كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله) - الصفحة 11 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12412 - عددالزوار : 210308 )           »          الجامع في أحكام صفة الصلاة للدبيان 3 كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74474 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #101  
قديم 12-08-2020, 04:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (8)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم


العـفـة



العفة هي النزاهة عن الرذائل والقبائح من الأعمال والأقوال(1)، وهي تُقصد في العِرض، والمال. والنوع الأول هو المقصود بالعفة عند الإطلاق.

وإن أردت أن ترى روعة هذا الخلق الجميل ماثلاً في مجتمع ما؛ فتأمّل ذلك المجتمع الذي رباه النبي - صلى الله عليه وسلم -، المجتمع الذي ينطف بالطهر والعفاف ابتداءً بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وانتهاءً بذلك الصحابي الجليل الذي أحرقته نار المعصية لما زلّت به القدم فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: (طهرني)(2) وتلك الصحابية الجليلة التي أغواها الشيطان فزلت بها القدم فجعلت تتردد على النبي - صلى الله عليه وسلم - تصيح من حرّ المعصية (طهرني طهرني)(3) فيمهلها حتى تضع حملها ثم تتم رضاع طفلها، ثم تفطمه؛ فتأتيه وبيد طفلها قطعة خبز حتى لا يردها.

ذلكم العفاف والطهر الذي جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الموت دونه شهادة والدفاع عنه جهاد، قال - صلى الله عليه وسلم - (من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله أو دون دمه أو دون دينه فهو شهيد)(4). وكان الحفاظ على الأعراض والمنع من الاعتداء عليها وصية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في أخريات أيام حياته، فقال في خطبة الوداع (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا)(5).

ومن أجله شرع الإسلام أموراً كثيرة، وحرم أموراً أخرى، وسوف نستعرض تلك التشريعات في الحلقات القادمة بإذن الله تعالى.








(1)
انظر مدارج السالكين 3/73 و النهاية3/264.
(2)
قصة الصحابي ماعز بن مالك -رضي الله عنه- أخرجها مسلم باب من اعترف على نفسه بالزنا ح 1695-3/1321.
(3)
قصة المرأة الغامدية رضي الله عنها أصلها في صحيح مسلم وهي بتمامها عند أحمد ح 22999-5/348 قال شعيب الأرناؤوط: صحيح.
(4)
أخرجه أبو داود باب في قتال اللصوص ح 4772 -4/246، والترمذي باب فيمن قتل دون ماله فهو شهيد ح 1421- 4/30 وقال حسن صحيح، والنسائي باب من قاتل دون أهله ح 4094-7/ 126، وأحمد ح1652-1/190 قال شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي.
(5)
متفق عليه أخرجه البخاري باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - رب مبلغ أوعى من سامع ح67-1/37، ومسلم باب في حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ح 1218-2/886.









__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #102  
قديم 12-08-2020, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)






السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (9)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم


لأجـل العفـة (1-6)



أولاً: حث على النكاح فقال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)(1)، بل وعد بالعون لمن أراد النكاح ليعف به نفسه فقال عليه الصلاة والسلام: (ثلاث حق على الله تعالى عونهم – وذكر منهم – الناكح يريد العفاف)(2)، وقال سبحانه: (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ....)(3)

.

ثانياً:حرّم الفواحش ورتب عليها حدوداً في الدنيا وعقوبات في الآخرة لمن لم ينزجر عنها، قال سبحانه: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّي الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ...)(4). فحد الزاني المحصن مثلاً الرجم حتى الموت، وغير المحصن الجلد مائة، ومن انتكست فطرته فاكتفى بمثله؛ رجل ورجل، امرأة وامرأة، أو مع الدواب، فحده كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اقتلوا الفاعل والمفعول به)(5) ولا عجب من هذه الشدة في العقوبة لأن داعي الشهوة يقوى مع ضعف داعي الإيمان في النفس، ويتسلط الشيطان وقرناء السوء، فيعم بذلك الفساد في الأرض، ولا رادع عندئذ لهذه الأهواء إلا العقوبات الشديدة. أضف إلى هذا أن الإسلام لم يضع الحدود إلا بعد أن وضع السياجات الحامية للمجتمع من الفساد والوقوع في الرذيلة. فإن أبى مجتمع ما إلا أن يخلع ثوب العفة وينغمس في وحل الرذيلة، سلّط الله تعالى عليه عقوبات دنيوية علّه ينفكّ ويكف، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا …)(6).










(1)
أخرجه البخاري باب الصوم لمن خاف على نفسه العزوبة ح 1806-2/673، ومسلم باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه..ح 1400-2/1018.
(2)
أخرجه الترمذي باب ما جاء في المجاهد... ح 1655-4/184 وقال حديث حسن، وابن ماجه ح 2518-2/841، والنسائي في الكبرى باب في المكاتب ح 5014-3/194، وأحمد ح 7410-2/251 قال الأرناؤوط: إسناده قوي رجاله ثقا رجال الشيخين غير محمد بن عجلان، وابن حبان ثلاث حق على الله...ح 4030-9/339.
(3)
سورة النور آية 32و33.
(4)
سورة الأعراف آية 33.
(5)
أخرجه أبو داود باب فيمن عمل عمل قوم لوط ح4462-4/158، والترمذي باب ما جاء في حد اللوطي ح 1456-4/57، وابن ماجه باب فيمن عمل عمل قوم لوط ح2561-2/856، وأحمد ح2727-1/300، والحاكم ك الحدود ح 8050-4/396 وسكت عنه الذهبي.وانظر كتاب الكبائر للذهبي ص55 وما بعدها.
(6)
رواه ابن ماجه ك الفتن باب22 العقوبات ح4019-2/1332، والحاكم ك الفتن والملاحم باب ذكر خمس بلاء أعاذ النبي منها للمسلمين 4/540 قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في صحيح الجامع ح7855-6/306، وفي السلسلة الصحيحة ح106-1/168.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #103  
قديم 12-08-2020, 04:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)




السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (10)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم


لأجـل العفـة (2-6)





سادساً: النهي عن الاختلاط: فالاختلاط منهي عنه في أعظم العبادات وهي الصلاة فللرجال صفوف وللنساء صفوف وفي الحديث: (خير صفوف الرجال أولها وخير صفوف النساء آخرها)(1)، وقد خص النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء بيوم يعلمهن فيه أمور دينهن حتى لا يحتجن إلى الاختلاط لطلب العلم، وكان يقول لهن عليكم بحافات الطريق(2)، حتى لا يختلطن بالرجال. ولا يخفى ما للمباعدة بين الرجال والنساء من الحفاظ على عفة المجتمع وسلامته من الفساد.

سابعاً: النهي عن الخلوة قال عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)(3).

ثامناً: شرع الاستئذان قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(4). قال القرطبي رحمه الله: (لما خصص الله سبحانه ابن آدم الذي كرمه وفضله بالمنازل، وسترهم فيها عن الأبصار، وملّكهم الاستمتاع بها على الانفراد، وحجر على الخلق أن يطلعوا على ما فيها من خارج أو يلجوها من غير إذن أربابها، أدّبهم بما يرجع إلى الستر عليهم لئلا يطلع منهم على عورة...سواء كان الباب مغلقاً أو مفتوحاً ؛ لأن الشرع قد أغلقه بالتحريم للدخول حتى يفتحه الإذن من ربه، بل يجب عليه أن يأتي الباب ويحاول الإذن على صفة لا يطّلع منه على البيت لا في إقباله ولا في انقلابه)(5)، وشرع الاستئذان أيضاً للأطفال على آبائهم في ثلاث أوقات كما في قوله سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ...)(6).


تاسعاً:شرع الله الحجاب على المرأة وأمرها بستر زينتها عن الرجال الأجانب قال سبحانه: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً)(7)، قال ابن عباس رضي الله عنه: (أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب)(8). وقال سبحانه: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا...) - إلى قوله سبحانه – (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(9)، وهذا بأمر بإخفاء الزينة كلها إلا ما ظهر بنفسه من غير قصد منها كأطراف الثياب ونحو ذلك دون الوجه الذي هو أعظم الزينة ومكمن الجمال والفتنة فهو لا يظهر إلا بفعل من المرأة وقصد، ومن الزينة التي نهيت المرأة عن إبدائها (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ) أي لا تضرب المرأة برجلها إذا مشت لتُسمع صوت خَلخالها، فإسماع صوت الزينة كإبداء الزينة والغرض التستر(10)، كما نهيت المرأة أيضاً عن التعطر والخروج بحضرة الرجال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل)(11)، هذا في خروجها إلى المسجد خير البقاع فكيف بخروجها إلى الأسواق ونحوها.

عاشراً: يشرع دعاء الله تعالى وسؤاله العفة والحياء فقد كان من أدعية المصطفى - صلى الله عليه وسلم - (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)(12), (اللهم إني أسألك الصحة والعفة، والأمانة وحسن الخلق، والرضا بالقدر)(13)، وقال أبو هريرة -رضي الله عنه-: (أول ما يُرفع من هذه الأمة الحياء، والأمانة فسلوهما الله)(14).







(1) أخرجه مسلم باب تسوية الصفوف...ح 440-1/326.
(2)
أخرجه أبو داود باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق ح 5272-4/369، والطبراني في الكبير ح 580-19/261.
(3)
أخرجه أحمد ح 177-1/26 قال الأرناؤوط: حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، والنسائي في الكبرى باب خلوة الرجل بالمرأة ح 9219-5/387، وابن حبان ذكر الزجر أن يخلو المرء بامرأة أجنبية ح 5586-12/399.
(4)
سورة النور آية 27.
(5)
الجامع لأحكام القرآن 12/212-220.
(6)
سورة النور آية 58.
(7)
سورة الأحزاب آية 59. وقد اتفق العلماء قاطبة على وجوب ستر المرأة شعرها وسائر بدنها عن الرجال الأجانب بالجلباب الفضفاض الذي يستر تفاصيل البدن، وإنما اختلفوا في الوجه والكفين.
(8)
أخرجه الطبري في تفسيره 20/ 324.
(9)
سورة النور آية 31.
(10)
انظر الجامع لأحكام القرآن 1/237.
(11)
أخرجه أبو داود باب في المرأة تطيب للخروج ح 4174-4/79، و ابن ماجة باب فتنة النساء ح4002-2/1326وصححه الألباني، وأحمد ح 7350-2/246، وابن خزيمة باب إيجاب الغسل على المتطيبة للخروج إلى المسجد ح 1682-3/92.
(12)
أخرجه مسلم باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل ح 2721-4/2087.
(13)
أخرجه البخاري في الأدب المفرد باب من دعا الله أن يحسن خلقه ح (307)، والخرائطي في مكارم الأخلاق ح (166).
(14)
أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق ح (178).







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #104  
قديم 19-08-2020, 09:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)





السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (11)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم



أخلاق الحاج



رغم أن الحج مرة واحدة، - ليس في الشهر ولا في العام وإنما في العمر كله - إلا أن تأثيره يمتد بقية عمر الإنسان إن أحسن المرء حجه وأخلصه.

ولما كان الله تعالى أوجبه على العباد مرة واحدة في العمر، ولمن استطاع إليه سبيلاً وأجزل الثواب عليه وعظمه، علّق ترتب الثواب عليه لمن أدى الواجبات والأركان وصان حجه عن الآثام.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن حج لله فلم يَرْفُث ولم يَفْسُق رجع كيوم ولدته أمه)(1).

وقال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ)(2).

ففي الآية والحديث نهي عن الرفث، وقد اختلف في المقصود به، فقيل الرفث الجماع، ومقدماته القولية والفعلية، وقيل: هو عام يعم كل فحش في القول والفعل، ونهي عن الفسوق وهو المعاصي(3). ونهي عن الجدال.

فعلى الحاج أن يحفظ بصره فلا يطلقه فيما حرم الله النظر إليه، فإن كان رجلاً غض بصره عن النساء، وإن كانت امرأة غضت بصرها عن الرجال، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: كان الفضل رديف النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشِّق الآخر، فقالت: إن فريضة الله أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة، أ فأحج عنه ؟ قال (نعم) وذلك في حجة الوداع(4). وفي حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال له العباس: يا رسول الله لِمَ لويت عُنُق ابن عمك قال: (رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما)(5)، وجاء في بعض طرق الحديث بيان سبب سفور هذه المرأة، وأن سفورها لم يكن إلا أمام النبي صلى الله عليه وسلم لكن اطلع عليها الفضل رضي الله عنه لأنه كان رديفاً لرسول الله عليه الصلاة والسلام، فعن الفضل بن عباس قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم وأعرابي معه بنت له حسناء فجعل الأعرابي يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها، وجعلت ألتفت إليها، ويأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسي فيلويه، فكان يلبي حتى رمى جمرة العقبة)(6).

وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للفضل حين غطى وجهه يوم عرفة: (هذا يوم مَن ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له)(7).

وحتى يقطع النبي صلى الله عليه وسلم طمع الرجال في النساء والعكس، وحتى لا يجد الشيطان مدخلاً لدفعهم إلى إطلاق البصر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يَنكِح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب)(8).

كما أن الحاج مأمور بحسن الخلق مع إخوانه المسلمين، وترك الجدال والشجار والسباب والأذى أيّاً كان نوعه.

ولعل مما يساعد على التآلف بين المسلمين واحتمال بعضهم لبعض استشعار الوحدة بينهم في اللباس والمكان والعمل والقصد.

وإليك أخي الحاج هذه الكلمات من نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم

(المسلم إذا كان مخالطاً الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)(9).







(1) أخرجه البخاري في الحج باب فضل الحج المبرور ح1521-3/382 مع الفتح. ومسلم ك الحج باب فضل الحج والعمرة 9/119 مع شرح النووي.
(2)
سورة البقرة آية 197.
(3)
فتح الباري 3/382.وشرح النووي 9/119.
(4)
أخرجه البخاي في جزاء الصيد باب حج المرأة عن الرجل ح184-4/6 م فتح الباري ومسلم ك الحج باب الحج عن العاجز لزمانة وهرم ونحوهما 9/98 مع شرح النووي.
(5)
أخرجه أحمد 1/7،76، والترمذي في الحج باب 53 ما جاء أن عرفة كلها موقف ح886-2/185 وقال حديث علي حديث حسن صحيح.
(6)
قال ابن حجر في فتح الباري 4/68:[ رواه أبو يعلى بإسناد قوي).
(7)
عزاه ابن حجر في الفتح 4/70 إلى أحمد وابن خزيمة.
(8)
أخرجه مسلم ك الحج باب تحريم نكاح المحرم وكراهة خطبته 9/193.
(9)
أخرجه الترمذي ح2507-4/662، وابن ماجه باب الصبر على البلاء ح 4032-2/1338 وصححه الألباني، وأحمد ح5022-2/43.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #105  
قديم 19-08-2020, 09:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)





السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (12)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم


لأجـل العفـة (3-6)



1- الحث على ستر العورات وهذا من أول ما عني به الإسلام لما في كشفها والتساهل فيها من إثارة نزعات السوء، ونزع ثوب العفة، والولوغ في وحل الرذيلة، فحدد العورات للرجال والنساء، وما يأتون منها وما يذرون، عن جرهد الأسلمي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرّ به وهو كاشف عن فخذه، فقال له: (غط فخذك، فإنها من العورة)(1)، وعن بهز بن حكيم -رضي الله عنه- قال: قلت:يا نبي الله، عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك) قلت: يا رسول الله، إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: (إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يراها) قال قلت: يا نبي الله، إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: (فالله أحق أن يُستحيا منه من الناس)(2).

وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر)(3) فهنا جاوز رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بموضوع الستر حدود الحلال والحرام إلى الكمال وابتغاء معالي الأمور، فهو أمر يحبه الله تعالى، وهو أحق بأن يستحيا منه من الناس، فلا تقف النفس عندئذ عند الحدود فتأتي ما حلّ كشفه من البدن وتستر ما حرّم، بل تسمو بعفافها وحيائها وسترها لتظفر بمحبة الله تعالى.

وليس هذا فحسب بل أرشد سبحانه عباده إلى أن المزيد من الستر يعني المزيد من التقوى من خلال عقد الصلة بين لباس الظاهر ولباس الباطن في قوله تعالى (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ)(4)، فكلاهما لباس ؛ هذا يستر عورات القلب والروح ويزينها بزينة الإيمان والحياء، والآخر يستر عورات الجسد ويزينه ويجمله بين الناس، وهما متلازمان ؛ فإذا زاد العبد تقى وإيمان زاد حياء وستراً، وكلما نقص ستره وحياؤه نقص تقواه ؛ فهذا الشيطان لم يبلغ مراده من آدم عليه السلام إلا حين عصى ربه وأكل من الشجرة فانكشف ستره وبدت سوأته قال سبحانه: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنْ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ (21) فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ...)(5)، وقال سبحانه: (يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا...)(6) فكانت أول فتنة للشيطان في اللباس.






(1) أخرجه الترمذي ك الأدب باب ما جاء أن الفخذ عورة ح 2798 -5/111وقال: هذا حديث حسن، وصححه الألباني، وأحمد ح 15974-3/479، والدارمي ح2650-2/364.
(2) أخرجه الترمذي ك الأدب باب ما جاء في حفظ العورة ح 2794 -5/110 وقال: هذا حديث حسن، وأبو داود باب ما جاء في التعري ح4017-4/40، وأخرجه البخاري مختصراً باب من اغتسل عرياناً ح20-1/107..
(3) أخرجه أبو داود باب النهي عن التعري ح 4012-4/39، والنسائي باب الاستتار عند الاغتسال ح 406-1/200، وأحمد ح 17999-4/224 وقال الأرناؤوط: إسناده حسن.
(4) سورة الأعراف آية 26. وانظر كتاب لباس الرجل أحكامه وضوابطه في الفقه الإسلامي 2/814.
(5) سورة الأعراف من آية 20 إلى 22.
(6) سورة الأعراف آية 27.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #106  
قديم 19-08-2020, 09:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)






السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (13)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم


لأجـل العفـة (4-6)


1- حفظ الجوارح (عفة الجوارح) قال سبحانه: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً)(1)، فالجوارح يوم القيامة تشهد على أصحابها بما عملوه في الدنيا قال سبحانه: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)(2)، وقال: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)(3)، ولهذا كان على المسلم حفظ جوارحه واستعمالها في طاعة الله تعالى.
ونبتدئ بذكر حفظ البصر قال سبحانه: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا...)(4)، وغض البصر المأمور به شرعاً في هذه الآية معناه: كفه عن الاسترسال، فلا ينظر إلى الشيء بملء العين، وهو أدب لطيف عظيم من الله تعالى لعباده المؤمنين؛ أن يغضوا من أبصارهم عما حرم الله عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما يباح لهم النظر إليه، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإذا صادف وقوع البصر على ما لا يحل لهم النظر إليه صرفوه سريعاً، وكفوه عما لا يحل(5). قال عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة)(6)، قال ابن الجوزي:[وهذا لأن الأولى لم يحضرها القلب، ولا يتأمل بها المحاسن، ولا يقع التلذذ بها، فمن استدامها مقدار حضور الذهن كانت الثانية في الإثم](8). والأمر بغض النظر يعم كل المحرمات من النظر إلى النساء الأجنبيات، والنظر إلى العورات، والمنكرات ؛ لأن النظر بريد الزنا وسهم من سهام إبليس مسموم قال عليه الصلاة والسلام (النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، فمن غض بصره أورثه الله حلاوة يجدها في قلبه)(9). قال ابن القيم رحمه الله: [والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب الإنسان، فإن النظرة تولد الخطرة، ثم تولد الخطرة فكرة، ثم تولد الفكرة شهوة، ثم تولد الشهوة إرادة، ثم تقوى فتصير عزيمة جازمة، فيقع الفعل ولا بد ما لم يمنع مانع](10). حفظ السمع والمراد حفظه عن سماع المحرمات قال سبحانه: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)(11) قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: [لما ذكر الله تعالى حال السعداء... عطف بذكر حال الأشقياء الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله وأقبلوا على استماع المزامير والغناء بالألحان وآلات لطرب، كما قال ابن مسعود في قوله تعالى: (وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ) قال: هو والله الغناء](12)،وقال عليه الصلاة والسلام: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِر والحرير والخمر والمعازف...)(13). وقد سماه ابن القيم وغيره في كتابه القيم إغاثة اللهفان من مكائد الشيطان(14) بـ رقية الشيطان. ومثل الغناء كل كلام فاحش يحرم سماعه ولعل وسائل الإعلام مليئة بهذا فليكن المسلم والمسلمة على حذر من أن يصل إلى مسامعه ما يخدش حياءه ويصرع عفته. وقد وصف سبحانه المؤمنين بقوله: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ)(15). حفظ اللسان فالإسلام ينهى عن الكلام الفاحش كله قال عليه الصلاة والسلام: (الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار)(16)، وقال: (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء)(17)، والفحش والبذاء هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة، وأكثر ما يكون ذلك فيما يتعلق بما يقع بين الرجل والمرأة، ولهذا ورد النهي الصريح عن التحدث بما يحصل بين الرجل وزوجته، وفي القرآن والسنة التكنية عن هذه الأمور بما يدل عليها دون التصريح؛ فهلا تأدب المسلمون بأدب الكتاب والسنة!. ومن الكلام الباطل قذف المحصنات المؤمنات قال سبحانه في التحذير منه (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)(18). وكذلك نهى سبحانه النساء عن الخضوع بالقول مع الرجال الأجانب وهو إلانة الصوت وترقيقه قال سبحانه: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ)(19). حفظ اليد عن ملامسة المرأة الأجنبية – أي التي لا تحل له – قال أبو سهم رضي الله عنه مرت بي امرأة فأخذت بكشحها(20) ثم أطلقتها، فأصبح رسول الله يبايع الناس، فأتيته، فقال: (ألست بصاحب الجبذة بالأمس ؟) فقلت: بلى وإني لا أعود يا رسول الله فبايعني. وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يصافح النساء وينهى عن مصافحتهن(21)، وحذّر عليه الصلاة والسلام تحذيراً شديداً من التساهل في لمس المرأة الأجنبية، فقال: (لأن يُطعن في رأس أحدكم بمِخيَط من حديد خير له من أن يمسّ امرأة لا تحل له)(22) والمخيط هو ما يُخاط به كالإبرة والمسلة ونحوهما(23). والمرأة شقيقة الرجل في الأحكام ؛ فليس لها كذلك التساهل في ملامسة الرجل الأجنبي بحال.

(1) سورة الإسراء آية 36.
(2) سورة فصلت آية 20.
(3) سورة يس آية 65.
(4) سورة النور آية 30-31.
(5) انظر أحكام القرآن لابن العربي 3/377، وتفسير ابن كثير 3/310، والجامع لأحكام القرآن 12/222.
(6) أخرجه أبو داود ك النكاح باب فيما يؤمر به من غض البصر ح 2149 -2/246، والترمذي ك الأدب باب ما جاء في نظرة المفاجأة ح 2777-5/101 قال: هذا حديث حسن غريب، وأحمد ح23024-5/351 قال الأرناؤوط: حسن لغيره، والحاكم ك النكاح ح4623-3/133 قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه..
(7) غذاء الألباب 1/84.
(8) أخرجه الحاكم ك الرقاق ح 7875-4/349 وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والطبراني في المعجم الكبير ح 10362-10/173.
(9) الداء والدواء ص.
(10) سورة لقمان آية 6.
(11) أخرجه الطبري في تفسيره 20/127.
(12) تفسير ابن كثير ص1061.
(13) أخرجه البخاري ك الأشربة باب فيمن جاء يستحل الخمر... ح5268-5/2123.
(14) 1/255.
(15) سورة المؤمنون آية 1-3.
(16) أخرجه الترمذي باب ما جاء في الحياء ح 2009-4/365 وقال: حسن صحيح، وابن ماجه باب الحياء ح 4184-2/1400، وأحمد ح 10519-2/501 قال الأرناؤوط: حديث صحيح وهذا إسناد حسن، وابن حبان ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الحياء.. ح 608-2/372، والحاكم ك الإيمان ح 171-1/118 وقال صحيح على شرط مسلم .
(17) أخرجه الترمذي في البر باب ما جاء في اللعنة ح 1977-4/350 وقال: حديث حسن غريب، وابن حبان باب ذكر نفي اسم الإيمان عمن أتى ببعض الخصال... ح 192-1/421.
(18) سورة النور آية 4.
(19) سورة الأحزاب آية 32.
(20) الكشح الخصر. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر 4/175.
(21) أخرجه النسائي في السنن الكبرى ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لهذا الخبر ح 7329-4/319، وأحمد ح 22564-5/294 وقال الأرناؤوط:إسناده صحيح رجاله ثقات، والحاكم ك الحدود ح 8134-4/418 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، والطبراني في المعجم الكبير ح 933-22/373.
(22) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح 487-20/212، والبيهقي في شعب الإيمان ح 5455-4/374 قال الهيثمي في مجمع الزوائد4/326:ورجاله رجال الصحيح، وقال المنذري في الترغيب والترهيب 3/66:رواه الطبراني والبيهقي ورجال الطبراني ثقات رجال الصحيح. وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ح226-1/395: وهذا سند جيد، رجاله كلهم ثقات من رجال الشيخين غير شداد بن سعيد فمن رجال مسلم وحده، وفيه كلام يسير لا ينزل به حديثه عن رتبة الحسن ؛ ولذلك فإن مسلماً إنما أخرج له في الشواهد.
(23) انظر النهاية 2/92.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #107  
قديم 19-08-2020, 09:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)







السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (14)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم


لأجـل العفـة (5-6)




الركن الثالث: الشجاعة
قال ابن القيم رحمه الله: [الشجاعة تحمله على عزة النفس، وإيثار معالي الأخلاق والشيم، وعلى البذل والندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها على إخراج المحبوب ومفارقته، وتحمله على كظم الغيظ والحلم ؛ فإنه بقوة نفسه وشجاعتها يمسك عنانها ويكبحها بلجامها عن النزغ والبطش، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب)(1) وهو حقيقة الشجاعة وهي ملكة يقتدر بها العبد على قهر خصمه](2).
ومن الأخلاق التي تندرج في خلق الشجاعة ما يلي:
1- الشجاعة تحمله على كظم الغيظ والحلم كما سبق في الحديث: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب).
2- الشجاعة تُكسب الإنسان الثبات على الحق وعدم التزعزع عنه ؛ فلا يُغيّر مبادئه وقيمه التي يؤمن بها ويدعو إليها تبعاً لتغيّر الناس الذين يحيطون به، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تكونوا إمعة، تقولون إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا !! ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا)(3)، ولا يخاف لومة لائم، ولا يثني عزيمته سخرية ساخر، ولا يفتُّ في عضده تخاذل من يتخاذل عنه، ولا يرعبه تهديد ووعيد ؛ لأنه يؤمن أن الغلبة له ولأمثاله ممن جعل رضا الله مبتغاه، قال عليه الصلاة والسلام: (مَن أسخط الله في رضا الناس، سخط الله عليه، وأسخط عليه من أرضاه في سخطه، ومن أرضى الله في سخط الناس رضي الله عنه، وأرضى عنه من أسخطه في رضاه)(4)، وتأمل هذه الشجاعة التي يغذيها الإيمان والثبات على الحق في قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعمه أبي طالب بعد أن أخبره عمه بمطالبة قريش له بالكف عن نصرته -صلى الله عليه وسلم-: (والله لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه)(5)، فلا المغريات والشهوات ولا التخويف والتهديد يُضعف قوته أو يزعزع ثباته، وهذا الشأن لا يكون إلا للمؤمن القوي الشجاع.
3- الشجاعة تكسب الإنسان قوة في مجابهة أهوائه، وكبح جماح شهواته، فيسيّر نفسه وفق ما يريده لها من النجاة والفلاح، لا وفق هواها ؛ ولهذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الكيِّس مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز مَن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني)(6).
ومما يعين على الاتصاف بالشجاعة ما يلي:
1- الإيمان بأن الآجال محدودة وأن الموت لا بد منه، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً مُؤَجَّلاً...)(7)، وقال سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ)(8).
2- الإيمان بأنه لن يصيب العبد إلا ما كتبه الله عليه كما في حديث ابن عباس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف)(9).
3- فضل الشجاعة والقوة قال -صلى الله عليه وسلم- (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)(10).
4- البصيرة في الدين قال سبحانه: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ)(11)؛ والعالم العامل خير وأفضل من العابد من غير علم راسخ قال سبحانه: (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)(12)؛ وذلك لأن العلم يقوي صاحبه ويثبته على العمل والدعوة.
5- الدعاء فالدعاء من أقوى الأمور المعينة على التخلق بخلق الشجاعة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يدعو كثيراً يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك(13).




(1) أخرجه البخاري ك الأدب باب الحذر من الغضب ح6114-10/518 مع فتح الباري.
(2) مدارج السالكين 3 / 74.
(3) أخرجه الترمذي ح 2007-4/364 باب ما جاء في الإحسان والعفو قال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
(4) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح 11696-11/268، وابن حبان ذكر رضاء الله جل وعلا عمن التمس رضاه..ح 276-1/510 .
(5) انظر السيرة النبوية 2/101، الروض الأنف 2/7.
(6) أخرجه الترمذي باب لم يسمه ح 2459-4/638 وقال حديث حسن، وابن ماجه باب ذكر الموت..ح 4260-2/1423 وقال الألباني: ضعيف، وأحمد ح 17164-4/124 قال الأرناؤوط: إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم وباقي رجال الإسناد ثقات، والحاكم ك الإيمان ح 191-1/ 125 وقال: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه.
(7) سورة آل عمران آية 145.
(8) سورة آل عمران آية 185.
(9) أخرجه الترمذي باب لم يسمه ح 2516-4/667 وقال: حديث حسن صحيح، وأحمد ح 2669-1/293 قال الأرناؤوط: إسناده قوي، والحاكم ذكر عبد الله بن عباس ح 6303-3/623، والطبراني في الكبير ح 11243-11/123.
(10) أخرجه مسلم سبق تخريجه.
(11) سورة يوسف آية 108.
(12) سورة المجادلة آية 11.
(13) أخرجه الترمذي باب ما جاء أن القلوب بين إصبعي الرحمن ح 2140-4/448، والنسائي في الكبرى باب قوله ولتصنع على عيني ح 7737-4/414، وأحمد ح 12128-3/112 قال الأرناؤوط: إسناده قوي على شرط مسلم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #108  
قديم 19-08-2020, 09:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)





السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (15)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم


لأجـل العفـة (6-6)




الركن الرابع : العدل

العدل في اللغة هو ما قام في النفوس أنه مستقيم ، وتعديل الشيء ؛ تقويمه ، والاعتدال توسط حال بين حالين في كمٍ أو كيف ، والعدل الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط (1) . وهو ضد الظلم والجور ، ويقصد به عدة أمور ؛ العدل في الأخلاق ، والعدل في المعاملات المالية ، والعدل في الأسرة ، والعدل في القضاء ، والعدل من النفس .

أما العدل في الأخلاق فقد قال عنه ابن القيم رحمه الله : [ العدل يحمله على اعتدال أخلاقه وتوسطه بين طرفي الإفراط والتفريط ؛ فيحمله على خلق الجود والسخاء الذي هو توسط بين الإمساك والإسراف والتبذير ، وعلى خلق الحياء الذي هو توسط بين الذل والقحة ، وعلى خلق شجاعة الذي هو توسط بين الجبن والتهور ، وعلى خلق الحلم الذي هو توسط بين الغضب والمهانة وسقوط النفس ](2).

وأما العدل في المعاملات المالية ، كالعدل في المكاييل والموازين وغيرها ،قال الله تعالى ( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط )(3).

وأما العدل في الأسرة فكالعدل بين الأولاد(4)، والعدل بين الزوجات ، قال سبحانه ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة )(5) والعدل بين الأقران عموماً .

وأما العدل في القضاء فمعلوم ؛ بأن لا يفرق بين رئيس ومرؤوس ، ولا بين شريف في قومه ومن هو دونه ،.... وتأمل هذه العدالة الحقة التي لا تعرف المماراة ولا المحاباة ، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت ، فقالوا : من يُكلم فيها رسول الله ؟ فقالو : ومن يجترئ عليه إلا أسامة حب رسول الله ؟! فكلمه أسامة ، فقال رسول الله ( أ تشفع في حد من حدود الله ؟! ) ثم قام فخطب فقال ( أيها الناس إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، ، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها!؟ )(6)

وأما العدل من النفس فهو الإنصاف منها للغير . قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين )(7) .

ولا شك أن هذه الأمور كلها تعود إلى الأخلاق . ومتى عوّد الإنسان نفسه على العدل في كل الأمور والأخذ بأوساطها ظفر بمعالي الأخلاق .

ومما يعين على اكتساب صفة العدل :

الأول : تقوى الله تعالى ، وتذكر يوم العرض والحساب ، يوم لا تخفى خافية .

الثاني : التأني في الأمور كلها وعدم العجلة ؛ فإن التأني يجعل المرء ينظر فيما عرض له ويتأمله ويتصرف بحكمة ، فيدرك مثلاً البذل وقتئذ إسرافاً ، أم جوداً ، وكظم الغيظ أ هو حلم أم مهانة ، والإقدام شجاعة أم تهور ... وهكذا ؛ ولذلك يقول النبي r ( الأناة من الله والعجلة من الشيطان )(8) .









(1) انظر لسان العرب 11/430-433 ، مختار الصحاح 1/176 ، التعاريف 1/183 ، التعريفات 1/192 .



(2) مدارج السالكين 3/74 .



(3) سورة الأنعام آية 152 .



(4) سيأتي ذكره في الفصل الثاني في الخلق مع الأولاد .



(5) سورة النساء آية 3 .



(6) أخرجه مسلم ك الحدود باب قطع السارق الشريف وغيره ح 688-3/1315 .



(7) سورة النساء آية 135 .



(8) أخرجه الترمذي باب الأناة من الله ح 2012 -4/367 وقال: حديث غريب ، والبيهقي في السنن الكبرى باب التثبت في الحكم ح 20057-10/104 ، والطبراني في الكبير ح 5702-6/122 .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #109  
قديم 12-09-2020, 04:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)






السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (16)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم



فقه الأخلاق – الخلق مع الله تعالى (1-9)

نبتدئ في هذا الشهر وما يليه بذكر فقه الأخلاق، وأولى من ينبغي التأدب معه هو الله سبحانه وتعالى.
الخلق مع الله تعالى
إن تعلم فقه الأدب مع الله تعالى أوجب الواجبات على العبد، إذ هو مناط سعادته في الدارين، وهذا يتمثل في الإيمان به سبحانه وحده، الإيمان الذي يتعدى مجرد الإيمان بوجوده سبحانه وتعالى، فهذا الإيمان تتفق فيه جميع الكائنات، أما الإيمان الذي به يسعد العبد وبدونه يشقى فهو: قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية(1).
شرح التعريف:
قول باللسان: أي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وهذه الكلمة تشتمل على توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. فالإله هو الذي يُعرف ويًُعبد(2) وسنفرد ذكر كل واحدة منها في الورقات الآتية.
قول القلب : هو اعتقاده وتصديقه، وأما عمله فهو عبارة عن تحركه وإرادته ؛ مثل الإخلاص في العمل، وكذلك التوكل والرجاء والخوف.
عمل بالجوارح : ويشمل ذلك العبادات والمأمورات والمنهيات كلها، قال عليه الصلاة والسلام:

(الإيمان بضعة وسبعون شعبة ؛ أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)(3)، فالإيمان إذاً قول وعمل، والاقتصار على القول دون العمل إلغاء للشريعة التي جاءت بكثير من التشريعات.

والإيمان في القلب يدفع صاحبه إلى العمل بمقتضى هذا الإيمان ؛ قال الله عز وجل: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ)(4).

قال العلامة السعدي في تفسيره لهذه الآية(5): [يقول الله تعالى: (أَلَمْ تَرَى كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً) هي شهادة أن لا إله إلا الله وفروعها، (كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) هي النخلة، (أَصْلُهَا ثَابِتٌ) في الأرض، (وَفَرْعُهَا) منتشر (فِي السَّمَاءِ وهي كثيرة النفع دائماَ (تُؤْتِي أُكُلَهَا) أي ثمرتها، (كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا) فكذلك شجرة الإيمان أصلها ثابت في قلب المؤمن علماً واعتقاداً، وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية والآداب الحسنة في السماء دائماً يصعد إلى الله منه … (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ) المأكل والمطعم وهي شجرة الحنظل ونحوها، (اجْتُثَّتْ) هذه الشجرة (مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) أي ثبوت فلا عروق تمسكها، ولا ثمرة صالحة تنتجها، بل إن وجد فيها ثمرة فهي ثمرة خبيثة. كذلك كلمة الكفر والمعاصي ليس لها ثبوت نافع في القلب، ولا تتثمر إلا كل قول خبيث وعمل خبيث يؤذي صاحبه ولا يصعد إلى الله منه عمل صالح، ولا ينفع نفسه، ولا ينتفع به غيره].
كيف أحافظ على شجرة الإيمان قوية يانعة ؟


بأمرين يتبينان بقولنا (يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان) وبيانه ما يلي

الأول : بتعاهد هذه الشجرة بالسقي في كل وقت بالعلم النافع، والعمل الصالح، والتذكر والتفكر.

الثاني : بتنقية هذه الشجرة من عوالق الذنوب والمعاصي والغفلة عن الآخرة بالإقلاع عن الذنب والتوبة والاستغفار وإتباعه بالأعمال الصالحة الماحية وكثرة ذكر الله تعالى

يدل على زيادة الإيمان ونقصه قوله تعالى: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ)(7).







(1) انظر شرح الواسطية2/230، وأعلام السنة المنشورة ص45.
(2) انظر مجموع الفتاوى 2/6.
(3) سبق تخريجه رقم 106.
(4) سورة إبراهيم 24،25.
(5) 4/138.
(6) سورة التوبة آية 124،125.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #110  
قديم 12-09-2020, 04:45 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,493
الدولة : Egypt
افتراضي رد: كيف نبنى الاسرة المسلمة السعيدة (متجدد إن شاء الله)







السلسلة الثانية
(أخلاق البيت السعيد)
الحلقة (17)
الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر




بسم الله الرحمن الرحيم




الخلق مع الله تعالى ( 2-9)

أولاً : توحيد الربوبية

هو الإقرار الجازم بأن الله وحده رب كل شيء وخالقه ومليكه ، وأنه وحده المحيي المميت ، الرزاق ، المدبر ... الخ ، ويمكن تعريفه بأنه :

توحيد الله تعالى بأفعاله .

ومما يدل على توحيد الربوبية ما يلي :

1- الفطرة : فالله عز وجل فطر خلقه على الإقرار بربوبيته ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا )(1) ، فمهما عاند الإنسان واستكبر وأنكر ربوبية الله ، إذا أصابته ضائقة أو شدة دعا إلها واحداً سبحانه وتعالى ( فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوْا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ )(2) . وقال عليه الصلاة والسلام ( كل مولود يولد على الفطرة )(3) .

2- دلالة الخلق على الخالق :فإن هذه المخلوقات وما فيها من بديع صنع وحكمة تدل على أن لها خالقاً متصفاً بصفات الكمال(4) .

وقد ذكر سبحانه هذا الدليل القاطع في وقوله سبحانه ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمْ الْخَالِقُونَ )(5) ، ولما سمع جبير بن مطعم رضي الله عنه -قبل إسلامه- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورة الطور فبلغ هذه الآية قال : كاد قلبي أن يطير ، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي(6) .

هل الإقرار بتوحيد الربوبية وحده يكفي ؟

وهذا التوحيد أقره كفار قريش كما حكاه الله تعالى عنهم في قوله ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّا يُؤْفَكُونَ )(7) .

لكن أشركوا مع الله عز وجل الأصنام وصرفوا لها بعض أنواع العبادة مع إقرارهم بتوحيد الربوبية فلم ينفعهم ذلك .

وإنكار وجود الله لا يقوى عليه أحد لمخالفته للفطرة السوية والعقل السليم ، إلا ما وقع من الملاحدة الذين يدعون أن الكون وُجد صدفة ، لكن تُوجد طوائف أخرى أشركت في توحيد الربوبية من وجه آخر حين اعتقدت أن هناك من ينفع أو يضر غير الله تعالى من ولي أو قبر أو ملك أو جان أو حجر ونحوه ، فصرفت له أنواعاً من العبادة من ذبح ودعاء وتوسل وطواف ونحو ذلك . أو اعتقدت أن أحداً غير الله يعلم الغيب من كاهن أو عرّاف أو منجم ونحوهم .

وبالجملة فإن كل من أشرك مع الله تعالى شيئاً في أفعاله من خلق أو ملك أو تدبير أو علم أو قدرة أو نفع أو ضر أو إحياء أو إماتة ونحو ذلك ، فهو مشرك في ربوبية الله ، فإن تقرب إلى ذلك الشيء بأي نوع من أنواع العبادة فقد أشرك أيضاً في توحيد الألوهية .






(1) سورة الروم 30 .
(2) سورة العنكبوت آية 65 .
(3) أخرجه البخاري ح1358-3/219 فتح الباري ، ومسلم ح2658-4/4047 .
(4) ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه شفاء العليل ص147 وما بعدها عجائب مخلوقات الله تعالى تشهد أن لهذا الكون خالقاً متصفاً بصفات الكمال .

(5) سورة الطور آية 35 .
(6) أخرجه البخاري ك التفسير 6/49 .
(7) سورة العنكبوت آية 61 .


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 261.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 255.59 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (2.32%)]