لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 187 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28432 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60058 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 833 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من تستشير في مشكلاتك الزوجية؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فن إيقاظ الطفل للذهاب إلى المدرسة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-11-2020, 04:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر

لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر (1)











د. شميسة خلوي






الحمد لله الكريم الفتّاح، القائل في محكم تنزيله: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34]، أمَر إماءه بالعفافِ والتّقى والصَّلاح، وبكل ما فيه خيرٌ لهن وفلاح.





اللهم صلِّ وسلّم على سيّدنا محمد وآله وأصحابه أبدا سرمدا في المساء والصّباح.





أما بعد، فيا أخيّة -حماكِ الله ورعاكِ- لقد خلق الله الإنسان في أحسن صورة وحباهُ من الصفات ما جعله في أحسن تكوين وأتمّ خلق، فقال تعالى: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين:04]، وفطر النفس البشرية على حبِّ الجميل، والنُّفور من القبيح، كيف لا وحبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام يصفُ ربّه فيقول: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»[1]، وجاء أيضا: «إِنَّ اللهَ يُحِبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ»[2] وهذه دعوة صريحة إلى التزيّن وحُسن المظهر.





والجمال يا أختاه جمال روحي، جمال الخِلال والطبائع الحميدة وحُسن السيرة وصفاء السَّريرة، وجمال مادي - مجال حديثنا - من حُسن المظهر وجمال الثوب الذي يزيّنُ هيأة المسلم ويزيدُه بهاء، فـ«لمحبته سُبحانه للجمال أنزل على عباده لباسا وزينة تجمّل ظواهِرهم وتَقْوى تجمّل بواطِنهم»[3]، فالإسلام أعطى قيمة للجمال واهتمّ به، وأسوتُنا نبيُّنا عليه صلوات من ربي وسلام، الذي جمع بين جمال الروح والمظهر، قال عز وجل واصفاً خُلق نبيِّه محمد عليه الصَّلاة والسلام: ﴿ وَإِنّكَ لَعَلَىَ خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]، وجاء في صفته أنه كان «أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَحْسَنَهُ خَلْقًا»[4]، كما عُرف بجمال الهيئة وحُسن السَّمتِ والمظهر وطيب الرائحة، من ذلك إكثاره من استخدام السِّواك، والاعتناء بسُنن الفطرة وترجيل شعره، والاهتمام بنظافة ثيابه، مثلما ورد في شمائله عليه أفضل الصَّلاة والسلام.





وروي عن جابر بن عبد الله، أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رأى رجلا شَعِثًا قد تفرّق شَعْرُهُ فقال: «أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ» ورأى رجلا آخر وعليه ثياب وسِخةٌ، فقال: « أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ»[5].





ويبقى الإنسان إذا ميّالا بطَبعه لإضْفاء لمسات جمالية على خِلقته الأصلية، أوَّلها؛ الاعتناء بنظافة البدن، كالغُسل والوضوء وسُنن الفطرة، ونظافةُ الملْبس والمكان.





على أن الزِّينة بالنسبة للمرأة تحكُمها ضوابط وتقيّدها شُروط، نوجزُها دون تفصيل في:


عدم التبرُّج وضرورة ستر الزينة وعدم إظهارها إلا لمن تجوز له رُؤيتها ومراعاة حدود الزينة أمام النّساء، وأن لا ترتكب المرأة بزينتها حراما، وأن لا تتشبّه بالكافرات وأهل الكتاب والفُسّاق، وأن لا تتزيّن بما فيه ضرر وبما يخالف الشرع، من الثوب الضيِّق أو الشفَّاف، وأن تتجنَّب لباس الشهرة، وتراعي الاعتدال وعدم الإسراف، مع حُسن القصد وعدم التغرير[6]، يقول عز وجل في سورة النور -التي وضّحت وأبانت لنساء المسلمين آداب إظهار زينتهن صوْنا لشرفهنَّ وعفافهنَّ-: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النساء: 31].





وتختلف زينةُ المرأة وتتعدّد، وتختلف الحاجة إليها بين المتزوجة والعزباء أو اجتنابها بالنسبة للحادّة، ويُطلب من المرأة عُموما أن تفعل من خِصال الفطرة ما يختص بها، فنجدها تهتم بشعرها، وتتحلّى بالذهب والفضّة، وتضع مساحيق التجميل وغير ذلك ممّا هو مُتعارف عليه بين النساء، مع التزام الضوابط الشرعية المذكورة آنفا.





وسنُفرد هذه الأسطر للحديث عن مسألة قد نَغفل عن كثير من تفاصيلها، ونجهل مختلف جُزئياتها، إنها: العِطر ... ذلك السّحر الخفيّ والعالم البهيّ، والعِطْرُ في ما سأسطِّره، اسمٌ جامعٌ لكل أنواع الطِّيب، فيا كريمة الشمائل، هلّمي لتستنشقي عبق الفائدة وتجني ثمار الخير والنفع بإذن الله، وستقودك الرِّحلة في عالم العطور -مجزَّئة إلى أربع محطَّات- إلى:


تعريف العُطور.





العرب والعُطور.





الهدْي النبوي في استعمال الطِّيب.





تطيُّب المرأة: من منظور الشَّرع.





الطِّيب وفق الطبّ الحديث مع بعض الطرق العِلاجية المتعلِّقة بالمرأة.





الأخت العزباء والطِّيب.





أنتِ وزوجُكِ والعطر.





الطَّهارةُ واستخدام المسك.





نصائح وفوائد.





1 - تعريف العُطور:


العِطْرُ لغة اسمٌ جامِعٌ للطِّيب، والجمع عطور وأعطار، وتقول العرب: امرأَة عَطِرةٌ ومِعْطيرٌ ومُعَطَّرة: تتعهّد نفسها بِالطِّيبِ وتُكثر منه، فإِذا كان ذلك من عادتِها، فهي مِعْطار ومِعْطارة[7].





أما اصطلاحا فالعُطور هي الشَّذى الناتج عن الزيوت العِطرية للنباتات ومن العطور التخليقية، وهي قديمة الاستعمال، في حين تُعرف العُطور الحديثة باعتمادها عادة على توليفة من الروائح الطبيعية والتخليقية مع مثبِّتات، وتركَّب هذه المكونات مع الكحول في صناعة العطور المائعة ومع القواعد الدُهنية في كثير من مواد التزيين[8].





وتجهّز العطور من مواد طبيعية سواء نباتية أو حيوانية أو تحضر بمركبات صناعية، ولقد عُرف فنّ العطور عند الشعوب القديمة كالرومان والصينيين وقدماء المصريين واليونان.





همسة: للهِ درُّ امرأة ذكرُها طيّب يفوحُ كنشرِ المندلِ العَطِرِ.





2 - العرب والعُطور:


الطِّيب معروف عند العربي قبل الإسلام وبعده، ومشمومه عند العرب على أنواع، فمنه المسك والعنبر والكافور والعود والندّ، ولشدة اهتمام العرب به، أفردوا لكلّ نوع أسماء بعينها[9]، فقالوا عن المسك: الأناب والصِّوار -القطعة منه- والفأرة والنافجة-ما فيه- واللَّطيمة والفِتاق والشَّذو، وسموا لون المسك الدكنة، لأنه يضرب إلى الغُبرة، والأصهب لأنه يضرب إلى الحُمرة.





وأطلقوا على العود: القُطْر والمندليّ والشَّذا والألُوَّة والألَنْوج واليلَنْجوج والكِباء والمِجمَر والبخور والغار والهضمة والوقص.





يقول عنترة بن شدَّاد واصفا دار عبلة:




قِف بِالدِيارِ وَصِح إِلى بَيداها

فَعَسى الدِيارُ تُجيبُ مَن ناداها




دارٌ يَفوحُ المِسكُ مِن عَرَصاتِها

وَالعودُ وَالنَدُّ الذَكِيُّ جَناها









أما في القرآن الكريم، فورد ذكر المسكِ في وصف أهل الجنة، يقول عز وجل: ﴿ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ [المطففين: 25-26]، فقد خُتم الشَّراب برائحة المسك.





وفي السنة النبوية وردت أحاديث كثيرة ارتبطت معانيها بالطِّيب والرَّائحة الطيّبة الزكيّة، ولا سيّما المسك فَضلا وتفضيلا، فاستحقَّ أن يكون سيِّد أنواع الطِّيب كافّة، فالمسك أطيب الطِّيب كما وصفه عليه الصَّلاة والسلام[10]، وخُلوف فم الصَّائم أطيب من المسك[11].





ويبشِّر الرسول صلى الله عليه وسلم السائرين على نهج الكتاب والسُنَّة، بما أعدّ الله لهم في الجنة من نعيم دائم غير زائل، لا يبلى ولا يفنى، فملاط الجِنان مسك أذفر، وريح حوض النبي عليه أفضل الصلاة والسلام، أطيب من المسك[12]، ومجامر أهلها الألوة، ورشحهم مسك[13]، فأيّ نعيم أعدّ للمتقين وأي فضل خُصَّ به عباد الله المؤمنين!





وللرسول صلى الله عليه وسلم تشبيه بليغُ العبارة جميل الرّصف، في مُصاحبة الأخيار وتجنُّب مرافقة الأشرار، اختار فيه سيّدنا وحبيبنا المصطفى ما يفوح من المسك، وما ينبعث من الكير، فقال عليه الصلاة والسلام:« مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالجَلِيسِ السّوءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ المِسْكِ وَكِيرِ الحَدَّادِ، لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ المِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أَوْ ثَوْبَكَ، أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً»[14]، فصاحب المسك إن لم نبتع منه، فإنه يعطينا روائح طيّبة.





يقول ابن القيم في الطب النبوي: «وفي الطِّيب من الخاصيَّة، أن الملائكة تحبّه والشياطين تنفر عنه، وأحب شيء إلى الشياطين الرائحة المُنتنة الكريهة، فالأرواح الطيّبة تحب الرائحة الطيّبة، والأرواح الخبيثة تحب الرائحة الخبيثة، وكل روح تميل إلى ما يناسبها»[15].





وورد في الأثر عن عمر رضي عنه قال: «لو كنتُ تاجرا ما اخترتُ غير العطر، إن فاتني ربحه لم يفتني ريحه»[16].





والعطر أمرٌ محبوب عند العرب، حتى صار فيهم قول أم جليحة لما أوتي بعشيقها إليها وهو ميّت، فأرسلت قولها: «عطرٌ وريح عمروٍ»[17]، ويضْرب مثلا فِي اجتماع نوعين من المحبوب فِي حالٍ لا يُنتفع معها بهما.





أمّا الشاعر العربي، فعدَّ التعطّر من سمات جمال المرأة، فقال عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص في صبيّة:




هيفاءُ فيها إذا اسْتقبَلْتَها عَجَفٌ

عَجزاءُ غامضةُ الكعبيْنِ مِعطارُ




من الأوانسِ مِثلُ الشمسِ لم يَرَها

بساحةِ الدارِ لا بعلٌ ولا جارُ









ويجعل الرائحة المميّزة في الصِّوار -الذي هو القطعة من المسك- تذكّره بمن يهوى، يقول بشَّار:




إذا نفخَ الصِّوارُ ذكرتُ سُعدى

وأذكرُها إذا لاحَ الصِّوارُ









وارتضى كثيرٌ من الأدباء تسمية مؤلَّفاتهم بما يوحي بالعطر ومستلزماته، فهذا نفحُ الطِّيب من غُصن الأندلس الرَّطيب لشهاب الدين المقري التلمساني، وكذا النفحةُ المِسكيَّة في الرحلة المكيّة لعبد الله بن ناصر الدين البغدادي، وهذا العود الهندي عن أمالي في ديوان الكندي لعبد الرحمن بن عبيد الله السقاف.





كما خُصّصت مُؤلَّفات تفصّل في جزئياتها الحديث عن الطِّيب والتطيّب على شاكلة: المحبّ والمحبوب والمشموم والمشروب للسري الكندي الرفاه.





وقد تسلّل سحر العطور إلى الأدب العالمي فألّف الكاتب الألماني باتريك زوسكيند (Patrick Süskind) روايته الشهيرة (العطر)[18] ، التي تُرجمت لعشرات من اللّغات، وفيها يحكي قصة (غرنويل) مع حاسّة الشمِّ العجيبة ليكشف عن سرّ عشق العطور وما لها من خواص مؤثِّرة في النفس البشرية!





وللحديث بقيَّة - في الجزء الثاني- إن شاء الله.






[1] صحيح مسلم، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1 / 93.





[2] سنن الترمذي، تحقيق: إبراهيم عطوة عوض، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، ط2، 1395 هـ/ 1975م، 5/123، الحديث صحّحه الشيخ الألباني.




[3] ابن قيم الجوزية، الفوائد، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط 2 ، 1393 هـ - 1973 م، 184.




[4] صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ط1، 1422 هـ، 4/188.




[5] سنن أبي داود، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، 4/51، صحَّحه الشيخ الألباني.




[6] ينظر: ازدهار بنت محمود بن صابر المدني، أحكام تجميل النساء في الشريعة الإسلامية، دار الفضيلة، ط 1، 1422 هـ / 2002 م، الرياض، المملكة العربية السعودية، 92 – 117.




[7] ابن منظور، لسان العرب، مادة(عطر).




[8] الموسوعة العربية الميسّرة، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، لبنان، ط3، 2009م، المجلد الرابع، 2255.




[9] ينظر: السري بن أحمد الرفاء المحب والمحبوب والمشموم والمشروب، المحب والمحبوب والمشموم والمشروب، تحقيق: مصباح غلا ونجي، دار النشر: مطبوعات مجمع اللغة العربية، (1407هـ - 1986م)، الباب الرابع والثلاثون، الجزء الثاني ابتداء من ص: 139.




[10] ينظر: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَطْيَبُ طِيبِكُمُ الْمِسْكُ»، سنن أبي داود، صحَّحه الشيخ الألباني، 3 / 200.




[11] ينظر: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ المِسْكِ» صحيح البخاري ، 3/24.




[12] ينظر: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلاَ يَظْمَأُ أَبَدًا»، صحيح البخاري، 8/119.




[13] ينظر: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا، وَلاَ يَمْتَخِطُونَ، وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ، وَرَشْحُهُمُ المِسْكُ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا » صحيح البخاري، 4/118.




[14] صحيح البخاري، 3 / 63.




[15] ينظر: ابن قيِّم الجوزية، الطب النبوي (جزء من كتاب زاد المعاد لابن القيم) دار الهلال، بيروت، 210.




[16] محمد شمس الدين المقدسي الصالحي الحنبلي، الآداب الشرعية والمنح المرعية، عالم الكتب، 3/293.




[17] أبو هلال العسكري، جمهرة الأمثال، دار الفكر، بيروت، 2 / 61.




[18] باتريك زوسكيند (Patrick Süskind) رواية العطر (قصة قاتل) ترجمة د. نبيل الحفار، دار المدى للثقافة والنشر، ط4، 2007 م.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 19-11-2020, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر

لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر (2)
د. شميسة خلوي



تعرَّفنا في الجزء الأول من ((لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر)) على حدود زينة المرأة المسلمة، وتتبعنا مفهوم العطر لغة واصطلاحا، هذا الاسم الجامع لكل أنواع الطِّيب، وأدركنا مكانته عند العربي قبل الإسلام وبعده، وتوقفنا عند بعض المعاني المتعلقة بالطِّيب، ولاسيّما المسك في القرآن الكريم وفي الأحاديث النبوية، وليكن حديثنا في هذا الجزء مركزا على:
الهدْي النبوي في استعمال الطِّيب.

الطِّيب للنساء من منظور الشرع في سؤال وجواب.

1- الهدي النبوي في استعمال الطِّيب:
من رحمة الله بنا أن جعل نبينا المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قدوة لنا في جميع شؤون حياتنا، ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21]، إنه أسوتنا ومثلنا الأعلى، وقدوتنا الطيِّبة، فما كان هديه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الطيب والتطيّب؟

لقد كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب الطِّيب، بل كان من أحبِّ أمور الدنيا إليه، يقول عليه الصلاة وأزكى التسليم: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ»[1].

وكان عليه الصلاة والسلام لا يردّ الطِّيب[2]، ويدعونا لقبوله أيضا، يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ فَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّهُ طَيِّبُ الرِّيحِ، خَفِيفُ الْمَحْمَلِ»[3]، ويرغّبنا فيه، ويدعو المسلم إلى التطيُّب يوم الجمعة أيضا فيقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ»[4]، وكان له عليه الصلاة والسلام سُكّة يتطيّب منها[5]، وقيل في السُكَّة: هي نوعٌ من الطِّيب وقيل أيضا:هي وعاء فيه طيب مجتمع.

وتصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حال إحرامه، وهي ترى أثر المسك على شكل بريق ولمعان مكان فرق الشعر من جبينه عليه الصلاة والسلام، فتقول رضي الله عنها: « كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ، فِي مَفْرِقِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ »[6].

همسة: عطّري فمك بذكر الله.

2- الطِّيب للنساء من منظور الشرع في سؤال وجواب:
اعلمي – حفظكِ الله - أنّ العطر قد رغّب فيه شرعُنا الإسلاميّ الحنيف، وحثّ على التطيّب به للرجل وللمرأة، لكن ينبغي معرفة بعض الأمور الخاصة باستخدام العطر، والوقوف عندها، أوجزَتها لكِ في ثلاثة أسئلة، قد تدور ببالك وأنت تقرئين عن العطر.

ما حكم استعمال العطور المحتوية على الكحول؟
إن الأمر الذي استجدّ في عصرنا هو احتواءُ الكثير من العطور على الكحول، وانتشر استخدامه بنسب متفاوتة في صناعة الروائح العطرية، ممّا يدفعني - وأنا أتحدث عن العطر - أن أُورد لكِ تلخيصا مركّزا مبسَّطا لمختلف الآراء التي تناولت المسألة:
إن المبدأ الذي انطلق منه الفقهاء في وضع آرائهم هو نجاسة الخمر من عدمه، إذ من يقول بنجاسة الخمر يقول بنجاسة الكحول الذي يستخدم في صناعة العطور، ومن ثمة نجاسة العطور المحتوية على الكحول، ومن يقول بعدم نجاسة الخمر يستدعي ذلك عدم نجاسة الكحول الذي يستخدم في صناعة العطور، مما ينبني عليه عدم نجاسة العطور المحتوية على الكحول.

لقد اختلف العُلماء في نجاسة الخمر من طهره، ومن ثمة نجاسة الكحول من عدمه، فكانت مسألة كثرت فيها أقوال أهل العلم، وسأعرض الموقفين ولكِ الاستزادة في تفحُّص المسألة وتبيُّن جميع جوانبها بعدما أبسط لكِ الخطوط العريضة في ما يلي:
من علمائنا من يرى أنّ العطور المحتوية على الكحول محرّم استعمالها لعلّة نجاسة الكحول، ما لم تكن قد استحالت أثناء التصنيع استحالة تامَّة إلى ما لا يُسكِر، فإنها بذلك تطهر، ويترتّب عن هذا ضرورة إزالة العطر من بدنكِ أوثوبكِ إذا أردتِ الصلاة، باعتبار إزالة النجاسة شرطٌ من شروط صحّة الصلاة، وعلى هذا ذهب العلامة الشنقيطي، والشيخ صالح الفوزان وغيرهما.

يقول الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن ما نتيجته أن المسكر الذي عمَّت البلوى اليوم بالتطيُّب به المعروف في اللسان الدارجي بالكولونيا نجس لا تجوز الصلاة به، ويؤيده أن قوله تعالى في المسكر: (فَاجْتَنِبُوهُ)، يقتضي الاجتناب المطلق الذي لا ينتفع معه بشيء من المسكر، وما معه في الآية بوجه من الوجوه، كما قاله القرطبي وغيره[7]، والله أعلم.

وهناك من يرى بأن الخمرة ليست نجسة، وأن العطور المحتوية على كحول طاهرة، وبالتالي لا حاجة لكِ في إزالتها حين الصلاة، كما ذهب إلى ذلك الشيخ ابن عثيمين، وأُورد في ما يلي ما قاله الشيخ في الشرح الممتع على الزاد المستقنع بصورة موجزة:
الصَّحيح: أنها ليست نجسة، والدَّليل على ذلك ما يلي[8]:
حديث أنس رضي الله عنه: «أنَّ الخمرَ لمَّا حُرِّم تخرج النَّاس، وأراقوها في السِّكك»، وطُرقات المسلمين لا يجوز أن تكون مكاناً لإِراقة النَّجاسة، ولهذا يَحرُم على الإِنسان أن يبولَ في الطَّريق، أو يصبَّ فيها النَّجاسة، ولا فرق في ذلك بين أن تكون واسعة أو ضيِّقة كما جاء في الحديث: «اتقوا اللعَّانَين»، قالوا: وما اللعَّانَان يا رسول الله؟ قال: «الذي يَتَخَلَّى في طريق النَّاس أو في ظلِّهم».

ولما حُرِّمت الخمر لم يؤمر المسلمون بِغَسْل الأواني بعد إِراقتها، ولو كانت نجسة لأُمروا بغسلها، كما أُمروا بغسل الأواني من لحوم الحُمُر الأهليَّة حين حُرِّمت في غزوة خيبر.

وكذا ما رواه مسلم أن رجلاً جاء براوية خمر فأهداها للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم فقال: «أما علمتَ أنَّها حُرِّمت؟» فَسَارَّه رجلٌ أنْ بِعْها، فقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «بِمَ سارَرْتَهُ؟»، قال: أمَرْتُهُ ببيعِهَا، فقال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «إِن الذي حَرَّمَ شُرْبَها حَرَّمَ بَيْعَها»، ففتح الرجلُ المزادة حتى ذهب ما فيها، وهذا بحضرة النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، ولم يَقُلْ له: اغْسلِها، وهذا بعد التَّحريم بلا ريب.

وأنَّ الأصل الطَّهارة حتى يقوم دليل النَّجاسة، ولا دليل هنا، ولا يلزم من التحريم النجاسة، بدليل أن السُمَّ حرام وليس بنجس.

إلى أن قال رحمه الله: فإن قيل كيف تخالف الجمهور قُلنا: بأن الله تعالى أمر عند التَّنازع بالرُّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة، دون اعتبار الكثرة من أحد الجانبين، وبالرُّجوع إلى الكتاب والسُّنَّة يتبيَّن للمتأمِّل أنه لا دليل فيهما على نجاسة الخمر نجاسة حسيَّة، وإِذا لم يَقُم دليل على ذلك فالأصل الطَّهارة، على أننا بيَّنَّا من الأدلَّة ما يَدُلُّ على طهارته الطَّهارة الحسيَّة.

إذن، لقد بُحثت المسألة من مختلف أوجُهها، وما ذكرناه كان تلخيصا لما ورد، ولعلّ كتاب (لُباب النُّقول في طهارة العُطور الممزوجة بالكحول)[9] قد استوفى – على ما اتّضح لي - جوانب المسألة، فقد حاول فيه كاتبه عيسى بن عبدالله الحميري مناقشة المسألة من جميع جوانبها، وعالجها بأسلوب علميّ قائم على النصوص الشرعية والأدلة العلمية ورحلة ميدانية قادَته لمصانع إنتاج العطور بأوروبا.

وقد أقرّ في خلاصة بحثه أن الكحول مادة موجودة في أغلب المواد بطبيعتها وبنسب متفاوتة، والكحول المستعمل في العطور والكولونيات إنما هو الكحول النقيّ المستخلص عن طرق كيميائية – الكحول الإيثيلي - وليس الكحول المستخرج من الخمر، أما الكحولات الأخرى فمحظور استخدامها في المنتجات المخصَّصة للاستعمال الآدمي، وتدخل بصورة رئيسة كمحلول في صناعة البلاستيك والمواد الكيميائية الأخرى، كما لا يؤثر هذا الكحول على الجلد بل يُظهر الشذى والروائح العطرة في الجسم، والعجينة التي يستخلص منها الكحول في المصانع ليست لها شدّة مطربة، وأنَّ نجاسة الخمر معنوية لا حسيّة، والراجح وُرود كلمة رجس في قوله تعالى:﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90]، هو الرجس المعنوي وذلك للزَّجر والتغليظ وليس المـُراد النجاسة الحسيّة كما قد يُظنُّ من الآية القرآنية، والإسكار ليس علّة للنجاسة، وأوْرد الأدلّة على ذلك، وأخيرا خلص إلى طهارة العطور الممزوجة بالكحول، والأمور بمقاصدها،والله أعلم.

همسة: عفّتك عطر لا يفنيه الدّهر.

ما حكم استخدامكِ للعطور في يوم صومك؟
من أهل العلم من يقول بأن العطور أثناء الصيام لا تُفطر، يقول الشيخ ابن باز في سؤال وُجّه إليه عن حكم استعمال الطِّيب كدهن العود والكولونيا والبخور في نهار رمضان[10]: نعم، يجوزُ استعماله بشرط ألا يُستنشق البخور.

همسة: عطّري فمك بالصلاة على رسول الله.

ماذا لو تعطَّرت المرأة وخرجت من بيتها؟
إن من الظواهر التي غزت مجتمعاتنا المسلمة، تطيّب المرأة بأغلى العطور الفوّاحة وخروجها من منزلها قاصدة الجامعة أو العمل أو الزيارة أو السوق، بل وحتى المسجد أحيانا، فيَشُمُّ رائحتَها القاصي والداني، متناسية قول الحبيب المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ بِقَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ»[11]، وليس التعطّر في الحديث زنى بالمعنى الذي يتبادر إلى الأذهان لأول وهلة، فالزنا يكون بالعين، وزنا العينين النظر، يقول المناوي في فيض القدير شارحا الحديث: « إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس فقد هيّجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها فكل من ينظر إليها فقد زنى بعينه ويحصل لها إثم لأنها حملته على النظر إليها وشوّشت قلبه، فإذنه يسبب زناه بالعين فهي أيضا زانية »[12].

على أن هناك اختلاف بين العلماء في جواز تطيب المرأة وخروجها إذا لم تتقصّد إغواء الرجال وفتنتهم، ويؤكّده ما رَوته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في قولها: «كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَإِذَا عَرِقَتْ إِحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا فَيَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَنْهَاهَا»[13].

وفي الحالتين، سواء أكان منهيّ عنه أم محفوف بالمحاذير بعدم المرور على جمع من الرجال، أقول: كيف تُطاوعكِ نفسك وتأتين أمرا قد يكون سببا في إغواء الرجال بأن يجدوا ريحك الطيِّبة، من حيث تقصدين أو لا تقصدين، خصوصا في المجتمعات المُسلمة التي ابتليت بالاختلاط، حيث يستحيل الفصل التّام بين الجنسين؟! فالأوْلى اجتناب المفسدة وسدُّ باب الفتنة وإن كانت متوقعة لا حاصلة جزما.

وروى مسلم في صحيحه أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ»[14]، بمعنى أن المرأة إذا استعملت الطِّيب، فليس عليها أن تحضر الصلاة مع الرجال.

وعن أبي هريرة، قال: لَقِيَتْهُ امْرَأَةٌ وَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الطِّيبِ يَنْفَحُ، وَلِذَيْلِهَا إِعْصَارٌ، فَقَالَ: يَا أَمَةَ الْجَبَّارِ، جِئْتِ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: وَلَهُ تَطَيَّبْتِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ حِبِّي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ لِامْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِهَذَا الْمَسْجِدِ، حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنَ الجَنَابَة»[15]، فإذا كانت المرأة تمنع من أن تتطيّب أو تصيب بخورا وهي قاصدة بيوت الله، فالمنع في غيرها من باب أولى.

فانظري أخيتي لكل ما سبق بعين البصيرة، ولا تكوني سببا في تحريك الشهوات والوقوع في الفحشاء، بتطيّبك خارج البيت.

ونأتي للمرأة التي توفي عنها زوجها، فلتعلمي أخية إن التطيُّب من المحظورات التي يجب على الحادَّة اجتنابها، فقد ثبت عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله: «لَا تُحِدُّ امْرَأَةٌ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَمَسُّ طِيبًا، إِلَّا إِذَا طَهُرَتْ، نُبْذَةً مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ»[16]، فالمستثنى هنا في مسِّ الطِّيب للحادة هو استعمال ما يلزم عند الطهر فقط.

وقالت زينب رضي الله عنها: «دخلتُ على أم حبيبة، زوج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب، فدَعَت أم حبيبة بطيب فيه صُفرة، خَلوق أو غيره، فدَهَنت منه جارية ثم مسَّت بعارِضَيها، ثم قالت: والله ما لي بالطِّيب من حاجة غير أنيس مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: «لاَ يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا»[17].

وللحديث بقيَّة - في الجزء الثالث- إن شاء الله.


[1] السنن الصغرى للنَّسائي، 7/61 (الحديث حسَّنه الشيخ الألباني).

[2] صحيح البخاري، 3/157.

[3] سنن أبي داود، 4/78 (الحديث صحّحه الشيخ الألباني).

[4] صحيح مسلم، 2/581.

[5] عن أنس بن مالك قال: «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُكَّةٌ يَتَطَيَّبُ مِنْهَا»، ينظر: سنن أبي داوود، 4/76، (الحديث صحّحه الشيخ الألباني).

[6] صحيح البخاري، 1/62.

[7] ينظر: محمد الأمين الشنقيطي، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1415 هـ، 1995 م، 428.

[8] ينظر: محمد بن صالح بن محمد العثيمين، الشرح الممتع على زاد المستقنع، ط1 ، 1422 - 1428 هـ، بدءً من 1/427، فتاوى نور على الدرب: الطهارة، إجابة عن السؤال: هل يجوز للمسلم أن يتعطر بالعطر الذي فيه مادة الكحول؟

[9] ينظر: عيسى بن عبدالله بن محمد بن مانع الحميري، لُباب النُّقول في طهارة العُطور الممزوجة بالكحول، ط1، 1995م، دار القلم للنشر والتوزيع (والكتاب قرَّظه مجموعة من العلماء وأثنوا عليه).
ووقفتُ عند أبحاث أخرى خرج أصحابها بنفس النتيجة السابقة، من ذلك: الدكتور محمد علي البار، الكحول والمخدرات والمنبهات في الغذاء والدواء، مجلة الفقه الإسلامي، العدد: 13، 361-364.

[10] ينظر: الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وينظر أيضا: محمد بن عبدالعزيز بن عبدالله المسند، فتاوى إسلامية للمشايخ: عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ومحمد بن صالح بن محمد العثيمين وعبدالله بن عبدالرحمن الجبرين، إضافة إلى اللجنة الدائمة، وقرارات المجمع الفقهي، دار الوطن للنشر، الرياض،ط2، 1413 هـ، 2/128.

[11] مسند الإمام أحمد بن حنبل، 32 / 483.

[12] المناوي، فيض القدير شرح الجامع الصغير، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، ط 1، 1356 هـ، 5 / 27.

[13] سنن أبي داود، 2/ 166 (الحديث صحَّحه الشيخ الألباني).

[14] صحيح مسلم، 1 / 328 .

[15] قَالَ أَبُو دَاوُدَ: «الْإِعْصَارُ غُبَارٌ»، سنن أبي داود، 4/ 79 (الحديث صحّحه الشيخ الألباني).

[16] صحيح مسلم، 2/1127.

[17] صحيح البخاري، 7/59 وصحيح مسلم، 2/1123.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 19-11-2020, 04:18 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر

لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر (3)
د. شميسة خلوي





تحدثنا في الجزء السابق من "لمسات السّحرِ في ما قيل عن الروائح والعطر" عن الهدي النبوي في استعمال الطِّيب، ثم الطِّيب للنساء من منظور الشرع في سؤال وجواب، فما رأيكِ يا أخيَّة، لو ترافقينني في جولة عطرة لنتعرَّف هذه المرة على:


استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك.





أنتِ وزوجكِ والعطر.





1- استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك:


وجب على المسلمة الغسل بعد انقطاع الحيض، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفاطمة بنت أبي حبيش: «إِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلاَةَ وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي»[1]، بل وأوصى باستعمال فرصة من مسك للتطهُّر، وفي ما يلي إطلالة على هذا الهدي النبوي:


روى البخاري في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها: « أنَّ امرأةً سَألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن غُسلها من المحيض، فأمرها كيف تغتسل، قال: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا» قالت: كيف أتطهَّر؟ قال: «تَطَهَّرِي بِهَا»، قالت: كيف؟ قال: «سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي» فاجْتَبَذْتُهَا إلَيَّ، فقُلتُ: تَتَبَّعِي بها أَثَرَ الدَّمِ»[2].





ويُذكر أن الفرصة هي قطعة من صوف أو قطن، وأمّا (تتبعي بها أثر الدم) أي:نظّفي بها ما بقي من الدم بتتبع أثره بقطعة من قطن عليها مسك.





يقول النووي في شرحه على مسلم موضِّحا استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك: «مستحبٌّ لكل مغتسلة من الحيض أو النفاس سواء ذات الزوج وغيرها وتستعمله بعد الغسل فإن لم تجد مسكا فتستعمل أي طيب وجدت، فإن لم تجد طيبا استحبَّ لها استعمال طين أو نحوه مما يزيل الكراهة -نص عليه أصحابنا- فإن لم تجد شيئا من هذا فالماء كاف لها، لكن إن تركت التطيُّب مع التمكُّن منه كُره لها، وإن لم تتمكَّن فلا كراهة في حقِّها والله أعلم[3].





وليس استخدام المسك عند الطهر تطييبا للمحل ودفعا للرائحة الكريهة فحسب، بل أثبتت بعض الدراسات الحديثة أن للمسك فعالية في علاج بعض الأمراض الجلدية والتناسلية للإنسان والحيوان المتسببة عن الأحياء الدقيقة الممرضة.





تقول الدكتورة آمنة علي ناصر صديق في بحث قدمته لمؤتمر الإعجاز العلمي بالكويت عام 2006م: «إنَّ الأحياء المجهرية الممرضة تكثر أعدادها في فترة الحيض وقد أظهرت هذه الدراسة تأثير المسك في القضاء على هذه الميكروبات الممرضة وكانت النتيجة ايجابية بدرجة كبيرة»[4].





وتُشير الباحثة أيضا لدراسات أخرى تصبُّ في نفس الاتجاه، فتقول: إن التطهُّر بالمسك لاقتفاء أثر الدم يزيل الجراثيم الضارة بالإضافة إلى أنه يهيئ الظروف الطبيعية لتواجد عصوبات دودرلين التي تكبل نمو الجراثيم الضارة ويقف نشاطها ويحول دون تكاثرها، علاوة على أنها تحوِّل السكر إلى حمض اللبنيك وهو القاتل للجراثيم الضارة خاصة إذا ما اتبعت السنة النبوية الشريفة في التطهُّر بالمسك فهو فضلا عن طيب رائحته قاتل للجراثيم[5].





2- أنتِ وزوجكِ والعطر:


يا أخيّتي الحبيبة، لقد أودع الخالق فيكِ جمالا مكنونا وجاذبية لا تُقاوَم، فقال في محكم تنزيله ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ ﴾ [آل عمران: 14]، وجعل بذلك نفْس الرجل ميّالة لكِ مستأنسة بكِ، ورغّب في الزواج وجعله سبيلا للعفّة وتنظيم العلاقة بين الجنسين، وسدّا منيعا أمام سيل الانحرافات والفتن وما أكثرها!





اعلمي -يرحمك الله- أن الإسلام قد رغّب في الزواج لما يترتَّب عليه من آثار على الأفراد والجماعات على حد سواء، يقول عز وجلّ وهو أصدق القائلين: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، وتتعدّد الحكمة من الزواج فهو فطرة إلهية وسُنّة نبوية ووسيلة لاستمرار الحياة بتكثير النسل والحفاظ على الجنس البشري، وهو أيضا يحفظ الإنسان من الزنا والوقوع في الفاحشة والرذيلة، وذلك بإرواء الغريزة الجنسية وإشباعها.





إن الزوجة الحصيفة الذكية تحاولُ جاهدة إرضاء زوجها، وتحرص على وسامتها وجمالها وإبراز محاسنها ومفاتنها أمام بعلها.





فما محلّ حديثنا عن الطّيب من إرواء هذه الغرائز الطبيعية في الإنسان؟






إنّكِ -يا رعاكِ الله- تحتاجين لمهارة التزيّن والتجمُّل أمام زوجك بالملبس الحسن ونظافة الجسم، وإن تطيّبك يعدّ من أقوى الأسباب التي توجب الألفة والمحبة بينكِ وبين زوجك، فلتعلمي أن اختيارك للعطر في حدّ ذاته فنٌّ وذوق، مثلما تختارين ملابسك وحليّك وما تتزيّنين به، والأوْلى أن تُشركي زوجك في انتقاء العطر، وأن تحافظي على أفضل عطر تشعرين برغبة زوجك به، فالزوج يحبُّ هذا النوع من العطر أو ذاك، ويتحسَّس الروائح الطيّبة يا طيّبة.





لقد أثبتت الدراسات الحديثة[6] مدى تأثير الروائح والزيوت العطرية في الإثارة والنشاط الجنسيين وترسيخهما، وفي منح الجاذبية التي لن يقاومها الزوج، فلا بدَّ أن تعلمي -أختي في الله- أن المهارة الحِسّية أثناء قُربك من زوجك هي من أهم الطرق التي تكسبينه بها، فحياتك الحميمية مع زوجك مبنية على بعض الركائز، وإحساسُ الشمّ أحدها.





إذْ بعد أن يتمّ التقاط الروائح عبر عضو الشم، تعمل الإشارات الكهربية على إيداع جانب من دلالتها في القسم الشمي من المخ وتلك البيانات لا تبقى في أعالي الإدراك خاملة جامدة، بل تحوّل إلى رد فعل ايجابي يوثّق علاقتك بزوجك.





ومن ثمة، فلتعزيز الشعور الرومنسي عند الشريكين ليس أفضل من سحر العطور الأخّاذ، إضافة إلى الزيوت الأساسية الطبيعية ذات الروائح العطرية الأخّاذة، والتي تُستعمل باعتدال وحرص شديد.





ولقد تفطّنت نساءُ العرب إلى هذا الأمر، إذ حكَت العرب[7] أنه بلغ الحارِث بن عَمْرو الكِنْديّ عَن بنت عَوْف بن الكِنْديّ -وهو الذِي يُقال فيه لا أحد يشبه عوفاً جمالا- فطلبها من أبيها، ولمَّا حَان أَن تحمل إليه، دخلت إليها أمّها أمامة لتوصيها فقالت: «يَا بنيَّة إِن الوصيّة لو ترُكت لعقل أو أدب أَو مكرمة وحسب، لتُركت لكِ، ولكن الوصيَّة تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل» ثم وصّت ابنتها بالتزام عشر خِصال والحفاظ عليها، فكان ممّا قالته: احفظي مني عشر خِصال تكن لكِ ذِكرا، أما الأولى والثَّانية والثَّالثة وَالرَّابعة فلا تقع عيناهُ منكِ على قبيح ولا يشمّ أَنفه منكِ إِلَّا أطيب ريح، واعلمي أنّ الماء أطيب الطّيب المفقود وأنّ الكحل أحسن الحسن الموجود»، فانظري -يا رعاكِ الله- كيف قدّمت الأم وصيّة مُراعاة الزوج في أمر التطيّب، على ثمانية من الوصايا!





وقالت العرب في أمثالها: «لا عِطْرَ بعد عَرُوس، لا مَخْبَأَ لِعِطْرٍ بَعْدَ عَرُوسٍ »[8]، ويُضرب هذا المثل لمن لا يُدَّخَرُ عنه نَفيس، ولم تختر العرب لا الحليّ ولا الخِضاب ولا أنواع الزينة الأخرى، بل كان العطرُ هو أهمّ ما يميّز العروس.





وفي عصرنا استُحدث علم جديد يُعنى بدراسة تأثير الروائح على نفسية الإنسان وعواطفه وسلوكه، وهو ما يُسمّى بـ (Aromachologie/ Aromachology).





فلتلتفتي أختي الحبيبة للطِّيب وأهميته في حياتكِ، وبهذا تُعينين زوجك على غضِّ بصره وصرف فكره عن غيرك، خصوصا مع ما نراه من مُغريات عبر المجلاّت والفضائيات، وكثرة الفواحش والمنكرات، فما حولكِ أخيّتي يعجّ بكل أنواع المفاتن التي تهيّج المخدّر من المشاعر، فحاولي أن تهيّئي لزوجك أسباب الرّاحة، فيصير اللِّقاء بإلفك ماتعا، فيه كثير من الأنس والروائح الطيّبة يا فاضلة!





ولتعلم الفتاة المسلمة التي لم تلتحق بعد بعش الزوجية، أن الشرع أباح لها التزيّن بين أهلها وبين النساء من حولها، إذْ لم يثبت نهيٌ عن ذلك للمرأة غير المتزوجة[9]، والزينة اسم شامل، بما في ذلك الطيّب، بل هو يُكمّل الزينة ويحقِّقها في أسمى درجاتها.





وللحديث بقيَّة -في الجزء الرابع- إن شاء الله.






[1] صحيح البخاري،1/71.




[2] صحيح البخاري،1/70، وورد في صحيح مسلم: « أن أسماء سألت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن غُسل المحيض؟ فقال: «تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكًا شَدِيدًا حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا الْمَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا» فقالت أسماء: وكيف تطهَّرُ بها؟ فقال: «سُبْحَانَ اللهِ، تَطَهَّرِينَ بِهَا» فقالت عائشة: كَأَنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ تَتَبَّعِينَ أَثَرَ الدَّمِ» صحيح مسلم، 1/261.



[3] النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط2، 1392، 4/14.



[4] آمنة علي ناصر صديق، صور من الإعجاز العلمي لاستخدام المسك كمضاد حيوي للفطريات والخمائر المسببة لبعض الأمراض للإنسان والحيوان والنبات، مؤتمر الإعجاز العلمي بالكويت عام 2006م، مجلة الوعي الإسلامي، الكويت (مجلة الكترونية تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية).



[5] آمنة علي ناصر صديق، صور من الإعجاز العلمي لاستخدام المسك كمضاد حيوي للفطريات والخمائر المسببة لبعض الأمراض للإنسان والحيوان والنبات.



[6] يراجع في هذا الباب:
أحمد توفيق حجازي، موسوعة العطور والعناية بالجمال (رائحة زكية، علاج، وقاية، جمال فاتن) دار أسامة للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 2000م، 40.
بيت فرون، بالاشتراك مع: أنطوان فان أمرو نغين وهانر دي فرايز، الرائحة أبجدية الإغواء الغامضة، ط1، كلمة، أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، 1413 هـ / 2010 م، 209، 223،226.
وداد لوتاه، سري للغاية، المعاشرة الزوجية : أصول وآداب، 125.
- Jean Ann Graham ,The psychology of fragrance and aromatherapy , Poucher's Perfumes, Cosmetics and Soaps , Hilda Butler , Editor and Consultant to the Cosmetic Industry , KLUWER ACADEMIC PUBLISHERS DORDRECHT / BOSTON / LONDON , 749.



[7] ينظر :أبو هلال العسكري، جمهرة الأمثال، دار الفكر، بيروت، لبنان، 1 / 572.



[8] ورد أكثر من مورد لهذا المثل من ذلك أن رجلا تزوج امرأة، فأهديت إليه، فوجدها تَفِلة، فقال لها: أين الطيب؟ فقالت: خبأته، فقال لها لا مخبأ لعطر بعد عروس، فذهبت مثَلاً، ينظر: الميداني، مجمع الأمثال، تحقيق: محمد محيى الدين عبد الحميد، دار المعرفة، بيروت، لبنان، 2 / 211.



[9] ينظر: فتاوى على الدرب لفضيلة الشيخ ابن باز يرحمه الله، إجابة على سؤال: (هل للفتاة غير المتزوجة أن تتزيَّن وتضع على وجهها المكياج إذا كانت لا تخرج ولا تُقابل الرجال الأجانب؟).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 19-11-2020, 04:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر

لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر (4)
د. شميسة خلوي



قادتنا الرحلة – يا أخيّة - في عالم العطور في جزئها الثالث إلى الحديث عن استحباب استعمال المسك للطَّهارة، ثم تحدَّثنا عن أهمية العطور في الحياة الزوجية، فلنستكمل حديثنا مع لمسة جديدة أفردتها للحديث عن الطِّيب من منظور الطبّ الحديث، مع بعض الطرق العلاجية.

إن سلامة البدن وعافيته نعمة من المولى يمن بها على عباده، ولأن الدنيا تتقلب بين الضدين، فإننا ننعم بحلاوة العافية حينا ونتذوَّق مرارة الألم والمرض حينا آخر، ومن هنا جاء الطب الوقائي والعلاجي، فهل للعطور والزيوت العطرية نصيب في حديثنا عن الدَّاء والدَّواء؟

لقد جاء الطب الحديث ليفصح عمّ للروائح من فوائد طبيّة من خلال ما يُطلق عليه بـ (طب الرَّوائح) أو (aromathérapie / Aromatherapy)ـ[1]، والذي يعدّ أحد طرق الطبّ البديل، وفيه يتمُّ استخدام الزيوت العطرية أو الأساسية (essential oils /huiles essentielles) المستخلصة من النباتات في العلاج.

وقام بعضُ الكيميائيين بتطوير هذا التخصُص من العلوم في عصرنا، وحثّوا على استخدام الزيوت العطرية في مستحضرات التجميل والتدليك من أمثال الكيميائي الفرنسي ريني موريس جاتفوس (Rene-Maurice Gattefosse) مؤلف كتاب (aromathérapie) والكيمائي روبرت تايسرند (Robert Tisserand) الذي صنَّف كتابه (The Art of Aromatherapy)ـ[2]، وتوالت الدراسات والتجارب، حتى أضحى علما متفرِّدا يطوَّر ويدرَّس.

والزيوت العطرية هي زيوت طبيعية تُستخلص من بعض النباتات والزهور، تفيد في بعض الوصفات العلاجية والتجميلية بطرق مختلفة -بناء على نوع الشكوى المرضية- كالاستنشاق والتدليك، وحمّامات للجسم بإضافة أنواع مخصّصة من الزيوت إلى ماء الاستحمام، وكذا استخدامها مع الماء برشِّها في الغرفة، أو تناولها بالفم، فيُنتفع بمكوِّناتها وعطرها، وإليكِ بعض الفوائد التي تهمّك عزيزتي:
هل تعلمين أخيّتي أن الأرق يمكن أن تتغلبي عليه بالزيوت العطرية؟ وهل بلغكِ أيضا أن الطب البديل قد وفّر لكِ الحلّ للتخلّص من أعراض أوجاع ما قبل الطمث، وبنفس الطريقة؟ وأن استخدام الزيوت العطرية أيضا يُساهم في التخلُّص من علامات الشدّ في جسمك؟

يقول المختصون في مجال الطب البديل والصيدلة[3]، إن الزيوت العطرية للبابونج والنارولي والخزامى والورد تمتاز كلها بخصائص تُساعد على الاسترخاء قبل التوجّه إلى السرير، لذلك أضيفي بضع قطرات من أحد هذه الزيوت إلى حمّام دافئ لتنعمي بنوم هادئ بعد ذلك، أو ضعي بضع نقط من أحد الزيوت المذكورة أو من زيت ريحان اللّيمون على المنديل، واستنشقي رائحته المهدّئة، فهذا من شأنه أن يحفّزكِ على الاسترخاء، ويساعدكِ على النوم.

وفي حالة آلام ما قبل الطمث[4]، ضعي قطرة من الزيت العطري للبابونجالروماني على منديل أو أضيفي بضعة قطرات من الزيوت العطرية للجيرانيوم، واستنشقي الرائحة.

أما في حالة انزعاجك من علامات الشدّ في جسمك (vergetures / stretch marks) بسبب زيادة وزنك أو بسبب الولادة، فما عليكِ إلا تدليك المنطقة وقائيا –قبل الوضع أو لأجل إخفاء هذه الخطوط الموجودة أصلا- بعطر زيتي مثل زيت جنين القمح أو زيت اللوز أو زيت الجوجوبا[5]، لكن نشير إلى أن التدليك يكون بطريقة معيّنة يصفها المختصُّون، لتكون النتائج ايجابية ومُرضية.

وللحديث بقيَّة -في الجزء الخامس- إن شاء الله.


[1] لهذا الفرع من الطبّ جذور ضاربة في القدم، فقبل مئات السنين قبل الميلاد، تنبَّه له المصريون والصينيون واليونان والعرب أيضا، ينظر على سبيل المثال:
J. Gordon Melton,encyclopedia of occultism and parapsychology, Gale Group Staff,2001,( Aromatherapy) , 88.

[2] Nia Jenkins , aromatherapy in essence , Edition Published 2006 , British Library Edition Published, 04 - J. Gordon Melton,encyclopedia of occultism and parapsychology,88.

[3] ينظر: أيمن الحسيني، موسوعة الطب الشعبي والعلاج البديل، دار الطلائع للنشر والتوزيع والتصدير، القاهرة، مصر، 191.
ومجلة الطب البديل، الاتحاد العالمي للطب البديل والتكميلي، 07.
-World Federation of Alternative and Complementary Medicine-

[4] ينظر: مجلة الطب البديل، الاتحاد العالمي للطب البديل والتكميلي، 09.

[5] ينظر: أيمن الحسيني، فن التدليك والماساج، 54.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19-11-2020, 04:20 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي رد: لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر

لمسات السحر في ما قيل عن الروائح والعطر (5)
د. شميسة خلوي





لمسات نثرتها أمامكِ يا أخيَّة، نستكملها في هذا الجزء الخامس لنتوقّف عند آخر محطَّة من ((لمسات السّحرِ في ما قيل عن الروائح والعطر)) جمعتُ لكِ فيها نصائحُ وفوائد هامّة تتعلّق بكيفية التعامل مع العطور والبخور شراءً وعنايةً وتجمُّلاً، موثوقٌ من صحّتها انتقيتُها لكِ معطرّة بالورد، عطّر الله حياتكِ بكل خير:
الأفضل أن تختاري نوعا واحدا من العُطور في مختلف منتجاتها والتي تحمل ذات الرائحة، فاختاري طقما كاملا من نفس النوع بحيث يكون العطر وملحقاته متكاملا: زجاجة العطر والصابون وغاسول الاستحمام وهُلام الاستحمام، وغير ذلك، وفي حالة عدم توفّرها قومي بإضافة بضع قطرات من عطرك المفضل إلى كمية صغيرة من المستحضر الأساسي الخالي من أية رائحة.

يُحفظ العطر في مكان بعيد عن الحرارة المرتفعة والضوء الشديد ليُحافظ على خواصه ولونه.

لا تتعطّري بنوعين من العطر في نفس الوقت، لأن هذا يتسبّب في نُشوء رائحة جديدة لا هي من العطر الأوّل ولا هي من الثاني.

عند استخدامك للعطور المركّزة، عليكِ بكميّات قليلة منها، وبأماكن محدّدة من جسمك، خلف الأذنين وعند الرسغ مثلا، بخلاف العطور العادية التي تُرشُّ على جميع البدن عُموما.

عند استخدامك للعطر أوّل مرّة، أنصحُكِ بتجربته على منطقة صغيرة من جلدك، بغرض التأكد أنّه لا يسبّب لكِ أعراض حساسيَّة، وذلك برشِّ القليل على المعصم أو الكوع من الداخل أو على ظهر اليد وسيظهر ردّ الفعل.

اعلمي -أختي الحبيبة- أن العطور تكون أكثر فعالية إذا رُشّت على مناطق النبض من جسمك (Pulse Points-les points de pulsation) على المعصمين أو المرفقين أو خلف شحمة الأذن، أو خلف الركبتين أو حتى عند قاعدة العنق، وتجنَّبي وضعها تحت الإبطين.

يمكنك رشُّ مشط شعرك -بالقليل فقط- من عطرك المفضّل لتنتعش خصلات شعرك برائحتك العطِرة، على أن لا تُكثري ولا تسرفي في الأمر.

لا ترُشّي العطور على الملابس عُموما وخصوصا المصنوعة من الحرير، وإن أردتِ تعطير ملابسك فلا ترشي العطر بشكل مباشر عليها، بل ضعيها على السرير مثلا، ورُشّي العطر من أعلى وعلى بعد مسافة كافية، وحينها سيتساقط رذاذ العطر وفي نفس الوقت تتفادين اتّساخ الملابس ببقع الزيت العطري الذي يحويه العطر، ويمكنكِ أيضا ترك قارورة العطر الفارغة مفتوحة داخل خزانة ملابسكِ لتنشر عبقها بين طيّات الملابس على رفوف الخزانة.

حاولي أن لا تلمس أصابعكِ فوهة زجاجة العطر مُباشرة، تجنُّبا لدخول أيّ من الكريمات أو الزيوت التي من المحتمل وجودها بيديكِ، لأن هذا من شأنه أن يؤثر على مكوّنات العطر، وحاولي ما أمكن شراء زجاجات عطر بها بخّاخ ليتسنّى لكِ رشّه بسهولة، أما في حالة شرائك لزجاجة عطر من غير بخّاخ فاستخدمي قطعة قطن لوضع العطر.

عند وضع عطرك المفضَّل، ابدئي بكميَّة قليلة وانتظري حتى يتبيَّن لكِ مفعوله، فلعلّ الكميّة كافية، وإنْ لم تكن كذلك، أضيفي رشّة أخرى، وهذا أفضل من إغراق نفسك في جو من العِطر فوق اللّزوم لأنك ستحتارين حينها في كيفية التخلُّص منه، فتذكَّري: إذا زاد العطر عن حدِّه انقلب إلى سحابة تزعج من حولك!

عند شرائك للعطر لا تجرّبي أكثر من ثلاثة أنواع من العطور في المرّة الواحدة، فبعد شمّ النوع الثالث لن تعودي قادرةً على التمييز بين الرَّوائح، وفي حالة اضطرارك للشراء أنصحُكِ بشمّ حبوب من القهوة بعد شمّ العطر الأول للانتقال لشمِّ العطر الموالي.

تأكدّي من تاريخ صنع العطر المطبوع على الزجاجة.

تجنبي وضع العطور بجانب الموقد.

عندما تَوَدّين وضع عطرك، ابدئي بالرشّ من الأسفل إلى الأعلى وليس العكس، لأن العطر ينتشر بهذا الاتجاه.

إن الروائح تتغيَّر خواصها ودرجة تأثيرها بحسب درجات الحرارة المتفاوتة من فصل لآخر، لذلك حاولي تغيير أنواع عطورك مع تغيّر الفصول.

لا تستخدمي العطر بالقرب من مجوهراتك، تفاديا لتغيّر لون الطبقة الخارجية منها، لذلك أنصحُكِ بوضع عطرك ثم لبس مجوهراتكِ.

لا تضعي –أختي الحبيبة- عطرك فور انتهائك من الاستحمام، لأن الطبقة التي تحمي جلدك تكون قد تعرّت جرّاء الماء والصابون والحرارة، لذلك يُفضّل التأني لوقت استعادة بشرتك لتوازنها، وهذا مفيد أيضا لتثبيت العطر مدَّة أطول.

إن أردتِ أن يدوم عطرك ويبقى مدّة أطول فلا تكتفي بالعطر وحده، بل استخدمي ملحقاته واجعليه هو أخيرا.

اعلمي أخيّتي أن بقاء عطرك لمدة أطول مبني على نوع بشرتك بنسبة كبيرة، فالأشخاص ذوي البشرة الدُهنية يحتفظون بالعطر أطول من أصحاب البشرة الجافّة، لأن الزيت يحافظ على العطر ويؤدّي إلى إطلاق رائحته فور اختلاط زيوت الجسم مع الزيت الموجود في العطر، بينما يميلُ العطر للتبخُّر فورا عند أصحاب البشرة الجافة، لذلك أنصحكِ أن تضعي العطر على المناطق الدُهنية من جسمك،كما أنّ الشقراوات ذوات البشرة الفاتحة لا يثبت العطر لديهن بصورة جيّدة أيضا، في هذه الحالة عليكِ أن تُكرّري وضع العطر.

يُرشُّ العطر على مسافة شبر تقريبا.

يتم إعادة رش العطر كل أربع ساعات أو ست ساعات.

ما يروقكِ قد لا يروق غيرك، وما يستهوي غيرك قد لا يستهويكِ، ونفس القاعدة تُطبَّق على العطور، إذ ليس عليكِ أن تشتري عطرا لمجرد سماعك عنه، بل تأكدي من رغبتك برائحته، وذلك بشمِّ عيِّنات منه.

قومي بتبخير غرفة نومك أو أيّة غرفة تودّين أن تظهر برائحة طيّبة، بأي نوع من البخور الذي تحبِّينه، فذلك يمنح المكان جوّا لطيفا ومميّزا، وهذا بعد أن تُنظّفي المكان جيّدا، كما عليكِ إغلاقُ الأبواب والنوافذ حتى يتمّ حبسُ رائحة البخور والتصاقها بأثاث الغرفة لفترة أطول، وبطريقة أفضل.

والآن... وقد أنهيتُ الرحلة لعالم العطور السّاحر، دعيني أهمس لكِ:
جمالَ الروح جمالَ الروح يا بنت الإسلام، فذلك الذي يميّزك عن غيرك ويُضفي عليك لمسة لن تزول بزوال رائحة أغلى العطور وأزكاها، يا من كرّمكِ الله ورفع قدركِ ومنزلتكِ، أيَّتها الجوهرة المكنونة والدرةُ المصونة، إنَّ صلاحكِ كالورد يفتق بالمسك ويعطّر حياتك سموّا ورِفعة، وطاعتك لوالديكِ كالزَّهر في روض أريض زانه البرّ وزيّنه، ينشر أزكى الروائح، وطيب معشرك وحُسن تبعُّلك لزوجك من عود الأراك أعطر، فاملئي -أيا أخيّة- قلوب من تحبِّين بعبق المحبّة الصَّادقة والإخلاص، ولتجعلي -يا حماكِ الله- شذى عطرك الإيماني بين جنبات بيتكِ يفوح، واجعلي ثغرك المعطار بنعم الله عليكِ وبذكره وحمده يبوح،... إنها مشاهد معدودة، عرضتُها لكِ بكلمات يسيرة، وتركتُ لكِ الباب مفتوحا كي تتأمّلي ...



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 157.54 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 153.77 كيلو بايت... تم توفير 3.77 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]