الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال - الصفحة 8 - ملتقى الشفاء الإسلامي

اخر عشرة مواضيع :         انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : أبـو آيـــه - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 858957 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 393325 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12535 - عددالزوار : 215662 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          اضطراباتي النفسية دمرتني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #71  
قديم 22-04-2024, 04:16 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (71) عداوة اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وحسدهم لهم رغم أنهم من ذرية إبراهيم عليه السلام (5)



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا . أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا . أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا . فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا) (النساء: 51-55).
الفائدة الخامسة:
دَلَّ قوله -تعالى-: (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا) على بُخْل اليهودِ الشديد، وحبِّهم الاستئثار بالمُلْك وبالمال، وهذه حقيقة يعلمها كلُّ مَن عامل اليهود.
ولقد استحوذوا على الكراهية الشديدة في كلِّ الشعوب التي عاشوا فيها؛ فقد صَاغ الأدباء الأوروبيون القُدَامى بخلَ اليهود وعداوتهم للناس في رواياتهم، كالرواية المشهورة: "تاجر البندقية"؛ التي ألَّفها "شكسبير" الإنجليزي.
وقد كانت الحويصلات التي عاشوا فيها؛ سببًا لانعزالهم المعنوي عن الناس، مع اهتمامهم البالغ بالمال، وأكلهم الربا أضعافًا مضاعفه، وأكلهم السحت، وهو: الحرام بأنواعه مِن الرشوة والغش، وبخس الناس أشياءهم؛ قال -تعالى-: (‌وَأَخْذِهِمُ ‌الرِّبَا ‌وَقَدْ ‌نُهُوا ‌عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) (النساء: 161)، وقال -تعالى-: (‌سَمَّاعُونَ ‌لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) (المائدة: 42)، وقال -سبحانه وتعالى-: (‌وَمِنْ ‌أَهْلِ ‌الْكِتَابِ ‌مَنْ ‌إِنْ ‌تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (آل عمران: 75).
وفي سبب نزول قوله -تعالى-: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ ‌يَصُدُّونَ ‌عَنْكَ صُدُودًا) (النساء: 60-61): أن الخصومةَ التي وقعتْ بين أحد المنافقين وبين يهودي، فطلب المنافقُ التحاكمَ إلى كعب بن الأشرف؛ عَلِم أنه يأخذ الرشوة، وطلب خصمه اليهودي التحاكم إلى محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ عَلِم أنه لا يأكل الرشوة. (ذكره ابن جرير وابن كثير).
ولذا نستفيد من هذه الآية الكريمة: أن اليهودَ إذا أخذوا شيئًا؛ فلن يعطوا منه نقيرًا؛ فضلًا عمَّا هو أكثر منه، والنقير هو: ‌النُّقْرَة التي تكون في ظهر النواة، يخرج منها نبات النخلة، فمَن يحلمون بأن يعطيهم اليهود شيئًا بالسلام؛ مما أخذه اليهود مِن: الأرض أو البلاد، أو المال؛ فهم واهمون، ومخطئون أشد الخطأ، بل في الحقيقة هم مشاركون لليهود في ظلمهم وعدوانهم على المسلمين، والمفاوضات مع اليهود لا تُثمِر شيئًا؛ إلا إذا خرجوا منها رابحين، ولن ينسحبوا مِن أرضٍ أخذوها؛ إلا أن تُنزع منهم نزعًا، فهل بعد بيان الله لنا عن حقيقتهم مِن بيان؟!
الفائدة السادسة:
دَلَّ قوله -تعالى-: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ) على شِدَّة حسد اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم وللمسلمين عَبْر الزمان، وقد بيَّن اللهُ لنا في القرآن حرصهم، وحبهم لكفر المؤمنين وتركهم دين الإسلام؛ بسبب حسدهم لهم، فقال -تعالى-: (‌وَدَّ ‌كَثِيرٌ ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الْكِتَابِ ‌لَوْ ‌يَرُدُّونَكُمْ ‌مِنْ ‌بَعْدِ ‌إِيمَانِكُمْ ‌كُفَّارًا ‌حَسَدًا ‌مِنْ ‌عِنْدِ ‌أَنْفُسِهِمْ ‌مِنْ ‌بَعْدِ ‌مَا ‌تَبَيَّنَ ‌لَهُمُ ‌الْحَقُّ) (البقرة: 109)، وقال -سبحانه وتعالى-: (‌وَدَّتْ ‌طَائِفَةٌ ‌مِنْ ‌أَهْلِ ‌الْكِتَابِ ‌لَوْ ‌يُضِلُّونَكُمْ ‌وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) (آل عمران: 69).
فالحسد الذي قَتَل قلوبهم، وملأها عن آخرها على المسلمين؛ بسببه كانوا مِن وراء دعوات الانحراف عن الدِّين، ومحاولات إضلال المسلمين، وقد كان عبد الله بن سبأ اليهودي الذي ادَّعى الإسلام نفاقًا مِن وراء الثورة على أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، والتي انتهت بقتله، ثم كان مِن وراء خطة إشعال القِتَال ليلة الجمل، بعد أن اتفق الصحابة رضي الله عنهم: علي وطلحة والزبير، وعائشة رضي الله عنهم، على الصلح والتسكين.
قال ابن كثير رحمه الله: "قال: وأشرف القومُ (قلتُ: يعني الصحابة) على الصلح؛ كره ذلك مَن كرهه، ورضيه مَن رضيه، وأرسلت عائشة إلى علي رضي الله عنهما تعلمه أنها إنما جاءت للصلح، ففرح هؤلاء وهؤلاء، وقام علي في الناس خطيبًا؛ فذكر الجاهلية وشقاءها وأعمالها، وذكر الإسلام وسعادة أهله بالألفة والجماعة، وأَنْ جَمَعَهم بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم على الخليفة أبي بكر الصديق، ثم بعده على عمر بن الخطاب، ثم على عثمان، ثم حَدَث هذا الحَدَث الذي جَرَى على الأمة؛ أقوام طلبوا الدنيا، وحسدوا مَن أنعم الله عليه بها، وعلى الفضيلة التي مَنَّ الله بها، وأرادوا رد الإسلام والأشياء على أدبارها، والله بالغ أمره. ثم قال: ألا إني مرتحل غدًا؛ فارتحلوا، ولا يرتحل معي أحدٌ أعان على قتل عثمان بشيءٍ مِن أمور الناس.
فلما قال هذا اجتمع جماعة من رؤوسهم (قلتُ: يعني قتلة عثمان): كالْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ، وَشُرَيْحِ بْنِ أَوْفَى، وعبد الله بن سَبَأ المعروف: بابن السوداء (قلتُ: وكان يهوديًّا فأسلم)، وسالم بن ثعلبة، وَعِلْبَاء بن الهيثم، وغيرهم في ألفين وخمسمائة، وليس فيهم صحابي. ولله الحمد.
فقالوا: ما هذا الرأي؟! وعلي واللهِ أعلمُ بكتابِ الله ممَّن يطلب قتلة عثمان، وأقرب إلى العمل بذلك، وقد قال ما سمعتم، غدًا يجمع عليكم الناس، وإنما يريد القوم كلهم أنتم؛ فكيف بكم وعددكم قليل في كثرتهم؟!
فقال الأشتر: قد عرفنا رأي طلحة والزبير فينا (قلتُ: يعني أنهم يريدون قتلهم)، وأما رأي علي فلم نعرفه إلى اليوم، فإن كان قد اصطلح معهم فإنما اصطلحوا على دمائنا؛ فإن كان الأمر هكذا ألحقنا عليًّا بعثمان، فرضي القوم منا بالسكوت.
فقال ابن السوداء: بئس ما رأيت، لو قتلناه قتلنا؛ فإنا يا معشر قتلة عثمان في ألفين وخمسمائة، وطلحة والزبير وأصحابهما في خمسة آلاف، لا طاقة لكم بهم، وهم إنما يريدونكم.
فقال عِلْبَاء بن الهيثم: دعوهم، وارجعوا بنا حتى نتعلَّق ببعض البلاد، فنمتنع بها.
فقال ابن السوداء: بئس ما قلت، إذًا والله كان يتخطفكم الناس.
ثم قال ابن السوداء -قَبَّحه الله-: يا قوم، إن عِزَّكُمْ في خُلْطَة الناس؛ فإذا التقى الناس فانشبوا الحرب والقتال بين الناس، ولا تدعوهم يجتمعون، فمَن أنتم معه لا يجد بدًّا مِن أي يمتنع، ويشغل الله طلحة والزبير ومَن معهما عما يحبون، ويأتيهم ما يكرهون؛ فأبْصَروا الرأي وتَفَرَّقوا عليه" (البداية والنهاية، ط. دار هجر، 10 / 450-452).
ثم قال ابن كثير رحمه الله -بعد أن ذكر الصلح بين الصحابة رضي الله عنهم-: "وبات الناس بخير ليلة، وبات قتلة عثمان بشر ليلة، وباتوا يتشاورون، وأجمعوا على أن يُثِيروا الحرب من الغلس، فنهضوا من قبل طلوع الفجر وهم قريب مِن ألفي رجل، فانصرف كل فريق إلى قراباتهم، فهجموا عليهم بالسيوف، فثارت كل طائفة إلى قومهم ليمنعوهم.
وقام الناس من منامهم إلى السلاح فقالوا: طرقتنا أهل الكوفة ليلًا، وبيَّتونا وغدروا بنا، وظنوا أن هذا عن ملأ مِن أصحاب علي؛ فبلغ الأمر عليًّا فقال: ما للناس؟ فقالوا: بيتنا أهل البصرة، فثار كل فريق إلى سلاحه، ولبسوا اللأمة، وركبوا الخيول، ولا يشعر أحدٌ منهم بما وَقَع الأمر عليه في نفس الأمر، وكان أمرُ الله قَدَرًا مَقْدُورًا، وقامت الحرب على سَاقٍ وقَدَمٍ، وتبارز الفرسان، وجالت الشجعان، فنشبت الحرب" (البداية والنهاية، ط. دار هجر، 10/ 455). وإنا لله وإنا إليه راجعون.
وأيضًا كان عبد الله بن سبأ هو أول مَن دعا إلى الغلو في علي رضي الله عنه؛ فادَّعى فيه الإلهية، وتَبِعه القومُ؛ فطلبه عليٌّ فهرب وأدرك أصحابه، فدعاهم إلى التوبة والرجوع إلى الإسلام؛ وإلا حَرَّقهم فأبوا حتى حرقهم علي رضي الله عنه، وخطَّأه ابن عباس في التحريق وصوَّبه في القتل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (‌مَنْ ‌بَدَّلَ ‌دِينَهُ ‌فَاقْتُلُوهُ) (رواه البخاري).
ولا تزال بقايا الغلو في الرافضة في علي بن أبي طالب، حتى قال قائلهم: "علي جاعل الأرض مهادًا، وباني فوقكم سَبْعًا شدادًا، يدبرِّ الأفلاك!"، وكل ذلك من الكفر -والعياذ بالله-، واليهود هم أصل ذلك.
كما أن اليهودَ هم أصل قول فرقة الجهمية الحلولية القائلين: "إن الله في كلِّ مكان!"، وأنكروا علوَّ الله على عرشه، فالجهم بن صفوان الذي تُنسَب إليه هذه الفرقة الضالة؛ شيخه الجعد بن درهم.
قال ابن كثير رحمه الله: "كان الجعد بن درهم مِن أهل الشام، وهو مؤدِّب مروان الحمار؛ ولهذا يُقَال له: مروان الجعدي؛ فنُسِب إليه، وهو شيخ الجهم بن صفون الذي تُنسَب إليه الطائفة الجهمية الذين يقولون: إن الله في كل مكان بذاته؛ تعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا، وكان الجعد بن درهم قد تلقى هذا المذهب الخبيث عن رجل يقال له أبان بن سمعان، وأخذه أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم عن خاله لبيد بن الأعصم اليهودي" (البداية والنهاية، ط. دار هجر، 13/ 199).
قلتُ: وهو الذي سَحَر النبي صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله عز وجل.
ثم كان اليهود هم الذين خَرَج منهم أعظم الملاحدة ضررًا على البشرية، مثل: "كارل مركس"، ثم "لينين" الذي قَتَل من المسلمين في تكوين دولة الاتحاد السوفيتي نحو الـ 20 مليون مسلم، وكذا كان "فرويد" الذي هو أصل فلسفة الجنس، والانحرافات الجنسية الذي يُنسَب إليه عِلْم النَّفْس، ويبني أمره على الرغبات الجنسية المُحَرَّمة.
فاليهود هم شرُّ مِن أفسد في العَالَم بكونهم يحبون الاستئثار بالمُلْك، ويستبيحون إضلالَ الناس؛ بأنواع الكفر والزندقة عَبْر الزمان.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #72  
قديم 22-04-2024, 04:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (72) عداوة اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وحسدهم لهم رغم أنهم من ذرية إبراهيم عليه السلام (6)



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا . أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَّا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا . أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا . فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا) (النساء: 51-55).
الفائدة السابعة:
قوله تعالى: (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا): دليل على أن المُلْكَ في آل إبراهيم صلى الله عليه وسلم عريقًا عَبْر الزمان، وأعظمه: ملك سليمان صلى الله عليه وسلم، الذي دعا ربَّه: (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّن بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ . فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ . وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ . وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ . هَ?ذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) (ص: 35-39).
وقد دل قولُ النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ الْبَارِحَةَ ‌لِيَقْطَعَ ‌عَلَيَّ ‌صَلَاتِي فَأَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ، فَأَخَذْتُهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ دَعْوَةَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، فَرَدَدْتُهُ خَاسِئًا) (متفق عليه)، على أن الله استجاب لسليمان، ولم يجعل لأحدٍ ملكًا كملكه؛ هذا من جهة النوعية: كتسخير الجن والريح، وإن كان لا يمنع ذلك أن يتسع ملك بعض الملوك، ومِن ذلك مُلك الأمة، إلى أوسع مما بلغه ملك سليمان في المشارق والمغارب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ ‌زَوَى ‌لِي ‌الْأَرْضَ، ‌فَرَأَيْتُ ‌مَشَارِقَهَا ‌وَمَغَارِبَهَا، وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا، وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ: الْأَحْمَرَ وَالْأَبْيَضَ) (رواه مسلم).
وذكر الله عز وجل إيتاء آل إبراهيم المُلكَ والحكمة، وإيتاءهم الملك العظيم في سياق الرد على حسد اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، دليل على أمرين:
الأول: أن اليهودَ منهم مَن كفر بالحق رغم الملك العظيم، ورغم ظهور أدلة النبوة التي هي أعظم الحكمة؛ فليس مستبعدًا بعد ذلك كفرهم بالرسول صلى الله عليه وسلم، وحسدهم له وللمؤمنين.
الثاني: أن محمدًا صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم صلى الله عليه وسلم؛ فهو أهل أن يؤتى الملك، وأن تؤتاه أمته وأتباعه؛ خاصة أنه شرع صلى الله عليه وسلم أن الأئمة مِن قريش، كما ثبت به الحديث الصحيح، وقريش من نسل إبراهيم صلى الله عليه وسلم؛ لأنه من أبناء إسماعيل صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك في التوراة، كما سبق أن ذكرنا في هذه المقالات أن من ذرية إسماعيل اثني عشر رئيسًا، وقد وقع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم عن ملك أمته وأصحابه؛ خاصة الخلفاء الراشدين والملوك العادلين، وكما أخبرت به التوراة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (‌لَا ‌يَزَالُ ‌هَذَا ‌الْأَمْرُ ‌فِي ‌قُرَيْشٍ ‌مَا ‌بَقِيَ ‌مِنْهُمُ ‌اثْنَانِ) (متفق عليه). يعني: الخلافة. وفي رواية: (‌لَا ‌يَزَالُ ‌الْإِسْلَامُ ‌عَزِيزًا ‌إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً، كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ) (رواه مسلم)، وكلهم من نسل إبراهيم صلى الله عليه وسلم بالتبعية.
وفي الآية بشارة إلى أن الله يبقي الملك في آل إبراهيم، وهم مَن كان على ملته مِن أتباعه وذريته، وهذا لا يحصل إلا بأمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم؛ فإنهم وحدهم الذين على ملة إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وأما ملك اليهود؛ فملك عارض سرعان ما يزول، كما يحدث في زماننا، فظلمهم وإجرامهم وكفرهم وصدهم عن سبيل الله من أعظم أسباب زوال ملكهم ومحقهم، كما قال الله عز وجل: (وَتِلْكَ ‌الْأَيَّامُ ‌نُدَاوِلُهَا ‌بَيْنَ ‌النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ . وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) (آل عمران: 140-141).
وأعظم ملك لليهود يكون في زمن الدجال، وهو كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يهودي، قال صلى الله عليه وسلم: (يَتْبَعُ الدَّجَّالَ مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ سَبْعُونَ أَلْفًا، ‌عَلَيْهِمُ ‌الطَّيَالِسَةُ) (رواه مسلم).
والظاهر من الأحاديث: أنهم يملكون فلسطين، ويكون الدجال قرب القدس عند نزول المسيح صلى الله عليه وسلم؛ فإنه ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، ثم يطلب المسيح الدجال فيدركه بباب لُدٍّ، وهي مِن قرى بيت المقدس، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب المِلْح في الماء، فلو تركه لذاب، ولكن يقتله ويريهم دمه في حربته، كما دَلَّ عليه حديث النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم.
ومدة لبث الدجال في الأرض وملك اليهود معه، وهو الذي ينتظرونه أشد انتظار، ويظنون أنه مسيح الحق وهم قد كفروا بالمسيح الحق مسيح الهدى صلى الله عليه وسلم، فهم ينتظرون مسيح الضلالة؛ ملكه لا يزيد عن أربعين يومًا، منها: يوم كسنة، ومنها: يوم كشهر، ومنها: يوم كجمعه، وسائر أيامه كأيامكم كما بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث النواس بن سمعان.
فملك اليهود زائل -بإذن الله- لا محالة؛ فلا تيأسوا أيها المسلمون، ولا تغتروا ببقاء ملكهم، فعن قريب يزول -بإذن الله-.
الفائدة الثامنة:
دَلَّ قوله تعالى: (فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ ? وَكَفَى? بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا): أن بني إسرائيل رغم ظهور علامات النبوة، وهي كما بيَّنا أعظم أقسام الحكمة، ورغم ظهور المُلك في آل إبراهيم؛ إلا أن منهم مَن كفروا وصدوا أنفسهم وصدوا الناس عن الإيمان بنبوة الأنبياء، بل كما قال الله عز وجل: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا ‌كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) (البقرة: 87).
فهكذا فعلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فقد كذَّبوه وحاربوه، وحاولوا قتله مرات كما في سبب غزوة بني النضير؛ إذ أرادوا إلقاء رحى عظيمة عليه صلى الله عليه وسلم، وهو جالس لديهم، وحاولوا قتله وأصحابه، واستئصال الإسلام والمسلمين في غزوة الأحزاب التي دبَّرها ومكر بها حيي بن أخطب القرظي، وأيضًا حاولوا قتله صلى الله عليه وسلم بالسم يوم خيبر، ولا يزال بقاياهم يكذبون الرسول صلى الله عليه وسلم والقرآن العظيم، ويصدون الناس عنه بأنواع الضلالات التي ينشرونها، ومنها: ما يزعمونه مِن الدِّين الإبراهيمي الجديد الذي هو دين الدجاجلة والكذابين!
كما يحاولون قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس؛ فقد قتلوا الكثير منهم؛ هم يريدون بذلك إطفاء نور الوحي في الأمة، وأن تعم فيهم الخرافة والجهل، ويسأل الرؤوس الجهال فيضلون ويضلون.
فهل بعد هذا البيان من الله عز وجل عن كفرهم وعداوتهم وحسدهم يمكن أن يقبل مسلمٌ صداقتهم أو التحالف معهم، ومناصرتهم؟!
ولا شك أن التحالف مع أعداء الأمة لن يعود عليها إلا بالخسران والتمكين لأعدائها، وضياع حقوقهم وحقوق المسلمين في فلسطين وغيرها، وضياع الدعوة إلى الله عز وجل في كلِّ مكان يظهر فيه التحالف مع اليهود.
نسأل الله أن يكفَّ شر أعداء الأمة عنها، وأن يحفظ عليها دينها، وأن يهدي أئمتها وقادتها لإقامة الدِّين وموالاة المؤمنين، وعدم موالاة الكافرين. آمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #73  
قديم 22-04-2024, 04:37 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,060
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال

الدين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (73) الإسلام دين إبراهيم خليل الرحمن دون اليهودية والنصرانية والشِّرْك (1)



كتبه/ ياسر برهامي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فقال الله تعالى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ‌وَلَا ‌أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا . وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا . وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا . وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا) (النساء: 123-126).
النزاع قديم بين المشركين وأهل الكتاب وبين المسلمين -ولا يزال كذلك-؛ وكلٌّ يدَّعي أنه على الحق، وقد حَكَم الله لأهل الإسلام فبيَّن للمشركين وأهل الكتاب مِن اليهود والنصارى: أن أمانيَّهم بأنهم أهل الحق وأن دينهم هو الحق، لا ينبني عليها حكمٌ ولا قضاءٌ ولا جزاء، وإنما الدِّين عند الله الإسلام؛ فالإسلام هو الدِّين الحق الذي هو أحسن الأديان وأحقها، بل لا حَسَن مِن الأديان غيره، ولا حق سواه، ولا يَقْبَل اللهُ عز وجل من أحدٍ دينًا غيره، (‌إِنَّ ‌الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) (آل عمران: 19)، وقال تعالى: (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران: 85).
وهذا الدِّين هو اتباع ملة إبراهيم صلى الله عليه وسلم الذي كان حنيفًا لله، أي: محبًّا له، مُخْلِصًا له، مريدًا له، مائلًا إليه بقلبه ووجهه وكل جوارحه، معرضًا عن غيره، متبرئًا مِن كلِّ ما يُعبَد من دون الله، ومِن كل مَن يعبد غير الله، متبرئًا مِن الشرك ومن المشركين أيًّا كانت ملتهم؛ ولذا اتخذه الله خليلًا، فمَن أراد الدِّين الإبراهيمي الحق؛ فليكن كذلك حنيفًا مسلمًا، وليتبرأ من المشركين من عُبَّاد الأوثان ومِن أهل الكتاب، وإن انتسبوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم؛ فإن الحنيفية هي ملته، وليس الأمر بالتمني ولا بالتحلي، ولا بالادِّعاء، ولا بمجرد الانتساب، بل بموافقة إبراهيم صلى الله عليه وسلم في عقيدته وعمله.
قال الإمام بن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآيات من سورة النساء: "قال قتادة: ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبيُّنا قبل نبيكم، وكتابنا قبل كتابكم؛ فنحن أولى بالله منكم. وقال المسلمون: نحن أولى بالله منكم، نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله، فأنزل الله: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ‌وَلَا ‌أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) إلى قوله: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) الآية، ثم أفلج الله حجة المسلمين على مَن ناوأهم مِن أهل الأديان.
وكذا رُوي عن السدي ومسروق، والضحاك، وأبي صالح، وغيرهم، وكذا رَوَى العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال في هذه الآية: تخاصم أهل الأديان، فقال أهل التوراة: كتابنا خير الكتب، ونبينا خير الأنبياء. وقال أهل الإنجيل مثل ذلك. وقال أهل الإسلام: لا دين إلا الإسلام، وكتابنا نَسَخ كلَّ كتاب، ونبينا خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا، فقضى الله بينهم فقال: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ‌وَلَا ‌أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) الآية، وخيَّر بين الأديان فقال: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا)، (قلتُ: خَيَّر بين الأديان، أي: بيَّن خيرها وأحسنها واختارها للناس).
وقال مجاهد: قالت العرب: لن نبعث ولن نعذب. وقالت اليهود والنصارى: (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) (البقر: 111)، (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) (البقرة: 80).
والمعنى في هذه الآية: أن الدِّينَ ليس بالتحلي ولا بالتمني، ولكنه ما وَقَر بالقلب وصدقته الأعمال، وليس كل مَن ادَّعى شيئًا حَصَل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال: "إنه هو المحق" سُمِع قوله بمجرد ذلك، حتى يكون له من الله برهان؛ ولهذا قال تعالى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ‌وَلَا ‌أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ) أي: ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني، بل العبرة بطاعة الله، واتباع ما شرعه على ألسنة رسله الكرام؛ ولهذا قال بعده: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) كقوله: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة: 7-8).
وقد رُوي أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على كثيرٍ من الصحابة، روى الإمام أحمد بسنده عن أبي بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله، كيف الصلاح بعد هذه الآية؟ (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ‌وَلَا ‌أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) فكل سوء عملناه جزينا به؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض؟! ألست تنصب؟! ألست تحزن؟! ألست تصيبك اللأواء؟! -(قلتُ: أي: الشدة والجهد سواء كانت بسبب الأمراض أو بسبب ضيق العيش أو الحاجة إلى الناس)-، قال: بلى. قال: "فهو ما تجزون به"، ورواه سعيد بن منصور بسنده، ورواه الحاكم من طريق سفيان الثوري عن إسماعيل به.
وروى الإمام أحمد عن ابن عمر قال: سمعت أبا بكر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءا يُجزَ به في الدنيا".
وقال أبو بكر بن مردويه: بسنده عن عبد الله بن عمر: انظروا المكان الذي به عبد الله بن الزبير مصلوبًا، ولا تمرُّن عليه. قال: فسها الغلام، فإذا ابن عمر ينظر إلى ابن الزبير، فقال: يغفر الله لك، ثلاثًا، أما والله ما علمتك إلا صوامًا قوامًا وصَّالًا للرحم، أما والله إني لأرجو مع مساوي ما أصبتَ ألا يعذبك الله بعدها. قال: ثم التفت إليَّ فقال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءًا في الدنيا يجز به"، ورواه أبو بكر البزار، وروى في مسند ابن الزبير عن ابن بسطام، قال: كنت مع ابن عمر فمرَّ بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب، فقال: رحمك الله أبا خبيب، سمعت أباك -يعني الزبير- يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يعمل سوءًا يجز به في الدنيا والأخرى"، ثم قال: لا نعلمه يروى عن الزبير إلا من هذا الوجه.
وروى أبو بكر بن مردويه عن ابن عمر يحدِّث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية: (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر، هل أقرئك آية نزلت عليَّ؟"، قال: قلت: بلى يا رسول الله. قال: فأقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصامًا في ظهري حتى تمطأتُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما لك يا أبا بكر؟"، قلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأينا لم يعمل السوء، وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمَّا أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون، فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة". وهكذا رواه ثم قال: وموسى بن عبيدة يضعف، ومولى ابن سباع مجهول" (انتهى من تفسير ابن كثير).
(قلتُ: وهذه الآثار ضعيفة الإسناد؛ إلا أن المعنى ثابتٌ من أدلة كثيرة في أن المصائب والآلام يكفَّر بها مِن سيئات العِبَاد).
وللحديث بقية إن شاء الله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.14 كيلو بايت... تم توفير 2.65 كيلو بايت...بمعدل (3.13%)]