية أولاً وأخيراً، ونحن علاقتنا مع الفلسطينيين علاقة اسلامية أولاً، كذلك كثير من النخبة السياسية ترفض الخطوات التطبيعية التي تحصل، ونحن نعمل على معارضتها كلياً، وتعرضت نهضة العلماء لانتقاد كبير من أطياف مختلفة من الأندونيسيين خصوصاً بعد موقفها من العلاقة مع الاحتلال الصهيوني، وهناك حراك صهيوني خفي لمحاولات تطبيع علاقة مع الأندونيسيين، فلسطين قضية حاضرة في قلب المسلمين، فهي قبلتهم الأولى ومسرى ومعراج نبيهم، هي مكان إسلامي مقدس كما بيت الله الحرام في السعودية، صحيح أن أخبار فلسطين قد تصل الأندونيسيين مشوهة أو متأخرة نتيجة ضعف المواقع الإعلامية الناطقة بالأندونيسية لتغطية الأخبار أول بأول، وعدم اتقان المجتمع الأندونيسي للغة العربية إلا أنها قضية محورية ومركزية، تلاقي حب ودعم كافة الأندونيسيين بكافة توجهاتهم.
البيان: ما هي أوجه الدعم لقضية فلسطين؟
نحن نتابع باستمرار ما يتعرض له المسجد الأقصى من عمليات تهويد، وما يتعرض له المقدسيين من تضييق واعتقال وفرض للضرائب، ونضع في سلم أولوياتنا دعم صمود المقدسيين في المدينة المقدسة لأنهم خط الدفاع الأول، نستضيف بشكل مستمر ودوري خطباء المسجد الأقصى لمعرفة الأوضاع هناك، وقد دعمنا في رمضان العديد من الفعاليات في المسجد الأقصى كإفطار الصائمين، وبالتعاون مع مؤسسات اسلامية أخرى، وأيضا نحن نرسل المساعدات الإغاثية بشكل مستمر للمحاصرين في غزة، وقد نفذنا عدة مشاريع هناك كمشروع المستشفى الأندونيسي، نعلم أن مأساة غزة كبيرة، والوضع السياسي والاقتصادي صعب للغاية، لذلك يجب أن تستمر هذه الجهود لدعم الفلسطينيين، حيث تشارك أندونيسيا بشكل كبير في القمم الإسلامية لدعم قضايا المسلمين، آخرها القمة الإسلامية في مارس 2016 والتي خصصت جزء كبير منها لدعم قضية فلسطين.
منقول
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #134  
قديم 18-01-2020, 02:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح

مصير دولة الاحتلال الصهيوني في القرآن الكريم




أبو الحسن هشام المحجوبي و وديع الراضي





بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعرج به إلى السموات العُلا، والصلاة والسلام على نبيه المرتضى، وآله وصحبه أهل الصلاح والوفا، وبعد:
فقد قال سبحانه: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا * فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا * ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا * إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا *عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 4 - 8].

قال تعالى: ﴿ وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾: قيل: "في الكتاب": اللوح المحفوظ، وقيل: التوراة، وقيل: القرآن، وجميعها صحيح؛ أيْ: كتَبَ اللهُ هذا الأمر في اللوح المحفوظ والتوراة والقرآن.

﴿ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾؛ أيْ: إنَّ الله تعالى علِم أن اليهود سيفسدون مفسدتين عظيمتين، يقترفون فيهما أقبح الذنوب والآثام؛ كالشرك بالله، وتحريف التوراة والإنجيل، وقصد إضلال الناس، والسعي إلى نشر الربا والفواحش، وتعاطي السحر، وأكل أموال الناس بالباطل، وإشعال الحروب، وقتل النساء والأطفال والأبرياء بغير حق، وهذه المفاسد مقترنة بتكبُّر واستعلاء، فمِن عقائدهم أنهم شعب الله المختار، وغيرهم من الأمم حيوانات وحشرات خلقها الله على صورة البشر؛ كي لا تؤذي بصرهم.

﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ﴾ [الإسراء: 5]، ﴿ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ﴾؛ أَيْ: ملكوها وساروا بينها، وقعت المفسدة الأولى في بني إسرائيل - والله تعالى أعلم - بعد وفاة سليمان عليه السلام؛ إذ انتشر فيهم قتل الأنبياء وتحريف التوراة وتعاطي السحر واقتراف الفواحش وأكل الحرام، فسلَّط عليهم الله تعالى بختنصر ملك بابل، فقتل منهم طائفة كبيرة، وأسَر طائفة، وشرَّد الباقي، وتحتمل الآية - والله تعالى أعلم - أن المفسدة الأولى عند بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كذَّبه اليهود في المدينة وخانوه وحاولوا قتله وعملوا على تفريق أصحابه بإحياء صراعات الجاهلية، فسلَّط الله عليهم رسوله والمؤمنين، فقتلوهم شر قِتلة في غزوة خيبر.

﴿ ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا ﴾ [الإسراء: 6]؛ أَيْ: إنَّ الله سينصر اليهود على المسلمين بسبب تضييع المسلمين لدينهم، ويُغدِق الدنيا على اليهود ويجعل حلفاءهم أكثر من المسلمين، وقد وقع هذا في سنة 1948 م؛ حيث احتل اليهود بيت المقدس وفلسطين كاملة وبعض الأراضي العربية في الحروب التي شنَّتها عصابات الهاغانا، والجيش الإسرائيلي في حرب الأيام الستة سنة 1967 م.

﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ﴾ [الإسراء: 7]؛ أيْ: إن تاب اليهود في هذه الفترة وأسلَموا واتَّبعوا النبيَّ الأميَّ الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويُحل لهم الطَّيبات ويُحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم، فقد أحسَنوا لأنفسهم وأهليهم، وإن أساؤوا بإصرارهم على كفرهم وطغيانهم، فقد أساؤوا لأنفسهم وأهليهم.

﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 7]، ثم يقترف اليهود المفسدة الثانية التي نعيشها في هذا الزمان، فهم يقفون وراء كل منكر على وجه الأرض، ويشنُّون حروبًا ظالمة على الأبرياء والمستضعفين في غزة والضفة الغربية، فيقتلون الأطفال والنساء، ويهدمون البيوت، ويحرقون الأشجار، ويفِرُّون من المقاومة، فينتصر المسلمون إن شاء الله عليهم ويُذلُّونهم ويهينونهم ويقتلون فيهم ما استطاعوا لذلك سبيلاً، ويَدخلون المسجد الأقصى كما دخله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهذا سيقع في معركة عظيمة تُسمَّى عند اليهود بهرمجدون، تُحرَّر فيها فلسطين وبيت المقدس ويُردُّ الحق فيها لأهله، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، حتى يقول الحجر وراءه اليهودي: يا مسلم، هذا يهودي ورائي فاقتله))، وزاد مسلم: ((إلا الغرقد؛ فإنه من شجر اليهود)).

﴿ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ ﴾: الخطاب موجَّه للمسلمين؛ أيْ: إن الله سيرحم المسلمين الذين تمسَّكوا بدينهم وصبروا على أذى اليهود؛ لأنَّ "عسى" في كلام الله تفيد التحقيق، ﴿ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا ﴾؛ أيْ: إن عدتم أيها المسلمون إلى دينكم، فسنعود إلى نصركم، قال سبحانه: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، وفي آية أخرى: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، وتحتمل الآية: إن عدتم أيها اليهود إلى الإفساد مع الدجال، فسنعود إلى إهلاككم على يد عيسى عليه السلام والمؤمنين، قال صلى الله عليه وسلم: ((يتْبَع الدجالَ سبعون ألفًا من يهود أصبهان))، وفي بعض الروايات أن الدجال يقاتل المسلمين بجيش من اليهود والمنافقين، فينزل عيسى عليه السلام على المنارة البيضاء بدمشق ويقاتلهم، وبمجرد رؤيته يذوب مثل الملح، فيصيبه عليه السلام بسهم ليرى الناسُ دمَه.

﴿ وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا ﴾؛ أيْ: لليهود ومن كان على نهجهم من الكفار والمنافقين سجنًا ومِهادًا لا يخرجون منها.

نَسْأَلُ الله تعالى أن يتقبَّل منا جميعًا وأن يعلِّمنا ما جَهِلْنَا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #135  
قديم 22-01-2020, 10:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح

بنو إسرائيل وأسطورة التعلق ببيت المقدس


لما خرج بنو إسرائيل من مصر يقدُمهم كليم الله موسى عليه السلام، ووقفوا أمام اليَمِّ عاجزين، أمر الله نبيه أن يضرب البحر بعصاه فانفلق فكان كلُّ فرق كالطود العظيم.

لكنهم ما إن جفت أقدامهم حتى سألوا نبيهم قائلين: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ}، ثم عتوا فقالوا: أرنا الله جهرة، ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات.
فلما دعاهم إلى دخول الأرض المقدسة قائلًا: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْـمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21]، أجابوه: {قَالُوا يَا مُوسَى إنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 22].
زهدٌ في أرض الأنبياء التي باركها الله، مع جبنٍ وخوَرٍ، وبُعدٍ عن منهج الله، وتمرد على النبوة. لقد كان حب الدنيا قد تملك شغاف قلوبهم حتى زهدوا في بيت المقدس خوفاً من أن يحال بينهم وبين ما يشتهون.
ولذا عاش اليهود أذلة بين الأمم لا يجرؤون إلا على الأنبياء وأتباعهم لقِلَّتهم. وقد وصف الله عز وجل حرصهم على الحياة رفيعةً كانت أم وضيعةً، فقال: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أْن يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 96].
وما تخلُّفهم عن دخول الأرض المقدسة، أرضِ الرسالات، إلا مظهرٌ من مظاهر هذا التعلق بالدنيا، ولهذا أجابوا نبي الله بقولهم: {قَالُوا يَا مُوسَى إنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24].
وهو جوابٌ جامعٌ للشخصية اليهودية: فهي جريئة على الله، جبانة عن عباده. فكيف يُظن بمن جَبُن عن دخول الأرض المقدسة في زمن كليم الله أن يقاتل من أجلها تعبُّداً بعد وفاته بأكثر من ثلاثة آلاف عام؟ وقد ورد في ما يجدون بين أيديهم على لسان موسى عليه السلام: «لأني أعرف تمردكم وقساوة قلوبكم. إذ وأنا ما زلت حياً معكم اليوم أخذتم في مقاومة الرب. فكم بالأحرى تتمردون بعد موتي؟»[1].
بعد وفاة الكليم عليه السلام خلَفَه فتاهُ يوشع بن نون عليه السلام، فدخل بمن معه من بني إسرائيل الأرض المقدسة وأيده الله بمعجزة باهرة. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده: «إن الشمس لم تُحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس» [2].
دخل بنو إسرائيل بيت المقدس يزحفون على أستاههم![3] وكما نزعوا إلى شرك الفراعنة في مصر، تأثروا بمعبودات الوثنيين من حولهم في أرض الشام، فعبدوا أصنامهم بعد موت يوشع عليه السلام، وبهذا تشهد أسفارهم فسلط الله عليهم أعداءهم.
تسلط العماليق على الأرض المقدسة إبان حكم الأسباط الاثني عشر، وعجز القضاة عن سياسة بني إسرائيل واضطربت شؤونهم، فسأل بنو إسرائيل نبيهم «صموئيل» أن يبعث لهم ملكاً يقاتلون معه في سبيل الله. قال تعالى في ذِكر حالهم: {أَلَمْ تَرَ إلَى الْـمَلأِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} [البقرة: 246].
وعند أهل الكتاب أن صموئيل خاطبهم قائلاً: «انْزِعُوا الآلِهَةَ الْغَرِيبَةَ وَأَصْنَامَ الْعَشْتَارُوثِ مِنْ وَسَطِكُمْ، وَهَيِّئُوا قُلُوبَكُمْ لِلرَّبِّ وَاعْبُدُوهُ وَحْدَهُ، فَيُنْقِذَكُمْ مَنْ قَبْضَةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ»[4].
فماذا كان جوابهم؟ قال تعالى: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ} [البقرة: 246]، كحال أسلافهم الذين أبوا أن يدخلوا الأرض المقدسة.
لكن الله نصر من ثبَت من المؤمنين يقودهم ملكهم طالوت، وكان في جنده داود عليه السلام. وقَتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء. ثم كان فتح مدينة القدس على يده فعادت لأهل الإيمان.
ولما بعث الله المسيح عليه السلام رسولاً إلى بني إسرائيل، ودخل الهيكل - وهو بيت المقدس - وجد اليهود قد جعلوا من المسجد سوقاً للربا فـ«أَخَذَ يَطْرُدُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ فِيهِ وَيَشْتَرُونَ، قَائِلاً لَهُمْ: قَدْ كُتِبَ: إِنَّ بَيْتِي هُوَ بَيْتٌ لِلصَّلاَةِ. أَمَّا أَنْتُمْ، فَقَدْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ!»[5].
ثم أشار إلى زهدهم في بيت المقدس لأجل حطام الدنيا كما صنع آباؤهم من قبل، فقال: «لَكِنِ الْوَيْلُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ!... تَقُولُونَ: مَنْ أَقْسَمَ بِالْهَيْكَلِ، فَقَسَمُهُ غَيْرُ مُلْزِمٍ؛ أَمَّا مَنْ أَقْسَمَ بِذَهَبِ الْهَيْكَلِ، فَقَسَمُهُ مُلْزِمٌ! أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّ الاِثْنَيْنِ أَعْظَمُ: الذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي يَجْعَلُ الذَّهَبَ مُقَدَّساً؟».
وتفضيل الذهب على الهيكل يذكرنا بحال أبي الصهيونية ثيودور هرتزل لما استجدى البابا بيوس العاشر - كما دوَّن في مذكراته - قائلاً: «أيها الأب الأقدس، إن اليهود في أزمة فظيعة، ولا أدري إن كان قداستك يعلم قدر مأساتهم. إننا بحاجة إلى أرض لهؤلاء المنكوبين»، فلما سأله البابا: «هل يُشترط أن تكون أورشليم [القدس]؟» أجاب أبو الصهيونية: «إننا لا نريد أورشليم، وإنما فلسطين، الأرض العلمانية [The Secular Land]»[6]، أي فلسطين باستثناء البقاع المقدسة. فهو كأسلافه يؤثر الذهب على الهيكل. ومطمع الصهيونية منذئذ كان وما زال أرض فلسطين باستثناء البقاع المقدسة، وهو ما أكده هرتزل في مواطن أخر من مذكراته[7].
إن الحركة الصهيونية حركة استعمارية رومية وظفت يهود العالم لخدمتها، بينما صورها الغرب أمام الشرق على أنها طوفان يهودي عاد ليكتسح الأرض المقدسة ويستعيد تراث بني إسرائيل! ولا أدري كيف أصبح اليهود الذين تخلوا عن الأرض المقدسة بصحبة الأنبياء حريصين على استعادتها مع هرتزل أو نتنياهو؟ إلا أن يكون فهمنا للتاريخ خاطئاً.

ومن قرأ مذكرات الدُّنياني (العلماني) ثيودور هرتزل أدرك أن شخصيته تجسيد لواقع الذلة والمسكنة التي ضربها الله على يهود كما قال الله عز وجل في كتابه: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ} [آل عمران: 122] ، فهي ملازمة لهم وإن سكنوا البروج المشيدة.
قال ابن زيد رحمه الله مفسراً هذه الآية: «واليهود لا يأمنون في أرضٍ من أرض الله إلا بهذا الحبل... فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في شرق ولا غرب، هم في البلدان كلها مستذَلُّون»[8].



[1] التثنية 31: 27.
[2] مسند الإمام أحمد 14/65.
[3] رجح الإمام ابن كثير في تفسيره أن بيت المقدس هو القرية التي جاء ذكرها في قول الله عز وجل: {وَإذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْـمُحْسِنِينَ 58 فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [البقرة: 58، 59]. وعليه يكون دخولهم على ما جاء وصفه في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري: «قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ {ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} [البقرة: 58] فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ فَبَدَّلُوا وَقَالُوا حِطَّةٌ حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ».
[4] صموئيل الأول 7: 3.
[5] لوقا 19: 43-46.
[6] Marvin Lowenthal, trans. The Diaries of Theodor Herzl (NY: The Universal Library, 1962), p. 429.
[7] The Diaries of Theodor Herzl, p. 419.
[8]  تفسير الطبري (دار المعارف)، 7/ 112.

منقول



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #136  
قديم 30-01-2020, 09:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح

متى يسود المسلمون؟





د. إبراهيم إبراهيم هلال




لقد جاء الإسلام على يدِ الرسول صلى الله عليه وسلم فرفع معتنقيه إلى أعلى مكانة وأسمى منزلة، وبوَّأهم قيادة العالَم وسيادته، وحقَّق لهم وعده الذي وعدهم به في كتابه الكريم: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55].

فدانت لهم الجزيرة العربية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وبدأت الأقطار والدول العظمى تدخل في دين اللَّه أفواجًا في عهد خلفائه، واستمرت تلك الدفعة التي دفعهم إياها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى وصلت إلى حدود الصين شرقًا، وإلى إسبانيا غربًا، حتى وجدنا تلك السَّعة تُصوَّر في خطاب هارون الرشيد حين كان في مجلس بين حاشيته، وقد مرت عليه سحابة تكاد تمطر، فحدَّث مَن في مجلسه وقال لهم: إن هذه السحابة ستجودنا، ولكنها مرت في طريقها دون أن تمطر في هذا المكان، فقال لها الرشيد: اذهبي حيث شئتِ، فإنك لا بد وأن تنزلي في أرضي، وسيأتي إليَّ خراجُك، وينتفع شعبي بثمراتك.

هذه الدنيا العريضة، وهذه الأقطار العديدة كلها كانت قوة واحدة هي أقوى قوة في العالم في هذا الزمان، وتدين لخليفة أو حاكم واحد بالطاعة والعدل، وتشعر في ذلك بالعزة والسيادة، دستورها الإسلام في تعاملها بين العربي وغير العربي، والمسلم وغير المسلم، والكل في العدل وفي وفرة الأمن سواء.

كان هذا القانون – أو هذا الدين – هو أسلوب تعاملهم في الداخل والخارج، وليس كما تفعل دول حضارة اليوم تعامل أبناءها، تبعًا لميثاق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، وتعامل غير أبنائها بميثاق الوحوش واللصوص والمنافقين، فهم كما قال فيهم أمير الشعراء أحمد شوقي:
حفِظوا حقوقَ الناس في أوطانِهم
إلا أباة الضَّيمِ والضعفاء


ذهبت عنهم العفة، وتجردوا من النخوة، وحُرِموا من عاطفة الإنسانية والشعور بالإخاء نحو الجميع، فصارت أعمالهم تنطق بضد ما يدَّعيه تمدُّنهم.

كانت هذه هي العزة الإسلامية طوال القرون الأولى للإسلام:
فهل كانت هناك أسباب أهَّلتهم للوصول إلى هذا المجد؟


وهل جاءت بعد تلك الأسبابِ أسبابٌ نزعت عنهم ثوب ذلك المجد؟!

نعم، كانت هناك أسباب دفعتهم إلى هذا المجد دفعًا:
أوَّلُها وأهمها: الإسلام بما اشتمل عليه من نظم وأساليب، هي أساليب الحياة الرفيعة الكريمة.

وثانيها: عدم ظهور خطر جيل المنافقين من الفرس أو أبناء حكام وأمراء الفرس، الذين دخلوا في الإسلام، ولم يدخل الإسلامُ قلوبَهم، وانتهازهم فرصة الخلاف على الحكم بين أبناء علي وغيرهم من الأمويين أولاً، والعباسيين ثانيًا، لكي يشوِّهوا في هذه الفرصة معالم العقيدة الإسلامية، عن طريق قولهم في الإمام أو الخليفة، وارتفاعهم بصفاته إلى صفات الملائكة أو الإله سبحانه وتعالى، ثم خلع تلك الصفات على الإمام من آل البيت، والدعوة له بالخلافة، وأنه هو الأحق بها بالنسبة لتلك الصفات المخترعة والخيالية في الوقت نفسه، والتي لا توجد في ذلك الخليفة الأموي أو الخليفة العباسي، وربما خلعوا هذه الصفات على بعض دعاتهم من الفرس، أو رؤساء تلك الدعوات، أو خلعها ذلك الداعي الكبير على نفسه، إشارة إلى أنها انحدرت إليه من الإمام الذي يدعو إليه من آل البيت، وهكذا كان تشيعهم لآل البيت؛ مما دعا آل البيت إلى نقمتهم عليهم، وثورتهم على تلك الصفات التي ألصقوها بهم.

لم تظهر هذه الدعوة المجوسية - أو لم يظهر أثرها - في عصور مجد الإسلام؛ لأن الخلفاء كانوا في غاية اليقظة لهؤلاء، فرأينا مظهرًا لهذه اليقظة مصرع أبي مسلم الخراساني على يد أبي جعفر المنصور العباسي، ولو أن أبا مسلم هذا هو المؤسس الحقيقي للدولة العباسية، ثم نكبة البرامكة في عهد الرشيد.

وهكذا ظل المجد الإسلامي والحضارة العلمية والإسلامية والشخصية العظيمة لدول الإسلام طول فترة يقظة الخلفاء، وقدرتهم على التمييز بين الأعداء والأصدقاء من أصحاب الأقاليم المفتوحة والبلاد التي لم يتمكن الإسلام من نفوس أصحابها، ثم أخطأ الخليفة في السياسة[1]، فاتخذ من سَعة الإسلام سبيلاً إلى ما كان يظنه خيرًا له، ظن أن الجيش العربي قد يكون عونًا لخليفة عَلوي؛ لأن العَلويين كانوا ألصق ببيت النبي عليه الصلاة والسلام فأراد أن يتخذ لنفسه جيشًا أجنبيًّا من الترك والديلم، وغيرهما من الأمم التي ظن أنه يستعبدها بسلطانه، ويصطنعها بإحسانه، فلا تساعد الخارج عليه، ولا تعين طالب مكانه من الملك، فلم تكن إلا عشيَّة أو ضحاها حتى تغلَّب رؤساء الجند على الخلفاء، واستبدوا بالسلطان دونهم، وصارت الدولة في قبضتهم، ولم يكن لهم ذلك العقل الذي راضه الإسلام، والقلب الذي هذَّبه الدين، بل جاؤوا إلى الإسلام يحملون ألوية الظلم.

كان هذا العامل الذي بدأه الخليفة المعتصم مهيأً للجو تمام التهيئة أمام استفحال ذلك العامل التشيعي المتقدم، فبدأت تلك الدولة الواسعة من الناحية السياسية تنهار، وانفصلت أجزاؤها عنها جزءًا فجزءًا، حتى اقتصرت في النهاية على بغداد وما حولها، وقامت دول متعددة نتيجة لتلك الدعوة التشيعية الغالية، التي من أبرزها دولة القرامطة والدولة الفاطمية، وكلها كانت دويلات لا دولاً؛ إذ في عهدهم بدأ الغزو الأوروبي الاستعماري ينزل في بلاد الشرق الأوسط في بيت المقدس وما حولها، باسم الصليب وادعاء تأمين بيت المقدس أو الطريق إليه، وظل حوالي مائتي عام، ثم جاء الغزو التتري، ولولا الروح الإسلامية التي صحت صحوتها في مصر، ولولا بقية من نخوة عربية، ودفعة قوية من علماء أجلاء من أمثال ابن تيمية والعز بن عبدالسلام، لكان للدنيا وجه غير وجهها الآن.

هذان العاملان - عامل الاستبداد السياسي الأجنبي، وعامل التشيع الغالي - كانت نتيجتهما تحطُّم الدولة الإسلامية، ذلك التحطم الذي نحاول التخلص منه الآن، كذلك من نتيجتهما اتجاه الاستعمار الأوروبي إليها منذ الحروب الصليبية، حتى تلك الحرب الإسرائيلية التي نخوضها، فكان الاستبداد السياسي الأجنبي عاملاً في القضاء على شخصية الحاكم، وكانت الدعوة التشيعية أو الباطنية عاملاً في القضاء على العقلية الإسلامية والفهم السلفي للإسلام وتعاليمه الذي كان للصحابة رضي اللَّه عنهم ومَن بعدهم من الجيل الأول والجيل الثاني، جعل المسلمين يفهمون دينَهم على غير ما أنزله الله، واستبدَّت به الروح التصوفية التواكلية التي تدَعُ كلَّ شيء للقضاء والقدر، وتفصل الدين عن الدنيا، وتُصوِّر الدين في صورة طقوس فارسية، أو يونانية، أو هندية، أو مسيحية مبدَّلة، أو يهودية مبتدعة، فأصبح المسلمون على غير الإسلام وأصبح الإسلام حجة عليهم، وليسوا هم حجة عليه، فذابت منهم الروح الإنسانية، ومسخت فطرتهم وأصبحوا غثاءً كغثاء السيل، لا روح فيهم ولا حياة، إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل.

والآن وقد زال هذان العاملان بكليَّتِهما، فليس هناك من مستبدٍّ يحكم بالجهل ويتعصب للضلال ويتخذ الفوضى دستورًا، كما كان يفعل أولئك الحكام من الأتراك والديلم، وليس هناك من متشيِّع، ولا متشيَّع له من أجل الحكم والسياسة، ولا اتخاذ النسب الشريف سببًا للحكم، وإنما المسلمون قد أصبحوا وأمرهم شورى بينهم، ضاعت منهم العصبيات الإقليمية، وتاهت رواسب الأديان القديمة في تيه الانتقال من عصر الحروب الصليبية، إلى فترة التأهب لتمزيق الإسرائيليين شر ممزَّق، ومن والاهم من الاستعمار في كل مكان، وانجابت عنهم الغفلة، وقد وضح النهار أمام أعينهم، فإذا هم يرون دينهم أمامهم، كما كان الصحابة رضوان اللَّه عليهم يرونه، وينظرون إلى بعضهم البعض نظرة الصحابة بعضهم إلى بعض، أشداء على الكفار رحماء بينهم، وما عليهم بعد ذلك إلا الثبات على هذا ومواصلة العمل والجد والاجتهاد والتماس الرزق في خبايا الأرض، وبين طيات الماء وذرات الهواء، وهكذا فرغم محاولات الاستعمار الفاشلة، فنحن اليوم بنبت جديد وعصرنا عصر البعث الإسلامي القوي المجيد: ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾ [النور: 55].

المصدر: مجلة التوحيد، عدد رجب 1393هـ، صفحة 33.



[1] خليفة عباسي - وهو المعتصم - أراد أن يصنع لنفسه ولخلفه، وبئس ما صنع بأمته ودينه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #137  
قديم 31-01-2020, 04:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح

صلاحُ الدين الأيوبي.. بطلٌ في صغره


خليل محمود الصمادي


نشأ يوسف في تكريت بين أحضان والديه جادًّا مثابِرًا، لا يعرفُ إلا الاجتهادَ والعملَ الصالحَ، فقد رضع العلم وحبَّ الجهادِ منذُ صغرِه، كانَ أبوهُ نَجْمُ الدينِ أيوبُ أحدَ الأبطالِ المجاهدين المرابطين على ثغورِ الإسلام، فقدْ جعله القائدُ نورُ الدينِ الشَّهيدُ نائبًا على تكريت، كمَا جعل عمَّه (شيركوه) قائدًا للجيوشِ هُناكَ.

أحَبَّ أيوبُ أن يكونَ ولَدُهُ يوسفُ على درجةٍ من العلمِ الشَّرعيِّ؛ فَاْهتمَّ به وأرْسَلهُ إلى دورِ العلم لينهل منها الزلالَ العذبَ، فحفِظَ القرآنَ الكريمَ منذُ نعومةِ أظْفارهِ، كَمَا حفِظَ الكثيرَ منْ أحاديثِ الرسولِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- ثمَّ انْطلقَ إلى نوادي الرمايةِ والفروسيةِ ليتعلمَ فنونَ القتالِ معَ أقرانهِ.


ولَمَّا اقتربَ عمرُهُ من الحاديةَ عشرةَ أحبَّ أيوبُ أن يرسلَهُ إلى حَلَبَ في بلادِ الشامِ؛ حتَّى يُكْمِلَ تعليمَهُ، فتكريتُ مدينةٌ صغيرةٌ لا تضاهِي حلبَ في مساجدها وعلمائِها، ودورِ العلمِ فيها.


ألْحقَهُ والدُه بقافلةٍ متجهةٍٍ هناكَ فيها عددٌ منَ التُّجارِ والمسافرينَ، وأرسلَ معَهُ خادمًا ليكونَ لهُ عَونًا في الطَّريق وَفِي حَلَبَ الشهباء أيضًا.


لم يكنِ الطَّريقُ آمنًا، فالعِصاباتُ الصَّليبيةُ تسْرحُ وَتمْرحُ في بَعضِ المناطقِ الَّتي استولتْ عليها؛ فهيَ تُرهبُ المسافرينَ وَتستولي على متاعهمْ، وفِي أحسنِ الأحوالِ يفرضُونَ عليهم ضَرائبَ ليمروا بأمانٍ!!


كانَ صلاحُ الدينِ مولعًا بتربيةِ الحمامِ، يشتري الأنواعَ المختلفة منه، ويقدم لها الحَبَّ والماءَ، ويستمتعُ برؤيتها وهيَ تطير منْ مكانٍ إلى مكان.


لمْ ينسَ صلاحُ الدينِ أنْ يأخذَ مَعَهُ عددًا منْ طيورِ الحمامِ الزاجلِ حتَّى يأْنسَ بها في أوقاتِ فراغهِ، وحتَّى يُراسِلَ أباه وأمَّه كلما اشتاق إليهما.


وَضَعَ الحماماتِ في قفصٍ خشبيٍّ، ووضَعَ لها الحبَّ والماءَ، وتركَها في آخرِ عربةٍ من القافلةِ.


سَارتِ القافلةُ عدةَ أميالٍ، وَمَا قَطعتْ تكريتَ وَأَصبحتْ بينَ الجبالِ والتِّلالِ حتَّى شَعَرَ يوسفُ أنَّ القافلةَ بدأتْ تسيرُ ببطْءٍ شديدٍ، وأنَّ الحاديَ الذي كانَ يبعثُ الهِمَّةَ في النفوسِ ويسلي المسافرينَ بصوتِهِ النَّديِّ قدْ كفَّ عنَ الشَّدوِ والغناءِ.


دهشَ الغلامُ الصَّغيرُ لمَّا رأى الصَّمتَ يزدادُ، والرجالَ يتهامَسونَ بينَهم.


اقْتربَ منْ خادمهِ وسألَهُ: ما الأمرُ؟


هَمَسَ الخادمُ: إنَّنَا في خطرٍ؛ الصليبيونَ خلفَ التِّلالِ، علَيْنا أنْ نَجْتازَ هذهِ المِنْطَقةَ بحذرٍ شديدٍ.


انقاد يوسفُ لأَوامرِ خادمهِ، وسَارَ معَ القافلةِ بخطًى وئيدة، وصارَ يدعُو اللهَ أنْ يمرُّوا بسلامٍ.


الموقفُ رهيبٌ، الرِّجالُ يَضَعونَ الكَمَّاماتِ على أفواهِ الجِمالِ، والألْجِمةَ على أفواهِ البغالِ والخيولِ، وعيونُ المسافرينَ ترقبُ التلالَ المحيطةَ بهم وهُمْ يحطونَ أقدامَهُم على الأرضِ بهدوءٍ وتؤدةٍ، حتَّى الهمسُ انقطعَ فجأةً منَ المكانِ...


في لحظةٍ لم تكنْ بِالحسبانِ وعَلى مقربةٍ من أحدِ التِّلالِ بَرَزَ نفرٌ مِنَ الفرسانِ الصَّليبينَ، شَاهرينَ سِلاحَهم، وَأََخَذُوا يصرخون: قِفوا قِفُوا، وإلا رَمَيْنَاكم بِالسهامِ والنبالِ.


تَوقَفتِ القَافلةُ وَبَدأتِ المعاناةُ...


أحاطَ الصليبيونَ بالقافلةِ من الجِهاتِ كلِّها، وأخذوا يُحذِّرونَ المسافرينَ منْ المقاومةِ، ثمَّ طلبوا منْهم أنْ يترَجَّلوا على الأرضِ.


نزلَ الجميعُ الأرضَ وفيهم يوسفُ، وفَجْأةً اقْتربَ مِنْهُ الخَادمُ قَائلا: إيَّاك أنْ تُفصحَ عنْ نَفْسكَ، إياكَ أنْ يعلمُوا مَنْ أبُوكَ أوْ عمُّكَ، فلوْ عَرَفُوكَ لأَخَذوكَ أسِيرًا، وَلَطلبُوا فديةً عَظِيمةً في المقابلَ، هذا إن لم يقتلوك!!


استمع يُوسفُ إلى نصائح خادمه، وَوعدَهُ ألا يَبُوحَ بالسِّرِّ، وَلكنَّه سَأَلَهُ: في أيّ مَكَانٍ نَحْنُ الآنَ؟ وكمْ نبعدُ عن تكريتَ؟


أَجَابَهُ الخَادمُ: عِنْدَ تِلالِ الصفوانِ، نبعدُ عَنْ تكريتَ نَحْوَ خَمْسة فراسِخَ.


أَجابَهُ يوسفُ: حسنٌ، حَسنٌ، يَا أخِي.


تَركَ الغلامُ الصغيرُ خادمَهُ واقفًا يرقبُ الصليبيينَ، وانْزَوى خَلْفَ القَافلةِ، فظنَّ الخادمُ أنَّه التحقَ بعربةِ النسَّاء والأطفالِ فانفرجتْ أساريرُ وجهِهِ، ثم مَا لبِثَ أنْ عادَ إلى المُقدمةِ، رَآَهُ الخادمُ فَطَلَبَ مِنْهُ أنْ يعودَ ثانيةً إلى المؤخرةِ حيْثُ النِّساء والصِّغار!!


لم ينفذ يوسفُ كلامَ خَادِمِهِ، وَأَصَرَّ على البَقَاءِ بَيْنَ الَّرجَالِ.


أَخَذَ الصَّغِيرُ ينظرُ إلى اللصُوصِ فَرَأَى وُجُوهَهم الحمر وشعورَهم الصفر كَأنَّهمُ الشَّياطينُ؛ فازْدَراهمْ وَتمنَّى لوْ كَانَ معهُ سيفٌ لينازلهم جَميعًا.


وَقَفَ زَعيمُ العصابة أَمَامَ القَافلَة يَصْرخُ بلغةٍ عَرَبيَّةٍ مُكَسَّرةٍ: أَنْتُمْ فِي أَرْضٍ صليبيةٍ؛ عليكمْ أنْ تَدْفعوا الجزيةَ مقابلَ السَّماحِ لكمْ بالمُرورِ، مِقدارُ الجزيةِ التي ستَدفَعُونَها: عَشرةُ دنانيرَ عنْ كلِّ رجلٍ، وَخَمْسةٌ عنْ كلِّ امْرأةٍ، وَدِيْنارانِ عنْ كلِّ طفلٍ، وَعَليْكمْ كَذَلكَ أنْ تَتْركوا نِصْفَ أحمالِكمْ، وَمَنْ يقاوم منكم نُصادر أحْمَالَهُ كلَّهَا ونقتلهُ، هيَّا أسْرِعُوا، أَمَا سَمِعْتُمُ الكَلامَ؟!


نَظَرَ الخادمُ إلى يوسفَ فرآهُ غاضِبًا، يكادُ الشَّررُ يتطايَرُ من عينيهِ، فخافَ عليهِ، واقْتَربَ منْهٌ وَأَمْسَكَ بِيَدِهِ، وَرَجَاهُ ألا يَنْفعلَ، وَأَوْصاهُ ثانيةً ألا يفْصِحَ عنِ اسْمِهِ.


تَرَجَّلَ فَارِسانِ منَ الصَّليْبِيْيِّنَ وغرسا رُمْحَينِ فِي الأرضِ، ثمَّ أحْضرا رمحًا ثالثًا وَرَبَطَاهُ بَيْنهمَا، ولمْ يشدَّا وثاقَهُ وَجَعَلاهُ يَتَحرَّكُ كمَا يحْلُو لهمَا، ولمَّا انْتهيا مِنْ مُهمَّتهِما صاحَ قائِدُهُم:


يَنْبَغِي لكُلِّ فردٍ منْكم أنْ يَمُرَّ أَولا مِنْ هذهِ البوابةِ، ثُمَّ يَدفعَ الجزيةَ للفارسِ الموجودِ هناكَ، وَلْيقفْ كلُّ واحدٍ في مكانِهِ بعدَ أنْ يصلَ هناكَ!!


ضحكاتُ الصليبيينَ تَتَعالى فِي المَكانِ وَهُمْ يَسْخرونَ من المارينَ، فالرجلانِ اللذانِ نصَبَا الرماحَ وَقَفَ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا يُمْسِكُ بطرفِ الرُّمحِ الثَّالثِ يتعمدانِ رفْعه وَخَفْضه حتَّى يَمُرَّ المرءُ رَاكعًا، وَإنْ لمْ يعجبا مِنَ الرَّجلِ خَفَضَا الرُّمحَ حتَّى يمرَّ سَاجدًا!!


وَقَفَ يُوسفُ يَتَأمَّلُ الرجالَ وَهمْ يمرُّونَ مِنَ البوَّابةِ فَلَمْ يَتََمالكْ أعصَابَهُ فَصَرَخَ بِأعلَى صَوْتِهِ: كَفَى أيُّها المجْرمونَ! أَلا توقرون كبيرًا؟ ألا تحترمون عاجزًا؟ ألا تشفقونَ على طفلٍ صغيْرٍ؟!!


سمعَ الصلبيونَ كلامَهُ فتوعدوهُ صائحينَ: وَأَنْتَ ستمرُّ كَمَا يمرُّ الباقونَ وَسَنرى شَجاعَتَكَ بَعْدَ قليلٍ.


صاحَ القائدُ: هيَّا يا غلامُ، يا بطلَ الأبطالِ، أَرِنا شَجَاعتكَ؛ ستمرُّ منْ هنَا، لا راكعًا ولا ساجدًا ولكنْ حبوًا.


وَفِي سُرعةِ البرقِ أمرَ القائدُ الرَّجلينِ أنْ يخفضَا الرُّمحَ إلى أَدْنَى مستوًى، وَصَرخَ في وَجْهِهِ: هيَّا تقدمْ.... ألمْ تسمعْ كَلامِي؟


رَمَقَهُ يوسفُ بِطَرَفِ عينهِ ولمْ يَتَحرَّك منْ مَكَانِهِ.


كرَّرَ القائدُ كلامَهُ: أيُّها الأبْلهُ أمَا تسمعُ؟.. هيَّا نفذِ الأوامرَ، وإلا جَعلتكَ عبْرةً لغيركِ.


صاح َيوسفُ: لنْ أنْحنِيَ إلا للهِ عزَّ وجلَّ.


كادَ قلْبُ الخادمِ يسْقطُ أرضًا، اقتربَ منْهُ راجيًا أنْ ينفذَ الأوامرَ، لكنَّ الغلامَ الشجاعَ قالَ لهُ: لنْ أمرَّ حتَّى لوْ قَتَلتمُونِي.


امْتطى قائدُ العصَابةِ جَوادَهُ وَهوَ فِي حَيْرةٍ منْ أَمْرِ هذا الغلامِ العنيدِ، وانْطلقَ يدورُ حولَهُ وَهُوَ يقولُ: مَنْ أنْتَ أيُّها الغلامُ حتَّى تعصِيَ أوَامرِي؟ لقدْ أخَّرتنَا كثيرًا.


صاحَ كثيرٌ مِن الرجالِ: نفذِ الأمرَ يا غلامُ، ودَعْنا نمشِي في سبِيلِنا، ولا تعاندْ كثيرًا.


أخذَ يلفُّ ويدورُ حولَه علَّه يُرهبُهُ وانْطلقَ نحوَهُ كالريحِ، اقتربَ أكثرَ وأكثرَ، لكنَّ البطل الصنديد ظلَّ راسخًا كالطود الشامخ.


شدَّ لجام فرسه، وترجلَ، واندفعَ نحوَهُ والشَّررُ يتطايرُ منْ عينَيْهِ وَهُوَ يرعد:


مَنْ تظنُ نفسكَ أيها العنيد، سأقتلك في الحالِ إن لم تنفذِ الأوامرَ!


رفعَ سيْفَه إلى أعْلى.. ولكنَّ الصبيَّ لمْ يهتزَّ، وظلَّ يحدِّق في رئيسِ العصَابةِ وكأنَّ شيئًا لا يعنيه.


غرسَ سيفهُ فِي الأَرْضِ وَصَاحَ بأَعْلى صَوْتِهِ: لمْ أرَ في حَياتي غُلامًا عَنيدًا مثلكَ!! آهٍ لوْ كنتَ كَبيرًا لقَتلتكَ، ولكنَّ الذي يَشْفَعُ لَكَ هُوَ صغرُ سِنِّكَ.


وَتَابَعَ حديثَهُ: سَأُسامحكَ في المبلغِ، ولكنْ عليكَ أن تمرَّ منْ بينِ الرِّماحِ مرتينِ.


- لنْ أمرَّ


- مَاذا تَقولُ؟


- الَّذي سَمِعْتَهُ الآنَ!!


تحير القائدُ من أمرِ هذا الغلامِ العنيدِ وأحبَّ أن ينهِيَ الموقفَ بحفظِ ماءِ وَجْهِهِ، فقالَ لَهُ:

- إذنْ علَيْكَ أنْ تَدْفَعَ خَمْسةَ دنانيرَ بدلَ الدِّينارينِ!!

- لنْ أدفعَ لكَ شيئا!!


- مَاذا تَقُولُ يَا غلامُ؟


- مَاذا سَمِعْتَ يَا علجُ؟


عِنْدهَا هُرِعَ الخَادمُ عنْدَ القائدِ وَهُوَ يَحْمِلُ الدنانيرَ الذَّهبيةََ الخَمْسةََ، فصَاحَ بِهِ يوسفُ: ارْجعْ مَكَانَكَ وَلا تُعْطِهِ شيئًا!!


أخذَ بعْضُ رجالِ القافلةِ يتَملْملونَ منَ الانْتظارِ، والخَوْفُ يعْلو وجُوهَهَم، وصَاروا يَرْجونَ يُوسفَ أنْ يحلَّ المشكلةَ ويتركَ الخادمَ يعطه النقودَ وَتنْتهي المشكلةََ التي طالتْ.


تَقَدَّمَ الخَادمُ مِنْ يُوسفَ ليسألهُ عَنْ سرِّ هذا العِنَادِ، فَقَالَ لَهُ: انْتظرْ قَليْلا وسَتَرى مَا يُعْجِبُكَ!!


وَمَا كادَ يُوسفُ يُنْهِي كَلامَه حتَّى كَانَ جُنُودُ (أيوبَ) وَ(شِيركُوه) قدْ أَحَاطُوا بِالجنودِ الصَّليبيينَ مِنْ كلِّ جَانبٍ، عِنْدَها صَاحَ النَّاسُ: الله أكبر، الله أكبر.


أمْسَكَ الجُنودُ بالصَّليبيينَ العَشرةِ وَأَحَضَرَ شيركوه حَبْلا غَليْظًا شَدَّهمْ بِهِ، وَأَخذوا منهمْ مَا سَلَبوهُ مِنْ المُسافرينَ وَرَدوهُ إِليهمْ.


صَاحَ أيوبُ: الحَمْدُ للهِ عَلى سَلامةِ الجَميع ِ، أَيْنَ أنْتَ يَا يوسفُ؟


صَاحَ الغُلامُ: أَنَا هُنَا يَا أبِي!!


واقتربَ يوسفُ منْ أبيهِ وَعَمِّهِ وَسلَّم عَليهمَا وَشَكَرَهُمَا عَلى مَا فعلا.


قالَ أبوهُ: الشُّكْرُ للهِ أولا ثُمَّ للحَمامةِ التِي أَوْصَلَتِ الرِّسَالَةَ.


ذُهِلَ الجَميعُ مِمَّا حَصَلَ، فَالمفاجأةُ نزلتْ كالصاعقةِ على أفْرادِ العصابةِ الأشرارِ، الذينَ سِيقُوا كالخِرفان أَمَامَ جنودِ المسلمينَ إلى قَلْعَةِ تكريت.


هذهِ سيرةُ البطل الصغير يوسف بن أيوب الذيْ عُرِفَ فيما بعدُ بالبطلِ صلاحِ الدينِ الأيوبي.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #138  
قديم 12-02-2020, 02:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح

القُدْسُ إِسْلامِيَّة.. وستظل إِسْلامِيَّة


د. ياسر حسين محمود


قال الله -تعالى- عن إبراهيم -عليه السلام-: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء: 71)، قال ابن كثير -رحمه الله-: «يقول الله -تعالى- مُخبِرًا عن إبراهيم: أنه سَلَّمَه اللهُ مِن نار قومه، وأخرَجَه مِن بيْن أظْهُرِهِم مُهاجِرًا إلى بلاد الشام، إلى الأرض المُقَدَّسَة منها، وعن أُبَيِّ بن كَعب قال: الشام، وكذا قال أبو العلياء وقتادة».
فبداية تَعمِيرِ بيت المقدس، كان هجرة إبراهيم -عليه السلام- إليها، قال الله -تعالى-: {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ}(آل عمران: 67-68).
ميراثُ مِلَّةٍ ودِينٍ وعَقيدةٍ
فميراثُ إبراهيم ميراثُ مِلَّةٍ ودِينٍ وعَقيدةٍ، لا يستحقه إلا مَن كان على دينه مِن التوحيد والإيمان بالرسل، وكذلك ميراثُ يعقوب وهو إسرائيل -عليه السلام- قال -تعالى-: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ} (البقرة:130-131)، أي: ووَصَّى بكلمة الإسلام إبراهيمُ أبناءَه، وَوَصَّى يعقوبُ أبناءَه أيضًا مثلما وصى بها إبراهيمُ -عليه السلام-: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (البقرة: 132-133)؛ فبنو إسرائيل كانوا مِن المُسْلِمين؛ فمَن كان منهم -مِن ذُرِّيَتِهِم- مُسْلِمًا مُوَحِّدًا مُتَّبِعًا للأنبياء، كان لهم مِن ميراثهم في الأرض المُقَدَّسَة، ومَن كان كافِرًا مُكَذِّبًا للأنبياء، لم يكن له نصيب فيها.
ثاني المساجد
وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي ذر لَمَّا سَأَلَه: أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ»، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى»، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: «أَرْبَعُونَ سَنَةً» (رواه مسلم)، وهذا يَدُلُّ على أن أَوَّلَ مَن بنى (المسجد الأقصى) إما إبراهيم، وإما إسحاق، وإما يعقوب -عليهم السلام-، أَوْ هُم جميعًا؛ لأن هذه المُدَّةَ بعد بناء الكعبة في (مَكَّةَ المُكَرَّمَة) لا تتجاوز ذلك في الغالب.
بِنَاءُ سُلَيمان -عليه السلام
وأما بِنَاءُ سُلَيمان -عليه السلام- للمسجد الأقصى فكان بعد تحرير (بيت المقدس) مِن أعداء بني إسرائيل الذين أخرجوهم منه، كما دَلَّت عليه آيات سورة البقرة في قصة داود -عليه السلام-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} (البقرة:246) إلى قوله -تعالى-: {فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ} (البقرة: 251).
أَوَّلَ هَدْمٍ للمسجد
والذي يَنْقُلُه أهلُ الكِتاب أن أَوَّلَ هَدْمٍ للمسجد الأقصى كان على يد (بُختُنَصَّر)؛ فَدَمَّرَ المدينة المُقَدَّسَة كُلَّها، وهو الذي يعرف بـ (سَبْيِ بَابِل)، والقرآن والسُّنَّةُ يَدُلّان على أن مُلك يوسف -عليه السلام- لمصر والجدب الذي حدث في صحراء الشام في تلك الأيام، كان سبب هجرة يعقوب وذُرِّيَّتِه إلى مصر، قال -تعالى- عن يوسف: {وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} (يوسف: 93) إلى قوله -تعالى-: {فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} (يوسف:99).
محنة بني إسرائيل
وظل بنو إسرائيل في مصر إلى أن وَقَعَت لهم المِحْنة على يَدِ فرعون، ونَجَّاهُم اللهُ منه مع موسى وهارون -عليهما السلام-، وأَهْلَكَ فرعون وجُنْدَه، وبنو إسرائيل إذ ذاك مسلمون مؤمنون، قال -تعالى-: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} (يونس:84-85).
هَلاك فرعون
وبعد هَلاكِ فرعون اتجه موسى ببني إسرائيل إلى الأرض المُقَدَّسة، وأَمَرَهُم بالقِتَالِ لِدُخولِها، ووعَدَهم أنها لهم: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قَالُوا يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} (المائدة:21-24)؛ فعند ذلك كَتَبَ اللهُ عليهم التِّيْهَ، عُقوبَةً لهم على مُخالَفَة نَبيِّهِم صلى الله عليه وسلم ، وتَرْكِهِم الجِهادَ الذي أُمِرُو به.
فترة التِّيْهِ
ومات هارون ثم موسى -عليهما السلام- في فترة التِّيْهِ، ولم يدخل الأرض المقدسة، بل لما أتاه الموتُ سَأل اللهَ أن يُدنِيه مِن الأرض المقدسة رميةً بحَجَرٍ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : «فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ، تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ» (متفق عليه)، ثم كان يُوشَع بن نون -فَتَى مُوسَى- هو الذي نبَّأَهُ اللهُ بعد مُوسَى، وقاد بني إسرائيل إلى (بيت المقدس)، وهو النبيُّ الذي حُبِسَت له الشمسُ عَصْر الجُمعة لكي يُقاتِل قَبل دُخولِ لَيلةِ السَّبْتِ؛ فَقَاتَل حتى فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ (بيت المقدس).
سَكَنَها المُسْلِمون المُوَحِّدُون
وسَكَنَها المُؤْمِنون المُسْلِمون المُوَحِّدُون من بني إسرائيل مُدَّةً من الزمن، إلى أن وَقَعَ ما أَخْبَرَ اللهُ عنهم من الفَسادِ والعُلُوِّ: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا} (الإسراء:4-6)، وكان الفسادُ الذي وَقَعَ منهم فَسادُ الاعتقادِ والعَمل، من الشِّرْك والكُفْرِ، مِن تكذيب الأنبياء وقَتْلِهِم بغير حَقٍّ، وأنواع الفساد والطغيان والبَغْي، وظَاهِرُ القرآنِ أن هذا بعد نزول (التَّوْرَاة)؛ لأنه قال: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ) وهو التوراة.
الفساد الأول
فكانت المَرَّة الأُولى مِن الفسادين هي التي جاء وعد العقوبة عليها على يَدَي (بُختُنَصَّر) -على المَشهورِ عندهم-، قال سعيد بن المُسَيِّب -رحمه الله-: «ظَهَرَ بُختُنَصَّر على الشام؛ فَخَرَّبَ بيت المقدس»، قال ابن كثير -رحمه الله-: «وهذا هو المشهور، وأنه قَتَل أَشرافَهم وعُلَماءَهُم، حتى إنه لم يبق من يَحْفَظُ (التَّوْرَاة)، وأَخَذ مَعَه منهم خَلْقًا كَثيرًا أَسْرَى، من أبناء الأنبياء وغيرهم». (انتهى)، وظَاهِرُ القرآن يَدُلُّ على أنه دَمَّرَ المسجد تدميرًا، لقوله -تعالى-: {وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} أي: يُدَمِّروا ما عَلَوا عليه -أي: ظَهَرُوا عليه- مِن البلد تدميرًا؛ فدَلَّ على أن المَرَّةَ الأولى كان فيها تدمير شامل، وقد كان (بُختُنَصَّر) مُشْرِكًا كافرًا، لكن سَلَّطَهُ اللهُ على بني إسرائيل؛ لإساءَتِهم وكِبْرِهم وإفسادِهِم؛ لِنَعْلَم سُنَّةَ اللهِ في خَلْقِه، أنه قد يُسَلِّطُ الكُفَّارَ على المسلمين إذا ظَهَرت فيهم البِدَع والشرك والظلم والفساد.
قَتَلُ دَاوُد لجَالُوت
ثم إن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وَفَّقَ بني إسرائيل بعد مُدَّةٍ -بِدَعْوَةٍ مِن نَبِيٍّ لَهُم- للطاعة والإيمان والرَّغْبَة في الجهاد، ورَدَّ اللهُ لهم الكَرَّةَ عَلَيهم، وأمَدَّهم بأموالٍ وبَنِين، وجَعَلَهُم أَكْثَرَ نَفيرًا -أي: عَسْكَرًا- مما كانوا عليه من قبل؛ فنَصَرَهم الله مع (طَالُوت) -مَلِكهم الذي بعثه الله لهم على لسان نَبِيِّهِم-؛ فدخلوا (بيت المقدس)، وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ، وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ بعد طَالُوت، وجَعَلَهُ نَبِيَّاً مَلِكًا، وآتاه (الزَّبُور)، وكان مُجاهِدًا في سبيل الله، صَائِمًا قَائِمًا عَابِدًا، تَالِيًا لكتاب الله.
بناء سليمان -عليه السلام
ووَرِثَه سُليمان -عليه السلام-، وهو الذي بنى (بيت المقدس)، وفي الحديث الصحيح قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا: حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ، إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»؛ فَقَالَ النَّبِيُ صلى الله عليه وسلم : «أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ» (رواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، وصححه الألباني).
التوحيد والإيمان

فالمسجد الأقصى بُنِيَ على التوحيد والإيمان والإسلام واتِّبَاعِ الأنبياء، ولم يُبْنَ على الكفر والتكذيب قَطّ؛ فإذا ضَيَّعَتْهُ الأُمَّةُ المُسْلِمة بتفريطها وإساءَتِها نَزَعَهُ اللهُ -عزَّ وَجَلَّ- منهم، وفي أخبار أهل الكتاب أن الرومان هم الذين هدموا (المسجد الأقصى) المرة الثانية، بعد أن سَلَّطَهُم اللهُ عليهم -بإفسادِهِم وكِبْرِهِم- ودَمَّرُوا البَلَدَ تَدمِيرًا، قال -تعالى-: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} أي المرة الآخرة مِن الفسادين جاء وقت العقوبة عليها {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} (الإسراء:7)، وبُعِثَ يحي وعيسى -عليهما السلام- والمسجدُ مهدوم، وظَلَّ مَهدُومًا إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #139  
قديم 17-02-2020, 12:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح

مستقبل بيت المقدس في السنة النبوية


أسامة شحادة



تتوالى التحليلات والسيناريوهات اليوم لمستقبل بيت المقدس وفلسطين، وفي ظل الكثير من المقالات والمقابلات الرافضة والمنددة بالاعتداءات اليهودية المتكررة على المسجد الأقصى وعموم فلسطين والفلسطينيين، في ظل كل هذا الحديث يتراوح بين العواطف الغاضبة، أو المحاولات للبحث عن مخرج وحلول ممكنة، أو الدعوات لطرح خطوات وحلول، القليل منها يمكن تحقيقه، أو دعوات الاستسلام والقبول بالهزيمة، يكون من المهم استحضار الخطاب الديني الشرعي في قضية فلسطين عموما، وبيت المقدس خصوصا؛ وذلك أن هذه القضية جوهرها الدين والشرع مهما حاولوا إلباسها ثوب السياسة والاقتصاد، أو العلمنة والحداثة أو القومية والتاريخ.

بل إن جوهر الحياة البشرية، هو قضية دينية شرعية لها صور سياسية واقتصادية {وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون} (الذاريات: ٥٦)، وقال -تعالى- أيضا: {ليبلوكم أيّكم أحسن عملا}(الملك: ٢)؛ فالسياسات والاقتصاد والتحالفات والحروب، كلها داخلة في امتحان العبادة وابتلائها، هل تكون بما يرضي الله -عزوجل- ومما يعدّ حسنا عند الله -عزوجل؟

تاريخ ممتد

ولذلك فإن تاريخ فلسطين وبيت المقدس تاريخ ممتد في الماضي والحاضر والمستقبل، وسيشهد الكثير الكثير من الأحداث الضخمة ذات الدلالات المتنوعة التي ترتبط ارتباطا وثيق الصلة بالدين والشرع.

خمسة أحاديث نبوية

وفيما يلي خمسة أحاديث نبوية صحيحة تتعلق بمستقبل بيت المقدس، أخذتها من كتاب: (الأربعون الفلسطينية) للأستاذ جهاد العايش؛ وذلك حتى نوازن بين طوفان التحليلات القاتمة بسبب حالة العجز والضعف والتفرق والتشتت، وضوء الأمل وحبل اليقين بالنصر والتمكين إذا جمعنا الإيمان الصادق والأسباب الصحيحة للقوة من العِلم والعمل والتخطيط والتعاون والوحدة.

هجرة المسلمين

استمرار هجرة المسلمين لفلسطين وبيت المقدس؛ فعن عبد الله بن عمرو، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون هجرة بعد هجرة؛ فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم» (رواه أبو داود وصححه الألباني)، وفي هذا الحديث إشارة واضحة إلى ارتباط أرض فلسطين بأبي الأنبياء، وارتباط المؤمنين بها، واتخاذها دار هجرة لهم إلى نهاية العالم.

زوال الاحتلال

وفي الحديث إشارة لزوال الاحتلال اليهودي كما زال من قبله الاحتلال الصليبي، والحديث يؤكد حقيقة تاريخية وواقعية، وهي أن فلسطين وبيت المقدس، مقصد لكثير من الهجرات؛ فقد استوطن فلسطينَ عددٌ من الصحابة والتابعين عند الفتح العمري لها، واستوطنها أقوام شتى في عهد الفتح الصلاحي لها، كما أن كثيرًا من الحجاج والمعتمرين أقاموا وجاوروا فيها ولم يعودوا لأوطانهم رغبةً في بركتها وفضلها.

عمران كبير

بيت المقدس سيشهد عمرانا كبيرا في المستقبل؛ فعن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال» (رواه أبو داود، وأحمد، وصححه الألباني)، والحديث ينص على مستقبل عمراني كبير لبيت المقدس في ظل الإسلام، كما أن المدينة المنورة اليوم تشهد نهضة عمرانية ضخمة، وفي هذا بشارة أن حال التضييق اليهودي على أهل بيت المقدس لن تستمر من منع صيانة المسجد الأقصى وتوسعته، أو بيوت وأسواق المقدسيين، وعسى أن يكون هذا قريبا عاجلا بإذنه -تعالى.

مقر للخلافة الإسلامية

هذا العمران لبيت المقدس، وكونه مقصد الهجرات للمؤمنين، سيجعله مقرا للخلافة الإسلامية؛ فعن عبدالله بن حوالة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «يا ابن حوالة، إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه من رأسك» (رواه أحمد، وأبو داود، والحاكم، وصحّحه الألباني)، وهذا الحديث يؤكد الدور السياسي الكبير القادم في فلسطين وبيت المقدس؛ حيث سيكون لها دور كبير، وستكون مقرا للخلافة النبوية الراشدة، وغالبا سيكون ذلك زمن المهدي وعيسى -عليه السلام.

دخول الدجال المسجد

لن يتمكن الدجال من دخول المسجد الأقصى: أخرج أحمد في المسند أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنذرتكم فتنة الدجال..لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة ومسجد الرسول والمسجد الأقصى والطور» (صححه الألباني)، وهذا يتسق مع كون بيت المقدس مقر الخلافة ومأوى الطائفة المنصورة، وفي الحديث ملمح يبين أن بيت المقدس الذي ينجيه الله -عز وجل- وأهله من فتنة الدجال، بالتأكيد سينجيه الله وأهله من بلاء اليهود، ولكن في ذلك اختبار لهم واصطفاء للشهداء والمجاهدين، وعقوبة للمقصرين والمعرضين عن نصرة دين رب العالمين ومسجده.

هلاك يأجوج ومأجوج

وأيضا فإنه على أعتاب بيت المقدس يُهلك الله -عز وجل- يأجوج ومأجوج؛ فعن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون: لقد كان بهذه مرة ماء! ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر -وهو جبل بيت المقدس- فيقولون: لقد قتلنا من في الأرض هلم فلنقتل مَن في السماء؛ فيرمون بنشابهم إلى السماء؛ فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما؛ فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى» فرسى أي قتلى، (رواه مسلم).

مركزية فلسطين

وهذا الحديث يؤكد مرة أخرى على مركزية فلسطين وبيت المقدس في التاريخ المستقبلي ويؤكد على الطابع الديني للصراع؛ حيث بلغ الفجور بقوم يأجوج ومأجوج لمحاربة أهل السماء! ويكون دعاء عيسي -عليه الصلاة والسلام- والمؤمنين سبب هلاك هؤلاء القوم المفسدين.


شحذ الهمم

وفي الختام: إن الغاية من هذه التذكرة بهذه الأحاديث النبوية شحذ الهمم في وجه المؤامرات اليهودية المعاصرة، والتيقن أنها بلاء وامتحان عارض، سرعان ما يزول إذا قام أهل الإيمان بواجبهم الصحيح قياما سليما وتاما، وأن لفلسطين وبيت المقدس مستقبلا كبيرا ومشرقا، وفيه أحداث جسام لن يتم عبوره إلا باجتماع الإيمان الصحيح والعمل السليم المتقن، والموفق اليوم هو من وفّقه الله -عز وجل- ليجمع بين الأمرين؛ وبذلك يحقق واجب الوقت وينال شرف نصرة بيت المقدس.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #140  
قديم 23-02-2020, 04:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: القدس اسلامية رغم أنف امريكا متابعة لملف القدس وفلسطين المحتلة وكل ما يستجد من اح





المسجد الأقصى.. الحقيقة والتاريخ






نظرة في كتاب: قديم جديد 1-3


د. محمد بن سعد الشويعر



هذا الكتاب هو (المسجد الأقصى.. الحقيقة والتاريخ)، ومؤلفه عيسى القدُّوميّ من الباحثين الفلسطينيين، وهو غني عن التعريف؛ لأن كتبه وتفهمه القضية الفلسطينية، وما قدم عنها وعن اليهود من دراسات، وما صدر له من مؤلفات متعددة، كافية في التعريف عنه، حيث نذر نفسه للقضية: مدافعاً بلسانه وقلمه مع المشاركات في المحافل والندوات.
وأما تسمية العنوان: بنظرة، فإنما نقدمه عن هذا الكتاب، ما هي إلا إلمامة يسيرة؛ لأن الموضوع وقرائنه يستحق وقفات، ودراسة متأنية؛ إذ امتلأت الكتب بالحديث عن هذه القضية التي لم يسبق لها في التاريخ نظير: حقوق تغتصب، وأرض وديار يشرد أهلها، لتعطى لشذاذ الآفاق، وتطلق أيديهم في ممتلكات أهلها، ويعانون في استباحة الحرمان بوعود جائرة في تمليكهم تلك الديار، بقوة السلاح، فيشرد أهل الحق من ديارهم في نظرة عامة: تشبه شريعة الغاب.
ويشهد لتلك الوقائع الكثيرة التي تدور منذ ستين عاماً، ما حصل لغزة منذ أشهر قليلة حيث شاهد العالم بأسره ما حلَّ بها من دمار، وبأهلها في سفك دماء وهلع وتشريد، وبمواطنيها من قتل لا يفرق بين نساء وأطفال وشيوخ ممن نهى الإسلام عن قتلهم، وأقرت هذا النهي القوانين العصرية.
ولكن اليهود قتلة أنبياء الله قد تأصل الإجرام فيهم، وهي سجية فيهم عُرفوا بها، مع ما ضرب الله عليهم: من الغضب والذلة والمسكنة وغير ذلك من صفات عديدة، جاءت في القرآن الكريم، إلا بحبل من الله، وحبل من الناس، يشتد عويلهم لجندي مأسور، ولا ينظرون لما في سجونهم من أبرياء مظلومين.. لينطبق عليهم قول الشاعر:
قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر

أما كون الكتاب: قديماً وجديداً، فإن المسجد الأقصى قديم في مكانته، وفي قداسته لدى المسلمين؛ لأنه مسرى رسول الله عندما عُرج به إلى السماء حيث أمَّ أنبياء الله والملائكة فيه تلك الليلة، وقد جعله رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، ثالث المساجد التي تشد إليها الرحال وتضاعف فيه الحسنات، وقد بناه نبي الله سليمان، ثم دخل تحت راية الإسلام في عهد عمر بن الخطاب، ولم يسلم كبير البطاركة مفاتيح بيت المقدس، إلا لقائد المسلمين، فإن رأوا نعته وصفاته التي في كتبهم، سلموا له بدون قتال؛ لأنهم يعلمون عن قدرته وعدله؛ ذلك أنهم أحبوه قبل أن يروه؛ لما وصف به عندهم من العدل وسلامة الحكم.
فلما وصل عمر بن الخطاب، ورأوا بساطته على ظهر راحلته المتواضعة وعليه سيماء الوقار وحسن الخلق التي هي من تعاليم الإسلام، دين الله الحق؛ فقابله كبير البطارقة مستبشراً وسلمه المفاتيح، مذعناً في أداء الجزية، والدخول في رعاية دولة الإسلام، وبعد الوثيقة التي تعتبر عهداً أعطاهم عمر بموجبه عهد الله وعهد رسوله، في وثيقة أشهد عليها كبار الصحابة، رضي الله عنهم، ولا يزالون يحتفظون بها، وسوف نوردها فيما بعد كما جاءت.
وعندما ذهب عمر - رضي الله عنه - معه، ليريه كنيستهم الكبرى (كنيسة القمامة) طلب عمر أن يصلي فيها، فقال وفق نظرته البعيدة: أخشى أن يغلبكم عليها المسلمون، ولكن أصلي هاهنا.. في موقع خارجها، وقريب من بابها.
وقد تحقق ما نوه عنه عمر - رضي الله عنه -؛ إذ أصبح هذا المكان مسجداً يصلي فيه المسلمون، وقد هدمه الصليبيون وأعاده صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله -، وأما كونه جديداً، فإنه موضوع الأمة وما يمر بأهالي فلسطين من كوارث ومصائب.
وفي هذا الكتاب الذي نشرته جمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت، بالتعاون مع مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية عام 1428هـ - 2007م، الطبعة الأولى، الإصدار الثامن عشر، وسوف نسير خطوات يستنير بها القارئ، ولن نستطيع الوفاء بكل ما قاله المؤلف، مع أن صفحات الكتاب بالفهارس والمصادر (150) مائة وخمسون صفحة من القطع الكبير، ويتخلل الصفحات صور وإحصائيات ووثائق، يقع الكتاب في خمسة فصول هي:
الفصل الأول: المسجد الأقصى: معالم وفضائل، والفصل الثاني: المسجد الأقصى، وشهادة التاريخ، الفصل الثالث: المسجد الأقصى وأكاذيب اليهود، والفصل الرابع: المسجد الأقصى والحقد اليهودي، والفصل الخامس: المسجد الأقصى وواجب النصرة والتأييد.
وتحت كل فصل من هذه الفصول عناوين وموضوعات كثيرة ومهمة، تحدث عنها المؤلف بإيجاز مفيد وبإشارات عميقة الدلالة، تحرك المشاعر، وخير الكلام ما قل ودل، ولم يكثر فيمل.. وقد ختم كتابه هذا ب(خريطة فلسطين الطبيعية)، ثم المراجع والفهارس.
وتحت عنوان في هذا الإصدار، والتي جاءت في الغلاف الخارجي: تحدث المؤلف بإيجاز، عما يحويه كتابه هذا فقال: بين الحقيقة والخيال، ورغم الأحداث والجراح، نجول في رحاب المسجد الأقصى؛ للعيش عبق تاريخه، ومراحل بنائه من لدن الأنبياء جميعاً والصحابة الكرام، وروعة فتحه وعمارته، وتناوب جهابذة العلماء والمحدثين عليه: للتعليم والوعظ، بشهادة التاريخ، ثم ما كان من احتلاله على يد الصليبيين، وتحريره من دنس الأوثان على يد البطل المسلم: صلاح الدين الأيوبي - رحمه الله -.
وبعد ذلك احتلاله وإحراقه، والعبث فيه على يد اليهود الغاصبين، مع بيان شبهات اليهود والمستشرقين والرد عليهم، وتفاصيل الحقد اليهودي في حفر الأنفاق تحت المسجد الأقصى، ونبش مقابر الصحابة وبناء المتحف اليهودي، وهدم طريق باب المغاربة.
وما أعد اليهود لهدم بيت من بيوت الله: المسجد الأقصى، وما حوله من البناء لقيام معبدهم المزعوم، على أنقاضه.
وبعد ذلك كله التوجه للمسلمين جميعاً، بالنهوض والقيام بواجب النصرة والتأييد، ومناشدتهم حماية القدس، والأقصى السليب، قبل فوات الأوان. أ.هـ.
وهذه الكلمة التي جعلها المؤلف في نهاية كتابه، وقد أبرزها بحكم موقعها في صفحة مستقلة هي تمثل الختام، ولكن واقعها يعني منهج المؤلف في كل ما طرحه، من آراء ومعلومات في كتابه، مخالفاً المنهج عند كثير من المؤلفين بأن يكون مثل هذا في البداية: إما في المقدمة أو بعنوان مستقل.
وهذه الطريقة بدأ كثير من المؤلفين يستحسنها؛ ليسهل على القارئ قبل الشراء معرفة المحتويات، وما طرح فيه من آراء وأفكار.
أما الإهداء، فقد جعله المؤلف، بكلمة موجزة، وفي مكان بارز بصفحة مستقلة، لافتاً النظر، وهذا نصه: (إلى القلوب الحية، التي تعلقت بحب المسجد الأقصى).. فهي كلمة - إن شاء الله - مثلما خرجت من قلب صادق، فسوف تلج القلوب المؤمنة المخلصة، متى ما أخذها القراء، بإخلاص ومحبة في الوفاء.
وقبل الدخول في مادة الكتاب وفصوله الخمسة نرى في صفحة 6 يستفتح بقول الله سبحانه: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى) (1) سورة الإسراء، بخط بارز جميل في وسط الصفحة وبارز، بين صورتين: العليا منهما الكعبة المشرفة، بيت الله الحرام، وفي الجزء الأسفل من الصفحة: المسجد الأقصى.. وهذا الإخراج يرمز إلى مكانة المساجد الثلاثة المسجد الحرام، الذي قدسه الله، وبناه أبو الأنبياء إبراهيم، يساعده ابنه اسماعيل عليهما السلام، والثاني الحرم المدني ومسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي بناه في مكان مهاجره المدينة، والثالث: المسجد الأقصى الذي بناه سليمان عليه السلام.
فهو يورد في صفحة 7 تحت صورتين: للمسجد الأقصى خاصة، والأخرى لنفس المسجد، ويبرز فيها مسجد الصخرة وتحتهما هذا العنوان: لماذا المسجد الأقصى: الحقيقة والتاريخ؟ يعرف بالمحتوى المقدم للقراء بين دفتي هذا الكتاب: فيقول: جهد نقدمه إلى الأمة الإسلامية؛ إسهاماً بالكلمة والصورة في معركة الدفاع عن المسجد الأقصى، وبيت المقدس، وأرض فلسطين لتثبيت الحقائق، حول مكانة المسجد الأقصى في الشرع الإسلامي، والرد على شبهات اليهود وأكاذيبهم والتي أرادوا من إشاعتها، أن يسلب المسجد الأقصى من أصحابه الشرعيين: عقيدةً وتاريخاً وتراثاً، مثلما سلب منهم: حساً وواقعاً، وتسليط الضوء على واقع المسجد الأقصى المبارك، في ظل الاحتلال، لنعي حجم المؤامرة لسلب مسرى النبي الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم -.. إصدار يضاف إلى ما كتب عن المسجد الأقصى، ومدينة القدس وأرض فلسطين، إلى أن قال: فهذا هو تاريخنا لمن أراد شهادة التاريخ، وهذه أدلة شرعنا على حقنا في مقدساتنا، وتلك هي الوثائق والعهود على مر العصور، ماثلة أمامنا، ولا تخفى على أحد، تضحيات المسلمين في دفاعهم عن أرض فلسطين، وتلك هي مخططات اليهود، قتلة الأنبياء، ومحرفي الكتب والرسالات، نسطرها للمسلمين؛ لتكون عوناً وترسيخاً، لتبرز الحقائق واضحة، جلية من غير تشويه ولا تحريف، في زمن أصبح فيه قلب الحقائق، وطمس التاريخ، وعولمة الأكاذيب، وافتراءات اليهود، أحد مقومات الإعلام العالمي المنحاز لليهود وافتراءاتهم (ص7).
ثم يؤكد ارتباط الدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، بالدفاع عن كل شبر من أرض فلسطين؛ فالقدس هي فلسطين، وفلسطين قضيتنا الأولى ولن نتنازل عن أي جزء منها؛ لأنها قضية إسلامية عالمية.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 195.01 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 188.95 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (3.11%)]