كلمات في العقيدة - الحجاب.. عبادة

[ابوالوليد المسلم]

كلمات في العقيدة - الحجاب.. عبادة
مجلة الفرقان / د. أمير الحداد

أثار أعداء الحجاب زوبعة كبيرة سرعان ما ذهبت أدراج الرياح.. كما الزبد.. قالوا: إنه مجرد عادة موروثة وتقليد متخلف.. قالوا: إنه حرية شخصية.. لا علاقة لها بالدين.
ويعجب المرء.. ماذا يريد هؤلاء من وراء حملتهم؟ ولماذا لبس النساء للحجاب يزعجهم؟ هل ينقص من أرباح تجارتهم؟ أم يضيق من حرياتهم؟
عجباً لقولهم..
كنت وصاحبي في رحلة قصيرة إلى الخفجي- المدينة الحدوية بين الكويت والسعودية..
- هل قرأت ما كتبه أحدهم حول علة تحريم الحجاب.. واستناده إلى قواعد أصول الفقه.. ليصل إلى أنه لا أساس للحجاب هذه الأيام..
- بصراحة.. لقد كشف هذا كم هو ضحل التفكير.. قليل العلم.. بل ومعدوم المنطق.. فهذا ليس من أهل العلم الشرعي.. فلو كانت لديه ذرة منطق ليتساءل قبل أن ينطق.. هل سبقني أحد إلى هذا القول من أهل الاختصاص؟! فإن لم يجد أحداً.. فكان الأولى أن يستر جهله ولا ينطق.. وذلك أنه استشهد بقول الله عز وجل في سورة الأحزاب: -يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيما-.. ولا أظنه قرأ إلا طرفا من تفسير هذه الآية مما يتفق وهواه.. فجعل علة الحجاب تميز المرأة عن الإماء والعواهر.. فلما انتفت هذه العلة.. انتفى الحكم!! ولا أعلم من أين جاء بأن هذه هي العلة في الحجاب.. ولم ينظر إلى آيات الحجاب الأخرى كالآية -03- من سورة النور، والآية -06- من نفس السورة، والأحاديث الكثيرة المتواترة والآثار.
- هذا لم يلتفت إليه لتفاهة منطقه.. أما الآخر.. ذا المنصب الرفيع.. فقد انتقد الحجاب.. وليس بمتزوج.. والثالث.. طالب نساء المسلمين اللاتي يؤدين فريضة الحج.. ألا يرجعن من الحج.. بحجاب.. أو نقاب.. حتى لا يحرم.
- هؤلاء مكشوفون.. وعبروا عما يريدون.. والدور الآن على نساء المسلمين اللواتي ذهبن لأداء فريضة الحج يبتغين وجه الله والدار الآخرة.. فإن كان حجهن طلباً للحجة.. وسعياً ومغفرة.. فلا ينبغي أن يرجعن إلى ما كن عليه من إظهار الزينة لغير من ذكرهم الله في سورة النور.. وإن كن ذهبن ليقال.. فلانة أدت الحج.. فسوف يقال عنها ذلك في الدنيا.. ولن تنال شيئاً عند لقاء الله..
إن دعاة الشهوات.. لن يتوقفوا عن دعواتهم.. وذلك أنه نفسهم الذي يرددون.. وقوتهم الذي يأكلون.. فإن انحسرت دوعواتهم اختنقوا.. وضاقت بهم الأرض بما رحبت..وانكشف الجانب الهمجي فيهم..
- وماذا عن الذي ينكر أن الحجاب شعيرة من شعائر الإسلام.. ويحاربه؟!
- هذا على باب خطير من أبواب الضلال.. فإن الحجاب من -المعلوم من الدين بالضرورة- حتى النصارى يرون أن الحجاب رمز ديني للإسلام.. وبعض من ينتسب إلى الإسلام يزعم أنه ليس من الدين في شيء.. بل وفي بعض البلاد يسعى أهل الشهوات إلى سن القوانين لمنع الحجاب والتضييق على المحجبات.. وبعضهم يحاربه من باب أنه يميز المجتمع بين متمسك بالدين.. ورافض للشريعة.. وبعضهم يحاربه من باب أنه مجرد قطعة قماش لا تعني شيئاً.. لاسيما وأن بعض المحجبات يأتين من الأعمال ما يخجل اللسان عن ذكره.. وكل هذا وغيره كثير.. إنما هو من وحي شياطين الإنس والجن -يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً-.. إن الحجاب أمر أنزله الله في كتابه وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته.. ينبغي على المؤمنات الإيمان بوجوبه.. أولاً.. ثم العمل على اتباعه بطريقة صحيحة ثانياً.. ولباس المرأة أمر تعبدي.. تتقرب به إلى الله.. وسوف تسأل يوم القيامة عنه وتحاسب عليه.. والله تبارك وتعالى.. كما أمرنا بالصلاة وعلمنا كيف نصلي.. وعلمنا الصيام.. علمنا كذلك.. ماذا نأكل.. وماذا نتجنب.. وماذا نشرب.. وماذا نترك.. وماذا نلبس.. وماذا ندع.. وهكذا.. المؤمن يعلم يقيناً أن الله لم ينزل حكماً ولا شرعاً إلا وفيه صلاح الأمة ووقايتها من مكائد الشيطان.