من صفات عباد الرحمن التواضع - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 37 )           »          الوقـف الإســلامي ودوره في الإصلاح والتغيير العهد الزنكي والأيوبي نموذجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أفكار للتربية السليمة للطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          لزوم جماعة المسلمين يديم الأمن والاستقرار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          منهجُ السَّلَف الصالح منهجٌ مُستمرٌّ لا يتقيَّدُ بزمَانٍ ولا ينحصِرُ بمكانٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 38 - عددالزوار : 1197 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 16919 )           »          حوارات الآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 17 )           »          الخواطر (الظن الكاذب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الإنفــاق العــام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-08-2019, 02:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,025
الدولة : Egypt
افتراضي من صفات عباد الرحمن التواضع

من صفات عباد الرحمن التواضع
وحيد عبد السلام بالي



الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وبعدُ:
فإن الله - عز وجل - أخبرنا بكثير من صفات عباده الصالحين؛ منها ما جاء في القرآن الكريم، ومنها ما جاء في السنة المطهرة على لسان خاتم الأنبياء والمرسلين.
ومن ذلك ما جاء في سورة الفرقان؛ فقد ذكر الله - عز وجل - بعض هذه الصفات؛ فقال- تبارك وتعالى -: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) الفرقان.
وهذه الآيات تبين لنا بعضًا من صفات عباد الرحمن؛ كالتواضع والسكينة والوقار في المشي، ورد السيئة بالحسنة، والقول الطيب السليم من الإثم، وقيام الليل، والخوف من عذاب النار، والاعتدال في النفقة، وعدم الشرك به - جل وعلا -، وعدم قتل النفس إلا بالحق، والابتعاد عن جريمة الزنا.
ومما ورد في سورة "الفرقان" : (رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا) آية، وفي سورة "البقرة" : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا) آية، وفي سورة "الفرقان": (إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) آية، وفي سورة "الأنفال": (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) آية، وتوجد أمثلة كثيرة أخرى لصفاتٍ وصف الله - عز وجل - بها عباده المخلصين، وفيما يلي نستعرض كل صفة من هذه الصفات، ونبدأ بعون الله - تعالى – بصفة التواضع:
عن عياض بن حمار - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله: ((إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد)) مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله قال: ((ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه)) مسلم.
وعن جابر - رضي الله عنه -، أن رسول الله قال: ((إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة الثرثارون والثرثار هو كثير الكلام تكلفًا، والمتشدقون، والمتفيهقون)) قالوا: يا رسول الله، قد علمنا الثرثارين والمتشدقين، فما المتفيهقون؟ قال: ((المستكبرون)) الترمذي وصححه الألباني.
وعن أبي سعيد وأبي هريرة - رضي الله عنهما – قالا: قال رسول الله يقول الله - عز وجل –: ((العزُّ إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني، عذبته)) مسلم.
وعن حارثة بن وهب - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله يقول: ((ألا أخبركم بأهل النار، كل عُتل جواظ مستكبر)) متفق عليه.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رسول الله قال: ((إن أهل النار كل جَعْظَرِيِّ جَوَّاظٍ مستكبر جمَّاع منَّاع، وأهل الجنة الضعفاء المغلوبون)) رواه أحمد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي قال: ((تحاجت النار والجنة فقالت النار أُوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعجزهم فقال الله للجنة أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء من عبادي وقال للنار أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها)) مسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم، ولهم عذاب أليم شيخ زانٍ وملك كذاب، وعائل مستكبر)) مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أنه سمع النبي يقول: ((من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر؛ كبَّه الله لوجهه في النار)) رواه أحمد، ورواته رواة الصحيح، قاله المنذري في الترغيب، وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء إسناده صحيح.
وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي قال: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا؟ قال: ((إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس)) مسلم. ومعنى ((بطر الحق)) أي رد الحق وعدم قبوله، و((غمط الناس)) احتقارهم.
فضل التواضع
قال الله - تعالى -: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الشعراء.
وقال - سبحانه -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) المائدة. أي رحماء بالمؤمنين متواضعين لهم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، - رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: ((مَا مِنْ آدَمِيٍّ إِلا فِي رَأْسِهِ حَكَمَةُ الْحِكْمَةِ بِيَدِ مَلَكٍ، فَإِنْ تَوَاضَعَ قِيلَ لِلْمَلَكِ ارْفَعْ حِكْمَتَهُ، وَإِنِ ارْتَفَعَ قِيلَ لِلْمَلَكِ ضَعْ حِكْمَتَهُ)) الطبراني في المعجم الكبير، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، وفي الصحيحة.
وقال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: "وجدنا الكرم في التقوى، والغنى في اليقين، والشرف في التواضع" إحياء علوم الدين.
وقال عمر - رضي الله عنه -: "إن العبد إذا تواضع لله، رفع الله حَكَمَتَه، وقال انتعش رفعك الله، وإذا تكبر وعدا طوره، رهصه الله في الأرض، وقال اخسأ خسأك الله، فهو في نفسه كبير وفي أعين الناس حقير، حتى إنه لأحقر عندهم من الخنزير" ابن أبي الدنيا في كتابه التواضع والخمول.
وقالت عائشة - رضي الله عنها -: "إنكم لتغفلون عن أفضل العبادات التواضع" إحياء علوم الدين للغزالي.
وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه – قَالَ: "نَزَلْنَا لِلصِّفَاحِ، فَإِذَا رَجُلٌ نَائِمٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ قَدْ كَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَبْلُغَهُ قَالَ فَقُلْتُ لِلْغُلامِ انْطَلِقْ بِهَذَا النِّطْعِ فَأَظِلَّهُ، قَالَ فَانْطَلَقَ فَأَظَلَّهُ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ إِذَا هُوَ سَلْمَانُ، فَأَتَيْتُهُ أُسَلِّمُ عَلَيْهِ، فَقَالَ يَا جَرِيرُ تَوَاضَعْ لِلَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا رَفَعَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَا جَرِيرُ هَلْ تَدْرِي مَا الظُّلُمَاتُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قُلْتُ لا أَدْرِي، قَالَ ظُلْمُ النَّاسِ بَيْنَهُمْ" رواه هناد في الزهد رقم، ووكيع في الزهد، وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه البيهقي بإسناد حسن.
وقال الحسن: "التواضع أن تخرج من منزلك ولا تلق مسلمًا إلا رأيت له عليك فضلاً" ابن أبي الدنيا في كتابه التواضع والخمول.
وقال قتادة: "من أعطي مالاً، أو جمالاً، أو ثيابًا، أو علمًا، ثم لم يتواضع فيه؛ كان عليه وبالاً يوم القيامة" ابن أبي الدنيا في كتابه التواضع والخمول.
وقال الفضيل: وقد سُئل عن التواضع «أن تخضع للحق وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قبلته، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته» ابن أبي الدنيا في كتابه التواضع والخمول رقم، وأبو نعيم في الحلية
وقال ابن المبارك: "رأس التواضع أن تضع نفسك عند من دونك في نعمة الدنيا حتى تُعلمه أنه ليس لك بدنياك عليه فضل، وأن ترفع نفسك عمن هو فوقك في الدنيا حتى تُعلمه أنه ليس له بدنياه عليك فضل" ابن أبي الدنيا في كتابه التواضع والخمول.
وقيل لعبد الملك بن مروان أي الرجل أفضل؟ قال: "من تواضع عن قُدرة، وزهِدَ عن رغبة، وترك النصرة عن قوة" ابن عساكر في تاريخ دمشق.
وقيل: "أرفع ما يكون المؤمن عند الله أوضع ما يكون عند نفسه، وأوضع ما يكون عند الله أرفع ما يكون عند نفسه" إحياء علوم الدين.
وقيل: "لا عز إلا لمن تذلل لله - عز وجل -، ولا رفعة إلا لمن تواضع لله - عز وجل -، ولا أمن إلا لمن خاف الله - عز وجل -، ولا ربح إلا لمن باع نفسه لله - عز وجل –" إحياء علوم الدين.
أمثلة من تواضع النبي
لقد ضرب لنا النبي المثل الأعلى في التواضع وكيف لا وهو الذي زكاه الله بقوله وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ القلم، وقال له أيضًا وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ آل عمران، بل كان رحيم القلب، خافض الجناح، لين الجانب.
فمن مظاهر تواضعه أنه كان إذا مر بصبيان صغار يلعبون، سلم عليهم. متفق عليه
ولقد بلغ التواضع بالنبي أنه كان يعاون أهله في عمل البيت فعن الأسود بن يزيد؛ قال سألت عائشة - رضي الله عنها -: ما كان النبي يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إليها. البخاري.
ولقد كان التواضع ظاهرًا في كل أفعال النبي، حتى في طعامه وشرابه فكان إذا أكل لعق أصابعه الثلاث. مسلم.
وقال: ((إذا سقطت لقمة أحدكم، فليمط عنها الأذى، وليأكلها ولا يدعها للشيطان)) مسلم.
ومن تواضعه: أنه كان يجيب الدعوة إلى الطعام، ولو كان قليلاً، وكان يقبل الهدية، وإن كانت شيئًا مستصغرًا في نظر الناس؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي قال: ((لو دعيت إلى كراع لأجبت، أو ذراع، ولو أهدي إليَّ ذراع أو كراع، لقبلت)) البخاري. و"الكراع" هو جزء من الحيوان لا يكون فيه لحم كثير، وهو ما بين الركبة والساق.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت قال رسول الله: ((يا عائشة، لو شئت لسارت معي جبال الذهب، جاءني ملك، إن حجزته لتساوي الكعبة، فقال إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك إن شئت نبيًا عبدًا، وإن شئت نبيًا ملكًا)) فنظرت إلى جبريل، قال: ((فأشار إليَّ أن ضع نفسك قال: فقلت نبيًا عبدًا)) أبو نعيم في حلية الأولياء، وقال الألباني في الصحيحة: صحيح دون ذكر الحجزة، وبلفظ بل عبدًا رسولاً، فكان رسول الله بعد ذلك لا يأكل متكئًا، يقول: ((آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد)) رواه أبو يعلى، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وعن أبي أمامة - رضي الله عنه – قال: كان حديث رسول الله القرآن، يكثر الذكر، ويقصر الخطبة، ويطيل الصلاة، ولا يأنف ولا يستكبر أن يذهب مع المسكين الضعيف حتى يفرغ من حاجته. رواه الطبراني، وإسناده حسن، قاله الهيثمي في مجمع الزوائد.
وعن عمر - رضي الله عنه - أن النبي قال: ((لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله)) متفق عليه.
ومن تواضعه: أنه كان يرتدف على الدابة في وقت كان الناس يأنفون من ذلك، فعن معاذ - رضي الله عنه – قال: كنت ردف النبي على حمار يقال له عفير، فقال: ((يا معاذ، هل تدري ما حق الله على عباده، وما حق العباد على الله؟)) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئًا)) فقلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس؟ قال: ((لا تبشرهم فيتكلوا)) متفق عليه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: كان رسول الله يجلس على الأرض، ويأكل على الأرض، ويعقل الشاة، ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير. رواه الطبراني، وإسناده حسن، قاله الهيثمي في المجمع.
وعن الحسين بن علي - رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله: ((لا ترفعوني فوق حقي؛ فإن الله - تعالى -اتخذني عبدًا قبل أن يتخذني رسولاً)) رواه الطبراني، وإسناده حسن، قاله الهيثمي في المجمع
أمثلة من تواضع الصحابة -رضي الله عنهم-.
عن عمر المخزومي قال: نَادَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - بِالصَّلاةِ جَامِعَةً، فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ وَكَثُرُوا؛ صَعِدَ الْمِنْبَرَ؛ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَصَلَّى عَلَى نَبِيِّهِ، ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أَرْعَى عَلَى خَالاتٍ لِي مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ فَيَقْبِضْنَ لِي الْقَبْضَةَ مِنَ التَّمْرِ أَوِ الزَّبِيبِ، فَأَظَلُّ يَوْمِي وَأَيُّ يَوْمٍ ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زدت على أن قئمت نَفْسَكَ يَعْنِي عِبْتَ قَالَ فَقَالَ وَيْحُكَ يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنِّي خَلَوْتُ؛ فَحَدَّثَتْنِي نفسي؛ قال أَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَمَنْ ذَا أَفْضَلُ مِنْكَ؟ فَأَرَدْتُ أَنْ أُعَرِّفَهَا نَفْسَهَا. ابن عساكر في تاريخ دمشق.
وعن الحسن - رحمه الله - قال خرج عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في يوم حار واضعًا رداءه على رأسه، فمر به غلام على حمار، فقال يا غلام احملني معك، فوثب الغلام عن الحمار، وقال اركب يا أمير المؤمنين، قال: لا، اركب، وأركب أنا خلفك، تريد تحملني على المكان الوطيء وتركب أنت على الموضع الخشن فركب خلف الغلام، فدخل المدينة وهو خلفه والناس ينظرون إليه. ابن أبي الدنيا في كتاب الزهد، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
وعن سنان بن سلمة الهذلي قال: خرجت مع الغلمان ونحن بالمدينة نلتقط البلح، فإذا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - معه الدرة، فلما رآه الغلمان تفرقوا في النخل، قال: وقمت وفي إزاري شيء قد لقطته، فقلت يا أمير المؤمنين هذا ما تلقي الريح قال فنظر إليَّ في إزاري فلم يضربني، فقلت يا أمير المؤمنين، الغلمان الآن بين يدي وسيأخذون ما معي قال كلا امش قال فجاء معي إلى أهلي. الطبقات الكبرى لابن سعد.
وعن عبد الله بن الرومي، قال: كان عثمان - رضي الله عنه - يلي وضوء الليل بنفسه، فقيل لو أمرت بعض الخدم فكفوك فقال: لا، إن الليل لهم يستريحون فيه. كنز العمال.
وعن الحسن قال: رأيت عثمان - رضي الله عنه - نائمًا في المسجد في ملحفة، ليس حوله أحد، وهو أمير المؤمنين. الزهد للإمام أحمد، وأبو نعيم في حلية الأولياء.
وعن جرموز قال: رأيت عليًّا - رضي الله عنه - وهو يخرج من القصر وعليه قطريتان إزار إلى نصف الساق، ورداء مشمر قريب منه، ومعه درة له، يمشي بها في الأسواق، ويأمرهم بالتقوى وحسن البيع، ويقول أوفوا الكيل والميزان. ابن عساكر في تاريخ دمشق.
وعن عبد الله بن سلام: أنه مرّ في السوق وعليه حزمة من حطب، فقيل له ما يحملك على هذا وقد أغناك الله عن هذا؟ قال: أردت أن أدفع الكبر؛ سمعت رسول الله يقول: ((لا يدخل الجنة من في قلبه خردلة من كبر)) الطبراني في المعجم الكبير رقم، وقال المنذري إسناده حسن.
وعن ثابت بن مالك قال رأيت أبا هريرة - رضي الله عنه - أقبل من السوق يحمل حزمة حطب وهو يومئذ عامل لمروان، فقال أوسع الطريق للأمير يا ابن مالك. إحياء علوم الدين.
هكذا كان حال الجيل الذي تربى في المدرسة المحمدية، تربوا على يد الرسول، ورحم الله الإمام مالكًا؛ حيث قال: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها" فمن أراد الصلاح والفلاح؛ فعليه بالاقتداء برسول الله والاقتباس من السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن نهج طريقهم، واقتفى آثارهم؛ لأنهم كانوا على هدًى مستقيم، والحمد لله رب العالمين.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.73 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.95 كيلو بايت... تم توفير 1.78 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]