تأمُّل في رواية: (حكومة الظل) للدكتور منذر القبَّاني - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         ولا تبغوا الفساد في الأرض (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          تحرر من القيود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          فن التعامـل مع الطالبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 28 - عددالزوار : 777 )           »          العمل السياسي الديـموقراطي سيؤثر في الصرح العقائدي وفي قضية الولاء والبراء وهي قضية م (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 129 )           »          طرائق تنمية الحواس الخمس لدى الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 27 )           »          الله عرفناه.. بالعقل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 7 - عددالزوار : 90 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها

ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 20-01-2021, 03:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,578
الدولة : Egypt
افتراضي تأمُّل في رواية: (حكومة الظل) للدكتور منذر القبَّاني

تأمُّل في رواية: (حكومة الظل) للدكتور منذر القبَّاني



















عندما ينكأ الواقعُ جراحَ الماضي..







وائل بن يوسف العريني

تعد الرواية في العصر الحديث وجهاً من وجوه التعبير عما يريده الكاتب في صورة غير مباشرة؛ لتَقيه -إن لزم الأمر- تبعات رؤيته للأحداث وقراءته لها، بما تتيحه له من حرية في طروق الرمز والتلاعب في دلالته، حتى لتعفِّي الأثر من خلفه وتبقيه في منطقة الرضا والأنموذج.



ومن أجل ذلك فالرواية كما يعبِّر عنها أحد النقاد صرخةٌ في وجه الواقع ومخالفة له وثورة عليه، من خلالها يقول الكاتب رأيه في مِساحة كبيرة من الحرية التي قد لا يخالطها الموضوعية غالباً.



والرواية التي نحن بصدد الحديث عنها هي من روائع د. منذر القباني، وتحمل عنوان (حكومة الظل)، وفيها ينسج الكاتب قصة رجل أعمال مولع بالتاريخ يزور أستاذُه الذي جعله يحب هذه المادة، وبعد زيارته بيومين وُجد الأستاذ مُنتحراً -أو ظُن كذلك- في قصره بإحدى ضواحي الرِّباط بعد أن رأى رجلُ الأعمال في وجه أستاذه امتعاضاً من زائرٍ قال عنه إنه من زملائه في العمل.




بعد هذا وجد رجلُ الأعمال الشاب واسمه (نعيم) رسالةً من أستاذه غيرَ مفهومة جعلته يبحث عن سبب موت أستاذه، وبخاصَّة حين قص عليه خبرَ زيارته لتركيا ورؤيته بعض الوثائق وقراره تأليف كتاب عن جماعة الاتحاد والترقِّي التركية.



وينتقل الحديث بعدها مرة إلى الماضي أيام السلطان عبد الحميد إذ يعيش جدُّ نعيم واسمه (خليل) حيرة أخرى نتيجة ما بدا له من أمور غير مفهومة يسعى إلى حلِّها، أبطالها هم اليهود في جماعة البنَّائين الأحرار (الماسونية).



وتستمر الرواية على هذا النسق، إذ يلتقي نعيمٌ الصحفيَّ المشاكسَ (طلعت نجاتي) بتوجيه غير مباشر من الأستاذ (بنوزّاني) أستاذ نعيم، حتى يصلوا في النهاية إلى قراءة المؤامرة الصِّهيونية والتنظيم السري الذي أنشأه جمال الدين الأفغاني مناوأة للماسونية وسماه (العروة الوثقى).




والكاتب من خلال هذه الرواية يريد أن يثبت أو يوصل للقارئ أن (حكومة الظل) -وهو عنوان الرواية- يعني سيطرةَ اليهود على العالم وتسترهم خلف الحكام أو الرؤساء المنتخَبين، إذ يعمل اليهود -من خلال الماسونية وفروعها المتعددة- في الظل وفي الخفاء، يسيِّرون الأمور ويحلُّون ويعقِدون حسب ما تمليه مصالحهم الفكرية والمذهبية والاقتصادية أيضاً.



وكأن الكاتب أراد أن يعيد صياغة كتاب (الصِّهيونية ..حكومة العالم الخفيَّة) في قالب فني يتيح للعامة الفهم وقراءة الأحداث قراءة واعية، بعيداً عن نشرات الأخبار وكلام الصحف التي تنقل صباحَ مساءَ ما يريده الساسة لا ما هو واقع وحق صحيح.



واستخدم الكاتب ببراعة سلاح التاريخ، وحاول في كثير من مواضع الرواية أن يوصل للقارئ قناعته بأن التاريخ يُعين إعانة كبيرة على فهم الواقع وإعادة ترتيب الأمور وفق منطقها المجرَّد البعيد عن العاطفة أو التخمين، وكأن التاريخ فانوس يجلو الظلمة ويزيح ستار الغموض، وهذا الذي أراد أن يوصله الكاتب يعيد إلى الذِّهن فكرة كتاب (هل يعيد التاريخ نفسه ؟)؛ إذ الكاتب يطبِّق -على نحو ما- ما قاله ذاك الكتاب، وأن التاريخَ يمكن أن يعيد نفسه، أو على الأقل يخبرك وينبئك عن الأحداث واحتمال وجودها، يقول الدكتور بنوزّاني لطلابه في الجامعة: "التاريخ هو مفتاح فهم الحاضر وقراءة المستقبل"، ويقول: "التاريخ؛ إن فهمت الماضي فسيُرشدك إلى حلِّ ألغاز الحاضر واستشعار المستقبل"، وهذا يصدِّقه ما كان يقوله المؤرِّخون في إبَّان الثورة الشيوعية؛ إذ قال أحدهم: "الشيوعية ستدخل أرفُفَ المكتبات خلال ثلاثين سنة"، في إشارة واضحة إلى اضمحلال تلك الثورة واستحالتها إلى تاريخ وأحداث تُروى للأجيال القادمة، وهو بالفعل ما كان، فليس هناك اليوم إلا أذيال الشيوعية التي بدأت تموت هي أيضاً.




وهذه النزعة التاريخية كان لا بدَّ لها من محرِّك يقوم بدفع الأحداث والسَّير بها إلى حيث أُريد لها، لذا استخدم الكاتبُ أستاذَ التاريخ المتمكِّن من مادته ابنَ المغرب الذي لا يقبل الأحداث على علاتها بل يغوص فيها ليبحثَ عن الحلقة المفقودة التي تعينه على فهم الواقع ومعرفة أسراره، يسانده في ذلك تلميذٌ نجيب أحبَّ التاريخ دون أن يتخصص فيه، مما جعل الأستاذ يحرِّكه نحو البحث عن الحقيقة التي جعلت جدَّه (خليل) يعمل في مجلس المبعوثان (أي: البرلمان) سنة واحدة دون أن يعلم أحد من أسرته بذلك، ومن أجل هذا كان انتقاء رجل أعمال شابٍّ إجادة أخرى للكاتب؛ لأنه من جهة كثير الأسفار مما يتيح له البحث في أكثر من جهة، ومن جهة أخرى فهو شاب، ومن طبع الشباب المغامرة والحماسة وركوب المخاطر، كل ذلك أسهم في نسج الصورة التي أرادها الكاتب لروايته وانطلق من أجلها.




ولما كان التاريخ وحدَه ليس غرض الكاتب، بل أراد فهمَ الواقع بمعونة التاريخ، كان لا بدَّ إذن من محرك باحث في الواقع والأحداث اليومية الراهنة، حينها لم يجد أفضل من صحفيٍّ مشاكس لا يريد أن يبتلع إفرازات وكالات الأنباء، بل ينقب عن موضوعاته ويغوص في أعماق لجج الأحداث ليُخرجَ لؤلؤ الحقيقة، فكان هذا متحقِّقاً في شخص (طلعت نجاتي).



إن التقاء التاريخ في شخص (نعيم) مع الواقع والحاضر في شخص (طلعت)، والانطلاق معاً في إعادة تشكيل الأحداث ومحاولة وضع النِّقاط على الحروف كما يقال = إن ذلك كله إجادة تُحسَب للكاتب وتسجَّل له وتسير وَفق النظرة التي أرادها الكاتبُ أولَ وهلة (التاريخُ يُعين على فهم الواقع).



وإمعاناً في هذه الرؤية تألَّفت الرواية من خمسة وثلاثين فصلاً أو مشهداً أو مقطعاً، كان نصيب التاريخ منها تسعة، تقع بين أحداث الواقع في مزج منظَّم بعناية؛ إذ تجد الإجابةَ عن تساؤل ما -كمجلس المبعوثان أو العروة الوثقى- في الفصل التالي مباشرة، ثم جاء الفصل الأخير مازجاً التاريخَ بالواقع في إطلالة أخيرة للكاتب يختم بها ما بدأه وكرَّره في الرواية من التلازم والتوافق الكبير بين التاريخ والواقع.




كما يُحسب للكاتب من جهة أخرى تلك الروح الإيمانية المتجلِّية في مواضع عدَّة، منها دفاع (نعيم) عن الفضيلة وعدم امتهانها باسم الفن، يقول في جمعٍ من الفنانين والفنانات وعِلية القوم في مصر، حين جمعه معهم احتفالٌ جُلب إليه نعيم دون علمه، يقول: "إذا كان الفنُّ يتعارض مع تعاليم الدين فهو مرفوض".




كما ينص الكاتب على الصلاة والدعاء والروضة الشريفة في المسجد النبوي، واختار (شِفرة) الرسالة التي بعثها الأستاذ لتلميذه من القرآن في إشارة واضحة إلى أن العودة إلى المجد وبناء الحاضر الناجح للأمة لا يكون إلا من خلال الانطلاق مجدداً من القرآن الكريم، كما كان سلف الأمة الناجح الفالح؛ لأن مجداً لا يقوم على دعائم صلبة من تراث الأمة يوشك أن ينهار، وإنما يتهاوى البناء كلَّما ارتفع قليلاً، مع ملاحظة أن هذا المجدَ يعود إلى قاعدة: {إن اللهَ لايغيِّر ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفُسِهم}.




ولقد اعتنى الكاتب ببيئة عمله عناية كبيرة، واختارها وَفق منهج واضح المعالم ظاهر العلاقة مع المضمون والأحداث التي أبدعها، فحينما اختار المغرب بيئةً تاريخيةً فهو قد لمح عناية أهل المغرب بالتاريخ وشغفهم به، ثم في مصر حيثُ الخيانة وقربها من فلسطين، وكان عدد من تجارها متواطئين مع العدو اليهودي، أما إستانبول فهي مدار الأحداث التاريخية المعروفة والتي كان لليهود كِبْرَ الفتنة فيها.




والمدينة عند الكاتب هي مُنطلق النهضة الإسلامية الحديثة، كما أنها مُنطلق الدين الإسلامي في عهده الزاهر؛ عهد النبوة والخلافة الراشدة الذي آتى أُكُلَه ضِعفَين على امتداد رقعة الإسلام وكثرة سواد المسلمين، وأساس تلك النهضة الحديثة الرجوع إلى كتاب الله والاعتصام بالعُروة الوثقى التي لا انفصام لها.



ولندن بلد التآمر ومصدر التوجيهات والأوامر الدنيئة في ظلام الليل وغفلة الرقيب، وهذا اختيار موفَّق؛ إذ أوربا كلها بلد يكثر فيه اليهود وقادة التنظيمات السرية التي تتخذ من الغدر والخسة وسيلة قذرة لغاية أشد قذارة وأكثر لصوصية وإجراماً .



وأبرزت الرواية إبرازاً واضحاً مذهلاً سلاحَ اليهودية الأول في كل زمان، فهم يفتحون بالمال ما استغلق، ويزعزعون به ما استقرَّ، يهدمون به صروح الفضيلة، ويحطِّمون بواسطته ضمائرَ البشر حتى يتعاون معهم كثير من الناس مستفيدين استفادة دنيئة من الحديث النبويِّ الشريف الذي يُخبر عن طمع الإنسان؛ فإنه لو كان له وادٍ من ذهب لتمنَّى أن يكون له آخر، في سعي حثيث لبناء قصور الذهب التي لا تغرب عنها الشمس.




المال عند اليهود هو السلاح الذي يتحكَّمون به في مصائر الناس وسياسات الدول، والشواهد كثيرة على ذلك، فقد عرضوا على السلطان عبد الحميد تسديدَ ديون الدولة التي بلغت رقماً خيالياً، إضافة إلى إغداق أموال طائلة وتقديم خدمات كثيرة مقابل التنازل عن فلسطين، ولكن السلطان -رحمه الله- رفض بإباء إسلامي، وآثر الفقر الموشَّى بالأمانة على غنىً مشوب بالخيانة، وقال مقولته المشهورة: فلسطين أرضي وأرضُ آبائي، رَوَوها بدمائهم فلن أتنازلَ عن شبر منها بأموال الدنيا كلها.



وهذا ما كان، حتى إن ابنه رُئي يعمل سائقاً لسيارة أجرة بين سورية ولبنان.



واستخدم الكاتب التسمية الرامزة بأسلوب رائع وإلماح بديع، فقد اختار لبطل قصته اسم (نعيم)، ولعلها إشارة إلى أن الغنى والثروة ورغد العيش لا يمنع أبداً من التفكير في واقع الأمة ومصيرها، وواجب الفرد تجاه دينه وأرضه وأمَّته.



و(خليل) جدُّ نعيم صادق المُخالَّة ومخلص للصاحب والصديق، ولتنظيم العروة الوثقى، حتى مات واحترقت جثَّته مع بيته، وهو بالإضافة إلى ذلك (وزّان) أي أن العاطفة والحماسة لا تأخذان الإنسان وتُرديانه في موارد التهلكة، بل تجب زنة الأمور وحساب العواقب حتى لا يكون الإنسان متهوِّراً لا يستخدم عقله قبل الإقدام أو الإحجام.


ويختار الكاتب للصحفيِّ المشاكس المتطلع للأمور الباحث عن الحقيقة في النظر بظواهرها والنفاذ إلى أعماقها، يختار له اسم: (طلعت نجاتي)، فناسب اسمه مهنتَه و وظيفته التي توجب على ممتهنها التطلُّع والبحث، وتعريض النفس للمخاطر سعياً وراء الخبر الصادق؛ ولذا كانت الصِّحافة مهنة المتاعب.


و(أبو بكر الحسيني) ذاك الشيخ الفلسطينيُّ الذي يقود تنظيماً فتياً قليل الأنصار والأعوان مترَبَّصاً به، ينطلق من الحق ويسعى إلى إنقاذ الناس من براثن الشرِّ وتربص العدو بالأمة، قاربت مهمته إلى حد كبير مهمة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في فجر الإسلام حين كان يسعى إلى إنقاذ الناس من ظلام الوثنية إلى نور الإسلام، فناسب هذا الاسم (أبو بكر) وظيفةَ الحسيني ومهمَّته التي قام بها طائعاً مختاراً متحمِّساً.



ولعل من المناسب قبل أن أختم هذا الحديث أن أشير إلى عدة ملحوظات هي:



أولاً: ما جاء في ختام الرواية من إدراك حفيد الشيخ الحسيني لما جاء من أجله نعيم أولَ وهلة، ومعرفته ما يريد وأنه حفيد خليل الوزان، هذا المشهد غير مسوَّغ مما يجعله نابياً في الحدث الذي يُشترط فيه مخالفته للمتوقَّع، مع المحافظة على جانب الإقناع والتسويغ من خلال السياق، ثم يُفترض بهذا التنظيم السرِّي (العروة الوثقى) أن يكون أعضاؤه أكثر سرِّية، وخاصَّة في فورة التنظيم المعادي وعُنفوانه وقوَّة سلطانه وكثرة أعوانه وامتداد مخالبه إلى كثير من البلاد الإسلامية، على ما تشير الرواية في أحداثها المتتابعة.



ثانياً:
النهاية المفتوحة على نحوٍ غير معتاد أو متوقَّع، نعم النهاية المفتوحة -بلا شك- أجود وأخصب وأكثر استثارة للذهن، ولكن هذه الرواية لا يمكن التنبُّؤ بما يمكن أن يقع بعد ذلك من وجهة نظر الكاتب، فهو لم يُشر أو يتوجه إلى اتجاه يمكن أن يكمله القارئ وينسج من خلاله نهاية الرواية.



ثم إن إنهاء الرواية على هذا النحو يجعلنا نظن أن الكاتب استعجل كثيراً في ختم روايته والتخلُّص من عبئها سريعاً، وإن كنت أظن أن رحلة نعيم إلى ماليزيا إشارةٌ إلى وجوب التوجُّه إلى الشرق البعيد كثيراً عن مخالب المؤامرات، والخِصب كثيراً، والأكثر قبولاً للروح الإسلامية واستعداداً لبناء حضارة إسلامية، إن كان الكاتب أراد ذلك فإن إشارته تلك ضعيفةٌ إلى درجة خفائها على جمهرة القراء.



ثالثاً:
كأني أرى في هذه الرواية انعكاساً لرواية عالمية مشهورة ومعروفة هي: (شِفرة دافنشي)؛ إذ تتفق الروايتان في قضايا رئيسة مع اختلاف الغرض والمرمى، ويمكن إجمالُ نِقاط الاتفاق فيما يلي:




1 - فكرة الرواية وإنشاؤها قائم على منظمات سرِّية قديمة تظهر في وقت الرواية الحاضر، ويكون لها تأثيرٌ في الأحداث ومجرى الأمور فيها، وهذا التأثير هو تأثير سرِّي وعميق التأييد على نحو غير مفهوم.




2 - الصراع والتدافع الذي حرَّك الرواية وخلق الحياة فيها هو قتلٌ أراد فيه المجرم أن يبدوَ كأنه انتحارٌ؛ ليُضلِّل الأجهزة الرسمية، وينتهي الأمر دون تحرٍّ أو بحث، وهذا ظاهر في طريقة قتل (قيِّم اللوفر) في رواية (دان براون)، وطريقة قتل (بنوزّاني) في رواية د. منذر القباني.




3 - المقتول في كلا الروايتين يحاول بعثَ رسالة لشخص فيلجأ للشِّفرة والتعمية من خلال الرسالة، ويسعى البطل إلى فكِّ تلك الشِّفرة.




4 - التقاء التاريخ في كلا الروايتين بالواقع، إذ التقى (لانغدون) أستاذ التاريخ بـ (صوفيا) عميلة الاستخبارات، والتقى (نعيم) محبُّ التاريخ بـ (طلعت) الصحفيِّ المشاكس، وكان هذا اللقاء بتوجيه غير مباشر من المقتول من خلال الرسالة، والمقتول في الرواية الأولى (قَيِّم اللوفر) وفي الرواية الثانية (بنوزّاني)، وكلاهما عضوٌ في جماعة سرِّية.




لقد كانت (حكومة الظل) مع هذا رواية مشوِّقة ممتعة، تأسر قارئها حتى تجبرَه على إتمامها في مجلسه الذي بدأها فيه، وكان الدكتور (منذر) مُبدعاً في خلق حياة متحرِّكة في تضاعيف روايته، مما يجعلنا نقف احتراماً له، شاهدين بتفوُّقه في تحقيق غرضَي الرواية: التشويق والمتعة مع الفائدة والنفع من خلال الحبكة والأحداث المتسلسلة.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 95.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 93.16 كيلو بايت... تم توفير 1.98 كيلو بايت...بمعدل (2.08%)]