مقاصد الصيام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7817 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 33 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859299 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393630 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215862 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 74 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 59 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-03-2024, 12:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي مقاصد الصيام

مقاصد الصيام (1)

(الإخلاص - التقوى)

عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
عناصر الخطبة:
1- مقصد: الإخلاص.
2- مقصد: التقوى.

الخطبةالأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ‌حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ‌نَفْسٍ ‌وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا ‌قَوْلًا ‌سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71]، أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذني الله وإياكم من النار.

عباد الله، الله عز وجل شرع الشرائع لمصلحة العباد، وبين الحكمة من التشريع في الكثير من العبادات، ومن تلكم العبادات التي تزخر بالكثير من الفوائد والمقاصد الجليلة في تشريعها؛ عبادة الصيام، ففرض الله صيام شهر رمضان، وهناك صيام مستحب ومندوب في غير رمضان؛ كالإكثار من الصوم في شعبان، وصوم الاثنين والخميس، وصوم يوم عرفة وعاشوراء، وصوم ستة أيام من شوال، وصيام الأيام البيض؛ وهي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري، وغيرها، ومعرفة المقاصد والحكم والفوائد فيه طمأنينة للقلب، وتشجيع على الإقبال على العبادة بوعي وإخلاص، وداعٍ للاستمرار فيها، فما هي بعض مقاصد الصيام؟ أكتفي لكم في هذه الخطبة بمقصدين اثنين:
عباد الله، من مقاصد الصيام:
مقصد الإخلاص: الإخلاص أساس قبول الأعمال، ومن حرم الإخلاص حرم القبول، فأنت اسأل نفسك: أصوم لمن؟ أصلي لمن؟ أتصدَّق لمن؟ أقرأ القرآن لمن؟ الجواب: لله، هذا هو الإخلاص، فإذا كنت تصوم حبًّا في مدح الناس، أو لأنك في حاجة إلى حمية غذائية لمعالجة بعض الأمراض، أو تصوم فقط لأنك تساير الناس في الصوم، وحتى لا يعيروك بالفطر في رمضان، فأنت بعيد عن الإخلاص، قال تعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ‌حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]، واعلموا أن الله لا يقبل عملًا أشركت فيه معه غيره، في الحديث القدسي، قال صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه"[1]، وقال: ((يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها))[2]؛ والمعنى: يترك (شهوته)؛ أي؛ شهوة الجماع وغيرها، (الصيام لي)؛ أي: عمل خالص من أجلي، ليس فيه رياء، (أجزي به)؛ أي: جزاء غير محدود يتناسب مع كرم الله سبحانه وفضله، وهكذا كان دأب الصالحين قبلنا؛ فهذا داود بن أبي هند كان يصوم، وكان خياطًا يذهب إلى عمله، ويحمل غذاءه معه، فيتصدَّق به في الطريق، قال ابن الجوزي: "يظن أهل السوق أنه قد أكل في البيت، ويظن أهله أنه قد أكل في السوق"[3]. وهذا الحسن البصري يعاتب نفسه ويقول: "تتكلمين بكلام الصالحين القانتين العابدين، وتفعلين فعل الفاسقين المرائين، والله ما هذه بصفات المخلصين". وهذا سليمان الداراني يقول: "إذا أخلص العبد؛ انقطعت عنه كثرة الوساوس والرياء"[4]. ويقول الفضيل بن عياض: "ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما"[5]، قال ابن القيم: "العمل بغير إخلاص ولا اقتداء، كالمسافر يملأ جرابه رملًا يثقله، ولا ينفعه"[6]. فاللهم اجعلنا من عبادك المخلصين، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن اقتفى.

عباد الله، من مقاصد الصيام:
مقصد التقوى: التقوى هي الغاية العظمى لفرضية الصوم، في قوله تعالى: ﴿ ‌لَعَلَّكُمْ ‌تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183]، والتقوى هي طاعة الله بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، فأمرنا بالصيام بقوله: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]، فينبغي أن نصوم، وندرب أبناءنا على الصيام، فكل شيء إذا خفته هربت منه، إلا الله؛ إذا خفته وخشيته هربت إليه لتجد الأمن والأمان والرحمة والغفران، سيدنا عمر رضي الله عنه سأل أُبَيَّ بن كعب عن التقوى، فقرب له معناها بتشبيه عجيب، ماذا قال له؟ قال له: أما سلكت طريقًا ذا شوك؟ قال: بلى، قال: فما عملت؟ قال: شمرت واجتهدت، قال: فذلك التقوى[7].

وحياتنا- إخواني - مليئة بالأشواك والابتلاءات، وأقدار الله المؤلمة، فقد تبتلى في نفسك ومالك وأهلك وأولادك، وقد تبتلى بالناس، وتقوى الله بعبادته وطاعته ومنها الصيام خيرُ معينٍ لي ولك. فكيف نحقق التقوى في صيامنا؟

يجب ألا نفقه من الصوم، الصوم عن الطعام والشراب والشهوات خاصة؛ يعني: الصوم الفقهي، بل لا بد أن نترقى في صومنا إلى صيام الجوارح عما حرم الله، قال صلى الله عليه وسلم: ((ليس الصيام من الأكل والشرب؛ إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابَّك أحد أو جهل عليك فلتقل: إني صائم، إني صائم))[8]، فلا صيام يحقق الأجر الوفير والمقاصد المبتغاة لمن:
يصوم في بيت اغتصبه، أو حرم صاحب الميراث منه.

ولا صيام لمن يفطر أو يفطر الصائمين بمال مسروق، أو مال اكتسبه من الربا، أو مال استفاده من الغش والتطفيف في الكيل والوزن، أو من رشوة قبضها.

ولا صيام لمن صام بطنه، ولم يصم لسانه عن الكذب، ونقل الغيبة والنميمة والسخرية وشهادة الزور والسب والشتم والكلام الفاحش، ولم تصم عيناه عن النظر إلى ما حرم الله، ولم تصم أذناه عن سماع المنكرات والغيبة، ولم تصم رجلاه عن الذهاب إلى أماكن الفجور، ولم تصم يداه عن الاعتداء على الآمنين، وعن قبض ما لا يحل لها من تدخين وخمر ورشوة، وما إلى ذلك.

ولا صيام لمن يحتكر القوت والطعام والسلع في رمضان وغير رمضان، وهو مستبشر بارتفاع الأسعار والأرباح، ويرقص على آلام المستضعفين.

ولا صيام لمن تخرج كأنها عروس زينت لزوجها، فتؤذي المؤمنين في طرقاتهم وشوارعهم، ولم تساعدهم على تقوى ربهم، والتقرب إليه بأنواع الطاعات.

ولا صيام لمن يؤذي أرحامه وأقاربه وجيرانه وخدمه وحارس العمارة، ولم يكف أذاه عنهم، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ولا صيام لمن له حقوق ومظالم للناس، فلم يعط الأجير حقه، وماطل صاحب الدين وهو قادر على سداده، ولم يعط أخته حقها من ميراث أبيها، أو عنده مال مسروق أو مغتصب، ولم يرده إلى أصحابه.

ولا صيام لمن نهاره صيام، وليله فجور ومعاصٍ، واللائحة طويلة إخواني.

فهؤلاء جميعًا وإن حققوا الصوم الفقهي، فإنهم لم يحققوا الصوم الروحي، فاحرصوا - رعاكم الله - على تحقيق التقوى في صومكم تفوزوا برضوان ربكم. فاللهم اجعلنا من عبادك المتقين ومن المنتفعين بصومهم، آمين. (تتمة الدعاء).

[1] رواه مسلم، برقم: 2985.

[2] رواه البخاري، برقم: 1894.

[3] المدهش، ابن الجوزي: 420.

[4] مدارج السالكين، ابن القيم: 2/ 92.

[5] نفسه: 2/ 92.

[6] الفوائد، ابن القيم: 1/ 49.

[7] تفسير ابن كثير: 1/ 164.

[8] رواه ابن خزيمة في صحيحه، برقم: 1996.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-04-2024, 01:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقاصد الصيام

مقاصد الصيام (2)

(مقصد التربية)

عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت

عناصر الخطبة:
1- التربية على العقيدة.

2- التربية على العبادة.

3- التربية على الأخلاق.

4- التربية على التماسك الاجتماعي.

5- التربية على البناء الصحي والجسمي.

الخطبةالأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذني الله وإياكم من النار.

عباد الله: تحدثنا في الخطبة الماضية عن مَقْصِدَيِ الإخلاص والتقوى، اللذين يتحققان في عبادة الصيام، وحديثنا في هذه الخطبة عن مَقْصِدٍ آخرَ لمدرسة الصيام؛ إنه مقصد التربية، فما هي بعض الأمور التي نتعلمها ونتربى عليها في صومنا؟

1- التربية على العقيدة: الصيام يُعلِّمنا الإخلاص، وقد سبق الحديث عنه، فنحن نصوم إيمانًا لفرضية الله للصوم علينا، أو تطوُّعًا وتقربًا إليه، ونصوم احتسابًا للأجر عنده، فمن أراد القبول فلْيَرْبِط صومه بالله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))[1]، وفي رواية: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))[2]، والصيام يعلمنا خُلُقَ المراقبة والحياء من الله في السر والعلن، فتستطيع أن تأكل سرًّا وتخرج للناس وتقول لهم: إني صائم، لكن من الذي يمنعك؟ يمنعك تعظيم الله في قلبك والخوف منه، فإذا صامت قلوبنا حقًّا، ألزمت باقي الأعضاء بالصيام، نسأل الله أن يثبت قلوبنا على دينه.

2- التربية على العبادة: لماذا يُقبِل الناس في رمضان على المساجد للمحافظة على عبادة الصلاة، سواء في الصلوات الخمس أو القيام لصلاة التراويح؟ ولماذا يقرؤون في رمضان من القرآن والذكر، ما لا يفعلون في غيره؟ ولماذا يتعبَّدون بكثرة الإنفاق فيه، فيتعلمون الجود والكرم والسخاء؟ هذا كله وغيره بسبب عبادة الصيام في هذا الشهر المبارك، هي عبادة تحفِّز على الطاعات، وتحفِّز على تجنُّب المعاصي؛ لأن مجاري الشيطان تضيق بسبب ترك الأكل؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم))[3]، ولأن الصوم الحقيقيَّ هو الذي يؤدي إلى حصول التقوى؛ كما قال تعالى: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 63]، فاجتهدوا في الإقبال على العبادات، وتَرْكِ المحرَّمات.

3- التربية على الأخلاق: إن سَلْسَلَةَ الشياطين، ونزول السَّكِينة على الصائمين في رمضان، وإقبال الناس على الخير وإدبارهم عن الشر، خيرُ مِعْوانٍ على تزكية النفس وتَحْلِيَتِها بالأخلاق الطيبة، وتَخْلِيَتها من الرذائل، ففي الصيام نتعلم التقوى وهي جماع حُسْنِ الخلق الذي يربِطنا بالله، ونتعلم البِرَّ الذي هو جماع حسن الخلق بيننا وبين الناس؛ قال تعالى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((وإذا كان يومُ صومِ أحدِكم فلا يرفُث ولا يصخَب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فَلْيَقُلْ: إني امرؤ صائم))[4]، و(لا يرفث): أي: لا يُفحِش في الكلام، و(يصخب): من الصَّخَب؛ وهو الخصام والصياح، فلا يُخاصِم أو يشتِم أو يسُب، أو ينطق بالكلام الفاحش أو يكذب، أو يجلس مجلس غِيبةٍ، وعلى هذا القياس.

فاللهم اجعلنا من الذين هم لصومِهم راعون، وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن اقتفى؛ أما بعد عباد الله:
فمن الأمور التي نتربَّى عليها في عبادة الصيام وفي مدرسة رمضان:
4- التربية على التماسك الاجتماعي: من خلال الحرص على الإنفاق على المحتاجين، وتفطير الصائمين، وإخراج زكاة الفطر، والتصدق بالطعام أو إهدائه للفقراء والأقارب والجيران، وصلة الأرحام، فنتربَّى على الإحساس بالجسد الواحد، وبالأُمَّة الواحدة؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم: ((أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان))[5]، فهذا الجوع والعطش لا بدَّ أن يذكِّرنا بإخواننا المحاصَرين في غزة، من طرف أعداء الدين والملة، الذين لا يرقُبون في مؤمن إلًّا ولا ذِمَّةً، فتَلِين قلوبنا للتضامن معهم بما نستطيع، ومن عَجَزَ فبالدعاء، وهذا أضعف الإيمان.

5- التربية على البناء الصحي والجسمي: قال صلى الله عليه وسلم: ((الصوم جُنَّة))[6]؛ أي: وقاية، فهو وقاية للعبد يوم القيامة من النار، وهو وقاية أيضًا لصحته وجسمه، وكثيرًا ما يُوصي الأطباء بالحِمْيَة الغذائية لبعض الأمراض، والمسلم يزيد معها النية الصالحة حتى يصير حمية الصيام عبادةً يُؤجَر عليها، وأفاض أهل الاختصاص في ذكر الفوائد الصحية للصوم، ومما ذكروه أنه: يساعد في تخفيض الوزن للذين يعانون من السمنة؛ لأنه يقوم بزيادة مستويات الدهون النافعة، ويخفض مستوى الدهون الضارة، ويساعد في الإقلاع عن التدخين والمخدِّرات، فإذا كان المدخِّن يستطيع الصوم عن التدخين من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، فإنه يقدر بتدرُّجٍ على تركها بالكلية، وعلى مستوى الدم فإن الصيام يزيد في الصفائح الدموية وفي الكريات الحمراء والبيضاء، ويخفض عوامل الالتهاب ومحفزات السرطان، كما يخفض سكر وضغط الدم، مما يكون له الأثر الحسن في خفض التوتر والإحساس بالراحة والطمأنينة، هذا غَيضٌ من فيض مما ذكروه، واشترطوا لتحقق فوائد الصيام الصحية تجنُّب الإسراف والاعتدال في الطعام، والاقتصار على الأكل الصحي، وهو عين ما دعا إليه شرعنا؛ قال تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 31، 32]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ، بحسب ابن آدم أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَه، فإن كان لا محالة، فثُلُثٌ طعامٌ، وثلث شراب، وثلث لنَفَسه))[7] ، فهل اجتهدنا في تغيير عاداتنا السلبية في الأكل والطعام؟ وهل اجتهدنا في ترك العادات المضرة بصحتنا؛ كشرب الخمور والتدخين وتناول المخدرات؟

فاللهم اجعلنا من عبادك المتقين المنتفعين بصومهم، آمين.

(تتمة الدعاء).

[1] رواه البخاري، رقم: 2014، ومسلم، رقم: 760.

[2] رواه البخاري، رقم: 2009، ومسلم، رقم: 759.

[3] رواه مسلم، رقم: 2174.

[4] رواه البخاري، برقم: 1904.

[5] رواه البخاري، برقم: 1902.

[6] رواه النسائي، برقم: 2224.

[7] رواه البخاري، برقم: 1904.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 08-04-2024, 11:40 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,062
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مقاصد الصيام

مَقَاصِدُ الصِّيَامِ (3)

(الرَّحْمَةُ وَالْمَغْفِرَةُ وَالعِتْق مِنَ النَّارِ)

عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت


عناصر الخطبة:
1- مَقْصِدُ الرحمة.
2- مقصد المغفرة.
3- مقصد العِتْق من النار.

الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذني الله وإياكم من النار.

عباد الله: تحدَّثنا في الخطبة الماضية عن مقصد التربية، وتناولنا فيها التربية على العقيدة، والتربية على العبادة، والتربية على الأخلاق، والتربية على التماسك الاجتماعي، والتربية على البناء الصحي والجسمي، وحديثنا في هذه الخطبة عن مقاصد أخرى لمدرسة الصيام؛ ومنها: الرحمة والمغفرة والعِتْق من النار.

عباد الله: من مقاصد الصيام: مقصد الرحمة؛ الله عز وجل جَعَلَ لعباده مواسمَ للطاعات يستغلونها، فيرفع درجاتهم، ويكرمهم بكرمه وفضله وإحسانه، ومنها صيام رمضان وحج البيت، وتشريع الشرائع من رحمة الله بعباده؛ قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النور: 56]، والصيام من الشرائع التي تتحقق فيها رحمة الله بعباده؛ من خلال:
تصفيده تعالى للشياطين حتى ينطلق العباد في أنواع الطاعات، دون عوائقَ تَعُوقهم في سيرهم إلى الله، ومن أثر ذلك إقبالُ الناس على المساجد، وكثرة الجُود في رمضان، وفَتْحُ أبواب الجنة، وغَلْقُ أبواب النار؛ تحفيزًا لعباده، ودعوةً لهم إلى الخير؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان أول ليلة من شهر رمضان، صُفِّدت الشياطين، ومَرَدَةُ الجن، وغُلقت أبواب النار، فلم يُفتح منها باب، وفُتحت أبواب الجنة، فلم يُغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغِيَ الخير أقْبِلْ، ويا باغي الشر أقْصِرْ، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة))[1]، وجعل الصيام في القبر حارسًا وأمينًا لصاحبه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الميت إذا وُضِعَ في قبره، إنه يسمع خَفْقَ نِعالهم حين يُولُّون عنه، فإن كان مؤمنًا، كانت الصلاة عند رأسه، وكان الصيام عن يمينه، وكانت الزكاة عن شماله، وكان فِعْلُ الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه، فيُؤتى من قِبَلِ رأسه، فتقول الصلاة: ما قِبَلي مدخل، ثم يُؤتى عن يمينه، فيقول الصيام: ما قِبَلي مدخل، ثم يُؤتى عن يساره، فتقول الزكاة: ما قِبَلي مدخل، ثم يُؤتى من قِبَل رجليه، فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس: ما قِبلي مدخل...))[2]، وجَعَلَ الصيام شفيعًا يشفع له؛ لقاءَ ما كابده من العطش بالنهار، وخصص بابًا في الجنة للصائمين لا يدخل منه غيرهم؛ وهو باب الرَّيَّان.

أرسل رسوله رحمةً للعالمين، ومن مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم في الصيام نهيُه عن صوم الوِصال لأُمَّتِهِ؛ رحمةً بها، وإن كان هو يَصِلُ صلى الله عليه وسلم، وهذا من خصوصياته، وصوم الوصال أن يواصل الليل بالنهار فلا يُفْطِر؛ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، ((أن النبي صلى الله عليه وسلم واصَلَ، فواصل الناس، فشقَّ عليهم فنهاهم، قالوا: إنك تواصل، قال: لستُ كهيئتكم إني أظلُّ أُطْعَمُ وأُسقى))[3]، ومنها أنه أمر الناسي بأن يتم صومه؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((من أكل ناسيًا، وهو صائم، فلْيُتِمَّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه))[4]، وأمَرَ بالسحور وبتعجيل الفطر، وتأخير السحور؛ حتى لا تطول مدة الصيام؛ فقال: ((تسحَّروا؛ فإن في السَّحُور بركةً))[5]، وقال: ((لا تزال أُمَّتي بخير ما عجَّلوا الإفطار، وأخَّروا السُّحور))[6].

عباد الله: من مقاصد الصيام: مقصد المغفرة: ففَرَضَ الله تعالى صيامَ رمضان، وندب رسوله إلى أنواع من صيام النوافل؛ جلبًا لمغفرة الغفور سبحانه؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))[7]، وندب صلى الله عليه وسلم لقيام لياليه فقال: ((من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))[8]، وجعل الله تعالى لهم ليلة القدر يلتمسونها في العشر الأواخر من رمضان، ورتَّب عليها المغفرة لمن اجتهد في العشر كلها، وأحيا لياليها التماسًا لها؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه))[9]، فاجتهدوا - عباد الله - في العشر الأواخر، وقوموا لياليها، واجتهدوا بالدعاء فيها؛ عن عائشة رضي الله عنها، قالت: ((قلت: يا رسول الله، أرأيتَ إن علمتُ أيُّ ليلةٍ ليلةُ القدر، ما أقول فيها؟ قال: قُولِي: اللهم إنك عفوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ، فاعْفُ عني))[10]، ومن أدرك رمضان وضيَّع فرصةَ نَيلِ مغفرة الله، فهو مُبْعَد ومطرود؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((أتاني جبريل، فقال: رغُم أنفُ رجلٍ أدرك رمضان فلم يُغفر له، أو فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين))[11]، وفي صيام النوافل قال صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة وعاشوراء: ((صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفِّرَ السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله))[12]، فإن طَلَبَ المغفرة والعفو والرحمة مقاصدُ ومنافع يجب الحرص عليها، واغتنام أوقات نزولها.

فاللهم ارحمنا واغفر لنا ذنوبنا، آمين.
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن اقتفى؛ أما بعد عباد الله:
فمن مقاصد الصيام: مقصد العِتْق من النار: مما ورد في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في آخر شعبان قوله عن رمضان: ((وهو شهرٌ أوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار))[13]، وقال في الحديث السابق معنا: ((ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة))[14]؛ أي: ولله عتقاء كثيرون من النار، جعلني الله وإياكم منهم، النار سجن وأَسْرٌ، فجعل الله الصيام سببًا لعِتْقِ رقاب عباده من النار وتحريرهم من أغلالها.

عباد الله: نهاية رمضان حَصْدٌ للثمار، وإنعام من الله لعباده بالرحمة والمغفرة والعِتْق من النار، وذلك لا يكون إلا بالتوبة الصحيحة والصادقة التي تكون خالصةً لوجهه تعالى، والإقلاع عن الذنب حالًا، والندم على ذنوبٍ مَضَت، والعزم على عدم الرجوع إلى الذنب استقبالًا، وإذا كانت له مظالم على العباد تحلَّلَ منها.

ونلمس بعض مظاهر هذه التوبة في صيام رمضان بإقبال الناس على ربهم وعمارة المساجد، وكثرة الطاعات وقلة المعاصي، ومن علامات التوبة النصوح في رمضان الاستمرارُ على الطاعة والخير بعد رمضان.

والعشر الأواخر فرصتنا لتحقيق هذه المقاصد كلها ببذل المزيد من الجهد لإحيائها، وتقديم أنواع الطاعات فيها؛ فرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كان: ((إذا دخل العشر شدَّ مِئْزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله))[15]، فمن وفَّقه الله لإدراكها، فهو المرحوم، والمغفور له، والْمُعْتَق من النار.

فاللهم اجعلنا من عُتقائك، وتُبْ علينا؛ إنك أنت التواب الرحيم، آمين.

(تتمة الدعاء).

[1] رواه الترمذي، رقم: 682.

[2] رواه ابن حبان في صحيحه، رقم: 3113.

[3] رواه البخاري، رقم: 1922.

[4] رواه البخاري، رقم: 6669.

[5] رواه البخاري، برقم: 1923.

[6] رواه أحمد، رقم: 21312.

[7] رواه البخاري، رقم: 38.

[8] رواه البخاري، رقم: 37.

[9] رواه البخاري، رقم: 1901.

[10] رواه الترمذي، رقم: 3513.

[11] رواه البزار في مسنده، رقم: 1405.

[12] رواه مسلم، رقم: 1162.

[13] رواه ابن خزيمة في صحيحه، رقم: 1887.

[14] رواه الترمذي، رقم: 682.

[15] رواه البخاري، رقم: 2024.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-04-2024, 11:55 AM
اسراء شعلان اسراء شعلان غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Feb 2021
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 3
افتراضي رد: مقاصد الصيام

جزاك الله خيرا
شكرا لك
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



 

[حجم الصفحة الأصلي: 88.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 84.56 كيلو بايت... تم توفير 3.74 كيلو بايت...بمعدل (4.23%)]