سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11943 - عددالزوار : 191457 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 579 - عددالزوار : 92950 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 118 - عددالزوار : 56999 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 81 - عددالزوار : 26305 )           »          شرح كتاب التفسير من مختصر صحيح مسلم للمنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 745 )           »          كلام جرايد د حسام عقل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 41 )           »          تأمل في قوله تعالى: {وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره... } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          بيان معجزة القرآن بعظيم أثره وتنوع أدلته وهداياته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          {إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-05-2009, 09:24 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ


سكب الرذاذ

على سيرة سعد بن معاذ


الحمد لله الذي رفع بعض خلقه على بعض فجعلهم طرائق قددا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك ولا يكون أبدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله أكرم به عبدا سيدا، وأعظم به حبيبا مؤيدا، فما أزكاه أصلا ومحتدا، وأطهره مضجعا ومولدا، وأكرمه أصحابا كانوا نجوم الاهتداء، وأئمة الاقتداء، صلى الله عليه وعليهم صلاة خالدة وسلاما مؤبدا.[1]
أما بعد، فهذا بحث متواضع حول سيرة صحابي جليل عقمت النساء أن يلدن مثله،كانت له الأيادي البيضاء في تاريخ الإسلام، سخر حياته لنصرة دين الله والدفاع عنه إلى آخر رمق من حياته، سميته: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ .والرذاذ هو المطر الضعيف، وذلك أن الكلام عن هذا الصحابي يحتاج منا وقفات كثيرة، فحسبنا ما قلنا، وما لا يدرك كله لا يترك جله.
حاولت في بحثي هذا أن أكشف اللثام عن مواقفه وبطولاته من خلال ما صح في ذلك عنه ما أمكن، ولا أدعي الاستيعاب والاستقصاء ،فهذا عمل بشري، يعتريه الخطأ والسهو والغفلة والضعف.فما كان فيه من صواب فمن الله ، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان ، والله الموفق للصواب.
هذا الصحابي هو سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل ، أبو عمرو الأنصاري البدري، سيد الأوس ،وأمه كبشة بنت رافع، لها صحبة، وزوجته هند بنت سماك، وهو ابن خالة أسعد بن زرارة.

قصة إسلامه:
بعد بيعة العقبة الأولى التي بايع فيها الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعث مع هؤلاء المبايعين أول سفير في يثرب ليعلم الناس شرائع الإسلام، واختير لذلك شاب من شباب الإسلام من السابقين الأولين، هو مصعب بن عمير العبدري رضي الله عنه، فنزل مصعب على أبي أمامة أسعد بن زرارة، فبدآ في الدعوة إلى الله عزوجل داخل المدينة، فسمع بهما سعد بن معاذ وأسيد بن حضير سيدا قومهما من بني عبد الأشهل، وهما يومئذ على الشرك. فقال سعد لأسيد: اذهب إلى هذين الذين قد أتيا ليسفها ضعفائنا فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا، فإن أسعد بن زرارة ابن خالتي، ولولا ذلك لكفيتك هذا.
فأخذ أسيد حربته وأقبل إليهما، فلما رآه أسعد قال لمصعب: هذا سيد قومه قد جاءك، فاصدق الله فيه. قال مصعب: إن يجلس أكلمه، قال: فوقف عليهما متشتما فقال: ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة.
فقال له مصعب: أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره؟قال: أنصفت ثم ركز حربته وجلس إليهما فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن فقالا: فيما يذكر عنهما: والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه وتسهله ثم قال: ما أحسن هذا الكلام وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين؟ قالا له: تغتسل فتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي. فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين ثم قال لهما: إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن سعد بن معاذ ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم جلوس في ناديهم فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا قال: أحلف بالله لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم، فلما وقف على النادي قال له سعد : ما فعلت؟ قال: كلمت الرجلين فوالله ما رأيت بهما بأسا وقد نهيتهما فقالا: نفعل ما أحببت وقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ليخفروك.
قال: فقام سعد مغضبا مبادرا تخوفا للذي ذكر له من بني حارثة فأخذ الحربة من يده ثم قال: والله ما أراك أغنيت شيئا ثم خرج إليهما فلما رآهما سعد مطمئنين عرف سعد أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما فوقف عليهما متشتما ثم قال لأسعد بن زرارة: يا أبا أمامة أما والله لولا ما بيني وبينك من القرابة ما رمت هذا مني أتغشانا في دارينا بما نكره - وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن عمير: أي مصعب جاءك والله سيد من وراءه من قومه إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم اثنان - قال : فقال له مصعب: أو تقعد فتسمع فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره؟ قال سعد: أنصفت . ثم ركز الحربة وجلس فعرض عليه الإسلام وقرأ عليه القرآن قالا: فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم لإشراقه وتسهله ثم قال لهما:كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في هذا الدين؟ قالا: تغتسل فتطهر و تطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي ركعتين. قال: فقام فاغتسل وطهر ثوبيه وشهد شهادة الحق ثم ركع ركعتين ثم أخذ حربته فأقبل عامدا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير.
قال: فلما رآه قومه مقبلا قالوا: نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم فلما وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا و أوصلنا وأفضلنا رأيا وأيمننا نقيبة قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله.
قالا: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ومسلمة ورجع أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا رجلا واحدا الأصرم عمرو بن ثابت بن وقش ،فإنه تأخر إسلامه إلى يوم أحد وأسلم يومئذ وقاتل فقتل قبل أن يسجد لله سجدة ، فأخبر عنه صلى الله عليه وسلم فقال: عمل قليلا وأجر كثيرا.1
قالت الفقيرة إلى عفو ربها أم الفضل الأثرية: هذه الاستجابة العظيمة كانت بفضل الله عزوجل ثم بفضل الصحابي الجليل مصعب بن عمير ، فقد ضرب به المثل في حكمته وحسن دعوته وصبره وحلمه ورفقه وأناته. فرضي الله عنه وأرضاه.
ولله در سعد بن معاذ فقد كان إسلامه فتحا على الأوس والأنصار. فهو الداعية الذي أسلم بإسلامه قومه رجالا ونساء، ومنهم أمه أم سعد كبشة بنت رافع رضي الله عنها.
و لقد كانت الدعوة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم أحب إلى الصحابة رضي الله عنهم من كل شيء، وكانوا حريصين كل الحرص على هداية الخلق وإخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد.
فليحسن الداعية خلقه مع أهله وذويه وليجعل بينه وبينهم وصلا، فوالله ما دخل بنو عبد الأشهل الإسلام بداية إلا حبا لسعد، فقد كان ميمون النقيبة حسن السيرة فيهم.
قال بعض أهل العلم: إن الحكمة في الدعوة إلى الله لا تقتصر على الكلام اللين والترغيب والرفق والحلم والعفو والصفح، بل تشمل جميع الأمور التي عملت بإتقان وإحكام وذلك بأن تنزل في منازلها اللائقة بها، فيوضع القول الحكيم والتعليم والتربية في مواضعها، والموعظة في موضعها، والمجادلة بالتي هي أحسن في موضعها، ومجادلة الظالم المعاند والمستكبر في موضعها والزجر والغلظة والقوة في موضعها. وكل ذلك بإحكام وإتقان ومراعاة لأحوال المدعوين والواقع والأزمان والأماكن، في مختلف العصور والبلدان، مع إحسان القصد والرغبة فيما عند الكريم المنان.
دعوته إلى الله عز وجل:
ثم إن بني النجار أخرجوا مصعب بن عمير واشتدوا على أسعد بن زرارة فانتقل مصعب بن عمير إلى سعد بن معاذ فلم يزل يدعو ويهدي الله على يديه حتى قل دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة، وأسلم أشرافهم، وأسلم عمرو بن الجموح، وكسرت أصنامهم، فكان المسلمون أعز أهلها، وصلح أمرهم، ورجع مصعب بن عمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدعى المقرئ.
وكانسعد بن معاذ وأسيد بن الحضير يكسران أصنام بني عبد الأشهل. [2]
قلت: لقد لامس الإيمان شغاف قلب سعد وازداد ت سعادته عندما أصبحت داره مقرا للدعوة الإسلامية، فكانت داره تنشر عبير الإسلام ونسمات الإيمان لتعطر أرباع المدينة والدنيا كلها.
إن الدعوة إلى الله عزوجل وظيفة جليلة وقربة عظيمة، لها منزلة سامية في الشريعة ، ويكفيها فضلا وشرفا كونها وظيفة الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة، وهي واجب المؤمنين عامة وأهل العلم منهم خاصة.
ويرى أهل العلم أن من أساليب الدعوة التدرج فيها، فيبدأ الداعي بالأقرب فالأقرب. وهذا منهج رباني، قال تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين)[3]. وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)[4]. وقال سبحانه: (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها)[5]. وقال عز وجل في حق إسماعيل عليه السلام: (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة)[6].

1 من مقدمة كتاب الإصابة للحافظ ابن حجر رحمه الله.

[2] طبقات ابن سعد (3/421).

2 الشعراء الآية (214)

1 التحريم الآية (6).

2طه الآية (132).

3 مريم الآية (55).




رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-05-2009, 09:24 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ

استخلاف رسول الله له على المدينة في غزوة بواط :
وفي شهر ربيع الأول سنة اثنتين من الهجرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلب عير لقريش، على رأس ثلاثة عشر شهرا من مهاجره وحمل لواءه سعد بن أبي وقاص وكان أبيض واستخلف على المدينة سعد بن معاذ وخرج في مائتين من أصحابه يعترض عيرا لقريش فيها أمية بن خلف الجمحي ومائة رجل من قريش وألفان وخمسمائة بعير فبلغ بواطا وهما جبلان فرعان أصلهما واحد من جبال جهينة مما يلي طريق الشام وبين بواط والمدينة نحو أربعة برد فلم يلق كيدا فرجع.[1]
وقال ابن هشام: استعمل على المدينة السائب بن عثمان بن مظعون.[2]
و( بواط ) اسم جبل على بعد ثلاثة برد من المدينة.
المؤاخاة في الجاهلية:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن سعد بن معاذ أنه كان صديقا لأمية بن خلف وكان أمية إذا مر بالمدينة انطلق سعد معتمرا فنزل على أمية بمكة فقال لأمية انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت فخرج به قريبا من نصف النهار فلقيهما أبو جهل فقال يا أبا صفوان من هذا معك؟ فقال هذا سعد فقال له أبو جهل ألا أراك تطوف بمكة آمنا وقد آويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم أما والله أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما . فقال له سعد ورفع صوته عليه أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه طريقك على المدينة فقال له أمية لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي فقال سعد دعنا عنك يا أمية فوالله لقد سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ( إنهم قاتلوك ). قال بمكة ؟ قال لا أدري ففزع لذلك أمية فزعا شديدا فلما رجع أمية إلى أهله قال يا أم صفوان ألم تري ما قال لي سعد ؟ قالت وما قال لك ؟ قال زعم أن محمدا أخبرهم أنهم قاتلي فقلت له بمكة قال لا أدري فقال أمية والله لا أخرج من مكة فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال أدركوا عيركم ؟ فكره أمية أن يخرج فأتاه أبو جهل فقال يا أبا صفوان أنك متى ما يراك الناس قد تخلفت وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك فلم يزل أبو جهل حتى قال أما إذ غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة ثم قال أمية يا أم صفوان جهزيني فقالت له يا أبا صفوان وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي ؟ قال لا ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبا فلما خرج أمية أخذ لا ينزل منزلا إلا عقل بعيره فلم يزل بذلك حتى قتله الله عز وجل ببدر. [3]
كان شأن العمرة قديما، وكان الصحابة مأذونا لهم في الاعتمار من قبل أن يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف الحج.
ويؤخذ من الحديث ما كان عليه سعد من قوة النفس واليقين والحرص على أداء شعائر الله عزوجل.
مواقف لا تنسى:
وفي غزوة بدر الكبرى شاور صلى الله عليه وسلم أصحابه في الأمر تطييباً لقلوبهم ليكون أنشط لهم فيما يفعلونه.
روى مسلم في صحيحه وغيره عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر فأعرض فقال سعد بن عبادة: إيانا تريد يا رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحار لا خضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد.[4]
وهذه المشاورة هي الأولى، وكانت في المدينة.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي أيها الناس. فقال المقداد فأحسن، وكذلك أبو بكر، وعمر وإنما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار، وذلك أنهم عدد الناس وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا يا رسول الله إنا براء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا فإذا وصلت إلينا فأنت في ذمتنا نمنعنك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو من بلادهم.
فلما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له سعد بن معاذ والله لكأنك تريدنا يا رسول الله قال أجل قال فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله.
وفي رواية : لعلك أن تكون خرجت لأمر وأحدث الله إليك غيره فانظر الذي أحدث الله إليك فامض فصل حبال من شئت واقطع حبال من شئت وسالم من شئت وعاد من شئت وخذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت
فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك ثم قال سيروا وابشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم.[5]
وكانت هذه الاستشارة الثانية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويمكن الجمع بأن النبي صلى الله عليه وسلم استشارهم في غزوة بدر مرتين الأولى وهو بالمدينة أول ما بلغه خبر العير مع أبي سفيان وذلك بين في رواية مسلم ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان والثانية كانت بعد أن خرج كما في حديث الباب.[6]
قال القرطبي رحمه الله: مشاورة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حين بلغه إقبال أبي سفيان، وإعراضه عن تكليم المهاجرين إنما كان ليستخرج ما عند الأنصار من خروجهم معه للحرب، وذلك أنهم إنما كانوا بايعوه ليمنعوه من الأحمر والأسود ولم يأخذ عليهم أن يخرجوا معه، فأراد أن يعلم ما عندهم من ذلك.[7]
قلت: كانت كلمات سعد بن معاذ رضي الله عنه مشجعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وملهبة لمشاعر الصحابة رضي الله عنهم، فقد رفعت من معنوياتهم وشجعتهم على القتال والجهاد في سبيل الله.
وحرص النبي صلى الله عليه وسلم على استشارة أصحابه في الغزوات كان لتأكيد أهمية مبدأ الشورى في الإسلام.
إشارته لرسول الله يوم بدر ببناء العريش:
وعندما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة بدر بادرهم إلى الماء حتى جاء أدنى ماء من بدر فنزل به ، فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه يا رسول الله ألا نبني لك عريشا تكون فيه وندع عندك ركائبك ثم نلقى عدونا فإن أعزنا الله وأظهرنا كان ذلك ما أحببنا وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بمن وراءنا فقد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حبا منهم ولو ظنوا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك يمنعكم الله بهم يناصحوك ويجاهدون معك. فأثنى عليه صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له بخير وقال يقضى الله خيرا من ذلك يا سعد . ثم بنى له ذلك العريش فوق تل مشرف على المعركة فدخله النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وقام سعد بن معاذ متوشحا بالسيف.[8]
وقال ابن سعد: كان لواء المهاجرين مع مصعب بن عمير و لواء الخزرج مع الحباب بن منذر و لواء الأوس مع سعد بن معاذ.[9]
قلت:كذا قال و المعروف أن سعد بن معاذ كان يومئذ على حرس رسول الله صلى الله عليه و سلم في العريش، والله أعلم.
ويستفاد من بناء العريش أمور منها:
-لابد من أن يكون مكان القيادة مشرفا على أرض المعركة.
-ينبغي أن يكون مقر القيادة آمنا بتوفر الحراسة الكافية فيه.
-ينبغي الاهتمام بحياة القائد وصونها من التعرض لأي خطر.
-ينبغي أن يكون للقائد قوة احتياطية أخرى تعوض الخسائر التي قد تحدث

في المعركة.[10]
وهذا من حكمة سعد رضي الله عنه وحسن تدبيره.
قال ابن إسحاق: فلما وضع القوم أيديهم يأسرون ورسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش وسعد بن معاذ قائم على باب العريش الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشح السيف في نفر من الأنصار يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم يخافون عليه كرة العدو ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي - في وجه سعد بن معاذ الكراهية لما يصنع الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لكأنك يا سعد تكره ما يصنع القوم قال : أجل والله يا رسول الله كانت أول وقعة أوقعها الله بأهل الشرك فكان الإثخان في القتل بأهل الشرك أحب إلي من استبقاء الرجال.[11]
الأعمال بالخواتيم:
عن أبي هريرة: أن عمرو بن قيس كان له ربا في الجاهلية ، وكان يمنعه ذلك الرب من الإسلام حتى يأخذه ، فجاء ذات يوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأحد فقال : أين سعد بن معاذ ؟ فقيل بأحد فقال : أين بنو أخيه ؟ قيل : بأحد ، فسأل عن قومه ، قالوا : بأحد فأخذ سيفه ورمحه ، ولبس لامته ، ثم ذهب إلى أحد فلما رآه المسلمون ، قالوا : إليك عنا يا عمرو ، قال : إني قد آمنت ، فحمل فقاتل ، فحمل إلىأهله جريحا ، فدخل عليه سعد بن معاذ ، فقال له : جئت غضبا لله ولرسوله أم حمية لقومك ؟ قال : بل جئت غضبا لله ولرسوله. فقال أبو هريرة : فدخل الجنة وما صلى لله صلاة.[12]
قلت: صدق الله فصدقه، و الأعمال بالخواتيم، نسأل الله حسنها.
وسؤاله عن سعد لأهميته ومكانته العلية في قومه، فما سأل عن أحد باسمه غيره.
وفي هذا الحديث أن الأجر الكثير قد يحصل بالعمل اليسير فضلا من الله وإحسانا.


ثباته يوم أحد واعترافه بالفضل لأنس بن النضر :
وفي غزوة أحد ثبت سعد مع من ثبت من الصحابة رضي الله عنهم.[13]
في الصحيحين وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع. فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين. ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد. قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع. قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى -أو نظن- أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه:)مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّه عليه[14](.[15]
قلت: غزوة أحد التي اجتمع فيها النصر والهزيمة، وظهر فيها النفاق بأظهر علاماته، والإيمان بأكمل صفاته. هذه الغزوة التي كانت درسا عمليا للصحابة الكرام ولمن جاء بعدهم، فأصبحت شعارا لكل من خالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلك غير سبيله.
ومن الأمور المهمة في هذه القصة الاعتراف بالفضل لأهله وذويه وشكرهم على أعمالهم الطيبة والإقرار بالحقيقة، فهذا لا ينقص من قيمة الإنسان بل يزيده رفعة ومكانة بين الناس، فكما قيل: لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا أهل الفضل.
ومن الجدير بالذكر في هذه الغزوة أنه قد استشهد من بني عبد الأشهل – قوم سعد- اثنا عشر رجلا، فرضي الله عنهم أجمعين.
هذا اللون من البطولة مدفون تحت جدران التاريخ الإسلامي القائم إلى اليوم، وما يقوم للإسلام صرح ولا ينكسف عنه طغيان إلا بهذه القوى المذخورة المضغوطة في أفئدة الصديقين والشهداء.
من سر هذا الإلهام؟ من مشرق هذا الضياء ؟ من مبعث هذا الاقتدار؟ إنه محمد، إنه هو الذي ربى ذلكم الجيل الفذ، ومن قلبه الكبير أترعت هذه القلوب، تفانيا في الله وإيثارا لما عنده.[16]

[1] زاد المعاد (3/148).

[2] سيرة ابن هشام (3/142).

[3] رواه البخاري (4/1453/3734).

[4] رواه أحمد (3/220) ومسلم (3/1403/1779).

[5] رواه ابن هشام في السيرة (2/199)، وابن أبي شيبة في المصنف (8/469)، وذكره ابن كثير في البداية (3/262)وقال : له شواهد من وجوه كثيرة.

[6] فتح الباري (7/288).

[7] المفهم (3/625-626).

[8] رواه ابن إسحاق في سيرته، انظر سيرة ابن هشام (2/203) وذكره ابن كثير في سيرته (2/403) والذهبي في تاريخه (1/179).

[9] الطبقات الكبرى (3/421).

1 غزوة بدر الكبرى لأبي فارس ص 66.

2 ابن هشام في السيرة (3/176) والطبري في تاريخه(2/34) وابن كثير في البداية والنهاية(3/284).

3 رواه أبو داود (2/24/2537) والحاكم (2/124) وحسنه الألباني رحمه الله.

1 طبقات ابن سعد (3/421).

2 الأحزاب الآية: 23.

3 البخاري (3/1032/2651) ومسلم (3/1512/1903).

1 فقه السيرة ص 283.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 29-05-2009, 06:10 PM
الصورة الرمزية إكرام أحمد
إكرام أحمد إكرام أحمد غير متصل
مشرفة الملتقى العام
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 4,886
الدولة : Algeria
افتراضي رد: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

رضي الله عنه وارضاه
مشكورة أختي أم عبد الله على نقلك واختيارك للشخصية
__________________

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 30-05-2009, 04:47 AM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

وفيكِ بارك الله أختي إكرام وللموضوع وسيرة سعد بن معاذ بقية تابعيها إن شاء الله
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 31-05-2009, 08:10 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ

دروس وعبر من مواقف الأم الطيبة أم سعد:
جاء في المغازي للواقدي أن أم سعد بن معاذ كبشة جاءت يوم أحد تعدو عندما وضعت الحرب أوزارها نحو رسول الله ، ورسول الله واقف على فرسه ، وسعد بن معاذ آخذ بعنان فرسه، فقال سعد: يا رسول الله أمي.فقال رسول الله: مرحبا بها. فدنت حتى تأملت رسول الله فقالت: إذ رأيتك سالما فقد أشوت[1] المصيبة، فعزاها رسول الله بعمرو بن معاذ ابنها.[2]
قلت: لا إله إلا الله، هذه امرأة فقدت ابنها وفلذة كبدها فما اكترثت لذلك ولا حزنت، وهي تتفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسأل عنه.
قمة في الحب، وقمة في التضحية، وقمة في نسيان الذات والأهل والأحباب.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين.[3]
وعنه رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان؛ أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار.[4]
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: معناه أن من استكمل الإيمان علم أن حق الله ورسوله آكد عليه من حق أبيه وأمه وولده وزوجه وجميع الناس، لأن الهدى من الضلال والخلاص من النار، إنما كان بالله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن علامات محبته نصر دينه بالقول والفعل، والذب عن شريعته والتخلق بأخلاقه والله أعلم.[5]
وكان عمرو بن معاذ أخو سعد رضي الله عنهما يجالد في صفوف المشركين حتى لقيه ضرار بن الخطاب فقتله.
وأم سعد، هذه المرأة التي كان لها الأثر الكبير في تاريخ نساء الإسلام، وقد أثرت التاريخ بمواقف رائعة وبطولات ساطعة جعلتها من الأوائل في عالم نساء الصحابة.
هكذا كانت الأم في عصور الإسلام الزاهرة وأيامه الخالية، مهبط الشرف الحر والعز الموثل والمجد المكين.
تأمير النبي صلى الله عليه وسلم سعدا في قتل كعب بن الأشرف:
عن عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه أن كعب بن الأشرف كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ أن يبعث إليه خمسة نفر.[6]
وقصة قتل كعب بن الأشرف مذكورة في الصحيحين وغيرهما.
دفاعه عن عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم:
و في قصة الإفك التي وقعت في غزوة بني المصطلق أو المريسيع وقف رضي الله عنه موقفا بطوليا عندما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا وقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي. فقام سعد بن معاذ فقال يا رسول الله أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك.... الحديث.[7]
وقد استشكل ذكر سعد بن معاذ في قصة الإفك هنا لأن الجمهور على أنها كانت في غزوة المريسيع سنة ست ، وموت سعد بن معاذ كان عقيب الخندق وذلك سنة خمس . فذهب ابن عبد البر وابن العربي وابن حزم وغيرهم إلى أن ذكر سعد وهم وخطأ ، ودافع الحافظ ابن حجر كعادته على صحيح الإمام البخاري دفاعا قويا ، فقال ردا على شيخ شيوخه القطب الحلبي في تجويزه واحتماله أن يكون آخر غير سعد بن معاذ من بني عبد الأشهل : والذي جوزه مردود بالتصريح بسعد بن معاذ في هذه الرواية الثالثة.
وخلص الحافظ رحمه الله إلى أن غزوة المريسيع كانت سنة خمس وكذلك الخندق ، فزال الإشكال.[8] والعلم عند الله عز وجل.
إصابته يوم الخندق :
و في غزوة الخندق التي كانت سنة خمس من الهجرة، أقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين شهرا أو نحو شهر. فلما اشتد على الناس البلاء و لما طال هذا الحال أراد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يصالح عيينة بنحصن و الحارث بن عوف رئيسي غطفان على ثلث ثمار المدينة و ينصرفا بقومهما، فجرى بينه وبينهما الصلح حتى كتبوا الكتاب ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح إلا المراوضة في ذلك . فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل بعث إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر ذلك لهما واستشارهما فيه فقالا له : يا رسول الله أمرا تحبه فنصنعه أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به أم شيئا تصنعه لنا ؟ قال : بل شيء أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما فقال له سعد بن معاذ : يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرى ضيافة أو بيعا أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا والله ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأنت وذاك . فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال : ليجهدوا علينا.[9]
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والأحزاب فلم يكن بينهم قتال. ووقعت مراماة بين المسلمين والمشركين أصيب على إثرها سعد رضي الله عنه في أكحله، رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة . فضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب.
وفي هذا دليل على جواز ترك المريض في المسجد وإن كان في ذلك مظنة لخروج شيء منه يتنجس به المسجد.[10]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس قالت فسمعت وئيد الأرض ورائي يعني حس الأرض قالت فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه بن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة قالت فجلست إلى الأرض فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه فأنا أتخوف على أطراف سعد قالت وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم قالت فمر وهو يرتجز ويقول:
ليت قليلا يدرك الهيجا جمل ... ما أحسن الموت إذا حان الأجل
قالت: ويرمى سعدا رجل من المشركين من قريش يقال له بن العرقة بسهم له فقال له خذها وأنا بن العرقة فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله عز وجل سعد فقال اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من قريظة قالت وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية قالت فرقي كلمه وبعث الله عز وجل الريح على المشركين فكفى الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة الحديث.[11]
وجاء في صحيح مسلم[12]عن جابر رضي الله عنه قال: رمي سعد بن معاذ في أكحله، فحسمه النبي صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص ثم ورمت فحسمه الثانية.
( أكحله ) الأكحل عرق في اليد يفصد. ( فحسمه ) أي كواه ليقطع دمه وأصل الحسم القطع ( بمشقص ) أي حديد طويل غير عريض.
قال الخطابي رحمه الله: إنما كوى سعدا ليرقأ الدم من جرحه وخاف عليه أن ينزف فيهلك والكي مستعمل في هذا الباب كما يكوى من تقطع يده أو رجله وأما النهي عن الكي فهو أن يكتوي طلبا للشفاء وكانوا يعتقدون أنه متى لم يكتو هلك فنهاهم عنه لأجل هذه النية.[13]
وقال رضي الله عنه دعاء عظيما[14]، جاء في الصحيحين[15] وغيرهما عن عائشة أن سعدا قال وتحجر كلمه للبرء فقال اللهم إنك تعلم أن ليس أحد أحب إلي أن أجاهد فيك من قوم كذبوا رسولك صلى الله عليه وسلم وأخرجوه اللهم فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني أجاهدهم فيك اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فإن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فافجرها واجعل موتي فيها فانفجرت من لبته.
ولم يكن سعد بالرجل الذي يهاب المنايا، ولكنه كان عميق الرغبة في متابعة الجهاد حتى يستقر أمر الإسلام وتنكس راية خصومه.
حكمه في بني قريظة :
ثم جاءت غزوة بني قريظة حينما غدروا و نقضوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومالئوا الأحزاب عليه. قال تعالى ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤوها وكان الله على كل شيء قديرا )[16].
قلت:هذه الغزوة ظهر فيها بجلاء غدر اليهود وخيانتهم، وكيف أنهم كانوا السبب في تجميع الأحزاب حول المدينة ثم في خيانة يهود بني قريظة في أشد الأوقات وأعظمها محنة، وهذه طبيعة اليهود التي لا ينفكون عنها ولا يستطيعون التخلص منها، طال الزمان أم قصر. وموقف اليهود من الإسلام والمسلمين بالأمس هو موقفهم اليوم لم ولن يتغير.
قال الغزالي: ومسلك بني إسرائيل[17] بإزاء المعاهدات التي أمضوها قديما وحديثا يجعلنا نجزم بأن القوم لا يدعون خستهم أبدا، وأنهم يرعون المواثيق ما بقيت المواثيق متمشية مع أطماعهم ومكاسبهم وشهواتهم، فإذا وقفت تطلعهم الحرام نبذوها نبذ النواة ولو تركت الحمير نهيقها والأفاعي لدغها ترك اليهود نقضهم للعهود، وقد نبه القرآن إلى هذه الخصلة الشنعاء في بني إسرائيل وأشار إلى أنها أحالتهم حيوانا لا أناسي فقال: (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون )[18].[19]
فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فجاءه جبريل عليه السلام وقد وضع السلاح فقال: أو قد وضعت السلاح، فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم. فانهض بمن معك إلى بني قريظة[20].فوثب عليه الصلاة والسلام فزعا فعزم على الناس أن لا يصلوا صلاة العصر إلا في بني قريظة[21]. فخرج عليه الصلاة والسلام مع موكبه من المهاجرين والأنصار حتى نزلوا حصون بني قريظة وفرضوا عليه الحصار.فدام خمسا وعشرين ليلة، حتى جهدهم وقذف الله في قلوبهم الرعب، وأخيرا نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أسند الحكم لسعد بن معاذ. وكانت بنوقريظة حلفاء الأوس.
جاء في الصحيحين [22]وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد هو ابن معاذ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قريبا منه فجاء على حمار فلما دنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قوموا إلى سيدكم ). فجاء فجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ( إن هؤلاء نزلوا على حكمتك ). قال: فإني أحكم أن تقتل المقاتلة وأن تسبى الذرية قال: لقد حكمت فيهم بحكم الملك.[23]
وفي رواية ابن حبان[24] : لقد حكمت فيهم بحكم الله ورسوله.وفي رواية الطبراني[25]: بحكم الله وحكم الملك .وفي رواية ابن إسحاق[26]:لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبعة أرقعة. وأرقعة بالقاف جمع رقيع وهو من أسماء السماء قيل سميت بذلك لأنها رقعت بالنجوم. وفي رواية البزار[27]: لقد حكمت فيهم اليوم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات.
قلت : وفي هذا إثبات صفة العلو لله عزوجل .
وفي مسند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها في الحديث الطويل: فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء عليهم قيل لهم: انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لبابة فأشار إليهم : أنه الذبح فقالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ فنزلوا على حكم سعد وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فحمل على حمار وعليه إكاف من ليف وحف به قومه فجعلوا يقولون : يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن علمت فلا يرجع إليهم قولا حتى إذا دنا من ذراريهم التفت إلى قومه فقال : قد آن لسعد أن لا يبالي في الله لومة لائم فلما طلع على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قوموا إلى سيدكم فأنزلوه ) قال عمر: سيدنا الله قال : ( أنزلوه ) فأنزلوه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( احكم فيهم ) قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقد حكمت فيهم بحكم الله ورسوله الحديث.[28]
فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يقتل من أنبت منهم و من لم يكن أنبت ترك فضرب أعناقهم في خنادق حفرت في سوق المدينة و كانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة و قيل : ما بين السبعمائة إلى الثمانمائة و لم يقتل من النساء أحدا سوى امرأة واحدة و هي بنانة امرأة الحكم القرظي لأنها كانت طرحت على رأس خلاد بن سويد رحى فقتلته و قسم أموال بني قريظة على المسلمين للراجل سهم و للفارس ثلاثة أسهم وكان في المسلمين يومئذ ستة و ثلاثون فارسا.
قال الإمام مالك رضي الله عنه في رواية ابن القاسم: قال عبد الله بن أبي لسعد بن معاذ في أمرهم: إنهم أحد جناحي وهم ثلاثمائة دارع وستمائة حاسر فقال: قد آن لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم.
وقال ابن القيم رحمه الله: وتضمن هذا الحكم أن ناقضي العهد يسري نقضهم إلى نسائهم وذريتهم إذا كان نقضهم بالحرب ويعودون أهل حرب وهذا عين حكم الله عز وجل.[29]
وكان حكم سعد رضي الله عنه في غاية العدل و الإنصاف، كيف لا وهو حكم الله عز وجل.

2 أي صارت صغيرة خفيفة.

3 المغازي للواقدي (1/315-316) وانظر السيرة الحلبية (2/47).

4 أخرجه أحمد (3/177)، والبخاري (1/80/15)، ومسلم (1/67/44)، والنسائي (8/488-489/5028-5030)، وابن ماجه (1/26/67).

5 أخرجه: أحمد (3/103)، والبخاري (1/82/16) واللفظ له، ومسلم (1/66/43)، والترمذي (5/16/2624)، والنسائي (8/471-472/5003)، وابن ماجه (2/1338-1339/4033)

1 فتح الباري (10/568).

2 الهيثمي في المجمع (6/290)وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

3 رواه البخاري (2/ 942 / 2518) ومسلم (4/2129/2770).

1 فتح الباري (8/603).

2 سيرة ابن هشام (4/80) وتاريخ الطبري (2/94) وتاريخ الإسلام للذهبي (1/240)وسيرة ابن كثير(3/201).

[10] نيل الأوطار (2/171).

[11] أخرجه أحمد (6/141-142) وابن أبي شيبة (7/373) وصححه ابن حبان (15/498/7028) ، وذكره الهيثمي في المجمع (6/136-138) وقال: رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات .وجود إسناده ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (4/124) ، وحسن سنده الحافظ في الفتح (11/53).

[12] (4/1731/2208).

[13] انظر زاد المعاد (4/58).

2 وقد دعا سعد مرتين مرة قبل حكمه في بني قريظة ومرة بعد ذلك. انظر البداية لابن كثير(4/ 124).

[15] البخاري (3/1416/3688) ومسلم (3/1389/1769).

[16] الأحزاب الآيات (25-27).

5 الأولى أن نسميهم بما سماهم رب العزة: اليهود ، وإلا فتسميتهم ببني إسرائيل فيه تشريف لهم ونسبتهم لنبي من أنبياء الله عزوجل. والله أعلم.

1 الأنفال الآيتان (55 و 56).

2 فقه السيرة ص 328.

[20] أحمد (6/280) والبخاري (4/1510/3891).

[21] البخاري (4/1510/3893) ومسلم (3/1391/1770).

5 البخاري (3/ 1107/ 2878) ومسلم (3/ 2878/ 1768).

[23] البخاري (3/1107/2878) ومسلم (3/1388/1768).

[24] صحيح ابن حبان (15/498/7028).

[25] المعجم الكبير (6/6/5323).

[26] انظر سيرة ابن هشام (4/200).

[27] البحر الزخار(2/301).

[28] أخرجه أحمد (6/141-142) وصححه ابن حبان (15/498/7028) وقد مر قريبا .

[29] زاد المعاد (5/61).


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 31-05-2009, 08:12 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ

وقال الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي رحمه الله واصفا قصة التحكيم في نظمه:
وحكم النبي فيهم سعد الأوس ... إذ غاظهم إطلاقه من كل بوس
وحملوا سعدا على حمار ... من المدينة إلى المختار
وعندما انتهى إلى الندي ... سوده خير بني لؤي
على الجميع أو على الأنصار ... لا غيرهم عند بني نزار
وراودته قموته أن يحكما ... بغير ما حكم فيهم فاحتمى
لدمهم خندق أفضل لؤي ... ومعهم في كل كربة حيي
وعندما انتهى الحصار استشهدا ... واهتز عرش الله حين بردا
وخف نعشه على عظمته ... إذ الملائكة من حملته.[1]
ولقد أنشد عيسى بن عبد الله اللخمي وهو ينفر بعض رؤساء العرب عن استكتاب يهودي فقال:
أيا ابن الأكرمين ومن علاه ... يوافق فرعها السامي أصول
أترضى أن تكون فتى هلال ... وقيس وابن عمكم الرسول
وتحمي دينه بالسيف نصراً ... وكاتبكم يكذب ما يقول
وتنقده عليك العرب طراً ... أما في المسلمين به بديل
متى نصحت يهود العرب يوماً ... أحقدهم لأوسكم يزول
أيحكم فيهم سعد بحكم ... ويلفى من يهود لكم خليل[2]


افتراء اليهود وكذبهم عليه :
ولأهمية هذا الصحابي الجليل عند المسلمين ومكانته عندهم تجرأ اليهود عليهم لعنة الله وافتروا فرية -وليس هذا بجديد على قوم عرفوا منذ القديم بالكذب والنفاق-مفادها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع عنهم الجزية.
قال ابن كثير رحمه الله :قد ادعى يهود خيبر في أزمان متأخرة بعد الثلاثمائة أن بأيديهم كتابا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أنه وضع الجزية عنهم وقد اغتر بهذا الكتاب بعض العلماء حتى قال بإسقاط الجزية عنهم من الشافعية الشيخ أبو علي خيرون وهو كتاب مزور مكذوب مفتعل لا اصل له وقد بينت بطلانه من وجوه عديدة في كتاب مفرد وقد تعرض لذكره وإبطاله جماعة من الأصحاب في كتبهم كابن الصباغ في مسائله والشيخ أبي حامد في تعليقته وصنف فيه ابن المسلمة جزءا منفردا للرد عليه وقد تحركوا به بعد السبعمائة وأظهروا كتابا فيه نسخة ما ذكره الأصحاب في كتبهم وقد وقفت عليه فإذا هو مكذوب فإن فيه شهادة سعد بن معاذ وقد كان مات قبل زمن خيبر وفيه شهادة معاوية بن أبي سفيان ولم يكن أسلم يومئذ وفي آخره وكتبه علي بن أبى طالب وهذا لحن وخطأ وفيه وضع الجزية ولم تكن شرعت بعد فإنها إنما شرعت أول ما شرعت وأخذ من أهل نجران وذكروا أنهم وفدوا في حدود سنة تسع والله أعلم.[3]
وفاته رضي الله عنه :
ولما قضي أمر بني قريظة أجاب الله دعاء العبد الصالح سعد فانتفضت جراحته فلم يرعهم إلا والدم يسيل إليهم، فمات منها رضي الله عنه.
جاء في صحيح البخاري عن عائشة قالت: أصيب سعد يوم الخندق في الأكحل فضرب النبي صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب فلم يرعهم وفي المسجد خيمة من بني غفار إلا الدم يسيل إليهم فقالوا يا أهل الخيمة ما هذا الذي يأتينا من قبلكم ؟ فإذا سعد يغدو جرحه دما فمات فيها.[4]
وعن عبد الله بن شداد قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سعد بن معاذ وهو يكيد بنفسه فقال جزاك الله خيرا من سيد قوم فقد أنجزت الله ما وعدته ولينجزنك الله ما وعدك.[5]
وعن عائشة أم المؤمنين قالت: حضر رسول الله صلى الله عليه سلم وأبو بكر وعمر يعني سعد بن معاذ، فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وإني لفي حجرتي قالت: وكانوا كما قال الله رحماء بينهم قال علقمة أي أماه كيف كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كانت عينه لا تدمع على أحد ولكنه كان إذا وجد فإنما هو أخذ بلحيته.[6]
قال الشوكاني رحمه الله: محل الحجة من هذا الحديث تقرير النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهما على البكاء وعدم إنكاره عليهما مع أنه قد حصل منهما زيادة على مجرد دمع العين ولهذافرقت عائشة وهي في حجرتها بين بكاء أبي بكر وعمر ولعل الواقع منهما مما لا يمكن دفعه ولا يقدر على كتمه ولم يبلغ إلى الحد المنهي عنه.[7]
وعن عامر بن سعد عن أبيه قال :انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأم سعد تبكي وهي تقول:
ويل أم سعد سعدا ... جلادة وجدا
وسؤددا ومجدا ... وفارسا معدا
سد به مسدا ... يقد هاما قدا
فقال عمر بن الخطاب: مهلا يا أم سعد لا تذكري سعدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهلا يا عمر فكل باكية مكذبة إلا أم سعد ما قالت من خير فلم تكذب.[8]
وكانت وفاته بعد انصراف الأحزاب بنحو من خمس وعشرين ليلة إذ كان قدوم الأحزاب في شوال سنة خمس، فأقاموا قريبا من شهر ثم خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم لحصار بني قريظة فأقام عليهم خمسا و عشرين ليلة ثم نزلوا على حكم سعد فمات بعد حكمه بقليل فيكون ذلك في أواخر ذي القعدة أو أوائل ذي الحجة من سنة خمس. والله تعالى أعلم.
اهتزاز عرش الرحمن لموته :
في الصحيحين وغيرهما عن جابر رضي الله عنه قال :سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ.[9]
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قدمنا من سفر فتلقونا بذي الحليفة و كان غلمان الأنصار يتلقون بهم إذا قدموا فلقوا أسيد بن حضير فنعوا إليه امرأته فتقنع يبكي قالت فقلت له : سبحان الله أنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و لك في السابقة ما لك لك تبكي على امرأة فكشف عن رأسه فقال : صدقت لعمرو الله و الله ليحق لي أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟
ما قال قالت له :و ما قال ؟ قال : لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ قالت : و هو يسير بيني و بين رسول الله صلى الله عليه و سلم.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه سلم : اهتز العرش لموت سعد بن معاذ من فرح الرب عز وجل.[1]
وعن أنس قال: افتخر الحيان من الأنصار: الأوس والخزرج فقالت الأوس: منا غسيل الملائكة : حنظلة بن الراهب ومنا من اهتز له عرش الرحمن: سعد بن معاذ ومنا من حمته الدبر : عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح ومنامن أجيزت شهادته بشهادة رجلين خزيمة بن ثابت.
وقالت الخزرجيون : منا أربعة جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه سلم لم يجمعه غيرهم : زيد بن ثابت و أبو زيد و أبي بن كعب و معاذ بن جبل.[2]
وروى محمد بن إسحاق عن أمية بن عبد الله عن بعض آل سعد أن رجلا من الأنصار قال: وما اهتز عرش الله من موت هالك ... سمعنا به إلا لسعد أبي عمرو.[3]

[1] رواه تمام في فوائده (3/2) وصححه الألباني في الصحيحة (1288).

[2] أبو يعلى (5/ 329/ 2953) وصححه الحاكم (4/ 90) ووافقه الذهبي وحسنه الألباني في الصحيحة (326).

1 سيرة ابن هشام (3/ 152).



2روض النهاة على شرح نظم الغزوات ص 287

[2] كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لأبي عبد الله المراكشي (2/498).

[3] البداية والنهاية (4/220).

2 البخاري (1/ 177/ 451).

[5] رواه ابن سعد في الطبقات (3/ 429) وابن أبي شيبة في المصنف (4/ 216).

[6] رواه أحمد (6/414) وابن أبي شيبة (3/63) وصححه ابن حبان (15/498/7028) وذكره الهيثمي في المجمع (6/198) وقال: رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات. وقال ابن كثير في البداية والنهاية (4/124): هذا الحديث إسناده جيد وله شواهد من وجوه كثيرة. وحسنه الألباني في الصحيحة (67).

[7] نيل الأوطار (4/153).

[8] رواه ابن سعد في الطبقات (3/429) مرسلا، والطبراني في الكبير (6/9/5329). وذكره ابن هشام في سيرته (3/152)، و ابن كثير في بدايته (3/130) وغيرهما.

1 البخاري (3/ 1384/ 3592) ومسلم (4/ 1915/ 2466).






رد مع اقتباس
  #7  
قديم 31-05-2009, 08:14 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ

مشاركة الملائكة في حمله :
ومن حديث أنس قال: لما حملت جنازة سعد بن معاذ قال المنافقون: ما أخف جنازته . فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة كانت تحمله.[1]
وله شاهد مرسل عند أحمد [2]عن عبد الله بن شداد : أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن معاذ قال فدعا له فلما خرج من عنده مرت به ريح طيبة قال فقال هذا روح سعد قد مر به قال فلما وضع في قبره قالوا يا رسول الله إن سعدا كان رجلا بادنا وإنا وجدناه خفيفا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسبتم أنكم حملتموه وحدكم أعانتكم عليه الملائكة.
ضمة القبر :
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :نزل لموت سعد بن معاذ سبعون ألف ملك ما وطئوا الأرض قبلها وقال حين دفن : سبحان الله لو انفلت أحد من ضغطة القبر لانفلت منها سعد، ولقد ضم ضمة ثم فرج عنه.[3]
فتح أبواب السماء لوفاته :
عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء وشهده سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنه.[4]
وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: هذا الرجل الصالح الذي فتحت له أبواب السماء شدد عليه ثم فرج عنه.[5]

أقوال أهل العلم في اهتزاز العرش :
قال النووي رحمه الله: اختلف العلماء في تأويله فقالت طائفة هو على ظاهره واهتزاز العرش تحركه فرحا بقدوم روح سعد وجعل الله تعالى في العرش تمييزا حصل به هذا ولا مانع منه كما قال تعالى (وإن منها لما يهبط من خشية الله)[6] وهذا القول هو ظاهر الحديث وهو المختار.[7]
وقال البغوي رحمه الله : والأولى إجراؤه على ظاهره وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام : أحد جبل يحبنا ونحبه . ولا ينكر اهتزاز ما لا روح فيه بالأنبياء والأولياء كما اهتز أحد وعليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان ، وكما اضطربت الأسطوانة على مفارقته.[8]
وقال الذهبي رحمه الله : العرش خلق لله مسخر إذا شاء أن يهتز اهتز بمشيئة الله، وجعل فيه شعورا لحب سعد، كما جعل تعالى شعورا في جبل أحد بحبه النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال تعالى: (يا جبال أوبي معه) وقال (تسبح له السموات السبع والارض).[9]
شهادة النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة :
عن البراء بن عازب قال: أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من حرير فجعل أصحابه يلمسونها ويعجبون من لينها فقال أتعجبون من لين هذه ؟ لمناديل سعد بن معاذ في الجنة خير منها وألين.[10]
وعن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال : دخلت على أنس بن مالك حين قدم المدينة فسلمت عليه فقال ممن أنت قلت أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال إن سعدا كان أعظم الناس وأطوله ثم بكى فأكثر البكاء ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى أكيدر صاحب دومة بعثا فأرسل إليه بجبة ديباج منسوجة فيها الذهب فلبسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام على المنبر وقعد فلم يتكلم ونزل فجعل الناس يلمسونها بأيديهم فقال أتعجبون من هذه لمناديل سعد في الجنة أحسن مما ترون.[11]
قال القرطبي رحمه الله: هذه إشارة إلى أدنى ثياب سعد، لأن المناديل إنما هي ممتهنة متخذة لمسح الأيدي بها من الدنس والوسخ، وإذا كان هذا حال المنديل، فما ظنك بالعمامة والحلة؟ ولا يظن أن طعام الجنة وشرابها فيهما ما يدنس يد المتناول حتى يحتاج إلى منديل فإن هذا ظن من لا يعرف الجنة ولا طعامها ولا شرابها، إذ قد نزه اللهالجنة عن ذلك كله، وإنما ذلك إخبار بأن الله أعد في الجنة كل ما كان يحتاج إليه في الدنيا، لكن هي على حالة هي أعلى وأشرف، فأعد فيها أمشاطا ومجامر وألوة ومناديل وأسواقا وغير ذلك مما تعارفناه في الدنيا، وإن لم نحتج له في الجنة إتماما للنعمة وإكمالا للمنة.[12]
وقال ابن القيم رحمه الله: ولا يخفى ما في ذكر سعد بن معاذ بخصوصه ههنا فإنه كان في الأنصار بمنزلة الصديق في المهاجرين واهتز لموته العرش وكان لا يأخذه في الله لومة لائم وختم الله له بالشهادة وآثر رضا الله ورسوله على رضا قومه وعشيرته وخلفائه ووافق حكمه الذي حكم به حكم الله فوق سبع سموات ونعاه جبريل إلى النبي يوم موته فحق له أن تكون مناديله التي يمسح بها يديه في الجنة أحسن من حلل الملوك.[13]
فضله ومكانته :
عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ و أسيد بن حضير و عباد بن بشر.[14]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أخبركم بخير دور الأنصار قالوا بلى يا رسول الله قال بنو عبد الأشهل وهم رهط سعد بن معاذ قالوا ثم من يا رسول الله قال ثم بنو النجار قالوا ثم من يا رسول الله قال ثم بنو الحرث بن الخزرج قالوا ثم من يا رسول الله قال ثم بنو ساعدة قالوا ثم من يا رسول الله قال ثم في كل دور الأنصار خير.[15]
وعن عبد العزيز ابن أبي سلمة الماجشون عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: قال سعد بن معاذ : ثلاث أنا فيهن : رجل يعني كما ينبغي وما سوى ذلك فأنا رجل من الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا قط إلا علمت أنه حق من الله عز وجل ولا كنت في صلاة قط فشغلت نفسي بشيء غيرها حتى أقضيها ولا كنت في جنازة قط فحدثت نفسي بغير ما تقول ويقال لها حتى أنصرف عنها.
قال سعيد بن المسيب: هذه الخصال ما كنت أحسبها إلا في نبي. [16]
تنبيه: حديث مشهور في فضله لكنه لا يصح:
عن أسماء بنت يزيد بن سكن قالت : لما توفى سعد بن معاذ صاحت أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا يرقأ دمعك ويذهب حزنك فان ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش.[17]
من مراثي سعد:
قال حسان بن ثابت يرثي سعد بن معاذ رضي الله عنهما :
لقد سجمت من دمع عيني عبرة ... وحق لعيني أن تفيض على سعد
قتيل ثوى في معرك فجعت به ... عيون ذواري الدمع دائمة الوجد
على ملة الرحمن وارث جنة ... مع الشهداء وفدها أكرم الوفد
فإن تك قد وعدتنا وتركتنا ... وأمسيت في غبراء مظلمة اللحد
فأنت الذي يا سعد أبت بمشهد ... كريم وأثواب المكارم والمجد
بحكمك في حيي قريظة بالذي ... قضى الله فيهم ما قضيت على عمد
فوافق حكم الله حكمك فيهم ... ولم تعف إذ ذكرت ما كان من عهد
فإن كان ريب الدهر أمضاك في الألى ... شروا هذه الدنيا بجناتها الخلد
فنعم مصير الصادقين إذا دعوا ... إلى الله يوما للوجاهة والقصد.[18]
مات سعد ليرحل عن دنيا الناس ، ولكن سيرته لم ولن ترحل وستظل سيرته نورا على الدرب لكل سالك إلى الله عز وجل.
فرضي الله عن سعد وعن جميع الصحابة، وجعلنا اللهم على دربهم ونهجهم القويم.
وختاما، أسأل الله أن يرزقنا خاتمة الحسنى، هذا هو بحثي المتواضع حول هذا الصحابي العظيم.
وكل ما ذكرته له فهو نقطة في بحر مواقفه وبطولاته المجيدة، فوالله إنه ليستحق منا أكثر من ذلك.
فأسأل الله أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.



[1] الترمذي (5/ 690 / 3849 ) وصححه الحاكم (3/ 228) ووافقه الذهبي.

[2] في فضائل الصحابة (1504).

[3] رواه البزار (3/256-257/2698 كشف الأستار) وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 308 ) وقال : رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح .وصححه الألباني رحمه الله في الصحيحة (3345).

[4] رواه النسائي (4/ 100 / 2055 )وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم : 6987

6 رواه أحمد (3/327) وصححه ابن حبان (15/505/7033)وحسنه الشيخ الألباني في الصحيحة (3348).

1 البقرة الآية 74.

[7] شرح صحيح مسلم (16/22).

[8] شرح السنة (14/180)

[9] سير أعلام النبلاء (1/297)

[10] رواه البخاري (3/1187/3077) ومسلم (4/1916/2468).

[11] رواه أحمد (3/121)والترمذي (1723) والنسائي (5317).

[12] المفهم (6/384).

[13] حادي الأرواح (1/140).

[14] رواه الحاكم (3/254) وصححه ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في المجمع (9/244) وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات إلا ابن إسحاق عنعنه.

1 رواه أحمد(2/267) وصححه ابن حبان(16/275/7286).

[16] رواه ابن عبد البر في الاستيعاب (2/605) من حديث ابن عباس متصلا. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (6/5/5321) وذكره الهيثمي في المجمع (9/308) وقال : رواه الطبراني بإسنادين أحدهما عن أبي سلمة مرسلا والآخر عن الماجشون منقطعا وفي إسناده من لم أعرفه.

3 رواه أحمد (6/456) والحاكم (3/228)وصححه ووافقه الذهبي وابن سعد (3/434) وابن أبي شيبة (12/143)وابن أبي عاصم في السنة (559)وابن خزيمة في التوحيد (ص154)وأورده الهيثمي في المجمع (9/309)وقال: رجاله رجال الصحيح.اهـ
وفيه إسحاق بن راشد وهو مجهول، لم يوثقه غير ابن حبان. قال ابن خزيمة: لست أعرف إسحاق بن راشد هذا. والحديث ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في ظلال الجنة (1/300).

[18] سيرة ابن هشام (3/163-164).






رد مع اقتباس
  #8  
قديم 31-05-2009, 08:15 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,884
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سكب الرذاذ على سيرة سعد بن معاذ

المصادر والمراجع المعتمدة:
-كتاب الله عز وجل.
-صحيح الإمام البخاري. دار ابن كثير، الطبعة الثالثة ، 1407 هـ 1987م.
-صحيح الإمام مسلم. دار إحياء التراث العربي بيروت،تحقيق : محمد
فؤاد عبد الباقي.
-مسند الإمام أحمد. مؤسسة قرطبة – القاهرة.
-الجامع الصحيح سنن الترمذي لأبي عيسى الترمذي. دار إحياء التراث العربي – بيروت.
-سنن أبي داود. لأبي داود سليمان بن الأشعث. دار الفكر.
-المجتبى من السنن. لأحمد بن شعيب النسائي. مكتب المطبوعات الإسلامية حلب، الطبعة الثانية ، 1406 هـ - 1986م.
-السيرة النبوية لابن هشام. دار التقوى، الطبعة الأولى.
-الطبقات الكبرى لابن سعد. دار صادر بيروت.
-تاريخ الأمم والملوك للطبري. دار الكتب العلمية بيروت. الطبعة الأولى ، 1407هـ.
- الاستيعاب في معرفة الأصحاب للحافظ ابن عبد البر. دار الجيل بيروت،
الطبعة الأولى 1416هـ-1992م.
- المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم للقرطبي. دار ابن كثير ودار الكلم الطيب ، بيروت ، الطبعة الأولى 1417هـ-1996م.
-شرح صحيح مسلم للنووي. دار الكتب العلمية، لبنان. الطبعة الأولى 1415هـ-1995م.
-شرح السنة للبغوي. المكتب الإسلامي. الطبعة الأولى والثانية.
-البداية و النهاية لابن كثير. مكتبة المعارف بيروت.
-سير أعلام النبلاء للذهبي. مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة السابعة 1410هـ-1990م.
-تاريخ الإسلام للذهبي. دار الكتاب العربي. الطبعة الأولى 1415هـ- 1994م.
-زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم. مؤسسة الرسالة - مكتبة المنار الإسلامية. بيروت الكويت. الطبعة الرابعة عشر ، 1407هـ 1986م.
-الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر. دار الجيل بيروت الطبعة الأولى ، 1412هـ .
-فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر. دار المعرفة - بيروت ، 1379هـ.
-در السحابة في مناقب القرابة والصحابة للشوكاني. دار الفكر، الطبعة الأولى 1404هـ-1984م.
-نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار للشوكاني. إدارة الطباعة المنيرية.
-سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ الألباني. مكتبة المعارف الرياض.
-سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للشيخ الألباني. مكتبة المعارف الرياض.
-الصحيح المسند من فضائل الصحابة لمصطفى العدوي. دار ابن عفان، الطبعة الأولى 1416هـ-1995م.
-صحيح السيرة النبوية لإبراهيم العلي. دار النفائس. الطبعة الثالثة. 1418هـ-1998م.
-فقه السيرة لمحمد الغزالي. دار الكتب الحديثية. الطبعة السابعة. 1976م.
بالإضافة إلى مصادر ومراجع أخرى جاءت في ثنايا البحث.


تلخيص

بسم الله الرحمن الرحيم .

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الكرام الغر الميامين وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد، فمقامنا اليوم مقام تذكير واعتبار، تذكير بمن سلف من أئمتنا، واعتبار بمواقفهم وبطولاتهم، وما آلوا إليه. قوم عظموا الله فعظمهم وأعزوه فأعزهم. قوم اختارهم الله لصحبة نبيه والدفاع عنه، فافتدوه بأرواحهم وأموالهم. لن ولم يقدر أحد على مضاهاتهم ولو فعل ما فعل. فرضي الله عنهم أجمعين.
سعد بن معاذ واحد من أولئك الذين سطع اسمهم ولمع ذكرهم في الأولين والآخرين.
دخل الإسلام وهو ابن إحدى وثلاثين سنة، وكان سيد قومه، فكان له الفضل بعد الله عز وجل في هداية قومه أجمعين، فدخلوا في دين الله أفواجا.
سخر رضي الله داره للدعوة إلى الله على مرأى ومسمع من الكل، لا يخاف إلا الله.
ومرت السنون وهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مع من هاجر، وجاءت وقعة بدر على غير ميعاد، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا في الناس، وهو يقول: أشيروا علي أيها الناس وإنما يريد الأنصار، وذلك أنه لم يكن بايعهم على أن يخرجوا معه للقتال وطلب العدو وإنما بايعهم على أن يمنعوه ممن يقصده فلما عرض الخروج لعير أبي سفيان أراد أن يعلم أنهم يوافقون على ذلك فأجابوه أحسن جواب بالموافقة التامة في هذه المرة وغيرها، فقال سعد رضي الله عنه: فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله. ثم أشار رضي الله عنه على رسول الله ببناء العريش أي الخيمة يستظل تحته فوافقه وقام على رأسه متوشحا بسيفه يحرسه.
وفي وقعة أحد حينما انهزم المسلمون واضطرب الموقف ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقاتل دونه.
وجاءت قصة الإفك التي تولى كبرها عبد الله بن أبي بن سلول، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشير الناس فيمن آذاه في أهله، فغضب سعد رضي الله لعرض نبيه وحرمته فقال: أنا والله أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك.
ثم جاءت غزوة الخندق أو الأحزاب، وقد كان بنو قريظة قد عاهدوا النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحاربوه، ولا يعينوا عليه عدوه، ثم نقضوا ونكثوا عهدهم، فأمدوا المشركين بالسلاح والعدة يوم الخندق، ومالوا مع الأحزاب، فوقعت مراماة بين المسلمين والمشركين أصيب على إثرها سعد في أكحله، فدعا الله أن لا يموت حتى تقر عينه من بني قريظة، فاستجاب الله دعائه. و بقي مجروجا إلى أن استدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم في بني قريظة، فكان حكمه فيهم أن تقتل المقاتلة و تسبى الذرية.فلما انقضى شأن بني قريظة انفجر بسعد جرحه فمات منه شهيدا سنة خمس من الهجرة، وهو ابن سبع وثلاثين سنة، فكانت من فضائله أن اهتز عرش الله لموته، وهذه منقبة لم تكن لغيره رضي الله عنه وأرضاه .
والعلم عند الله عز وجل.









رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 180.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 175.69 كيلو بايت... تم توفير 5.11 كيلو بايت...بمعدل (2.83%)]