|
الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الأستاذ المعلم
الأستاذ المعلم أسامة طبش حلَّت هجعَةُ الليلِ وسكنَت أرواحُ الناسِ، انسحَبَ إلى فراشه معملاً فِكره، هو أستاذ بالجامعة، غزير القَريحة، فذُّ العقل، تَنهمِر كلماته كسيَلان بحر جارف، مخاطبًا طلبته في أفانين العلم وضروب المَعرِفة. ربما ذاق مشاقَّ الحياة لظروف ألمَّت به، فأصبح هزيلَ الجِسْم تَرتَجِف يداه، كسا الشَّيبُ بعضًا مِن الشُّعَيرات التي تزيِّن جلدَ رأسِه، تَفانيه في محاضراته يُثير شفقة طُلابِه، حتى إن كل واحد منهم عدَّه والده الذي يسعى إلى تلبية جميع طلباته. يَضرب لهم الأمثال بمَن سبق أن درَّسَهم، فهذا أصبح دكتورًا، والآخر سافر بمِنحة ليدرس بالخارج، وآخر ملأت الرفوفَ مؤلفاتُه، كان يَبتغي بذلك أن يحثَّهم على العلم وتذوُّق المعرفة الخالصة التي لا يتفوَّه بها إلا الخاصة من العلماء. ثقلَتْ عليه محفظته من كثرة الكتب التي تتزاحم فيها، كل كتاب رافقه في مرحلة ما من حياته، وآهٍ، كم يتحسَّر على التي ضاعت منه أو التي لم تصل يَداه إليها! يَبذُل كل ما في وسعه وكأنه يقول لهم: يا أبنائي، من هنا تُرتَشَف المعرفة، ومن هنا يُغرف من الزاد، فعمِّروا أرواحكم واسقوها بما يملأ القلوب نورًا، والأرواح غبطة وحبورًا. فما أجمل المُدرِّس وهو عالِم يفيض بهالة من الوقار! أنت يا من جلستَ على ذلك الكرسي ولم ترع حقه، أمَا آن لك أن تُدرِك أنَّ المسؤولية عظيمة؟ أما آن لك أن تدرك أن هذا الذي أمامك هو خليفتُك؟ أما آن لك أن تجتهد وتهَبَ خيرَ ما عِندَك؟ إنه لشَرَفٌ ما بعده شرَف، وكرامة لا تُوزن بالذهب، أن تُخرِّج أجيالاً تَحكي لآمادٍ عن عِلمك، تسقيهم من نبع العنفوان، وتُلقِّنهم حقيقة الحياة، قبْل حتى أن يتصفَّحوا الكُتب التي بين أيديهم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |