|
|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
تحقيق الإسلام وركنه الأعظم
أصلُ تحقيق الإسلام وركنِه الأعظم مالك بن محمد بن أحمد أبو دية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: اعلم - وفَّقك الله لمرضتاه - أن أصلَ دينِ الإسلام وقاعدتَه العظيمة وأساسَه أمران كبيران: الأول: إخلاص العبادة لله. والثاني: أن تقع تلك العبادة على الوجه المرضي عند الله. فهما شرطان يتحقق بهما إسلام العبد؛ فإن جاء العبد بعبادةٍ لم يخلص فيها لله لم تُقبل، وإن أخلص العبد في عبادة على غير الوجه المرضي عند الله، لم تقبل كذلك حتى يأتي بالشرطين جميعًا: ١- أن يخلص العبادة لله سبحانه وتعالى؟ ٢- أن تقع منه تلك العبادة على الوجه الذي يرضاه الله عز وجل. فأما إخلاص العبادة لله، فمعناه أن تقع جميع عبادات العبد القلبية والقولية والبدنية والمالية خالصةً لله سبحانه وتعالى، فلا يبتغي بها إلا وجه الله والدار الآخرة. وهذا الإخلاص هو الذي أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعبده به، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾ [الزمر: 2، 3]. والإخلاص: هو التوحيد؛ لأنه ينافي الإشراك والتنديد، وبه أمر الله جميع الناس: ﴿ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5]، ﴿ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الروم: 31]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾ [البينة: 5]. والإخلاص: هو الإسلام، ﴿ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الزمر: 11، 12]، وقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163]. فدلت الآيتان على أن الإسلام هو إخلاص جميع أفراد العبادة لله تعالى، وأن من لوازم ذلك ترك الشرك وهذا هو التوحيد. فإنَّ توحيد العبد يكمُل على قدر إخلاصه، وعلى قدر الخلل في الإخلاص يكون حظه من الشرك والعياذ بالله. وأما الشرط الثاني - وهو أن تقع العبادة على الوجه المرضي عند الله عز وجل -: فإنه لا يتحقق إلا بمتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم فيها؛ لأننا لا نستطيع أن نعرف الوجهَ المرضيَّ عند الله عز وجل في أي عبادةٍ من العبادات إلا عن طريق رسوله النبيِّ صلى الله عليه وسلم. ولذلك فإنَّ رسولَنا صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما بيَّن لنا أننا لا بد أنْ نتعبد لله عز وجل كما تعبد له هو صلى الله عليه وسلم، وأنَّ كلَّ عبادةٍ على غير طريقته، فإنها تكون مردودةً على صاحبها، فقال عليه الصلاة والسلام: ((صلُّوا كما رأيتموني أصلي))، وقال: ((خذوا عني مناسككم))، وقال: ((مَن رغِب عن سنتي فليس مني))، وقال: ((من عمِل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ))، وفي رواية: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). فصلٌ: بيان أن هذه القاعدة هي ركن الإسلام الأعظم: واعلم - علَّمَك الله - أن هذه القاعدة التي يقوم عليها أصل الدين هي حقيقة ركن الإسلام الأعظم ومفتاح الولوج فيه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فإن شهادة أن لا إلهَ إلا الله تعني أنَّ شاهدَها مُقِر ومصدق وموقن أنْ لا أحد يستحق أن يُعبد ويُأْله ويُطاع على وجه الذل والخضوع والمحبة والتعظيم إلا الله، فأخلص جميعَ ذلك له، ولم تقع منه عبادةٌ من العبادات إلا وهي خالصة لله وحده لا شريك له، فهو مستحق ذلك وحده لا شريك له؛ لأنه لا إلهَ إلا الله. وأمَّا شهادة أنَّ محمدًا رسول الله، فإنها تعني أنَّ شاهدَها مُقِر ومصدق وموقن بأنَّ محمدَ بنَ عبدالله الهاشمي القرشي صلى الله عليه وسلم، هو رسول الله حقًّا وصدقًا، جاءنا بالدين الحق، وجاءنا من عند الله تعالى بالخير كله، ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ [النجم: 3، 4]، فما نطق بفمه صلى الله عليه وسلم منذ بعثه الله إلا وحيًا. فلما آمنَّا وصدَّقنا أنه حقًّا رسول الله إلينا ليأمرنا وينهانا، ويبيِّن لنا كيف نتعبد لربنا سبحانه وتعالى، علَّمنا أنه ثمة طريقة معينة يريد الله سبحانه وتعالى أن نتعبد له عليها، وعلمنا أنه لا سبيل لمعرفة هذه الطريقة في كل عبادة بحسبها إلا عن طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلمنا أنه لا عبادة صحيحة إلا على طريقته وسنته وهديه الذي أوحاه الله إليه وأرسله إلينا به. فمَن عبَد الله عز وجل على الوجه الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد حقَّق شهادة أن محمدًا رسول الله، نسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يوفِّقنا للعمل الصالح رشيد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |