الحج - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-01-2020, 04:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي الحج

الحج (1)



أ. د. عبدالله بن محمد الطيار




الحمد لله الذي جعل الحج إلى بيته الحرام أحد أركان الإسلام، وأشهد ألا إله إلا الله أمر نبيَّه إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - بالنداء؛ {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} [الحج: 27]، وأشهد أن محمدًا رسول الله خير من لبَّى وطاف، ومشى بين الحطيم وزمزم صلى الله عليه وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن العبادات التي شرعها الله لها أسرار عظيمة منها المعلوم للناس، ومنها غير المعلوم، وتتحقق هذه الأسرار لبعض الناس، وقد لا تتحقق لآخرين وها هو الحج تلك الرحلة الكريمة إلى الديار المقدسة.


في الحج ترك للأهل والأحباب وفراق الديار والأصحاب؛ امتثالاً للنداء واستجابة لداعي الهدى.


وفي الحج رحلة للطاعة ومقصد للكريم الرحيم المنان ووفود على المنعم المتفضل لطلب المغفرة وحط الذنوب والأوزار؛ (من حج ولم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه).

دوفي الحج تجديد للعهد وتصفية للقلوب، وغسل لها من أردان الحقد والحسد؛ {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].


وفي الحج طرح للمباهاة وكسر للمفاخرة، وتذكير بيوم الرحيل، ولبس كلبس الكفن في منظر يشعر بالوحدة والمساواة الشعار واحد: هو التلبية واللبس واحد هو الإحرام والعمل واحد هو سائر مناسك الحج.
وفي الحج تظهر وحدة الأمة وقدرتها واعتصامها بخالقها؛ انتصارًا للحق على الباطل، والصواب على الخطأ، والاتحاد على الفرقة، والعزيمة والإصرار على الكسل والبطالة.


وفي الحج تتجلى العبودية الخالصة والطاعة المحضة دوران حول الكعبة رمز المسلمين الخالد طاعة لله وامتثالاً لأمره واقتداءً بنبيِّه - صلَّى الله عليه وسلَّم - يطلب الطائفون من صاحب البيت الجود والمغفرة؛ ولذا يتقربون إليه بالهدايا والقرابين شكرًا لهذه النعمة العظيمة {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36]، وقال - تعالى -: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحج: 37].



وفي الحج تذكر لأبينا إبراهيم وقد استجاب لأمر خالقه حين أمره بذبح فلذة كبده ووحيده وصبر هذا الابن الصغير البار وطاعته المحضة لله ثم لأبيه؛ {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} [الصافات: 102 - 107].


وفي الحج تتساوى رؤوس الحجيج وتذل جباههم وتسقط الشعارات الزائفة، وتتحطم النعرات، ويُقتل الكبرياء، فالربُّ واحد، والدين واحد، والتفاضل بالتقوى؛ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].


وفي الحج صراع مع الشيطان في كل اتجاه، فهناك يقف في كل اتجاه وينازل الحاج في كل مشعر، ولكن عزيمة الطاعة وقوة العبادة وصدق اللجوء يجعل اللعين طريدًا راغمًا، حقيرًا؛ (ما رُؤي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر، ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة).


وفي الحج يتجلى محض الانقياد والاتباع، حتى ولو كان من غير مألوف النفوس؛ يقول عمر - رضي الله عنه -: (والله أني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولو لا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك).
عباد الله:
شعار الحجيج في كل موقف توحيد خالص وعبودية حقه؛ (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك).


نعم، إنه الإسلام لا مظاهر ولا وسائط، ولا شعارات خادعة، الكل منطرح بين يدي الله، قريب منه، لا طبقية ولا كهنوت؛ {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].
عباد الله:
وبعد النداء الخالد أصبح هذا البيت مركزًا للهداية والإرشاد، ومنطلقًا لنشر الخير والنور في ربوع المعمورة، تقام عنده المناسبات، وتجتمع حوله الوفود من شتى بقاع الأرض، الكل يؤدي واجب الطاعة، ويبرهن على صدق الانقياد.

حول هذا البيت العظيم يطوف أفضل الناس وأصدقهم وأبرهم وأعظمهم في كل عصر ومصر، يطوف حوله الزعماء والعلماء، والأمراء والعقلاء، والأغنياء والفقراء، الكل يأتي في شوق وحب، وتواضع وخضوع، وذل وانكسار، الهتاف واحد: (لبيك اللهم لبيك).

عباد الله، أكثروا من الدعاء والاستغفار؛ لعل الله أن يغفر لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:
الحمد لله أمر عباده بالحج إلى بيته وأشهد ألا إله إلا الله وفق من شاء لطاعته، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله شرع الشرائع وسن الأحكام، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.

أما بعد:
فاتقوا الله، واعلموا أنكم مقبلون على موسم عظيم وأيام فاضلة فقد فضل الله عشر ذي الحجة على غيرها من الأيام؛ فعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، ولم يرجع من ذلك بشيء)).


ففي هذه الأيام يشرع الإكثار من الصيام والتكبير والتهليل والتسبيح، ولو لم يكن فيها إلا الحج ويوم عرفه ويوم عيد النحر، لكفاها شرفًا وفضلاً.
واعلموا يا عباد الله:
أن من أراد أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا ظفره، ولا بشرته شيئًا، وإذا وكَّلت المرأة فلا تأخذ من شعرها؛ لأن الوكيل مجرد نائب عنها، لكن الذي يمتنع من أخذ الشعر والظفر هو المضحي؛ سواء تولاَّها بنفسه أم وَكَّل غيره بها، وأما أهل البيت من النساء والأولاد والبنات الذين سيضحى عنهم، فلهم الأخذ من الشعر والظفر الذي يمتنع الولي فقط أو المرأة فقط صاحب الأضحية.


عباد الله:
ويستحب التكبير من حين ثبوت عشر ذي الحجة وصيغته: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد).

وإن كبر ثلاثًا فكل ذلك ورد عنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - وإذا كان المسلم قد عزم على الحج، ويرغب أن يضحي فيمسك عن شعره وظفره إلا إذا أتمَّ عمرته إن كان متمتعًا، فله أن يقصر؛ لأن هذا التقصير نسك لا علاقة له بالممنوع، أما عند الميقات، فلا يأخذ من شعره وظفره شيئًا.

هذه العشر المباركة فرصة للتوبة والاستغفار، والتخلص من مظالم الخلق،والإقبال على الله، ومن لم يحج فنوصيه بالمبادرة إلى الحج؛ لأنه أحد أركان الإسلام، والمرء لا يدري ما يعرض له في حياته والذمة مشغولة به.


ووصيتي لإخواني ألا يتحايلوا على التصاريح للحج، فتلك عبادة ينوي بها المسلم التقرب إلى الله، فكيف يتحايل أو يكذب أو يأخذ باسم غيره، لكن إذًا يتيسَّر له الحج دون كذب أو تحايل، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
اللهم وفقنا لحج بيتك العظيم، اللهم حط عنَّا الأوزار يا كريم يا قادر.

هذا صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين؛ فقد أمركم الله بذلك في كتابه الكريم، فقال - جل من قائل عليمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صلى علي مرة واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا)).

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا ونبيِّنا محمد.

عباد الله:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُرْبى، وينهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-01-2020, 04:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحج

الحج (2)



أ. د. عبدالله بن محمد الطيار




الحمد لله الذي جعل بيته الحرام مثابة للناس وأمنًا، وأشهد ألا إله إلا الله، جعل الحج أحد أركان الإسلام، ومبانيه العظام، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل من لبَّى بالحج وطاف وسعى، وصلى خلف المقام، صلى الله عليه وآله، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:

إخوة الإيمان، لا زلنا نعيش في أيام الحج التي هي من أشهر الحج الصحيح من كلام أهل العلم وخير ما نتحدث عنه ما أسفر عنه الحج من المنافع التي تعود على الفرد والمجتمع، فنقول يقول الله - تعالى -: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: 28]، فقد جمع الله في هذه الآية الموجزة سائر المنافع التي يجنيها الحجاج.

إخوة الإيمان:
لقد منَّ الله على المسلمين بأداء الحج هذا العام، وكان موسمًا، موفَّقًا؛ حيث أدى الحجاج حجهم بكل يُسر وسهولة، فشكر الله لكل من ساهم في تيسير أمور الحجاج، ووفق ولاة الأمر للعمل الصالح الذي يعود عليهم وعلى شعبهم بالخير العميم، لقد لمسنا ثمرات التنظيم والترتيب والمتابعة.


إن موسم هذا الحج ناجح بكل المقاييس ألا يكفي أن الوصول لعرفه لا يأخذ إلا ربع ساعة؟ وكذا الوصول إلى مزدلفة والوصول من منى، إلى الجمرات نصف ساعة أنه زمن قياسي جدًّا بالنسبة للأعوام الماضية فمزيدًا من التنظيم.
وإن من أعظم المنافع التي يستفيدها الحاج توحيد الله وإفراده بالعبادة، ويظهر ذلك جليًّا في رفع الصوت بالتلبية بعد الإحرام: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك)، ويظهر ذلك أن من أفضل دعاء، يقوله الحاج يوم عرفة: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)؛ لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خير الدعاء دعاء عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)).

ويظهر ذلك في أداء المناسك اقتداءً وامتثالاً؛ إذ يقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((خذوا عنِّي مناسككم))، ويقول: ((إنما جُعِل الطواف بالبيت ورمي الجمار؛ لإقامة ذكر الله)). ومن المنافع الدينية الشرعية وأهمها العلم، فكم يجتمع في هذه البقاع من العلماء من أنحاء العالم الإسلامي، فإذا عقدت بينهم اللقاءات والحلقات، وطرحت كثير من القضايا الساخنة - كان في ذلك خير كثير للعلم والعلماء، والدعوة والدعاة وسائر الشعوب الإسلامية؛ لتنطلق حسب توجيه العلماء دون إفراط أو تفريط.


ومن المنافع الشرعية ما يستفيده الحاج من الأخلاق الفاضلة من غيره أثناء أداء الحج؛ حيث يرى من يطبقون السنة بحذافيرها، ويتخلقون بأخلاق الصالحين، ناهيك عن زهدهم وتواضعهم، وعفتهم ونزاهتهم، ومن المنافع الاقتصادية، فلو أن القائمين على الاقتصاد في العالم الإسلامي رتبوا لموسم الحج، وحصلت فيه اجتماعات لدراسة فائض المنتجات في كل بلد، وحاجة كل بلد وحصل تنسيق في التكامل فيما بينهما، لعاد ذلك بالخير العميم على هذه البلاد جميعًا، وكمَّل بعضها نقصَ بعضٍ.

وكذا ما يحصل من بيع وشراء في موسم الحج، فكم من إنسان نمى تجارته في موسم الحج، وقد رفع الله عنَّا الجناح في ذلك: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198].

وقد نزلت لما تحرج الصحابة من التجارة في موسم الحج كعادة أهل الجاهلية.
ولو أننا فكَّرنا قليلاً فيما نحتاجه في موسم الحج على الأقل، لوجدنا أننا نستورد الكثير منه من بلاد كافرة، في حين أن الإمكانات متوفرة لدينا، إن ما نحتاجه في هذا الموسم من ثياب وسيارات، وحاجات مختلفة، لو أنا نعتمد بعد الله على أنفسنا، لكان في ذلك خير كثير.

أرأيتم ثياب الإحرام التي نلبسها، وكذا السيارات التي نركبها، إن هذين أمرين يمثلان طرفي حاجتنا وبينهما أمور كثيرة، فلو أن موسم الحج عاد إلينا ونحن لا نحتاج من أحد من خارج البلاد الإسلامية، لكان في ذلك تحقيق المنافع وشهورها التي أمرنا الله أن نشهدها في موسم الحج.

ولا ننسى مسألة الهدايا والأضاحي التي أخذت مجراها في نفع قطاعات كبيرة من المحتاجين؛ حيث أصبحت مئات الآلاف منها تتولاَّها جهة موثوقة وترسلها لمختلف أنحاء العالم، بدلاً من أن ترمي وتتعفن ويوارى عليها التراب، وأنت أخي الحاج إذا كنت ستتولى هَدْيك وأُضْحيتك بنفسك، فهذا أكمل وأفضل.

ومن المنافع الاجتماعية ما يحصل من التعارف والتألُف، وتتمثل في مظهر المساواة حينما يلبس الحجاج جميعهم ثياب الإحرام، فلا فرق بين صغير وكبير، ولا بين أمير ومأمور، ولا بين حاكم ومحكوم، ولا بين شريف وطريف.
يتذكرون القدوم إلى خالقهم بثياب الأكفان.

وهنا تسقط الشعارات؛ فلا مناصب تميز بين الناس، ولا أنساب ولا جاه ولا مال، بل الميزان الحق؛ {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات: 13].

ومن المنافع اجتماع المسلمين من كل مكان؛ للتشاور فيما يهمُّ مصالح المسلمين وشؤونهم الخاصة والعامة، لا سيما أن فيهم الحكام والعلماء، والتجار والفلاحين، وأرباب الصناعات، ومختلف شؤون الحياة.

ومن المنافع السياسية، فالحج مؤتمر ينبغي أن يستغل ويستثمر؛ لبحث قضايا المسلمين ومآسيهم ومصائبهم، ودراستها ومراجعتها؛ للوصول إلى وضع خطط مرحلين للنهوض بالأمة، أما أن يستغل الحج حفنة من البشر تدعي زورًا وبهتانًا أنها تنطلق من منطلقات شرعية؛ لتحقيق مكاسب لهم ورفع شعارات جوفاء، فهذا ينبغي أن يقضي عليه، وأن يقابل بالحزم؛ لأنه خروج بالحج عما شرع له.

أما أن يفتات على هذه البلاد بعض الموتورين ويتهمون هذه البلاد التي فتحت ذراعيها وبذلت أموالها، وسخرت قدراتها لخدمة حجاج بيت الله، فهذا مالا يصدقه مسلم يرى الحقائق كالشمس في وضح النهار.

ولو أردت تلخيص هذه المنافع لقسمتها إلى قسمين:
أولاً: ما يتعلق بالأمة عامة.
ثانيًا: ما يتعلق فيمن أدى فريضة الحج.
أما عن الأول فمن منافع الحج:
1- وصل حاضر الأمة بماضيها.
2- سقوط الشعارات الزائفة.
3- توحيد كلمة المسلمين.
4- تبادل المنافع التجارية والتجارب الاقتصادية.
أما عن الثاني، فمنها:

1- تجديد ذكر الله.
2- تذكر اليوم الآخر.
3- نيل رضوان الله ومغفرته.
4- يتعلم الحاج دروس التضحية والبذل.
5- الحج تدريب عملي للحاج على الصبر والطاعة.
6- الحج نقطة تحول في حياة الحاج.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 27، 28].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:الحمد لله الذي أوجب الحج وخصَّه إلى بيته الحرام، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي أمر بأن تؤخذ عنه المناسك، صلى الله عليه وآله، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:

إخوة العقيدة، لاحت لنا بعض الملاحظات العامة الهامة التي ينبغي ألا تتكرر في موسم الحج، وأنا حين أذكرها على هذا المنبر آمل أن يأخذ بها من يسمع، ويبلغونها إلى غيرهم ممن يسمع منهم، وفي هذا خير كثير - إن شاء الله.

من هذه الملاحظات:
1- تبرُّج النساء وسفورهن، وإنك لتعجب من امرأة جاءت حاجة ملبية مطيعة لله في أداء فرضها، لكنها تعصيه وتشهد من حضرها في تلك البقاع الطاهرة، وفي زمن الحج الفاضل، تشهدهم أنها تعصي الله في تبرُّجها وسفورها.

2- المزاحمة عند الطواف ورمي الجمرات، لقد شاهدنا مآسي من هذا القبيل، وما حدث في هذا العام حول الجمرات في يوم الثاني عشر بسبب العجلة.

3- مناسك الحج شرعت لإقامة الذكر وحال الناس الآن، عكس ذلك قصص وروايات وأحاديث جانبين، بل هناك من يعتبرها بطولة تراه حول الجمرة ربط وسطه وشد رأسه، وكأنه مُقدِمٌ على مَلْحَمَة.
4- الأضاحي والهدايا، هناك من يذبحها ولا يأكل منها، بل يتركها تتعفَّن.

5- يقصد بعض الناس المشقة، كأن يمشي وهو يستطيع الركوب، أو غير ذلك، ويظن أن في ذلك أجرًا، وليعلم أن الأجر حسب اتباع السنة.

6- عدم فقه الموازين في العبادات، فتجد مَن يحج وهو لم يؤد حقوق الناس عليه من العُمَّال وغيرهم.

7- عدم اختيار الأوقات المناسبة.

عِباد الله:
هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى؛ فقد أمركم الله بذلك، فقال - جل من قائل عليمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].

اللهم صلِّ وزد وبارك على عبدك ورسولك نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-01-2020, 04:03 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الحج

الحج (3)



أ. د. عبدالله بن محمد الطيار




الحمد لله الذي جعل الحج إلى بيته الحرام ركنًا من أركان الإسلام، وأشهد ألا إله إلا الله جعل الحج مكفِّرًا للسيئات، رافعًا للدرجات، مضاعفًا للحسنات، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أفضل من طاف وسعى، ولبَّى ووقف ومشى بين الحطيم وزمزم، صلى الله عليه وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله - فالفوز والربح والفلاح بتقوى الله - جل وعلا.


عباد الله:
الحج رحلة عظيمة غالية يستمطر الحاج فيها - رحمة الله - وعفوه وغفرانه رحلة للطاعة، وقصد للمنعم المتفضِّل، وزيارة للبيت العتيق، إنه سفر لمغفرة الذنوب، وحط الأوزار؛ (من حج فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنبه كيوم ولدته أمه).


الحج تجديد للعهد وخضوع بين يدي الله، وانطراح لعلاَّم الغيوب، وغسل للقلوب من أدران الهوى والحقد والحسد والكراهية.


الحج فراق للديار وترك للأهل، وبُعد عن الأحبة.


الحج طرح للزينة وتذكير بالدار الآخرة، فيه يتساوى الأمير والمأمور، والغني والفقير.


الحج إعلان للمساواة، وتوحيد للباس، ودوران حول البيت على هيئة واحدة متناسقة.


الحج رجم للباطل، وقذف للضلال، ومنازلة للشيطان، فما رُؤِيَ أصغر منه، ولا أذل في يوم عرفة.


الحج تضامن مع الأنبياء، واقتداء بأبينا إبراهيم، واتباع لنبينا محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم .


في الحج يتجلى التوحيد الخالص؛ لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، لا وسائط ولا مظاهر، بل اتصال بالحي القيُّوم من له الملك صاحب الخزائن التي لا تنفد؛ {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186].


عباد الله:
الكعبة المشرفة مركز للهداية والإرشاد، ومشعل للإشعاع، والنور والغذاء العاطفي لكل مسلم تقام حولها المناسك، وتتحرك حولها المشاعر، ويتجمع المحبون صوب وحدب، وهذه ضريبة الحب الخالص.


يأتي إليه أعظم الزعماء، وأجل العلماء، وأغنى التجار، وأشجع الناس، وأزهد الخلق وأعبدهم، الكل يأتي إليه طائعًا مختارًا من غير سَوْق من أحد، بل هدف الجميع رضا الرحمن، والاستجابة لنداء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام.


تتحطم العصبيات وتذوب الفوارق وتتقازم الشعارات، ويبقى شعار التوحيد مُعْلنًا: لبيك اللهم لبيك، كلهم يذبحون الهوى وينحرون الرذيلة، ويلثمون الحجر، ويصلون خلف المقام، ويسعون بين الصفا والمروة، فلله درُّهم لو رأيتهم وهم يتنقلون من موقع إلى موقع، يحدوهم الشوق، وتظللهم السكينة، ويدفعهم الإخلاص؛ فسلام على حجاج بيت الله الحرام وهم يحطمون الركاب عند البيت الطهور، يسكبون العبرات، ويسألون ربَّ البريَّات، ويتابعون بين الأشواط، سلام عليهم وهم يقفون في صعيد عرفات، يسألون الله مغفرة الذنوب، وستر العيوب، وحط الأوزار، سلام عليهم وهم يرتدون ثياب الأكفان والقلوب، وجلة والدموع نازلة والرؤوس حاسرة، والجوارح تتعبد لله الواحد القهار، سلام عليهم وهم يذبحون قرابينهم؛ لأنهم يعلمون أن أفضل الحج العج والثج، سلام عليهم وهم ينصرفون إلى المزدلفة؛ ليبقوا ليلة هادئة خالصة لعبادة الله، سلام عليهم وهم يتعبدون برجم الحصى وحلق الرؤوس، فلله كم طعنوا إبليس بخناجر الطاعة، وقتلوا المعصية بسهام الطاعة، ذلت جباههم للعزيز الجبار، فارتفعت أقدارهم وعظمت أجورهم، فبادِرْ - يا عبد الله - لأداء ما افترض الله عليك، فلا تدري أتبقى بعد هذا العام، أم يقف النفس ويفاجئك هادم اللذات، ومُفرِّق الجماعات، فكم ودعنا من شباب لم يحجوا، ومن نساء لم يزرنَ البيت العتيق، وصدق الله العظيم إذ يقول : {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 27].


اللهم تقبَّل من الحجاج حجهم وطوافهم، وسعيهم وهَدْيهم، اللهم وفقهم لأداء حجهم بكل أمن وطمأنينة، وأعدهم إلى بلادهم سالمين غانمين قد غفرت ذنوبهم، وسُترت عيوبهم، وقُبلت دعواتهم يا أرحم الراحمين.


وأكثروا - يا عباد الله - في هذه العَشْر من العمل الصالح والاستغفار؛ لعله الله يغفر لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:

الحمد لله وفق من شاء للحج المبرور والسعي المشكور، وأشهد ألا إله إلا الله أوجب الحج على المستطيع مرة في العمر، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله القائل في سنته: ((خذوا عني مناسككم))، صلى الله عليه وآله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
فاتقوا الله - عباد الله - واعلموا أن الأضحية مما اختصت به هذه العشر المباركات، فأحيوا هذه السنة اقتداءً بأبيكم إبراهيم، واتِّباعًا لنبيكم محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم.


1- واحرصوا على الطيب منها السالم من العيوب.


2- ونفذوا الوصايا من أموال الموصين، واعلموا أنه لا ينبغي للمسلم أن يتبرع للميت ويترك تنفيذ وصيته ما دام أن له مالاً يمكن تنفيذ وصيته.


3- الاشتراك في الأضحية جائز إذا كان في ثوابها وأجرها بأن يضحي شخص عن نفسه وأهل بيته، ويشرك من شاء من حي وميت، أما الاشتراك في الملك، فلا يجوز إلا إذا كان المضحى عنه واحدًا.


4- لا تنقل أضاحي الوصايا وكذا أضحية الشخص عن نفسه وأهل بيته أما الأضاحي المتبرع بها، فلا حرج في نقلها إلى بلاد المسلمين.


5- تجزئ أضحية واحدة الأب وجميع أولاده المتزوجين، ما داموا تحت يده أو يجلسون عنده وقت الأضحية.


6- ينبغي أن يأكل منها ويتصدق، ويهدي حسب ما يراه، فالأمر في ذلك واسع.


7- ولا يجوز ذبحها إلا بعد صلاة العيد إلى غروب شمس اليوم الثالث عشر، وله أن يذبح بالليل، وإن ذبحت المرأة ضحيتها، فلا حرج.


عباد الله:
ولا بد أن تتوافر وتتضافر جهودنا لحماية بلادنا، والأخذ على أيدي أصحاب الأفكار المنحرفة المتأثرين بموجات التضليل والترغيب والتكفير، وهنا أنبه على أمور ثلاثة:
الأول: ما يحدث في بلادنا من آثار فتنة التكفير والتفجير التي راح ضحيتها أبرياء آمنون لا ذنب لهم، فلا بد من بحث الأسباب ووضع اليد على الجروح، ومتابعة هذا الفكر بالحجة واللسان، وكف شرهم عن المسلمين، فكم روَّعوا من آمنين، وقتلوا من أبرياء، وأبكوا أباء وأمهات، وأثَّروا على مسيرة الخير وأهله في هذا السلوك المشين، فأي شيء يطلبون وبأي لسان يتكلمون، وبأي عذر يقابلون ربَّهم يوم القيامة.


الأمر الثاني: لا بد من الإيجابية في التعامل مع معطيات البلد، فأماكن النزهة والحدائق والمواقع العامة التي يستفيد منها الناس كلها تشكو من إساءة البعض ممن يرتادها بتوسيخها ورمي الفضلات فيها، وقلع الأشجار والإسراف في استخدام الماء، وهذه الأماكن العامة مِلْكٌ للناس، وليست حِكْرًا على أحد، وينبغي لمن زارها أن يخرج منها وهي أفضل حالاً قبل أن يأتيها، فالمحافظة عليها واجب يمليه الدين ويحتمه الضمير الحي، وتؤكِّد عليه المروءة وخُلق المسلم.


فلا يؤمن أحدنا حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ونحن مأمورون بالتعاون على الخير، فلنحرص جميعًا على نظافة بلدنا والاستفادة من منابع الخير فيه، ولنحذر من التهاون في هذا الشأن كل حسب قدرته وطاقته، ومع بني جنسه شبابًا ورجالاً ونساءً، ولا سيما ونحن نبدأ الإجازة التي يكثر فيها ارتياد هذه الأماكن.


الأمر الثالث: استشكل بعض الناس مسألة رؤية الهلال ليلة الأربعاء، وقد سئلت عن هذا الأمر كثيرًا: كيف نرى الهلال واضحًا ليلة الأربعاء ويكون يوم الأربعاء أول الشهر؟ وأنا أقول لهؤلاء: إن الهلال لم يُرَ ليلة الثلاثاء لوجود الغيم والرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((فإن غم عليكم، فأكملوا شعبان ثلاثين يومًا))، فما دام لم يُر، فلا إشكال في ذلك حتى لو كان القمر كبيرًا الليلة الثانية؛ لأن الحكم الشرعي منوط بالرؤية، ولا يلتفت لغيرها علمًا أن أهل الفلك جزموا أنه لا يولد ليلة الثلاثاء، وعلى كل حال فما صدر من مجلس القضاء الأعلى هو المتفق مع نصوص الشريعة في رؤية الهلال، ولا ينبغي التشويش على الناس.


ونحمد الله أن هذا البلد المبارك يعمل بالرؤية المجردة، وهذه ميزة لهذه البلاد لا يشاركها فيها غيرها من بلاد المسلمين.

هذا وصلوا وسلموا على الحبيب المصطفى؛ فقد أمركم الله بذلك، فقال - جل من قائل عليمًا: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وزد وبارك على عبدك ورسولك نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 91.49 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 88.67 كيلو بايت... تم توفير 2.82 كيلو بايت...بمعدل (3.08%)]