|
|
ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تقليل تكاليف الزواج
تقليل تكاليف الزواج منال محمد أبو العزائم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ وبعد: إن من أكبر المصاعب التي تواجه الشباب اليوم هو ارتفاع تكاليف الزواج. مما أدى إلى تأخير سنه أو العزوف عنه. وذلك لارتفاعها بقدر كبير حتى أصبح معظم الشباب لا يطيقها أو يقدر على تدبيرها. وصار يصحب الزواج مشاكل مادية ومعنوية. وذلك لغلاء المهور، وارتفاع تكاليف متطلبات ليلة العرس، وصعوبة امتلاك أو تأجير مسكن. بالإضافة إلى تدبير مستلزمات الشقة من أثاث وفرش وأدوات المطبخ وغيرها. وتجهيز العروس بالجديد من الثياب والأحذية والحجاب وأدوات التجميل ونحوها. وكذلك شراء الذهب وجلب الهدايا الغالية الثمن لها. وتحضير الطعام الكثير في ليلة الفرح. وإيجار صالة العرس والكراسي وخدمات تحضير الوجبات وفرقة الموسيقى والفنان والإنارة، وإيجار فستان العرس وتكلفة الكوافير والمكياج واللبس وغيرها. فأدى كل ذلك إلى ارتفاع تكلفة العرس بصورة خرافية. وهذا من الأخطاء الشائعة في المجتمعات الإسلامية. بل إن في بلاد الغرب والكفر لا يكلف الزواج بقدر ما يكلف في بلاد الإسلام الذي يدعو إلى الزواج والعفة. ولكن كيف ومن أين للشباب بهذه المبالغ الطائلة التي تحتاج السنين لجمعها!! إن هذه لمعضلة إجتماعية مدسوسة تنخر في عظام أمتنا. ونتج منها أن إنتشرت العزوبية والعنوسة في أوساط المسلمين، بعد أن كانوا يعَّجِلُّوا بالزواج في الماضي ويعيشوا برضىً وسلام. وأدى ذلك إلى مشاكل إجتماعية ودينية وأخلاقية كثيرة. المشاكل الدينية وأما المشاكل الدينية فقد إنتشرت الفواحش والزنا؛ وأصبح الشباب في ضغوط نفسية وجسدية كبيرة مما أدى إلى زيادة معدل الجريمة. وكذلك جعل ذلك بعضهم يتجهون إلى المخدرات والكحول. والبعض الآخر اتجهوا إلى العلاقات غير الشرعية وإلى الزواج العرفي وغيرها. وأثَّر ذلك سلباً على مجتمعاتنا. فتدنى المستوى الأخلاقي وانحطت القيم. وأصبحت أوساط المسلمين لا تختلف كثيراً عن أوضاع غيرهم. فتجد أطفال الزنا واللقطاء ملقين أمام أبواب المساجد أو حتى على أكوام القمامة. وتجد الشباب والبنات يجلسون في زوايا الطرقات المظلمة. وتجد العفة والحياء ترثي حالها على ما كان. فلم يعد هناك حجاب ولا آداب ولا حدود. وكل هذا نتيجة علو تكاليف الزواج وعجز الشباب عنه وعن كبح نزواتهم. المشاكل الإجتماعية وأما بالنسبة للمشاكل الاجتماعية فقد نتج عن ارتفاع تكلفة الزواج عزوف الشباب عنه. فأصبح الشاب المسكين عليه أن ينتظر من خمس إلى عشر سنوات ليستطيع أن يتزوج ويعف نفسه. أو يعتمد على مساعدة أهله. وأصبح الزواج كالشيء الترفيهي الذي يتنعم به الأغنياء ولا يستطيعه معظم الشباب المتخرج حديثاً من الجامعات. وكذلك الحال بالنسبة للفتيات اللاتي يتطلعن للزواج في سن مبكرة. ولكن ما حدث نتيجة غلاء تكاليف الزواج أن تأخر سن الزواج للفتيات كثيرا وإنتشرت العنوسة بشكل كبير. ونتج من ذلك جيل من العوانس والعزاب بصورة لم يراها المجتمع المسلم في عصر من العصور. وهذا غير أن عدد النساء يفوق عدد الرجال (على الأقل المقتدرين منهم). وليس هذا بمستغرب؛ فقد تنبأ بحدوثه نبينا صلى الله عليه وسلم وذكره ضمن علامات الساعة الصغرى، حيث قال: « (من أشراط الساعة: أن يقل العلم، ويظهر الجهل، ويظهر الزنا، وتكثر النساء، ويقل الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)» [1]. وهذا يقلل من فرص الزواج المتاحة. ثم أضف إلى ذلك الفقر وقلة فرص العمل للشباب، ومنافسة النساء عليها. حيث أصبحت المرأة تنافس الرجل في التعليم وفي فرص العمل في كل المجالات. مما أدى إلى تقليل المتاح منها للشباب. فتكالبت كل هذه الأسباب وأدت إلى زيادة معدل العنوسة في كل مكان، وخلق هذا أزمة عالمية. ولذا كان من المهم على الباحثين وكتاب المجتمع والمهتمين بالإصلاح البحث في هذا الموضوع تحديداً. وذلك لأثره الكبير على الناس. حيث أن الزواج هو من الغايات التي يرنو لها معظم الشباب. ولذا كان عجزهم عنه له أثر كبير على معظم قطاعات المجتمع. وسنحاول هنا وضع حلول وتوصيات تساعد على حل هذه المشكلة والتي خلقت أزمة في الأمة الإسلامية. البحث عن الحلول ولبحث حل لهذه الأزمة لابد من تجريد الفكر والنظر بواقعية إلى المشكلة وأسبابها والحلول المحتملة. ثم إبعاد العادات والتقاليد وغسل المخ الموروث في مجتمعاتنا أباً عن جد. فنحن نعيش هذه الترهة من الزمان بكل مشاكلها وظروفها ونحاول التعايش معها دونهم. فالأجداد عاشوا في زمانهم بما يناسب ما كان متاح لهم وما استطاعوا عليه. ونحن أبناء اليوم تختلف حاجاتنا وظروفنا عنهم وكذلك ما هو متاح لنا. فإذن هذا التفكير يحل من عقد الارتباط بالماضي وبالعادات. فكلٌّ ميسَّرٌ لزمانه ولظروفه المحيطة به ولما يسَّره الله له. وبعد هذا التجريد نعمل الأذهان بالفكر والنظر فيما هو الحل!! والحل الأول والأهم والذي تكلم عنه الكثير من الناس ودعاة الخير هو القبول بالقليل وتقليل المهور. وهذه سنة الإسلام. قال تعالى: { (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)} [2]. وكذلك تقليل تكاليف الزواج. وهذا بيد النساء وأولياءهم. ويكمن هذا في تغيير تفكير المجتمع ككل بتغيير تفكير أفراده وعوائله. فمثلاً ماذا لو غيرنا تكليف الزواج إلى حوالي ألف درهم؟! أكيد أن المتبادر للذهن هو أن هذا مستحيل. ولكن أثبت الواقع غير ذلك. فقد قدر الله أن حضرتُ زواجاً في أمريكا لأمريكي حديث الإسلام وفتاة مغربية مسلمة. وقد كلَّف زواجهما ما يقرب من الرقم الذي ذكرت. وذلك بأنه عُمِل اجتماع للزواج في المسجد، حيث حضره الكثير من الناس؛ وتم توزيع برتقال على الحضور. ثم بعد عقد القران بدأت التبريكات للعروسين. وأكل الناس البرتقال، وتبادلوا الأحاديث والمرح وكان جوا جميل وسعد العروسين وتم الزواج على بركة الله. وبعد انتهائه ذهب العروسين إلى شقتهما المتواضعة التي استأجروها بما بقي معهم من المال. وتم بحمد الله اعفاف نفسين مسلمتين وإسعادهما بأقل التكاليف. وما حدث ذلك إلا بتغيير تفكير الناس والتخلص من العادات الإستعراضية التي يقومون بها دون تفكير؛ وتكلفهم الكثير والطائل من الأموال. وربما في هذه الحال لم يكن تغيير في التفكير ... لأن العريس لا يعرف عن هذه العادات ... وإنما أتى من مجتمع آخر وتحول للإسلام وتزوج بقدرته القليلة. وقبلت به العروس - بارك الله بها ولها؛ وها هي سعيدة مع زوجها وأنجبت البنين والبنات وللحمد لله. فإذن الحل هو في تغيير نفوس الناس والتفكير من خارج الصندوق. فإن بدأ المسلمون يفكرون بهذا الشكل ويتخلصون من طقوس الزواج المكلفة هذه لعاشوا ببساطة وسهولة؛ وتزوج الناس في سن مبكر وأنجبوا وسعدوا وانتهت مشاكلهم. وكذلك لانتهت معها عادات وتقاليد الزواج التي لا طائل منها وليست من دين الإسلام في شيء. بل هي مملوءة بالبدع والخرافات والتشبه بالكفار وغيرها من المعاصي والذنوب. وهناك حل آخر ربما يكون أكثر صعوبة قليلاً، حيث يحتاج إلى تنظيم كبير. ألا وهو الزواج الجماعي. وقد كانت الدولة تنظمه عن طريق ديوان الزكاة للشباب في بلد ما. وحلت به مشاكل كثيرة للشباب، ولم تعد هناك مشكلة في الزواج. فأصبح الغني والفقير بمقدوره الزواج. كل حسب طاقته بما يستطيع. فجزى الله القائمين على ذلك خير الجزاء. وأتمنى أن تقوم كل الدول الإسلامية بمثل هذه المبادرات الطيبة لمساعدة أبنائها وبناتها وإحصان مجتمعاتها من الرذيلة والفتن. والخيار الثالث قد ذُكِر في القرآن، ويمكن أن يكون فيه حل وإصلاح للمجتمع، ألا وهو التعدد. فبدل من وجود عشرات النساء دون زواج يمكن أن يتشاركن المتاح. وهو حل رباني وهذا دين الله الذي نُسلِمُ له ونسَّلِّم لأوامره؛ ونسأل الله السلامة. وعلى الزوج في هذه الحال العدل بين زوجاته، والإنفاق عليهن وعلى أبنائهن منه. فإن لم يستطع العدل فواحدة. وستجد النساء في ذلك حل أيضا رغم صعوبته، وذلك بعد أن يجربن التشتت والضيق وعدم الأمن والاستقرار. فكم من نساء مسلمات اليوم متشردات دون مأوى ولا عائل أو محرم يحميهم نتيجة الحروب والفقر والتشتت السياسي وموت كثير من الرجال في الظروف التي تمر بها الأمة من انعدام الأمن السياسي والاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. ومن الحلول أيضاً مساعدة الأهل أبنائهم على الزواج ودعمهم مادياً ومعنوياً. ومساعدتهم في البحث عن عمل. وكذلك مساعدة المخطوبة لخطيبها والزوجة لزوجها بالعمل والتوفير. وأيضاً مساعدة والد المخطوبة للخاطب بتقليل الطلبات وتخفيفها. وفي هذا أجر كبير. ولا يُظن أن هذا فيه تقليل من كرامة البنت كما يعتقد البعض. فخطيبها سيعوضها بالأكثر في المستقبل بعد أن تصير زوجته ويتيسر حاله. فلتصبر عليه وقت ضيقه وتسنده، والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. وحتى إن لم يفعل فإن أجرها ثابت إن شاء الله. ولو أن الفتيات استطعن توفير احتياجاتهن للعرس من الثياب وبعض مستلزمات المطبخ والفرش والأغراض التي تحتاجها لخففت على الخاطب كثيراً من العبء. وأما من لم يقدر على كل هذه الحلول فقد أوصَّاه النبي صلى الله عليه وسلم بالصوم، في قوله: (من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)[3]. وقال تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)[4]. غلاء تكاليف الزواج وما ينتج عنه من منظور مقاصد القرآن الكريم
المراجع والمصادر:
[1] أخرجه البخاري (81)، ومسلم (2671). [2] النور 32. [3] أخرجه البخاري (1905)، ومسلم (1400) باختلاف يسير. [4] النور 33. [5] النور 2. [6] النور 3.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|