وقليل من عبادي الشكور - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الأمُّ الرحيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-10-2019, 01:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,858
الدولة : Egypt
افتراضي وقليل من عبادي الشكور

وقليل من عبادي الشكور

د. آندي حجازي

كاتبة تربوية أردنية






جاءت خادمة لتعمل لدى امرأة كبيرة في السن في بيتها، فلاحظت هذه المرأة المتقدمة في العمر أن تلك الخادمة تسرف كثيرا في عيدان الثقاب حين تشعلها، فتستخدم العديد منها لإشعال النار في حين قد تستخدم واحدا أو عددا أقل، فما كان من صاحبة البيت إلا أن عاتبت تلك الخادمة على إسرافها وطلبت منها الاقتصاد في أعواد الثقاب، تعجبت الخادمة من كلام هذه المرأة وقالت في نفسها: ما أشد بخل هذه المرأة! ويبدو أن حياتي ستكون صعبة في هذا البيت الشحيح، وبعد فترة وجيزة جاء سائل محتاج إلى البيت وطرق الباب ففتحت الخادمة له، وعندها قالت له الخادمة: اذهب من هنا فهذه المرأة صاحبة البيت لن تعطيك شيئا، فانصرف السائل حزينا، ثم سألت صاحبة البيت عن الطارق، فأخبرتها الخادمة، فقالت لها المرأة انطلقي بسرعة لتنادي على هذا السائل لأعطيه ما تيسر، فانطلقت الخادمة متعجبة وعادت ومعها السائل، فأعطته صاحبة البيت المال الوفير، وملابس وطعاما حتى انشرح وجهه. فتعجبت الخادمة من صنيع المرأة، وقالت لها أتسمحين لي بسؤال؟ فقالت المرأة: نعم، فسألت الخادمة: بالصباح عاتبتني على عيدان ثقاب لا تساوي شيئا حتى ظننت أنك شديدة البخل ولكن عندما جاء السائل أكرمته على أحسن ما يكرم المرء ضيفه، فكيف ذلك؟ فقالت المرأة: يا بنيتي، أنا عاتبتك على عيدان الثقاب ليس لثمنها وليس بخلا مني، بل لأنها من نعم الله تعالى علينا والتي يجب ألا نضيعها دون فائدة أو أن نسرف في استخدامها، فأنا لا أريد منك تعلم الإسراف وإضاعة المال بغير فائدة، فأنت إن تعودت الإسراف فستسرفين في الماء والطعام والكهرباء وكل النعم، أما ما فعلته مع السائل فهو من شكر النعم وحمد الله المعطي، وبالشكر تدوم النعم، وبالإسراف تزول النعم وتستجلب النقم.

نعم الله لا تعد ولا تحصى

لو جلسنا نعدد نعم الله فلن تنتهي، فيكفيك مثلا ذاك الجسد بما تملك من نعم به ومن صحة وعافية، فالبصر نعمة لا تقدر بثمن، وكذا السمع الذي هو أول حاسة للتعلم واللغة، ونعمة العقل والذكاء والإدراك والتفكير والتحليل الذي لولا العقل لما طاب لنا عيش ولما افترقنا عن الحيوان، وتفكر كم جهازا في جسمك: جهاز هضمي، وجهاز تنفسي، وجهاز عضلي، وأسنان، وجهاز تناسلي، ودموي، وجهاز عصبي، وعضلي... وكل جهاز منها دقيق بشكل يصعب تصوره، ويكفيك أن تتخيل كيف لأطباء الأرض أن يتخصص كل واحد منهم بواحد من تلك الأجهزة فقط، فالحمد لله على نعمة الصحة والجوارح، {وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} (الذاريات:21) .

< نعمة الحياة، نعمة الأمن والرفاه في بلدك، ولا يشعر بمقدار تلك النعمة إلا من فقدها، فاسأل من تشرد أو نام تحت قصف المدافع والطائرات، فأي نعم تلك التي نتقلب فيها! والتي نسأل الله أن يديمها على بلادنا العربية والاسلامية.

< نعمة الأهل والأسرة والعائلة الحاضنة، ونعمة الأبناء، ولا يعرف تلك النعم إلا من تجرع بشيء من فقدها، فاللهم احفظها وبارك لنا بها.

< نعمة المال، ونعمة الطعام بشتى أصنافه، والمسكن الحسن، والماء البارد النظيف، والسفر والاستمتاع بجمال الطبيعة وبما خلق الله تعالى في شتى البلاد، ونعمة الطائرات ووسائل النقل المختلفة.

< نعمة العلم والتعليم لك ولأبنائك، وتوفر المدارس والمعاهد والجامعات.

< ونعمة الجمال وحسن المظهر وكمال الأعضاء.

< نعمة الرأفة بنا والتلطف من كثير من العواقب، ونعمة الدواء والشفاء، والرحمة بين البشر كالأمهات لأبنائهن.

< نعمة الإسلام وأن من الله علينا بدين عظيم شامل كامل لكل مناحي الحياة والآخرة، وهي أعظم نعمة منها الله بها علينا إذ بها الخلود في الجنان بإذن الله.

< نعمة اللغة، والله من علينا بأن جعلنا من العرب، ولغتنا عربية، فنحن نقرأ القرآن الكريم بكل سهولة ويسر ونفهم ما نقرأ، وهذه نعمة لا يقدرها إلا غير العرب من المسلمين.

نعم كثيرة لا يمكن حصرها {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (ابراهيم:34). فأغدق علينا نعمه ظاهرة وباطنة.

القاعدة في دوام النعمة

فكيف نحفظ النعم؟ قال الله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } (ابراهيم:7).

فالله تعالى أوضح بأنه أعطى نعما لا تعد ولا تحصى، ومن أجل بقاء واستمرار تلك النعم فلابد من شكر الله تعالى عليها، لأن جحود النعم والاستخفاف بها وعدم الاعتراف بفضل الله تعالى كواهب ورازق وخالق لتلك النعم، ومعصيته والمجاهرة في تحدي الخالق يؤدي لغضب الله وعذابه والحرمان من تلك النعم.

ولنضرب مثلا لذلك، قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176)} (الأعراف:175-176).

فهذا الرجل المقصود اسمه بلعام وهو من بني إسرائيل، كان مع موسى عليه السلام، علمه الله التوراة، فمن الله عليه بنعمة العلم والفهم والفقه للتوراة، فلما تعلمها ذهب إلى قوم كفار ليفاوضهم على الصلح مع نبي الله موسى عليه السلام والإيمان به واتباعه، ولكنه عندما رأى دنياهم وكنوزهم وذهبهم وفضتهم كفر بالله العظيم، وآثر الدنيا على الآخرة فنسي حق الله بإيصال العلم والرسالة وشكره على نعمه الكثيرة! فكان أن سلبه الله نعمة الفقه والفهم منه وتركه بليدا كالحمار، لأنه أصبح من الغاوين قائدا في الضلالة، وأستاذا في الجهالة فشبه الله تعالى هذا الرجل كمثل الكلب، الذي يمد لسانه ويلهث إن كان في الظل أو في الشمس، فهو يلهث في الجهل وفي المعصية سواء تعلم أو لم يتعلم، فقد اختار الدنو من الأرض باتباع هواه، فضربه الله سبحانه وتعالى مثلا لكل من جحد نعمة الله ورد معروفه عزوجل.

وكذا كثير من الناس ينعم الله عليهم بنعم ظاهرة وباطنة فيكفرونها، ويجحدون خالقها فيسلبها سبحانه وتعالى منهم، ثم ينكل بهم جزاء لما جحدوا من المعروف وأنكروا من الحق، فيصبحون أذلاء محتاجين للناس بعد أن كانوا ذوي رفعة وشأن وغنى.

مثال آخر لعاقبة جحود النعمة:

قال عز من قائل: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17)} (سبأ: 15-17).

فهذه قرية سبأ رائعة الجمال في اليمن، كانت واقعة بين الحدائق والبساتين يمنة ويسرة بين جبلين، لها من بين يديها ومن خلفها أنواع الثمرات، وعندهم سد عظيم يختزن آلاف البراميل من المياه، وأغدق الله عليهم النعم، سماؤهم تمتلئ بالغيوم، شمسهم غير حارقة، وثمارهم يانعة يقطفونها، يشربون ماء باردا، يتظللون في ظل وارف، يتنعمون في معيشة ساكنة محببة للنفس، وأرسل الله إليهم الرسل ليرشدوهم إلى عبادة الله تعالى وتوحيده، وليشكروا نعم الله عليهم ويؤدوا حقها، والابتعاد عما يغضب الله، ولكن هل صدقوا وآمنوا؟

لقد كفروا وجحدوا بنعم الله وأنكروا وجود الله وتمردوا على الخالق الواهب، فكفروا وبخلوا ورفضوا إطعام الفقراء، فقالوا {رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا}، من أجل منع الزكاة والصدقة من أموالهم حتى لا يأتيهم فقير ولا مسكين! فماذا كانت عاقبتهم؟

أرسل الله عليهم العقاب، فالجزاء من جنس العمل، فيقال أرسل الله عليهم فأرا صغيرا؛ نحت في سد مأرب العظيم، فسقط السد وذهبت دنياهم وآخرتهم، اجتاحتهم مياه السد العارمة كالسيل فدمرت قراهم جميعا، وهدمت بيوتهم، وأغرقت أشجارهم وأعنابهم ونخيلهم وبساتينهم، فتحولت جناتهم إلى أكل خمط كريه للنفس فثمارهم فسدت، وأصبحوا عبرة لكل من يتحدى الله ولا يؤدي شكر الله تعالى على نعمه ولا يطعم منها المحتاجين.

بطر النعمة يذهب النعم

كثيرا ما نسمع عن أطعمة ترى في النفايات بعد دعوة إلى طعام أو احتفال بفندق أو صالة أو مطعم، ولك أن تعلم أن كل ما نتركه في أطباقنا حينما نذهب إلى حفلة أو مطعم فإن مصيره يكون سلة النفايات، ولا يسمح بإعادته إلى مائدة الطعام مهما كانت حاله نظيفة، وراقب ذلك وسترى كم الأطعمة التي ترمى في الحاويات للمهملات! والأسوأ أن عمال تنظيف الموائد تعطى لهم التعليمات برميها ولا يسمح لهم بالأكل منها البته، ولا بالأخذ منها لعيالهم وعائلاتهم! فهو يرمي تلك الأطعمة في الحاويات، ونفسه تشتاق للقمة منها، ونفسه تتحسر على عياله الجوعى الذين يتركهم خلفه كل يوم، ولو خالف الأنظمة لوجد نفسه مفصولا من العمل!

فالحذر الحذر من ذلك البطر فالله تعالى يقول: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ } (القصص:58). وقال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } ( الإسراء:16). فالله يعطي البشر فرصة للإصلاح وتغيير المسار والسلوك عن الترف والبطر ومعصية الله، ولكن إن تكررت تلك السلوكات وأصبحت عامة وطامة وثقافة مجتمع، وأصبح المجتمع لا يلقي لها بالا ولا يحرك لها ساكنا، فعندئذ عليها أن تنتظر مصيرا سيئا ساحقا لذاك الجحود والنكران.

واليوم نسمع الدعوات من أجل الصحوة من تلك الغفلة والترف والبعد عن الله تعالى، فهي دعوات لعدم الإسراف والتبذير في المال والطعام والملابس والأحذية والسيارات والمقتنيات والأبنية والبيوت وأثاثها ووسائل الترفيه.

أو كلما اشتهيت اشتريت!

ونسمع عن جمعيات وبجهود فردية تعمل على جمع بقايا الموائد في الحفلات وإعادة ترتيبها وتجميعها بشكل لائق ووضعها في علب نظيفة من أجل توزيعها على العائلات المستورة الفقيرة والتي لا أكثر منها في زماننا، وبالمقابل ما أقل تلك الجمعيات! ونسمع عن مبادرات لمخالفات تعطى في المطاعم لمن يترك طعاما في صحنه وذلك في الدول الغربية، فلماذا لا يطبق في بلادنا الإسلامية ونحن الأولى بالتطبيق من باب حفظ النعمة التي أُمرنا بها؟

قال الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} (النحل:112)، فكفر النعم يكون بإنكار فضل الله بها ومعصيته، والتبذير بالنعم، كمن يرمي الأطعمة في النفايات ويحرم الفقراء!

ونسمع توجيهات تحذر من أن الإسراف والترف وارتكاب المعاصي يؤدي إلى زوال النعم ويدفع إلى النقم، فالله تعالى قادر على تحويل القرى والمدن الآمنة إلى قرى خاوية غير مسكونة لتعاني الجوع والفقر والحرمان وعدم الأمن بعد أن كانت في رغد من العيش، وذلك بسبب الجحود ونكران حق الله تعالى والبعد عن منهج الحق وعن شكر الله تعالى.

شكر النعم

وقال تعالى: {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (سبأ:13) فتلك طبيعة الكثير من البشر النسيان للنعمة والاستخفاف بها ونسيان واهبها. وكان أحد الأعراب يدعو: اللهم اجعلنا من القليل اللهم اجعلنا من القليل، فسأله عمر بن الخطاب عما يقصد بالقليل؟! فأخبره: من هؤلاء الفئة القليلة التي تشكر الله تعالى ولا تنسى فضله. فأعجب عمر بدعائه وفهمه وأصبح يدعو مثله! وبالمقابل، انظر إلى الشاب الذي يسمع الأذان ويجلس في بيته ولا يحرك ساكنا للذهاب إلى الصلاة أو حتى لأدائها في البيت، فكيف يتمنى من الله تعالى أن يتم عليه نعمه وهو يلهث راكضا وراء شهواته؟!

والأمثلة عبر الزمن كثيرة لأمم وأقوام سادوا ثم بادوا لكفرهم بالله تعالى وبطر نعمه، ومنها جنات سبأ التي ذكرنا، ومنها ما حل بالبرامكة الوزراء الذين سجنوا في عهد هارون الرشيد، فقد سئل أحدهم وهو خالد البرمكي: لم سجنتم وذهبت دنياكم؟ لم أخذت قصوركم؟ لم جلدت ظهوركم؟ فدمعت عينا خالد البرمكي وقال: بغينا وطغينا ونسينا الله، وسرت دعوة مظلوم في جنح الليل فسمعها الله والناس عنها نيام.

فكثيرا ما تزول دول ومناصب، وإذا زالت فإنها لا تعود كما أشار لذلك رسول الله " صلى الله عليه وسلم" ، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل علي رسول الله " صلى الله عليه وسلم" فرأى كسرة ملقاة فمسحها، فقال: «يا عائشة أحسني جوار نعم الله عزوجل فإنها ما نفرت عن أهل بيت فكادت أن ترجع إليهم». وبالرغم من أنه حديث ضعيف فإنه قد يؤخذ به من أجل صالح الأعمال كحفظ النعمة من الزوال.

وقارن بين موائد الغرب في حفلاتهم ودعواتهم وموائد العرب اليوم، وقارن بين حجم نفاياتهم وحجم نفاياتنا لترى كم نطرح من مخلفات وحاجيات بلا وجه حق أو مبرر سوى الاستخفاف واللامبالاة! {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا } (الاسراء:27) .

وقارن بين استهلاك الأفراد في الغرب للكهرباء والماء وبين حجم استهلاكنا، وبين نوع السيارات التي يركبونها وبين الفارهة التي في بعض بلادنا العربية والتي تصمم خصيصا بملايين الدولارات لبعض الأشخاص الأثرياء! فترى العجب العجاب، فأين ضاعت تلك الأخلاق الإسلامية؟! وكيف حفظ الله تعالى لهم بلادهم وأمنهم بحفظهم لنعم الله؛ فإعادة التدوير المنتشر في بلادهم هو مثل عملي لنوع من أنواع حفظ النعمة واستغلال الموارد فيما ينفع البشر.

ما دورنا لاستمرار النعم؟

قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم" : «اغتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك» فتوظيف هذه النعم والفرص يكون بالإنتاج والعطاء وما يلي:

< شكر الله يوميا وحمده باللسان على آلائه الكثيرة.

< شكر الله تعالى بالطاعة والأعمال الصالحة وفيما افترض كالصلاة والصيام وإخراج الزكاة والصدقة.

< تعليم الأبناء الحفاظ على النعم وعدم رمي بقايا الطعام وعدم الإسراف بالماء أثناء الاستخدام، وتعليمهم تقليل المشتريات والكماليات، وإطعام الفقراء وعونهم.

< تذكير الناس بنعم الله تعالى وإيراد القصص الكثيرة لذلك والعبر المستفادة، وذلك من قبل الآباء والمربين والمعلمين في المدارس.

< تعليم الأبناء وتعويد النفس مراقبة الله تعالى والحياء منه واستغلال النعم فيما يرضي الله تعالى، فلا نسمح بالمحرمات وإن اختلينا بأنفسنا، فهل نحفظ البصر برؤية المحرمات، والسمع بسماع ما يغضب الله تعالى، ونعمة الجوارح بارتكاب المعاصي والسير نحوها؟!

< المساهمة بحفظ أمن البلاد والعباد، فإن فسد الأمن زالت الدولة وتجبر القوي على الضعيف، وانتشر قطاع الطرق والعصابات وعم الفساد وتشرد أهل البلاد، ولا تعود الحياة تطاق.

< إنشاء جمعيات المحافظة على النعمة، وتقليل المصروفات في الحفلات والمناسبات، وإعادة التدوير للنفايات.

< والدعاء لله تعالى بحفظ النعم ودوامها، فمن دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام لمكة المكرمة {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} (البقرة:126)، فالدعاء لله يحفظ النعم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.13 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.24 كيلو بايت... تم توفير 1.89 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]