القوامة.. هل تعني إذلال المرأة؟

[ابوالوليد المسلم]

القوامة.. هل تعني إذلال المرأة؟



هناك من الرجال إذا حدث بينه وبين زوجه خلاف لم يحفظ إلا: قوله تعالى: {الرجال قوامون على النساء}»، وحديث: «لو كنت آمرا أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها»، وحديث: «ناقصات عقل ودين»، وينزل ذلك على غير مراد الشارع الحكيم.
وينسى أو يتناسى هذا الزوج وصية النبي[ في النساء، فقال: «استوصوا بالنساء خيراً» متفق عليه، فالذي يبذل العطاء لزوجته، هو من خيار عباد الله المؤمنين لحديث: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهله» أخرجه ابن حبان في صحيحه.
فالزوجة سكن وسعادة وراحة وطمأنينة وانسجام وتكملة روحية للزوج، قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} ولقد جاءت وصية النبي[ أمام الرجال في حجة الوداع: «اتقوا الله في النساء».
فالمرأة لا تريد الزوج المستهتر والمستخف بحقوقها الذي ينكد عليها عيشها وينغص حياتها، والذي تنتابه الشكوك والوساوس، والذي يذلها ويضطهدها ويؤذيها ويظلمها ويضربها ويشتم أهلها ويسبها أمام أبنائها ويمنعها من زيارة أهلها، قال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف}، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم كما تحبون ذلك منهن، والنصفة في المبيت والنفقة عليها، ففي الحديث: «أكمل المؤمنين إيمانا وأحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم».
فالزوجة أسيرة ولكنها كريمة، ففي الحديث: «استوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عندكم عوان» أي أسيرات، وقد أوجب الله عز وجل على الزوج الإنفاق عليها وليس الاستيلاء على أموالها والتحايل لسلبها، ففي الآية: {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً}، وفي الحديث: «فأما حقهم عليكم أن تحسنوا إليهن في طعامهن وكسوتهن»، ولا تضيق على المرأة {ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن}، ولا تظلمها: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا}.
وبخل الزوج مذمة وسبب طارد وفتاك، فها هي ذي هندبنت عتبة-رضي الله عنها- تقول: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني من النفقة ما يكفيني وولدي فقال: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» فواجب النفقة في الإطعام والشراب والسكنى والعلاج ومتاع البيت والتنظيف والخادم إن كانت ممن تخدم.
والقوامة تعني الرفق والرحمة والمعاملة الحسنة وليست في تقييد الحرية وسلب حقوق المرأة المشروعة وإهانة كرامتها، وليست استعباداً، ولا سببا للقدح في عقل المرأة وحسن تدبيرها، ولا تعني التسلط والقهر، بل هي تقدير وتشريف لها ورفعة لشأنها.
فهذه الزوجة أمانة وليست إهانة ومحطة للضرب والتقبيح أو استخدام أساليب التجريح والكلمات القاسية والألفاظ النابية والأوامر الصارمة والتهديدات الفاضحة، فذلكم خارج عن تعاليم الإسلام والشرع الحنيف، فلا يضرب الرجل امرأته على أتفه الأسباب، إلا رجل سيء الخلق، ناقص العقل والفهم، قاصر التفكير والتأمل، مريض معتوه غير عارف بدين الله الصحيح، ولقد جاء في الأثر: «ما أهانهن إلا لئيم وما أكرمهن إلا كريم»، وقال النبي[ لمعاوية بن حرب القشيري: «لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت».
المرأة غير كاملة والرجل كذلك، وكل فيه عيوب ونواقص وغضب ونسيان، فالزوج إذا أراد أن يكسب زوجته يبدأها بالسلام عند دخول البيت مع الابتسامة في وجهها واستعمال الطيب عندما يدخل البيت وتقديم الهدايا لها بين الفينة والأخرى، وأن يساعدها في أعمال المنزل ويغض الطرف عن بعض نقائصها، ويستمع إلى نقدها بصدر رحب، ويحسن لها وإلى أهلها، ويشاورها في بعض الأمور، ولا يبخل عليها، ويعينها على طاعة الله ولا يثير غيرتها بإبداء الإعجاب بغيرها أو يقارنها مع الأخريات، ولا يظلمها ويتذكر محاسنها.
وأختم: أن بلالا تباطأ عن صلاة الصبح ذات يوم، فقال له النبي[: «ما حبسك؟» فقال: مررت بفاطمة «زوجته» وهي تطحن والصبي يبكي، فقلت لها: إن شئت كفيتك الرحى وكفيتني الصبي، وإن شئت كفيتك الصبي وكفيتني الرحى، فقالت: أنا أرفق بابني منك، فذاك حبسني،. فقال[: «فرحمتها رحمك الله» انظر إلى التعاون داخل البيت مع الزوجة.


اعداد: د.بسام خضر الشطي