قيمة العمل والاكتساب في الإسلام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213624 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-11-2020, 03:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي قيمة العمل والاكتساب في الإسلام

قيمة العمل والاكتساب في الإسلام
السيد مراد سلامة




الخطبة الأولى
أما بعد:
إخوة الإسلام: حيثنا في هذا اليوم الأغر عن قيمة العمل والاكتساب في شريعة رب الأرباب فقد أعلى الإسلام شان العمل والجد والسعي في الأرض فجاء الأمر به في غير ما آية من القران الكريم ولقد أثر عن الأنبياء أنهم كانوا أرباب حرف وتجارات لم يكونوا كلاً على أحد بل كانوا أعف الناس وأبعدهم عن الاتكال على مخلوق.

العنصر الأول الإسلام يدعو إلى العمل والكسب الحلال:
اعلم علمني الله وإياك: أن الإسلام حث أتباعه على العمل والكد لكسب العيش وترك الكسل والخمول ولقد جاءت آيات القرآن تدعوا إلى عمارة الأرض والسير في مناكبها طلبا للرزق الحلال بل إن سنن الله الكونية تدعوا بني الإنسان إلى ذلك فالله تعالى جعل الليل سكنا، وجعل النهار معاشا فقال سبحانه ﴿ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا ﴾ [النبأ: 11].

يقول الشوكاني - رحمه الله - في هذه الآية: "والمعني أن الله جعل لهم النهار مضيئا ليسعوا فيما يقوم به معاشهم وما قسمة الله لهم من الرزق".
ويقول ابن كثير - رحمه الله -: "أي جعلنا مشرقاً منيراً مضيئاً ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات وغير ذلك".

وقال ابن عباس: يريد، تبتغون فضل من الله وما قسم لهم من رزقه وها هو المولي سبحانه يمتن على عباده بأنه سهل لكم السير في الأرض وذللها لهم فقال سبحانه وتعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15].

يقول ابن كثير رحمه الله:- أي فسافروا حيث شئتم من أقطارها وترددوا في أقاليمها وأرجائها في أنواع المكاسب والتجارات واعلموا أن سعيكم لا يجدي عليكم شيئا إلا أن ييسره الله لكم ولهذا قال تعالى ﴿ وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15]فالسعي في السبب لا ينافي التوكل كما قال الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب يقول: إنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا.
فأثبت لها رواحا وغدوا لطلب الرزق مع توكلها على الله عز وجل وهو المسخر المسير المسبب ويقول سبحانه وتعالى ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [الأعراف: 10].


يقول القرطبي رحمه الله: أي جعلناها لكم قرار ومهادا وهيأنا لكم فيها أسباب المعيشة والمعايش جمع معيشة أي يتعيش به من المطعم والمشرب وما تكون به الحياة.

ويقول بن كثير رحمه الله: يقول تعالى: ممتنا على عبيده فيما مكن لهم من أنه جعل الأرض قرار وجعل فيها رواسي وأنهارا وجعل لهم فيها منازل وبيوتا وأباح لهم منافعها وسخر لهم السحاب لإخراج أرزاقهم منها وجعل لهم فيها معايش أي مكاسب وأسبابا يكسبون بها ويتجرون فيها ويتسببون أنواع الأسباب وأكثرهم مع هذا قليل الشكر على ذلك كقوله: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18].

وأباح المولى سبحانه وتعالى العمل في موسم الحج في حال أداء الحـج لتلك الفريضة فقال سبحانه وتعالى ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198].
روي البخاري عن ابن عباس قال: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في الموسم فنزلت ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198] رواه البخاري في موسم الحج ولبعضهم، فلما جاء الإسلام تأثموا أن يتجروا فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن ذلك فأنزل الله هذه الآية.

وروى أبو داود عن ابن عباس قال: كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم والحج يقولون أيام ذكر فأنزل الله ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ﴾ [البقرة: 198].

وقال ابن جرير: سمعت ابن عمر سئل عن الرجل يحج ومعه تجارة فقرأ بن عمر، ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم، رواه أحمد عن أبي أمامه التيمي. وعن أبي صالح مولي عمر قال قلت: يا أمير المؤمنين كنتم تتجرون في الحج؛ قال:هل كانت معايشهم ألا في الحج.

وأباح سبحانه السعي في الأرض طلبا للحلال فقال سبحانه: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الجمعة: 10]وخفف سبحانه وتعالى عليهم في التكاليف لغرض الضرب في الأرض يقول سبحانه: ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [المزمل: 20].


يقول القرطبي رحمه الله: سوى الله تعالى في هذه الآية بين درجة المجاهدين والمكتسبين المال الحلال للنفقة على نفسه وعياله الإحسان والافضال، فكان هذا دليلا على أن كسب المال بمنزلة الجهاد، لأنه جمعه مع الجهاد في سبيل الله...
وقال ابن مسعود، أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان له عند الله منزلة الشهداء وقرأ ﴿ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ ﴾ [المزمل: 20]

وقال ابن عمر - رضي الله عنهما:- ما خلق الله موته أمواتها بعد الموت في سبيل الله أحب إلى من الموت بين شعبتي رحلي ابتغي من فضل الله ضاربا في الأرض.
وقال طاووس: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله.

حث النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابه على العمل ونبذ البطالة والتعرض للمسألة فقد أخرج أحمد والبخاري عن الزبير بن العوام قال، قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي الجبل فيجئ بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها فيكيف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".

يقول ابن حجر رحمه الله: وفيه الحض على التعفف عن المسألة والتنزه عنها ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك، ولو لا قبح المسألة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط، ولم يدخل على المسؤول من الضيق في ماله أعطي كل سائل. أ. هـ.

وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم- السعي على النفس أو لأبناء أو الآباء يعدل الجهاد في سبيل الله.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال بينا نحن مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا طلع شاب من الثنية فلما رأينا رميناه بأبصارنا فقلنا لو أن هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل الله فسمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (وما سبيل الله إلا من قتل من سعى على والديه ففي سبيل الله ومن سعى على عياله ففي سبيل الله، ومن سعي مكاثراً ففي سبيل الطاغوت)؛ أخرجه الطبراني، وفي رواية: (سبيل الشيطان).
وحث سبحانه عباده على أكل الحلال فأمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال سبحانه ﴿ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51].

فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال ﴿ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [المؤمنون: 51].


العنصر الثاني آثار من أقوال السلف تحث على أكل الحلال:
أحباب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هيا لنتعرف على حث السلف على العمل.

أبو الدرداء - رضي الله عنه-:
عن عباس بن خليد قال: قال أبو الدرداء تمام التقوى أن يتقى الله العبد حتى يتقيه في مثقال ذرة حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما يكون حجابا بينه وبين الحرام فان الله قد بين للعباد الذي يصيرهم إليه قال الله من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذره شرا يره فلا تحقرن شيئا من الشر أن تتقيه ولا شيئا من الخير أن تفعله.

عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: قال يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح الطريق فاستبقوا الخيرات ولا تكونوا عيالا على المسلمين.

أيوب -رضي الله عنه-: عن حماد بن زيد قال: سمعت أيوب يقول: لو أعلم أن عيالي يحتاجون جزرة بقل ما قعدت معكم.
وقال وهب بن منبه: حق على العاقل أن لا يظعن إلا في ثلاث: زاد المعاد، أو حرفة لمعاش أو لذة في غير محرم.

وقال بعض الحكماء: صاحب الدنيا يطلب أمور ثلاثة لا يدركها إلا بأمور أربعة فالثلاثة هي:
1- السعة في المعيشة.
2- والمنزلة في الناس.
3- والزاد إلى الآخرة.

والأربعة هي:
1- اكتساب المال من وجهه.
2- وحسن القيام عليه.
3- وإنفاقه في مواضعه.

وقال سفيان الثوري رحمه الله: كان المال فيما مضي يكره، فأما اليوم فهو ترس المؤمن
وقال لولا هذه الدنانير لتمندل بنا هؤلاء الملوك
وقال: من كان في يده من هذا شيء فليصلحه فإنه زمان إن احتاج كان أول من يبذل دينه.

الفصل الثاني: حرص السلف على العمل والكسب الحلال:
اعلم علمني الله وإياك: أن سلف هذه الأمة كانوا من أحرص الناس على العمل والكسب وتحري الحلال والبعد عن الشبه والمحرمات لعلمهم أن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وأن كل جسم نبت من حرام فالنار أولي به وفي هذا الفضل نقف مع صور مشرقة لحرص السلف سواء كانوا من الأنبياء عليهم الصلوات والسلام أم أتباعهم، فهذا إمام الأنبياء وسيد الأتقياء وخاتم المرسلين -صلى الله عليه وسلم- يتحرى مطعمه أن يكون حلالا.

ثلة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام:
وها هو نبي الله موسى عليه السلام يعمل بالأجرة عند العبد الصالح شعيب يقول سبحانه وتعالى ﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ * قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾ [القصص: 26 - 28].

زكريا عليه السلام: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- كان زكريا نجارا. أخرجه أحمد وها هو يوسف عليه السلام يعمل على خزائن مصر يقول سبحانه تعالى ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ * وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 55، 56]

رسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- وهذا سيد الأنبياء وإمام الأتقياء وخاتم المرسلين يعمل ويكد لأن العمل من سنن هذه الحياة وهو مع ذلك يقتدى بغيرة من الأنبياء عليهم السلام، عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما من نبي إلا وقد رعى الغنم؛ قالوا: وأنت يا رسول الله؛ قال: نعم، كنت أرعها على قراريط لأهل مكة. أخرجه البخاري.

وقال أبو سلمة، عن جابر - رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمر الظهران نجتني الكباث. (الكباث: ثمر الأراك). فقال: عليكم بالأسود منه فإنه أطيب، قلنا: أو كنت ترعى الغنم يا رسول الله؛ قال: نعم وهل نبي إلا قد رعاها. أخرجه البخاري.

ولقد عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتجارة لخديجة - رضي الله عنها - وهكذا يتضح لنا أن الأنبياء كانوا لنا أسوة حسنة في الحرص على العمل وترك الركون والدعة والبطالة.

سلمان الفارسي -رضي الله عنه- ذكر معمر عن رجل من أصحابه قال: دخل قوم على سلمان وهو أمير على المدائن وهو يعمل هذا الخوص، فقيل له: لم تعمل هذا وأنت أمير يجري عليك رزق؟!، فقال: (إني أحب أن آكل من عمل يدي) وذكر أنه تعلم عمل الخوص بالمدينة من الأنصار عند بعض مواليه، وذكر هشام بن حسان عن الحسن، قال: كان عطاؤه خمسة آلاف وكان إذا خرج عطاؤه تصدق به ويأكل من عمل يده وكانت له عباءة يفترش بعضها ويلبس بعضها، وذكر ابن وهب وابن نافع عن مالك قال كان سليمان يعمل الخوص بيده فيعيش منه ولا يقبل من أحد شيئا.

حرص أبي الدرداء -رضي الله عنه-.
عن ميمون بن مهران عن أبيه قال: قالت أم الدرداء لأبي الدرداء: إن احتجت بعدك أكل الصدقة، قال: لا اعلمي وكلي، قالت فإن ضعفت عن العمل، قال: التقطي السنبل ولا تأكل الصدقة.

عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-:
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه لما قدمنا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين سعد بن الربيع فقال سعد بن الربيع إني أكثر الأنصار مالا فأقسم لك نصف مالي وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها فإذا حلت تزوجتها قال فقال له عبد الرحمن لا حاجة لي في ذلك هل من سوق فيه تجارة قال سوق قينقاع قال فغدا إليه عبد الرحمن فأتى بأقط وسمن قال ثم تابع الغدو فما لبث أن جاء عبد الرحمن عليه أثر صفرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت قال نعم قال ومن قال امرأة من الأنصار قال كم سقت قال زنة نواة من ذهب أو نواة من ذهب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أولم ولو بشاة) البخاري.

الحسن بن يحيى - رحمه الله -. عن عفان قال: لقي رجل الحسن بن يحيى بأرض الحبشة معه تجارة فقال له: ما الذي بلغ بك هاهنا؛ فعزله الرجل فقال: أكل هذا طلب الدنيا وحرصا عليها؟!؛ فقال الحسن: يا هذا إن الذي حملني على هذا كراهة الحاجة إلى مثلك.
إِذَا ما الْمَرْءُ لَمْ يَطْلُبْ مَعَاشًا
وَلَمْ يَتَحَاشَ مِنْ طُولِ الْجُلُوسِ

جَفَاهُ الأَقْرَبُونَ وَصَارَ كَلاً
عَلَى الإِخْوَانِ كَالثَّوْبِ اللَّبِيسِ

وَمَا الأَرْزَاقُ عَنْ جَلَدٍ وَلَكِنْ
بِمَا قَدَرَ الْمُقَدِّرُ لِلنِّفُوسِ


ابن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم-. عن سعيد بن أبي عروبة قال: كنت منذ ثلاثين سنة لقيت ابنا لأبي هريرة بعمان يعالج البز فقلت له: وأنت أيضا تعالج البز؛ فحدثني عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استشاره رجل في البيوع فأشار بالبز اجتلبت الخصب للمسلمين وكذا وذكا وعدد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشياء.

الحسن بن الخليل بن مرة - رحمه الله -.
قال: عبد الله بن صالح: ما رأيت بمصر من أفضله على الحسن بن الخليل في زهده وورعه، ولقد رأيته يحمل دقيقا في جراب للناس بأجرة يتقوت بها في كل يوما، ثم زاد أمره فلم يكن يدخر لوقت يأتي، وعليه مدرعة قيمتها أقل من درهم وأجمع أهل مصر أنه مستجاب الدعوة.

الحسن بن خليل بن مرة - رحمه الله -.. قال: عبد الله بن صالح، ما رأيت بمصر من أفضله على الحسن بن خليل في زهده وورعه، ولقد رأيته يحمل دقيقا في جراب للناس بأجرة يتقوت بها في كل جمعة يحمل يوما، ثم زاد أمره فلم يكن يدخر لوقت يأتي، وعليه مدرعة قيمتها أقل من درهم وأجمع أهل مصر أنه مستجاب الدعوة.

أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين... اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام....

أما بعد:
العنصر الثالث: التحذير من الكسب الحرام:
اعلم علمني الله وإياك: أن الله تعالى حذر عباده من الكسب الحرام وبين رسوله -صلى الله عليه وسلم- آثار أكل الحرام على الفرد والمجتمع فالله أمرنا أن نأكل من الطيبات فقال سبحانه ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ﴾ [البقرة: 172] فهي دعوة عامة شملت جميع الأمة الإسلامية تحثهم على أكل الطيبات والبعد عن الخبائث والمحرمات فالله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا فلا يرفع عمل الذي يأكل الحرام فوق رأسه لأن العمل تولد عن ذلك إنما ا تولد عن أكل الحرام، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " يا أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال الله تعالى ﴿ يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ ﴾ [المؤمنون: 51] وقال ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ ﴾ [البقرة: 172].


ولله رد الشاعر إذ يقول:-
وأشبه من يتوب على حرام
كبيض فاسد تحت الحمام

يطول عناؤه من غير شغل
وآخره يقوم بلا تمام

إذا كان المقام على حرام
فلا معني لتطويل القيام


ومن آثار أكل الحرام أنه لا يقبل لصاحبه دعاء، فالذي يأكل الحرام لا يسمع له دعاء فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسة حرام وغذي بالحرام فأني يستجاب لذلك. مسلم وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-لسعيد بن أبى وقاص: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة (الطبراني).

ومن أثار أكل الحرام: فساد القلب الذي بصلاحه يصلح جميع الجسد وبفساده يفسد جميع البدن، فعن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: الحلال بين والحرام بين وبينهما متشبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقي الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعي حول الحمى، يوشك أن يرتع فيه ألا وأن لكل ملك حمى ألا وأن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب.

ولقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن كل جسم نبت من حرام فالنار أولى به قد قال - صلى الله عليه وسلم - في وصيته لكعب بن عجرة: لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت، النار أولى به وعن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبتا على سحت النار أولي به، يا كعب بن عجرة الناس غاديان فغاد في فكاك نفسه فمعتقها وغاد فموبقها أخرجه احمد ويقول سبحانه وتعالى ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ﴾ [النساء: 10].


أقوال السلف في التحذير من أكل الحرام:
وهيا لنعيش مع سلف هذه الأمة أعلمها بالحلال وبالحرام، وأبعدهم عن الحرام والشبهات من تربوا على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهم يحذرون من أكل الحرام ويبينون لنا أثره على جوارح العبد.

يقول سفيان الثوري رحمه الله:- من أنفق من الحرام في طاعة الله كان كمن طهر الثوب النجس بالبول، والثوب النجس لا يظهر إلا الماء، والذنب لا يكفره إلا الحلال.

وقال يحيى بن معاذ رحمه الله:- الطاعة خزانة من خزائن الله إلا أن مفاتحها الدعاء وأسنانه لقم الحلال.

وقال عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا وصمتم حتى تكونوا كالأوتار، لم يقبل ذلك منكم إلا بورع حاجز.

وقال سهل التستري رحمه الله:- من أكل الحرام عصيت جوارحه شاء أم أبى، علم أو لم يعلم، ومن كانت طعمته حلال أطاعه جوارحه، ووفقت للخيرات.


وقال عبد الله بن المبارك:- رد درهم من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف درهم حتى بلغ ستمائة ألف، وجاء في التوراة؛ من لم يبال من أين مطعمه لم يبال الله من أي أبواب النيران أدخله.

الدعاء....


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 77.26 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (2.40%)]