الصلاة على الكرسي - ملتقى الشفاء الإسلامي
اخر عشرة مواضيع :         واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 3362 )           »          مكافحة الفحش.. أسباب وحلول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أي الفريقين؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الصراع مع اليهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 13 )           »          نكبتنا في سرقة كتبنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كيف نجيد فن التعامل مع المراهق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الطفل والأدب.. تنمــية الذائقة الجمالية الأدبية وتربيتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ترجمة موجزة عن فضيلة العلامة الشيخ: محمد أمان بن علي الجامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          يجب احترام ولاة الأمر وتوقيرهــم وتحرم غيبتهم أو السخرية منهم أو تنــقّصهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 1185 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 23-03-2019, 12:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,014
الدولة : Egypt
افتراضي الصلاة على الكرسي

الصلاة على الكرسي


الصلاة على الكرسي من المسائل المستجدة في المساجد، والنوازل الأخذة في الانتشار بشكل واسع غريب، ولو رجع القارئ الكريم إلى عهد قريب لا يزيد عن عشرين سنة تقريبا لما وجد لهذه الظاهرة أثرا في مساجد المسلمين شرقا وغربا، ولما عمت البلوى بهذه المسألة تباحثها أهل العلم المعاصرون في بعض رسائلهم، ومن خلال فتاواهم وربما في وسط تفاريعهم الفقهية.
كنا نشرنا في "الوعي الإسلامي" (عدد 531) مقالا بعنوان "إرشاد الغافل وتنبيه الناسي إلى حكم الصلاة على الكراسي، لكاتبه د. ياسر إبراهيم المزروعي، خلص فيه إلى أن المعذور له أن يصلي قاعدا سواء كان على كرسي أو على الأرض، وذكر في ثنايا مقاله ضوابط وآدابا ينبغي مراعاتها لمن صلى على كرسي، سواء كان ذلك في النافلة أو الفريضة.
وقد وردت إلينا تعقيبات من داخل الكويت وخارجها على المقال السالف، وكلها تدل على أن المقال المشار إليه أتى بثمراته، ومنها هذه التعقيبات المتتالية التي من شأنها زيادة توضيح المسألة من زوايا أخرى، ربما لم يتطرق إليها المقال الأصل، وفي هذه التعقيبات أحسن العلاج لمشكلة زيادة تساهل الناس، وعدم انضباطهم بالشروط الشرعية الواجبة في الصلاة، مما يخل بأعظم ركن من أركان دينهم بعد التوحيد.
وقبل أن نذكر مستدركات التعقيبات على المقال نقول ابتداء:

صدر صاحب المقال د. المزروعي مقالته بقوله: وفي شرح الغاية: "وكيف قعد جاز" وهي من الرخص في هذا الدين للذي لا يستطيع أن يصلي قائما، بأن يصلي جالسا على أي هيئة كانت، سواء كان على كرسي أو على الأرض أو نحوهما.
وهذا النقل عليه ملاحظتان:
الأولى: أن الجملة المقوسة فقط من شرح الغاية، وأما الباقي فهو فهم خاص بصاحب المقال.

الثانية: أن المقصود بـ "وكيف قعد جاز" القعود المعروف في الزمن الأول وهو ما كان على الأرض بدليل أننا نجد شراح المذهب الحنبلي وغيرهم إذا تعرضوا للأعذار المانعة من القيام في الصلاة قالوا… كما في حاشية الروض المربع لابن قاسم (3/349):- "فإن لم يستطع، بأن عجز عن القيام أو شق عليه، لضرر أو زيادة مرض "فقاعدا" متربعا نديا ويثني رجليه في ركوع وسجود: "فإن عجز" أو شق عليه القعود كما تقدم "فعلى جنبه"…. وهذا هو عين المذكور في كشاف القناع، وكشف المخدرات للبعلي، ومطالب أولي النهي في باب صلاة أهل الأعذار.

ففي جميع الشروح التفصيل حول كيفية القعدة على الأرض، أهي التربع أم الافتراش أم التورك أم الاستلقاء أم غير ذلك؟ وليس فيها أبدا حديث عن الصلاة على الكراسي.
ولم يذكر أحدهم التسوية بين القعود على الأرض والقعود على الكرسي، فضلا عن الجزم بها، كما فعل صاحب المقال!.

وأما التعقيبات فيرجع حاصلها إلى التنبيهات الآتية:

التنبيه الأول

أجمع العلماء على أن للصلاة أركانا لا تصح إلا بها: مثل القيام والركوع والسجود وغيرها من الأركان، فمن ترك منها ركنا قادرا عليه عالما به مختارا لفعله: فصلاته باطلة بالإجماع، وقد دل على ذلك قول الله تعالى: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (البقرة: 43)، وقوله تعالى (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) (البقرة: 238)، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ) (الحج: 77)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "صل قائما" (أخرجهما البخاري)، وهذا في صلاة الفريضة.
أما إذا صلى المتطوع صلاة النافلة جالسا وهو عاجز عن القيام فإن أجره تام، لأنه معذور في ترك القيام، أما إذا ترك القيام وهو قادر عليه: فإن أجره يكون على النصف من أجر القائم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى قائما فهو أفضل، ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم" (رواه البخاري)، وقال صلى الله عليه وسلم: "صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة، (رواه مسلم 735) من حديث عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما، هذا مع لزوم مراعاة هيئات الصلاة وشروطها.
كما أجمع العلماء أيضا على أن تحقيق أركان الصلاة متوقف على الاستطاعة والقدرة، فكل مسلم عاجز عن القيام بأحد أركان الصلاة، فهو معذور شرعا وعقلا، لقوله تعالى: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: 286)، وقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (التغابن: 16)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" (متفق عليه)، وقوله صلى الله عليه وسلم: "صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب" (رواه البخاري).
وتحقيقا أيضا للقاعدة الفقهية: المشقة تجلب التيسير، وقاعدة: لا واجب مع العجز.
نقل الثقات عن بعض الفقهاء المعاصرين حرصهم وهم عجزة على الصلاة على الأرض لا على الكرسي

يوضحه: أن من عجز عن القيام في الصلاة صلى جالسا، ومن عجز عن الركوع أومأ برأسه حال قيامه، ومن عجز عن السجود أومأ برأسه حال جلوسه، ويكون سجوده أخفض من ركوعه وجوبا، ويكون في جلوسه مفترشا أو متوركا وقيل: يجلس متربعا، لقول عائشة رضي الله عنها: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي متربعا" (رواه النسائي).
ومن عجز أيضا عن القيام والركوع والسجود: صلى على جنبه، وقيل: مستلقيا على ظهره، ووجه ورجلاه إلى القبلة ليكون إيماؤه إليها.
وأما إن عجز المسلم أن يصلي على جنبه: صلى على أي حال تيسرت له.
التنبيه الثاني

حديث الباب، وهو حديث عمران بن حصين رضي الله عنه، حيث قال: كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة: فقال: "صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب، (رواه البخاري). منطوقه دال على أن للمصلي في صلاته ثلاث حالات:
أداء المكتوبة قائما.
فإن عجز عن القيام فقاعدا.
فإن عجز فعلى جنب.
هذا هو منطوق الحديث، وليس منه الصلاة على الكرسي، وهنا يسأل المجيز للمعذور الصلاة على الكرسي مطلقا، ترى هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسيا أو غافلا عن النطق بالصلاة على الكرسي إذا لم يستطع المصلي أداءها قائما؟
هل ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه صلى على الكرسي مرة واحدة؟ مع العلم أنه أسن وثقل صلى الله عليه وسلم في آخر عمره الشريف، حتى كان كثير من صلاته وهو جالس، كما صح من غير وجه من حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان أكثر صلاته وهو جالس، أي سوى المكتوبة، كما ثبت ذلك من حديث أم سلمة رضي الله عنها، قالت: والذي توفى نفسه، ما توفي حتى كان كثير من صلاته قاعدا إلا المكتوبة.
هل ورد عن الصحابة الكرام أو التابعين ومن بعدهم، مرورا بالأعلام الأربعة وغيرهم، وإلى ما قبل بدو هذه الظاهرة الغريبة نص أو فعل يفيد جواز "الصلاة على الكراسي"؟.
مع أن الثابت عند أهل العلم شيء آخر، حيث ما كانوا يذكروا سوى التفصيل في هيئات القعود على الأرض، ودونك مصنف عبد الرزاق – رحمه الله – (2/466)، حيث عقد بابا كاملا لهذا الأمر، وهو "باب كيف يكون جلوسة إذا صلى قاعدا"، وساق تحته من الأحاديث والآثار التالية كثيرا، وهذه أهمها:
4101... عن عطاء قال: يصلي الرجل وهو جالس في التطوع إن شاء متربعا وإن شاء محتبيا. قال: وأبسط رجلك إن شئت بعد ما تتشهد، قال قلت: فمتكئا؟ قال: لا.
4102... عن ابن المسيب أنه كان يجتبي في آخر صلاته في التطوع.
4103... عن ابن المسيب قال: إذا أراد أن يسجد ثني رجله وسجد.
4104... عن إبراهيم قال: إذا أراد الرجل أن يصلي جالسا متربعا فإذا أراد أن يركع ثنى فخذه كما يجلس في الصلاة ثم ركع وسجد وقول: ابن المسيب أحب إلى سفيان.
4105... عن مجاهد أنه كان يصلي جالسا متربعا.
4107... عن الثوري عن شيخ من الأنصار قال: رأيت أنسا يصلي متربعا.
وهذا الإمام النسائي عقد هو الآخر في سننه "باب الجلوس على الكراسي، ذكر فيه حديث أبي رفاعة الآتي، فقط.
فلم لم يذكروا الصلاة على الكرسي لو كان الأمر فيه واسعا؟.
التنبيه الثالث

ردا على من يقول: إن اعتماد الصحابة على العصي دليل على جواز اتخاذ الكرسي.

يقال: إن اعتمادهم على العصي إنما كان في صلاة التراويح، وقد كانت غاية في الطول، لا في صلاة الفريضة، كما في الموطأ من رواية السائب بن يزيد قال: أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميما الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، قال: وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر!.
ثم إن التعبديات لا مدخل للقياس فيها، بل الأصل فيها الامتثال دون التفات إلى العلل والحكم، والصلاة من أعظم ما يتعبد به الناس لربهم، فلا يجري فيها القياس، فقياس البعض جواز الصلاة على الكرسي بصلاة الصحابة للتراويح قياس مع الفارق، فهو فاسد الاعتبار لما مر من الفرق بين الفريضة والنافلة.
التنبيه الرابع

ترى هل كان الفقهاء المجتهدون خلال عهودهم التي تنوعت بتنوع أماكنهم وأزمانهم غافلين عن هذا الحكم أو "الكيفية" للصلاة على الكراسي، ولم يخطر على بال واحد منهم، حتى ظهرت الحاجة اليوم إلى تبيين الحكم الذي تركوه وغفلوا عنه؟ أم كان أئتمنا المرضيون ملتزمين نص الحديث؟ والكراسي موجودة في أيامهم (في دورهم ومجالسهم وأماكن محلاتهم)، بل هي موجودة زمن النبي صلى الله عليه وسلم وما قبله منذ أيام نبي الله سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام، وربما وجدت قبل ذلك أيضا.
ومن الدليل على ما ذكرنا:
في صحيح مسلم قال أبو رفاعة رضي الله عنه: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب: قال فقلت: يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال: فأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك خطبته حتى انتهى إلى فأتى بكرسي حسبت قوائمه حديدا، قال: فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها.
في مسند الإمام أحمد عن عبد خير قال: رأيت عليا رضي الله عنه أتى بكرسي فقعد عليه ثم أتى بكوز، قال حجاج: بتور من ماء، قال فغسل يديه ثلاث ومضمض ثلاثا.
وفي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي عون عن شريح أن رجلا لقي رجلا بكرسي فصدمه فقتله، فقال شريح، ضمن الصادم للمصدوم.
فعلى هذا لا يبعد القول بأن إحداث الصلاة على الكراسي في المساجد أمر غريب يحتاج إلى وقفة جادة، لأنها هيئة جديدة لا تتفق ونص الحديث وفعل المصطفى وعمل الراشدين وسنة الصحابة أجمعين والتابعين ومن بعدهم.
كما لا تندرج تحت قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأمته ما باستطاعة المصلي أن يفعله أن عجز عن أداء الصلاة قائما بقوله الآنف الذكر، وبقوله الآخر كما في الصحيح: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وقد صلى صلى الله عليه وسلم قائما، ثم لما عجز عن القيام صلى قاعدا على الأرض (لا على الكرسي)، وإذا كانت الآية مجملة فقد بينتها سنة النبي صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية.
التنبيه الخامس

إن انتشار هذه الظاهرة يسهم في تثبت الشبه بين مساجدنا ومعابد غيرنا الذين يصلون على الكراسي، وقد عشنا حتى رأينا كثيرا من المساجد تصف فيها الكراسي وترص من كثرتها! بعد أن كانت مساجدنا في زمن قريب على الفطرة خالية من هذه المظاهر الحادثة، حتى إن سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قاعدا على الأرض تركت، فلا تكاد ترى أحدا من هؤلاء المعذورين يصلي على تلك الهيئة المباركة المبرورة!.
التنبيه السادس

غالبية المصلين على الكراسي، من العوام الذين يقلد بعضهم بعضا، وربما استطاب بعضهم الجلوس على الكرسي، لأنه أكثر راحة، لا أنه عاجز عن القيام أو الوقوف، وهو مبطل لصلاته، لأنه ترك ما هو قادر عليه، وأن ناله شيء من المشقة، واختار ما يريحه لا ما يستطيعه، والفرق بين الحالين واضح، والحديث نص على الجواز عند عدم الاستطاعة.
هذا فضلا عن كونه يضيق على المصلين ويجعل صفوفهم غير منتظمة ولا مستوية، ومعلوم أن استواء الصفوف من تمام الصلاة ذاتها.
التنبيه السابع

نقل الثقات عن بعض الفقهاء المعاصرين حرصهم وهم عجزة على الصلاة على الأرض لا على الكرسي، ومنهم الشيخ العلامة محمد بن سليمان الجراح رحمه الله، وقد نقل ذلك عنه تلميذه أ.د. وليد بن عبد الله المنيس، قال: وقد شاهدنا شيخنا العلامة محمد بن جراح رحمه الله (1322-1417هـ) يصلي جالسا لما اشتد عليه المرض، ولم يجلس على الكرسي.
وهذا من الفقه المستنبط من المنقول الصحيح عن الصحابة رضي الله عنهم، حيث كانوا يجتهدون ويبذلون الغاية من جهدهم للقيام في الصلاة، فإن عجزوا قعدوا على الأرض، وقد روى مسلم في صحيحه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: "ولقد كان الرجل يؤتي به يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف". أي يحملانه بينهما ويمسكانه بعضديه عونا له على المشي، لضعفه ومرضه، ولم يقل حتى يجلس في الصف.
التنبيه الثامن

كثير من المصلين على الكراسي يفعلون ذلك بعذر السمنة، وقد لا تكون سمنتهم بالقدر الذي يجعلهم معذورين، ومع ذلك الأولى أن ينصحوا بمعالجة أنفسهم بالحمية وغيرها مما ينصحهم به الأطباء، حتى تصح أبدانهم، ويستطيعوا تأدية وظائفهم الشرعية على الوجه المطلوب شرعا، لأن القاعدة: أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم ترك الحرام إلا به فتركه واجب.
أما أن يفتح لهذا المبتلى بالسمن باب الشراهة فلا يعرف للمأكولات حدا، ثم يقال هو معذور، فذلك من الغبن الذي يأباه العقلاء، ويتنزه عن الأسوياء.
التنبيه التاسع

خلاصة ما مر أن صلاة الفريضة على الكراسي لا تخلو من صور:

الصورة الأولى: من يصلي الفريضة على الكراسي، وهو قادر على السجود، بحجة أنه إذا صلى جالسا على الأرض لن يستطيع القيام سواء في أول صلاته أو في اثنائها فصلاته باطلة بالإجماع، لأنه ترك ركنا قادرا عليه شرعا وطبعا، وتكلف ركنا ومعذور فيه شرعا! وذلك لكونه قد ترك كثيرا من أركان الصلاة مع قدرته عليها، وهي: السجود، والجلسة بين السجدتين، والجلوس للتشهد وغيرها، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيحين – أنه صلى جالسا حينما سقط عن فرسه، ولم يتكلف حينها الصلاة على الكرسي!.

كما أنه بصلاته على الكرسي قد خالف تسوية الصفوف، وذلك من خلال تقدمه أو تأخره على أهل الصف، سواء بصدره أو برجله، وكلاهما فيه مخالفة شرعية: لقوله صلى الله عليه وسلم: "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" (متفق عليه).
لذاك كان واجبا على من هذه حالة أن يصلى بحسب الاستطاعة والقدرة، فكل ركن يستطيعه أتى به، وما لا يستطيعه فهو معذور فيه شرعا!.
الصورة الثانية: من يعجز عن السجود فقط، بحجة أن في سجوده ضررا يشق عليه، فمن هذه حاله، فصلاته باطلة اتفاقا، لأنه ترك ركن القيام والركوع والجلوس بين السجدتين والجلوس للتشهد!.

لذا كان عليه شرعا أن يصلى قائما: حتى إذا أراد السجود جلس على الأرض، ثم أومأ للسجود برأسه، وهكذا يفعل في جميع صلاته.
الصورة الثالثة: من يعجز عن الجلوس على الأرض أصلا، بحجة أن في جلوسه عليها ضررا يشق عليه، فهذا أيضا صلاته باطلة اتفاقا، لأنه ترك ركن القيام والركوع، لذا كان عليه شرعا أن يصلي قائما، حتى إذا أراد السجود جلس على الكرسي، إذا أشار بذلك الطبيب الثقة، لقوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) (الأنبياء: 7). وأومأ عند السجود برأسه، وهكذا في جميع صلاته.

الصورة الرابعة: من يصلي متوكئا على العصا، حتى إذا أراد الركوع أو السجود صلى على الكرسي مع قدرته عليهما! فمن هذه حاله، فصلاته غير صحيحة: لأنه ترك ركن الركوع والسجود والجلوس عمدا.

لذا كان عليه شرعا: أن يصلي متوكئا على العصا حال قيامه وركوعه وجوبا، دون الجلوس على الكرسي، حتى إذا أراد السجود جلس على الأرض وسجد، وهكذا يفعل في صلاته.
وأما بطلان صلاة أهل الكراسي ممن جاء ذكرهم في الصور الأربع ، فهو متوقف على كون المصلي منهم: عالما ذاكرا مختارا في صلاته، وإلا فصلاتهم صحيحة بعذر الجهل أو النسيان أو الإكراه.
الصور التي تصح فيها الصلاة على الكرسي

الأولى: من ضعفت قواه عن حمله قائما وجالسا على حد سواء، وهو أشبه اليوم بحال مرضى العظام، أو بالمصابين بالشلل، أو غيرهم ممن يعجزون عن القيام والجلوس على الأرض، فمن هذه حالهم، فعليهم شرعا أن يصلوا على الكراسي ابتداء، ويؤمئون برؤوسهم عند الركوع والسجود.

الثانية: من كان يعجز فقط عن الجلوس على الأرض، لخوف مرض، أو لرجاء برء بعد استشارة طبيب ثقة، فمثل هذا عليه شرعا أن يصلي قائما وراكعا، حتى إذا أراد السجود جلس على الكرسي، وأومأ برأسه بنية السجود، ثم ينوي الجلوس بين السجدتين، وهكذا يفعل في صلاته كلها.

وفي الختام فإن المقصود من هذه المسألة ليس هو التضييق على الناس، ولا التشديد عليهم، ولكنه بيان حكم الله تعالى في أعظم أركان الدين بعد شهادة التوحيد، لئلا يترك الناس ما وجب عليهم بيقين، ويتساهلوا فيما لا تصح صلاتهم إلا به، وليعرفوا مقدار العذر الذي نزل بهم، فيقدروه قدره، ولا يتمادون في مسايرة أهواء النفس فإن النفوس طماعة لا تشبع، ومن أحب الله بصدق تقرب إليه كما شرع، ولنحافظ على مساجدنا ونصونها عن مشابهة أماكن عبادة غيرنا، فإن مساجدنا مضت سنتها على الفطرة والتواضع في النزول إلى الأرض، وغير المسلمين تُصف الكراسي في معابدهم صفا.

والله تعالى أعلم
منقول

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.54 كيلو بايت... تم توفير 1.81 كيلو بايت...بمعدل (2.77%)]