التدبير المالي من مقاصد الأسرة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4413 - عددالزوار : 850961 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3944 - عددالزوار : 386958 )           »          شرح كتاب فضائل القرآن من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 211 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 117 - عددالزوار : 28455 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 175 - عددالزوار : 60074 )           »          خطورة الوسوسة.. وعلاجها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          إني مهاجرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          الضوابط الشرعية لعمل المرأة في المجال الطبي.. والآمال المعقودة على ذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 30 - عددالزوار : 847 )           »          صناعة الإعلام وصياغة الرأي العام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-03-2019, 12:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,617
الدولة : Egypt
افتراضي التدبير المالي من مقاصد الأسرة

التدبير المالي من مقاصد الأسرة
د. حميد مسرار


يعد المال من الضروريات التي لا تستقيم مصالح الدنيا إلا بها، فهو من حاجيات عمارة الأرض والاستخلاف، وهو عصب الحياة وزينة الدنيا، بل هو قوام الحضارات وأصل قيامها، يقول تعالى: {الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا } (الكهف:46). وتتجلى أهمية المال في تسمية الحق سبحانه له بالقيام في قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} (النساء:5). يقول الإمام الرازي: معناه أنه لا يحصل قيامكم ولا معاشكم إلا بهذا المال، فلما كان المال سببا للقيام والاستقلال سماه بالقيام؛ إطلاقا لاسم المسبب على السبب على سبيل المبالغة، يعني: كان هذا المال نفس قيامكم وابتغاء معاشكم (1).
ويبين الشاطبي دور المال في حياة الإنسان بقوله: ولو عدم المال لم يبق عيش، وأعني بالمال ما يقع عليه الملك، واستبد به المالك عن غيره، إذا أخذه من وجهه، ويستوي في ذلك الطعام والشراب واللباس على اختلافها، وما يؤدي إليها من جميع المتمولات، فلو ارتفع ذلك لم يكن بقاء (2). فالمال مقصد من مقاصد الشرع الضرورية، يسد به الفرد حاجته؛ عزة لنفسه وحفظا لمروءته، لقوله " صلى الله عليه وسلم" : «اللهم إني أعوذ بك من الفقر، وأعوذ بك من القلة والذلة، وأعوذ بك أن أظلم أو أظلم» (صحيح البخاري). ويحفظ دينه ومقومات عيشه، وتحقق الجماعة هدفها بعمارة الأرض،
والجهاد في سبيله، لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } (الأنفال:60). يقول الشيخ الطاهر بن عاشور: إن من جهات توازن الأمم في السلطان على هذا العالم جهة الثروة، فبنسبة ثروة الأمة على ثروة معاصريها من الأمم، تعد الأمة في درجة مناسبة لتلك النسبة في قوتها وحفظ كيانها، وتسديد مآربها، وغناها عن الضراعة إلى غيرها (3).
ونظرا لأهمية المال في حياة الفرد والجماعة فلاشك أن التربية على المنهج الإسلامي في تدبيره من داخل الأسرة مدخل أساس لبناء منهج اقتصادي، يؤول حتما إلى بناء تنموي، يعتبر ثمرة من ثمرات الإسلام الحضارية، لذلك لابد من بيان موقع التدبير المالي من المقاصد الأسرية الأخرى؛ لمعرفة أهميته ودوره في بناء الأسرة، إذ أي خلل يعتريه يعود بالضرر على الفرد والأسرة والمجتمع، ومن ثم نسأل عن دور التدبير المالي في الحفاظ على بقية المقاصد الأخرى؟

التدبير المالي الأسري

شدد الإسلام في بنائه الأسري على مقصد التدين في جميع أحكامه وتشريعاته، واعتبره أساسا رئيسا لإنشاء الأسرة، بل الغاية العظمى من إنشائها، لذلك نظم جميع أطوار تأسيس الأسرة بأحكام شرعية تؤكد ضرورة حفظ التدين، فدعا إلى اختيار الزوجين على أساس الدين، فقال " صلى الله عليه وسلم" : «فاظفر بذات الدين تربت يداك» (صحيح مسلم)، وقال " صلى الله عليه وسلم" : «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد عظيم» (سنن الترمذي).
ونظم العلاقات الأسرية تنظيما محكما ينطلق من أحكام الشرع ويؤول إليها، فنظم علاقات الأزواج فيما بينهم، وعلاقات الآباء بالأبناء والأبناء بالآباء، ولم يغفل عن علاقات الرحم والقرابة. إنه تنظيم ينطلق من مصادر الشرع ويرتجي غاياته؛ تحقيقا لمفهوم العبودية، لقوله تعالى {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات:56). فالتدين ضامن للاستقرار الأسري، وحافظ له من كل ما يشوبه من عقبات وإشكالات، ذلك بأن المنهج التديني يجعل الأفراد يستسلمون للأحكام، استسلاما مؤسسا على العلم، نابعا من الرضا والحب، راجين الثواب والجزاء الأخروي.
وحضوره يجعل من الأدوار الملقاة على الأفراد أعمالا قاصدة مرتبطة بعالم الملكوت، فتنتفي بذلك المصالح الفردية المحضة، لترتبط بالمصالح الأخروية كذلك. وتأسيسا على ذلك فقد اعتبر الشرع التدبير المالي الأسري مظهرا من مظاهر التدين، يتجلى ذلك في ربط أحكامه ببعدها الأخروي، حيث رتب الثواب على الملتزم بها والعقاب على كل من أنكرها وكفر بها، بل اعتبر الالتزام بأحكام الشرع دليلا على حصول الإيمان وبلوغ درجة التقوى، وعد الإخلال بها سقوطا في مهاوي الآثام وبراثن الشيطان، قال " صلى الله عليه وسلم" : «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت» (سنن النسائي). وقال " صلى الله عليه وسلم" : «إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف» (صحيح البخاري). وخلاصة القول، فمآل التدبير المالي الأسري هو حفظ التدين داخل الأسرة، بل إن التدين هو عنوان التدبير المالي الرشيد.

التدبير المالي ومقصد التزكية

التزكية لغة من زكا يزكو زكاء، وتزكى تزكية، ويستعمل جذر الكلمة ويراد به في اللغة معان عدة، منها: الزيادة والنماء، التطهير والصلاح، والزوج والشفع، أما في القرآن فيراد به معان، منها: الإيمان والطهارة من الكفر، والتربية والتطهير وغيرها، وقد بين الشاطبي مكانة التزكية حينما أكد أنها مناط إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبدا لله اختيـــارا، كمـــا هو عـــبد لله اضطرارا (4). ومقتضى هذا الإخراج يكون بالتزكية التي تمر عبر تخلية النفس من رذائلها وأدناسها، وتحليتها بمكارم الأخلاق وفضائلها. ولما كانت التزكية مقصدا من مقاصد الشريعة العالية فقد كانت عنوان الأسرة المسلمة، باعتبارها محضن الأخلاق والتربية، ذلك بأن نظام الأسرة في الإسلام هو نظام قيمي بامتياز، يكرس إلى جانب الحق البعد الأخلاقي الذي يجعل من الأسرة أسرة مكارمة لا مشاحة.. إن اهتمام الشارع بالباعث النفسي والمبادئ الخلقية والمثل العليا، هدفه تطهير الباعث كي لا يحرك الإرادة إلى تحقيق غايات غير مشروعة تناقض مقاصد الشارع. وتأسيسا على ذلك، فالتدبير المالي القائم على الأسس والثوابت الإسلامية من تلبية لحاجات الأسرة والإيثار والتعاون والتكافل والإنفاق في سبيل الله- هو عنوان الأخلاق الإسلامية التي تحفظ كرامة الإنسان وتربطه بمجتمعه، ذلك بأن الإسلام لم ينظر للتدبير المالي نظرة قاصرة على حاجات الذات والأسرة الصغيرة فقط، بل ربط منظومة التدبير بكل ما يعود على الأسرة الصغيرة والممتدة بالخير، ولاشك أن ذلك أدعى للتحلي بالأخلاق الفاضلة.

إن استحضار البعد الأخلاقي أثناء التدبير المالي يجعل الإنسان ينأى عن كل فعل يسيء إلى الأسرة، فلا تبذير للمال ولا تقتير، بل هو وسطية واعتدال، ولا حرص على المال وطلبه بشتى الوسائل والطرق، بل هو العمل الشريف المنتج الذي يساهم في بناء المجتمع وتحقيق التنمية، ولا تمركز حول الذات وحاجاتها فقط، بل هو تفكير في الآخرين ومساعدتهم وإعانتهم. إنها الأخلاق الإسلامية، والتي لا محالة هي حل لكثير من الإشكالات الأسرية، كالإهمال الأسري والطلاق بسبب عدم الإنفاق والعنف، وعليه؛ فحضورها والالتزام بها سبيل لسمو الأسر ة وتحقيق مقاصدها.

مقصد السكن والمودة والرحمة

اعتبر الإمام الشاطبي هذا المقصد من المقاصد التبعية للنكاح، إذ النكاح عنده مشروع للتناسل بالقصد الأول، ويليه طلب السكن والازدواج، ومستجلب لتوالي التراحم والتواصل والتعاطف (5).
وهذا المقصد منصوص عليه في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } (الروم:21). إن السكن والمودة والرحمة أمور رئيسة في بناء الأسرة المسلمة، ومن هنا وجب السؤال عن حقيقة كل منها؟

أ- السكن:
السكن قيمة معنوية، جعلها الله عزوجل أساس قيام الأسر واستقرارها، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} (الروم:21)، هذه القيمة لن تتحقق إلا إذا توافرت شروط وجودها والأحكام المفضية إليها، كحق المعاشرة، واختصاص الرجل بالمرأة، والمساكنة الشرعية. إن ما يميز عقد الزواج عن باقي العقود الأخرى هو توفر السكن النفسي لدى الأزواج والأبناء والوالدين، وهذا ما أكده الشيخ محمود شلتوت بقوله: «إن العلاقة الزوجية أسمى من معنى الترابط والاندماج من علاقات الصداقة والأبوة والبنوة، وإنها ليست كما يظن من لا يفهمون حقيقتها ولا يعرفون وضعها في الحياة عقدا كسائر العقود، ثمراتها في الانتفاع والملك والتسخير» (6).

ب- المودة:
لقد راعى الإسلام المودة في الأسرة، فخص لها من الأحكام ما يقويها ويحفظ ذكرها، بدءا بأحكام الخطبة وانتهاء بأحكام الطلاق والعدة، فدعا رسول الله " صلى الله عليه وسلم" كل خاطب لرؤية مخطوبته، فقال عليه الصلاة والسلام: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» (سنن الدارقطني).
وحبب تزويج المتحابين، فقال " صلى الله عليه وسلم" : «لم ير للمتحابين إلا النكاح» (سنن ابن ماجه). وجاءت نصوص الشرع تؤكد ضرورة المعاشرة بالمعروف، سواء أثناء قيام الحياة الزوجية أو حتى بعد انفصام عراها، قال تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } (البقرة:229)، ووجه الدلالة أن شأن الطلاق أن تكون كل مرة منه معقبة بإرجاع بمعروف أوترك بإحسان، أي دون ضرار في كلتا الحالتين (7).

فالمودة روح تجمع بين أفراد الأسرة، تجعل كل واحد منهم يتودد للآخر بقدر ما يقدمه له من خدمة أو إعانة أو مساندة في أوقات الرخاء أو الشدة.. إن حصول المودة مآله إلى بناء أسرة متجانسة نفسيا واقتصاديا واجتماعيا، ليحصل الدفء الأسري المنشود، واللحمة الأسرية المبتغاة، فيعيش أفراد الأسرة في أمن وأمان ومحبة ووئام.

ج- الرحمة:
صفة تبعث على حسن المعاملة (8) وخلق رفيع يجعل كلًا من الزوجين يخشى ربه، ويراعي ما عليه من حقوق تجاه زوجه.
فالرحمة عنصر من أهم عناصر العشرة بين الزوجين، وهي تبقى في حالات الرخاء والشدة، وتكون أكثر وضوحا في حالات الشدة (9).
يقول الأستاذ عبدالحليم أبوشقة: أما إذا فتر الحب فلابد من الأصل الثاني الذي تقوم عليه الأسرة، وهو الرحمة، وهنا يتأكد البحث في الحقوق حتى لا تضيع (10).
لقد حرص الإسلام على إنشاء علاقات أسرية متينة، فأسسها على أساس التراحم، واعتبره أساسا يقوم على رقة تقتضي الإحسان للمرحوم والعطف عليه والحنو، بل تقتضي إرادة المنفعة للغير، وإعمار القلب بحب الخير، والنفع والبدل والعطاء للآخرين (11). وتأسيسا على ما سبق، فالالتزام بالتدبير المالي الأسري القائم على الكسب الطيب، والإنفاق المعتدل، والادخار والاستثمار والتكافل، مآله إلى السكن والمودة والرحمة، بل هو رمز هاته المقاصد كلها، ذلك بأن حرص المسلم على تنمية موارده المالية بالكسب الحلال يورث استحضار التدين الذي يؤول حتما إلى سكن نفسي، يشعر به جميع أفراد الأسرة، فيحصل ذلك الترابط المنشود، وتلك اللحمة المبتغاة، كما أن حصول المودة والرحمة مرتبط حتما بالإنفاق المعتدل والادخار المتوازن، والاستثمار القاصد، والتكافل الهادف، والذي يعبر عن مدى ارتباط الأفراد فيما بينهم، وعلى مدى تمسكهم بتنمية مجتمعهم. إن التدبير المالي الأسري القائم على الوسطية التي تراعي ضرورات الإنسان وحاجاته الفردية والاجتماعية، يفضي إلى تحقيق تلك المقاصد، وعليه فكل خلل قد يعتريه هو عائق نحو تحقيق مقصد السكن والمودة والرحمة.

الجانب المؤسسي للأسرة
لم يترك الإسلام الأسرة دون تنظيم مؤسسي يراعي علاقات الأفراد فيما بينهم، وينظر إلى كيفية تنظيم علاقاتهم، شأنهم في ذلك شأن كل مؤسسة ناجحة، تحتاج لحكمة ثاقبة، وعليه، فقد أطر علاقات أفراد الأسرة بمنظومة الحقوق والواجبات، فمنح الحق الأسري على أساس مصلحة الأسرة، لا على أساس مصالح الأفراد، كما جعل الحقوق متقابلة، فكل حق يقابله واجب، ليجعل الفرد يعطي بقدر ما يأخذ. وإذا كانت منظومة الحقوق شاملة لجميع الحقوق التي يحتاجها الإنسان ليعيش حياة سعيدة- فلاشك أن التدبير المالي الرشيد عنوان للتدبير المؤسسي، فهو تنظيم قائم على القوامة التي تجعل الزوج مسؤولا عن جميع أعباء الأسرة المالية، وعلى الحافظية التي تجعل المرأة مسؤولة عن تدبير تلك الموارد المحصلة، من غير إسراف ولا تبذير، لذلك فمسؤولية التدبير المالي ملقاة على كلا طرفي الأسرة، سواء أكان بحثا عن الموارد، أو صرفا معتدلا في وجوه الخير، وهي صورة عبر عنها رسول الله " صلى الله عليه وسلم" بقوله: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» (رواه البخاري في الأدب المفرد). وعليه فإن قيام كل فرد بمسؤولياته المالية؛ بحثا وإنفاقا وحفظا- سبيل استقرار الأسرة، بل منطلق لمساهمة الأسرة في التنمية.
وخلاصة القول، فلا خلاف في أهمية التدبير المالي لحفظ بقية المقاصد، بل إن تحقيق بقية المقاصد قد يحصل بالالتزام بالمنهج الإسلامي في تدبير المال الأسري، من هنا قد نفهم سبب كثرة الطلاق في العالم العربي، والتي قد يعزوها كثير من الباحثين إلى المشاكل المادية داخل الأسرة، بل عده الكثير السبب الأول للطلاق، وعليه فالتدبير المالي الرشيد القائم على البحث عن الموارد المالية بالطرق المشروعة والإنفاق الوسطي والادخار المستقبلي والاستثمار- كفيل بتجنيب الأسرة الاستهلاك الترفي في زمن أصبح فيه كثرة الاستهلاك عنوان التحضر والتمدن، وترشيده دليل التخلف وعدم الانخراط في زمن الحداثة والعولمة.
لذا أعتقد أن توعية الأمة بالمنهج الإسلامي في تدبير المال الأسري هو بداية لانخراط الأسر في تحقيق مقاصد الأسرة.
الهوامش

(1) التفسير الكبير 3/143.
(2) الموافقات 2/17.
(3) مقاصد الشريعة الإسلامية، الطاهر بن عاشور ص 343.
(4) الموافقات، الشاطبي، 2/168.
(5) الموافقات، الشاطبي، ص 2/101.
(6) الإسلام عقيدة وشريعة، محمود شلتوت، ص 147، دار القلم، القاهرة، الطبعة الثالثة، 1966م.
(7) التحرير والتنوير، 2/334.
(8) التحرير والتنوير، 10/72.
(9) المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، يوسف حامد العالم، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، ط 1، 1412هـ- 1991م، ص 413.
(10) تحرير المرأة في عصر الرسالة، عبدالحليم أبوشقة، 163/5، دار القلم، الكويت، 1410هـ - 1990م.
(11) التراحم بين الناس في السنة النبوية، عبداللطيف الجيلاني، ص 17.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.73 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]