من أعظم الذنوب الأمن من مكر الله - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-01-2021, 06:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي من أعظم الذنوب الأمن من مكر الله

من أعظم الذنوب الأمن من مكر الله
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري


الحمدُ للهِ الذي علا وقَهَرَ، وعَزَّ واقتَدَر، فسبحانَهُ من إلهٍ عظيمٍ لا يُماثَلُ ولا يُضاهى ولا يُدركُهُ بَصَر، وتعالى من قادرٍ مُحيطٍ لا تُنجي منه قُوَّةٌ ولا مَفَر، وتقدَّسَ من مَلِكٍ رحيمٍ يُلْجئُ مَن انطَرَحَ بين يديهِ وانكَسَر، نَشَرَ كَرَمَهُ على كافةِ المخلوقينَ فَعَمَّ وانتَشَر، ورزقَ جميعَ المخلوقاتِ في لُججِ البحارِ وأجوافِ الحَجَر، هو القيومُ قام بخلائقهِ ولا يَؤُدُه حفظُهما وهو العليُّ بذاتهِ وقَدْرِهِ وقهْرِهِ على مَن قَهَر، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له على رغمِ أنفِ من جَحَدَ به وكَفَر، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه سيِّدُ البَشَر، اللهُمَّ صلِّ وسلِّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابهِ السادةِ الغُرَر.


أما بعد: فيا أيها الناسُ اتقوا الله تعالى كما أَمَر، واجتنبوا الفواحشَ ما بطنَ منها وما ظَهرَ، ولا تأمنُوا مكرَ الله ﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99].


أيها المسلمون: لقد نهى الله عن الأمن من مكره والقنوط من رحمته نهياً بليغاً، لما يترتب على كلِّ واحدٍ منهما من اللوازم الفاسدة والآثار العَقَديةِ الخطيرة، فكلٌّ منهما غلوٌّ في الدِّين، فالأمنُ من مكرِ الله غلوٌّ في الرَّجاءِ، وهو مُقتضى مذهب غُلاة المرجئة، والقُنوطُ من رحمة الله غلوٌّ في الخوفِ وهو مُقتضى مذهب الوعيدية من الخوارجِ والمعتزلة.


فما معنى الأمن من مكرِ الله، وما حُكمُه، وما أسبابُه وما علاجه؟.
أصلُ الأمن في اللغة: طمأنينة النفس وزوال الخوف، وفي الاصطلاح: قال الجرجاني: (عدَمُ توقُّع مكروهٍ في الزمان الآتي) انتهى.


والمكرُ من صفاتِ اللهِ الفعليةِ، قال تعالى: ﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال: 30]، وقال تعالى: ﴿ وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [آل عمران: 54]، وقال تعالى: ﴿ وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ [النمل: 50].


قال الفرَّاءُ: (والمكرُ من الله استدراجٌ، لا على مكرِ المخلوقين) انتهى، وقال شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله: (ومَكْرُهُ أنْ يُعاقبَهُ على الذنبِ لكن من حيثُ لا يشعر) انتهى، وقال الهيتمي: (الأمنُ مِن مَكْرِ اللهِ بالاسْتِرْسالِ في المعاصي معَ الاتِّكالِ على الرَّحمةِ) انتهى.


فمن علامات الأمن من مكر الله إذن: الإصرار على المعاصي مع استدراجِ الله بالنِّعم، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إذا رأَيتَ اللهَ يُعطي العبدَ من الدُّنيا على مَعاصيهِ ما يُحِبُّ، فإنما هوَ استِدْرَاجٌ، ثُمَّ تَلا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾ [الأنعام: 44]) رواه الإمام أحمد وحسنه الحافظ العراقي.


أيها المسلمون: ولقد دلَّ كتابُ الله وسُنةِ رسولهِ صلى الله عليه وسلَّم وإجماع السلف على أن الأمن من مكر الله من أعظم الذنوب، وأنه يُنافي كمال التوحيد، فالأمن من مكرِ الله من سماتِ المنافقين، قال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 97 - 99]، قال قتادة: (بَغَتَ القومَ أَمرُ اللهِ, وما أَخَذَ اللهُ قوماً قَطُّ إلا عندَ سَلْوَتِهِم وعِزَّتِهِم ونَعْمَتِهِم, فلا تَغتَرُّوا باللهِ, إنهُ لا يَغْتَرُّ باللهِ إلا القومُ الفاسقُونَ) رواه ابنُ أبي حاتم.


وقال ابن سعدي: (أي: أيُّ شيءٍ يُؤمِّنهم من ذلك وهم قد فعلُوا أسبابَهُ، وارتكبوا من الجرائم العظيمةِ ما يُوجب بعضُه الهلاك؟! ﴿ أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ﴾ [الأعراف: 99]، حيثُ يَستدرجُهم من حيثُ لا يعلمون، ويُملي لهم، إن كيدَهُ متين، ﴿ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [الأعراف: 99]، فإنَّ مَن أَمِنَ من عذاب الله فهو لم يُصدِّق بالجزاء على الأعمال، ولا آمنَ بالرُّسُل حقيقةَ الإيمان، وهذه الآيةُ الكريمةُ فيها من التخويف البليغ، على أن العبدَ لا ينبغي له أن يكون آمناً على ما مَعَهُ من الإيمان، بل لا يَزالُ خائفاً وجلاً أن يُبتلَى ببليَّةٍ تَسْلِبُ ما مَعَهُ من الإيمان، وأن لا يزال داعياً بقوله: «يا مُقلِّبَ القُلوب ثبِّت قلبي على دينك» وأن يَعمل ويَسعى في كُلِّ سببٍ يُخلِّصه من الشرِّ عند وقوع الفتن، فإن العبدَ ولو بلَغَت به الحال ما بلغت فليسَ على يقينٍ من السلامة) انتهى.


وقال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ * أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ ﴾ [النحل: 45 - 47]، وقال تعالى: ﴿ أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ﴾ [يوسف: 107]، قال ابنُ كثير: (أيْ: أفأَمِنَ هؤلاءِ المشركونَ باللهِ أن يَأتِيَهُم أمرٌ يَغشاهُم من حيثُ لا يَشعُرُونَ) انتهى.


وقال تعالى: ﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام: 44، 45]، قال الحسن رحمه الله: (مُكِرَ بالقَومِ ورَبِّ الكعبةِ، أُعْطُوا حاجَتَهُم ثُمَّ أُخِذُوا) رواه ابن أبي حاتم.


وعن أنسٍ قالَ: (كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُكثِرُ أنْ يقولَ: «يا مُقلِّبَ القُلُوبِ ثبِّتْ قلبي على دِينِكَ»، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، آمنَّا بكَ وبما جِئتَ بهِ فهل تخافُ علينا؟ قالَ: «نَعَم، إنَّ القُلُوبَ بينَ أُصْبُعَينِ من أصابعِ اللهِ يُقلِّبُها كيفَ يَشاءُ») رواه الترمذي وحسنه.


وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: (إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزمنَ الطويلَ بعَمَلِ أهلِ الجنَّةِ، ثُمَّ يُختَمُ لهُ عَمَلُهُ بعمَلِ أهلِ النارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ الزمنَ الطويلَ بعَمَلِ أهلِ النارِ، ثُمَّ يُختَمُ لهُ عَمَلُهُ بعمَلِ أهلِ الجنَّةِ) رواه مسلم.


وقالَ ابنُ مسعودٍ رضي الله عنه: (الكبائِرُ: الشِّركُ باللهِ، واليَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ، والقنُوطُ من رحمةِ اللهِ، والأمنُ من مَكْرِ اللهِ) رواه الطبراني في الكبير وصحَّحه ابن كثير.


وعدَّ الإمام ابن القيم (الأمن من مكر الله) ضمنَ الكبائر المتعلِّقة بالقلبِ، ثمَّ قال: (هِيَ أَشَدُّ تحرِيماً منَ الزِّنا، وشُرْبِ الخَمْرِ وغيرِهما منَ الكبائرِ الظاهرةِ، ولا صلاحَ للقلبِ ولا للجسدِ إلا باجتنابها والتوبةِ منها) انتهى.


أيها المسلمون: إن من الآثار الخطيرة للأمنِ من مكر الله: أنه يتضمَّن التكذيب بوعيد الله، وضعف الإيمان باليوم الآخر، وقد يُسلب صاحبه ما معه من الإيمان، ويتضمن استرساله في المعاصي، قال إسماعيلُ بن رافع: (من الأمن من مكر الله: إقامة العبد على الذنب يتمنى على الله المغفرة) رواه ابن أبي حاتم.


عباد الله: أما عن أسباب الأمن من مكر الله، فمنها: الجهلُ بالله وضعف الإيمان به، قال ابن القيم: (وهذهِ الآفاتُ إنما تَنشَأُ من الجَهلِ بعُبوديَّةِ القلبِ، وتَركِ القِيامِ بها) انتهى.


ومنها: الإعراض عن الدين، والغفلة عن حقوق الله تعالى، ومنها: الإعجاب بالنفس والاغترار بالحسنات، ومنها: الفرح بالنعم، والانشغال بها عن المنعم، ومنها: استثقال الفرائض، ومنها: الغلوُّ في الرجاء، إلى غير ذلك من الأسباب.


ثبَّت الله قلوبنا على الإيمان، وأعاذنا من مضلات الفتن. آمين.
♦♦ ♦♦ ♦♦

إِنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّداً عبدُه ورسولُه.

أمَّا بعدُ: قال البزارُ في مناقب الإمام ابن تيمية: (كان إذا أحرمَ بالصلاةِ تكادُ تتخلَّعُ القُلوب لهيبة إتيانه بتكبيرة الإحرام، فإذا دخلَ في الصلاة ترتعد أعضاؤُه حتى يَميل يمنةً ويسرة) انتهى.


أيها المسلمون: إنَّ مقامَ الخشية من الله والخوف من عذابه وعقابه هو الذي حقَّق لسلفنا الصالح المنازل الرفيعة، ولذا قرَّر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الخوف من الله أصلُ كلِّ خيرٍ في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿ وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ﴾ [الأعراف: 154]، فأخبرَ تعالى أن الهُدى والرحمة للذين يرهبونه، قال ابنُ تيمية: (وخوفُ الله يُوجبُ فِعلَ ما أَمَرَ بهِ وتَركَ ما نهَى عنهُ، والاستغفارَ من الذُّنوبِ، وحينئذٍ يَندفعُ البلاءُ ويَنتصِرُ على الأعداءِ، فلهذا قالَ عليٌّ رضيَ اللهُ عنهُ: لا يَخافنَّ عبدٌ إلا ذَنبَهُ، وإنْ سُلِّطَ عليهِ مَخلُوقٌ فمَا سُلِّطَ عليهِ إلا بذُنُوبهِ، فلْيَخَفِ اللهَ ولْيَتُب من ذُنُوبهِ التي نَالَهُ بها ما نالَهُ) انتهى.


قال ابنُ رَجَبٍ: (قال عبدالعزيزِ بنُ أبي رَوَّادٍ: حضَرْتُ رجُلاً عندَ الموتِ يُلَقَّنُ لا إلهَ إلا اللهُ، فقالَ في آخِرِ ما قالَ: هُوَ كافرٌ بما تَقُولُ، وماتَ على ذلكَ، قال فسألتُ عنهُ، فإذا هُوَ مُدمِنُ خَمْرٍ.
فكانَ عبدُالعزيزِ يقولُ: اتقُوا الذُّنوبَ، فإنها هيَ التي أوْقَعَتْهُ.


وفي الجُملَةِ: فالخواتِيمُ مِيراثُ السوابقِ، فكُلُّ ذلكَ سَبَقَ في الكتابِ السابقِ، ومِن هُنا كانَ يَشتدُّ خوفُ السلفِ مِن سُوءِ الخواتيمِ، ومنهم من كانَ يَقلَقُ من ذِكرِ السوابقِ. وقد قيلَ: إن قُلُوبَ الأبرارِ مُعلَّقَةٌ بالخواتيمِ، يقولونَ: بماذا يُختَمُ لَنا؟ وقُلُوبُ المُقرَّبينَ مُعلَّقةٌ بالسوابقِ، يقولونَ: ماذا سَبَقَ لَنا.


وبكَى بعضُ الصحابةِ عندَ مَوتهِ، فسُئلَ عن ذلكَ فقالَ: سَمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «إنَّ اللهَ تعالى قَبَضَ خَلْقَهُ قَبْضَتينِ، فقالَ: هؤُلاءِ في الجنَّةِ، وهؤلاءِ في النارِ»، ولا أدرِي في أيِّ القبضَتَينِ كُنتُ؟ قالَ بعضُ السلفِ: ما أبكَى العُيُونَ ما أَبكاها الكِتابُ السابقُ، وقالَ سُفيانُ لبعضِ الصالحينَ: هلْ أبكاكَ قطُّ عِلمُ اللهِ فيكَ؟ فقالَ لهُ ذلكَ الرَّجُلُ: تَرَكَني لا أَفرَحُ أبَداً، وكانَ سُفيانُ يَشتَدُّ قَلَقُهُ منَ السوابقِ والخواتيمِ، فكانَ يَبكِي ويقُولُ: أخافُ أنْ أكونَ في أُمِّ الكتابِ شَقِيَّاً، ويَبْكِي، ويقولُ: أخَافُ أنْ أُسْلَبَ الإيمانَ عندَ الموتِ) انتهى.


إن الخوفَ من اللهِ وحدَهُ يَجلبُ الأمنَ والطُّمأنينة، قال تعالى على لسان الخليل:﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [الأنعام: 82].


وخوفُكَ من اللهِ قد يعتريهِ الضعفُ والنقصان، فلا بُدَّ من أن تُحرِّكَهُ وتتعاهَدُه وتُعالِجَهُ، قال الإمامُ ابنُ تيمية: (الخوفُ تُحرِّكهُ مطالعةُ آياتِ الوعيدِ والزجرِ والعرضِ والحسابِ ونحوِه) انتهى.
والخوفُ المحمود كما قال الإمام ابن تيمية: (ما حَجَزكَ عن مَحارمِ الله).


اللهُمَّ يا مُقلِّبَ القُلُوبِ ثبِّت قُلُوبَنا على دينِكَ، آمين، اللهُمَّ مُصرِّفَ القُلوبِ صَرِّف قُلوبَنا على طَاعتِكَ، آمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.53 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.63 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]