ابني مشاكس ولا أستطيع السيطرة عليه

[ابوالوليد المسلم]

ابني مشاكس ولا أستطيع السيطرة عليه











أ. زينب مصطفى


السؤال

♦ ملخص السؤال:
أم لديها طفل عمره 4 سنوات، مشكلاته كثيرةٌ مع زملائه، حاولتْ معه بكل الطرُق الممكنة، لكنه لم يستجِبْ، وتسأل كيف تتعامل معه؟
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


لديَّ طفلٌ عمره 4 سنوات، مشكلاته كثيرةٌ مع زملائه في الفصل والحافلة المدرسية، وقد حاولتُ معه بكل الطرُق الممكنة؛ من العقاب والخصام والضرب والتذنيب، لكنه لم يستجيب، حتى وصل الأمر إلى تهديده بِتَرْك المنزل، وحينها وجدته يبكي ويَشكو لأخته التي عمرها عشرة أشهر أنه سيترك المنزل!


الطفلان يحب كلٌّ منهما الآخر، وهو حنونٌ على أخته، لكنه حيَّرني في أمره، ولا أدري ماذا أفعل معه؟


مستواه الدراسي ممتاز، لكن حركاته الزائدة هي مشكلته الرئيسة.


ألحقته بأحد النوادي ليلعب (الكاراتيه)، فكان المدَرِّبُ يشكو منه عدم تركيزه في بعض الأحيان. وعدم تركيزه هذا يكون في مذاكرته أحيانًا، وعندما يعود مِن المدرسة أسأله: كيف كان اليوم في المدرسة؟.. ولا أخرج من كلامه بأي نتيجة واضحة.


فأخبروني ماذا أفعل معه؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.


أختي الكريمة، بدايةً أنصحك بضرورة قراءة كُتُب التربية؛ سواء ورقية أو على الإنترنت، أو حضور دورات التعامل مع الأطفال، أو اقرئي عن التربية الإيجابية، فلا بد مِن تثقيف نفسك بكيفية التعامل مع ابنك في كل مرحلة عمرية سيَمُرُّ بها؛ لأنَّ لكلِّ مرحلةٍ خصائصَ مُعينةً، وأغلب مشاكل الأطفال في هذا العمر تكون بسبب سوء تعامُل الأبوين معهم.
مِن الواضح أنَّ ابنك لطيفٌ جدًّا، وهذا يتضح مِن حبه لأخته، وعدم عداوته لها، ومن الطبيعي جدًّا في هذا العمر أن يكونَ للطفل (شقاوات) ومشاكسات مع غيره من الأطفال، وطبيعي أنه سيُحِبُّ اللعب في كل وقت، حتى في المدرسة ووقت الجد؛ لأنه طفل في قمة نشاطه وحيويته، ولا يعرف من الدنيا سوى اللعب.
ابنُك بحاجة إلى أن تمنحيه الحبَّ والحنان والعطف في كل وقت، وأن تشاركيه لعبك، وتحكي معه وقت اللعب عما يحدُث في المدرسة، فالطفلُ ذاكرتُه قصيرةٌ جدًّا، ولا يتذَكَّر بالفعل ما حدَث في المدرسة، لكنه يتذَكَّر ما كان عن طريق اللعب.
اسأليه مثلًا: هل لعبتَ كرة القدم في المدرسة أو السلة؟ حينها سيُفَكِّر وسيُجيب، اطرحي عليه مجموعةً من الأسئلة التي تريدين معرفة إجاباتها، ثم اجعليه يختار أحدها ويجيب عنها، عامليه كطفلٍ، ولا تطرحي عليه الأسئلة بحزم، وتجبريه على الجواب.
علِّميه كيف يتصرف في الأمور، فهو يشاكس الناس؛ لأنه لم يتعلمْ بحبٍّ وهدوء كيف يجب أن يُعامِلَ الناس، وكيف نتصرف دومًا في المواقف.
تحدَّثي معه، وناقشيه، والْعبي واضحكي معه، واحضنيه وأخبريه عن حبك طوال الوقت، فهذا هو ما سيجعله يتحسَّن ويتعلم منك كل شيءٍ؛ وقت الجد، ووقت اللعب، وما الذي يجعلنا سُعداء.
امدحي دائمًا أي تصرُّف جميل يقوم به؛ كي يتعود على أن يزيد مِن التصرُّفات الجميلة، ويشعر بأنها تلفت نظرك واهتمامك به أكثر من التصرفات الخاطئة، وفي الوقت نفسه تجاهلي أحيانًا التصرُّفات الخاطئة حتى تغيبَ وتنتهي، حينها سيشعر أنها لا تلفت انتباهك، أو تزيد من اهتمامك به، ولا تنسَيْ أن تخبريه متى يجب أن نستخدم (الكاراتيه)، وأنه يُستخدم فقط حينما نُدافِع عن أنفسنا مع عدوٍّ، وليس مع أصدقائنا ومَن نحب، ولكي يكون جسدُنا قويًّا، ولأن المؤمنَ القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
مِن المهم جدًّا خروجه لتفريغ الطاقة غير تعليم الكاراتيه، عن طريق الجَرْي واللعب في أماكنَ واسعةٍ، وفيها طبيعة، وفيها أطفال في مثل سنِّه يُشاركهم اللعبَ؛ كالنوادي والحدائق، فهذا يُريح نفسية الطفل، ويُنَمِّي عقله، ويُفرغ طاقته.
ولا بدَّ أن تَكُفِّي تمامًا عن استخدام العنف معه مِن الضرب والتذنيب ونحوهما؛ لأن هذا يخلُق لديه المشاكل، ويجعله يُعاني في المستقبل، واحذري أشد الحذَر مِن تهديده بتَرْك المنزل، فهذا يُحدث بداخله شرخًا كبيرًا من الشعور بفَقْد بالأمان، ويجعله دائم الخوف.
أما تأديب الطفل فهذا له شروطٌ؛ منها: أن يكون نادرًا جدًّا، وأن يكونَ مُخطئًا بالفعل، ولا يكون التأديبُ بسبب مشاكسته إذا كانتْ بقصد اللعب ونحوه من الأمور الطبيعية المناسبة لسنِّه، ويكون العقاب حينها بتخصيص كرسي في المنزل يجلس عليه دقائق في كلِّ مرةٍ يُخْطِئ فيها، فإذا كان عمره 4 سنوات فلا يزيد جلوسه عليه عن 4 دقائق، وبعدها تتحدثين معه عن خطئه، مع أخْذ وعدٍ منه بألَّا يكرر الخطأ.
ولا تنسي الدعاء له؛ فدعاءُ الأم مُستجاب
وفقك الله وفتَح لك من العلم ما يجعلك تفخرين بابنك