آيات الذرية في سورة إبراهيم ومضامينها التربوية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         تحويل القبلة وتميز الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          التوبة في القرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          فضل صلاة التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          خطر الشذوذ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          مجازر الطحين.. إرهاصات نصر وعز وتمكين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          ليكن زماننا كله كرمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          حديث:ويَقْرَأُ فيها ما بيْنَ السِّتِّينَ إلى المِائَةِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          وصايا نبوية مهمة للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          حديث:من رَكعَ أربعَ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ وأربعًا بعدَها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          أنوية العلمانيين، وهم يواجهون أعداءهم من أهل القبلة، وحراس العقيدة... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-07-2019, 04:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,317
الدولة : Egypt
افتراضي آيات الذرية في سورة إبراهيم ومضامينها التربوية

آيات الذرية في سورة إبراهيم ومضامينها التربوية
د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي







الآية الأولى: قال الله تعالى: ﴿ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [إبراهيم:37].

يمكن أن نستخلص من هذه الآية الكريمة ستة توجيهات تربوية مهمة؛ هي: أهمية الدعاء للذرية، والعناية بالمحافظة على الصلاة جماعة، وتقديم التربية العقدية على التربية الجسدية، ومَن يُطِع الله ويَستجب له يحقِّق آماله، والعناية بشكر الله تعالى على نعمه، والاهتمام بزيارة بيت الله الحرام، وفيما يلي عرض لهذه التوجيهات:
أولًا: أهمية الدعاء للذرية:
وهذا من التوجيهات التربوية المهمة التي تكرر ذكرُها في آيات الذرية، وعلى الوالدين تحديدًا العناية بالدعاء للذرية في كل وقتٍ وحين، وتحيُّن الأوقات المناسبة لذلك.

ثانيًا: العناية بالمحافظة على الصلاة جماعة:
من أهم ما يجب أن يعتني به الوالدان في تربية أولادهم، المحافظة على جناب التوحيد الخالص، ومن أهم الوسائل الموصلة لذلك الصلاة، فهي عماد الدين، وهي التطبيق العلمي له، وهي أول ما يحاسب عليه العبد، وهي صلة بين الله تعالى وعبده، وهي الفرق بين المسلم، والكافر؛ فمـن أدَّاها وقام بحقها، كان عهدًا على الله أن يدخله الجنة؛ كما ورد في الحديث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قـال: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُـنَّ اللَّهُ عَلَى الْعِبَادِ، فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَـهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَـهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ"[1].

إن العناية بالمحافظة على الصلاة مما هو معروف لدى المسلمين بداهة، لمن وفَّقه الله، ونشأ وترعرع على أهميتها، ووجوب القيام بها، وهناك عددٌ من التوجيهات الشرعية التي تؤكد هذا المعنى، ونكتفي بإيراد بعضها للاختصار، والحر تكفيه الإشارة؛ قال الله تعالى: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ﴾ [البقرة: 238]، وقال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]؛ يقول الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير قولـه تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ ﴾ أَمر الله تعالى نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلـم بأن يأمر أهله بالصـلاة، ويَمتثلهـا معهـم، ويصطبر عليها، ويلازمها، وهذا خطاب للنبي، ويدخل في عمـومه جميـع أُمته، وأهل بيته على التخصيص. وكان عليه الصلاة والسلام بعد نزول هذه الآية، يذهب كـل صباح إلى بيت فاطمة وعلي رضوان الله عليهما، فيقول: الصلاة.

ويقول الشيخ السعدي رحمه الله في هذه الآية الكريمة: حثٌّ لأهلك على الصلاة من فرض ونفلٍ، وتعليمهم ما يصلح الصلاة ويفسدها ويُكملها، والاصطبار على إقامتها بحدودها وأركانها وخشوعها، وذلك شاقٌّ على النفس، ولكن ينبغي إكراهُها وجهادها على ذلك، وقد ضمن الله الرزق لمن قام بأمر الله، واشتغل بذكره.

ومن الشواهد الحديثية المهمة والمشهورة لدى عامة المسلمين سلفهم وخلفهم - قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ"[2].

وقد أوصى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بأهميتها والمحافظة عليها وهو في الرمق الأخير مودعًا الدنيا، فعـن علي رضي الله عنه قال: كان آخـر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم"[3].

ولا شك أن محافظة الوالدين على الصلاة محافظة تامة، فيها تربية بالقدوة للأولاد، فلا يجدون مشقة، ولا عناء في التزام أولادهم بها، على عكس الوالدين المفرطين في أداء الصلاة؛ فاحرص أيها الأب، واحرصي أيتها الأم على أداء الصلوات، وما يتبعها من رواتب ونوافل، وستجدان الخير كل الخير في ذلك لكما ولذريتكما.

وقد تحتاجان أيها الوالدان في أداء هذه الرسالة العظيمـة إلى صبر ومجاهدة ومثابرة، ومتابعة مستمرة للأولاد، حتى وإن كبروا وتزوجوا وخرجوا من دائرة بيت الوالدين، وقد رأينا قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية يذهب كل صباح، فيوقظ ابنته السيدة الجليلة فاطمة وزوجها المبارك علي رضي الله عنهما، كما أشار إليه الإمـام القرطبي رحمه الله آنفًا. وحاشا فاطمة وعليًّا رضي الله عنهما أن يتأخرا، أو يتكاسلا عن الصلاة، ولكن هو من باب تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته، وهو القدوة الحسنة.

وأختم هذا التوجيه التربوي العظيم بملحوظتين مهمتين شائعتين بين كثير من الناس؛ هما:
الأولى: بعض الآباء قد يحرِص على أداء جميع الفروض جماعةً في المسجد مع أولاده، ولكن لا يهتم بحضور صلاة الفجر، وإن حضرها لا تجده يحرص على إحضار أولاده معه من باب الرفق والشفقة بهم، أو لأسباب دنيوية تافهة، وهـذا بدون شك خطأ عظيم، وتقصير وإفراط من الأب، قد يؤدي إلى عدم المبالاة من الأولاد ببقية الفروض مستقبلًا، ولو علم الأب عظيم الخير من وراء إيقاظ أولاده معه والصبر على ذلك، لَمَا تأخَّر في إيقاظهم، بل إن الإشفاق الحقيقي هو حضورهم لجميع الصلوات جماعة في المسجد، والتوجيهات الشرعية التي تؤكِّد ذلك كثيرة، ولكن أُذَكِّر فقط بحديثين لرسول صلى الله عليـه وسلم: أولهما: قوله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا"[4]. وقوله صلى الله عليه وسلم: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"[5]، وهذا فضل ركعتي سنة الفجر، فما بالك بفضل صلاة الفجر.

الثانية: يميل بعض الناس إلى تأخير تأدية الصلاة إلى ما بعد الفراغ من أعمالهم واجتماعاتهم وبشكل مستمر، فلا تؤدَّى الصلاة إلا بعد أن ينتهي ذلك العمل، أو ذلك الاجتماع، على الرغم من أنه لا توجد له أهمية تستوجب تأخير الصلاة، وهذا أيضًا خطأ جسيم، واستخفاف بركن عظيم من أركان الإسلام، وتفريط في حق من حقوق الله تعالى.

فالأصل أن تكون الصلاة هي المُقَدَّمَة على كل عمل، ثم يُنسق ويرتب وينظم الناس أعمالهم واجتماعاتهم بحسبها، إما قبلها أو بعدها.

وأرى من المناسب هنا أن أستشهد بقول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، ويقول ابن كثير رحمه الله: شعـائر الله؛ أي: أوامره، ولا شك أن الصلاة من أعظم أوامر الله تعالى، ويضيف الشيخ الشنقيطي رحمه الله في تفسيره أن هذه الآية الكريمة عامـة في جميع شعائر الله، والصلاة بدون شك من أعظم شعائر الله، ولذلك فإن التهيؤ للصلاة فور سماع النداء، دليل على تقوى القلوب، وتعظيمها لأوامر الله تعالى.

ثالثًا: تقديم التربية العقدية على التربية الجسدية:
في الآية الكريمة ملحظ مهم للغاية، ربما يغفل عنه كثير من الآباء، وهو أهمية العناية الفائقة بتربية الأولاد عقديًّا، بتحقيق العبودية الخالصة لله تعالى، وإقامتها وَفْق ما شرع، وتقديمها على التربية الجسدية المتمثلة في تلبية حاجاتهم من مأكل ومشربٍ وملبس، ومما يؤسف له أننا نرى اليوم من صور التربية الخاطئة أن يهتم الوالدان فقط بتلبية احتياجات الأولاد أيًّا كانت، فهي عندهما مطلب أساس في التربية، أو هـي كل التربية، فعلى سبيل المثال إذا أراد الأبناء السفر إلى الخارج لبَّى طلبهم، وإذا أرادوا السهر خارج البيت مع رفقة غير معروفة لبَّى طلبهم, وإذا أرادوا شراء سيارة معينة لبَّى طلبهم، وإذا أرادوا تناول طعام معين لبَّى طلبهم، وهكذا. فكل مطلب لأولاده محقَّق على الفور دون ما عناء أو أخذ أو عطاء.

أما إذا نظرت إلى الجانب العقدي، والشرعي في تربيتهم لأولادهم، فلا تكاد تجد له أدنى اهتمام إلا في أضيق الحدود، ولذلك فإنه يجب على الوالدين تقوى الله تعالى، والقيام بأداء أمانة تربية أولادهم تربية إسلامية صحيحة متوازنة، تجمع بين التربية العقدية، والتربية العقلية، والتربية الجسدية.

رابعًا: من يطع الله ويستجب له يحقق آماله:
وعد الله تعالى عباده الصالحين الطائعين القائمين على أداء أوامره، واجتناب نواهيه - أن يستجيب دعاءهم، ويحقِّق ما يؤملونه من خيري الدنيا والآخرة؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]، يقول ابن كثير رحمه الله تعالى: هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا، وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، من ذكـر، أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله، ورسوله، وأن هذا العمل المأمور به مكفول من عند الله بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يَجزيه بأحسن ما عملـه في الـدار الآخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت، ثم ذكر عدة أقوال حولها، فمنهم من قال: إنها الرزق الحلال الطيب، ومنهم قال: إنها القناعة، ومنهم من قـال: إنها السعادة، ومنهم من قـال: إنها الرزق الحلال، والعبادة في الدنيا، والعمل بالطاعة، والانشراح، ثم قال: والصحيح أن الحياة الطيبة تشمل هذا كله.

ولذلك ينبغي على الإنسان المسلم أن يهتمَّ ويعتني بكون الإيمان مقرونًا بالعمل الصالح؛ لأنه هو مصداق إيمان العبد، وكثير من الآيات القرآنية الكريمة قرنت بينهما؛ مما يبين أهمية التلازم بينهما.

فيا أيها العبد المسلم، اعتنِ بهذا التوجيه أيَّما اعتناء، مطبقًا إياه على نفسك أولًا، معلمـًا به أولادك، موضحًا لهم أهميته، ومبينًا مكانته، وثوابه في الدنيا والآخرة.

خامسًا: العناية بشكر الله تعالى على نعمه:
أسبغ الله تعالى علينا نعمه ظاهرة وباطنة؛ قال عز وجل: ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ [النحل: 53]، ومن تمام العبادة وحق الله تعالى علينا أن نشكره شكرًا قوليًّا وعمليـًّا؛ فبالشكر تدوم النعــم؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].

ومن الأحاديث الشريفـة المؤكدة وجوب عناية المسلم بشكر الله تعالى: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ، فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَشْـرَبَ الشَّرْبَـةَ، فَيَحْمَـدَهُ عَلَيْهَا[6].

سادسًا: الاهتمام بزيارة بيت الله الحرام:
يجب على المسلم أن يحرص كل الحـرص على زيارة بيت الله الحرام للحج أو العمرة، أو الزيارة؛ ليدخل في الدعوة المباركة لسيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل صلاة وأزكى تسليم: ﴿ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ﴾ [إبراهيم: 37].

وللشيخ السعدي رحمه الله في اختتام تفسير هذه الآية كلام جميلٌ يُكتَب بمداد من ذهب وهو: "وجعل فيه - يعني البيت الحرام - سرًّا عجيبًا جذابًا للقلوب، فهي تحجه ولا تقضي منه وطرًا على الدوام، بل كلما أكثر العبد التردد إليه، ازداد شوقه، وعظُم ولعُه وتوقُه، وهذا سر إضافته تعالى إلى نفسه المقدسة".

وهذا واقع مشاهد وملموس لكل من تردَّد على البيت الحرام، فإذا دخله لا يريد الخروج منه، وكم أناس من أهل هذه البلاد المباركة، أو من المقيمين فيها، لا يغيب عن الحرم إطلاقًا، وقد يؤدي كل الصلوات فيه، على الرغم من مشاغله وتعدُّد أعماله. وربما بعدت المسافة بين مقر إقامته والحرم، لكنه الشوق والحنين والجاذبية العجيبة لبيت الله الحرام.

ويجب على الوالدين أن يحرصا كل الحرص على متابعة زيارة بيت الله الحرام، ويتأكد ذلك في حق مَن وفَّقه الله للسكن مجاورًا للحرم أو قريبًا منه، وأن يصطحبا أولادهما معهما للطواف، وأداء بعض الصلـوات المفروضة، والدعاء لأنفسهما، ولذريتهما، ففي ذلك خير عظيم لا يعلم مداه إلا الله سبحانه وتعالى.

الآية الثانية: قال الله تعالى: ﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ ﴾ [إبراهيم: 40].
وتتضمن الآية الكريمة توجيهين تربويين مهمين؛ هما: أهمية الدعاء للنفس أولًا وللذرية ثانيًا، والعناية بإقامة الصلاة والمحافظة عليها، وفيما يلي إشارة إليهما:
أولًا: أهمية الدعاء للنفس أولًا وللذرية ثانية:
من يستغني عن خالقه ورازقه ومدبر أمره؟! كلَّا، لا أحد البتةَ، فما أحوج الإنسان إلى الله تعالى في كل صغيرة وكبيرة، فإذا حزبه أمر قام، فتوضَّأ، وصلى لله ركعتين، ودعا الله، وألَحَّ عليه، فإن الله لا يخيب رجاء من دعاه، فهو الكريم مجيب دعوة المضطرين إذا دعوه.

فيجب على الإنسان عند شروعه في الدعاء أن يحرص على الدعاء لنفسه أولًا بأن تكون نفسه صالحة مصلحة، مقيمة لحدود الله تعالى وفرائضه، ومن أهم فرائض الدين على الإنسان الصلاة.

والدعاء للنفس أولًا تكرر مرارًا في كثير من توجيهات القرآن الكريم، ومن ذلك قول الله تعالى على لسان أبينا إبراهيم عليه السلام: ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ ﴾ [إبراهيم: 41]، وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام: ﴿ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا ﴾ [نوح: 28].

وجاء في الحديث الشريف أهمية أن يبدأ الداعي بنفسه؛ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا فَدَعَا لَهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ[7].

ثانيًا: العناية بإقامة الصلاة والمحافظة عليها:
وسبق شرحُه في التوجيه الثاني من الآية الأولى في نفس السورة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


[1] (سنن أبي داود، حديث رقم: 1420، كتاب: الوتر، باب: فيمن لم يوتر).

[2] (سنن أبي داود، حديث رقم: 495، كتـاب: الصلاة، باب: متى يؤمر الغلام بالصلاة).

[3] (سنـن أبي داود، حديث رقم: 5156، كتاب: الأدب، بـاب: في حق المملوك ).

[4] (صحيح البخاري، حـديث رقم: 615، كتاب: الأذان، باب: الاستهام في الأذان).

[5] (صحيح مسلم، حديث رقم: 1688، كتـاب: صلاة المسافرين، بـاب: استحباب ركعتي سنة الفجر والحث عليهما).


[6] (صحيـح مسلــم، حديث رقم: 6932، كتاب: الذكر والدعاء، باب: استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب).

[7] (سنن الترمذي، حديث رقم: 3307، كتاب: الدعوات، باب: ما جاء أن الداعي يبدأ بنفسه).




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.41 كيلو بايت... تم توفير 1.88 كيلو بايت...بمعدل (2.88%)]