الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 111 - عددالزوار : 56861 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 78 - عددالزوار : 26158 )           »          شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 33 - عددالزوار : 714 )           »          الدين والحياة الدكتور أحمد النقيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 57 )           »          فبهداهم اقتده الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 55 )           »          يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 344 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 734 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-09-2019, 02:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,557
الدولة : Egypt
افتراضي الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

الخليفة الراشد عمر بن الخطاب



(1) كيفية تولي عمر بن الخطاب الخلافة

عبد الفتاح فتحي


مضت سنتا خلافة الصديق عامرتين بالجد والعمل، والجھاد في سبيل الله ولم يشأ الرجل أن يترك الامة دون خليفة من بعده؛ لقد كان يحمل ھم الامة التي تقف جيوشھا تخوض أعتى المعارك بفارس والروم،
فرأى أن يبرئ ساحته بين يدي خالقه، وأن يختار للامة بعد أن يستشير كبراءھا، وذوي الرأي والحكمة منھم، وأن يطرح أمامھم اسم عمر ابن الخطاب، مرشحا للخلافة من بعده؛ كي لا يفترق المسلمون؛ لانه أولى الناس بالخلافة من بين صحابة رسول الله الموجودين، وأمر بكتابة عھد بذلك، كتبه له عثمان بن عفان.
وكان تخوف الناس من عمر ينحصر في غلظته وشدته، فكان الصديق يبين للمتوجسين سر موقف عمر أنه يرى الصديق رقيقا، ويتوقع أنه لو أفضى إليه الامر، لترك كثيرا مما ھو عليه، وكان لعثمان رأي في عمر مفاده أن علمه به أن سريرته خير من علانيته، وليس في الصحابة مثله.
ورد الصديق بحزم وقوة على طلحة بن عبيد الله عندما قال للصديق: استخلفت على الناس عمر، وقد رأيت ما يلقى الناس منه وأنت معه، فكيف به إذا خلا بھم؟! وأنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك، فقال: أجلسوني، ثم قال لطلحة: أبا تفرقني (تخوفني)!؟ إذا لقيت الله ربي، فساءلني، قلت: ُ استخلفت على أھلك خير أھلك.
وھكذا ضرب الصديق المثل في التقوى والورع وھو في نھاية حياته، حيث اجتھد رأيه، واستشار، ولم يُول ذا قرابة، ورأى عمر خير من يحكم المسلمين من بعده.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-09-2019, 02:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,557
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

(2) المبادئ العامة التي تحكم سياسة عمر بن الخطاب


عبد الفتاح فتحي


1- يرى الفاروق عمر أن اعتلاءه منصب الخلافة ليس أمرا ھينا، وإنما ھو ابتلاء ومحنة منالله له كخليفة للمسلمين مسئول عن جميع أفراد رعيته مسئولية كاملة ومباشرة بين يدي الله يوم القيامة، فإما أن ينجيه العدل، أو يھلكه الجور.
وابتلى –في الوقت نفسه- رب العزة الرعية بالفاروق؛ لينظر كيف يعملون. فھم محاسبون – ً أيضا- إن لم يقوموا بطاعته في المعروف، ومساندته وتأييده في الحق والخير، ونصحه وتقويمه إن حاد عن الجادة.

2- أن التذكير بالايمان باالله وباليوم الاخر ھو أس كل إصلاح ولبه في ھذه الحياة الدنيا، وكل سعادة ورضوان ونعيم مقيم في الاخرة، وبدونھمالا ننتظر إصلاحا للراعي، ولا خيرا في صفوف الرعية.


3- أن استخلاف أبي بكر عمر بن الخطاب، وموافقة الامة على خلافته، يستند إلى ما يغلب على الظن من أن ابن الخطاب أكثر الامة تحملا للعبء والمسئولية، وأقدرھم على مواجھة الاخطار الجسام، التي تواجه الامة، ولولا أن ذلك مما يُعرف عنه على سبيل التحقيق، لكفاه غيره ھذه المسئولية العصيبة، التي يحاسبه الله عليھا حسابا عسيرا. إنه –باختصار- مسئول عن وضع كل الامور في نصابھا، والسير بالامة فيالطريق القويم؛ ومن ھنا فإن الفاروق يتبرأ من كل حول وقوة ومعونة،ويلجأ إلى الله راجيا السداد والتوفيق،

وكذلك رأى عمر أن ھذا الامر لا يصلح إلا بشدة في غير تجبر، ولين في غير وھن، وينضاف –إلىذلك- قوة في الدين، وقوة في الايمان، وقوة في العقل والتدبير والتخطيط، وقوة في المتابعة والتنفيذ، وبذل وتضحية وجُود بالوقتوالجھد والعرق والدم لا حدود له.

4- التمسك بمبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد الرعية، دون تحيز ولا مجاملة لاحد من الناس. وعلى أصحاب الحوائج والمظالم رفع مايريدون إلى الخليفة مباشرة؛ ليعطي كل ذي حق حقه. ويتعھد عمر أن يظل على أخلاقه الطيبة التي يعرفھا له الناس، فلا يغيره منصب، ولاَ يُحو له سلطان.
5- مسئولية عمر عن مباشرة شئون الحكم بنفسه دون أن يكلھا إلىغيره من أعوانه، وذلك فيما حضره من الامور، وما اقترب من الاماكن.

َ أما ما بعُدَ من الولايات؛ فإنه يوليھا الاكفاء الامناء الثقات منأصحابه ومستشاريه، ثم يراقب سياساتھم وتصرفاتھم، ورأي رعيتھم فيھم، فمن أحسن منھم، أجزل له الثواب، ومن أساء نكل به؛ كي يكون عبرة لغيره.


المؤلف/ عبد الفتاح فتحي

المصدر/ كتاب الخلفاء الراشدين

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 28-09-2019, 04:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,557
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

(3) المهمات المسندة إلى الولاة


عبد الفتاح فتحي

تتضح تلك التكاليف من خلال الكتب والوصايا، التي يتقدم به الخليفة عمر ابن الخطاب رضى الله عنه إلى ولاته وعماله، ومن ذلك قوله لابي موسى الاشعري »: أما بعد، فإن أسعد الرعاة عند الله من سعدت به رعيته، وإن أشقى الرعاة عند الله من شقيت به رعيته.
وإياك أن تزيغ، فتزيغ عمالك، فيكون مثلك عند الله مثل البھيمة، نظرت إلى خضرة من الارض، فرتعت فيھا تبتغي السمن، وإنما حتفھا في سمنھا.
وھكذا اتضح أن المھمة الاولى للولاة العمل الدءوب على راحة الناس وسعادتھم وھناءتھم، ولا شك أن ذلك لا يكون حقيقيا إلا في طاعة الله عز وجل، ثم ھو يحذر كل وال تحذيرا شديدا أن يحيد عن الحق والشرع، فيزيغ ويضل معاونوه، فيكون في ذلك ھلاكه وھلاكھم جميعا.

كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يأمر عماله أن يوافوه بالموسم. وعند الاجتماع يخاطب الرعية مبينا واجبات الولاة نحوھم، فيقول: إني لم أبعث عمالي عليكم؛ ليصيبوا من أبشاركم، ولا من أموالكم. إنما بعثتھم ليحجزوا بينكم، وليقسموا فيئكم بينكم.

وفي رواية أخرى: اللھم، إني أشھدك على أمراء الامصار، فإني إنما بعثتھم؛ ليعلموا الناس دينھم، وسنة نبيھم، فمن أشكل عليه شيء رفعه إلي.

تذكر المصادر أن عمر رضى الله عنه إذا استعمل رجلا أشھد عليه قوما من الانصار وغيرھم، واشترط عليه أربعا: لا يركب برذونا، ولا يلبس ثوبا رقيقا، ولا يأكل نقيا، ولا يغلق بابا دون حوائج الناس.


ومن تعھدات عمر بن الخطاب رضى الله عنه أمام الناس فيما يختص بشئون المال، التي ھي في الوقت ذاته توجيھات وتكليفات منه لاصحاب الخراج قوله: إني لا أجد المال يُصلحه إلا خلال ثلاث: أن يُؤخذ بالحق، ويُعطى في الحق، ويُمنع من الباطل، وإنما أنا ومالكم كولي اليتيم، إن استغنيت استعففت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، ولست أدع أحدا، يظلم أحدا، ولا يعتدي عليه، حتى أضع خده على الارض، وأضع قدمي على الخد الاخر، حتى يُذعن للحق.


ووعدھم أن يزيد أعطياتھم وأرزاقھم، ويأمر ولاته –كذلك- بسد ثغورھم، وعدم إلقائھا في المھالك، وعدم تجميرھم (حبسھم في ثغورھم) أماكن مرابطة الجيوش، ثم شدد على الولاة أنه لم يبعثھم أمراء ولا جبارين، ولكن أئمة للھدى يھتدي بھم الناس، وأمرھم أن يمنحوهم حقوقھم، ولا يضربوھم فيُذلوھم، ولا يحمدوھم فيفتنوھم، وألا يغلقوا الابواب دونھم، فيأكل قويھم ضعيفھم، ولا يستأثروا عليھم فيظلموھم، ولا يجھلوا عليھم.

وإذا قاتلوا بھم الكفار، قاتلوھم حسب طاقتھم، فإذا رأوا بھم كلالة، كفوا عن ذلك، فإن ذلك أبلغ في جھاد عدوھم.
وأخيرا، فإن الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يتخير أصلح رجالاتالبلدان والاقاليم لولاية الخراج، وكان يرسل إلى أھل الاقليم أن يبعثوا إليه واحدا من خيارھم وصالحيھم، وھو بذلك يحقق أكثر من ھدف؛
الاول: أنه يجعل اختيار صاحب ھذا المنصب الحساس خاضعا لمشيئة أھل البلد، فھم أعرف بصالحيھم.

والثاني: حتى لا يحتجوا عليه بتعسف صاحب الخراج، فھم الذيناختاروا بأنفسھم فيتحملوا نتيجة اختيارھم.
والثالث: أن يضمن عمر تنفيذ توجيھاته لھم بدقة وأمانة، فيعم العدل، ويشيع الاستقرار، ويدلك على استخدام ھذا المنھج العمري لضمان تنفيذ المھام المسندة لصاحب الخراج ما يرويه الشعبي بقوله: كتب عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أھل الكوفة أن يبعثوا رجلا من أخيرھم، وأصلحھم، وكذا أرسل إلى أھل البصرة، وأھل الشام، فبعث الكوفيون إليه عثمان بن فرقد ،وأھل البصرة الحجاج بن علاط، وأھل الشام معن بن يزيد كلھم سُلميون، فاستعمل كل واحد منھم على خراج أرضه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28-09-2019, 04:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,557
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

الخليفة الراشد عمر بن الخطاب


(4) منهج عمر في مراقبة ومحاسبة الولاة



عبد الفتاح فتحي

ھذه القضية شغلت حيزا كبيرا من الفكر العمري، وھي من أكابر مظاھر حزمه وعدله مع ولاته ورعيته؛ لانھا تتضمن مبدأ الثواب والعقاب، الذي ينبغي أن يشغل بال الولاة والعمال.

وقد كان عمر جادا قاطعا، إذ يجمع بين الوالي والرعية. قال ذات مرة – بعد ما عرض توجيھاته إلى الولاة: فمن فٌعل به غيرُ ذلك، فليقم، فما قام إلا رجل واحد شاكيا: إن عاملك فلانا ضربني مائة سوط.
قال عمر: فبم ضربته؟ ويبدو أن العامل لم يُجب، فأصدر عمر حكمه للرجل: قم، فاقتص منه،

فانبرى عمرو بن العاص قائلا: يا أمير المؤمنين، إنك إن فعلت ھذا يكثر عليك، ويكن سنة يأخذ بھا من بعدك، فبين له عمر أنه رأى الرسول يُقيد (يسمح بالقصاص) من نفسه،
قال عمرو: ُ دعنا، فلنرضه، قال عمر: دونكم فأرضوه، فافتدى منه بمائتي دينار، كل سوط بدينارين.
حرص الخليفة ابن الخطاب رضى الله عنه على سؤال عماله، مھما كانت مكانتھم عن الاموال، التي يجبونھا من الناس: أھي من حلال، أم من حرام؟ فھا ھو الصحابي الجليل أبو ھريرة رضى الله عنه يأتي في نھاية العام بما جباه من البحرين وھجر، وقد بلغ خمسمائة ألف،
فقال له عمر رضى الله عنه: ما رأيت مالا مجمعا –قط- أكثر من ھذا، فيه دعوة مظلوم، أو مال يتيم، أو أرملة؟ قال أبو ھريرة: لا والله فإنه بئس -والله- الرجل أنا إذن، إن ذھبت أنت بالمھنأ، وأنا أذھب بالمؤنة.

وإذا كان ھذا يقع منه في حق صحابي فوق الشبھات، فإنه في حق غيره أكثر وقوعا، فقد ثبت أنه لما جُبي إليه مال العراق، أخرج عشرة من أھل الكوفة، ومثلھم من أھل البصرة يشھدون أربع شھادات بالله إنه لطيب، ما فيه ظلم مسلم، ولا معاھد.

منح الله عمر بن الخطاب فطنة وذكاء وفراسة، فكان لا يخدع ولا يُخدع؛ من ھنا كان يأخذ حذره تماما من عماله، ويشتد معھم في الحساب، بل كان يطلب بيانا من العامل بما يمتلكه عندما يوليه منصبه.

ولا شك أن ذلك كان لمقارنته بما يصير إليه ماله بعد فترة من ولاية المنصب، فينظر ھل تربح منه أولا، فھا ھو عتبة بن أبي سفيان، استعمله عمر رضى الله عنه على كنانة، فقدم معه بمال،
فسأله: ما ھذا يا عتبة؟ قال:مال خرجت به معي، وتجرت فيه. قال عمر: وما لك تخرج المال معك في ھذا الوجه؟! فصيره في بيت المال. فھنا عد عمر التجارة مع تولي المنصب شبھة، درأھا مصادرة جزء من المال فيما نفھم.


وأثر عنه قيامه رضى الله عنه بمقاسمة كثير من عماله أموالھم، ولم يكن يعتد بما يزعمونه من أن ھذه الاموال نمت وتضخمت للتجارة ونحوھا، ومن ھؤلاء:
سعد بن أبي وقاص بالعراق، وعمرو بن العاص بمصر، وأبو ھريرة بالبحرين.
ذكر أبو عبيد بسنده أن عمر كان يقيل في ظل شجرة، فجاءت امرأة أعرابية، فقالت: إني امرأة مسكين، ولي بنون، وإن أمير المؤمنين بعث محمد ابن مسلمة ساعيا، فلم يعطنا فاستدعاه عمر في الحال.

ويبدو أن ابن مسلمة فاته إعطاء ھذه المرأة وبنيھا، فعاتبه عمر عتابا شديدا، وقال له: إن الله بعث إلينا نبيه صلى الله عليه وسلم، فصدقناه، واتبعناه، فعمل بما أمره الله به، فجعل الصدقة لاھلھا من المساكين، حتى قبضه الله على ذلك، ثم استخلف الله أبا بكر فعمل بسنته حتى قبضه الله، ثم استخلفني فلم آل أن أختار خياركم، فكيف أنت قائل إذا سألك الله عز وجل عن ھذه؟!
فدمعت عينا محمد، ثم أمره عمر قائلا: إن بعثتك، فأد إليھا صدقة العام، وعام أول. وما أدري لعلى لا أبعثك.
ثم طيب خاطرھا وعوضھا في الحال مشقة السفر والترحال و السؤال، فدعا لھا بجمل، فأعطاھا دقيقا وزيتا، وقال: خذي حتى تلحقي بنا بخيبر، فلما أتته بخيبر، دعا لھا بجملين آخرين، وقال: خذي ھذا، فإن فيه بلاغا حتى يأتيكم محمد بن مسلمة، فقد أمرته أن يعطيك حقك للعام، وعام أول.

ولم يكن عمر بن الخطاب رضى الله عنه يتردد في عزل العمال المخطئين، فقد عزل قدامة بن مظعون الجمحي عن جباية البحرين، وحده على شرب الخمر. وتذكر بعض المصادر أن رجلا ھتف بعمر وھو يسير في بعض طرقات المدينة: يا عمر، أترى أن ھذه الشروط –ما اشترطه على عماله من قبل- تنجيك من الله تعالى، وعاملك عياض بن غنم على مصر، وقد لبس الرقيق، واتخذ الحاجب؟!

فدعا عمر محمد بن مسلمة رسوله إلى العمال، فقال له: ائتني به على الحال التي تجده عليھا، فلما جاءه ابن مسلمة، وجد على بابه حاجبا، ورآه عليه قميص رقيق، فأمره أن يجيب أمير المؤمنين، ورفض أن يطرح عليه عباءته، فلما رآه عمر، نزع قميصه، وأعطاه جبة صوف، وعصا، وغنما وقال: ارعھا، واشرب، واسق من مر بك، واحفظ الفضل علينا، أسمعت؟ قال: نعم، والموت خير من ھذا، فرددھا مرارا، فقال له عمر: ولم تكره ھذا، وإنما سُمي أبوك غنما؛ لانه كان يرى الغنم؟ أترى يكون خير؟! فقال: نعم، يا أمير المؤمنين، فنزع رداءه، ورده إلى عمله، فلم يكن له عامل يشبھه،

يعد إقليما البصرة والكوفة من الاقاليم ذات الخصوصية الشديدة، التي تمرس أھلوھا بالعصيان والخلاف والشقاق، وقد عانى عمر بسببھما المكائد والدسائس، وتعرض ولاته من كبار الصحابة لاكاذيب وافتراءات بعض أھلھا، فكان عمر يرى عزل عماله؛ إيعادا لھم من مواطن الشبھات، ودرءا للمفاسد، وجدا في البحث عن ولاة آخرين، يستطيعون ترضي ھؤلاء المشاغبين، الذين لا يكادون يرضون عن أمير، دائمي الشكاية والسعايات.
فمثلا: اضطر إلى عزل المغيرة سنة ظ،ظ§ھـ ً عن البصرة، وولي مكانه أبا موسى الاشعري؛ نظرا لمكيدة دنيئة رتب لھا أبو بكرة البصري –لخلاف بينه وبين المغيرة- وبعض أصدقائه واتھموا فيھا المغيرة بالزنا، وكادت مساعيھم الخبيثة تنجح لولا لطف الله بھذا الصحابي، حيث اختلفت شھاداتھم، فأقيم حد القذف على ثلاثة منھم كذبة، بيمنا صدق الرابع، فأفلت من العقوبة، بينما لو أحكمت الشھادات الاربعة، لرُجم المغيرة ظلما وافتراء وبھتانا.
وكذلك تعرض سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه سنة ظ¢ظ،ھـ لاتھامات باطلة من بعض أھل الكوفة، فزعمت قلة قليلة أنه لا يحسن يصلي، وزعمت بنو عبس على لسان أحد أفرادھا (أسامة بن قتادة): ً أن سعدا لا يقسم بالسوية، ولا يعد في الرعية، ولا يغزو في السرية. فعزله عمر؛ كفا لھذه الاباطيل، ووقفا للشكايات، والمكائد، واستعانة به على الشورى.

وكذلك لم يتوان عمر بن الخطاب عن عزل عمار بن ياسر رضى الله عنه عن الكوفة سنة ظ¢ظ¢ھـ بعد عام من ولايته، وذلك بسبب كراھية أھل الكوفة له، وثبوت عدم كفاءته، وجھله بالسياسة، بل جھله بجغرافية المكان الذي ولاه عمر عليه.

فلما عزله عمر رضى الله عنه، قال له: أساءك حين عزلتك؟ قال: والله ما فرحت به حين بعثتني، ولقد ساءني حين عزلتني، قال له عمر: َ لقد علمت ما أنت بصاحب عمل، ولكني تأولت الاية: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.
وھكذا بذل ابن الخطاب رضى الله عنه كل ما يستطيع في سبيل حسن اختيار العمال والولاة، وتوجيھھم التوجيھات المثلى التي تضمن سعادة الراعي والرعية، ثم لم يقصر في المتابعة والمراقبة والمحاسبة، بل عزل بعض الولاة والعمال، سواء
كان ذلك عن تقصير وعدم كفاية، أم عن شبھات أثيرت وثبت عدم صحتھا؛ درءا للمفاسد، وجلبا للمصالح.



تأليف: عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح
المصدر: الخلفاء الراشدين

عمل فريق طريق الإسلام


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 28-09-2019, 04:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,557
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

(5) ملامح التنظيمات الأدارية



عبد الفتاح فتحي

أ- التأريخ بالھجرة:
كتب أبو موسى الاشعري إلى عمر رضي الله عنه: إنه تأتينا منك كتب ليس لھا تأريخ، فجمع عمر الناس للمشورة، فاقترح بعضھم أن يؤرخ لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأى بعضھم الاخر (وفيھم علي) أن يؤرخ لمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فان هجرته فرقت بين الحق والباطل.


وتصف روايه اخري دافعاً اداريّاً واقتصاديّاً أقوى لبدء التاريخ في خلافة عمر، وذلك أن عمر رُفع إليه صك محلُّه في شعبان فقال: أي شعبان؟ الذي هو آت، أو الذي هو نحن فيه؟! فتشاور الناس حتى استقروا على اتخاذ الهجرة بدءا للتأريخ، لم يعدُّو من مبعثه، ولا من وفاته، بل من مَقدمه المدينة.

وتم ذلك لسنتين ونصف من خلافته رضي الله عنه في السنة السادسة عشر من الهجرة، وقد كان لذلك مردوده المهم على النواحي الادارية والاقتصادية في الدولة، فضبط إيقاع المعاملات بين الناس في الداخل، وبيننا وبين الدول الأخري في الخارج بيعاً وشراء، وعقودا ومعاهدات... الخ.
وكذلك ضمن كتابة تاريخنا الاسلامي بدقة من ضبط الوقائع والحوادث باليوم، والشهر، والسنه.
ب- إنشاء ديوان العطاء 20 هـ:

لم يكن هناك عطار (راتب) ثابت للناس زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا زمن أبي بكر الصديق، ورأينا أن نواة بيت المال كانت قد وضعت في عهد الخليفة الأول بالسُّنح، ثم في بيته في المدينة، وكان لبيت المال في عهده أمناء، قامو بتفتيش ما في بعد وفاته، فلم يجدو الا دينارا واحدا متعلقا بخرقة؛ فقد كان الصديق يوزع المال أول بأول،

وفي عهد الخليفة الراشد الثاني عمر بن الخطاب تغيرت الأحوال، وكثرت الأموال بعد الفتوح الإسلامية العظيمة في بلاد كسرى وقيصر، وكثرت أعداد الجند، وأصبح عسيرا ضبط أعدادهم وعطائهم دون سجل واف، يحوى كل هاتيك البيانات الخاصة بالجند وغيرهم، ومن هنا كان لابد من إنشاء الديوان، الذي تعددت الروايات؛ الذي تعددت الروايات بشأن ظروف انشائه، فالبعض يذكر أن قدوم أبي هريرة من البحرين بخمسمائة ألف درهم من مال حلال طيب جعل رأس عمر يدور، ويؤجل الحديث مع أبي هريرة حتى الصباح بدعوى أنه ناعس؛ فلما تيقن صحة ما قال، خطب عمر الناس في اليوم التالي، وبين أنه جاءهم مال كثير، فإن شاءوا كال لهم المال كيلا، وأن شاءو عَدَه عَدّاً، فقال احد القوم: يا امير المؤمنين، دون للناس دواوين -كما رأيت الأعاجم - يعطون عليها.
وفي رواية أخرى: أن عمر أستشار الهرمزان الفارسي، وكان عمر يرسل بعثا من الجند للغزو، فسأله الهرمزان الفارسي كيف تعرف المتخلف منهم؟ ثم نصحه بالديوان.

ولعل الراجح في ذلك الأمر اسشارة عمر الناس في تدوين الديوان، فقال علي بن أبي طالب: تقسم كل سنه المال الذي أجتمع عندك، ولا تبقي منه شيئا.
قال عثمان: أرى مالاًَ كثيراً يسع الناس، وان لم يحصوا ( يسجلوا في ديوان) لمن نعرف من أخذ ممن لم يأخذ، حسبت أن ينتشر الأمر (يختلط علينا).
فقال الوليد بن هشام بن المغيرة: رأيت ملوك الشام دونوا ديواناً، وجندوا جنداً، فاصنع مثلهم فأخذ عمر بقوله.

وأخيرا فان هناك روايتين بخصوص توقيت وضع الديوان: رواية تحدد ذلك بسنة 15هـ، في شهر محرم، وأخرى تجعل ذلك سنه 20هـ، في شهر المحرم.
ونوافق على ترجيح التاريخ الأخير، لأن وضع الديوان بالفعل وتقرير قواعده الدائمة التي يقوم عليه نظامه يحتاج إلى استقرار الفتوح اولاً،
أما سنه 15 هـ، (عام موقعة القادسية، أو قبلها بقليل)، فلم تكن تمت الفتوح بعد، وربما بدأ تفكير عمر في الديوان قبل سنة 20هـ بعام مثلا، حين بدأ يفرض عطاء للفاتحين، ثم انشئ بالفعل 20هـ.

التجوال في كافة نواحي الدولة الاسلامية:
كان عمر بن الخطاب نسيج وحده، عبقريا، سبق عصره بعصور. لقد اھتدى -آخر حياته- إلى أن أفضل سبل الادارة الحقة تلك التى ينزل فيھا المسئول الاول عن المسلمين إلى حيث تقيم الرعية في أوطانھا مھما تباعدت عنه، ويقسم العام على أقاليم دولته المختلفة، بحيث يقيم في كل مصر من أم صارھا وقتا مساويا لبقيتھا، يتابع أحوال الناس عن كثب، ويرقب حياتھم مشاركا إياھم فيھا، سائلا عن حاجاتھم، التي لا تصل إليه في دار الخلافة، خاصة بعد اتساع الدولة، بحيث يصدق عليھا وصف الامبراطورية بعد حركة الفتوح الاسلامية الكبرى.

يلخص عمر رغبته، التي لم يمھله – للاسف- القدر لتحقيقھا في كلمات جامعات، ملؤھا العزم، والحزم، والاخلاص، فيقول: "لائن عشت -إن شاء الله- لأسيرن في الرعية حولاً، فإني أعلم أن للناس حوائج تقطع دوني، أما عمالھم فلا يرفعونھا إليّ، وأما ھم فلا يصلون إلي، فأسير إلى الشام، فأقيم بھا شھرين، ثم أسير إلى الجزيرة، فأقيم بھا شهرين، ثم أسير إلى مصر فأقيم بھا شھرين، ثم أسير إلى البحرين، فأقيم بھا شهرين، ثم أسير إلى الكوفة فأقيم بھا شهرين، ثم أسير إلى البصرة، فأقيم بھا شهرين، و الله لنعم الحولُ ھذا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 28-09-2019, 04:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,557
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

(6) كيفية التصرف في الأراضي المفتوحة



عبد الفتاح فتحي

عقب فتح العراق والشام كتب كل من: سعد بن أبي وقاص، وأبي عبيدة ابن الجراح يخبران عمر أن الجند يريدون تقسيم مغانمھم. وما أفاء الله به عليھم.
وعلى رأس المغانم المدن وأھلھا، والاراضي وما فيھا من شجر وزرع، كما قسم الرسول أرض خيبر، لكن عمر كان له رأي خاص في الاراضي وسكانھا بالذات، فرأى ألا يُسترق ھؤلاء، فھم كثيرون يقدرون بالآلاف بل بالملايين، فرأى الاكتفاء بعرض الاسلام أو الجزية عليھم،
أما الارض، فرأى أن من مصلحة المسلمين ألا تقسم، بل الاولى أن تبقى في أيدي المزارعين يزرعونھا ويفرض عليھم الخراج، الذي تستفيد منه الدولة الاسلامية في دفع العطاء والمرتبات، والانفاق على مصالح المسلمين، وتسيير الجيوش، وحشد الحصون والثغور بالسلاح والمقاتلين.
وكان عمر يخشى إن قسمت ھذه الاراضي الشاسعة، وما حولھا من أنھار أن يركن المسلمون للراحة، ويخلدوا إلى نعيم
الدنيا، ويدعوا الجھاد، وكذلك خشى أن يتنازعوا فيما بينھم فيقع الشقاق والخلاف. وقد اقتنع عدد من الصحابة برأي عمر، مثل: علي، وعثمان، وطلحة، ومعاذ، وعارضه بلال، وابن عوف، والزبير. وقد حاول إقناعھم بأن ھذه الاراضي لو قسمت لم يبق لمن يأتي بعدنا شيء وسيجدونھا امتلكت وورثت، وحيزت للسابقين، فمن يكون لذرية الجند وزوجاتھم والارامل واليتامى من بعد؟!

لكن الاخرون اعترضوا وقالوا: أفاء الله علينا ھذه الاراضي بسيوفنا، فيكف نحرص على إعطائھا لمن بعدنا ممن لم يحضروا ولم يشھدوا، نعطيھا لابنائھم وأحفادھم؟! فاحتكم الفريقان إلى عشرة من الانصار (مناصفة بينالاوس والخزرج).
وقام عمر بعرض الامر عليھم؛ ليشيروا برأيھم، ويشاركوه أمانته ومسئوليته، فعلى الارض الخراج وعلى الرجال الجزية، ويظل دخل الارض فيئاً للمسلمين ولمن بعدھم.
واستدل عمر رضى الله عنه استدلالا ذكيا دقيقا بآيات القرآن في سورة الحشر: {مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىظ° رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىظ° فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىظ° وَالْيَتَامَىظ° وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ غڑ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا غڑ وَاتَّقُوا اللَّهَ غ– إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } وضح عمر أن ھذه الاية عامة.
ثم ت لاقوله تعالى: { لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ غڑ أُولَظ°ئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}، وھذه خاصة بالمھاجرين ثم قال: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىظ° أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ غڑ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَظ°ئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} خاصة بالانصار، ثم قال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} وھذه آية خاصة بمن يجيء بعد ذلك.
ومقتضى ھذا الفھم أن لھؤلاء جميعا حقا في الفيء، فكيف يأخذه بعضھم ويحرم منه اخرون؟! فوافق الانصار على
رأيه، وقالوا: نعم ما رأيت، وما قلت.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 28-09-2019, 04:15 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,557
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

الخليفة الراشد عمر بن الخطاب

(7) التفاضل في العطاء




عبد الفتاح فتحي

كان من رأي الخليفة الاول أبي بكر الصديق رضى الله عنه التسوية بين الناس في العطاء؛ لان التسوية في المعاش خير، أما الجھاد في سبيل، الله والسابقة في الدين، فأمرھما موكول إلى ثواب الله عز وجل فلما ولي عمر ابن الخطاب رضى الله عنه الخلافة، رأى رأيا آخر ملائما لتطورات الاوضاع الاقتصادية في عھده، حيث حركة الفتوحات الكبرى، وانھمار الفيء على الناس مغزارا ومكثارا ومدرارا، مما يقتضي التفاوت والمفاضلة بين الناس، ولخص عمر وجھة نظره تلك في قوله: "لا أجعل من قاتل رسول الله كمن قاتل معه".
لقد أعطى الاعطيات على السابقة في الدين، فأعطى – مثلا صفوان بن أمية، والحارث بن هشام، وسُھيل بن عمرو ممن أسلمو يوم الفتح أقل مما أخذ من قبلهم، فامتنعوا من أخذه، وقالوا: لا نعترف أن يكون أحد أكرم منا أي: في الاحساب. فبين لھم عمر مقياسه الجديد: إنما أعطيتكم على السابقة في الاسلام، لا على الاحساب، عندئذ رضوا واقتنعوا، وأخذوا.

دعا عمر بن الخطاب علماء الانساب العرب من أمثال: عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل، وجُبير بن مُطعم، وقال لھم: اكتبوا الناس على منازلھم (قبائلھم، وعشائرھم، فبدأوا ببني ھاشم، ثم أبي بكر وقومه من تيم، ثم عمر وقومه من بني عدي.

فلما نظر عمر فيما فعلوا، قال: وددت لان يكون ھكذا، ولكن ابدأوا بقرابة رسول الله الاقرب فالاقرب، حتى تضعو عمر حيث
وضعه، الله ولم ينخدع عمر بمطالب بني عدي من الابقاء عليھم في الترتيب الذي وضعه النسابة، ففطن عمر لمقصدھم، ولم يُلب رغبتھم؛ لانھم يقصدون محاباتھم،

فقال :لا، تريدون أن تذھبوا بحسناتي، ستوضعون في أماكنكم ولو أُطبق عليكم الدفتر، ولو أن تكتبوا في آخر الناس، ولئن جاءت الاعاجم بالاعمال، وجئنا بغير عمل، فھم أولى بالرسول منا يوم القيامة. فليعمل كل امرئ لما عند اللهولا ينظر لقرابة، فإن من قصر به عمله لم يسرع به نسبُه.
بدأ عمر بن الخطاب بمن شھد بدرا من المھاجرين والانصار، وفرض لكل رجل منھم خمسة آلاف درھم سنويا حليفهم، ومولاھم معھم بالسواء، وفرض لمن كان له إسلام كإسلام أھل بدر، ومن مھاجرة الحبشة ممن شهد أحدا أربعة آلاف درھم لكل رجل، وفرض لابناء أھل بدر ألفين إلا الحسن والحسين، فإنه ألحقھما بفريضة أبيھما؛ لقرابتھما برسول الله ففرض لكل واحد منھما خمسة آلاف درھم وكذلك فرض للعباس، وفرض لامھات المؤمنين عشرة آلاف درھم، وزاد عائشة ألفي درھم؛ لمحبة الرسول إياھا.

وجعل نساء أھل بدر في خمسمائة درھم، ونساء من بعدھم إلى الحديبية على أربعمائة درھم، ونساء من بعد ذلك إلى
الايام (ما قبل القادسية من الفتوح ثلاثمائة درھم، ونساء أھل القادسية على مائتي درھم، ثم سوى بين النساء بعد ذلك، وجعل عطاء الصبيان مائة درھم، وفرض لكل من ھاجر قبل الفتح لكل رجل منهم ألفين، ولغلمان أحداث من أبناء المھاجرين كمسلمة الفتح.

وميز عمر بن أبي سلمة، فأعطاه أربعة آلاف درھم؛ لمكانه من النبي، وأعطى أسامة بن زيد أربعة آلاف درھم، فقال عبد الله بن
عمر بن الخطاب ابن الخليفة: فرضت لى ثلاثة آ$ف، وفرضت لاسامة أربعة آلاف، وقد شھدت ما لم يشھد أسامة، فقال عمر: زدته؛ لانه أحب إلى رسول الله منك، وكان أبوه أحب إليه من أبيك، ثم فرض للناس على منازلھم، وقراءتھم القرآن، وجھادھم، ثم جعل من بقي من الناس بابا واحدا، وجعل لمن جاءه مسلما بالمدينة خمسة وعشرين دينارا سنويا لكل رجل، وفرض لاھل اليمن وقيس بالشام والعراق ممن جاھد ما بين ألفين إلى ألف، إلى تسعمائة إلى خمسمائة إلى ثلاثمائة درھم، ولم ينقص أحد منهم عن ذلك، وجعل لبعض النساء المتميزات عطاء كبيرا، ففرض لصفية بنت عبد المطلب ستة آلاف درھم، ولكل من: أسماء بنت عُميس، وأم كلثوم بنت عقبة، وأم عبد اللهبن مسعود ألف درھم. وذكر عن الواقدي أنه فرض للنساء المھاجرات ثلاثة آلاف درھم لكل واحدة، ولم ينس عمر أن يفرض للمنفوس (المولود مائة درھم، فإذا ترعرع بلغ به مائتي درھم، فإذا بلغ زاده، وإذا أتي باللقيط فرض له مائة درھم، علاوة على رزق يأخذه وليه كل شھر بقدر ما يصلحه، ثم يزيده من سنة إلى سنة، وكان يوصي بھم خيرا، ويجعل رضاعھم ونفقتھم من بيت المال.


لقد كان عمر حريصا على توصيل ھذا العطاء بنفسه إلى مواطن القبائل، حيث يقيم الناس، ولقد رئي يحمل ديوان خزاعة (أسماء أفراد القبيلة) حتى ينزل عندھم، فلا يغيب عنه امرأة بكر، ولاثيب، فيعطيھن في أيديھن، ثم ينتقل إلى
أماكن أخرى، وھكذا حتى توفي رضوان الله عليم. وتجدر الاشارة إلى أن المال لما فاض عن الحاجة، فكر عمر قبيل وفاته في أن يعود إلى رأي أبي بكر في التسوية بين الناس في العطاء، فقال: لئن بقيت إلى الحول لالقحقن أسفل الناس بأعلاھم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 113.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 108.35 كيلو بايت... تم توفير 4.64 كيلو بايت...بمعدل (4.11%)]