نظرية صدام الحضارات والمشاريع المنبثقة عنها - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12522 - عددالزوار : 213847 )           »          أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-07-2020, 04:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي نظرية صدام الحضارات والمشاريع المنبثقة عنها

222222222222222222222222222
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18-07-2020, 07:03 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرية صدام الحضارات والمشاريع المنبثقة عنها

نظرية صدام الحضارات والمشاريع المنبثقة عنها
كتبه/ عبد المنعم الشحات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
مقدمات تاريخية:
فهذه دراسة مختصرة لنظرية “صدام الحضارات” التي يتبناها الغرب الآن، وبيان لأهم المشاريع التي دشَّنها الغرب متأثرًا بهذه النظرية، والتي تمثـِّل أهم الأخطار التي تهدد العالم الإسلامي بصفةٍ عامةٍ، والصحوة الإسلامية بصفةٍ خاصةٍ.
ونتناول في هذا المقال المقدمات التاريخية منذ بعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى احتلت هذه النظرية موقعها في قيادة الفكر الغربي.
1- معنى الحضارة:
“الحضارة، والثقافة، والهوية”: مصطلحات تُطلق ويختلف العلماء فيما يعد منها أعم مِن الآخر، وغالبًا ما يتم استعمالها جميعًا بمعنى واحدٍ، وإن كان الأشهر في هذا أن يستعمل لفظ: “الحضارة” على أنه أعم مِن غيره، ولا يقصد به بطبيعة الحال المعنى اللغوي المباشِر وهو “العيش في الحضر”، وإنما يعنون به كل جوانب النشاط الإنساني: “العقلي والخلقي”، وما قام به في شأن الدين والدنيا، إلخ.
وغالبًا ما تُنسب الحضارة إلى الأمم التي تركتْ أثرًا كبيرًا في تاريخ البشرية فيُقال: “الحضارة اليونانية، الحضارة الرومانية، الحضارة الفارسية، والحضارة الإسلامية”.
2- الحضارة الإسلامية:
وبناءً على التعريف السابق يمكن أن نقرر أن الحضارة الإسلامية تشمل مِن الناحية المنهجية جميع شرائع الإسلام، وتشمل مِن الناحية المادية جميع ما أبدعه المجتمع المسلم في علوم الدنيا وتطبيقاتها، ويدخل في هذا الجانب المادي ما أنتجه المسلمون أو ما أنتجه أهل الذمة؛ لأن هذا الإبداع المادي لا يتأتى إلا بجهود المجتمع كله، ومِن باب أولى فلا بأس بأن يُضم في حضارة المسلمين جهودٌ علمية لأفرادٍ مسلمين، ولكنهم لم يكونوا على عقيدة أهل السُّنة.
ورغم أن المسلمين قدَّموا للدنيا خدماتٍ جليلة في العلوم المادية، إلا أنه يبقى أن السمة الأكثر بروزًا في الحضارة الإسلامية أن “الإنسان” يحتل بؤرة الاهتمام بينما تأتي وسائل حياة الإنسان في مرتبة تالية بخلاف الحضارات التي توصف بأنها مادية حيث تأخذ وسائل الحياة جانبًا أكبر مِن الاهتمام.
وحضارة الإسلام تنطلق مِن أساسٍ عقلي يُستعمل للدلالة على وجود الله، وعلى وجود الوحي، وعلى أننظرية صدام الحضارات والمشاريع المنبثقة عنها محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- رسول مِن عند الله، مرسل بالقرآن وبالسنة شارحة له، ومنهما يبني المسلم تصورًا كاملًا عن نفسه مِن أين جاء؟ ولماذا جاء؟ وإلى أين المصير؟ ويبني تصورًا عن الكون مِن حوله بدايته ونهايته، ويتبع تشريعًا يضع الإطار الذي يمكنه مِن حسن توظيف الكون لمصلحته، ويبين له الطريق لإدارة العلاقات الإنسانية بكل صورها سواء ما يتعلق منها بتكوين الأسرة، أو بالمعاملات المدنية أو الجنائية.
ثم إن حضارة الإسلام فيما يتعلق بوسائل الحياة مِن زراعة وصناعة وطب وهندسة حضارة منفتحة تترك الباب لكي تنقل وينقل عنها، ولذلك نجح المسلمون في استخلاص علوم الأمم التي سبقتهم، ثم طوروها وذهبوا بها عدة قفزات للأمام وبذلوها لكل الأمم الأخرى، وعنهم أخذت أوروبا أساس نهضتها المعاصرة.
3- موقف الإسلام مِن الحضارات الأخرى:
مما سبق يتضح أن الحضارة الإسلامية ليست كلها على درجة واحدة مِن اللزوم، وأن ما يتعلق منها بالمنهج يعتقد المسلمون فيه بطلان ما يخالف دين الإسلام، (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) [آل عمران:19]، (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء:82].
ويجب على المسلمين أن ينشروا هذا المنهج، وأن يدعوا جميع الأمم إليه، وأن الوسيلة الرئيسية في ذلك هي الحوار: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [النحل:125].
وأما المخالفون منهم، فنوعان:
– النوع الأول: “رعايا الدولة الإسلامية”: وهؤلاء نظَّمت الشريعة الإسلامية أحكامًا تضمن لهم الإقامة في دار الإسلام متى أرادوا دونما إكراهٍ على الدخول فيه، (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة:256].
– النوع الثاني: “الدول التي ترفض -ممثلة في نظام الحكم فيها- الدخول في الإسلام”: وهؤلاء شرع الإسلام جهادهم، ولكن اشترط له الحوار أولًا؛ بالإضافة إلى أن الشريعة أجازت المعاهدات والصلح، وأوكلت هذا للقيادة السياسية للدولة المسلمة؛ مما يعني أن الإسلام جاء بمبدأ الجهاد مِن أجل نشر الحق، كما جاء بآليات للتعايش مع دول غير مسلمة متى كانت المصلحة تقتضي هذا، والذي يهم الطرف الآخر هو وضوح الرؤية حول متى يمكن للمسلمين أن يحاربوا، ومِن جهة أخرى للالتزام بالعهد متى عاهدوا، وهذا حاصل في دين الإسلام.
3- الحضارة الغربية الحديثة:
– الحضارة الغربية الحديثة هي حضارة امتزجتْ فيها عدة حضارات، وهي: الحضارة اليونانية القديمة، وهي حضارة اهتمت بالإنسان وبمحاولة الوصول إلى إجابة شافية عنه وعن الكون مِن حوله، وعن معايير الإنسان الصالح والمجتمع الصالح “المدينة الفاضلة”، وهي بهذا تلتقي مع الحضارة الإسلامية، وإن كانت تفارقها في أن نتاجها في ذلك كان نتاجًا بشريًّا فلسفيًّا، بينما حضارة المسلمين قائمة في هذا الجانب بالذات على “الوحي”.
والحضارة الرومانية: وهي حضارة مادية تعشق القوة، وتفرط في العصبية، وتعتبر “اللذة” هي أسمى الأهداف، وبالتالي فحينما سيطرتْ على أوروبا بعد الحضارة اليونانية، استعملت الفلسفة كأداة لتقرير هذه النظريات.
والحضارة الرومانية “في عصر النصرانية”: وهي مرحلة تم فيها التزاوج على يد “بولس” بيْن تعاليم عيسى -عليه السلام- وبين الحضارة الرومانية، والذي أسفر دينًا جديدًا كما اعترف بذلك “بندكت” -البابا السابق للفاتيكان-، وإن كان قد قال هذا في سياق الفخر!
والحضارة الرومانية “في عصر العالمانية”: وكنتيجة لادعاء الكنيسة أن ما أدخلته على دين عيسى -عليه السلام- جاء بوحي مِن الروح القدس؛ فقد أغراها هذا بتكرار هذا الادعاء في العلوم الدنيوية، وهو ما قاد إلى صدام بيْن الدين والعلم، والذي صاحبه مظاهر أخرى مِن الفساد الكنسي، والذي أدَّى بدوره إلى انفجار تيار العلمانية أي فصل الدين عن الحياة.
وقد قسَّمها أصحابها إلى ثلاثة أنماط:
الأول: ضد الدين (وهي أكثر انتشارًا في الدول الشرقية)، وفي فرنسا مِن الدول الغربية.
الثاني: لا دينية، وهي الأكثر انتشارًا في معظم أوروبا.
الثالث: عالمانية تفصل الدين عن الحياة، ولكنها تحترم الدين، وهي الأكثر شيوعًا في الأوساط الأمريكية.
وغني عن الذكر أن كل هذه الأنواع لا تصلح للمسلمين، ولا تلتقي مع الإسلام الذي يأمر أتباعه: (قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الأنعام:162].
4- سيادة النمط الأمريكي:
بعد اكتشاف “كولومبوس” للقارة الأمريكية نزح الكثير مِن الأوروبيين إلى القارة الجديدة، وأسسوا مستعمراتٍ؛ كلٌ منها تتبع الدولة الأم التي جاءوا منها، وظل الأمر كذلك حتى نشبت حربٌ بيْن المستعمرات الإنجليزية والمستعمرات الفرنسية انتهت بهيمنة الإنجليز على وسط القارة، ثم تعارضت مصالح زعماء الأرض الجديدة مع سياسات إنجلترا؛ فخاضوا حرب استقلال ساعدتهم فيها فرنسا، ومِن ثَمَّ اقترنت الثورة الفرنسية وحرب الاستقلال الأمريكية، وكانت الحرية أحد أهم شعارات الحدثين، لا سيما وأنهما كانا متزامنين، وتحررت كل الولايات الأمريكية والتي دشنت اتحادًا فيما بينها كان هشًّا في بدايته، وحاولت الولايات الجنوبية تكوين اتحاد خاص بها، فنشبت حرب الشمال والجنوب، وأسفرت عن قيام دولة اتحادية ذات نظام رئاسي؛ خلافًا لما كان سائدًا مِن سيطرة البرلمانات في أوروبا.
ودخلت أمريكا إلى الساحة الدولية برفق، وكانت هي مَن دعت إلى إنشاء عصبة الأمم في أواخر الحرب العالمية الأولى، ثم كانت هي مَن تزعمت تطويرها إلى “الأمم المتحدة” في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وقد أسهمت الحرب العالمية الثانية في أن تكون أمريكا حامية أوروبا الغربية والدولة الإسلامية التي كانت واقعة تحت احتلال أوروبا الغربية قبْل الحرب، بينما أصبحت روسيا هي حامية أوروبا الشرقية، وحاولت التواجد في بعض البلاد الإسلامية ونجحت في ذلك إلى حدٍ كبيرٍ.
وتبنى الإتحاد السوفيتي سياسات غاية في التطرف حيث اعتنقت الدولة الإلحاد، ومِن ثَمَّ طبَّقت أكثر صور العلمانية تطرفًا كما طبقت أقصى درجات “الدولة البوليسية”، واعتنقت أكثر المذاهب الاقتصادية شمولية؛ مما جعلها تهوي في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما فتح شهية أمريكا لكي تنفرد بصدارة العالم.
وساعدها على ذلك عدة أمور، منها:
– أنها تبنتْ أكثر صور العالمانية تصالحًا مع الدين؛ مما جعلها تبدو عالمانية متى أرادت، ودينية إذا رغبت!
– أنها عظَّمت الحريات الشخصية، وحققت درجة جيدة مِن المساواة وتكافؤ الفرص في حين أنها أبقت على ضوابط لا بأس بها “بالنسبة للغرب طبعًا” لممارسة الحريات.
– أنها تبنت المذهب الاقتصادي الحر مع الاهتمام بالعدالة الاجتماعية واعتباره أحد مهام الدولة؛ مما جعلها تبدو اقتصاديًّا أكثر عدالة مِن كلٍّ مِن روسيا، وأوروبا.
وهي في ذلك تقترب بعض الشيء مِن الإسلام، ولكن مع وجود فوارق جوهرية، مِن أهمها: أن العدالة الاجتماعية عندهم مرهونة بموارد الدولة، ولا يحمل الأغنياء أي جزءٍ منها حتى ولو عجزت موارد الدولة، وأن الضرائب التي يدفعها الأغنياء هي نظير خدمات تقدمها الدولة لهم، وليس لتمويل مصارف العدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى أنها حافظت على مشروعية (الربا – الميسر) ولم تقترب منهما، وإن كانت قد عرفتْ تجارب ناضجة في مقاومة الاحتكار، وفي وضع ضوابط أخلاقية للإعلانات عن السلع وغيرها.
وثمة عوامل كثيرة أخرى جعلت المفكرين الأمريكيين يحلمون بأن دولتهم لن تسقط كما سقطت مِن قبلها إنجلترا، وفرنسا، ومِن قبلهما الدولة العثمانية، والنمسا، وإسبانيا، ومِن قبلهم: الفرس، والروم، وهكذا؛ فبدأوا يضعون النظريات التي تؤكد هذا المعنى، وإن لم يفتهم أن يقدموا النصائح اللازمة لكي يتحول هذا الحلم إلى حقيقة، ومِن هنا نشأت نظرية “صدام الحضارات”، والتي تولد عنها مشاريع قدمتها المراكز البحثية لضمان حصول النتائج التي توقعوها (أو بالأحرى تمنوها) مِن هيمنة الحضارة الغربية في طبعتها الأمريكية، ودوام تلك الهيمنة إلى ما لا نهاية!
5- مختصر تاريخ الصدام بيْن الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية:
جاء الإسلام بدعوة عبَّر عنها “ربعي بن عامر” -رضي الله عنه- في حواره مع “رستم” قائد الفرس بقوله: “إن الله ابتعثنا لإخراج العباد مِن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومِن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومِن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة”، وواجَه المسلمون الإمبراطورية الفارسية والتي سقطت في عقر دارها؛ فانتهى أمرها وتشتت شملها؛ عقوبة لملكهم الذي مزَّق كتابَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمزَّق الله ملكه!
ولم يبقَ أمام الفرس إلا تكوين “حركات باطنية”، منها: “الشيعة، والصوفية الفلسفية” -ولهذا قصة أخرى ليس هذا مجالها-، بينما أخذت المواجهة مع الروم طابعًا عسكريًّا محضًا في بعض الأحيان، وضمت إليه الطابع الفكري في أحيانٍ أخرى، وأنه في هذه الأحوال تمت الاستعانة بالحركات الباطنية “ولو كانت ذات أصول شرقية”؛ للطعن في منهج الإسلام الصافي، والذي يمثـِّل أهم دعائم “الحضارة الإسلامية”.
ويطول بنا المقام لو أردنا أن نتتبع تاريخ الصراع بيْن المسلمين والروم، ولكن يمكن إيجازه في أن المسلمين الأوائل قد استطاعوا هزيمة الروم في مصر والشام؛ مما يعني إعادتهم إلى حدود وطنهم الأصلي، وهذا بخلاف الفرس الذين سقطوا في عقر دار دولتهم، ومنذ الفتح الإسلامي لمصر، وبدأت مراحل مِن الصراع لخصها الأستاذ “محمود شاكر” -رحمه الله- في رسالة: “الطريق إلى ثقافتنا” في أربع مراحل:
– مرحلة غضب مكتوم ممزوج بخوفٍ مِن الاقتراب مِن تخوم الإسلام.
– مرحلة غضب متفجر مثمثلة في الحروب الصليبية “ولعل مما ساهم في إغرائها بغزو ديار الإسلام ثم في نجاحها في بادئ الأمر سيطرة الحركات الباطنية على سواحل الشام”.
– مرحلة غضب مكتوم وخوف أشد بعد انكسار الحملات الصليبية.
– مرحلة فتح القسطنطينية، وهي التي دفعت الغرب إلى تعلم علوم المسلمين، وإلى إرسال المستشرقين؛ لأنهم شعروا أن وجودهم كأمة صار مهددًا، وأيقنوا أن الحملات العسكرية لن تجدي نفعًا، واعترفوا أنهم أمام حضارة فيها أسرار للقوة لابد مِن دراستها قبْل المواجهة.
ونتج عن المرحلة الرابعة التي ذكرها الأستاذ “محمود شاكر” أن نقل الغرب كل ما يستطيع مِن حضارة المسلمين، وشمل هذا العلوم التجريبية كما شمل الكثير مِن النواحي التشريعية “ما تماشى منها مع ماديتهم”، وصادف هذا اغترارًا بالنصر في الدولة العثمانية؛ بالإضافة إلى عوامل ضعفٍ كثيرةٍ جدًّا، أدتْ إلى انهيار الدولة العثمانية، وتوزيع تركتها على الدول الأوروبية.
6- انهيار الدولة العثمانية ولعبة التقسيم:
مرَّت الدولة العثمانية بمراحل قوة ثم ضعف ثم انهيار، وكانت مرحلة القوة هي المراحل التي واجهت تحديات النشأة، وحماية بلاد الإسلام مِن خطر الصليبيين، وقطع آمالهم في العودة مرة أخرى، وفي تأديب الصفويين، وفي إيقاف التفاف البرتغاليين بحريًّا حول العالم الإسلامي ثم توج ذلك بفتح القسطنطينية، ومعها بدأت مراحل الضعف.
والتي كان مِن أهم أسبابها:
– زوال الدوافع التي كانت قاطرة مرحلة القوة.
– ضعف العلم الشرعي في الدولة العثمانية، وانتشار الطرق الصوفية.
– إقدام الخلفاء على قتل إخوتهم؛ لمنع النزاع على الخلافة، وهو ظلم رأت الأمة عاقبته في إدالة أعدائها عليها.
– جمود حركة العلوم التجريبية.

– مناوئة الفرسان لتحديث الجيوش العثمانية بالأسلحة النارية “البارود – الديناميت”، والتي كانت الفجوة فيها بيْن أوروبا والدولة العثمانية آخذة في الاتساع.
وثمة عامل أخرى غاية الأهمية، وهو تأثر الدولة العثمانية بالتيارات الفكرية الواردة مِن الغرب، وأهمها: الإعجاب بالنظام “الدستوري”، والتأثر بنمط “الدولة القومية”.
7- الاتحاد والترقي مِن مطالب “الدستور” إلى إلغاء الخلافة:
مع بداية دخول الصحافة إلى الدول العثمانية؛ بدأت الصحف تنقل ما يدور مِن حركات إصلاح سياسي في أوروبا منذ الثورة الفرنسية، ومنها الدعوة إلى الدولة القومية كبديل للتوسع الإمبراطوري الذي كان سببًا في عدة حروب داخلية في أوروبا، ولكن هذه الدعوى لم تلقَ القبول الكافي في بداية الأمر؛ لأن الإمبراطورية العثمانية لم تكن تعاني مما تعاني منه الإمبراطوريات الأوروبية التي لا يمكن لواحدةٍ منها أن تتوسع إلا على حساب الأخرى، بينما كانت كل بلاد المسلمين تشعر بوحدةٍ حقيقيةٍ.
بينما لقيت الدعوة إلى إقامة حكم دستوري قبولًا عامًّا لدى عامة المصلحين مِن أتراكٍ وعربٍ، ومِن هنا نشأت “جمعية الاتحاد والترقي” ونادت بالحكم الدستوري، لكنها ضمت بيْن عناصرها دعاة للقومية التركية إلا أنهم تستروا بهذا الفكر في بادئ الأمر، وقد اتضح فيما بعد أن عددًا غير قليل منهم على علاقة بالمخابرات الإنجليزية.
وقد استطاع هؤلاء أن يحققوا أحلامهم، وصدر الدستور العثماني سنة 1908م، وهي الخطوة التي اعتبرها معظم الإصلاحيين في العالم الإسلامي آنذاك إنجازًا عظيمًا، ولكنَّ الاتحاديين الذين وصلوا إلى البرلمان والوزارة وفق الدستور الجديد قاموا بأمرين كان لهما أكبر الأثر في انهيار الدولة العثمانية:
الأول: إظهار الدعوة إلى القومية التركية واحتقار العرب حتى المشاركين لهم في برلمان الخلافة، ومنهم “الشريف حسين” الذي عُيَّن فيما بعد أميرًا لمكة؛ فقام بالدعوة إلى القومية العربية، وحارب الدولة العثمانية جنبًا إلى جنب مع الإنجليز كرد فعل لدعاة القومية التركية.
الثاني: أجبر الاتحاديون السلطان على دخول الحرب العالمية الأولى بجوار ألمانيا رغم أنه كان يسعه الوقوف على الحياد، وهو الموقف الذي أخذته الدولة العثمانية مِن الحروب الأوروبية التي سبقت الحرب العالمية الأولى، بل إن أمريكا رغم أنها جزءٌ مِن العالم الغربي إلا أنها اختارت الحياد في الحرب العالمية الأولى، واختارته كذلك في الحرب العالمية الثانية إلى أن اضطرتها اليابان على خوض الحرب.
وبعد الحرب العالمية الأولى وهزيمة ألمانيا والدولة العثمانية؛ استثمر الاتحاديون مفاوضات الصلح مع الحلفاء لإعلان سقوط الخلافة، والاتفاق على ترسيم حدود تركيا تاركين باقي الدولة “ولايات الدولة العثمانية”.
ومِن جهة أخرى: فقد كانت إنجلترا وحلفاؤها قد وعدوا “الشريف حسين” بإقامة دولة عربية، كما كانوا قد اتفقوا على إلحاق الدول العربية في الشمال الإفريقي بالدول الأوروبية.
وفي سبيل ذلك: اخترعتْ “عصبة الأمم” نظام الانتداب كمرحلة تأهيلية لاستقلال هذه الدول؛ ففرضت على كل دولة وصاية مِن إحدى الدول، ولما كانت معظم ولايات الدولة العثمانية واقعة تحت احتلال فعلي؛ فقد تم تغيير مسماه إلى “انتداب” كما في حالة مصر مع إنجلترا.
8- الثورة العربية ضد الدولة العثمانية:
سوف يظل التاريخ يذكر هذه الثورة كنموذجٍ للغفلة المفرطة والثقة البلهاء في الأعداء، مدفوعة بالكراهية المتبادلة بيْن بعض أبناء الأمة، وقد ذكرنا أن “الشريف حسين” كان في غاية الاستياء فترة وجوده في الأستانة مِن ازدراء الكماليين للعرب، ولما عُيِّن شريفًا لمكة “ويُقال: إن هذا التعيين جاء بضغوط مِن الكماليين على الخليفة؛ مما يفتح بابًا لتطبيق نظرية المؤامرة”؛ أظهر عداءً للخليفة العثماني، والتقطته المخابرات الإنجليزية “أو قل: إنها هي مَن أعدت السيناريو مسبقًا”؛ فأرسلتْ أحد رجالها ليتقرب منه ومِن ابنه “فيصل”، وهو رجل عُرف فيما بعد بلقب: “لورانس العرب”؛ لأنه تعلم العربية وتزيا بزي الأعراب فلم يكن يَعرف حقيقة أمره إلا القليلون، وقد أقنع لورانس العرب الشريف حسين بأن إنجلترا عازمة حال خروجها مِن الحرب العالمية منتصرة أن تنصبه خليفة على الجزيرة العربية والعراق والشام؛ لأنه مستحق للخلافة لكونه هاشميًّا، وأن بريطانيا تريد مساعدته على استعادة حق سلبه العثمانيون الظلمة مِن البيت النبوي الشريف.
وهذا يعني تقسيم الدولة العثمانية إلى:
– دولة تركية.
– دولة عربية تشمل الجزء الأسيوي من العالم العربي.
– توزيع الجزء الأفريقي مِن العالم العربي على الدول الأوربية لكي يلتحم بها.
وغالب الظن أن هذا القدر مِن التقسيم كان أقصى طموحات إنجلترا آنذاك؛ إلا أنها وبعد ضغوط ورشاوى مِن يهود أوروبا أصدرت “وعد بلفور”؛ مما يعني استقطاع فلسطين مِن الدولة العربية التي وعدوا بها “الشريف حسين” والذي انزعج فأرسل مستفسرًا؛ فأجابوه أنه لا يعني إلا حرية إقامة اليهود في فلسطين دون أن يكون لهم الدولة “فرَّقوا له بيْن مصطلح الدولة والوطن!”، ومرة أخرى يبدو أن هذا كان هو سقف آمالهم؛ إلا أن الكرم الحاتمي للشريف حسين قد أغراهم برفع سقف الآمال.
ويبدو أن صِدام المصالح بيْن إنجلترا وروسيا وفرنسا وسعة صدر “الشريف حسين” قد أغرى إنجلترا بأن تعيد النظر في التقسيم المزمع، فاتفقوا على أن تتقاسم بريطانيا وفرنسا بلاد الشام، لتتقلص الدولة العربية إلى الأردن، والعراق، والحجاز “والتي انتزعتها الدولة السعودية لاحقًا” كما كان الإنجليز مسيطرين بالفعل على معظم سواحل الخليج.
ونأخذ مِن هذا: أن الحرص على تقطيع أوصال البلاد الإسلامية لا يقف عند حدٍّ، وأن الذي يحكمه فقط هي حدود الممكن، وقد وقـَّعت إنجلترا وفرنسا هذا الاتفاق بواسطة روسيا بما عُرف باتفاقية (سايكس – بيكو) نسبة إلى الرجلين اللذين عقداها.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 18-07-2020, 07:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,900
الدولة : Egypt
افتراضي رد: نظرية صدام الحضارات والمشاريع المنبثقة عنها

نظرية صدام الحضارات والمشاريع المنبثقة عنها
كتبه/ عبد المنعم الشحات

9- قيام إسرائيل أولى نماذج الفوضى الخلاقة:
ظهر مصطلح: “الفوضى الخلاقة!” على لسان “كونداليزا رايس” حال كونها وزيرة لخارجية أمريكا، ولكن ظهوره مِن الناحية العملية كان أسبق مِن هذا بكثير؛ فقد طُبِّق في إنشاء دولة إسرائيل.
وخلاصة الأمر: أنه تم بنهاية الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية، وقيام عصبة الأمم واختراعها لما عُرف “بالانتداب”، ووقوع فلسطين تحت الانتداب الإنجليزي “تمهيدًا لتنفيذ وعد بلفور”.
والتي تلخصت سياساتها في النقاط الآتية:
– السماح بهجرة اليهود إلى فلسطين بأعدادٍ كبيرة.
– تمليك الكثير مِن الأراضي لليهود.
– تسهيل عملية وصول السلاح لليهود.
– منع وصول السلاح للعرب.
– غض الطرف عن أي صراعٍ يكون الغلبة فيه لليهود بما في ذلك عمليات التهجير القسري، وحرمة المزارع والماشية، والتدخل السريع في أي نزاع تكون الغلبة فيه للعرب.
وفي النهاية: جاء مسلسل “الفوضى الخلافة” بإعلان إنجلترا وبصورةٍ مفاجئةٍ “للعرب طبعًا!” إنهاء الانتداب البريطاني عن فلسطين، لتتحرك العصابات اليهودية التي كانت قد أعدت عدتها وأعلنتْ قيام دولة إسرائيل!
وردَّ عليها العرب بإعلان حرب 1948م، والتي تعرض العرب فيها للخداع عدة مرات مِن قِبَل “الأمم المتحدة” وريث “عصبة الأمم”، أو صدرت قرارات بهدنة أو إيقاف إطلاق نار احترمها العرب في حين استثمرتها إسرائيل في تحسين مواقعها العسكرية حتى استقر وجودها.
10- الحرب الباردة:
بانتهاء الحرب العالمية الثانية وُجد في العالم قطبان رئيسان: الولايات المتحدة الأمريكية غربًا، والاتحاد السوفيتي شرقًا، وكل منها قد خاض الحرب العالمية الثانية بشيءٍ مِن التحفظ؛ مما ساهم في خروجهما مِن الحرب أقوى دولتين، وهو ما أسهم في أن تدير الدولتان أمورهما بشيءٍ مِن التعقل، وكلما وصلت الأزمات بينهما إلى حافة الهاوية سارعا إلى مفاوضات تبعدهما عن حافة الهاوية “ولو بخطوات”، وما زال الأمر كذلك حتى انهار الاتحاد السوفيتي -كما أسلفنا-ـ ووجد ما عُرف باسم: “النظام العالمي الجديد”.
وهي ما فتح المجال أمام محاولات الحفاظ على الهيمنة الأمريكية، والتي دُشن أساسها الفلسفي مِن خلال نظرية “صدام الحضارات”.
أولًا: نظرية صدام الحضارات:
كان معظم فلاسفة التاريخ يدرسون الحضارات التي ازدهرت ثم ضعفت -أو تلاشت- معتبرين أن هناك دورة حياة لكل حضارة تشبه حياة الإنسان؛ طفولة ثم شبابًا، ثم شيخوخة، ثم موتًا، ولكن الفيلسوف الألماني “كانط” قد أصَّل لنظرية هي: “أن الحضارة الإنسانية سلسلة واحدة، وأن كل حضارة تنتهي تسلِّم الراية لحضارة أفضل في تاريخ الإنسانية”.
ثم جاء “هيجل” واعتبر أن الحريات هي المعيار الذي يُقاس به التقدم، ورأى “هيجل” أن أوروبا في عصر النهضة تمثِّل قمة الرقي الإنساني عبر التاريخ من جهة أن المذهب البروتستانتي يمثِّل قمة التطور الديني، وأما سائر الأمور فالتفوق فيها واضح، وأصَّل “هيجل” لقاعدة هي: “أن الحضارة تتجه من الجنوب لتستقر في الشمال”، ومن الواضح أن “هيجل” وصف وضع أوروبا الديني والسياسي، بل والجغرافي، واعتبره هو غاية الكمال الإنساني!
ثم جاء “فوكوياما” المفكر الأمريكي الياباني الأصل، في نشوة انتصار أمريكا في حرب الخليج 1992م ليقدِّم أطروحته عن “نهاية التاريخ”، ويعني بها توقف حركة التطور في الحضارة الإنسانية عند محطة الحضارة الغربية الأمريكية تحديدًا؛ لكونها قد بلغت الكمال!
وقد رد عليه “هنتنجتون” في أطروحته: “صدام الحضارات”، وهو يلتقي معه في أن الحضارة الغربية “والطبيعة الأمريكية منها تحديدًا” هي غاية التطور في الحضارة الإنسانية، ولكنه يخالفه في مدى “سلمية” و”سلامة” الحفاظ على تفوقها، وقرر ضرورة أن تدافع تلك “الحضارة الكاملة” عن نفسها تجاه الحضارات الأخرى التي رفض أصحابها عنادًا منهم -مِن وجهة نظره- الذوبان في هذه الحضارة، وخص بالذكر الاتحاد السوفيتي “الذي قد انهار بالفعل”، والعالم الإسلامي الذي كان -وما يزال- يشهد صحوة إسلامية مباركة.
ومهما يقال مِن خلافات فلسفية حول هذه النظرية؛ فإن القدر المشترك بين كل هذه الأطروحات هو وجوب ذوبان جميع الحضارات في الحضارة الغربية، غير أن “فوكوياما” يرى حتمية وقدرية هذا الذوبان، بينما يؤكد “هنتنجتون” على أن الحضارة الغربية هي المكلفة باتخاذ تدابير الإذابة، ومِن الطبيعي أن تستخدم النظرية الأولى لتصدير الهزيمة النفسية للآخرين، بينما يعتني الساسة عمليًّا بالنظرية الثانية، ويقومون بما يستطيعون من تدابير تضمن ذوبان المسلمين في حضاراتهم الغربية، وقد تمخض هذا عن عدة مشروعات جاري تطبيقها على أرض الواقع.
ومِن أبرزها:
1- تقرير مؤسسة “راند”، وما أسفر عنه من توصيات، أبرزها: “دعم الإسلام الليبرالي!”.
2- مشروع الشرق الأوسط الكبير.
3- مشروع “الفوضى الخلاقة”.
ثانيًا: تقرير مؤسسة “راند” 2005م:
مؤسسة “راند”: هي أحد أهم المراكز البحثية التي تمد صانعي القرار الأمريكي بالرؤى الإستراتيجية، وهي تعتني بشؤون الشرق الأوسط عمومًا “والجماعات الإسلامية خصوصًا” (ومِن الجدير بالذكر: أن مؤسسة راند لها فرع نشط في قطر!).
وتقرير مؤسسة “راند” ذائع السيط، هو التقرير الذي صدر عام 2007م؛ إلا أن الفكرة الأصلية لهذا التقرير جاءت في تقرير 2005م بعنوان: “الإسلام المدني الديمقراطي: الشركاء – الموارد – الإستراتيجيات”.
وقد قسَّم هذا التقرير المسلمين إلى أربع فئات:
1- الأصوليون: “وهم مَن يتمسكون بالتفسير النصي، ويعتقدون سمو الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية، ويقومون بالمواجهة المسلحة مع الغرب”، ومِن الواضح أن التقرير تعمد استعمال ألفاظ: “السلفيون – الوهابيون – تنظيم القاعدة” على أن مدلولاتها مترادفة أو متقاربة، وأنه يريد استثمار حالة الحنق الغربي على “تنظيم القاعدة”؛ لكي يوجِّه الساسة إلى نفس درجة العداء لكل مَن انتمى إلى المدرسة النصية “السلفية” وإن لم يحمل سلاحًا!
كما يتضح الإلحاح على وصف السلفية بالوهابية رغم أن الأدق أن تقول: إن الوهابية هي حركة تجديد سلفية؛ “لأن السلفية أرحب مِن حيث الفكر والتاريخ والجغرافيا”، لكن يصر تقرير “راند” على حصار السلفية داخل قالبٍ يسهّل الزعم بأنه كان وليدَ تجربة تاريخية ولَّى زمانها!
2- القسم الثاني: “المسلمون التقليديون” مثل: الطرق الصوفية، ويوصي بضرورة دعمها، ولكن ليس دعمًا مطلقًا، وإنما بمقدار ما يستطيعون إيقاف تقدم الفكر الأصولي، وبلغ الأمر بالتقرير أنه أوصى بدعم المذهب الحنفي على حساب المذهب الحنبلي على اعتبار أن التقرير يفترض أن جميع الأصوليين حنابلة!
3- المسلمون الحداثيون.
4- المسلمون العالمانيون.
والفرق بيْن النوعين الأخيرين يمكن استخلاصه من كلام صاحب كتاب “الأصولية في العالم العربي”، والذي تحدث فيه عما أسماه: “العالمانية الانتقائية”، والتي وُصفت بها أنظمة عدة دول، مِن أبرزها: “مصر”، فالحداثيون وفق هذا التقسيم عالمانيون يرفضون بعض مظاهر العالمانية التي تضعهم في حرجٍ شديدٍ مع مجتمعاتهم مِن الناحية الأخلاقية أو الدينية.
وبصفةٍ عامةٍ يوصي تقرير “راند” 2005م بالدعم المطلق للعالمانيين، والدعم المحسوب لكل مِن الحداثيين والتقليديين بهذا الترتيب، وبالتصدي الشامل للأصوليين! ومِن المفيد أن ننبِّه أن السعي إلى فك الارتباط الذهني بين “السلفية كفكر” وبيْن “فكر القاعدة” وما يعرف بـ”السلفية الجهادية” قد يكون مفيدًا في تخفيف حدة المواجهة مع الأخذ في الاعتبار أن القوم لا يرضيهم إلا الأخذ بالعالمانية التامة، بل ربما لا يشفع ذلك حتى تكون عالمانية على خلفية نصرانية، وحالهم مع “تركيا” خير شاهد على ذلك.
ثالثًا: تقرير مؤسسة “راند” 2007م:
أصدرت مؤسسة “راند” تقريرًا آخر عام 2007م تحت عنوان: “بناء شبكات مسلمة معتدلة”.
ويمكن تلخيص أهم ما جاء فيه بالآتي:
1- ضرورة اتباع سياسة احتواء التيار الأصولي عن طريق دعم التيار المعتدل.
2- يجب أن يكون مفهوم الاعتدال وفقًا للرؤية الأمريكية، ومتعلقًا على وجه الخصوص بالموقف من “الأقليات الدينية – المرأة – الحريات”، واعتبار الرؤية الأمريكية لكل هذه الأمور هي الإجابة النموذجية؛ لا سيما وأنها معدودة “محافظة” مقارنة بالطرح الأوروبي لهذه القضايا! وقد وضع التقرير عدة أسئلة كاختيار للاعتدال، وهي ما سنبينه في الفقرة الآتية.
رابعًا: مقياس مؤسسة “راند” للاعتدال:
1- هل يتقبل الفرد أو الجماعة العنف أو يمارسه؟ وهل تقبَّله أو مارسه في الماضي؟
2- هل تؤيد الديمقراطية؟ وهل تعرف الديمقراطية بمعناها الواسع الذي يشمل حريات الأفراد؟
3- هل تؤيد حقوق الإنسان المتفق عليها دوليًّا؟
4- هل لديك أي استثناء على ذلك؟
5- هل تؤمن بحق تبديل الدين؟
6- هل تؤمن بوجوب تطبيق الشريعة لاسيما الشق الجنائي “الحدود”؟
7- هل تؤمن بوجوب تطبيق الشريعة في الشق المدني؟ وهل يمكن حينئذٍ السماح لمعاملات مدنية غير ملتزمة بالشريعة لمن يرغب؟
8- هل تؤمن بوجوب حصول الأقليات الدينية على نفس حقوق المسلمين؟
9- هل تؤمن بجواز تولي الأقليات الدينية المناصب العليا في الدولة؟
10- هل تؤمن في حق الأقليات الدينية في بناء دور العبادة؟
11- هل تقبل بنظام تشريعي غير مذهبي؟
فالتقرير فيما عدا هذا يتحدث عن أمورٍ صارتْ واقعًا ملموسًا مِن الاعتماد على الإعلام، وجمعيات المرأة، وجمعيات حقوق الإنسان؛ فضلًا عن دعم كل مَن يبتعد عن الأصولية، على أن يزداد الدعم كلما اقترب مِن العالمانية التي يكون دَعم أصحابها غير محدود؛ باعتبارهم النموذج المراد أن يسوِّق له في نهاية المطاف!
خامسًا: مشروع الشرق الأوسط الكبير:
وردت فكرة هذا المشروع في كتاب “بريجينسكي” أحد أبرز مستشاري الرئيس الأمريكي “جيمي كارتر” في كتاب له بعنوان: “بيْن جيلين”.
وخلاصة الفكرة: أن الغرب بعد أن سوَّق لنا مشروع الدولة القومية؛ ليتمكن مِن خلالها مِن تفتيت الخلافة إلى عدة دول قومية([1])، فإن الجديد في فكرة “بريجينسكي” هو: تسويق فكرة “الدولة – الأمة”، أي: الدولة التي جميع شعبها ينتمي إلى عرق واحدٍ ودينٍ واحدٍ، أي: استنساخ صورة دولة إسرائيل ليصبح جميع جيرانها متقاربين معها “في المساحة – عدد السكان” بعد ما يفصّل لكل مجموعة تتفق في الدين والعرق “دويلة أو كانتون” على حد تعبير بريجينسكي!
وأما “نقطة العسل” التي يُمرر بها هذا المشروع، فهي: حق إمكانية التعاون الكونفدرالي بيْن هذه الكانتونات، وبالطبع فإن الضغوط الدولية سوف تمنع وجود هذا الاتحاد أو اتجاهه إلى الكيانات التي تكون محققة لأهداف السياسة الغربية!
ومِن الجدير بالذكر: أن “بريجينسكي” ما زال على قيد الحياة، وأنه صرَّح بتوقعه أن تُسهِم “ثورات الربيع العربي” في تطبيق فكرة “الكانتونات” التي روَّج لها في السبعينيات، وصرَّح بأن مرحلة الاتحادات الكونفدرالية لن تأتي إلا بعد حروبٍ حول القيادة، ربما تكون إحداها بين إيران وإسرائيل، وأخرى بين مصر والسعودية، وأن مِن ضمن الاتحادات المتوقعة: اتحاد كونفدرالي بين إسرائيل وفلسطين.
سادسًا: خرائط التقسيم المتوقعة:
يُراجَع الفصل الثالث مِن كتاب “الاحتلال المدني”، فقد جمع عددًا مِن النقول في هذا الباب، مع التنبيه على أننا لا نقرّ المؤلف على كل ما أورده في كتابه مِن تحليلاتٍ.
وقد نقل الكتاب “وثيقة برنارد لويس” -أحد مروجي هذا المشروع- نقلًا عن صحيفة المستشار العراقية (عدد 18 فبراير 2013م)، وجاء فيه تصور للوضع الذى يمكن أن تؤول إليه دول المنطقة.
وكان ملخص ما ذكره كالآتي:
أولًا: بالنسبة لمصر:
تُقسَّم مصر إلى 3 دويلات: دولة مسيحية: عاصمتها الإسكندرية، ودولة إسلامية: عاصمتها القاهرة، ودولة النوبة: عاصمتها أسوان.
ثانيًا: السودان:
دولة الجنوب المسيحي، ودولة الشمال الإسلامي، ودولة النوبة بالتكامل مع النوبة المصرية “إقليم دارفور”.
وفيما يخص دول المغرب العربي، فحسب مشروع “لويس” قد قُسِّمت هذه الدول إلى:
– دولة الأمازيغ، وتمتد بعد بلاد النوبة غربًا إلى الجزائر.
– دولة البوليساريو.
– وإعادة تشكيل الدول المتبقية: كالمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا.
أما دول الخليج العربية فستصبح كالآتي:
– الدولة الشيعية: وتضم جنوب العراق والساحل الغربي لإيران، والشرقي للسعودية المطل على الخليج العربي.
– الدولة الإسلامية المحايدة: وتضم مكة المكرمة والمدينة، واقتطاع الجزء الشمالي الغربي إلى اليمن، وإبقاء ما تبقى مِن الجزيرة العربية للأردن الكبير، والجزء الجنوبي الغربي إلى اليمن، وإبقاء ما تبقى مِن الجزيرة العربية إلى إقليم السعودية المستقل.
أما إيران: فستخسر جزءًا كبيرًا مِن أراضيها لصالح أذربيجان الموحدة وكردستان الحرة والدولة الشيعية العربية، وبلوشستان الحرة، لكنها ستكسب المحافظات المحيطة بـ”هرات” في أفغانستان الحالية، وهي منطقة ترتبط بصلةٍ وثيقةٍ مع بلاد فارس تاريخيًّا ولغويًّا.
وفي الواقع: ستصبح إيران دولة للعراق الفارسي مرة أخرى، مع بقاء السؤال الصعب المتمثل فيما إذا كانت ستحتفظ بميناء بندر عباس أو تتنازل عنه للدولة الشيعية العربية؟!
إن ما ستخسره أفغانستان لصالح الدولة الفارسية غربًا، ستكسبه مِن جهة الشرق حيث سيعود اتحاد القبائل القاطنة شمال غرب باكستان مع إخوانهم في أفغانستان.
أما باكستان: فستفقد منطقة البلوش لصالح بلوشستان الحرة، وباكستان الطبيعية التي ستبقى في نهاية الأمر فستوضع بكاملها شرق نهر السِند، ما عدا نتوء متجه للغرب بالقرب مِن كراتشي.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة: فسيكون لها مصير مختلط كما هي حالها الآن، فبعض الإمارات قد تنضم للدولة الشيعية العربية مما يعطيها المزيد مِن السيطرة على الخليج العربي، وبذلك يُرجَّح أن تكون الدولة الشيعية العربية عامل توازن مقابل الدولة الفارسية أكثر مِن احتمال أن تكون حليفًا لها “ويوجد عدة تصورات أخرى تدور حول هذه الفكرة”.
سابعًا: “الفوضى الخلاقة” أفضل وسيلة للتقسيم:
الفوضى السياسية تأتي عن طريق إحداث فراغ مفاجئ في السلطة السياسية أو في قوة عسكرية؛ مما يوقع المجتمع في فوضى، والتي تعني أنهارًا مِن الدماء، واختلالًا في موازين الأمن في المجتمع.
ولكن متى تكون الفوضى “خلاقة” على النحو الذي عبرَّت به “كونداليزا رايس”؟!
في الواقع: فإنه لا يُتصور أن تكون الفوضى “خلاقة”؛ إلا إذا كانت مبرمجة قبْل إحداث الفوضى.
وأوضح مثال على ذلك: “قيام دولة إسرائيل”، والذي جاء نتيجة فراغ مفاجئ في السلطة بإلغاء بريطانيا انتدابها في فلسطين، وبالطبع كان اليهود قد أعدوا السلاح والرجال، وكانوا على علمٍ مسبقٍ بموعد الفراغ المفاجئ، فكانت نتيجة تلك الفوضى هو قيام دولة إسرائيل، بل إن هبَّة سبعة جيوش عربية غير مستعدة للحدث لم تكن كافية لتغيير البرمجة المسبقة لتلك الفوضى!
ويمكنك أن تعيد “نفس السيناريو” بصورةٍ أو بأخرى في العراق؛ حيث تولت أمريكا مسؤولية القضاء على الجيش العراقي دون إيجادٍ بديلٍ حقيقي؛ فكانت الغلبة للميليشيات الشيعية، وأما السيناريو الليبي والسوري: فهو متأرجح حتى الآن لصعوبة البرمجة، ولكن مِن الواضح أن مَن يدير العملية حريص على عدم الوصول إلى نقطة الفوضى الشاملة؛ لأنه لم يرتب الأوراق جيدًا لمَن يريده أن يملأ الفراغ.
ثامنًا: هل قَبِلت بعض الحركات الإسلامية أيًّا مِن هذه المشاريع الثلاثة: “راند – الشرق الأوسط الكبير – الفوضى الخلاقة”؟!
أولًا: “راند”:
مِن الواضح أن عددًا لا بأس به قد قدَّم الإجابات النموذجية للاعتدال الأمريكي “الراندي”، وهؤلاء نوعان: نوع صار يَرى هذا دينًا، وأصبح ينافح عنه فعلًا! ونوع يوافق على هذه الأطروحات مِن باب التكتيك.
وقد نبَّه تقرير “راند” على هذا النوع؛ ومِن ثَمَّ فإن الحصار الإعلامي وحده كافٍ لتحويل هذا التكتيك إلى إستراتيجية إجبارية لمَن دخل فيه، وثمة تيارات أخرى: كالتيار القطبي لا ترى غضاضة مِن القبول بمعطيات “راند” مِن باب أنها تلتقي مع فكرة “سيد قطب” حول إمكانية عودة مرحلية الأحكام، أو تقرير أن دعوة الناس إلى الأحكام قبْل دعوتهم إلى العقيدة هو مِن قبيل استنبات البذور في الهواء!
ومِن هنا يحل التناقض الظاهري في اشتمال بعض الاتجاهات الإسلامية على جناح ليبرالي وآخر قطبي، وذلك أن كلا الفريقين يمكن أن يتفقا ظاهريًّا على الأداء الليبرالي، ويبقى الخلاف بينهما -بما في القلب- بين مَن يعتنق هذا المذهب وبين مَن يقبل به مِن باب أن درجة إيمان الناس الآن يناسبها هذا التطبيق المشوه للإسلام إن لم يكن أقل!
ثانيًا: الشرق الأوسط الكبير:
توجد تصريحات لـ”أردوغان” بقبول شرق أوسطٍ كبيرٍ، كما توجد مواقف لبعض الدول التي بلغت مِن الصغر حدًّا لا تصل حد التقسيم يبدو منها أنها تقوم بدور الترويج لهذا المشروع، كما توجد مؤشرات لقبول “إيران” بهذه الفكرة، ويروَّج أن بعض الجماعات الإسلامية قد قَبِلت بها؛ وإذا صح هذا فسوف يكون هذا كله تكرارًا لمأساة “الشريف حسين والثورة العربية”.
وموقف “إيران” قد يكون واضحًا في أن المشروع يعطيها أجزاءً مِن باكستان وأفغانستان تُضم إلى جزءٍ مِن جنوب العراق وشرق السعودية؛ لتكون دولة شيعية عربية، ويبدو أن “إيران” تضمن بصورةٍ كبيرةٍ حال تطبيق هذا المشروع إتمام الاندماج الكونفدرالي بينها وبين الدولة الشيعية العربية المزمع إنشاؤها، في حين يبدو أن “تركيا” والجماعات المتفقة مع “أردوغان” في التوجه يبتلعون طُعمًا خطيرًا بشأن الموافقة على السماح بإجراءاتٍ مِن شأنها أن تزيد مِن تقسيم العالم الإسلامي على “أمل الوحدة الكونفدرالية”؛ لتكون بديلًا عصريًّا للخلافة!
وطرْح الاتحاد الكونفدرالي بيْن البلاد الإسلامية كبديلٍ للخلافة قد يُعتبر خطوة للإمام ما لم يكن مشروطًا بمزيدٍ مِن التقسيم قبله، وأما القبول بالتقسيم أو التهيئة له عن طريق دعم “الفوضى الخلاقة” على أمل إعادة الاتحاد؛ فهو نوع مِن “قتل عشرة عصافير في اليد انتظارًا لعصفور في يد الغير!”.
تاسعًا: السعي وراء “الفوضى الخلاقة” طلبًا لإصلاح الأوضاع في البلاد الإسلامية:
أجمعتْ كتب السياسة الشرعية على مراعاة “المصالح والمفاسد” في الإنكار على الحكام المسلمين مهما بلغ فسادهم؛ لا سيما في قضية “الخروج على الحاكم الفاسق”، والقاعدة التي يقررها العلماء هي عكس قاعدة: “الفوضى الخلاقة” تمامًا، ومنهم “الجويني” في كتابه: “الغياثي”، ومع هذا حاول بعض المتأثرين بهذه النظرية أن يَنسب إليه القول بها -وقد خصصنا ملحقًا للرد عليه-!
والذي يهمنا هنا أن نعرِّج بسرعة على الاستفادة مِن دروس التاريخ، خاصة إذا استصحبنا أن “الفوضى” لن يستفيد منها إلا الذين أعدوا لها العدة “وقد يكونون في بعض الأحوال جيوشًا أجنبية أو قوات موالية لها”.
عاشرًا: بين الجيوش الوطنية وجيوش الدول الكافرة:
نعيد إلقاء الضوء على ثلاث تجارب تاريخية كانت المواجهة فيها بين الجيوش المحلية تحت قيادة دول فيها أنواع مِن المظالم ضد جيوش الكفار؛ فكيف كان التصرف في كل حالة؟
الحالة الأولى: “التتار – المماليك”: وفي هذا نجد أن ابن تيمية -رحمه الله- قد تصدَّى لمَن حاول المساواة بين التتار والمماليك، ومِن ثَمَّ رتَّب على هذا عدم مساعدة المماليك في تصديهم للتتار! فحفظ الله به مصر والعالم الإسلامي مِن شرِّ “التتار”، وليس المقصود هنا بيان أن الواقع المعاصِر ينطبق بحذافيره على “المماليك والتتار”، لكن النسبة هي هي تقريبًا.
الحالة الثانية: “الحملة الفرنسية – المماليك”: قد ذكر الأستاذ “محمود شاكر” -رحمه الله- كيف استثمر المستشرقون موقف المشايخ مِن مظالم “المماليك”، وأقنعوهم بعدم مساعدة “المماليك” في التصدي للحملة الفرنسية!
الحالة الثالثة: “الثورة العربية بين الدولة العثمانية وإنجلترا”: ورأينا كيف تورط “الشريف حسين” -أملًا في التخلص مِن اضطهاد الدولة العثمانية للعرب- في أن يمكِّن للإنجليز في فلسطين، ومِن بعدهم اليهود! كما ساهَم بصورةٍ جديةٍ في وجود “سايكس – بيكو”.
والسعيد مَن وعظ بغيره.
والله الموفق، وهو الهادي إلى سواء السبيل.
([1]) كما أشرنا -سابقًا- أن الفكرة بدأتْ لتقسيم الخلافة العثمانية إلى دولة عربية ودولة تركية، مع إلحاق دول الشمال الأفريقي بأوروبا؛ إلا أنها سرعان ما تغيرت عبْر اتفاقية “سايكس – بيكو” إلى إعادة التقسيم قبْل خروجها إلى النور باستقطاع دولة إسرائيل: “سوريا ولبنان”، وكانت الجزيرة العربية خارج الحسابات الدولية بطبيعة الحال.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 104.83 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 102.01 كيلو بايت... تم توفير 2.82 كيلو بايت...بمعدل (2.69%)]