مشاكل الزواج حلول وعلاج - ملتقى الشفاء الإسلامي
 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215433 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          زوجي مصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 182 - عددالزوار : 61210 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 123 - عددالزوار : 29185 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-11-2020, 03:57 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي مشاكل الزواج حلول وعلاج

مشاكل الزواج حلول وعلاج


الشيخ فؤاد بن يوسف أبو سعيد





إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء: 1]
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 70، 71]

أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار.
أعاذنا الله وإياكم من النار، ومن كل عمل يقرب إلى النار، اللهم آمين.

عباد الله؛ ابتعد الناس -خصوصا المسلمين- عن تعاليم ديننا في أمور كثيرة، ومنها الزواج، وخالفوا هديَ نبينا صلى الله عليه وسلم في اختيار الزوج الصالح لابنتهم، فكثرت المشاكل، وعزَّ العلاج، فكان التركيزُ على المال والحسب، والجمال والنسب، فنشأت المشاكل بين الزوجين، ويكتشف أهل الفتاة بعد فوات الأوان أنَّ صهرَهم وزوجَ ابنتهم، من أهل السوابق والجرائم وخريج السجون، أو من أصحاب المشروبات المحرمة والحشيش والأفيون، أو من تجار الترومال والحبوب المخدرة، أو من المدمنين على المخدرات والمسكرات والمنشطات.
والسبب في هذه المشكلة عدمُ البحث وعدم التحري قبل الارتباط الأسريّ، أو الاتحاد العائليّ.
ويهون الأمر إن كان هذا الاكتشاف مبكِّرا، قبل وجود الذرية من الأبناء والبنات.

والحلّ والعلاجُ فيما ثبت عَنْ أَبِى حَاتِمٍ الْمُزَنِىِّ رضي الله عنهقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ("إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ) (فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ) (وَفَسَادٌ كَبِيرٌ")، وَفِي رِوَايَةٍ: ("عَرِيضٌ")، قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ! وَإِنْ كَانَ فِيهِ ؟!) قَالَ: "إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ") -قَالَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-. [1]

أو يكتشف أهلُ الفتى أنَّهم انخدعوا في تلك الفتاة، فليست هي الفتاة المطلوبة لولدهم، إنها سليطةُ اللسان، لا أدب ولا تأدّب مع أسرة زوجها، خرّاجةٌ ولاّجة، متبرِّجةٌ سافرة، لا ترد يد لامس، تخالط الشباب وتخاطبهم مشافهة أو على شبكات التواصل الاجتماعي، مرتبطةٌ مع أكثر من شاب، معاندةٌ لزوجها، كثيرةُ الشكوى مما ليس سببا لشكوى، كثيرةُ الاعتذار وانتحال الأعذار كي لا تحقِّقَ رغباتِ زوجها، وغير ذلك من المنغِّصات الأسريَّة، مما هو ناتج عن المخالفات الشرعيّة، والسنن النبويّة.

وتركوا ما أوصاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اختيار الفتاة الصالحة الدينة لابنهم، ففيه الحلُّ والعلاج، والعلاج فيما رواه أبو هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لأَرْبَعٍ؛ لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ». متفق عليه.

فإن لم يتَّبِع الناسُ الشرعَ الربانيَّ والهديَ النبويَّ تنشأ المخالفاتُ الشرعيّةُ عند المشاكل الأسريّة؛ من الضرب والتعنيف، والسبّ والشتم، ويتحوَّل البيت إلى ساحة حربٍ لسانيَّةٍ كلاميّة، وقد تتطوّر الأمور إلى حربٍ؛ تُستخدَم فيها الأيدي والأرجلُ والأدواتُ المنزليّة.

أيها المسلمون! لا تخالفوا هدي النبي صلى الله عليه وسلم في معاملة نسائكم، فعَنْ حَكِيمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ؟) قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ -أَوِ اكْتَسَبْتَ-، وَلاَ تَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلاَ تُقَبِّحْ، وَلاَ تَهْجُرْ إِلاَّ فِي الْبَيْتِ». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: (وَلاَ تُقَبِّحْ؛ أَنْ تَقُولَ لها: قَبَّحَكِ اللَّهُ). [2]
فالضرب والتقبيح والهجر في غير البيت منهي عنه.

وعن الزبير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلا عَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَضْرِبَ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الأَمَةِ، أَلا خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ". [3]

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ الْعَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِى آخِرِ الْيَوْمِ». [4]

وفي رواية أخرى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: (نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَضْحَكَ الرَّجُلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأَنْفُسِ)، وَقَالَ: «بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الفَحْلِ، أَوِ العَبْدِ، ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا». [5]

قوله: (نَهَى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَضْحَكَ الرَّجُلُ مِمَّا يَخْرُجُ مِنَ الأَنْفُسِ)؛ أي إذا سمع ضراطا من غيره يضحك منه، فهذا منهي عنه، ما ينبغي أن تضحك من ضراط أخيك المسلم؛ لأنه مما يخرج من كل نفس مخلوقة، فلم الضحك ما يخرج منك يا عبد الله؟!

قَالَ صلى الله عليه وسلم: "بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الفَحْلِ"، أي ضرب الجمل أو ضرب العَبْدِ، "ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا"، لهذا الضرب وتلك المشاكل والشتائم وغيرها من الأسباب قد يصل الأمر إلى الطلاق، أو الفسخ والخلع والفراق، وهنا أيضا يقع الناس في مخالفة؛ بل مخالفاتِ لأحكام الله سبحانه، ومخالفةِ هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الفراق، فالخطأ من الزوج أن يتلفظ بالطلاق ويخرجها ويطردها من بيتها، لاحظ كلمة (بيتها) وهذا مخالف للشرع.

أو الزوجة بمجرد أن تسمع بلفظ (أنت طالق)، كذلك، تحمل متاعها وتخرج من بيتها، وهذا أيضا مخالف للشرع، تخرج حاملة معها متاعها لا يجوز ذلك -يا عباد الله- وفي هذا مخالفة لقوله سبحانه: ﴿ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ.

بهذه المناسبة فلنقرأ هذه الآيات من أولها، قال الله عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 1– 3]

فتبقى المرأة المطلقة؛ الزوجة تبقى إذا كانت مطلقة طلاقا رجعيا، تبقى في بيتها لا تخرج منه إلى بيت أبيها أو أمها أو أخيها، ويبقى معها زوجها تحت سقف واحد في بيتهما، وعلى فراش واحد، حتى تنقضي عدتُها، لماذا هذا؟ قال الله: ﴿ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ من ندم، أو رحمة، أو أي سبب يكون؛ حتى يراجعا بعضهما، ويتراجعان ويتركان الطلاق.

ومن الخطأ والظلم الذي يكون بين الزوجين؛ أن يَكْرَهَ الزوجُ زوجته، لكنه يجبرها على أن تطلب هي الخلع والفراق، حتى لا يخسر شيئا، وفي هذا مخالفة لنهي الله عن ذلك في قوله سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء: 19].

وبعض الأزواج يطلِّق زوجته، ثم يندم على ذلك، ويريد مراجعتها، فيمنعها أهلها من الرجوع إلى زوجها، فلا يردُّونها إليه، وهذه مخالفة لنهي الله سبحانه، مخالفة من أولياء أمور الزوجة التي تريد زوجها، قال سبحانه: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [البقرة: 232].
هذا خطاب لأهل الزوجة ولأوليائها الذين يمنعونها أن ترجع إلى زوجها.

أما إن كرهت الزوجة زوجَها ولا تريده، فيكون الخلع؛ بأن تفتديَ نفسَها بما قدّمه مهرا لها، فمهر المرأة حقٌّ لها لا يجوز لزوجها أن يأخذ منه شيئا إلا بطيب نفس منها، قال سبحانه: ﴿ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 229].

وهنا أخطاء ومخالفات تحدث أثناء عدَّة المطلقة، أو المتوفَّى عنها زوجها، وقلنا من ذلك خروجها أو إخراجها من بيتها، وكذلك هناك أخطاءٌ شنيعة، ومخالفات فظيعة، من تتزوج أثناء العِدّة، وقبل انتهائها، والعدة ثلاثة قروء، أو ثلاثة أشهر، أو الوضع والولادة للحامل، أو أربعة أشهر وعشرٌ للمتوفَّى عنها زوجها، هذه هي عدد النساء التي أمر الله، فلا يجوز للمعتدَّة أن تُخْطَب ولا أن تتزوَّج، فمن خالفت فتزوجت في العدة؛ استمعوا ماذا حكم الصحابة رضي الله تعالى عنهم فيمن فعلت ذلك؟
عَنْ أبي الحسنين عَلِىٍّ ابن أبي طالب رَضِىَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ؛ (أَنَّهُ قَضَى في الَّتِي تَزَوَّجُ فِي عِدَّتِهَا أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا، وَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَتُكْمِلُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْ عِدَّةِ الأَوَّلِ، وَتَعْتَدُّ مِنَ الآخَرِ) [6].

وروى الشافعي والبيهقي [7] عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ: (أَنَّ طُلَيْحَةَ كَانَتْ تَحْتَ رُشَيْدٍ الثَّقَفِىِّ، فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، فَنَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَضَرَبَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ، وَضَرَبَ زَوْجَهَا بِالْمِخْفَقَةِ) =أي بالدرة والعصا القصيرة= (ضَرَبَاتٍ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا)، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِى عِدَّتِهَا؛ فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِى تَزَوَّجَ بِهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الأَوَّلِ، وَكَانَ خَاطِبًا) =أي بعد ذلك وبعد انتهاء العدة= (مِنَ الْخُطَّابِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الأَوَّلِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الآخَرِ، ثُمَّ لَمْ يَنْكِحْهَا أَبَدًا). قَالَ سَعِيدٌ: (وَلَهَا مَهْرُهَا بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْهَا) [8].

فمن تزوجت في عِدَّتها ترتبت عليها عِدَّةُ أحكام:
1) يفرق بينهما فورا.
2) يفسد عقد نكاحها الذي كان أثناء العدة.
3) إن لم يدخل بها تُكْمِل عدّة زوجها الأول، فمن تزوجت قبل شهر من انقضاء العدَّة فلا بد من قضاء الشهر للعدّة.
4) بعد انتهاء العدة؛ يكون خاطبا من الخُطَّاب.
5) وإن كان دخل بها فعليها عدتان، فيفرق بينهما وتقضي عدة الأول، ثم تستأنف عدة أخرى للثاني.
6) إن دخل بها فلها الصداق أي المهر كاملا، ولا ينكحها أبدا بعد العدة.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الآخرة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد:
إذن يا عباد الله، علينا أن نتقي الله في أزواجنا، وعلى زوجاتنا أن تتقي الله فينا، فلا بد من صبر الزوجين على أخلاق بعضهما، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» [9].

ولا بد شرعا من سيادة المحبة بين الزوجين، وزيادة المودة والرحمة، وإن فُقِدَ ذلك، لا رحمة ولا مودة بين الزوجين؛ فالعدل العدل، والإنصاف وعدم الظلم، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِىَ مِنْهَا آخَرَ». أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ». [10]، وذلك حتى تستقيم الحياة، وتستمر السعادة، فأكمل المؤمنين وخيارهم من كان خيارهم لأهلهم،عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «أَكْمَلُ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِمْ» [11].

أما إن عنَّ لك الزواج بأخرى، فلا بد أن تتحمل قدرا أكبر من المسئولية أكبر مما كنت فيه في الدنيا والآخرة، فقد قال سبحانه: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ ﴾ [النساء: 3].

والعدل بين الزوجات شرط للتعدد، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما؛ جاء يوم القيامة وشقه ساقط"[12].
وفي رواية: "مَنْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ يَمِيلُ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَدُ شِقَّيْهِ مَائِلٌ" [13].
وفي رواية: "مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا، جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ" [14].
(شقه ساقط)، (شقه مائل)، (شقيه مائل)، يُعرف من بين الناس يوم القيامة أن هذا لا يعدل بين زوجتيه.
أخي يا من تبتغي التعدّد! احذر من محاذير التعدد، فإذا كان ما ذكرناه من مشاكل مع الموحِّد، الذي تزوج بواحدة، فكيف بمن عدد؟!

فمن محاذير التعدُّد:
1) هدم البيت الأول، وإحداث المشاكل.
2) الظلم والجور والميل مع إحداهن دون الأخرى.
3) عدم القيام بالواجبات الملقاة على عاتق الزوج تجاه زوجاته.
4) ترك بعضهن معلقات؛ لا هن متزوجات ولا مطلقات.
5) تعيير بعضهن؛ الزوج يعيِّرُ بعضهن بفقدانها صفاتٍ تعجبه في الأخريات.
6) نسيان العشرة والفضل للزوجة الأولى.
7) اغتصاب أموال إحداهن للزواج بأخرى.
8) إجبار إحداهن لتخطب وتبحث له عن عروس.
9) تغيّر المعاملة السابقة بعد الزواج الآخر، وفقد كثير من اللطف واللين المعهود سابقا.
10) هضم حقِّ إحداهنَّ في ليلتها إن كانت حائضا أو نفساء، ظانّا أن المبيت فقط للجماع، ليس لذلك بل المبيت للأنس والرحمة والمودة.

فإذا أَمِنْتَ -يا عبد الله- يا من تبتغي التعدد من هذه المحاذير، وكنت رجلا بمعنى رجل، وتثبت ذلك باتباعك لهدي نبيك صلى الله عليه وسلم فعدِّد، وإلا فواحدة في الدنيا مع ما يدخر الله لك في الآخرة، إن كنت من المتقين، فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * يَلْبَسُونَ مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَقَابِلِينَ * كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ * يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ [الدخان: 51- 59].

ألا وصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فكذلك أمرنا الله، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وعلى من اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم: ﴿ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 22– 24]، وممن قلت فيهم: ﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ [يس: 55- 58]، ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا[الفرقان: 74]
وأقم الصلاة؛ ﴿ ... إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45]
خطبها وألقاها وجمعها ونقلها من مظانها
صاحب الفضيلة والفضل/ أبو المنذر فؤاد بن يوسف أبو سعيد رفع الله قدره في الدارين
مسجد الزعفران- 24/ رجب/ 1438هـ،
وفق: 21/ 4/ 2017م.


[1] (ت) (1084)، (1085)، (جة) (1967)، (عب) (10325)، (10325)، (ك) (2695)، (طس) (446)، (هق) (13259)، (طب) (ج22/ ص299) (ح762)، الإرواء (1868)، الصحيحة (1022).

[2] قال الحاكم: (صحيح الإسناد). ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. (د) (2142)، (جة) (1850)، (حم) (20025)، انظر صَحِيح الْجَامِع (17)، الصَّحِيحَة (687)، إرواء الغليل (7 /98) (3259).

[3] رواه البزار، انظر (الصحيحة: 2678).

[4] متفق عليه.

[5] (خ) (6042)

[6] (الموطأ)، (الشافعي) (ص301)، (هق) (15317)، (سعيد) (699)، الإرواء (2124).

[7] الشافعي والبيهقي (7/441).

[8] (ط) (1115)، (الشافعي) (301)، (هق) (15316)، الإرواء (2125).

[9] متفق عليه.

[10] (م) 61- (1469)

[11] (ت) (1162)، (د) (4682).

[12] (ت) (1141).

[13] (س) (3942).

[14] (د) (2133).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.05 كيلو بايت... تم توفير 1.66 كيلو بايت...بمعدل (2.28%)]