ابن الرقيق لا ابن الدقيق

[ابوالوليد المسلم]

ابن الرقيق لا ابن الدقيق




د. عبدالحكيم الأنيس





من العلماء المؤرِّخين والأدباء أبو إسحاق إبراهيم بن القاسم المعروف بالرقيق أو ابن الرقيق، المتوفى نحو سنة 425 هـ، وقد ترجم له الزركلي فقال:
(مؤرِّخ أديب من أهل القيروان.

كان يلي كتابة الحضرة في الدولة الصنهاجية، واستمر فيها زهاء نصف قرن.

ورحل إلى مصر سنة 388 هـ يحملُ هدية من باديس بن زيري إلى الحاكم، وعاد إلى وطنه فتوفي فيه على الأرجح.

وصفه ابنُ رشيق (صاحب العمدة) بأنه: شاعر سهل الكلام محكمه، لطيف الطبع، غلب عليه اسمُ الكتابة وعلم التاريخ وتأليف الأخبار، وهو بذلك أحذقُ الناس اهـ.

وقال ابنُ خلدون (في المقدمة): ابن الرقيق، مؤرِّخ إفريقية والدول التي كانت بالقيروان ولم يأت مِنْ بعده إلا مقلد.

ونعته ياقوت (في معجم الأدباء) بالكاتب. وأورد أسماءَ كتبه، ومنها:
• (تاريخ إفريقية والمغرب - ط) في تونس.
• و(كتاب النساء).
• و(نظم السلوك في مسامرة الملوك).
• وله (قطب السرور في وصف الأنبذة والخمور - ط) جزء منه)[1].

أقول:
وكتابه (كتاب النساء) كان من مصادر ابن صعد التلمساني (ت: 901 هـ) في كتابه (النجم الثاقب فيما لأولياء الله من مفاخر المناقب)[2].

وقد نقل عنه في الصفحات الآتية: (305)، (338)، (372).

ولكن تحرَّف اسمُه على الأستاذ المحقِّق إلى (ابن الدقيق)، وظنَّه ابنَ دقيق العيد! وترجم له مرتين:
مرة على أنه ابن دقيق العيد: أحمد بن علي المتوفى سنة 702هـ!!

ومرة على أنه ابن دقيق العيد: موسى بن علي المتوفى سنة 685هـ!َ! وهما أخوان.

وكل هذا خطأ، وهذا تفصيل ذلك:
1- جاء في ص 305: (حدَّث ابن الدقيق في "كتابه" قال: لما أراد المأمون أن يزوج ابنته أم الفضل لأبي جعفر...).

وعلى المحقِّق على ابن الدقيق بقوله: (هو تقي الدين أحمد بن علي المعروف بابن دقيق العيد).

وقد أخطأ في الاسم، وأخطأ في الترجمة. وحتى لو كان (ابن الدقيق) فأين هو من (ابن دقيق العيد)؟


2- وجاء في ص 338: (وفي "كتاب النساء" عن الإمام أبي محمد اليزيدي...).

وسكتَ المحقِّق هنا.

3- وجاء في ص 372: (وحكى ابن الدقيق في "كتاب النساء" أنه خرج أبو حازم يرمي الجمار...).

وقال المحقِّقُ: (في الأصل: ابن الرفيق. وهو تحريفٌ صوابُهُ من ط، ب.

وابن الدقيق هو موسى بن علي المعروف بابن دقيق العيد. تقدمتْ ترجمته في ص 88،هـ 6).

أقول: وما جاء في الأصل والذي عدَّه المحقِّق تحريفاً هو الصوابُ بعينه، ولكن بقافين: (الرقيق) وليس (الرفيق).

والترجمة في الموضع المحال إليه وهي هذه: (ابن دقيق العيد موسى بن علي: فقيه أديب، وهو أخو تقي الدين أحمد بن علي المعروف مثله بابن دقيق العيد. توفي سنة 685 هـ. الأعلام7/325) خطأ أيضاً.

وبعد: فإنَّ تحريف (ابن الرقيق) صاحب "كتاب النساء" إلى (ابن الدقيق)، ثم الترجمة له على أنه (أبو الفتح تقي الدين ابن دقيق العيد) ثم (سراج الدين ابن دقيق العيد) أخطاء يُؤسف لصدورِها!

وترتب على هذا الخطأُ في الفهرس أيضاً، فحين ذكَرَ المحقق (كتاب النساء) في فهرس الكتب الواردة في المتن ص 465 قال: (كتاب النساء لابن دقيق العيد 338،372)[3].

وهكذا نُسِبَ إلى الإمام تقي الدين ابن دقيق العيد ثم أخيه سراج الدين ابن دقيق العيد ما ليس لهما، لا مِنْ قريبٍ ولا مِنْ بعيد، وضاع المؤلِّف الحقيقي المؤرِّخ الأديب إبراهيم بن القاسم (ابن الرقيق القيرواني)[4].


[1] الأعلام (1/57).

[2] صدر عن دار صادر في بيروت سنة 1432هـ-2011م.

[3] وفات المحققَ أن يذكرَ في الفهرسِ الصفحة 305 فقد نقل فيها المؤلفُ ابنُ صعد عن الكتاب، وإن لم يصرِّحْ باسمه.

[4] وفي التراجم أخطاء أخرى، وما ذُكِرَ مثالٌ منها.